«فوكال» منصة سعودية لمكافحة الجرائم المالية عبر الذكاء الاصطناعي

تسعى «مُزن» إلى المساهمة في مستقبل رقمي أكثر أماناً واتصالاً وشمولاً لغوياً مع التزام بالابتكار والتمكين الإقليمي (شاترستوك)
تسعى «مُزن» إلى المساهمة في مستقبل رقمي أكثر أماناً واتصالاً وشمولاً لغوياً مع التزام بالابتكار والتمكين الإقليمي (شاترستوك)
TT

«فوكال» منصة سعودية لمكافحة الجرائم المالية عبر الذكاء الاصطناعي

تسعى «مُزن» إلى المساهمة في مستقبل رقمي أكثر أماناً واتصالاً وشمولاً لغوياً مع التزام بالابتكار والتمكين الإقليمي (شاترستوك)
تسعى «مُزن» إلى المساهمة في مستقبل رقمي أكثر أماناً واتصالاً وشمولاً لغوياً مع التزام بالابتكار والتمكين الإقليمي (شاترستوك)

تشهد التكنولوجيا المتعلقة بالذكاء الاصطناعي اللغوي تطورات بارزة من خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي المصممة خصيصاً لتناسب التعقيدات اللغوية، ومنها العربية. وفي قلب هذا المشهد تبرز شركة «مُزن» السعودية المعتمِدة على الذكاء الاصطناعي لمكافحة الجرائم الإلكترونية المالية، مقدمة منصتين بارزتين هما «فوكال» و«أُسس».

مكافحة الجرائم المالية

تعدّ «فوكال» منصةً مخصصةً لمكافحة الجرائم الإلكترونية المالية عبر الذكاء الاصطناعي. تتضمن المنصة حلولاً مبتكرة مدعّمة بأحدث وأقوى تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ لحماية المؤسسات وعملائها من العمليات المشبوهة والمخاطر المالية. وأوضح مالك اليوسف، رئيس العمليات وشريك مؤسس لـ«مُزن» في حديث لـ«الشرق الأوسط» من الرياض، أن ما يميز «فوكال» هو قدرتها على مساعدة المؤسسات المالية من خلال تزويدها بالبرمجيات التي تُمكّنها من اتخاذ القرارات عبر نقاط الاتصال كافة مع العملاء. ويتعمق محرك الذكاء الاصطناعي الخاص بالمنصة في أنماط وسلوكيات المحتالين، وبالتالي تعزيز نظام بيئي أكثر أماناً.

تكاليف الاحتيال الباهظة

تبلغ التكلفة المالية العالمية للجرائم الإلكترونية نحو 6 تريليونات دولار سنوياً، وفقاً لتقديرات شركة «سايبر سيكيوريتي فنتشرز (Cybersecurity Ventures)» لعام 2023.

تُشكّل هذه التكلفة عبئاً كبيراً على اقتصادات الدول، حيث تُؤثّر في كل من الشركات والأفراد والحكومات من خلال سرقة البيانات المالية، واختراق أنظمة المعلومات، والابتزاز الإلكتروني. وتكلف مكافحة ذلك بحسب بعض الدراسات نحو 200 مليار دولار. هنا تبرز أهمية منصة «فوكال» بحسب مالك اليوسف بوصفها «أداة لا غنى عنها في مكافحة الجرائم المالية». ويعدّ اليوسف أن «مُزن» أثبتت بالفعل نجاحاً كبيراً من خلال «فوكال»، وتمكّنت من تأمين أكثر من 10 ملايين عملية مالية بشكل آني وحماية الوصول إلى البنية التحتية للمؤسسات المالية.

تحرص «مُزن» على أن تواكب تطورات الذكاء الاصطناعي عبر ابتكار منتجات وحلول تعزز التطور الرقمي، وتلبي الاحتياجات الفريدة للمؤسسات، وتمكِّنها من التقليل من المخاطر. ولذلك تقدم منصة أخرى تدعى «أُسس» وهي عبارة عن نموذج اللغة العربية الكبيرة المتخصص (LLM)، تم تصميمه من خلال التحدي المتمثل في معالجة البيانات العربية لاتخاذ القرار. يصف مالك اليوسف نموذج «أُسس» بأنه نموذج اللغة العربية الأكثر دقة في السوق، وهو مصمم لدعم المؤسسات المالية والحكومات في الاستفادة من البيانات العربية بشكل فعال.

ويقول اليوسف إنه مع إمكانات تتراوح بين البحث المؤسسي وتطبيقات الدردشة، يجسّد «أُسس» حلاً مخصصاً يشبه «تشات جي بي تي (Chat GPT)»، ولكنه تم تطويره خصيصاً للغة العربية، مما يعالج فجوةً كبيرةً في مشهد الذكاء الاصطناعي.

حقائق

320 مليار دولار

من المكتسبات العالمية الناتجة عن الذكاء الاصطناعي ستستفيد منها منطقة الشرق الأوسط وستحظى السعودية بالنسبة الأكبر من الأرباح، وفق توقعات «بي دبليو سي» لعام 2030

يشدد اليوسف، خلال حديثه مع «الشرق الأوسط»، على المكانة الفريدة لتكنولوجيا «مُزن» ويَعد بأنها «تجمع بين أبحاث الذكاء الاصطناعي العميقة، والخبرة في المجال لتطوير الحلول من الألف إلى الياء». يسمح هذا النهج المخصص لـ«مُزن» بحسب وصفه بالتركيز على حالات استخدام محددة، وتقديم حلول متميزة لعملائها من المؤسسات. ويشير اليوسف إلى أنه «من خلال وصولنا الخاص إلى مجموعات البيانات، وخبرتنا في بناء نماذج الذكاء الاصطناعي، فإننا قادرون على تقديم أفضل الحلول لعملائنا من المؤسسات».

حقائق

135.2 مليار دولار

هي مساهمة الذكاء الاصطناعي في اقتصاد الشرق الأوسط، وفق توقعات «بي دبليو سي» لعام 2030

تُظهر العديد من الدول الخليجية، وفي مقدمتها السعودية، فهماً عميقاً والتزاماً بدمج الذكاء الاصطناعي في رؤيتها المستقبلية. ومن خلال المبادرات الاستراتيجية مثل «رؤية السعودية 2030»، «والاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي»، تضع المنطقة الأساس لمستقبل غني بالابتكارات القائمة على الذكاء الاصطناعي. ومن خلال خطوات عدة حققتها «مُزن» في مجال الذكاء الاصطناعي العربي، فإنها تمهّد الطريق لمستقبل رقمي أكثر أماناً واتصالاً وشمولاً لغوياً، مع التزام بالابتكار والتمكين الإقليمي.


مقالات ذات صلة

علوم برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

تقنيات «لمنع الحرب العالمية الثالثة»

باتريك تاكر (واشنطن)
تكنولوجيا «غوغل» تطلق النسخة الأولية من آندرويد 16 للمطورين مع ميزات جديدة لتعزيز الخصوصية ومشاركة البيانات الصحية (غوغل)

«غوغل» تطلق النسخة الأولية من آندرويد 16 للمطورين مع ميزات جديدة

أطلقت «غوغل» النسخة التجريبية الأولية من آندرويد 16 للمطورين، وهي خطوة تمهد الطريق للتحديثات الكبيرة المقبلة في هذا النظام.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
الاقتصاد مهندس يعمل في إحدى المنشآت التابعة لـ«معادن» (الشركة) play-circle 02:41

رئيس «معادن»: حفر 820 ألف متر من آبار الاستكشاف بالسعودية خلال عامين

تتعاون شركة التعدين العربية السعودية (معادن) مع رواد العالم وتستفيد من أحدث التقنيات لتقديم أكبر برنامج تنقيب في منطقة واحدة على مستوى العالم.

آيات نور (الرياض)
الاقتصاد عرض تقديمي في إحدى الفعاليات التقنية التي أقيمت بالعاصمة السعودية الرياض (واس)

رئيس «سكاي»: الذكاء الاصطناعي يعزز مستقبل الاقتصاد السعودي

تتصدر الشركة السعودية للذكاء الاصطناعي (سكاي) مسيرة بناء منظومة تقنية عالمية المستوى ما يمهد الطريق لتحقيق نمو اقتصادي مدفوع بالذكاء الاصطناعي

آيات نور (الرياض)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
TT

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين، وإبرام عقود مع الجهات المعنية بتوفير هذه الخدمات لتحقيق المداخيل من محتواها.

واقترحت دار النشر «هاربر كولينز» الأميركية الكبرى أخيراً على بعض مؤلفيها، عقداً مع إحدى شركات الذكاء الاصطناعي تبقى هويتها طي الكتمان، يتيح لهذه الشركة استخدام أعمالهم المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وفي رسالة اطلعت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية»، عرضت شركة الذكاء الاصطناعي 2500 دولار لكل كتاب تختاره لتدريب نموذجها اللغوي «إل إل إم» لمدة 3 سنوات.

آراء متفاوتة

ولكي تكون برامج الذكاء الاصطناعي قادرة على إنتاج مختلف أنواع المحتوى بناء على طلب بسيط بلغة يومية، تنبغي تغذيتها بكمية مزدادة من البيانات.

وبعد التواصل مع دار النشر أكدت الأخيرة الموافقة على العملية. وأشارت إلى أنّ «(هاربر كولينز) أبرمت عقداً مع إحدى شركات التكنولوجيا المتخصصة بالذكاء الاصطناعي للسماح بالاستخدام المحدود لكتب معينة (...) بهدف تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وتحسين أدائها».

وتوضّح دار النشر أيضاً أنّ العقد «ينظّم بشكل واضح ما تنتجه النماذج مع احترامها حقوق النشر».

ولاقى هذا العرض آراء متفاوتة في قطاع النشر، إذ رفضه كتّاب مثل الأميركي دانييل كيبلسميث الذي قال في منشور عبر منصة «بلوسكاي» للتواصل الاجتماعي: «من المحتمل أن أقبل بذلك مقابل مليار دولار، مبلغ يتيح لي التوقف عن العمل، لأن هذا هو الهدف النهائي من هذه التكنولوجيا».

هامش تفاوض محدود

ومع أنّ «هاربر كولينز» هي إحدى كبرى دور النشر التي أبرمت عقوداً من هذا النوع، فإنّها ليست الأولى. فدار «ويلي» الأميركية الناشرة للكتب العلمية أتاحت لشركة تكنولوجية كبيرة «محتوى كتب أكاديمية ومهنية منشورة لاستخدام محدد في نماذج التدريب، مقابل 23 مليون دولار»، كما قالت في مارس (آذار) عند عرض نتائجها المالية.

ويسلط هذا النوع من الاتفاقيات الضوء على المشاكل المرتبطة بتطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يتم تدريبه على كميات هائلة من البيانات تُجمع من الإنترنت، وهو ما قد يؤدي إلى انتهاكات لحقوق الطبع والنشر.

وترى جادا بيستيلي، رئيسة قسم الأخلاقيات لدى «هاغينغ فايس»، وهي منصة فرنسية - أميركية متخصصة بالذكاء الاصطناعي، أنّ هذا الإعلان يشكل خطوة إلى الأمام، لأنّ محتوى الكتب يدرّ أموالاً. لكنها تأسف لأنّ هامش التفاوض محدود للمؤلفين.

وتقول: «ما سنراه هو آلية لاتفاقيات ثنائية بين شركات التكنولوجيا ودور النشر أو أصحاب حقوق الطبع والنشر، في حين ينبغي أن تكون المفاوضات أوسع لتشمل أصحاب العلاقة».

ويقول المدير القانوني لاتحاد النشر الفرنسي (SNE) جوليان شوراكي: «نبدأ من مكان بعيد جداً»، مضيفاً: «إنّه تقدم، فبمجرّد وجود اتفاق يعني أن حواراً ما انعقد وثمة رغبة في تحقيق توازن فيما يخص استخدام البيانات مصدراً، التي تخضع للحقوق والتي ستولد مبالغ».

مواد جديدة

وفي ظل هذه المسائل، بدأ الناشرون الصحافيون أيضاً في تنظيم هذا الموضوع. ففي نهاية 2023، أطلقت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية اليومية ملاحقات ضد شركة «أوبن إيه آي» مبتكرة برنامج «تشات جي بي تي» وضد «مايكروسوفت» المستثمر الرئيسي فيها، بتهمة انتهاك حقوق النشر. وقد أبرمت وسائل إعلام أخرى اتفاقيات مع «أوبن إيه آي».

وربما لم يعد أمام شركات التكنولوجيا أي خيار لتحسين منتجاتها سوى باعتماد خيارات تُلزمها بدفع أموال، خصوصاً مع بدء نفاد المواد الجديدة لتشغيل النماذج.

وأشارت الصحافة الأميركية أخيراً إلى أنّ النماذج الجديدة قيد التطوير تبدو كأنها وصلت إلى حدودها القصوى، لا سيما برامج «غوغل» و«أنثروبيك» و«أوبن إيه آي».

ويقول جوليان شوراكي: «يمكن على شبكة الإنترنت، جمع المحتوى القانوني وغير القانوني، وكميات كبيرة من المحتوى المقرصن، مما يشكل مشكلة قانونية. هذا من دون أن ننسى مسألة نوعية البيانات».