كشف باحثون من شركة «ديب مايند»، التابعة لـ«غوغل» والمتخصصة في الذكاء الاصطناعي، أمس الثلاثاء، عن أداة تتنبأ بما إذا كان من شأن طفرات جينية أن تسبِّب الأمراض أم لا، في إنجاز مفيد في مجالات كثيرة، أبرزها الأبحاث المرتبطة بالأمراض النادرة.
وقال نائب رئيس قسم الأبحاث في «ديب مايند»، بوشميت كوهلي، خلال مؤتمر صحافي، إن هذا الابتكار «خطوة جديدة لمعرفة التأثيرات التي تحملها تقنية الذكاء الاصطناعي على العلوم الطبيعية»، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».
وتناولت الأداة طفرات تُسمّى «المغلطة»؛ لأنها تمثل تغييراً في حرف واحد فقط من الشيفرة الوراثية، مما يجعلها قادرة على تغيير وظيفة البروتينات، مع العلم بأن كل خلية تنجز وظيفتها بمساعدة البروتينات التي تقدم تعليماتها باستمرار.
ويمتلك الفرد نحو 9 آلاف من هذه الطفرات، معظمها حميدة، وفقاً للشركة، لكنّ بعضها يمكن أن يكون مسبباً لأمراض؛ من بينها التليف الكيسي.
وحتى اليوم، رُصدت 4 ملايين من هذه الطفرات لدى البشر، لكن 2 في المائة منها فقط صُنّفت إما مُسبّبة للأمراض أو حميدة.
وفي المجمل، ثمة 71 مليون طفرة محتملة، راجعتها أداة «ألفا ميسينس» من ابتكار «ديب مايند»، وتمكّنت من التنبؤ بـ89 في المائة منها.
وأعطت الأداة لكل طفرة علامة تتراوح بين 0 و1، للإشارة إلى احتمال أن تكون مسببة للأمراض. وأتت النتيجة بترجيح أن تكون 57 في المائة من الطفرات حميدة، و32 في المائة مسببة للأمراض. أما الطفرات الباقية فطبيعتها غير مؤكَّدة.
وأُتيحت قاعدة البيانات للعامّة ولمختلف العلماء، في حين نُشرت، الثلاثاء، دراسة في مجلة «ساينس» المرموقة لعرض هذه البيانات.
وتفوّقت «ألفا ميسينس» في أدائها على الأدوات الموجودة، وفق ما أكد الخبيران جوزيف مارش وسارة تيشمان، في مقالة نُشرت بمجلة «ساينس» أيضاً.
وأوضح العالِم جن تشينغ، من «ديب مايند»، في المؤتمر الصحافي، أن الأداة «لا تحدد نوع المرض الذي ستتسبب به الطفرات»، مضيفاً «لكننا نعتقد أن توقعاتنا مفيدة لرفع معدل تشخيص الأمراض النادرة، وربما لمساعدتنا في العثور على جينات جديدة مرتبطة بالأمراض».
وأشار الباحثون إلى أن ذلك قد يؤدي بشكل غير مباشر للتوصل إلى علاجات جديدة، لكنهم حذّروا من استخدام الأداة حصراً لإجراء تشخيصات.
ودُرّبت الأداة من خلال قاعدة بيانات للحمض النووي الخاص بكل من البشر والرئيسيات، مما أتاح لها معرفة أي طفرات جينية سائدة.
وقال تشينغ: «إن الأداة تتعلّم كيف يبدو التسلسل البروتيني في العادة، وعندما يُعرض عليها تسلسل مع طفرة يمكنها معرفة ما إذا كان ذلك يبعث بالقلق أم لا».
وأضاف: «إنّ الأمر مُشابه للغة البشرية إلى حد ما، فإذا استبدلنا كلمة بأخرى في جملة بالإنجليزية، فسيدرك الشخص الذي يُتقن الإنجليزية ما إذا كان هذا التغيير يؤثر على معنى الجملة أم لا».
واستندت أداة «ألفا ميسينس» على «ألفا فولد»، وهو برنامج آخر للتعلم الآلي طرحته «ديب مايند» قبل أكثر من عامين، وأتاح نشر قاعدة بيانات للبروتينات تُعدّ الأكبر.