خبراء يحذرون: الذكاء الصناعي يشكل تهديداً وجودياً للبشرية

روبوتات في مصنع الذكاء الصناعي التابع لمعهد ميونيخ (د.ب.أ)
روبوتات في مصنع الذكاء الصناعي التابع لمعهد ميونيخ (د.ب.أ)
TT

خبراء يحذرون: الذكاء الصناعي يشكل تهديداً وجودياً للبشرية

روبوتات في مصنع الذكاء الصناعي التابع لمعهد ميونيخ (د.ب.أ)
روبوتات في مصنع الذكاء الصناعي التابع لمعهد ميونيخ (د.ب.أ)

قال عدد من خبراء الصحة العامة إن الذكاء الصناعي يمكن أن يضر بصحة الملايين ويشكل تهديداً وجودياً للبشرية، داعين إلى وقف تطوير التقنيات المتعلقة به حتى يتم تنظيمه من قبل الجهات المعنية.

وبحسب صحيفة «الغارديان» البريطانية، يمتلك الذكاء الصناعي القدرة على إحداث ثورة في مجال الرعاية الصحية من خلال تحسين تشخيص الأمراض وإيجاد طرق أفضل لعلاج المرضى.

إلا أن هذا النظام لديه أيضاً القدرة على إحداث آثار صحية سلبية، وفقاً لما أكده مهنيون صحيون من المملكة المتحدة والولايات المتحدة وأستراليا وكوستاريكا وماليزيا في تقرير نشر بمجلة «بي إم جي غلوبال هيلث».

وحذر الخبراء من احتمال تسبب أخطاء الذكاء الصناعي في إلحاق الضرر بالمرضى، هذا بالإضافة إلى المخاطر التي تتعلق بخصوصية البيانات وأمنها، و«استخدام الذكاء الصناعي بطرق من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم عدم المساواة الاجتماعية والصحية».

وقالوا إن أحد الأمثلة على الضرر الذي قد ينتج عن هذا النظام هو استخدام مقياس التأكسج النبضي (جهاز طبي يرصد تشبع الأكسجين بدم المريض) الذي يعمل بالذكاء الصناعي، والذي بالغ في إحدى التجارب في تقدير مستويات الأكسجين في الدم لدى المرضى ذوي البشرة الداكنة، مما أدى إلى عدم علاجهم بالشكل الصحيح.

وحذر الخبراء من التهديدات العالمية الأوسع نطاقاً لهذا النظام على صحة الإنسان والوجود البشري.

وكتبوا في تقريرهم: «يمكن للذكاء الصناعي أن يضر بصحة الملايين من خلال التحكم في الأشخاص والتلاعب بهم، واستخدام الأسلحة المستقلة الفتاكة، كما أنه قد يضر بصحتهم العقلية والجسدية في حال تعرضهم للبطالة إذا قامت الأنظمة القائمة على الذكاء الصناعي بإزاحتهم من أعمالهم والقيام بمهامهم».

روبوتات في مصنع الذكاء الصناعي التابع لمعهد ميونيخ (د.ب.أ)

وأضافوا: «عندما يقترن التطور السريع للذكاء الصناعي بالقدرة على تشويه أو تحريف الواقع أو تزييفه، فإن أنظمة المعلومات التي يحركها الذكاء الصناعي قد تقوض الديمقراطية بشكل أكبر من خلال التسبب في انهيار عام في الثقة أو عن طريق دفع الانقسام الاجتماعي والصراع، مع ما يترتب على ذلك من آثار على الصحة العامة».

وتابع الخبراء: «نحن نسعى الآن لإنشاء آلات تكون أكثر ذكاءً وقوة من البشر. إن إمكانات مثل هذه الآلات يمكن أن تضر بالبشر أو تقهرهم سواء عن قصد أو بغير قصد. هذه حقيقة يجب أخذها في الاعتبار».

ولفتوا إلى أنه مع النمو الهائل في البحث والتطوير في مجال الذكاء الصناعي، فإن «الفرصة لتجنب أضراره الجسيمة وربما الوجودية تتضاءل»، مؤكدين على ضرورة «التنظيم الفعال لتطوير واستخدام تقنيات الذكاء الصناعي لتجنب الضرر».

وأكملوا قائلين: «إلى أن يتم تطبيق مثل هذا التنظيم، يجب فرض حظر على تطوير التقنيات المتعلقة بالذكاء الصناعي».

وفي مارس (آذار) الماضي، وقع مئات الأكاديميين ورؤساء الشركات والشخصيات عريضة دعوا فيها إلى التوقف لمدة ستة أشهر عن إجراء أبحاث ترمي للتوصل إلى تقنيات ذكاء صناعي أقوى من «تشات جي بي تي» الذي أصدرته مؤخرا شركة «أوبن إيه آي» وهو عبارة عن روبوت محادثة يتفاعل مع البشر، ويستطيع إنتاج كل أنواع النصوص عند الطلب.

وأبدى الموقعون على العريضة تخوفهم مما تحمله هذه التكنولوجيا من «مخاطر كبيرة على البشرية».


مقالات ذات صلة

«بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

عالم الاعمال «بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

«بلاك هات» تعود إلى الرياض بنسختها الثالثة

تعود فعالية الأمن السيبراني الأبرز عالمياً «بلاك هات» في نسختها الثالثة إلى «مركز الرياض للمعارض والمؤتمرات» ببلدة ملهم شمال العاصمة السعودية الرياض.

تكنولوجيا «غوغل» تطلق النسخة الأولية من آندرويد 16 للمطورين مع ميزات جديدة لتعزيز الخصوصية ومشاركة البيانات الصحية (غوغل)

«غوغل» تطلق النسخة الأولية من آندرويد 16 للمطورين مع ميزات جديدة

أطلقت «غوغل» النسخة التجريبية الأولية من آندرويد 16 للمطورين، وهي خطوة تمهد الطريق للتحديثات الكبيرة المقبلة في هذا النظام.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا «أبل» تؤكد مشكلة اختفاء الملاحظات بسبب خلل بمزامنة (iCloud) وتوضح خطوات استعادتها مع توقع تحديث (iOS) قريب (أبل)

اختفاء الملاحظات في أجهزة آيفون... المشكلة والحلول

وفقاً لتقرير رسمي من «أبل»، فإن المشكلة تتعلق بإعدادات مزامنة الآيكلاود (iCloud).

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
تكنولوجيا تمكنك «دورا» من تصميم مواقع ثلاثية الأبعاد مذهلة بسهولة تامة باستخدام الذكاء الاصطناعي دون الحاجة لأي معرفة برمجية (دورا)

صمم موقعك ثلاثي الأبعاد بخطوات بسيطة ودون «كود»

تتيح «دورا» للمستخدمين إنشاء مواقع مخصصة باستخدام الذكاء الاصطناعي عبر إدخال وصف نصي بسيط.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص يحول الذكاء الاصطناعي الطابعات من مجرد خدمة بسيطة إلى أداة أكثر ذكاءً واستجابة لحاجات المستخدمين (أدوبي)

خاص كيف يجعل الذكاء الاصطناعي الطابعات أكثر ذكاءً؟

تلتقي «الشرق الأوسط» الرئيسة العامة ومديرة قسم الطباعة المنزلية في شركة «إتش بي» (HP) لفهم تأثير الذكاء الاصطناعي على عمل الطابعات ومستقبلها.

نسيم رمضان (بالو ألتو - كاليفورنيا)

هل وصل الذكاء الاصطناعي إلى حدوده القصوى؟

لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)
لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)
TT

هل وصل الذكاء الاصطناعي إلى حدوده القصوى؟

لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)
لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)

هل وصلت نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى طريق مسدود؟ منذ إطلاق «تشات جي بي تي» قبل عامين، بعث التقدم الهائل في التكنولوجيا آمالاً في ظهور آلات ذات ذكاء قريب من الإنسان... لكن الشكوك في هذا المجال تتراكم.

وتعد الشركات الرائدة في القطاع بتحقيق مكاسب كبيرة وسريعة على صعيد الأداء، لدرجة أن «الذكاء الاصطناعي العام»، وفق تعبير رئيس «أوبن إيه آي» سام ألتمان، يُتوقع أن يظهر قريباً.

وتبني الشركات قناعتها هذه على مبادئ التوسع، إذ ترى أنه سيكون كافياً تغذية النماذج عبر زيادة كميات البيانات وقدرة الحوسبة الحاسوبية لكي تزداد قوتها، وقد نجحت هذه الاستراتيجية حتى الآن بشكل جيد لدرجة أن الكثيرين في القطاع يخشون أن يحصل الأمر بسرعة زائدة وتجد البشرية نفسها عاجزة عن مجاراة التطور.

وأنفقت مايكروسوفت (المستثمر الرئيسي في «أوبن إيه آي»)، و«غوغل»، و«أمازون»، و«ميتا» وغيرها من الشركات مليارات الدولارات وأطلقت أدوات تُنتج بسهولة نصوصاً وصوراً ومقاطع فيديو عالية الجودة، وباتت هذه التكنولوجيا الشغل الشاغل للملايين.

وتعمل «إكس إيه آي»، شركة الذكاء الاصطناعي التابعة لإيلون ماسك، على جمع 6 مليارات دولار، بحسب «سي إن بي سي»، لشراء مائة ألف شريحة من تصنيع «نفيديا»، المكونات الإلكترونية المتطورة المستخدمة في تشغيل النماذج الكبيرة.

وأنجزت «أوبن إيه آي» عملية جمع أموال كبيرة بقيمة 6.6 مليار دولار في أوائل أكتوبر (تشرين الأول)، قُدّرت قيمتها بـ157 مليار دولار.

وقال الخبير في القطاع غاري ماركوس «تعتمد التقييمات المرتفعة إلى حد كبير على فكرة أن النماذج اللغوية ستصبح من خلال التوسع المستمر، ذكاء اصطناعياً عاماً». وأضاف «كما قلت دائماً، إنه مجرد خيال».

- حدود

وذكرت الصحافة الأميركية مؤخراً أن النماذج الجديدة قيد التطوير تبدو وكأنها وصلت إلى حدودها القصوى، ولا سيما في «غوغل»، و«أنثروبيك» (كلود)، و«أوبن إيه آي».

وقال بن هورويتز، المؤسس المشارك لـ«a16z»، وهي شركة رأسمال استثماري مساهمة في «أوبن إيه آي» ومستثمرة في شركات منافسة بينها «ميسترال»: «إننا نزيد (قوة الحوسبة) بالمعدل نفسه، لكننا لا نحصل على تحسينات ذكية منها».

أما «أورايون»، أحدث إضافة لـ«أوبن إيه آي» والذي لم يتم الإعلان عنه بعد، فيتفوق على سابقيه لكن الزيادة في الجودة كانت أقل بكثير مقارنة بالقفزة بين «جي بي تي 3» و«جي بي تي 4»، آخر نموذجين رئيسيين للشركة، وفق مصادر أوردتها «ذي إنفورميشن».

ويعتقد خبراء كثر أجرت «وكالة الصحافة الفرنسية» مقابلات معهم أن قوانين الحجم وصلت إلى حدودها القصوى، وفي هذا الصدد، يؤكد سكوت ستيفنسون، رئيس «سبيلبوك»، وهي شركة متخصصة في الذكاء الاصطناعي القانوني التوليدي، أن «بعض المختبرات ركزت كثيراً على إضافة المزيد من النصوص، معتقدة أن الآلة ستصبح أكثر ذكاءً».

وبفضل التدريب القائم على كميات كبيرة من البيانات المجمعة عبر الإنترنت، باتت النماذج قادرة على التنبؤ، بطريقة مقنعة للغاية، بتسلسل الكلمات أو ترتيبات وحدات البكسل. لكن الشركات بدأت تفتقر إلى المواد الجديدة اللازمة لتشغيلها.

والأمر لا يتعلق فقط بالمعارف: فمن أجل التقدم، سيكون من الضروري قبل كل شيء أن تتمكن الآلات بطريقة أو بأخرى من فهم معنى جملها أو صورها.

- «تحسينات جذرية»

لكنّ المديرين في القطاع ينفون أي تباطؤ في الذكاء الاصطناعي. ويقول داريو أمودي، رئيس شركة «أنثروبيك»، في البودكاست الخاص بعالم الكمبيوتر ليكس فريدمان «إذا نظرنا إلى وتيرة تعاظم القدرات، يمكننا أن نعتقد أننا سنصل (إلى الذكاء الاصطناعي العام) بحلول عام 2026 أو 2027».

وكتب سام ألتمان الخميس على منصة «إكس»: «ليس هناك طريق مسدود». ومع ذلك، أخّرت «أوبن إيه آي» إصدار النظام الذي سيخلف «جي بي تي - 4».

وفي سبتمبر (أيلول)، غيّرت الشركة الناشئة الرائدة في سيليكون فالي استراتيجيتها من خلال تقديم o1، وهو نموذج من المفترض أن يجيب على أسئلة أكثر تعقيداً، خصوصاً في مسائل الرياضيات، وذلك بفضل تدريب يعتمد بشكل أقل على تراكم البيانات مرتكزاً بدرجة أكبر على تعزيز القدرة على التفكير.

وبحسب سكوت ستيفنسون، فإن «o1 يمضي وقتاً أطول في التفكير بدلاً من التفاعل»، ما يؤدي إلى «تحسينات جذرية».

ويشبّه ستيفنسون تطوّر التكنولوجيا باكتشاف النار: فبدلاً من إضافة الوقود في شكل بيانات وقدرة حاسوبية، حان الوقت لتطوير ما يعادل الفانوس أو المحرك البخاري. وسيتمكن البشر من تفويض المهام عبر الإنترنت لهذه الأدوات في الذكاء الاصطناعي.