«إيرباص» لـ«الشرق الأوسط»: لا يمكن تقليل البصمة الكربونية دون التحول الرقمي

كاثرين جستين: نعمل على تطوير حلول الوقود الهجينة

«إيرباص» لـ«الشرق الأوسط»: الطائرات التجارية الكهربائية بالكامل لا تزال تمثل تحدياً هائلاً (شاترستوك)
«إيرباص» لـ«الشرق الأوسط»: الطائرات التجارية الكهربائية بالكامل لا تزال تمثل تحدياً هائلاً (شاترستوك)
TT

«إيرباص» لـ«الشرق الأوسط»: لا يمكن تقليل البصمة الكربونية دون التحول الرقمي

«إيرباص» لـ«الشرق الأوسط»: الطائرات التجارية الكهربائية بالكامل لا تزال تمثل تحدياً هائلاً (شاترستوك)
«إيرباص» لـ«الشرق الأوسط»: الطائرات التجارية الكهربائية بالكامل لا تزال تمثل تحدياً هائلاً (شاترستوك)

تقف صناعة الطيران أمام تحول هائل يجمع بين الابتكار الرقمي والالتزام القوي بالاستدامة. وتُعدّ «إيرباص» في طليعة الشركات التي تسير في هذه الطريق مستخدمة استراتيجيات مبتكرة لتحسين العمليات، وتقليل البصمة البيئية، والتوافق مع توقعات العملاء المتطورة.

في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» من مدينة لشبونة البرتغالية، تكشف كاثرين جستين، نائب الرئيس التنفيذي لإدارة الشؤون الرقمية والمعلومات في شركة «إيرباص»، عن التزام الشركة بالتحول الرقمي والاستدامة والدور المحوري الذي تلعبه البيانات في تشكيل مستقبل الطيران.

«إيرباص» لـ«الشرق الأوسط»: نقوم بإنشاء بيئة افتراضية تمكن عملاءنا من تصوّر مقصورة الطائرة بالكامل (شاترستوك)

التحول الرقمي في «إيرباص»

بعيداً عن الكلمات الطنانة، تعدّ كاثرين جستين أن التحول الرقمي يبرز كضرورة استراتيجية لشركة «إيرباص»، مؤكدة أنه «لن يكون هناك إزالة للكربون دون التحول الرقمي»، وأن «هذا النهج يعدّ أمراً حيوياً لتطور صناعة الطيران واستدامتها».

وتشمل رحلة «إيرباص» الرقمية جوانب متنوعة، بدءاً من تعزيز التجارب الرقمية على متن الطائرة وحتى تحسين عمليات التصنيع والصيانة. كما تعدّ الأدوات الرقمية وصنع القرار المبني على البيانات جوهر عمليات «إيرباص»؛ مما يؤدي إلى تعزيز الكفاءة وخفض التكاليف، كما تقول كاثرين جستين لـ«الشرق الأوسط». وتضيف بأن «إيرباص» تسعى «إلى تزويد الركاب بتجارب لا مثيل لها على متن الطائرة، وتحويل المقصورات مكاتب افتراضية، كل ذلك مع الحفاظ على التركيز القوي على الاستدامة».

«إيرباص» لـ«الشرق الأوسط»: يجب استخدام المحركات الكهربائية عند سير الطائرة على المدرج وهي في طريقها إلى الإقلاع (شاترستوك)

حلول رقمية مبتكرة

تتجسد خطوات شركة «إيرباص» المبتكرة بشكل ملحوظ من خلال برنامج «التصميم والتصنيع والخدمات الرقمية»، الذي يعيد تصور كيفية تصميم الطائرات وتصميمها وإنتاجها. ومن خلال الاستفادة من عمليات المحاكاة والهندسة الحديثة، يهدف هذا البرنامج إلى تقليل دورة إنشاء طائرات الجيل التالي بشكل كبير، وتسريع معدلات الإنتاج، وخفض تكاليف التشغيل بنسبة طموحة تبلغ نحو 30 في المائة.

الاستدامة في الطيران

لا شك أن الاستدامة لها أهمية قصوى في صناعة الطيران، و«إيرباص» في طليعة الشركات التي تسعى إلى معالجتها. يتجسد ذلك بالتزام الشركة بخفض البصمة الكربونية لمنتجاتها، حيث تتمتع الطائرات الحالية بكفاءة أكبر في استهلاك الوقود بنسبة 25 - 30 في المائة عن سابقاتها. وتضع شركة «إيرباص» نصب عينيها طرح طائرات تعمل بالهيدروجين بحلول عام 2035، وهي خطوة هائلة في تحقيق السفر الجوي المستدام.

وتضيف كاثرين جستين في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، أن «إيرباص» خطت خطوات كبيرة في اعتماد وقود الطيران المستدام؛ بهدف جعل الطائرات متوافقة مع ذلك الوقود الفعال بنسبة 100 في المائة خلال السنوات الخمس إلى الست المقبلة.

 

لا تقتصر خطط «إيرباص» في الاستدامة على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون فحسب، بل تشرح كاثرين جستين لـ«الشرق الأوسط»، أن الشركة تعمل أيضاً على تقليل استهلاك المياه والنفايات وأيضاً على جميع أبعاد التأثير البيئي. وتقول: إن القسم الذي تديره يلعب دوراً بارزاً في ذلك من حيث إعداد التقارير وجمع كل المعلومات للتأكد من وجود القياسات المناسبة للبصمة الكربونية الحالية وموقع الشركة من ذلك التأثير للتوصل إلى خطط العمل المناسبة؛ ما يمثل تحدياً أكبر لصناعة الطائرات. وتضيف بأن «إيرباص» تعمل على تخفيض الانبعاثات الخاصة بها وليس فقط الطائرات التي تنتجها بنحو 63 في المائة في عام 2030.

دور الذكاء الاصطناعي في الاستدامة

لقد كان تسخير قوة البيانات والذكاء الاصطناعي (AI) أمراً محورياً في رحلة الاستدامة لشركة «إيرباص». تدعم البيانات عالية الجودة الذكاء الاصطناعي، مما يضمن أن تكون الرؤى والقرارات المستمدة منها موثوقة ومؤثرة. وقد أنشأت شركة «إيرباص» مستودعاً للبيانات يدعى «سكاي وايز» (Skywise)، والذي يعدّ بمثابة الأساس لمبادراتها في مجال الذكاء الاصطناعي.

ويسمح الذكاء الاصطناعي، إلى جانب البيانات التاريخية ومعلومات الطقس، لشركة «إيرباص» بمحاكاة وتقييم تأثير التدابير المختلفة، بدءاً من اعتماد التكنولوجيا إلى التغييرات التشغيلية. كما يعمل هذا النهج القائم على السيناريوهات على تسريع عملية اتخاذ القرار وتقليل البصمة البيئية من خلال تحسين العمليات بدقة. وعلاوة على ذلك، تعدّ كاثرين جستين، أن شركة «إيرباص» رائدة في استخدام أداة تصميم المقصورة الافتراضية، مما يتيح لشركات الطيران والعملاء تصميم مقصورات الطائرات عن بُعد. يعمل هذا الحل المبتكر على تبسيط عملية التخصيص؛ مما يسمح بالتصميم السلس لترتيبات المقاعد والمطابخ والحمامات ومقصورات الطاقم؛ مما يوفر بديلاً عالي الكفاءة ومستداماً.

 

الطائرات الكهربائية

عند مناقشة مستقبل الطيران، يُطرح دائماً موضوع الطائرات الكهربائية. وتشرح كاثرين جستين لـ«الشرق الأوسط»، أن الطائرات التجارية الكهربائية بالكامل لا تزال تمثل تحدياً هائلاً، وتقول: إن شركة «إيرباص» تركز على تطوير الحلول الهجينة. وتشمل هذه مجموعات من الوقود الكهربائي والهيدروجين والوقود التقليدي لتعزيز الكفاءة مع تقليل الانبعاثات.

 

تعمل شركة «إيرباص» على الدمج بين التحول الرقمي والاستدامة بالتزام وابتكار لا يتزعزعان. وفي ظل سعي دؤوب لتحقيق التميز والاستدامة، تستعد الشركة لإعادة تشكيل صناعة الطيران والدخول في عصر جديد من السفر الجوي.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد طائرة «إيرباص إيه 320 نيو» تابعة لـ«ساس سكاندينافيان إيرلاينز» تهبط في مطار بروكسل في زافينتيم (أ.ف.ب)

«إيرباص» تعيد أساطيلها للعمل بعد تعديل البرمجيات بسرعة غير متوقعة

عادت أساطيل «إيرباص» إلى عملياتها الطبيعية يوم الاثنين بعد أن أجرت الشركة الأوروبية لصناعة الطائرات تغييرات مفاجئة في البرمجيات بوتيرة أسرع من المتوقع.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد ركاب في مطار إلدورادو في بوغوتا حيث أعلنت شركة «أفيانكا» الكولومبية تأثر 70 % من أسطولها (أ.ف.ب)

أزمة «إيرباص» تربك قطاع الطيران عالمياً

أسفر استدعاء شركة «إيرباص» الأوروبية، ستة آلاف طائرة من طراز «إيه 320» الأكثر مبيعاً عن اضطراب في حركة الطيران في مختلف دول العالم.

«الشرق الأوسط» (عواصم)
العالم طائرة «إيرباص» من طراز «A320» (أ.ف.ب)

«إيرباص» تُصدر استدعاء لطائرات «A320» بعد خلل في نظام التحكم

أعلنت شركة «إيرباص» الأوروبية، الجمعة، أنها ستُجري «تغييراً فورياً» في برمجيات «عدد كبير» من طائراتها، في خطوةٍ ستُسبب تعطلاً لنصف أسطولها العالمي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد طائرة ركاب من طراز إيرباص «إيه 320- 214» (رويترز)

«إيرباص» تتوقع تضاعف عدد طائراتها في الشرق الأوسط بحلول عام 2044

توقعت مسؤولة في «إيرباص»، يوم الأحد، أن يتضاعف أسطول طائراتها الإقليمية في الشرق الأوسط ليصل إلى 3700 طائرة بحلول عام 2044.

«الشرق الأوسط» (دبي)

تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
TT

تقرير: مؤسس «أوبن إيه آي» يتطلع إلى تأسيس شركة صواريخ لمنافسة ماسك في الفضاء

سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)
سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي» (أ.ب)

كشف تقرير جديدة عن أن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، يتطلع إلى بناء أو تمويل أو شراء شركة صواريخ لمنافسة الملياردير إيلون ماسك، مؤسس «سبيس إكس»، في سباق الفضاء.

وأفادت صحيفة «وول ستريت جورنال»، الخميس، بأن ألتمان يدرس شراء أو الشراكة مع مزود خدمات إطلاق صواريخ قائم بتمويل.

وأشار التقرير إلى أن هدف ألتمان هو دعم مراكز البيانات الفضائية لتشغيل الجيل القادم من أنظمة الذكاء الاصطناعي.

كما أفادت الصحيفة بأن ألتمان قد تواصل بالفعل مع شركة «ستوك سبيس»، وهي شركة صواريخ واحدة على الأقل، ومقرها واشنطن، خلال الصيف، واكتسبت المحادثات زخماً في الخريف.

ومن بين المقترحات سلسلة استثمارات بمليارات الدولارات من «أوبن إيه آي»، كان من الممكن أن تمنح الشركة في نهاية المطاف حصة مسيطرة في شركة الصواريخ.

وأشار التقرير إلى أن هذه المحادثات هدأت منذ ذلك الحين، وفقاً لمصادر مقربة من «أوبن إيه آي».

ووفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال»، جاء تواصل ألتمان مع شركة الصواريخ في الوقت الذي تواجه فيه شركته تدقيقاً بشأن خططها التوسعية الطموحة.

ودخلت «أوبن إيه آي» بالتزامات جديدة بمليارات الدولارات، على الرغم من عدم توضيحها لكيفية تمويلها عملية التوسعة الكبيرة.

في وقت سابق من هذا الأسبوع، أعلن ألتمان حالة من القلق الشديد على مستوى الشركة بعد أن بدأ برنامج «شات جي بي تي» يتراجع أمام روبوت الدردشة «جيميني» من «غوغل»؛ ما دفع «أوبن إيه آي» إلى تأجيل عمليات الإطلاق الأخرى، وطلب من الموظفين تحويل فرقهم للتركيز على تحسين منتجها الرائد.

يرى ألتمان أن اهتمامه بالصواريخ يتماشى مع فكرة أن طلب الذكاء الاصطناعي على الطاقة سيدفع البنية التحتية للحوسبة إلى خارج الأرض.

لطالما كان من دعاة إنشاء مراكز بيانات فضائية لتسخير الطاقة الشمسية في الفضاء مع تجنب الصعوبات البيئية على الأرض.

تشارك كل من ماسك وجيف بيزوس وسوندار بيتشاي، رئيس «غوغل»، الأفكار نفسها.

تُطوّر شركة «ستوك سبيس»، التي أسسها مهندسون سابقون في «بلو أوريجين»، صاروخاً قابلاً لإعادة الاستخدام بالكامل يُسمى «نوفا»، والذي تُشير التقارير إلى أنه يُطابق ما تسعى «سبيس إكس» إلى تحقيقه.

الملياردير الأميركي إيلون ماسك (أ.ف.ب)

وأشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى أن الشراكة المقترحة كانت ستُتيح لألتمان فرصةً مُختصرةً لدخول قطاع الإطلاق الفضائي.

تُسلّط محادثات ألتمان الضوء على التنافس المستمر بينه وبين ماسك. فقد شارك الاثنان في تأسيس شركة «أوبن إيه آي» عام 2015، ثم اختلفا حول توجه الشركة، ليغادر ماسك بعد ثلاث سنوات.

ومنذ ذلك الحين، أطلق ماسك شركته الخاصة للذكاء الاصطناعي، xAI، بينما وسّع ألتمان طموحات «أوبن إيه آي»، ودعم مؤخراً مشاريع تُنافس مشاريع ماسك مباشرةً، بما في ذلك شركة ناشئة تُعنى بالدماغ والحاسوب.

ألمح ألتمان إلى طموحاته في مجال الفضاء في وقت سابق من هذا العام، وقال: «أعتقد أن الكثير من العالم يُغطى بمراكز البيانات بمرور الوقت. ربما نبني كرة دايسون كبيرة حول النظام الشمسي ونقول: مهلاً، ليس من المنطقي وضع هذه على الأرض».

ثم في يونيو (حزيران)، تساءل: «هل ينبغي لي أن أؤسس شركة صواريخ؟»، قبل أن يضيف: «آمل أن تتمكن البشرية في نهاية المطاف من استهلاك قدر أكبر بكثير من الطاقة مما يمكننا توليده على الأرض».


كيف تطوّر «بلاك هات» في نسخته الرابعة عن النسخ السابقة؟

TT

كيف تطوّر «بلاك هات» في نسخته الرابعة عن النسخ السابقة؟

خالد السليم نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: تركي العقيلي)
خالد السليم نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: تركي العقيلي)

منذ إطلاق نسخته الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، في العاصمة السعودية الرياض، عقب النجاح الذي تحقق في فعالية «آت هاك» العام الذي قبله، شهد أكبر تجمع للأمن السيبراني في المنطقة، لحظات تحوّل لافتة، رصدها الزوّار والمهتمّون، ولاحظتها التغطيات المستمرة لـ«الشرق الأوسط»، وصولاً إلى النسخة الحالية.

يعدّ «بلاك هات» فعالية عالمية متخصصة في الأمن السيبراني، انطلقت في عام 1997، ويعد إحدى أهم المحافل العالمية لقطاع أمن المعلومات وقِبلة للمهتمين فيه، وبدأ كفعالية سنوية تقام في لاس فيغاس في الولايات المتحدة، قبل أن يجد في الرياض مستقرّاً سنويّاً لـ4 نسخ متتالية.

في النسخة الأولى من الفعالية التي ينظّمها «الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز»، الذي أنشأته السعودية لتحقيق أهدافها في تمكين مواطنيها من اكتساب الخبرات في مجال الأمن السيبراني والبرمجة لتحقيق رؤيتها الهادفة إلى تطوير كوادرها المحلية في مجالات التقنية الحديثة، إلى جانب شركة تحالف.

شهدت الفعالية مشاركة أكثر من 200 متحدث عالمي، وحضور أكثر من 250 شركة أمن سيبراني رائدة، منهم عمالقة التقنية العالميون، مثل Cisco وIBM وSpire وInfoblox، بالإضافة إلى أكثر من 40 شركة ناشئة في المجال نفسه، قبل أن تتصاعد هذه الأرقام وغيرها خلال النسخ اللاحقة.

خالد السليم نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (تصوير: تركي العقيلي)

«الشرق الأوسط» التقت خالد السليم، نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال في الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، الذي شرح بشكل مفصل، أنه «بدايةً من (آت هاك) في عام 2021 عندما بدأنا، وكان أول مؤتمر سيبراني يُقام في السعودية، وبعد النجاح الذي حققناه، استطعنا أن نستقطب (بلاك هات) نفسه من لاس فيغاس، الذي كان يقام منذ أكثر من 35 عاماً، وهذا هو العام الرابع لـ(بلاك هات) هنا، وكل عام يشهد زيادة في الحضور وعدد الشركات، وزيادة في ساعات المحاضرات».

ارتفاع عدد الشركات العالمية المشاركة بنسبة 27 في المائة

نائب الرئيس التنفيذي لقطاع الأعمال بيّن تطور «بلاك هات» في كل نسخة عن النسخ السابقة، من ناحية عدد الحضور وعدد الشركات. وأضاف السليم: «اليوم لدينا أكثر من 350 شركة محلية وعالمية من 162 دولة حول العالم، وعدد الشركات العالمية هذا العام زاد قرابة 27 في المائة عن العام الماضي».

ابتكارات جديدة في كل نسخة

السليم وضّح أن «بلاك هات» يبتكر في كل نسخة أشياء جديدة، مثل منطقة الفعاليات التي تضمّ تقريباً 10 فعاليات جديدة، بالإضافة إلى أكثر من 12 مسرحاً مع أكثر من 300 خبير في مجال الأمن السيبراني. وحول نوعية الشركات والجهات المشاركة، دلّل عليها بأن أغلب الشركات العالمية مثل «إف بي آي»، ووزارتي الداخلية والخارجية البريطانيتين، وتابع أن كل هذه الإضافات في كل نسخة «تعتبر متجددة، وكل نسخة تزيد الأرقام أكثر من النسخة التي سبقتها».

الجهات الوطنية «تؤدي عملاً تشاركياً»

وحول مساهمة «بلاك هات» في تحقيق المستهدفات الوطنية، ومنها تحقيق السعودية المرتبة الأولى في مؤشر الأمن السيبراني للتنافسية، نوّه السليم بأن الاتحاد (الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز)، والهيئة الوطنية للأمن السيبراني، والشركات السعودية في مجال الأمن السيبراني، تؤدي عملاً تشاركيّاً.

وأردف: «عندما يكون في (بلاك هات) أكثر من 300 ورشة عمل ومنطقة الفعاليات والتدريبات العملية التي تجري فيها والتدريبات المصاحبة لـ(بلاك هات) والشركات والمنتجات السعودية التي تُطرح اليوم، كلها تُساعد في رفع مستوى الأمان في المملكة، وهذا يُساعد في المؤشرات في مجال الأمن السيبراني».

واختتمت فعاليات «بلاك هات 2025»، الخميس، بجلسات استعرضت الهجمات المتطورة، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي في الاستجابة للحوادث السيبرانية، كما ناقشت أحدث الاتجاهات والتقنيات التي تشكّل مستقبل الأمن السيبراني عالمياً.


بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)
شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)
TT

بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)
شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)

في عامٍ استثنائي اتّسم بتسارع التحوّل الرقمي واتّساع أثر الذكاء الاصطناعي وتحوّل المحتوى الرقمي إلى لغة يومية للمجتمعات، تداخلت ملامح المشهد العربي بين ما رصده بحث «غوغل» من اهتماماتٍ متصدّرة، وما كشفه «يوتيوب» عن لحظاته البارزة ومنتجاته الجديدة في الذكرى العشرين لانطلاقه. جاءت الصورة النهائية لعام 2025 لتُظهر كيف أصبح الإبداع الرقمي، بجميع أشكاله، مرآةً لنبض الشارع وعمق الثقافة وتطلعات الأجيال الجديدة.

منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بدت هذا العام أكثر ارتباطاً بالتكنولوجيا من أي وقت مضى. فقد تصدّرت أدوات الذكاء الاصطناعي قوائم البحث في «غوغل» في عدة دول عربية.

كانت «جيميناي» إلى جانب «تشات جي بي تي » و «ديب سيك» في طليعة الأدوات الأكثر بحثاً، مدفوعةً بفضول جماعي لفهم إمكانات النماذج التوليدية وتطبيقاتها الإبداعية. ولم يقتصر الأمر على التقنيات العامة، بل امتد إلى أدوات متخصصة مثل «نانو بانانا» لتحرير الصور و«فيو» لإنشاء مقاطع فيديو انطلاقاً من النصوص، ما يعكس تحوّل الذكاء الاصطناعي إلى جزء من الحياة اليومية.

يكشف «يوتيوب» عن ابتكارات جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتعزيز صناعة المحتوى وتحسين تجربة المشاهدة والتفاعل (شاترستوك)

الأكثر رواجاً في السعودية

وفي قلب هذا المشهد المتغير، برزت المملكة العربية السعودية بصورة لافتة، إذ كان التحول الرقمي العنوان الأبرز لاهتمامات السعوديين خلال عام 2025. فقد لجأ الأفراد إلى بحث «غوغل» لتسيير شؤونهم اليومية ضمن نمط حياة رقمي آخذ في التوسع، مع ارتفاع عمليات البحث المتعلقة بمنصات مثل قبول، وتسجيل الحرس الوطني، والمركز الوطني للقياس. وإلى جانب الإقبال على الخدمات الرقمية، حافظ الترفيه على مكانته في الأمسيات السعودية، حيث استمر مسلسل «شباب البومب 13» في جذب الأنظار، إلى جانب العمل الجديد «فهد البطل» الذي حقق انتشاراً واسعاً.

وفي السياق ذاته، أظهرت المملكة شغفاً متزايداً بتكنولوجيا المستقبل، مع اهتمام واضح بأدوات الذكاء الاصطناعي مثل «Gemini» و«Hailuo AI»، ما يعكس انفتاح المجتمع السعودي على التقنيات الحديثة وتبنّيها مبكراً.

هذا التفاعل مع التكنولوجيا لم يقتصر على السعودية، بل امتد إلى دول عربية أخرى بطرق متعددة. ففي العراق، تصدرت مباريات المنتخب الوطني واجهة البحث إلى جانب بروز أسماء إعلامية ومحتوى رقمي مؤثر. وفي الأردن وسوريا وفلسطين، ظل التعليم والخدمات العامة والدراما المحلية والرياضة في مقدمة الاهتمامات، لتبقى هذه المجتمعات متفاعلة مع مستجدات الحياة رغم اختلاف السياقات والتحديات. أما المغرب والجزائر، فحافظا على حضور كرة القدم في صدارة المشهد، إلى جانب انتشار الأدوات الذكية والأعمال الدرامية ونجاحات الإنتاجات العالمية.

أدوات الذكاء الاصطناعي مثل «جيميناي» و«شات جي بي تي» تصدّرت عمليات البحث في عدة دول عربية (شاترستوك)

من «غوغل» إلى «يوتيوب»

هذه الديناميكية الرقمية امتدت بقوة إلى «يوتيوب»، الذي اختار عامه العشرين ليقدّم أول «ملخص مشاهدة شخصي» عالمي، يسمح للمستخدمين باستعادة أبرز لحظاتهم عبر المنصة. وقد عكس هذا الإصدار فهماً عميقاً لطبيعة الجمهور العربي، الذي أظهر تفاعلاً كبيراً مع المواسم الثقافية كرمضان وعيد الأضحى، وناقش قضايا الذكاء الاصطناعي، وتابع بشغف نجوم كرة القدم العالميين مثل لامين يامال ورافينيا. كما حققت الأعمال الدرامية والأنمي والألعاب من «لعبة الحبّار» (Squid Game) إلى«Blue Lock» و«Grow a Garden» انتشاراً واسعاً، ما يعكس تنوع أذواق الجمهور واتساع رقعة التأثير الثقافي الرقمي.

وبرز عربياً هذا العام صعود لافت لصنّاع المحتوى، وفي مقدمتهم الفلسطيني أبو راني الذي تصدّر القوائم إقليمياً واحتل المرتبة الثانية عالمياً بعد «Mr. Beast» بمحتوى بسيط وواقعي يوثق تفاصيل الحياة اليومية في غزة.

وعلى مستوى الموسيقى، احتلت أغنية «خطية» لبيسان إسماعيل وفؤاد جنيد المرتبة الأولى، مؤكدة الدور المتصاعد لمنشئي المحتوى في تشكيل الذوق الفني الرقمي.

وإلى جانب رصد الظواهر، كشف «يوتيوب» خلال فعالية «Made on YouTube» عن سلسلة ابتكارات جديدة تستشرف مستقبل صناعة المحتوى. فقد بدأ دمج نموذج «Veo 3 Fast» لتمكين منشئي «شورتس» من تصميم خلفيات ومقاطع عالية الجودة مجاناً، وإضافة الحركة إلى المشاهد بمرونة غير مسبوقة. كما ستتيح ميزة «التعديل باستخدام الذكاء الاصطناعي» تحويل المقاطع الأولية إلى مسودة جاهزة، فيما تضيف ميزة «تحويل الكلام إلى أغنية» بعداً إبداعياً جديداً لمنشئي المحتوى الشباب.

وفي خطوة لتقوية البنية الإبداعية، أعلن «يوتيوب» عن تحسينات واسعة في «استوديو YouTube» تشمل أدوات تعاون بين صناع المحتوى واختبارات «A/B » للعناوين وترقيات تجعل الاستوديو منصة استراتيجية لتطوير المحتوى. كما يجري العمل على توسيع أداة «رصد التشابه» التي تساعد على متابعة الفيديوهات التي ينشئها الذكاء الاصطناعي باستخدام وجوه مشابهة لصناع المحتوى، وهي خطوة مهمة في زمن تتداخل فيه حدود الهوية الرقمية مع الإبداع الاصطناعي.

اهتمامات البحث تنوعت عربياً بين التعليم والرياضة والدراما والأدوات التقنية بحسب سياق كل دولة (أدوبي)

ماذا عن المشاهدات؟

على صعيد المشاهدة، فقد شهد المحتوى المباشر نمواً استثنائياً، إذ إن أكثر من 30 في المائة من مستخدمي «يوتيوب» شاهدوا بثاً مباشراً يومياً في الربع الثاني من عام 2025. لذلك تطلق المنصة أكبر تحديث لأدوات البث الحي لتعزيز تفاعل الجمهور وتوسيع قاعدة المشاهدين وزيادة مصادر الدخل. وفي المجال الموسيقي، تحمل «YouTube Music» ميزات جديدة مثل العد التنازلي للإصدارات وخيارات حفظ المفضلات مسبقاً، فيما تعمل المنصة على أدوات تربط الفنانين بمعجبيهم عبر محتوى حصري وتجارب مخصصة.

كما تتوسع فرص التعاون بين العلامات التجارية وصناع المحتوى، مع ميزات جديدة في «التسوق على يوتيوب» تشمل الروابط المباشرة داخل «شورتس» وإدراج مقاطع العلامات التجارية بسهولة أكبر، مدعومةً بإمكانات الذكاء الاصطناعي لتسهيل الإشارة إلى المنتجات وتوسيع الأسواق المتاحة.

في هذا المشهد المتفاعل بين «غوغل» و«يوتيوب» والجمهور العربي، يتضح أن المنطقة تعيش مرحلة جديدة يتقاطع فيها الذكاء الاصطناعي مع الإبداع الإنساني، ويتحوّل فيها المحتوى الرقمي إلى منصة للتعبير الجماعي وبناء المجتمعات وصياغة الاتجاهات الثقافية. وبين البحث والاستهلاك والإنتاج، يستمر عام 2025 في رسم ملامح عقدٍ مقبل يعد بأن يكون الأكثر ثراءً وتحولاً في تاريخ المحتوى العربي الرقمي.