كيف يستغل القراصنة الألعاب الشهيرة لاستهداف الأطفال؟ إليك حلول للحماية

مجرمو الإنترنت يستغلون الألعاب الشهيرة مثل ماينكرافت وروبلكس لتوزيع البرمجيات الضارة والتصيد الاحتيالي (كاسبرسكي)
مجرمو الإنترنت يستغلون الألعاب الشهيرة مثل ماينكرافت وروبلكس لتوزيع البرمجيات الضارة والتصيد الاحتيالي (كاسبرسكي)
TT
20

كيف يستغل القراصنة الألعاب الشهيرة لاستهداف الأطفال؟ إليك حلول للحماية

مجرمو الإنترنت يستغلون الألعاب الشهيرة مثل ماينكرافت وروبلكس لتوزيع البرمجيات الضارة والتصيد الاحتيالي (كاسبرسكي)
مجرمو الإنترنت يستغلون الألعاب الشهيرة مثل ماينكرافت وروبلكس لتوزيع البرمجيات الضارة والتصيد الاحتيالي (كاسبرسكي)

في العصر الرقمي الحالي، أصبح الأطفال والشباب أكثر ارتباطاً بالعالم الافتراضي، حيث يقضون ساعات طويلة في الألعاب الإلكترونية واستكشاف الإنترنت. هذا الارتباط الرقمي المستمر يجعلهم عرضة لمجموعة متنوعة من التهديدات الإلكترونية التي قد تكون خفية ولكنها خطيرة. من بين هذه التهديدات، الهجمات التي تستهدف اللاعبين الشباب من خلال استغلال الألعاب الشهيرة مثل ماينكرافت (Minecraft) وروبلكس (Roblox) وأمونغ أس (Among Us).

مع نهاية الصيف وعودة الأطفال إلى المدارس، تزداد احتمالية تعرضهم لهذه الهجمات، حيث يقضون أوقاتاً طويلة على الإنترنت خلال فترة الإجازات.

يهدف هذا المقال إلى تسليط الضوء على التهديدات الإلكترونية التي تستهدف اللاعبين الشباب، ويقدم تحليلاً شاملاً للطرق التي يستخدمها مجرمو الإنترنت لاستغلال هذه الفئة، بالإضافة إلى النصائح والإرشادات لحماية الأطفال أثناء اللعب على الإنترنت.

التهديدات الإلكترونية الموجهة للاعبين الشباب

شهدت الفترة ما بين النصف الثاني من عام 2023 والنصف الأول من عام 2024 تزايداً في الهجمات الإلكترونية التي تستهدف اللاعبين الشباب. وفقاً لتقرير صادر عن شركة «كاسبرسكي» (Kaspersky)، تم اكتشاف أكثر من 6.6 مليون محاولة هجوم تستغل الألعاب الشهيرة بين الأطفال خلال هذه الفترة.

محاولات تنزيل ملفات ضارة أو غير مرغوب فيها تتنكر على شكل ألعاب للأطفال في النصف الثاني من عام 2023 - النصف الأول من عام 2024 (كاسبرسكي)
محاولات تنزيل ملفات ضارة أو غير مرغوب فيها تتنكر على شكل ألعاب للأطفال في النصف الثاني من عام 2023 - النصف الأول من عام 2024 (كاسبرسكي)

1. ألعاب الفيديو كأداة استغلال

تعتمد الهجمات الإلكترونية الموجهة للأطفال غالباً على الألعاب الشهيرة التي يحبونها. من بين الألعاب التي تم استغلالها بشكل كبير:

- ماينكرافت (Minecraft): استُخدمت هذه اللعبة في أكثر من 3 ملايين محاولة هجوم.

- روبلكس (Roblox): سجلت 1.6 مليون محاولة هجوم.

- أمونغ أس (Among Us): جرت محاولات لاستغلال اللعبة في 945000 هجوم.

يستغل مجرمو الإنترنت شعبية هذه الألعاب عبر تقديم برامج ضارة (Malware) أو إعلانات مزعجة (Adware) تحت غطاء ملفات تتعلق باللعبة، مثل التعديلات (Mods) أو الحيل (Cheats)، مما يجعل اللاعبين ينزلون ملفات ضارة دون علمهم.

2. التصيد الاحتيالي

من بين أخطر التهديدات التي تواجه الأطفال أثناء اللعب على الإنترنت هو التصيد الاحتيالي. يقوم مجرمو الإنترنت بإنشاء صفحات وهمية تشبه المواقع الرسمية للألعاب الشهيرة أو تدعي تقديم عناصر حصرية داخل اللعبة، مثل الشخصيات أو الملابس الافتراضية. في كثير من الأحيان، يُطلب من اللاعبين الشباب إدخال بياناتهم الشخصية أو بيانات حساباتهم في هذه الصفحات، مما يؤدي إلى سرقة حساباتهم أو بياناتهم المالية.

3. الهجمات المدعومة بالذكاء الاصطناعي

أصبحت الهجمات أكثر تقدماً مع تطور التكنولوجيا. يستخدم مجرمو الإنترنت أدوات الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence) لإنشاء هجمات مخصصة وأكثر إقناعاً. على سبيل المثال، يستخدمون الذكاء الاصطناعي لإنشاء رسائل تصيد (Phishing Messages) تبدو واقعية للغاية، مما يزيد من فرص إيقاع الأطفال في الفخ. بالإضافة إلى ذلك، يمكنهم إنشاء صفحات تصيد معقدة تبدو متطابقة مع المواقع الرسمية للألعاب الشهيرة.

عملية احتيال تستغل العلامة التجارية لـPokémon GO (كاسبرسكي)
عملية احتيال تستغل العلامة التجارية لـPokémon GO (كاسبرسكي)

4. برمجيات التحميل والإعلانات المزعجة

أكثر التهديدات شيوعاً التي تم اكتشافها خلال الفترة هي برمجيات التحميل، والتي تقوم بتنزيل برمجيات أخرى ضارة على الجهاز بمجرد تنزيلها. كما تم اكتشاف عدد كبير من البرمجيات الإعلانية المزعجة التي تظهر إعلانات غير مرغوب فيها على أجهزة الأطفال.

تحليل محاولات الهجمات

وفقاً لتقرير كاسبرسكي (Kaspersky)، شهد النصف الأول من عام 2024 انخفاضاً طفيفاً في عدد محاولات الهجوم مقارنة بالنصف الثاني من عام 2023، حيث انخفضت محاولات الهجوم من 3.4 مليون إلى 3.16 مليون محاولة. ولكن في المقابل، زاد عدد المستخدمين الذين تم استهدافهم بنسبة 30%، ليصل إلى 132000 مستخدم في النصف الأول من 2024، مقارنة بـ100000 مستخدم في النصف الثاني من 2023. يشير هذا إلى أن الهجمات أصبحت أكثر تحديداً ودقة، مما أدى إلى تأثير أكبر على عدد أكبر من المستخدمين.

أبرز التهديدات والبرمجيات الضارة

من بين التهديدات التي تم اكتشافها خلال الفترة المذكورة:

1. برمجيات التحميل: استخدمت في أكثر من 6 ملايين محاولة هجوم.

2. البرمجيات الإعلانية: ظهرت في 283928 محاولة.

3. التروجانات: تشمل أنواعاً متعددة من البرمجيات الضارة التي تقوم بأنشطة خبيثة مثل سرقة البيانات أو التحكم بالجهاز.

التروجانات الأكثر شيوعاً:

- تروجان-إس إم إس (Trojan-SMS): يرسل رسائل إلى أرقام مميزة دون علم المستخدم.

- تروجان-سباي (Trojan-Spy): يسجل بيانات المستخدم مثل ضغطات المفاتيح والبيانات الشخصية.

- تروجان-بي إس دبليو (Trojan-PSW): يسرق كلمات المرور من الأجهزة المصابة.

يتم استخدام صور المشاهير طُعماً لجذب الأطفال لاتباع مخطط احتيالي (كاسبرسكي)
يتم استخدام صور المشاهير طُعماً لجذب الأطفال لاتباع مخطط احتيالي (كاسبرسكي)

الاحتيالات المتكررة

من بين أكثر الحيل شيوعاً في عالم الألعاب الإلكترونية هي تلك التي تعد اللاعبين بالحصول على عناصر نادرة أو عملات داخل اللعبة. يستخدم مجرمو الإنترنت هذه الحيل لاستدراج اللاعبين إلى صفحات تصيد، حيث يُطلب منهم إدخال بيانات حساباتهم أو حتى بياناتهم المالية. في بعض الحالات، يتم استخدام شخصيات مشهورة مثل Mr. Beast لجذب انتباه الأطفال وإغرائهم بالمشاركة في هذه الاحتيالات.

كيف نحمي الأطفال من هذه التهديدات؟

مع تزايد التهديدات الإلكترونية التي تستهدف الأطفال، من الضروري أن يتخذ الآباء خطوات فعالة لحماية أطفالهم. إليك بعض النصائح التي يمكن أن تساعد في تعزيز الأمان الإلكتروني للأطفال:

1. التواصل المفتوح: من المهم أن يتحدث الآباء مع أطفالهم حول المخاطر التي قد يواجهونها على الإنترنت وأن يشرحوا لهم كيفية تجنبها.

2. استخدام برامج الحماية: يجب تثبيت برامج حماية موثوقة على أجهزة الأطفال، مثل كاسبرسكي سيف كيدز (Kaspersky Safe Kids)، التي توفر مراقبة شاملة لأنشطة الأطفال عبر الإنترنت.

3. تعليم الأطفال أسس الأمن الإلكتروني: تعليم الأطفال كيفية التعامل مع الروابط الغريبة أو العروض المغرية يمكن أن يقلل من احتمالية تعرضهم للتهديدات.

4. إعداد كلمات مرور قوية: مساعدة الأطفال على إعداد كلمات مرور فريدة لكل حساب وتغييرها بانتظام.

5. وضع قواعد صارمة للاستخدام: تحديد الأنشطة المسموح بها على الإنترنت ووضع حدود للوقت المسموح به للعب يمكن أن يساعد في تقليل المخاطر.

في خضم تطور العالم الرقمي، تبقى الحماية الإلكترونية للأطفال أمراً بالغ الأهمية. من خلال فهم التهديدات التي تستهدف اللاعبين الشباب واتخاذ الخطوات المناسبة لحمايتهم، يمكننا توفير بيئة رقمية آمنة لأطفالنا. تعزيز الوعي الإلكتروني والتواصل المفتوح مع الأطفال حول مخاطر الإنترنت هو المفتاح لبناء جيل أكثر أماناً وثقة في التعامل مع العالم الرقمي.


مقالات ذات صلة

«السعودي للرياضات الإلكترونية» يدشن أكبر صالة ألعاب في العالم

رياضة سعودية سيف أرينا فريدة من نوعها نظرًا لتصميمها المتطور والبنية التحتية المتقدمة (الشرق الأوسط)

«السعودي للرياضات الإلكترونية» يدشن أكبر صالة ألعاب في العالم

دشّن الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية الخميس "سيف أرينا"، أكبر منطقة للألعاب والرياضات الإلكترونية على مستوى العالم، في بوليفارد رياض سيتي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
رياضة عالمية لعبة الشطرنج تم اعتمادها ضمن منافسات كأس العالم للرياضات الإلكترونية في السعودية (الشرق الأوسط)

السعودية: كأس العالم للرياضات الإلكترونية تعود بجوائز قياسية وألعاب جديدة

قالت اللجنة المنظمة لبطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية، الخميس إن البطولة ستعود هذا الصيف إلى الرياض بمجموع جوائز قياسي يتجاوز 70 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (الرياض )
تكنولوجيا الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)

ماسك ينسحب من لعبة الفيديو المفضلة لديه بعد تعرضه لـ«التنمر الإلكتروني»

انسحب الملياردير الأميركي إيلون ماسك من بث مباشر للعبة فيديو بغضب بعد خسارته المتكررة تحت وطأة تنمر المعلقين الإلكترونيين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق يُمكن لألعاب الفيديو أن تتحدّى المنطق المكاني والجاذبية (الشرق الأوسط)

معرض قاهري يرصد تأثير ألعاب الكومبيوتر في الفنون البصرية

في أعماله، يبني صبري عوالم هجينة باستخدام عناصر بصرية بقيت في لا وعيه منذ طفولته؛ إذ كان منغمساً إلى حدّ كبير في ألعاب الفيديو أسوةً بأبناء جيله.

نادية عبد الحليم (القاهرة )
رياضة سعودية فيصل بن بندر بن سلطان لحظة حديثه في منتدى الاستثمار الرياضي (وزارة الرياضة)

فيصل بن بندر بن سلطان: السعودية من رواد الرياضات الإلكترونية

أكد الأمير فيصل بن بندر رئيس الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية خلال حديثه في ‫منتدى الاستثمار الرياضي أنه أصبح لديهم العديد من اللاعبين الموهوبين.

سلطان الصبحي (الرياض)

«غوغل كلاود»: السيادة أولاً... الابتكار محلياً... والذكاء الاصطناعي للجميع

توكد «غوغل» أن الذكاء الاصطناعي لم يعد حِكراً على الخبراء بل متاح للجميع عبر أدوات بسيطة ودون كود (غوغل)
توكد «غوغل» أن الذكاء الاصطناعي لم يعد حِكراً على الخبراء بل متاح للجميع عبر أدوات بسيطة ودون كود (غوغل)
TT
20

«غوغل كلاود»: السيادة أولاً... الابتكار محلياً... والذكاء الاصطناعي للجميع

توكد «غوغل» أن الذكاء الاصطناعي لم يعد حِكراً على الخبراء بل متاح للجميع عبر أدوات بسيطة ودون كود (غوغل)
توكد «غوغل» أن الذكاء الاصطناعي لم يعد حِكراً على الخبراء بل متاح للجميع عبر أدوات بسيطة ودون كود (غوغل)

في مؤتمر «غوغل كلاود نكست 25» (Google Cloud Next) الذي يعُقد هذا العام في لاس فيغاس، كانت الرسالة واضحة: «الشرق الأوسط لم يعد مجرد مستهلك للتكنولوجيا، بل أصبح شريكاً محورياً في صناعتها».

ورداً على سؤال من «الشرق الأوسط» حول كيفية تكيّف «غوغل كلاود» مع التحديات السياسية والتقنية المعقدة في منطقة الشرق الأوسط، قال توماس كوريان، الرئيس التنفيذي لـ«غوغل كلاود» إن شركته تعمل كمزود تكنولوجيا عالمي داخل سياق جيوسياسي معقَّد. وأضاف: «استراتيجيتنا تتمثل في التعاون مع الحكومات، والامتثال للوائح الوطنية، وتكييف تقنياتنا محلياً لتخدم العملاء بشكل فعّال ومسؤول».

ثلاث ركائز للذكاء الاصطناعي

أشار كوريان إلى 3 ركائز تعتمد عليها «غوغل كلاود» في المملكة العربية السعودية ومناطق أخرى من الشرق الأوسط، وهي البنية التحتية المطابقة للتشريعات المحلية والذكاء الاصطناعي السيادي؛ حيث تبقى البيانات والملكية الفكرية داخل الدولة. وقال إنه يتم تخصيص المنتجات بما يعكس اللغة والثقافة المحلية. وشرح كوريان أن ما قامت به «غوغل كلاود» في المملكة مع شركائها، مثل «أرامكو» و«كوغنايت» (Cognite) يُجسد «التزام شركته العميق بحلول سحابية متوافقة مع السيادة الوطنية». وشدد على أن «الأمر لا يتعلق فقط بنقل الابتكار، بل ببنائه مع الشركاء المحليين».

توماس كوريان الرئيس التنفيذي لـ«غوغل كلاود» متحدثاً إلى «الشرق الأوسط» (غوغل)
توماس كوريان الرئيس التنفيذي لـ«غوغل كلاود» متحدثاً إلى «الشرق الأوسط» (غوغل)

سيادة كاملة وتحكّم محلي

من أبرز الحلول التقنية التي تلائم احتياجات دول مثل السعودية هو نظام «سحابة غوغل الموزعة» Google Distributed Cloud (GDC)، الذي يتيح تشغيل الذكاء الاصطناعي والحوسبة دون اتصال بالإنترنت أو بخدمات غوغل مباشرة. وذكر كوريان أنه مع نظام «GDC» يمكن للجهات الحكومية أو المؤسسات الحساسة تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي محلياً مع تحكّم كامل في البيانات والبنية التحتية والأمن. واعتبر أن هذا الحل «يمثل استجابة مباشرة لمتطلبات السيادة الرقمية، دون التخلي عن قوة الحوسبة والابتكار العالمي الذي تقدمه (غوغل)».

ردم الفجوة بين التطوير والانتشار

عند سؤاله حول التفاوت بين أماكن تطوير التكنولوجيا وأماكن نشرها، أقرّ كوريان بوجود الفجوة، لكنه أكد على جهود شركته لسدها. وعدّ أن «غوغل كلاود» تستثمر باستمرار في البنية التحتية والشراكات لضمان وصول المناطق مثل الشرق الأوسط إلى أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل فوري، وبما يتماشى مع اللوائح المحلية والسياقات الثقافية.

وأوضح أن لدى «غوغل كلاود» الآن أكثر من 42 منطقة سحابية نشطة، تتضمن السعودية وقطر والعديد غيرها قيد التطوير، كالكويت؛ ما يؤكد التوسع العالمي المستمر. وقال: «الأهم من ذلك هو التوطين الحقيقي، لا مجرد الحضور».

يؤكد توماس كوريان التزام «غوغل» بالتعاون مع الحكومات وامتثالها للتشريعات الوطنية في المنطقة (غوغل)
يؤكد توماس كوريان التزام «غوغل» بالتعاون مع الحكومات وامتثالها للتشريعات الوطنية في المنطقة (غوغل)

الأمن والمرونة والذكاء الاصطناعي

ركّز تارا برادي، رئيس «غوغل كلاود» لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، على 3 أولويات يطلبها العملاء في هذه المنطقة، وهي الأمن السيبراني والمرونة التكنولوجية والتجارية وميزة تنافسية عبر الذكاء الاصطناعي. وقال برادي إن «الأحداث العالمية الأخيرة جعلت العديد من المؤسسات تتحرّك بوتيرة أسرع نحو تبني الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، وهذا ما نشهده بوضوح في أوروبا والشرق الأوسط».

الذكاء الاصطناعي وكفاءة الطاقة

ورداً على سؤال حول التأثير البيئي لتوسّع الذكاء الاصطناعي، شارك كوريان مجموعة من الحقائق اللافتة. ذكر أنه تم خفض تكلفة تشغيل النماذج (inference) بأكثر من 20 ضعفاً منذ يناير (كانون الثاني) 2023 وأن الرقائق الجديدة «Trillium v7» المبرّدة بالماء تقلّل استهلاك الطاقة بنسبة 35 - 40 في المائة. ونوه بأن «غوغل» تمتلك الآن أكبر عدد من أنظمة الذكاء الاصطناعي المبرّدة بالماء عالمياً، وأن بعض مراكز البيانات تعمل الآن بنسبة تفوق 95 في المائة بالطاقة المتجددة. ولفت إلى أن «غوغل» تريد «أن يرى الناس الذكاء الاصطناعي كتقنية تساعد في تعزيز كفاءة الطاقة، لا استنزافها».

الذكاء الاصطناعي للجميع

أكد كوريان أن الذكاء الاصطناعي «لم يعد حكراً على الخبراء أو المؤسسات الكبرى، بل هو للجميع». وقال: «اليوم، يمكن لمطعم صغير استخدام نفس تقنيات جيميناي (Gemini) التي تستخدمها (غوغل) في بحثها وخدماتها دون كتابة سطر واحد من الكود». هذه الفلسفة تُجسد رؤية «غوغل»: «دمقرطة الذكاء الاصطناعي ليكون في متناول الجميع».

دمج الأنظمة وفتح البروتوكولات

من بين الابتكارات التي تم الكشف عنها أيضاً منصة «أيجنت سبايس» (AgentSpace) التي تمكّن الشركات من دمج الذكاء الاصطناعي عبر أنظمتها المختلفة، مثل «أوراكل» و«مايكروسوفت» و«سايليزفورس». وأردف كوريان أن «هذا ليس بروتوكول (غوغل)، بل بروتوكول مفتوح صممناه وشاركناه مع المجتمع التقني لدعم بيئة متعددة الوكلاء (multi - agent ecosystem). وقد تم بالفعل تطوير أكثر من 100 موصل، وهناك 300 أخرى قيد التنفيذ، مما يسهِّل عملية الدمج دون الحاجة لإعادة بناء الأنظمة.

وأردف توماس كوريان: «بإمكانك دمج الذكاء الاصطناعي في أعمالك دون أن تعيد بناء كل شيء من الصفر». وذكر أن هذا هو المعنى الحقيقي للجاهزية المؤسسية.

تعزز «غوغل» الذكاء الاصطناعي المتعدد الاستخدامات من خلال وحدات «Ironwood TPU» المصممة للاستدلال الفوري (غوغل)
تعزز «غوغل» الذكاء الاصطناعي المتعدد الاستخدامات من خلال وحدات «Ironwood TPU» المصممة للاستدلال الفوري (غوغل)

بنية تحتية ذكية لعصر الذكاء الاصطناعي

في مؤتمر «Google Cloud Next 2025» بلاس فيغاس، عرضت الشركة رؤية جريئة وشاملة للجيل المقبل من الذكاء الاصطناعي المؤسسي رؤية لا تعتمد فقط على قوة النماذج، بل على بنية تحتية متكاملة من حيث الأداء، التوافق، والانفتاح. من وحدات TPUs المصمَّمة خصيصاً للتعامل مع عمليات الاستدلال، إلى الشبكات المحسنة للذكاء الاصطناعي، والتوسُّع في السحابة الموزعة، وصولاً إلى أنظمة الوكلاء الذكية، برهنت «غوغل كلاود» على أنها لم تعد تُخطط للمستقبل فحسب بل تبنيه بالفعل.

في خطوة كبيرة نحو الجاهزية الإنتاجية، كشفت الشركة عن «إيرون وود» (Ironwood) وهو الجيل السابع من وحدات «TPU المصممة خصيصاً لتسريع عمليات الاستدلال (Inference)، وهي العمليات التي تُشغِّل التطبيقات الذكية التفاعلية في الوقت الفعلي. ويقول أمين فهدات، نائب رئيس قسم الذكاء الاصطناعي والأنظمة إنه «مع (Ironwood)، نعيد تصميم العتاد بالكامل ليتوافق مع متطلبات الاستدلال واسع النطاق، مما يتيح للعملاء تقديم تجارب ذكاء اصطناعي أكثر ذكاءً وسرعة. تمثل أيرون وود (Ironwood) حجر الأساس في البنية التحتية الحديثة للذكاء الاصطناعي، حيث إنها مُصمَّمة ليس فقط للتدريب، بل لتشغيل النماذج بفعالية في بيئات الإنتاج».

منصة ذكاء اصطناعي أكثر ذكاءً

تشكل «إيرون وود» (Ironwood) جزءاً من منصة «AI Hypercomputer» المتكاملة من «غوغل كلاود»، التي تضم المعالجات والتخزين والشبكات والبرمجيات في نظام واحد لتدريب وتشغيل النماذج المتقدمة بكفاءة عالية. وقال مارك لوهمير، نائب رئيس قسم البنية التحتية إن «غوغل كلاود» قامت بتحسين البنية بأكملها؛ من سرعة التخزين إلى زمن استجابة الشبكة لتوفر بيئة سلسة للذكاء الاصطناعي الحديث، وتشمل التحسينات تخزيناً محسّناً للذكاء الاصطناعي لتسريع تحميل البيانات وإدارة فعالة للمجموعات السحابية لدعم البيئات متعددة المستخدمين وشبكات منخفضة الكمون تُسرّع عمليات التدريب والاستدلال.

تستمر «غوغل» في التوسع الجغرافي عبر أكثر من 42 منطقة سحابية نشطة تشمل السعودية وقطر ومناطق قيد التطوير كالكويت (غوغل)
تستمر «غوغل» في التوسع الجغرافي عبر أكثر من 42 منطقة سحابية نشطة تشمل السعودية وقطر ومناطق قيد التطوير كالكويت (غوغل)

شبكات ذكية لعصر الذكاء الاصطناعي

وخلال المؤتمر، أعلنت «غوغل» عن تحديثات كبيرة لشبكة «Cloud WAN» والبنية التحتية العالمية، مما يوفر شبكة سحابية محسّنة للذكاء الاصطناعي بأدنى زمن استجابة وأعلى موثوقية.

تشمل التحسينات توجيهاً ذكياً لحركة البيانات حسب احتياجات النماذج ومؤشرات أداء لحظية لإدارة الشبكة. كما كشفت عن نهج يركّز على التطبيقات في تصميم السحابة، مع تحسينات في تحليل البيانات وبناء التطبيقات الذكية. أبرز التحديثات شملت أدوات جديدة في «BigQuery» و«Looker» لتوليد تحليلات فورية وواجهات برمجة «APIs» و«SDKs» مُحدَّثة لبناء تطبيقات مدمجة بالذكاء الاصطناعي.

أمن مدمج مع الذكاء الاصطناعي

لم تغفل «غوغل كلاود» جانب الأمن؛ حيث أعلنت عن تحديثات لمنصتها الموحدة للأمن، التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لتوفير تحكّم سياقي في الوصول والكشف عن التهديدات عبر السحابة والمواقع المحلية. فبينما تنتقل المؤسسات من مرحلة الاختبار إلى النشر واسع النطاق، تقدم «غوغل كلاود» البنية التحتية والمرونة والنظام البيئي لتحويل الأفكار إلى واقع ملموس. تقول «غوغل كلاود» إنها تبني بنية الذكاء الاصطناعي التحتية لتجعل منه واقعاً حقيقياً ومسؤولاً وعالمياً.

كمبيز أغييلي نائب الرئيس لقسم السحابة متعددة المزودين في «أوراكل» متحدثا إلى «الشرق الأوسط» (الشرق الأوسط)
كمبيز أغييلي نائب الرئيس لقسم السحابة متعددة المزودين في «أوراكل» متحدثا إلى «الشرق الأوسط» (الشرق الأوسط)

جولة في جناح الشركاء

ضمن جولتنا في «جناح شركاء غوغل كلاود»، خلال المؤتمر، التقت «الشرق الأوسط» بقيادات تقنية من شركاء استراتيجيين للشركة، من بينهم «أوراكل» و«فولكسفاغن» و«سيرفس ناو» (ServiceNow) لاكتشاف كيف يتم الاستفادة من أحدث ابتكارات «غوغل كلاود» لدفع عجلة التحول الرقمي وتقديم قيمة ملموسة لعملائهم.

تقدّم «أوراكل» في المؤتمر نقلة نوعية في استراتيجيتها السحابية متعددة المزودين؛ حيث أبرزت شراكتها المتوسعة مع «غوغل كلاود» لتقديم قاعدة بيانات «أوراكل» بشكل أصلي داخل مراكز بيانات «غوغل كلاود». وأوضح كمبيز أغييلي، نائب الرئيس لقسم السحابة متعددة المزودين في «أوراكل» في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن هذا التعاون يتيح للمؤسسات استخدام تقنيات شركته بنفس مستوى الأداء وضمانات الخدمة والامتثال التي اعتادت عليها، ولكن مع الاستفادة من بنية «غوغل كلاود» التحتية ونظامها البيئي في الذكاء الاصطناعي.

تستخدم فولكسفاغن "Vertex AI " و "جيمناي برو" لتحويل دليل المستخدم إلى مساعد ذكي داخل تطبيق الهاتف في السيارة ( الشرق الأوسط)
تستخدم فولكسفاغن "Vertex AI " و "جيمناي برو" لتحويل دليل المستخدم إلى مساعد ذكي داخل تطبيق الهاتف في السيارة ( الشرق الأوسط)

تحسين تجربة القيادة باستخدام «Vertex AI» و«جيمناي»

استعرضت «فولكسفاغن» كيف تستخدم «Vertex AI» و«Gemini Pro» لإعادة تصوُّر تجربة القيادة. وشارك بن سينورا، نائب رئيس تكنولوجيا المعلومات للمبيعات والتسويق في «فولكسفاغن - أميركا»، كيف تم تحويل دليل المستخدم الخاص بالسيارة إلى مساعد ذكي داخل تطبيق الهاتف باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الناس لا يقرأون دليل المستخدم، لذلك قمنا بدمجه في التطبيق بطريقة مدعومة بالذكاء الاصطناعي المربوط بمصادر البيانات الأصلية لضمان الدقة والملاءمة».

هذه الميزة أصبحت فعلياً في الخدمة على طرازات محددة مثل «فولكسفاغن أطلس»، وسيتم تعميمها قريباً على جميع الطرازات في أميركا الشمالية. تم تنفيذ المشروع خلال 8 أسابيع فقط، وهو مثال عملي على كيفية تحسين تجربة العملاء عبر الذكاء الاصطناعي متعدد الوسائط. وأكد سيمور أن الأمان والخصوصية شكَّلا ركيزة أساسية، مع تطبيق معايير حوكمة البيانات من البداية. وأضاف: «هذا ليس مشروعاً تجريبياً - بل منتج فعلي يغير نظرتنا لكيفية تقديم القيمة بعد البيع».

بن سينورا نائب رئيس تكنولوجيا المعلومات للمبيعات والتسويق في «فولكسفاغن - أميركا» متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (الشرق الأوسط)
بن سينورا نائب رئيس تكنولوجيا المعلومات للمبيعات والتسويق في «فولكسفاغن - أميركا» متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (الشرق الأوسط)

منصة قيادة مركزية لوكلاء الذكاء الاصطناعي

سلّطت «ServiceNow» الضوء على دورها كمركز قيادة ذكي للذكاء الاصطناعي في المؤسسات، من خلال استعراض كيف تقوم منصتها بتمكين وكلاء الذكاء الاصطناعي عبر الأنظمة المختلفة، بالشراكة مع «غوغل كلاود». وأظهرت الشركة كيف تتكامل أدواتها مع «AgentSpace» وتدعم بروتوكول «Agent2Agent» الجديد، مما يسمح بتعاون الوكلاء من منصات مختلفة لحل المهام المعقدة عبر واجهة موحدة مبنية على الحوار الطبيعي. في تجربة مباشرة، تعاون وكلاء «ServiceNow» مع أدوات مراقبة «غوغل كلاود» و«BigQuer» لحل مشكلة حرجة، والوصول إلى بيانات الحوادث، واقتراح حلول، وحتى تنفيذ تغييرات على النظام كل ذلك من خلال واجهة واحدة. أبرز الابتكارات شملت دعم الوكلاء الخاضعين أو غير الخاضعين للإشراف؛ حيث يمكن تخصيص درجة التدخل البشري حسب الحاجة.