المحتوى المسموع «رهان» الصحافة الرقمية لجني الأرباح

ترند

تسعى «غوغل» من خلال هذا البودكاست إلى جعل المعلومات أكثر تخصيصاً وكفاءة ومتعة (أدوبي)
تسعى «غوغل» من خلال هذا البودكاست إلى جعل المعلومات أكثر تخصيصاً وكفاءة ومتعة (أدوبي)
TT
20

المحتوى المسموع «رهان» الصحافة الرقمية لجني الأرباح

تسعى «غوغل» من خلال هذا البودكاست إلى جعل المعلومات أكثر تخصيصاً وكفاءة ومتعة (أدوبي)
تسعى «غوغل» من خلال هذا البودكاست إلى جعل المعلومات أكثر تخصيصاً وكفاءة ومتعة (أدوبي)

أشارت بيانات صدرت حديثاً إلى أن «المحتوى المسموع حقق إيرادات واعدة للناشرين، وأن هذا القطاع شهد نمواً لافتاً خلال العام الماضي»، وهو ما عدَّه خبراء حاورتهم «الشرق الأوسط» فرصه للصحافة الرقمية لتحقيق مزيد من الأرباح وتحقيق معدلات أفضل للوصول إلى المستخدمين.

التقرير الفصلي الصادر في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، بالتعاون بين جمعية الناشرين على الإنترنت (AOP) وشركة «ديلويت»، والهادف إلى تتبع وتحليل اتجاهات إيرادات النشر الرقمي، كان قد أشار إلى «نمو لافت في المحتوى المسموع».

وذكر التقرير أنه منذ أن بدأ تتبع الإيرادات الرقمية الصوتية في الربع الثالث من 2020، التي تشمل «البودكاست» والإصدارات الصوتية للمقالات، شهد هذا القطاع نمواً هائلاً، إذ زادت الإيرادات أكثر من عشرين ضعفاً. وأضاف أنه «على الرغم من أن الصوت لا يزال يمثل حصة صغيرة من إجمالي الإيرادات (2 في المائة تقريباً)، فإنه أصبح مصدراً موثوقاً للنمو».

الدكتور السر علي سعد، الأستاذ المشارك في تخصّص الإعلام الجديد بجامعة أم القيوين في الإمارات العربية المتحدة، قال إن المؤسسات الصحافية تتجه إلى تحويل المادة الصحافية الإخبارية أو المقالات إلى «بودكاست» أو مقالات مسموعة، ورأى هذا «اتجاهاً يتيح للجمهور الاستماع إلى الأخبار في أثناء التنقل أو أداء أنشطة أخرى، إذ يُعد البودكاست وسيلة شائعة للاستهلاك الإعلامي بين الشباب وكبار السن على حدٍّ سواء، وقد يمنح المؤسسات الصحافية فرصة للوصول إلى شرائح جديدة من الجمهور. كما يمكن للمحتوى المسموع أن يعزز التفاعل مع الجمهور من خلال إضافة مقابلات حصرية أو نقاشات معمَّقة حول القضايا المطروحة».

وعزز سعد كلامه بالبيانات، فقال: «تشير الإحصاءات إلى نمو مطَّرد في سوق البودكاست، حيث من المتوقع أن يصل حجمه إلى 94.22 مليار دولار بحلول عام 2028». ووفقاً لتقرير صادر عن «إديسون ريسيرتش» استمع 57 في المائة من الأميركيين إلى «البودكاست» شهرياً خلال عام 2023 مقارنةً بـ40 في المائة في 2018. كذلك بيَّنت دراسة أجرتها مؤسسة «إنترآكتيف آدفيرتايزينغ بيرو»، (Interactive Advertising)، في عام 2023 أن الإعلانات في «البودكاست» تتمتع بمعدلات استماع وتفاعل أعلى مقارنةً بالإعلانات في وسائل الإعلام الأخرى، حسب سعد.

وأضاف الدكتور سعد: «يُعد التحول إلى المحتوى المسموع فرصة كبيرة للمؤسسات الصحافية لتعزيز الوصول إلى جمهور جديد... من خلال تقديم محتوى عالي الجودة والتفاعل مع الجمهور، يمكن للمؤسسات الصحافية تحقيق النجاح في هذا المجال». وحول سبل تحقيق الناشرين أرباحاً من المحتوى المسموع، قال: «يمكن للمؤسسات الصحافية تضمين إعلانات مدفوعة في البودكاست والمقالات المسموعة الخاصة بها. كما يمكن تقديم محتوى حصري أو مميز للمستمعين الذين يدفعون اشتراكات شهرية أو سنوية». وتابع: «أيضاً يمكن للمؤسسات الصحافية التعاون مع شركات أو علامات تجارية لرعاية البودكاست أو المقالات المسموعة».

من جهة ثانية، أفاد التقرير السنوي  لمعهد «رويترز لدراسة الصحافة» لعام 2025 بأن غالبية الناشرين يخططون في العام الجاري لتعزيز استخدام التقنيات التي تتيح تحويل المقالات النصّية إلى محتوى صوتي، حيث أبدى 75 في المائة من المشاركين في التقرير اهتماماً بهذه الميزة، وأن «المنصات التكنولوجية تعمل هذا العام على تطوير وترويج تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تسهم في خروج المحتوى المسموع، مثل «تشات جي بي تي» من «أوبن إيه آي» الذي بات مزوّداً بميزات صوتية متقدمة.

الحسيني موسى، الصحافي المتخصص في الإعلام الرقمي بقناة «سي إن إن» العربية، يرى أن أمام الرهان على المحتوى المسموع كثيراً من الفرص الواعدة لا سيما مع تطويع الذكاء الاصطناعي. وأوضح: «يمكن للمؤسسات البدء بتحويل المقالات المكتوبة إلى مقاطع صوتية باستخدام تقنيات الصوت البشرية أو الذكاء الاصطناعي... هذا سيساعد على الوصول إلى جمهور لا يملك وقتاً للقراءة». وأضاف: «توفر منصات مثل (إكس سبيس) و(لينكد إن أوديو) فرصاً للصحافيين لعقد نقاشات صوتية مباشرة مع الجمهور، مما يعزّز التفاعل والثقة».

واستشهد موسى بنماذج حققت أرباحاً بفضل المحتوى المسموع، فذكر أن أحد أبرز النماذج يتمثل في نظام الاشتراكات المدفوعة، حيث يجري تقديم محتوى حصري للمشتركين، كما تفعل منصات مثل «نيويورك تايمز» أو «فاينانشيال تايمز». ويتيح هذا النموذج للمؤسسات الإعلامية تحقيق دخل ثابت من جمهور مستعد لدفع مقابل الحصول على محتوى متميز وتحليلات معمقة.

وقال موسى أيضاً إنه يمكن أيضاً الاستفادة من البرامج الإعلانية التي توفرها منصات مثل «سبوتيفاي» التي تسمح بمشاركة الأرباح مع الناشرين، كما يمكن تبني نماذج التمويل الجماهيري عبر منصات مثل «باترون» و«باي مي كوفي»، إذ «يسهم الجمهور مباشرةً في دعم المحتوى الصوتي الذي يجدونه ذا قيمة».


مقالات ذات صلة

SRMG للحلول الإعلامية «SMS» توقع اتفاقية مع «ثمانية» لتعزيز مستقبل الإعلانات

يوميات الشرق صورة جماعية بعد توقيع الاتفاقية بين SRMG للحلول الإعلامية (SMS) وشركة «ثمانية» (الشرق الأوسط)

SRMG للحلول الإعلامية «SMS» توقع اتفاقية مع «ثمانية» لتعزيز مستقبل الإعلانات

أعلنت «SRMG للحلول الإعلامية» (SMS) عن توقيعها اتفاقية تمثيل إعلاني حصري مع شركة «ثمانية»، أكبر شبكة بودكاست وأكثرها تأثيراً في العالم العربي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الرئيسة التنفيذية للمجموعة السعودية للأبحاث والإعلام جمانا الراشد تتحدث في إحدى جلسات مؤتمر مبادرة القدرات البشرية بالرياض (الشرق الأوسط) play-circle 01:18

جمانا الراشد: الذكاء الاصطناعي يغيّر قواعد اللعبة في صناعة المحتوى والسرد القصصي

أكدت جمانا الراشد، الرئيسة التنفيذية للمجموعة السعودية للأبحاث والإعلام، أن الذكاء الاصطناعي أصبح عاملاً محورياً في تشكيل مستقبل السرد القصصي وصناعة المحتوى.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
إعلام مبنى «ريا نوفوستي» في العاصمة الروسية موسكو (آذرنيوز)

«الحرب التجارية» بين واشنطن وبكين تحت مجهر الإعلام الروسي

تراقب موسكو بشكل حثيث تصاعد حدة السجالات الأميركية مع بكين، الحليف الاستراتيجي الأهم. وبات مصطلح «الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين» الأكثر تداولاً…

رائد جبر (موسكو)
إعلام هل تُعزز أدوات «يوتيوب شورتس» مستقبل «المحتوى الفوري»؟

هل تُعزز أدوات «يوتيوب شورتس» مستقبل «المحتوى الفوري»؟

مع احتدام المنافسة بين منصات الفيديو القصير مثل «إنستغرام ريلز» و«سنابشات سبوت لايت» و«تيك توك»، يواصل «يوتيوب شورتس» ترسيخ مكانته لاعباً أساسياً في هذا القطاع…

إيمان مبروك (القاهرة)
يوميات الشرق احتفال منسوبي «SRMG» بتصنيفها أحد أبرز أماكن البناء المهني في السعودية (الشرق الأوسط)

«الأبحاث والإعلام» ضمن أفضل 15 شركة في السعودية لعام 2025

صُنِّفت «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» (SRMG) ضمن قائمة منصة «لينكد إن» لـ«أفضل 15 شركة في السعودية لعام 2025».

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«الحرب التجارية» بين واشنطن وبكين تحت مجهر الإعلام الروسي

مبنى «ريا نوفوستي» في العاصمة الروسية موسكو (آذرنيوز)
مبنى «ريا نوفوستي» في العاصمة الروسية موسكو (آذرنيوز)
TT
20

«الحرب التجارية» بين واشنطن وبكين تحت مجهر الإعلام الروسي

مبنى «ريا نوفوستي» في العاصمة الروسية موسكو (آذرنيوز)
مبنى «ريا نوفوستي» في العاصمة الروسية موسكو (آذرنيوز)

تراقب موسكو بشكل حثيث تصاعد حدة السجالات الأميركية مع بكين، الحليف الاستراتيجي الأهم. وبات مصطلح «الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين» الأكثر تداولاً على صفحات وسائل الإعلام الروسية، ومنصات التواصل الاجتماعي. بيد أن اللافت في تغطيات وسائل الإعلام المقربة من الكرملين، حرصها على إقامة «توازن دقيق» بين رغبات تعزيز مسار التقارب مع واشنطن وإظهار دعم خطوات الرئيس دونالد ترمب في ملفات عدة من جهة، والحاجة إلى تأكيد التزام موسكو بالتحالف مع الصين والدفاع عن مصالح الأخيرة من الجهة الأخرى.

بعيداً عن الخطاب الإعلامي «الآيديولوجي» المستمد من الحقبة السوفياتية، مثل أن تضع وكالةُ أنباء «نوفوستي» المهمةُ، عنواناً صارخاً مثل «الأسلحة السرّية لروسيا منعت ترمب من توجيه حربه التجارية على روسيا» ركّزت الآلة الإعلامية للكرملين على تفادي المبالغة في وضع مقاربات أو ترديد تساؤلات تكرّرت كثيراً لدى وسائل الإعلام في الغرب، من نوع «لماذا يذهب ترمب باتجاه فرض رسوم جمركية على بلدان كثيرة بينما لا يفرضها على روسيا، التي ما زالت على الرغم من جولات التفاوض المكوكية تُصنَّف خصماً أو عدواً للولايات المتحدة؟».

قراءة «فيدوموستي»

في هذا الإطار، وضعت صحيفة «فيدوموستي» المرموقة، التي تركز على ملفات الاقتصاد والسياسة، تصوّراً أكثر وضوحاً، يُظهر أن موسكو لا تخشى فرض عقوبات، أو وضع قيود تجارية جديدة؛ لأن القيود المفروضة حالياً وصلت بالفعل إلى ذروتها في عهد الإدارة السابقة، ولأن الاقتصاد الروسي تمكَّن عملياً من التعايش معها.

هنا يمكن التوقُّف عند حجم التبادل التجاري بين روسيا والولايات المتحدة، الذي لا يكاد يذكر بالمقارنة مع المصالح التجارية الأميركية مع الصين، مثلاً، أو أوروبا أو تكتلات وبلدان أخرى. بالتالي، فإن فرض رسوم جمركية إضافية على موسكو لن يكون مجدياً حتى للإدارة الأميركية نفسها. وبالأرقام، وفقاً لمعطيات مكتب الممثل التجاري الأميركي التي نقلتها «فيدوموستي»، كان حجم التجارة بين الولايات المتحدة وروسيا في عام 2024 نحو 3.5 مليار دولار فقط، مقابل أكثر من نصف تريليون دولار مع الصين. كذلك بلغت واردات الولايات المتحدة السنوية من السلع من روسيا في العام الماضي 3 مليارات دولار، وهو ما يقل بنسبة 34.2 في المائة (1.6 مليار دولار) عن عام 2023. بينما انخفضت قيمة الصادرات الأميركية إلى روسيا إلى 526 مليون دولار (-12.3 في المائة أو 73.5 مليون دولار، مقارنة بعام 2023).

أكثر من ذلك، أشارت الصحيفة إلى أن إدارة ترمب تبدي اهتماماً واسعاً بمشاريع مستقبلية واعدة مع روسيا، لذلك لا ترغب حالياً في تخريب مسار التطبيع وإضاعة فرصة ثمينة لتنفيذ خطط واعدة كبرى. ومن هذه الخطط ما أشار إليه وفقاً للصحيفة، كيريل دميترييف رئيس صندوق الاستثمار المباشر ومبعوث الرئيس فلاديمير بوتين الشخصي لقضايا التجارة مع البلدان الأجنبية، حول رغبة ترمب في استعادة الخسائر المالية للشركات الأميركية؛ بسبب الخروج من روسيا، اعتباراً من عام 2022، والتي تتجاوز 300 مليار دولار.

وأشار دميترييف إلى احتمال بدء عودة الشركات الأميركية إلى روسيا في النصف الثاني من 2025. وتحديد هذا التاريخ مهم للغاية، لأنه يعني وفقاً للصحيفة أن الشركات الأميركية ستكون قادرةً على شغل مكان الشركات الأوروبية التي غادرت السوق الروسية بسبب الحرب في أوكرانيا.

معلق «نوفوستي» التجاري

في المقابل، حرصت التغطيات الإعلامية الروسية على إظهار التأييد للصين وهي تواجه «منعطفاً ثانياً أكثر حدة» في «الحرب التجارية» وفقاً للمعلق الاقتصادي لوكالة «نوفوستي».

محلل «نوفوستي» رأى أن «السبب الرسمي لاندلاع الحرب التجارية الأولى كان اختلال التوازن لصالح الصين، الذي بلغ في عام 2018 أكثر من 250 مليار دولار. في المرة الماضية، أعلن ترمب رسمياً أنه شخصياً والولايات المتحدة ككل هما الفائزان دون شك».

وزاد أن التجارة المتبادلة، خصوصاً الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة، أخذت في الانخفاض بقوة خلال إدارة الرئيس جو بايدن. وتحديداً، وبناء على نتائج عام 2023، أقدمت واشنطن على تقييد التجارة المتبادلة بنسبة 13 في المائة، ما أدى من الناحية النقدية إلى انخفاض إجمالي حجم المعاملات المتبادلة إلى أقل من 500 مليار دولار. ووفقاً للمحلل فإنه سيكون على واشنطن أن تبدأ بإحصاء خسائرها بسبب القيود المفروضة على التعاملات مع الصين. ومثال لذلك، فإن الولايات المتحدة «ليس لديها مكان لبيع ما قيمته 25 مليار دولار سنوياً من فول الصويا والقمح والذرة. ولا توجد أسواق مماثلة في العالم من حيث العمق، ولن تدفع أي دولة أخرى 25 مليار دولار مقابل هذه السلع».

وبحسب مكتب الإحصاء الأميركي، أرسلت الولايات المتحدة بضائع بقيمة 143 مليار دولار إلى الصين العام الماضي، أبرزها في قطاعات الإلكترونيات والدوائر المتكاملة، وشحنات النفط والغاز، والفحم.

تحليل ياكوفينكو

وفي الإطار ذاته، وضع الدبلوماسي الروسي المخضرم ألكسندر ياكوفينكو، المتخصص في مجال العلاقة مع الدوائر الغربية، تصوّراً قاتماً لمستقبل العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة سيتسبب - حسب رأيه - بأضرار واسعة على واشنطن. وكتب ياكوفينكو في مقالة صحافية تحليلية «من الواضح للغاية أن أميركا ترمب قد اتخذت مساراً نحو إعادة التصنيع، ودون ذلك لن يكون من الممكن حل المشكلات التي تراكمت في المجتمع الأميركي».

ورأى، من ثم، أن مهمة إعادة بناء قطاع التصنيع في بلد ظل لمدة قرن ونصف القرن على الأقل من بين القوى الصناعية الرائدة مهمة غير عادية. وأن الولايات المتحدة تواجه تهديداً حقيقياً بالركود، وهو تهديد هيكلي ونظامي - وربما أكبر من التهديد الذي واجهته في سبعينات القرن العشرين، عندما خرجت من الأزمة على مسار السياسات الاقتصادية النيوليبرالية والعولمة، التي استنفدت مواردها بوضوح.

وبعد شرح تبعات سياسة ترمب على الصين وبلدان أخرى، قال الدبلوماسي في مقالته الصحافية إن «العالم ربما يكون أكثر تعقيداً مما تتصوره واشنطن.

والمرحلة التالية هي رد فعل الدول المتضرّرة (...) في الوقت الحالي، فإن ما هو مهم أن ترمب أعلن الحرب الاقتصادية على الصين، متخلياً فعلياً عن فكرة الاحتواء، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى خيار غير مقبول للتصعيد النووي».