تساؤلات حول تملّك «إكس إيه آي» منصة «إكس»

شعار منصة "إكس" فوق أحد مبانيها في سان فرانسيسكو (رويترز)
شعار منصة "إكس" فوق أحد مبانيها في سان فرانسيسكو (رويترز)
TT
20

تساؤلات حول تملّك «إكس إيه آي» منصة «إكس»

شعار منصة "إكس" فوق أحد مبانيها في سان فرانسيسكو (رويترز)
شعار منصة "إكس" فوق أحد مبانيها في سان فرانسيسكو (رويترز)

أثار إعلان رجل الأعمال الأميركي إيلون ماسك، استحواذ شركته الناشئة للذكاء الاصطناعي «إكس إيه آي» على منصة «إكس» تساؤلات عدة بشأن الهدف من الاستحواذ، وتأثير ذلك على دقة المعلومات. ومردّ التساؤلات التقارير التي تشير إلى انتشار المعلومات المضللة على منصة «إكس»، ما عدّه خبراء «تحدّياً» يواجه دقة المعلومات المولَّدة بالذكاء الاصطناعي.

«إكس إيه آي» استحوذت على منصة «إكس» في صفقة قيمتها 33 مليار دولار، ما من شأنه تعزيز قدرة «إكس إيه آي» على تدريب روبوت الدردشة الخاص بها المعروف باسم «غروك».

ولقد كتب ماسك، في منشور على «إكس»، أخيراً، «مستقبلاً (إكس إيه آي) و(إكس) مترابطتان. اليوم، نتخذ رسمياً خطوة دمج البيانات والنماذج والحوسبة والتوزيع والمهارات». وأضاف أن «الدمج يقيِّم (إكس إيه آي) عند 80 مليار دولار و(إكس) عند 33 مليار دولار». وتابع أن «عملية الاستحواذ من شأنها فتح إمكانات هائلة من خلال جمع قدرات الذكاء الاصطناعي المتقدمة وخبرة (إكس إيه آي) مع الانتشار الواسع النطاق لمنصة (إكس)». ومعلوم أن عدد مستخدمي «إكس» يربو حالياً على 600 مليون مستخدم.

ماسك كان قد أطلق «إكس إيه آي» عام 2023 بعد الجدل الذي صاحب إطلاق شركة «أوبن إيه آي» برنامج الذكاء الاصطناعي «تشات جي بي تي» بنهاية عام 2022.

وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» علّقت ليلى دومة، الباحثة الجزائرية في علوم الإعلام والاتصال، بالقول إن استحواذ شركة الذكاء الاصطناعي «إكس إيه آي» على منصة «إكس» يأتي «انعكاساً لطموح مالكهما، إيلون ماسك، الرامي لتعزيز تكامل الذكاء الاصطناعي في الحياة الرقمية اليومية». وأردفت: «هذه الخطوة قد تتيح فرصاً مثيرة لتطوير نماذج ذكاء اصطناعي تستفيد من التفاعل المباشر مع المستخدمين، لكنها في الوقت نفسه تطرح تحدّيات كبيرة، خصوصاً فيما يتعلق بدقة المعلومات وموثوقيتها».

وأوضحت أن «القلق الأكبر بهذا الشأن يتعلق بتأثير انتشار المعلومات المضللة على منصة (إكس)... ذلك أنه منذ استحواذ ماسك على (إكس) لاحظ الكثيرون زيادةً في المحتوى غير الموثوق».

ومن ثم شرحت دومة أنه «ما لم تتوافر آليات واضحة لضبط جودة البيانات المستخدَمة في تدريب الذكاء الاصطناعي، فقد يؤدي ذلك إلى نماذج غير دقيقة أو حتى متحيزة». واستطردت: «وثمة جانب آخر لا يمكن تجاهله، هو الخصوصية. فإذا كانت (إكس) ستعتمد على بيانات المستخدمين، فسيكون من الضروري أن تلتزم بمعايير واضحة تحمي حقوق الأفراد، خصوصاً بوجود قوانين صارمة مثل اللائحة العامة لحماية البيانات». كما رهنت دومة نجاح هذا الاستحواذ بـ«مدى قدرة (إكس إيه آي) على تحقيق التوازن بين الابتكار والمسؤولية... فإذا لم تُعالَج التحديات بجدّية فقد تتحوَّل هذه الخطوة إلى مصدر قلق بدلاً من أن تكون تطوراً إيجابياً في مجال الذكاء الاصطناعي».

يُذكر أن ماسك كان قد امتلك «تويتر» (إكس حالياً) مقابل 44 مليار دولار في أواخر عام 2022، واستخدم شبكة التواصل الاجتماعي هذه لدعم حملة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الانتخابية. وبالفعل، تعرَّضت «إكس» أخيراً إلى انتقادات إثر قرارات ماسك التي «أسهمت في ازدياد نشر المعلومات المضللة»، بحسب مراقبين.

محمد فتحي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، أشار من جهته لـ«الشرق الأوسط» إلى أن ماسك يرى أن مستقبلي الشركتين (إكس إيه آي، وإكس)، «متشابكان». وأوضح أن «ماسك يهدف من خلال الاستحواذ إلى دمج قدرات الذكاء الاصطناعي المتقدمة لـ(إكس إيه آي) مع الانتشار الواسع النطاق لمنصة (إكس)، كما يهدف إلى إنشاء تطبيق تكاملي يجمع بين وسائل التواصل الاجتماعي، والذكاء الاصطناعي، والخدمات مالية».

وتابع فتحي أن «(إكس إيه آي) تعتمد في تطوير برنامج الدردشة الآلي (غروك) على بيانات منصة (إكس)، ما يجعل الاستحواذ خطوةً منطقيةً لتعزيز قدرات البرنامج، وهذا بالإضافة إلى أن هذه الخطوة تعدّ مناورةً من ماسك لتحسين وضعه المالي، من خلال الاستفادة من التقييمات المتزايدة لشركات الذكاء الاصطناعي».

وفيما يتعلق بانتشار «المعلومات المضللة»، قال فتحي: «هذا يشكل تحدياً كبيراً أمام أنظمة الذكاء الاصطناعي، إذ يمكن أن تؤدي تغذية هذه الأنظمة ببيانات غير دقيقة إلى توليد معلومات مضللة، وبالنظر إلى اعتماد (غروك) على بيانات (إكس)، فإن وجود عدد كبير من المعلومات المضللة على المنصة قد يؤثر سلباً على دقة المعلومات التي يولدها البرنامج». وأردف قائلاً: «إن ضمان دقة المعلومات المولَّدة بالذكاء الاصطناعي يتطلب اتخاذ إجراءات تَحقُّق من صحة البيانات المستخدَمة في تدريب الأنظمة، وتنفيذ آليات للكشف عن المعلومات المضلّلة، وتصفيتها».


مقالات ذات صلة

«الحرب التجارية» بين واشنطن وبكين تحت مجهر الإعلام الروسي

إعلام مبنى «ريا نوفوستي» في العاصمة الروسية موسكو (آذرنيوز)

«الحرب التجارية» بين واشنطن وبكين تحت مجهر الإعلام الروسي

تراقب موسكو بشكل حثيث تصاعد حدة السجالات الأميركية مع بكين، الحليف الاستراتيجي الأهم. وبات مصطلح «الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين» الأكثر تداولاً…

رائد جبر (موسكو)
إعلام هل تُعزز أدوات «يوتيوب شورتس» مستقبل «المحتوى الفوري»؟

هل تُعزز أدوات «يوتيوب شورتس» مستقبل «المحتوى الفوري»؟

مع احتدام المنافسة بين منصات الفيديو القصير مثل «إنستغرام ريلز» و«سنابشات سبوت لايت» و«تيك توك»، يواصل «يوتيوب شورتس» ترسيخ مكانته لاعباً أساسياً في هذا القطاع…

إيمان مبروك (القاهرة)
يوميات الشرق احتفال منسوبي «SRMG» بتصنيفها أحد أبرز أماكن البناء المهني في السعودية (الشرق الأوسط)

«الأبحاث والإعلام» ضمن أفضل 15 شركة في السعودية لعام 2025

صُنِّفت «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» (SRMG) ضمن قائمة منصة «لينكد إن» لـ«أفضل 15 شركة في السعودية لعام 2025».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
رياضة سعودية باسل المعلمي تحدّث عن استراتيجيات «SRMG» الإعلامية أمام حشد من الحاضرين للجلسة (بشير صالح)

باسل المعلمي في منتدى الاستثمار: الرياضة أنقى أنواع المحتوى المحلي

شهد منتدى الاستثمار الرياضي مشاركة عدد من الشخصيات الإعلامية والتنفيذية التي ناقشت دور الإعلام الرياضي بوصفه أداة اقتصادية واستراتيجية وطنية.

سلطان الصبحي (الرياض) لولوة العنقري (الرياض)
رياضة سعودية جانب من الجلسة المخصصة للإعلام في منتدى الاستثمار الرياضي (بشير صالح)

عادل الزهراني في منتدى الاستثمار: الإعلام الرياضي «مؤثر»

أكد عادل الزهراني، وكيل الإعلام في وزارة الرياضة، خلال مشاركته في جلسة بعنوان «الإعلام الرياضي بين التحديات والطموحات»، أن هناك تحديات مستمرة تواجه الإعلام.

سلطانة آل سلطان (الرياض) لولوة العنقري (الرياض) سلطان الصبحي (الرياض)

«الحرب التجارية» بين واشنطن وبكين تحت مجهر الإعلام الروسي

مبنى «ريا نوفوستي» في العاصمة الروسية موسكو (آذرنيوز)
مبنى «ريا نوفوستي» في العاصمة الروسية موسكو (آذرنيوز)
TT
20

«الحرب التجارية» بين واشنطن وبكين تحت مجهر الإعلام الروسي

مبنى «ريا نوفوستي» في العاصمة الروسية موسكو (آذرنيوز)
مبنى «ريا نوفوستي» في العاصمة الروسية موسكو (آذرنيوز)

تراقب موسكو بشكل حثيث تصاعد حدة السجالات الأميركية مع بكين، الحليف الاستراتيجي الأهم. وبات مصطلح «الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين» الأكثر تداولاً على صفحات وسائل الإعلام الروسية، ومنصات التواصل الاجتماعي. بيد أن اللافت في تغطيات وسائل الإعلام المقربة من الكرملين، حرصها على إقامة «توازن دقيق» بين رغبات تعزيز مسار التقارب مع واشنطن وإظهار دعم خطوات الرئيس دونالد ترمب في ملفات عدة من جهة، والحاجة إلى تأكيد التزام موسكو بالتحالف مع الصين والدفاع عن مصالح الأخيرة من الجهة الأخرى.

بعيداً عن الخطاب الإعلامي «الآيديولوجي» المستمد من الحقبة السوفياتية، مثل أن تضع وكالةُ أنباء «نوفوستي» المهمةُ، عنواناً صارخاً مثل «الأسلحة السرّية لروسيا منعت ترمب من توجيه حربه التجارية على روسيا» ركّزت الآلة الإعلامية للكرملين على تفادي المبالغة في وضع مقاربات أو ترديد تساؤلات تكرّرت كثيراً لدى وسائل الإعلام في الغرب، من نوع «لماذا يذهب ترمب باتجاه فرض رسوم جمركية على بلدان كثيرة بينما لا يفرضها على روسيا، التي ما زالت على الرغم من جولات التفاوض المكوكية تُصنَّف خصماً أو عدواً للولايات المتحدة؟».

قراءة «فيدوموستي»

في هذا الإطار، وضعت صحيفة «فيدوموستي» المرموقة، التي تركز على ملفات الاقتصاد والسياسة، تصوّراً أكثر وضوحاً، يُظهر أن موسكو لا تخشى فرض عقوبات، أو وضع قيود تجارية جديدة؛ لأن القيود المفروضة حالياً وصلت بالفعل إلى ذروتها في عهد الإدارة السابقة، ولأن الاقتصاد الروسي تمكَّن عملياً من التعايش معها.

هنا يمكن التوقُّف عند حجم التبادل التجاري بين روسيا والولايات المتحدة، الذي لا يكاد يذكر بالمقارنة مع المصالح التجارية الأميركية مع الصين، مثلاً، أو أوروبا أو تكتلات وبلدان أخرى. بالتالي، فإن فرض رسوم جمركية إضافية على موسكو لن يكون مجدياً حتى للإدارة الأميركية نفسها. وبالأرقام، وفقاً لمعطيات مكتب الممثل التجاري الأميركي التي نقلتها «فيدوموستي»، كان حجم التجارة بين الولايات المتحدة وروسيا في عام 2024 نحو 3.5 مليار دولار فقط، مقابل أكثر من نصف تريليون دولار مع الصين. كذلك بلغت واردات الولايات المتحدة السنوية من السلع من روسيا في العام الماضي 3 مليارات دولار، وهو ما يقل بنسبة 34.2 في المائة (1.6 مليار دولار) عن عام 2023. بينما انخفضت قيمة الصادرات الأميركية إلى روسيا إلى 526 مليون دولار (-12.3 في المائة أو 73.5 مليون دولار، مقارنة بعام 2023).

أكثر من ذلك، أشارت الصحيفة إلى أن إدارة ترمب تبدي اهتماماً واسعاً بمشاريع مستقبلية واعدة مع روسيا، لذلك لا ترغب حالياً في تخريب مسار التطبيع وإضاعة فرصة ثمينة لتنفيذ خطط واعدة كبرى. ومن هذه الخطط ما أشار إليه وفقاً للصحيفة، كيريل دميترييف رئيس صندوق الاستثمار المباشر ومبعوث الرئيس فلاديمير بوتين الشخصي لقضايا التجارة مع البلدان الأجنبية، حول رغبة ترمب في استعادة الخسائر المالية للشركات الأميركية؛ بسبب الخروج من روسيا، اعتباراً من عام 2022، والتي تتجاوز 300 مليار دولار.

وأشار دميترييف إلى احتمال بدء عودة الشركات الأميركية إلى روسيا في النصف الثاني من 2025. وتحديد هذا التاريخ مهم للغاية، لأنه يعني وفقاً للصحيفة أن الشركات الأميركية ستكون قادرةً على شغل مكان الشركات الأوروبية التي غادرت السوق الروسية بسبب الحرب في أوكرانيا.

معلق «نوفوستي» التجاري

في المقابل، حرصت التغطيات الإعلامية الروسية على إظهار التأييد للصين وهي تواجه «منعطفاً ثانياً أكثر حدة» في «الحرب التجارية» وفقاً للمعلق الاقتصادي لوكالة «نوفوستي».

محلل «نوفوستي» رأى أن «السبب الرسمي لاندلاع الحرب التجارية الأولى كان اختلال التوازن لصالح الصين، الذي بلغ في عام 2018 أكثر من 250 مليار دولار. في المرة الماضية، أعلن ترمب رسمياً أنه شخصياً والولايات المتحدة ككل هما الفائزان دون شك».

وزاد أن التجارة المتبادلة، خصوصاً الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة، أخذت في الانخفاض بقوة خلال إدارة الرئيس جو بايدن. وتحديداً، وبناء على نتائج عام 2023، أقدمت واشنطن على تقييد التجارة المتبادلة بنسبة 13 في المائة، ما أدى من الناحية النقدية إلى انخفاض إجمالي حجم المعاملات المتبادلة إلى أقل من 500 مليار دولار. ووفقاً للمحلل فإنه سيكون على واشنطن أن تبدأ بإحصاء خسائرها بسبب القيود المفروضة على التعاملات مع الصين. ومثال لذلك، فإن الولايات المتحدة «ليس لديها مكان لبيع ما قيمته 25 مليار دولار سنوياً من فول الصويا والقمح والذرة. ولا توجد أسواق مماثلة في العالم من حيث العمق، ولن تدفع أي دولة أخرى 25 مليار دولار مقابل هذه السلع».

وبحسب مكتب الإحصاء الأميركي، أرسلت الولايات المتحدة بضائع بقيمة 143 مليار دولار إلى الصين العام الماضي، أبرزها في قطاعات الإلكترونيات والدوائر المتكاملة، وشحنات النفط والغاز، والفحم.

تحليل ياكوفينكو

وفي الإطار ذاته، وضع الدبلوماسي الروسي المخضرم ألكسندر ياكوفينكو، المتخصص في مجال العلاقة مع الدوائر الغربية، تصوّراً قاتماً لمستقبل العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة سيتسبب - حسب رأيه - بأضرار واسعة على واشنطن. وكتب ياكوفينكو في مقالة صحافية تحليلية «من الواضح للغاية أن أميركا ترمب قد اتخذت مساراً نحو إعادة التصنيع، ودون ذلك لن يكون من الممكن حل المشكلات التي تراكمت في المجتمع الأميركي».

ورأى، من ثم، أن مهمة إعادة بناء قطاع التصنيع في بلد ظل لمدة قرن ونصف القرن على الأقل من بين القوى الصناعية الرائدة مهمة غير عادية. وأن الولايات المتحدة تواجه تهديداً حقيقياً بالركود، وهو تهديد هيكلي ونظامي - وربما أكبر من التهديد الذي واجهته في سبعينات القرن العشرين، عندما خرجت من الأزمة على مسار السياسات الاقتصادية النيوليبرالية والعولمة، التي استنفدت مواردها بوضوح.

وبعد شرح تبعات سياسة ترمب على الصين وبلدان أخرى، قال الدبلوماسي في مقالته الصحافية إن «العالم ربما يكون أكثر تعقيداً مما تتصوره واشنطن.

والمرحلة التالية هي رد فعل الدول المتضرّرة (...) في الوقت الحالي، فإن ما هو مهم أن ترمب أعلن الحرب الاقتصادية على الصين، متخلياً فعلياً عن فكرة الاحتواء، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى خيار غير مقبول للتصعيد النووي».