تعرض مجموعة «أبل»، اليوم (الاثنين)، مجموعتها الجديدة من أجهزة «آيفون»، وتدمج فيها للمرة الأولى نظامها الجديد القائم على الذكاء الاصطناعي التوليدي، بعدما كانت متأخرة في اللحاق بركب هذه التكنولوجيا التي أصبحت نجمة سيليكون فالي.
تعوّل المجموعة العملاقة التي تتخذ مقرا في كاليفورنيا، بقوة على هذه الأجهزة الجديدة، في حين أن منافستَيها، الأميركية «غوغل»، وخصوصا الكورية الجنوبية «سامسونغ» الرائدة عالميا في مجال الهواتف الذكية، أطلقتا بالفعل هواتف جوالة مزودة تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي، حسب «وكالة الصحافة الفرنسية».
وتحتاج «أبل» إلى تزويد منتجاتها بمزايا جديدة لدعم مبيعات هواتفها في ظل تراجع نسبي في الزخم. ففي الفترة من أبريل (نيسان) إلى يونيو (حزيران)، انخفضت مبيعات آيفون بنسبة 1 في المائة على أساس سنوي إلى 39 مليار دولار.
وأكد المحلل في شركة «إي ماركتر» Emarketer غاديو سيفيلا أن «أجهزة آيفون الجديدة هذه مهمة للغاية، إذ إن هذه الفئة من المنتجات هي الأكثر ربحية لشركة (أبل) والعنصر الأساسي في عالمها الآخذ في التوسع من الخدمات والاشتراكات، ثاني أكثر أنشطة الشركة ربحية».
في بداية يونيو، بعد عام ونصف عام من إطلاق شركة «أوبن إيه آي» الناشئة لموجة الذكاء الاصطناعي التوليدي من خلال برنامج «تشات جي بي تي»، كشفت «أبل» عن نظام «أبل إنتلجنس» Apple Intelligence الذي يتيح دمج التكنولوجيا الجديدة في أجهزتها.
وبحسب الشركة، سيكون الذكاء الاصطناعي الخاص بها قادرا على اقتراح ردود على رسائل البريد الإلكتروني وإنشاء الصور. وسيتمكن المستخدمون أيضا من طرح أسئلة أكثر تعقيدا على المساعد الصوتي «سيري»، على سبيل المثال للعثور على صورة في ألبوماتهم من خلال وصفها شفهيا.
«النهضة»
وتقدم «غوغل» و«ميتا» («فيسبوك» و«إنستغرام») و«مايكروسوفت» (المستثمر الرئيسي في «أوبن إيه آي»)، منذ أشهر، أدوات تتيح إنتاج محتوى عالي الجودة بناءً على استعلامات بسيطة باللغة اليومية.
سيتمكن مستخدمو «أبل» من الإفادة من ميزات جديدة هذا الخريف، ولكن سيتعين عليهم الانتظار حتى عام 2025 لاستخدام ميزات أخرى. وسيتطلب بعضها بلا شك اشتراكا مدفوعا.
وأشار غاديو سيفيلا إلى أن «أبل» ستوضح بالتأكيد أن أحدث الأجهزة فقط هي التي ستكون قادرة على الاستفادة الكاملة من ميزات («أبل إنتلجنس»).
وأضاف: «لهذه الاستراتيجية هدف مزدوج: نشر النظام الجديد بشكل أبطأ... فيما يسهّل إدارته على نطاق واسع، كما أن الوصول إلى الذكاء الاصطناعي الجديد سيشجع على شراء أحدث النماذج».
بالنسبة للمحلل في شركة «ويدبوش سيكيوريتيز» دان آيفز، فإن رغبة محبي شركة «أبل» «في الحصول على هاتف (آيفون 16) ستدفع باتجاه نهضة منتظرة بشدة في كوبرتينو (مقر المجموعة) خلال العام المقبل».
ويراهن المحلل أيضا على التعافي في الصين، وهي سوق استراتيجية لشركة «أبل». فقد انخفضت إيرادات المجموعة في هذا البلد بنسبة 6.5 في المائة خلال الربع الذي شهدته الشركة خلال الربيع الفائت.
ومن المتوقع أن تنمو مبيعات الهواتف الذكية المدعومة بالذكاء الاصطناعي المصنوعة من كل الشركات مجتمعة، بنسبة 344 في المائة هذا العام في جميع أنحاء العالم بحسب شركة «آي دي سي»، لتمثل ما نسبته 18 في المائة من إجمالي السوق بحلول نهاية عام 2024.
«حياة جديدة»
مع ذلك، يعرب بعض المراقبين عن شكوكهم حول قدرة «أبل» على الاستفادة من الذكاء الاصطناعي التوليدي.
ويقول المحلل في شركة «فوريستر» ديبانجان تشاترجي إنه في حال «لاحظ عملاء أبل بعض الاختلافات الطفيفة» بين الطراز الجديد والطرازات السابقة، «فلن يكونوا في عجلة من أمرهم» لشراء النوع الجديد.
وفي وقت تروج الشركات المنافسة لخدمات المساعدة المزودة تقنيات الذكاء الاصطناعي، سيتركز الاهتمام خلال مؤتمر الاثنين، الذي يحمل عنوان «حان وقت التألق»، على تحديث سيري.
ويأمل ديبانجان تشاترجي أن تبث «أبل حياة جديدة في مساعدها الصوتي الذي أظهرت ثغرات في الاستخدام حتى الآن».
ويُفترض أن تصبح خدمات المساعدة المرتكزة على الذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل جيميناي من «غوغل»، أو ميتا إيه آي، أو كوبايلوت من «مايكروسوفت»، تدريجيا ما يشبه المساعد الشخصي للمستخدمين، مع توافر مستمر وسعة اطلاع كبيرة تبعا لقدرة النفاذ إلى الملفات الخاصة بالمستخدمين كالرسائل والجداول الزمنية والصور.
ويعتقد الخبراء أن شركة «أبل» ستؤكد على أمن البيانات وسريتها في «أبل إنتلجنس»، خصوصا أن النظام الجديد يعتمد جزئيا على شراكة مع شركة خارجية هي «أوبن إيه آي».
ومع ذلك، لن تكون هواتف آيفون بنسختها المقبلة ونظام الذكاء الاصطناعي الجديد متاحة للجميع.
ففي الاتحاد الأوروبي، أرجأت المجموعة إطلاق خدمات «أبل إنتلجنس» إلى أجل غير مسمى، بسبب «شكوك تنظيمية» مرتبطة بالقوانين الجديدة للأسواق الرقمية.
كما أن أسعار الهواتف الجديدة ستكون باهظة.
فقد أطلقت «أبل» العام الماضي هواتف «آيفون 15»، النموذج الأساسي للمجموعة، بالسعر نفسه لـ«آيفون 14» (يبدأ من 800 دولار)، في حين أن أغلى طراز احترافي، «آيفون 15 برو ماكس» (iPhone 15 Pro Max)، يكلف ما لا يقل عن 1200 دولار.