في جعبتها الكثير من التجارب والإنجازات التي خولتها بأن تكون واحدة ممن أسهموا في صناعة الساحة الفنية اللبنانية المتألقة في الزمن الجميل. ابتكاراتها في عالم تصميم الأزياء المسرحية طبعت الفنون الاستعراضية منذ عام 1965. ومع شقيقها الراحل روميو لحود، أحد المخرجين ومؤسسي المسرح الغنائي في لبنان، شكّلا ثنائياً فنياً متكاملاً. فرافقته في نحو 62 مسرحية بوصفها مصممة أزياء لنجوم أعماله. وذاع صيتها في لبنان والعالم العربي في تجديد تصميم أزياء تراثية وفولكلورية بأسلوبها المبدع. كما تألقت في تصميم أزياء مضيفي الطيران وملابس موظفي الفنادق ومنظمات حكومية.
تقول لـ«الشرق الأوسط» إن الحس الفني يحضر في جيناتها كما باقي أفراد عائلة لحود. «لدينا الأذن الموسيقية التي تستطيع التقاط أدق تفاصيل الصوت الجميل وعكسه. فلا تتحمل النشاذ، وهو ما استخدمتْه في تجربتي الفنية في برنامج (استوديو الفن) عندما شاركت فيه بوصفي واحدة من أعضاء لجنته الفنية».
أخيراً أطلت بابو لحود في حفل الـ«موريكس دور» من ضمن أفراد لجنتها. فروميو لحود من قبلها شكّل واحداً من أعمدتها الأساسية. وهي اليوم وبعد رحيله رغب الطبيبان زاهي وفادي حلو، مؤسسا الجائزة، بأن تكمل مسيرته معها. وتعلق لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الجائزة تعني لي الكثير، وأعتبرها من الأهم في لبنان كونها الأقدم والأكثر مصداقية. وروميو من قبلي كان شريكاً أساسياً فيها وتبنّاها بعد أن طلب الأخوان حلو منه هذا الأمر. وبقي حاضراً فعلياً فيها إلى حين إصابته بالمرض ورحيله فيما بعد. فرغب الأخوان حلو بأن يبقى مكان روميو محفوظاً فيها من خلالي».
في المصالحة التي جرت بين الـ«موريكس دور» والفنان زياد برجي حضرت بابو لحود. فرافقت الإعلامي جمال فياض وعدداً من أعضاء لجنة التحكيم في الجائزة للقيام بهذه المهمة، وزاروه في منزله. وتوضح: «عندما علمت بسوء التفاهم الذي حصل حزنت؛ لأن زياد برجي حصل بالفعل على أعلى نسبة تصويت من أعضاء اللجنة ومن الجمهور بوصفه نجم الغناء اللبناني. وكذلك حصلت أيضاً أغنيته (وبطير) وبصوته. فالأغنية حققت نجاحاً كبيراً بصوته، ولا نستطيع إنكار ذلك بشهادة مَن صوتوا له. فرغبت بالمساهمة في إزالة سوء التفاهم هذا، لا سيما وأن زياد برجي من أهم الفنانين في لبنان بشهادة الجميع».
وكان خلاف قد نشب بين الطرفين (موريكس دور وبرجي) بعد أن تمنى القيمون على الجائزة عند تسلم جائزته، عدم أداء أغنية «وبطير»؛ لوجود خلاف مع إليسا عليها.
بابو التي عايشت عصر الفن اللبناني الذهبي تُبدي رأيها حول الخلافات التي تحصل اليوم على الساحة بين الفنانين: «المنافسة بين الفنانين لطالما كانت موجودة في الماضي كما اليوم. ولكني لا أتذكر أن الفنانين كانوا يرفعون الدعاوى القضائية على بعضهم. ولا كانوا يفتعلون الفضائح والمشاكل ليفوزوا بالمعركة على زميل لهم. ولكن اليوم الإعلام والسوشيال ميديا يسهمان بذلك بشكل كبير. والفنانون يلجأون إلى هذه الوسائل كـ«فشة خلق». وربما لو يعدّون للعشرة قبل إلقاء تصريحاتهم الغاضبة لكانوا تفادوا الكثير من المشاكل بهدوء».
تجد لحود أن الإعلام، كما وسائل التواصل، يلعب دوراً كبيراً في شحن النفوس. «في الماضي كان الصحافي ينتظر رد الفنان لأيام كي يقوم بحواره. ومن ثم يستغرق الوقت لنشر ما كتبه. اليوم هناك عروض متواصلة يزاولها الناس كما الفنانين ليخبرونا عبر (فيسبوك) و(إنستغرام) بما يقومون به طيلة اليوم. وهو أمر لا أحبّذه؛ إذ أجده يفتقد الرزانة وهو أقرب إلى الجنون».
ترفض لحود الظلم، لذلك تشارك بأي عمل ينصف الآخر. وما شاهدته على المسرح مباشرة باعتباره مصالحة بين الفنانيْن نوال الزغبي ومحمد رمضان في حفل الـ«مويركس دور» أعجبها. «كانت خطوة راقية وجميلة كبادرة قام بها الإعلامي جمال فياض. فالانفعال والغضب يمكن أن يصيبا أي شخص، ولذلك علينا تدارك الأمور وتجنب المشاكل».
وعلى سيرة اللاعدالة، تتحدث بابو عن مواهب فنية تملك الأصوات الرائعة، ولكنها لا تجد الفرص اللازمة لإبرازها: «هناك كثيرون يلفتونني؛ كعبير نعمة وكابنة أخي ألين لحود، ولكنهما مع الأسف لم يأت من يتبنى موهبتهما كما يجب. فاليوم البروباغندا تلعب دوراً كبيراً في الترويج لفنان ما. وهناك من يتبنى مواهب غير لافتة ويروج لها من خلال صرف مبالغ كبيرة عليها. ومع الأسف، الناس ما عادت تملك التربية الموسيقية التي تخولها التفريق بين الصوت الجميل وعكسه. وهذا الأمر لا ينحصر بلبنان فقط. ألاحظ من خلال متابعتي قنوات أجنبية أن أصحاب أصوات غير جميلة تحقق النجاحات الواسعة أيضاً. وذلك بفضل إدارة تسويقية تصرف الأموال عليها فتحقق الـ«ترند» مع أنها لا تستأهلها. فالأصوات الجميلة موجودة دائماً ويلزمها الدعم».
اشتهر الراحل روميو لحود بصناعة النجوم، فكان هو والراحل سيمون أسمر من الأشهر في هذا المجال في لبنان والعالم العربي، فهل اليوم تفتقد الساحة أشخاصاً مثلهما أو أن قواعد صناعة النجوم تبدّلت؟ ترد لـ«الشرق الأوسط»: «لطالما افتقد لبنان صناع نجوم إن في الماضي أو اليوم. فأعدادهم كانت قليلة جداً، واليوم أيضاً لا أجد هناك من يقوم بهذه المهمة».
أتمنى أن يعود المسرح الغنائي الاستعراضي للحياة من جديد
ترى بابو أن الساحة الفنية تبدلت تماماً، وتؤكد أن لبنان كان المثل الذي يحتذى به في عالمنا العربي، فكان الأشهر منذ تأسيس مهرجانات بعلبك الدولية، والتي وقف على مسرحها ألمع وأهم الفنانين في لبنان والعالم. وتتابع: «اليوم كل شيء تغير، وأرى أن الساحة الفنية تشهد الانحطاط. صحيح أن هناك عجقة فنانين وكليبّات، ولكن لا يمكننا مقارنتها بما كان سائداً في الماضي القريب. فما عدنا نرى أشخاصاً كالراحلين فيلمون وهبي والرحابنة وزكي ناصيف وروميو لحود وغيرهم. وصرنا نتذكرهم بأسى، ونتمنى لو أن هناك من يشبههم بإبداعاتهم اليوم».
وتختم متحدثة عن المسرح الغنائي الاستعراضي: «إنه غير موجود اليوم بسبب كلفة تنفيذه العالية، ونتمنى أن يعود إلى الحياة من جديد. ولكن في المقابل نجد تفاعلاً كبيراً من قبل اللبناني لمشاهدة المسرح عامة اليوم. وهو أمر جيد لأن المسرح من الفنون الراقية التي تزود مشاهدها بثقافة فنية حلوة».