«ستريم رينغ»: خاتم بالذكاء الاصطناعي يتيح لك التحدث مع نفسك

يسجل الأفكار العفوية ويجيب بنفس صوت المستخدم عبر سماعات الأذن

«ستريم رينغ»: خاتم بالذكاء الاصطناعي يتيح لك التحدث مع نفسك
«ستريم رينغ»: خاتم بالذكاء الاصطناعي يتيح لك التحدث مع نفسك
TT

«ستريم رينغ»: خاتم بالذكاء الاصطناعي يتيح لك التحدث مع نفسك

«ستريم رينغ»: خاتم بالذكاء الاصطناعي يتيح لك التحدث مع نفسك
«ستريم رينغ»: خاتم بالذكاء الاصطناعي يتيح لك التحدث مع نفسك

هناك رفيق مصمَّم بالذكاء الاصطناعي جديد في السوق؛ إذ يُطلَق اليوم جهاز «ستريم رينغ» (Stream Ring)، القابل للارتداء الذي يُتيح لك تسجيل أفكارك، وطرح الأفكار، والتحضير لمقابلة، أو - إذا كنتَ طفلاً في السابعة من عمره - تعلم المزيد عن الديناصورات.

والخاتم، المُتاح باللون الفضي (249 دولاراً) والذهبي (299 دولاراً)، مع إطار من الراتنج الأسود من الداخل، متاح للطلب المُسبق الآن، وسيبدأ شحنه وإرساله للزبائن في صيف 2026.

خاتم «ذكي»

الخاتم الجديد يُنصت فقط عند الضغط مُطولاً على لوحة اللمس المُصغّرة، التي تُشبه جهاز اللاسلكي. فما عليك سوى وضعه على إصبع السبابة، ورفعه إلى شفتيك عندما تُريد حفظ تلك الفكرة الرائعة التي خطرت ببالك، أو البحث عن وصفة سريعة للباذنجان، ثم الضغط عليه للتسجيل. ويؤكد الخاتم استماعه باهتزاز لمسي خفيف، ثم ينسخ أفكارك إلى تطبيق إلكتروني مصاحب. وعلى عكس قلادة «فريند إيه آي» (Friend AI) المكروهة، التي تكتب إجابات عن استفسارك على تطبيقها، فإن «ستريم رينغ» يرد على سماعات أذنك، مع حفظ إجابته في التطبيق.

الهدف النهائي: سد الفجوة بين أفكارك وكلماتك

تطلق شركة «ساندبار»، الناشئة ومقرها نيويورك التي أسسها كل من مينا فهمي وكيراك هونغ، على نفسها اسم «شركة واجهة» (وهو مصطلح يُقصد به تجسيد مهمتها في سد الفجوة بين البشر والتكنولوجيا). وُيجسد «ستريم رينغ» المنتج الأول لها هذه الفكرة من خلال عمله واجهةَ ذكاء اصطناعي قابلة للارتداء «فائقة الشخصية»، مصممة لجعل التعبير عن الذات سهلاً وحميمياً.

وتُعرّف فهمي الواجهة بأنها «النقطة التي يصبح فيها شيئان متباينان شيئاً واحداً»، وبالنسبة لـ«ستريم رينغ»، يحدث هذا الاتحاد بين أفكار الشخص، وقدرته على بلورتها أو التعبير عنها.

تسجيل الأفكار العفوية

صُمم الخاتم لتقليل الاحتكاك الذي يواجهه الناس عند محاولة تسجيل الأفكار العفوية؛ فمثلاً فإن تلك الأفكار قد «تطير» أثناء محاولته إخراج هاتف أو فتح تطبيق لتسجيل المذكرات الصوتية، كما قد تُسبب المواقف الاجتماعية حرجاً في التسجيل.

تأمل ذاتي بعمق عاطفي

أما خاتم «ستريم رينغ» الذي يُلبس على الإصبع، فيتيح للمستخدمين رفع أيديهم إلى أفواههم بتكتم والتحدث، وهي لفتة تبدو طبيعية وخاصة. وقد يجعل هذا التحول الطفيف في التصميم تدوين الملاحظات أو التأمل الذاتي أكثر عفوية وبديهية وعمقاً عاطفياً.

يظهر خاتم «ستريم رينغ»، في ظل فترة من عدم اليقين في مجال أجهزة الذكاء الاصطناعي؛ إذ حاول العديد من الشركات ابتكار أجهزة تُدمج الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية، لكن معظمها واجه صعوبات؛ فقد وعد دبوس الذكاء الاصطناعي من «هيومين»Humane باستبدال الهواتف الذكية، لكنه فشل بسبب ارتفاع التكاليف وضعف الأداء. وبالمثل، تم رفض قلادة «فريند»، التي صُممت لتكون رفيقاً بسيطاً للذكاء الاصطناعي، باعتبارها حيلة أكثر منها ابتكاراً.

جهاز «امتداد للذات»

وبدلاً من تسويق الشركة لـ«ستريم رينغ» كـ«رفيق للذكاء الاصطناعي»، فإنها تتوجه لاستهداف المستخدمين المبدعين والمتأملين الذين يُقدّرون الوعي الذاتي. ويدمج الجهاز وظائف عملية (التحكم في الموسيقى، وإيقاف الصوت مؤقتاً، أو تدوين الملاحظات من خلال إيماءات لمس بسيطة)، مما يجعله أداة مساعدة وأداة تأملية. يمكن للمستخدمين مقاطعة أو تصحيح الذكاء الاصطناعي في منتصف الجملة؛ ما يعزز الشعور بالتحكم، ويجعله يبدو، وكأنه امتداد للذات أكثر من كونه مساعداً منفصلاً.

يستنسخ صوت المستخدم

إن ما يميز «ستريم رينغ» بشكل خاص هو صوت الذكاء الاصطناعي الخاص به، المصمم على غرار صوت مرتديه. بعد أن يسجل المستخدمون مقطعاً قصيراً لتدريبه، يُنشئ النظام استنساخاً صوتياً - مشابهاً بنسبة 80 في المائة تقريباً - لمحاكاة الحوار الداخلي. يشبه التأثير التحدث مع صدى الشخص أو الأنا البديلة.

ويعتقد كل من فهمي وهونغ أن هذا التشابه يشجع «التحادث الذاتي»؛ ما يعزز التأمل الذاتي والبصيرة الشخصية. ويروي هونغ كيف كشفت مراجعة ملاحظاته الخاصة عن اهتمامه غير المتوقّع بالبستنة (وهو دليل، كما يقول، على كيفية مساعدة الجهاز للأشخاص «على معرفة ما يهتمون به حقاً»).

خاتم مطور بلا «هلوسة»

يعكس تطور الخاتم سنوات من إعداد النماذج الأولية. كانت النماذج الأولى ضخمة - بحجم علبة الثقاب - قبل أن تتقلص إلى الخاتم الذكي الأنيق واللافت للنظر اليوم. وبينما يعتمد الإصدار الحالي على الاتصال بالإنترنت، تخطط شركة «ساندبار» لإضافة ميزات غير متصلة بالإنترنت.

ولا يُجري النظام عمليات بحث على الويب، ولكنه يتجنب «الهلوسة» الشائعة في نماذج الذكاء الاصطناعي الأخرى، محافظاً على موثوقية الواقع. وقد صُممت «شخصية» الذكاء الاصطناعي في «ستريم رينغ»، لتبدو فضولية، وعطوفة، وموجزة - أشبه بمونولوج داخلي منه ببرنامج دردشة آلي.

كل خاتم يتصرف مثل صاحبه

ويتصرف خاتم كل مستخدم بشكل مختلف قليلاً، ويتشكل من خلال أنماط الكلام الفردية وعادات الاستخدام. يصف فهمي خاتمه بأنه عاكس لطيف، بينما كان خاتم مستخدم آخر «أكثر حدة»؛ إذ يعكس أسلوب تواصل مرتديه. وتعزز هذه القدرة على التكيُّف فكرة أن الجهاز مرآة شخصية بدلاً من مساعد شخصي.

آثار ثقافية ونفسية غامضة

مع ذلك، لا تزال الآثار الثقافية والنفسية لهذه التقنية غامضة. مع وجود 13 مليون دولار من رأس المال الاستثماري وراء «ساندبار»، فإن التوقعات عالية - وكذلك المخاوف. وفي رؤى سوداوية متشائمة، قد ينسحب الناس إلى حوارات مع «ذواتهم» عند التعامل مع الذكاء الاصطناعي، فاقدين بذلك التواصل الإنساني.

أما في رؤية أكثر تفاؤلاً، فيصبح «ستريم رينغ» أداة لفهم الذات، تُمكّن من تعميق التفكير والوعي العاطفي.

ويتخيل هونغ مستقبلاً يُعزز فيه الذكاء الاصطناعي الفضول بدلاً من العزلة، فابنه مثلاً يتحدث بالفعل مع خاتمه عن الديناصورات، ثم يُشارك أباه تلك الاكتشافات بشغف - تذكيراً بأن التفاعل الإنساني الهادف يمكن أن يتعايش مع تعزيز الذكاء الاصطناعي.

وسيعتمد نجاح «ستريم رينغ»، في النهاية، على ما إذا كان سيُعمّق إحساسنا بالذات والتواصل (أو سيحل محله).

* باختصار، مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

تكنولوجيا الأوتار الاصطناعية قد تصبح وحدات قابلة للتبديل لتسهيل تصميم روبوتات هجينة ذات استخدامات طبية واستكشافية (شاترستوك)

أوتار اصطناعية تضاعف قوة الروبوتات بثلاثين مرة

الأوتار الاصطناعية تربط العضلات المزروعة بالهياكل الروبوتية، مما يرفع الكفاءة ويفتح الباب لروبوتات بيولوجية أقوى وأكثر مرونة.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا أجهزة «إيكو شو» بشاشاتها المتحركة

أجهزة «إيكو» الجديدة: «أمازون» تدفع المنازل العربية إلى عصر الذكاء الاصطناعي والأتمتة المحيطية

بحث جديد يكشف عن التأثير المتنامي للمساعدات الصوتية في السعودية والإمارات

خلدون غسان سعيد (جدة)
تكنولوجيا شعار تطبيق «تشات جي بي تي» (رويترز)

شركة «أوبن إيه آي» تعلن حالة طوارئ في «تشات جي بي تي» بسبب المنافسة الشديدة

أعلن الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» سام ألتمان عن حالة طوارئ شاملة في الشركة، في ظل المنافسة الشرسة التي تواجهها تقنيات برنامجها «تشات جي بي تي».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص الدفاع التنبؤي المعتمد على الذكاء الاصطناعي يمنح المملكة قدرة أكبر على رصد التهديدات مبكراً رغم استمرار الثغرات (شاترستوك)

خاص من التصيّد إلى الاختراق… كيف تتغير ملامح التهديدات السيبرانية في البنية الصناعية السعودية؟

تواجه البنية الصناعية السعودية تهديدات سيبرانية متطورة مع تقارب تقنية المعلومات والتقنيات التشغيلية وتزايد دور الذكاء الاصطناعي واتساع سلاسل الإمداد.

نسيم رمضان (لندن)

كيف تطوّر «بلاك هات» في نسخته الرابعة عن النسخ السابقة؟

TT

كيف تطوّر «بلاك هات» في نسخته الرابعة عن النسخ السابقة؟

خالد السليم نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: تركي العقيلي)
خالد السليم نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: تركي العقيلي)

منذ إطلاق نسخته الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، في العاصمة السعودية الرياض، عقب النجاح الذي تحقق في فعالية «آت هاك» العام الذي قبله، شهد أكبر تجمع للأمن السيبراني في المنطقة، لحظات تحوّل لافتة، رصدها الزوّار والمهتمّون، ولاحظتها التغطيات المستمرة لـ«الشرق الأوسط»، وصولاً إلى النسخة الحالية.

يعدّ «بلاك هات» فعالية عالمية متخصصة في الأمن السيبراني، انطلقت في عام 1997، ويعد إحدى أهم المحافل العالمية لقطاع أمن المعلومات وقِبلة للمهتمين فيه، وبدأ كفعالية سنوية تقام في لاس فيغاس في الولايات المتحدة، قبل أن يجد في الرياض مستقرّاً سنويّاً لـ4 نسخ متتالية.

في النسخة الأولى من الفعالية التي ينظّمها «الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز»، الذي أنشأته السعودية لتحقيق أهدافها في تمكين مواطنيها من اكتساب الخبرات في مجال الأمن السيبراني والبرمجة لتحقيق رؤيتها الهادفة إلى تطوير كوادرها المحلية في مجالات التقنية الحديثة، إلى جانب شركة تحالف.

شهدت الفعالية مشاركة أكثر من 200 متحدث عالمي، وحضور أكثر من 250 شركة أمن سيبراني رائدة، منهم عمالقة التقنية العالميون، مثل Cisco وIBM وSpire وInfoblox، بالإضافة إلى أكثر من 40 شركة ناشئة في المجال نفسه، قبل أن تتصاعد هذه الأرقام وغيرها خلال النسخ اللاحقة.

خالد السليم نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: تركي العقيلي)

«الشرق الأوسط» التقت خالد السليم، نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، الذي شرح بشكل مفصل، أنه «بدايةً من (آت هاك) في عام 2021 عندما بدأنا، وكان أول مؤتمر سيبراني يُقام في السعودية، وبعد النجاح الذي حققناه، استطعنا أن نستقطب (بلاك هات) نفسه من لاس فيغاس، الذي كان يقام منذ أكثر من 35 عاماً، وهذا هو العام الرابع لـ(بلاك هات) هنا، وكل عام يشهد زيادة في الحضور وعدد الشركات، وزيادة في ساعات المحاضرات».

ارتفاع عدد الشركات العالمية المشاركة بنسبة 27 في المائة

نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال بيّن تطور «بلاك هات» في كل نسخة عن النسخ السابقة، من ناحية عدد الحضور وعدد الشركات. وأضاف السليم: «اليوم لدينا أكثر من 350 شركة محلية وعالمية من 162 دولة حول العالم، وعدد الشركات العالمية هذا العام زاد قرابة 27 في المائة عن العام الماضي».

ابتكارات جديدة في كل نسخة

السليم وضّح أن «بلاك هات» يبتكر في كل نسخة أشياء جديدة، مثل منطقة الفعاليات التي تضمّ تقريباً 10 فعاليات جديدة، بالإضافة إلى أكثر من 12 مسرحاً مع أكثر من 300 خبير في مجال الأمن السيبراني. وحول نوعية الشركات والجهات المشاركة، دلّل عليها بأن أغلب الشركات العالمية مثل «إف بي آي»، ووزارتي الداخلية والخارجية البريطانيتين، وتابع أن كل هذه الإضافات في كل نسخة «تعتبر متجددة، وكل نسخة تزيد الأرقام أكثر من النسخة التي سبقتها».

الجهات الوطنية «تؤدي عملاً تشاركياً»

وحول مساهمة «بلاك هات» في تحقيق المستهدفات الوطنية، ومنها تحقيق السعودية المرتبة الأولى في مؤشر الأمن السيبراني للتنافسية، نوّه السليم بأن الاتحاد (الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز)، والهيئة الوطنية للأمن السيبراني، والشركات السعودية في مجال الأمن السيبراني، تؤدي عملاً تشاركيّاً.

وأردف: «عندما يكون في (بلاك هات) أكثر من 300 ورشة عمل ومنطقة الفعاليات والتدريبات العملية التي تجري فيها والتدريبات المصاحبة لـ(بلاك هات) والشركات والمنتجات السعودية التي تُطرح اليوم، كلها تُساعد في رفع مستوى الأمان في المملكة، وهذا يُساعد في المؤشرات في مجال الأمن السيبراني».

واختتمت فعاليات «بلاك هات 2025»، الخميس، بجلسات استعرضت الهجمات المتطورة، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في الاستجابة للحوادث السيبرانية، كما ناقشت أحدث الاتجاهات والتقنيات التي تشكّل مستقبل الأمن السيبراني عالمياً.


بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)
شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)
TT

بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)
شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)

في عامٍ استثنائي اتّسم بتسارع التحوّل الرقمي واتّساع أثر الذكاء الاصطناعي وتحوّل المحتوى الرقمي إلى لغة يومية للمجتمعات، تداخلت ملامح المشهد العربي بين ما رصده بحث «غوغل» من اهتماماتٍ متصدّرة، وما كشفه «يوتيوب» عن لحظاته البارزة ومنتجاته الجديدة في الذكرى العشرين لانطلاقه. جاءت الصورة النهائية لعام 2025 لتُظهر كيف أصبح الإبداع الرقمي، بجميع أشكاله، مرآةً لنبض الشارع وعمق الثقافة وتطلعات الأجيال الجديدة.

منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بدت هذا العام أكثر ارتباطاً بالتكنولوجيا من أي وقت مضى. فقد تصدّرت أدوات الذكاء الاصطناعي قوائم البحث في «غوغل» في عدة دول عربية.

كانت «جيميناي» إلى جانب «تشات جي بي تي » و «ديب سيك» في طليعة الأدوات الأكثر بحثاً، مدفوعةً بفضول جماعي لفهم إمكانات النماذج التوليدية وتطبيقاتها الإبداعية. ولم يقتصر الأمر على التقنيات العامة، بل امتد إلى أدوات متخصصة مثل «نانو بانانا» لتحرير الصور و«فيو» لإنشاء مقاطع فيديو انطلاقاً من النصوص، ما يعكس تحوّل الذكاء الاصطناعي إلى جزء من الحياة اليومية.

يكشف «يوتيوب» عن ابتكارات جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتعزيز صناعة المحتوى وتحسين تجربة المشاهدة والتفاعل (شاترستوك)

الأكثر رواجاً في السعودية

وفي قلب هذا المشهد المتغير، برزت المملكة العربية السعودية بصورة لافتة، إذ كان التحول الرقمي العنوان الأبرز لاهتمامات السعوديين خلال عام 2025. فقد لجأ الأفراد إلى بحث «غوغل» لتسيير شؤونهم اليومية ضمن نمط حياة رقمي آخذ في التوسع، مع ارتفاع عمليات البحث المتعلقة بمنصات مثل قبول، وتسجيل الحرس الوطني، والمركز الوطني للقياس. وإلى جانب الإقبال على الخدمات الرقمية، حافظ الترفيه على مكانته في الأمسيات السعودية، حيث استمر مسلسل «شباب البومب 13» في جذب الأنظار، إلى جانب العمل الجديد «فهد البطل» الذي حقق انتشاراً واسعاً.

وفي السياق ذاته، أظهرت المملكة شغفاً متزايداً بتكنولوجيا المستقبل، مع اهتمام واضح بأدوات الذكاء الاصطناعي مثل «Gemini» و«Hailuo AI»، ما يعكس انفتاح المجتمع السعودي على التقنيات الحديثة وتبنّيها مبكراً.

هذا التفاعل مع التكنولوجيا لم يقتصر على السعودية، بل امتد إلى دول عربية أخرى بطرق متعددة. ففي العراق، تصدرت مباريات المنتخب الوطني واجهة البحث إلى جانب بروز أسماء إعلامية ومحتوى رقمي مؤثر. وفي الأردن وسوريا وفلسطين، ظل التعليم والخدمات العامة والدراما المحلية والرياضة في مقدمة الاهتمامات، لتبقى هذه المجتمعات متفاعلة مع مستجدات الحياة رغم اختلاف السياقات والتحديات. أما المغرب والجزائر، فحافظا على حضور كرة القدم في صدارة المشهد، إلى جانب انتشار الأدوات الذكية والأعمال الدرامية ونجاحات الإنتاجات العالمية.

أدوات الذكاء الاصطناعي مثل «جيميناي» و«شات جي بي تي» تصدّرت عمليات البحث في عدة دول عربية (شاترستوك)

من «غوغل» إلى «يوتيوب»

هذه الديناميكية الرقمية امتدت بقوة إلى «يوتيوب»، الذي اختار عامه العشرين ليقدّم أول «ملخص مشاهدة شخصي» عالمي، يسمح للمستخدمين باستعادة أبرز لحظاتهم عبر المنصة. وقد عكس هذا الإصدار فهماً عميقاً لطبيعة الجمهور العربي، الذي أظهر تفاعلاً كبيراً مع المواسم الثقافية كرمضان وعيد الأضحى، وناقش قضايا الذكاء الاصطناعي، وتابع بشغف نجوم كرة القدم العالميين مثل لامين يامال ورافينيا. كما حققت الأعمال الدرامية والأنمي والألعاب من «لعبة الحبّار» (Squid Game) إلى«Blue Lock» و«Grow a Garden» انتشاراً واسعاً، ما يعكس تنوع أذواق الجمهور واتساع رقعة التأثير الثقافي الرقمي.

وبرز عربياً هذا العام صعود لافت لصنّاع المحتوى، وفي مقدمتهم الفلسطيني أبو راني الذي تصدّر القوائم إقليمياً واحتل المرتبة الثانية عالمياً بعد «Mr. Beast» بمحتوى بسيط وواقعي يوثق تفاصيل الحياة اليومية في غزة.

وعلى مستوى الموسيقى، احتلت أغنية «خطية» لبيسان إسماعيل وفؤاد جنيد المرتبة الأولى، مؤكدة الدور المتصاعد لمنشئي المحتوى في تشكيل الذوق الفني الرقمي.

وإلى جانب رصد الظواهر، كشف «يوتيوب» خلال فعالية «Made on YouTube» عن سلسلة ابتكارات جديدة تستشرف مستقبل صناعة المحتوى. فقد بدأ دمج نموذج «Veo 3 Fast» لتمكين منشئي «شورتس» من تصميم خلفيات ومقاطع عالية الجودة مجاناً، وإضافة الحركة إلى المشاهد بمرونة غير مسبوقة. كما ستتيح ميزة «التعديل باستخدام الذكاء الاصطناعي» تحويل المقاطع الأولية إلى مسودة جاهزة، فيما تضيف ميزة «تحويل الكلام إلى أغنية» بعداً إبداعياً جديداً لمنشئي المحتوى الشباب.

وفي خطوة لتقوية البنية الإبداعية، أعلن «يوتيوب» عن تحسينات واسعة في «استوديو YouTube» تشمل أدوات تعاون بين صناع المحتوى واختبارات «A/B » للعناوين وترقيات تجعل الاستوديو منصة استراتيجية لتطوير المحتوى. كما يجري العمل على توسيع أداة «رصد التشابه» التي تساعد على متابعة الفيديوهات التي ينشئها الذكاء الاصطناعي باستخدام وجوه مشابهة لصناع المحتوى، وهي خطوة مهمة في زمن تتداخل فيه حدود الهوية الرقمية مع الإبداع الاصطناعي.

اهتمامات البحث تنوعت عربياً بين التعليم والرياضة والدراما والأدوات التقنية بحسب سياق كل دولة (أدوبي)

ماذا عن المشاهدات؟

على صعيد المشاهدة، فقد شهد المحتوى المباشر نمواً استثنائياً، إذ إن أكثر من 30 في المائة من مستخدمي «يوتيوب» شاهدوا بثاً مباشراً يومياً في الربع الثاني من عام 2025. لذلك تطلق المنصة أكبر تحديث لأدوات البث الحي لتعزيز تفاعل الجمهور وتوسيع قاعدة المشاهدين وزيادة مصادر الدخل. وفي المجال الموسيقي، تحمل «YouTube Music» ميزات جديدة مثل العد التنازلي للإصدارات وخيارات حفظ المفضلات مسبقاً، فيما تعمل المنصة على أدوات تربط الفنانين بمعجبيهم عبر محتوى حصري وتجارب مخصصة.

كما تتوسع فرص التعاون بين العلامات التجارية وصناع المحتوى، مع ميزات جديدة في «التسوق على يوتيوب» تشمل الروابط المباشرة داخل «شورتس» وإدراج مقاطع العلامات التجارية بسهولة أكبر، مدعومةً بإمكانات الذكاء الاصطناعي لتسهيل الإشارة إلى المنتجات وتوسيع الأسواق المتاحة.

في هذا المشهد المتفاعل بين «غوغل» و«يوتيوب» والجمهور العربي، يتضح أن المنطقة تعيش مرحلة جديدة يتقاطع فيها الذكاء الاصطناعي مع الإبداع الإنساني، ويتحوّل فيها المحتوى الرقمي إلى منصة للتعبير الجماعي وبناء المجتمعات وصياغة الاتجاهات الثقافية. وبين البحث والاستهلاك والإنتاج، يستمر عام 2025 في رسم ملامح عقدٍ مقبل يعد بأن يكون الأكثر ثراءً وتحولاً في تاريخ المحتوى العربي الرقمي.


شريحة دماغية تُمكّن المرضى من تحريك أطراف روبوتية بمجرد التفكير

منصة «إكس»
منصة «إكس»
TT

شريحة دماغية تُمكّن المرضى من تحريك أطراف روبوتية بمجرد التفكير

منصة «إكس»
منصة «إكس»

أعلنت شركة «نيورالينك»، التابعة لإيلون ماسك، أنّ شريحتها المزروعة في الدماغ باتت قادرة على مساعدة المرضى في تحريك أطراف روبوتية باستخدام الإشارات العصبية، في خطوة تُعد من أبرز التطورات في مجال الواجهات العصبية الحاسوبية، وفقاً لموقع «يورونيوز».

ويأتي هذا التقدّم في حين لا يزال الجهاز في مرحلة التجارب السريرية؛ إذ تتركّز الاختبارات على مستويات الأمان ووظائف الشريحة لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض وإصابات تحدّ من قدرتهم على الحركة.

وفي مقطع فيديو نشرته الشركة على منصة «إكس»، ظهر المريض الأميركي روكي ستاوتنبرغ، المصاب بالشلل منذ عام 2006، وهو يحرك ذراعاً روبوتية مستخدماً أفكاره فقط، قبل أن يرفع الذراع إلى وجهه ويقبّلها في مشهد لافت.

وقالت «نيورالينك» في بيان عبر المنصة إن «المشاركين في تجاربنا السريرية تمكنوا من توسيع نطاق التحكم الرقمي ليشمل أجهزة فيزيائية مثل الأذرع الروبوتية المساعدة»، مشيرة إلى أن الشركة تخطط لـ«توسيع قائمة الأجهزة التي يمكن التحكم بها عبر الشريحة مستقبلاً».

وتهدف هذه التقنية إلى مساعدة المرضى المصابين بالشلل على استخدام أجهزتهم الشخصية واستعادة جزء من قدرتهم على الحركة، من خلال واجهة تُعرَف بـ«واجهة الدماغ والحاسوب» (BCI)، وهي تقنية قادرة على تفسير الإشارات الصادرة عن الدماغ وتحويلها إلى أوامر رقمية.

وبحسب الشركة، فقد جرى منذ يناير (كانون الثاني) الماضي زرع الشريحة في 12 مريضاً حتى سبتمبر (أيلول) 2024. وكان أول المشاركين يعاني من شلل ناتج عن إصابة في الحبل الشوكي، واستطاع بفضل الشريحة تشغيل ألعاب الفيديو ولعبة الشطرنج بواسطة التفكير.

ويعاني باقي المتطوعين إما من إصابات في الحبل الشوكي أو من التصلب الجانبي الضموري (ALS)، وهو مرض يؤدي تدريجياً إلى فقدان القدرة على التحكم في عضلات الجسم.

وكشف ماسك أن أكثر من 10 آلاف شخص سجّلوا أسماءهم في سجل المرضى لدى «نيورالينك» على أمل المشاركة في التجارب المستقبلية.

وتعد «نيورالينك» واحدة من عدة شركات تعمل في مضمار تطوير واجهات الدماغ الحاسوبي، في حين تشير بيانات التجارب السريرية الأميركية إلى أن تقنيات مماثلة يجري اختبارها لمساعدة المصابين بالشلل الدماغي، والخرف، والجلطات الدماغية، وغيرها من الحالات الصحية المعقدة.