سباق الاستخبارات العالمي على الذكاء الاصطناعي: أميركا تُجرب... والصين تُنفذ؟

 (AFP)
(AFP)
TT

سباق الاستخبارات العالمي على الذكاء الاصطناعي: أميركا تُجرب... والصين تُنفذ؟

 (AFP)
(AFP)

بينما تتسابق كبرى وكالات الاستخبارات في العالم لاختبار إمكانات نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي، تلوح في الأفق تساؤلات حادة: من سيحسم السباق؟ أميركا التي تمتلك التكنولوجيا الأرقى؟ أم الصين التي تُظهر وتيرة تبنٍ أسرع؟

ففي اليوم الذي شهد تنصيب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، أطلقت شركة صينية تُدعى «DeepSeek» نموذجاً لغوياً كبيراً (LLM) حاز على اعتراف عالمي. ولم يكن الحدث عابراً في أروقة الاستخبارات الأميركية، حيث وصفه ترمب بـ«جرس إنذار»، فيما أقرّ السيناتور مارك وارنر، نائب رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، بأن المجتمع الاستخباراتي الأميركي، الذي يضم 18 وكالة، «فوجئ تماماً»، وفقاً لمجلة «ذي إيكونوميست».

ومع تصاعد المخاوف من التفوق الصيني في هذا المضمار، أطلقت إدارة الرئيس السابق جو بايدن خطة لتعزيز تجارب مؤسسات الدولة مع النماذج الأكثر تطوراً.

وصدرت توجيهات مباشرة إلى وكالات الاستخبارات والبنتاغون ووزارة الطاقة، لحثّها على توسيع تعاونها مع مختبرات الذكاء الاصطناعي الرائدة، وعلى رأسها «OpenAI» و«DeepMind» و«Google» و«Anthropic».

وفي خطوة لافتة، منح البنتاغون منتصف يوليو (تموز) الحالي عقوداً تصل إلى 200 مليون دولار لأربع شركات، بينها «xAI» التابعة لإيلون ماسك، لاختبار ما يُعرف بـ«نماذج الوكيل الذكي»؛ وهي نماذج قادرة على تحليل المهمات المعقدة، وتقسيمها إلى مراحل، وتنفيذها تلقائياً، وصولاً إلى التحكم في أجهزة مثل الحواسيب، أو المركبات.

وبينما يشهد المجال زخماً متزايداً، تظهر إشارات واضحة على دخول الذكاء الاصطناعي مرحلة جديدة في بيئات العمل الاستخباراتي. ففي يناير (كانون الثاني) الماضي أعلنت «مايكروسوفت» أن 26 من خدماتها السحابية أصبحت معتمدة للاستخدام الأمني الأميركي. وفي يونيو (حزيران)، كشفت شركة «Anthropic» عن نموذج مخصص للاستخدام الحكومي، حمل اسم «Claude Gov»، وبدأ استخدامه بالفعل في وكالات عليا ضمن منظومة الأمن القومي الأميركي.

لكن هذه النماذج لا تُستخدم كما هي، إذ تُخضعها الشركات لتعديلات دقيقة تُمكّنها من تجاوز قيود الأمان العامة، وتدريبها على لغات ولهجات خاصة بالحكومات، فضلاً عن تشغيلها ضمن بيئات مغلقة ومحمية. وفي بعض الحالات، بدأت وكالات بناء نماذجها الخاصة معتمدة على البنية التحتية الأمنية الداخلية.

أوروبا تدخل على الخط

الحراك لا يقتصر على واشنطن وبكين. ففي أوروبا تتسارع الجهود لتقليص الفجوة. أفاد مصدر بريطاني رفيع بأن أجهزة الاستخبارات في المملكة المتحدة تتمتع بإمكانية الوصول إلى نماذج متقدمة جداً، ومصممة للتعامل مع معلومات شديدة السرية.

وتُعد شركة «Mistral» الفرنسية، الشريك الرسمي لوكالة الذكاء الاصطناعي العسكري الفرنسي، أبرز لاعبي القارة في هذا المجال. ويتميّز نموذجها «Saba» بقدرته الفائقة على فهم اللغة العربية، ولغات إقليمية مثل التاميلية، نتيجة تدريبه على بيانات من الشرق الأوسط وجنوب آسيا.

أما إسرائيل، فقد كشفت تقارير عن زيادة استخدام الجيش الإسرائيلي لنموذج «GPT-4» التابع لـ«OpenAI»، بنسبة بلغت 20 ضعفاً بعد اندلاع حرب غزة.

بطء تبنٍ أم حذر عقلاني؟

رغم التحركات المتسارعة، تشير بعض الأصوات إلى بطء التبني الفعلي للذكاء الاصطناعي في مؤسسات الأمن القومي. وتقول كاترينا موليجان، مسؤولة سابقة في الدفاع والاستخبارات وتشغل حالياً منصب رئيس الشراكات الأمنية لدى «OpenAI»، إن الاستخدام لا يزال دون الطموحات. بينما تشكّل وكالة الأمن القومي (NSA) استثناءً بفضل خبرتها المتراكمة في تقنيات مثل التعرف على الصوت.

ويقول تارون تشابرا، مدير سياسات الأمن القومي في «Anthropic»، إن التحوّل الحقيقي يكمن في إعادة صياغة منهجية تنفيذ المهام، لا مجرد استخدام واجهات دردشة ذكية.

المخاطر الكامنة وراء الوكيل الذكي

في المقابل، يُحذر باحثون من الإفراط في التفاؤل. ويؤكد الدكتور ريتشارد كارتر، من معهد آلان تورينغ البريطاني، أن أجهزة الاستخبارات تحتاج إلى أدوات تُحقق الاتساق والموثوقية والشفافية. لذلك، تُركّز وكالات المملكة المتحدة على تقنيات التوليد المعزز بالاسترجاع (RAG) لتقليص الأخطاء.

ويُعتقد أن شركة «Mistral» عرضت على بعض الجهات تجربة لوكلاء أذكياء متخصصين في تحليل أنواع معينة من البيانات، من الصور الفضائية إلى الاتصالات الصوتية، ما يُسرّع قرارات الاستجابة. لكن كارتر يحذر من أن تلك النماذج قد تُنتج أخطاء تراكمية خطيرة بسبب آلياتها الذاتية المتكررة، مشيراً إلى تقييم أجرته «OpenAI» أظهر أن نموذج «ChatGPT Agent» يُعاني من هلوسة يصل معدلها إلى 8 في المائة.

الصين في الخلفية... تراقب وتتقدم؟

وبينما تتقدّم الشركات الأميركية في تطوير النماذج، تثير الصين قلقاً متزايداً بشأن سرعة تبنيها لها. يقول فيليب راينر، من معهد الأمن والتكنولوجيا في وادي السيليكون: «لا نعرف كثيراً عن مدى استخدام الصين لنماذج مثل (DeepSeek) في المجالات العسكرية». ويضيف: «قد يتمكنون من تحقيق نتائج أسرع، لأنهم لا يخضعون لنفس الضوابط التنظيمية».

وفي محاولة لتدارك الأمر، أصدرت إدارة ترمب توجيهات للبنتاغون ووكالات الاستخبارات بإجراء تقييم عاجل لسرعة تبني هذه التقنيات بالمقارنة مع الصين، ووضع خطة للتكيّف المستمر.

ويُجمع الخبراء على أن التأخر في التبني قد يكون أكثر خطورة من التأخر في التطوير. يقول السيناتور وارنر: «لم نكن فعّالين بما فيه الكفاية في مراقبة تقدم الصين». أما موليجان فتضيف محذّرة: «الخطر الحقيقي ليس في الفشل في تطوير الذكاء الاصطناعي، بل في خسارة سباق استخدامه».


مقالات ذات صلة

دراسة: 20 % من فيديوهات «يوتيوب» مولّدة بالذكاء الاصطناعي

تكنولوجيا محتوى على «يوتيوب» تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي يصوّر قطاً يتم القبض عليه بواسطة رجال الشرطة

دراسة: 20 % من فيديوهات «يوتيوب» مولّدة بالذكاء الاصطناعي

أظهرت دراسة أن أكثر من 20 % من الفيديوهات التي يعرضها نظام يوتيوب للمستخدمين الجدد هي «محتوى رديء مُولّد بالذكاء الاصطناعي»، مُصمّم خصيصاً لزيادة المشاهدات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تكنولوجيا سام ألتمان رئيس شركة «أوبن إيه آي» (رويترز)

ما الاختراق القادم في مجال الذكاء الاصطناعي الذي يتوقعه رئيس «أوبن إيه آي»؟

توقع سام ألتمان، رئيس شركة «أوبن إيه آي»، أن يكون الإنجاز الكبير التالي نحو تحقيق ذكاء اصطناعي فائق القدرة هو اكتساب هذه الأنظمة «ذاكرة لا نهائية، ومثالية».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شعار شركة «أوبن إيه آي» في رسم توضيحي (رويترز)

حمّى الذكاء الاصطناعي... مليارات الدولارات تُعيد تشكيل صناعة التكنولوجيا

يشهد قطاع التكنولوجيا العالمي أضخم موجة استثمارية في تاريخه الحديث؛ إذ تحولت حمى الذكاء الاصطناعي من مجرد ابتكارات برمجية إلى معركة وجودية على البنية التحتية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون (أ.ف.ب)

تنديد أوروبي بفرض واشنطن حظر تأشيرات على شخصيات أوروبية

أدانت المفوضية الأوروبية ومسؤولون في الاتحاد الأربعاء بشدة العقوبات الأميركية المفروضة على خمس شخصيات أوروبية ذات صلة بتنظيم قطاع التكنولوجيا

«الشرق الأوسط» (بروكسل )
الاقتصاد علما الصين والولايات المتحدة على لوحة دوائر مزودة برقائق أشباه موصلات (رويترز)

أميركا تؤجل فرض رسوم جمركية على الرقائق الصينية إلى منتصف 2027

تعتزم ​الولايات ‌المتحدة فرض رسوم جمركية جديدة ⁠على ‌الرقائق ‍المستوردة ‍من ‍الصين، والتي ⁠لا تخضع لأي رسوم حالياً، لكنها ستؤجل التطبيق إلى منتصف 2027.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

دراسة: 20 % من فيديوهات «يوتيوب» مولّدة بالذكاء الاصطناعي

محتوى على «يوتيوب» تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي يصوّر قطاً يتم القبض عليه بواسطة رجال الشرطة
محتوى على «يوتيوب» تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي يصوّر قطاً يتم القبض عليه بواسطة رجال الشرطة
TT

دراسة: 20 % من فيديوهات «يوتيوب» مولّدة بالذكاء الاصطناعي

محتوى على «يوتيوب» تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي يصوّر قطاً يتم القبض عليه بواسطة رجال الشرطة
محتوى على «يوتيوب» تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي يصوّر قطاً يتم القبض عليه بواسطة رجال الشرطة

أظهرت دراسة أن أكثر من 20 في المائة من الفيديوهات التي يعرضها نظام يوتيوب للمستخدمين الجدد هي «محتوى رديء مُولّد بالذكاء الاصطناعي»، مُصمّم خصيصاً لزيادة المشاهدات.

وبحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، فقد أجرت شركة تحرير الفيديو «كابوينغ» استطلاعاً شمل 15 ألف قناة من أشهر قنوات يوتيوب في العالم - أفضل 100 قناة في كل دولة - ووجدت أن 278 قناة منها تحتوي فقط على محتوى رديء مُصمم بتقنية الذكاء الاصطناعي.

وقد حصدت هذه القنوات مجتمعةً أكثر من 63 مليار مشاهدة و221 مليون مشترك، مُدرّةً إيرادات تُقدّر بنحو 117 مليون دولار سنوياً، وفقاً للتقديرات.

كما أنشأ الباحثون حساباً جديداً على «يوتيوب»، ووجدوا أن 104 من أول 500 فيديو تم التوصية به في الصفحة الرئيسية لهذا الحساب كانت ذات محتوى رديء مولد بالذكاء الاصطناعي، تم تطويره بهدف الربح المادي.

وتُقدّم هذه النتائج لمحةً عن صناعةٍ سريعة النمو تُهيمن على منصات التواصل الاجتماعي الكبرى، من «إكس» إلى «ميتا» إلى «يوتيوب»، وتُرسّخ حقبةً جديدةً من المحتوى، وهو المحتوى التافه الذي يحفز على إدمان هذه المنصات.

وسبق أن كشف تحليل أجرته صحيفة «الغارديان» هذا العام أن ما يقرب من 10في المائة من قنوات «يوتيوب» الأسرع نمواً هي قنوات مُولّدة بواسطة الذكاء الاصطناعي، حيث حققت ملايين المشاهدات رغم جهود المنصة للحد من «المحتوى غير الأصلي».

وتُعدّ القنوات التي رصدتها شركة كابوينغ عالمية الانتشار وتحظى بمتابعة واسعة من ملايين المشتركين في مختلف أنحاء العالم.

وتعتبر قناة «بندر أبنا دوست»، هي القناة الأكثر مشاهدة في الدراسة، ومقرها الهند، ويبلغ عدد مشاهداتها حالياً 2.4 مليار مشاهدة. وتعرض القناة مغامرات قرد ريسوس وشخصية مفتولة العضلات مستوحاة من شخصية «هالك» الخارقة، يحاربان الشياطين ويسافران على متن مروحية مصنوعة من الطماطم. وقدّرت كابوينغ أن القناة قد تُدرّ أرباحاً تصل إلى 4.25 مليون دولار.

أما قناة «بوتى فرينشي»، ومقرها سنغافورة، والتي تروي مغامرات كلب بولدوغ فرنسي، فقد حصدت ملياري مشاهدة، ويبدو أنها تستهدف الأطفال. وتشير تقديرات كابوينغ إلى أن أرباحها تقارب 4 ملايين دولار سنوياً.

كما يبدو أن قناة «كوينتوس فاسينانتس»، ومقرها الولايات المتحدة، تستهدف الأطفال أيضاً بقصص كرتونية، ولديها 6.65 مليون مشترك.

في الوقت نفسه، تعرض قناة «ذا إيه آي وورلد»، ومقرها باكستان، مقاطع فيديو قصيرة مُولّدة بالذكاء الاصطناعي عن الفيضانات الكارثية التي ضربت باكستان، تحمل عناوين مثل «الفقراء»، و«العائلات الفقيرة»، و«مطبخ الفيضان». وقد حصدت القناة وحدها 1.3 مليار مشاهدة.

وتعليقاً على هذه الدراسة، صرح متحدث باسم «يوتيوب» قائلاً: «الذكاء الاصطناعي التوليدي أداة، وكأي أداة أخرى، يمكن استخدامه لإنتاج محتوى عالي الجودة وآخر منخفض الجودة. نركز جهودنا على ربط مستخدمينا بمحتوى عالي الجودة، بغض النظر عن طريقة إنتاجه. يجب أن يتوافق المحتوى المرفوع على (يوتيوب) مع إرشاداتنا، وإذا وجدنا أن المحتوى ينتهك أياً من سياساتنا، فسنحذفه».


الصين تصدر مسوّدة قواعد لتنظيم الذكاء الاصطناعي المحاكي للتفاعل البشري

امرأة في معرض حول الذكاء الاصطناعي وعالم الإنترنت بمقاطعة جيجيانغ الصينية (رويترز)
امرأة في معرض حول الذكاء الاصطناعي وعالم الإنترنت بمقاطعة جيجيانغ الصينية (رويترز)
TT

الصين تصدر مسوّدة قواعد لتنظيم الذكاء الاصطناعي المحاكي للتفاعل البشري

امرأة في معرض حول الذكاء الاصطناعي وعالم الإنترنت بمقاطعة جيجيانغ الصينية (رويترز)
امرأة في معرض حول الذكاء الاصطناعي وعالم الإنترنت بمقاطعة جيجيانغ الصينية (رويترز)

أصدرت هيئة الفضاء الإلكتروني الصينية، اليوم (السبت)، مسودة ​قواعد لتشديد الرقابة على خدمات الذكاء الاصطناعي المصممة لمحاكاة الشخصيات البشرية والتفاعل العاطفي مع المستخدمين.

وتؤكد هذه الخطوة ما تبذله بكين من جهود للسيطرة على الانتشار السريع لخدمات ‌الذكاء الاصطناعي ‌المقدمة للجمهور ‌من ⁠خلال ​تشديد معايير ‌السلامة والأخلاقيات.

وستطبق القواعد المقترحة على منتجات وخدمات الذكاء الاصطناعي المقدمة للمستهلكين في الصين، والتي تعرض سمات شخصيات بشرية وأنماط تفكير وأساليب تواصل تتم محاكاتها، وتتفاعل ⁠مع المستخدمين عاطفياً من خلال النصوص ‌أو الصور أو الصوت أو الفيديو، أو غيرها من الوسائل.

وتحدد المسودة نهجاً تنظيمياً يلزم مقدمي الخدمات بتحذير المستخدمين من الاستخدام المفرط، وبالتدخل عندما تظهر على المستخدمين ​علامات الإدمان.

وبموجب هذا المقترح، سيتحمل مقدمو الخدمات مسؤوليات ⁠السلامة طوال دورة حياة المنتج، ووضع أنظمة لمراجعة الخوارزميات وأمن البيانات وحماية المعلومات الشخصية.

وتحدد هذه الإجراءات الخطوط الحمراء للمحتوى والسلوك، وتنص على أنه يجب ألا ينشئ مقدمو الخدمات محتوى من شأنه تهديد الأمن القومي، أو نشر الشائعات، أو الترويج ‌للعنف أو الفحشاء.


ما الاختراق القادم في مجال الذكاء الاصطناعي الذي يتوقعه رئيس «أوبن إيه آي»؟

سام ألتمان رئيس شركة «أوبن إيه آي» (رويترز)
سام ألتمان رئيس شركة «أوبن إيه آي» (رويترز)
TT

ما الاختراق القادم في مجال الذكاء الاصطناعي الذي يتوقعه رئيس «أوبن إيه آي»؟

سام ألتمان رئيس شركة «أوبن إيه آي» (رويترز)
سام ألتمان رئيس شركة «أوبن إيه آي» (رويترز)

توقع سام ألتمان، رئيس شركة «أوبن إيه آي»، أن يكون الإنجاز الكبير التالي نحو تحقيق ذكاء اصطناعي فائق القدرة هو اكتساب هذه الأنظمة «ذاكرة لا نهائية، ومثالية».

وقد ركزت التطورات الأخيرة التي حققها مبتكر «تشات جي بي تي»، بالإضافة إلى منافسيه، على تحسين قدرات الذكاء الاصطناعي على الاستدلال، وفقاً لصحيفة «إندبندنت».

لكن في حديثه ضمن بودكاست، قال ألتمان إن التطور الذي يتطلع إليه بشدة هو قدرة الذكاء الاصطناعي على تذكر «كل تفاصيل حياتك»، وأن شركته تعمل على الوصول إلى هذه المرحلة بحلول عام 2026.

شرح ألتمان: «حتى لو كان لديك أفضل مساعد شخصي في العالم... فلن يستطيع تذكر كل كلمة نطقت بها في حياتك».

وأضاف: «لا يمكنه قراءة كل وثيقة كتبتها. ولا يمكنه الاطلاع على جميع أعمالك يومياً، وتذكر كل تفصيل صغير. ولا يمكنه أن يكون جزءاً من حياتك إلى هذا الحد. ولا يوجد إنسان يمتلك ذاكرة مثالية لا متناهية».

وأشار ألتمان إلى أنه «بالتأكيد، سيتمكن الذكاء الاصطناعي من فعل ذلك. نتحدث كثيراً عن هذا الأمر، لكن الذاكرة لا تزال في مراحلها الأولى جداً».

تأتي تصريحاته بعد أسابيع قليلة من إعلانه حالة طوارئ قصوى في شركته عقب إطلاق «غوغل» لأحدث طراز من برنامج «جيميناي».

وصفت «غوغل» برنامج «جيميناي 3» بأنه «عهد جديد من الذكاء» عند إطلاقها تطبيق الذكاء الاصطناعي المُحدّث في نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث حقق النموذج نتائج قياسية في العديد من اختبارات الأداء المعيارية في هذا المجال.

قلّل ألتمان من خطورة التهديد الذي يمثله مشروع «جيميناي 3»، مدعياً ​​أن ردّ شركة «أوبن إيه آي» الحازم على المنافسة الجديدة ليس بالأمر غير المألوف.

وقال: «أعتقد أنه من الجيد توخي الحذر، والتحرك بسرعة عند ظهور أي تهديد تنافسي محتمل».

وتابع: «حدث الشيء نفسه لنا في الماضي، حدث ذلك في وقت سابق من هذا العام مع (ديب سيك)... لم يكن لـ(جيميناي 3) التأثير الذي كنا نخشى أن يحدث، ولكنه حدد بعض نقاط الضعف في منتجاتنا واستراتيجيتنا، ونحن نعمل على معالجتها بسرعة كبيرة».

يبلغ عدد مستخدمي «تشات جي بي تي» حالياً نحو 800 مليون، وفقاً لبيانات «أوبن إيه آي»، وهو ما يمثل نحو 71 في المائة من حصة سوق تطبيقات الذكاء الاصطناعي. ويقارن هذا الرقم بنسبة 87 في المائة في الفترة نفسها من العام الماضي.