العطش والجوع يطاردان سكان العالم

"الشرق الأوسط" تسلط الضوء على أزمة المياه العالمية الناتجة عن سوء الإدارة والهدر وتغيُّر المناخ

TT

العطش والجوع يطاردان سكان العالم

الجفاف يهدد غواتيمالا بأزمة غذائية غير مسبوقة (أ.ف.ب)
الجفاف يهدد غواتيمالا بأزمة غذائية غير مسبوقة (أ.ف.ب)

تتعرض دول منطقة جنوب الصحراء الكبرى والشرق الأوسط بشكل خاص لإجهاد مائي شديد، كما تعاني دول أوروبية مثل إيطاليا وإسبانيا وبلجيكا مخاطر مائية عالية. ومن المتوقع أن يزداد الوضع سوءاً بسبب عوامل العرض والطلب على المياه، مثل ازدياد عدد السكان والتنمية الاقتصادية الكثيفة الاستخدام للموارد، يفاقمها تغيُّر المناخ. ومن المتوقع أن يتأثّر ما يقرب من 6 مليارات شخص بندرة المياه النظيفة بحلول سنة 2050.

ويعكس تقرير عن تقييم مخاطر ندرة المياه، صدر أخيراً عن معهد الموارد العالمية، الأزمة المائية غير المسبوقة التي تُلقي بثقلها على بلدان كثيرة. وتُشير البيانات الجديدة إلى أن 25 دولة، تضم ربع سكان العالم، تتعرض حالياً لإجهاد مائي مرتفع للغاية سنوياً. وبينما يعاني نصف سكان العالم من الإجهاد المائي لمدة شهر واحد على الأقل في السنة، ستطول المعاناة نحو 60 في المائة من السكان سنة 2050.

ونظراً لمحدودية الموارد، من المتوقع أن يؤدي النمو السكاني والتنمية الاقتصادية المتسارعة إلى استهلاك المزيد من المياه، مع كثير من الهدر وقليل من الإدارة الرشيدة. ومع تغيُّر المناخ واتساع الجفاف، سيعاني مجمل البشر من أزمة مائية غير مسبوقة.

وتُعرَف ندرة المياه بأنها نقص كمّي أو نوعي في إمدادات المياه، مُعبّراً عنها بنسبة استهلاك الإنسان للمياه إلى الإمدادات المُتاحة. وخلال العقد الماضي، زاد استخدام المياه عالمياً بمعدل ضعف النمو السكاني. واليوم، يعاني نحو ثلثي سكان العالم من ندرة حادة في المياه مرة واحدة على الأقل سنوياً، ويعيش 2.3 مليار شخص في بلدان تعاني نقص المياه، ويفتقر مليارا شخص يمثّلون 26 في المائة من سكان العالم، إلى خدمات مياه الشرب المُدارة على نحو آمن.

أزمة عربية

تواجه البلدان العربية أزمة حادة في توفير متطلباتها من المياه العذبة. فخلال الربع الأول من القرن الحادي والعشرين تراجع معدل حصة المواطن العربي من المياه العذبة بنحو 50 في المائة، من 1000 متر مكعب سنوياً في مطلع القرن إلى أقل من 500 متر مكعب اليوم. وهذا يعني أن مجمل البلدان العربية انحدرت دون عتبة الفقر المائي لنصيب الفرد من الماء العذب، الذي حددته الأمم المتحدة بـ1000 متر مكعب سنوياً من المياه السطحية والجوفية المتجددة. وعلى خطورة المعدل العام، فالأرقام الفردية للدول العربية تكشف عن حقائق صادمة، إذ إن موارد المياه العذبة المتجددة في معظمها تقلّ عن هذا كثيراً.

نبتة تقاوم للبقاء في أرض ضربها الجفاف شمال برشلونة الإسبانية (أ.ب)

في تقريره الأخير الذي صدر هذه السنة، يُشير المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) إلى أن المنطقة العربية من بين أكثر المناطق عُرضة للإجهاد المائي، نظراً لمحدودية مواردها المتجددة، والإفراط في استغلال المصادر المتاحة، مما يضع 18 دولة عربية في فئة ندرة المياه، بينما تقع 14 دولة عربية ضمن الأكثر ندرة بالمياه عالمياً. وفي حين سبق لـ«أفد» أن حذَّر من هذا الوضع في تقريره عن مستقبل البيئة العربية عام 2008 وتقرير «المياه: إدارة مستدامة لمورد متناقص» عام 2010، إلا أن الواقع ازداد سوءاً أكثر من المتوقع نتيجة تسارع آثار التغيُّر المناخي، الذي فاقم تحديات النمو السكاني المطرد، والاعتماد على الموارد المائية المشتركة أو العابرة للحدود، وضعف الحوكمة المائية وسوء الإدارة. وبين الأولويات العربية معالجة المياه العادمة وإعادة استخدامها، إذ لا تتعدى نسبة المعالجة اليوم 60 في المائة، تتم إعادة استخدام نصفها فقط ويذهب الباقي هدراً.

وإدراكاً منها لأزمة المياه العالمية التي تلوح في الأفق، عقدت الأمم المتحدة مؤتمراً للمياه في نيويورك في شهر مارس (آذار) الماضي، وهو المؤتمر الثاني فقط في تاريخها عن الموضوع. وكان المؤتمر الأول قد انعقد عام 1977، وفيه اتفقت 118 دولة على ضرورة توفير إمدادات شاملة من المياه وخدمات الصرف الصحي بحلول 1990، وهو هدف لا يزال بعيداً.

والأسوأ من ذلك أن المشكلة لم تعد تقتصر على افتقار ملياري شخص إلى القدرة الكافية للوصول إلى المياه النظيفة، بل في أن الدورة الهيدرولوجية العالمية بأكملها اختلّت بسبب تغيُّر المناخ وتدهور الأراضي. ففي منطقة الأمازون البرازيلية، على سبيل المثال، أدّى فقدان الأشجار إلى خفض كمية بخار الماء التي تدخل الغلاف الجوي بشكل كبير، مما قلل هطول الأمطار في جميع أنحاء المنطقة. وفي حوض نهر الكونغو، حَرمت إزالة الغابات نيجيريا ودولاً أخرى في غرب أفريقيا من مواسم الأمطار التي كانت موثوقة ذات يوم. وتحدُث أمور مماثلة في جميع أنحاء العالم، حيث تتم إزالة الغابات وتنهار النظم البيئية التي كانت سليمة سابقاً.

الحدّ من هدر المياه

من الواضح أن الزراعة هي القطاع الأكثر استهلاكاً للمياه والمساهم الأكبر في ندرة المياه العذبة، إذ تأخذ ما يقرب من 70 في المائة، في حين يستهلك القطاع الصناعي والاستخدامات المنزلية 22 و8 في المائة من السحب المائي على التوالي. ويشير تقرير صدر أخيراً عن اللجنة العالمية لاقتصاديات المياه إلى أن أكثر من 700 مليار دولار من الإعانات الحكومية التي تذهب إلى الزراعة والمياه كل عام، تسهم غالباً في زيادة الاستهلاك المفرط للمياه، لأنها تتوجه في معظمها نحو زيادة الإنتاج بدلاً من إدارة الطلب وتعزيز الكفاءة.

وتساعد التجارة العالمية في زراعة المحاصيل المتعطشة في البلدان الرطبة، والمحاصيل التي تتحمل الجفاف في البلدان الأكثر جفافاً، ومن ثم تصديرها. ولكن هذه التجارة لا تمثّل معادلة رابحة لجميع الأطراف، إذ تخلص دراسة نشرتها مجلة «كلينر برودكشن» مطلع هذه السنة، إلى أن التجارة الدولية تخفف من ندرة المياه بالنسبة لـ2.2 مليار شخص في البلدان ذات الدخل المرتفع والمتوسط، ولكنها تفاقم ندرة المياه بالنسبة لـ2.1 مليار شخص في البلدان ذات الدخل المنخفض.

الري الذكي

ويمكن تحقيق ذلك من خلال اختيار المزروعات الملائمة واعتماد ممارسات موجهة نحو الحفاظ على المياه، مثل أنظمة الري الذكية، إلى جانب معالجة مياه الصرف الصحي للحصول على مياه صالحة لأغراض الري. وفي هذا العصر، يمكن لاستخدام إنترنت الأشياء وحلول الزراعة الدقيقة أن يسهم في التخفيف من تغيُّر المناخ ويقلل البصمة المائية.

وأياً تكن الممارسات الزراعية الجديدة، يجب توخي الحذر في الحفاظ على جودة التربة، فضلاً عن جودة إنتاجية الأغذية الزراعية وسلامتها، مع ضمان حصول الأجيال القادمة على المياه اللازمة لإنتاج الأغذية والألياف والمواد المغذية وغيرها من المواد الحيوية، وتلبية احتياجاتها بطريقة مسؤولة وعادلة. وفي هذا السياق، يمكن للزراعة المتجددة التي تعمل على تحسين صحة التربة، والأنظمة الغذائية المستدامة وتقليل هدر الطعام، أن تساعد على تقليل مخاطر ندرة المياه.

برازيلي يُبحر بزورقه وسط أسماك نافقة بسبب انخفاض مستوى المياه في محمية لاغو دو بيرانها (أ.ف.ب)

ويحتاج قطاع الصناعة إلى مزيد من الابتكار في مجال تدوير المياه، بحيث يتم حفظ ومعالجة مياه التبريد وخطوط الإنتاج وإعادة استخدامها لتقليل استهلاك الموارد. وفي التجمعات الحضرية، لا بد من إنقاص هدر المياه، وتقليل استهلاك الموارد والطاقة لمعالجتها، عبر إنشاء بنية تحتية جديدة لجمع مياه الأمطار ومياه الصرف الصحي بشكل منفصل، واستخدام «المياه الرمادية» المعالَجة في المصدر لغير أغراض الشرب.

سكان نيو مكسيكو وتكساس تراودهم مخاوف من حالات الجفاف التي تحدث في المنطقة الجنوبية الغربية من الولايات المتحدة (غيتي - أ.ف.ب)

وتبقى هذه المكاسب في الكفاءة جزءاً من حل لا يكتمل ما لم يتم ضمان توفُّر الموارد المائية من خلال إدارة المناخ وضمان سلامة البيئة. ومن الواضح أن تغيُّر المناخ هو أحد أكبر المخاوف العالمية اليوم، فهو يغيّر أنماط هطول الأمطار ويزيد تكرار الأحداث المناخية المتطرّفة وشدّتها، مما يسبب فترات شديدة من الجفاف والفيضانات. وهذه الظروف تؤثّر على توافر المياه ونوعيتها، وتقلل من قدرة النظم البيئية على توفير إمدادات كافية من المياه لتلبية احتياجات البشر.

مشكلات الجفاف

ربطت المجلات العلمية الصادرة في مطلع سبتمبر (أيلول) بين تغيُّر المناخ العالمي وأزمات المياه المتزايدة في كل مكان. فمع ارتفاع درجات الحرارة واستمرار الجفاف وندرة المياه، زادت مخاطر اندلاع اشتباكات على الحدود الأفغانية الإيرانية. وتسبب ارتفاع منسوب البحر نتيجة ذوبان الجليد العالمي في تسرُّب المياه المالحة إلى الأراضي الساحلية الرطبة في ولاية نورث كارولاينا الأميركية، مما ألحق ضرراً بالنظم الطبيعية لبيئة المياه العذبة. ونتيجة اختلال مناخي قبالة سواحل الإكوادور تعززت مخاطر الجفاف طويل الأمد في جنوب غربي الولايات المتحدة.

 

مصر

تواجِه مصر تحديات متعاظمة تهدد أمنها المائي والغذائي، تبدأ بندرة الموارد المتاحة، ولا تنتهي بالخطر الذي قد يشكله «سد النهضة» في إثيوبيا على إمدادات مياه نهر النيل.

لا يتجاوز نصيب الفرد المصري من المياه 500 متر مكعب في السنة (أ.ف.ب)

الدكتور إسماعيل عبد الجليل، الرئيس السابق لمركز بحوث الصحراء والمكتب الزراعي في سفارة مصر في واشنطن، يقول إن الندرة المائية تمثل أهم التحديات التي تواجه طموحات التنمية، حيث تقع مصر تحت خط الفقر المائي، إذ لا يتجاوز نصيب الفرد من المياه 500 متر مكعب في السنة، وهو سينخفض بحلول 2050 إلى أقل من 300 متر مكعب. ويستند هذا فقط إلى معدّل الزيادة السكانية الحالي، الذي يصل إلى نحو 2 في المائة سنوياً، من دون حساب آثار التغيُّرات المناخية، التي ستزيد الوضع سوءاً. يستهلك قطاع الزراعة نحو 73 في المائة من حصّة مصر المائية، بينما تستهلك قطاعات مياه الشرب والصناعة والملاحة وباقي الأنشطة نحو 27 في المائة، رغم تواضع القيمة المضافة لقطاع الزراعة في الناتج القومي، بنسبة لا تتجاوز 11.3 في المائة. وهو ما يستدعي تغيير السياسات الزراعية، خصوصاً لناحية الالتزام بالمساحات المتفق عليها بين وزارتي الزراعة والري، لتفادي تجاوز المقرر المائي المتاح. حالياً يفضّل مزارعو الأرز، مثلاً، دفع غرامة المخالفة على الالتزام بخطة وزارة الري تقييد المساحات وتشجيع الأصناف الأعلى جدوى اقتصادياً. ويُتوقع أن يتكرر الأمر مع القمح هذه السنة.

ويرى عبد الجليل أن الإصلاح يبدأ من تبنّي سياسات جديدة وفاعلة تستهدف الحدّ من الهدر وتعزيز الكفاءة وترشيد الاستخدامات وتعظيم الاستفادة من الموارد المائية التقليدية وغير التقليدية، إلى جانب البحث عن مصادر مائية جديدة، مثل التحلية والمياه الجوفية. ويجب أن تقتصر تحلية مياه البحر على خدمة المدن الساحلية، بينما تتم تحلية المياه الجوفية قليلة الملوحة واستخدامها بالقرب من مصادرها. ويُتوقع أن ترتفع مواردنا المائية من تحلية مياه البحر من 1.3 مليون متر مكعب يومياً عام 2020 إلى 20 مليون متر مكعب يومياً سنة 2050، بينما تقدّر المياه الجوفية العميقة بنحو 2.5 مليار متر مكعب والمياه الجوفية الضحلة بنحو 6.91 مليار متر مكعب. وقد تصل مياه الأمطار والسيول إلى 1.30 مليار متر مكعب في السنة. كما يمكن توفير الموارد المائية غير التقليدية من مياه الصرف الصحي الناتجة عن الاستخدامات المنزلية والصناعية. وبينما قُدّرت كمية مياه الصرف المتاحة عام 2020 بنحو 12 مليار متر مكعب، فهي ستصل إلى 16 مليار متر مكعب سنة 2050، وتُعد مياه الصرف الصحي مورداً متزايداً بازدياد عدد السكان، ويمكن استخدامها في ري الغابات الشجرية. وهذه كلها تضاف إلى حصّة مياه النيل البالغة 55.50 مليار متر مكعب. الحلول ليست مستعصية، لكنها تتطلّب مواجهة التحديات بقرارات مدروسة وتنفيذها سريعاً.

سد النهضة الإثيوبي الكبير في أثناء خضوعه لأعمال البناء على نهر النيل في جوباوريدا بمنطقة بني شنقول بإثيوبيا في 26 سبتمبر 2019 (رويترز)

 

حرب مياه على الحدود الأفغانية - الإيرانية

لفتت مجلة «ساينس Science» الأنظار إلى التوتُرات المتصاعدة حالياً على الحدود الإيرانية - الأفغانية بسبب المياه. وتتهم إيران قادة «طالبان» بانتهاك اتفاق لتقاسم مياه نهر هلمند الذي يتدفّق من أفغانستان إلى إيران. وكانت اشتباكات بالقرب من النهر قد أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن اثنين من حرس الحدود الإيرانيين ومُقاتل من «طالبان» في أواخر مايو (أيار) الماضي.

ويتزامن النزاع بين البلدين، خلال أعوام 1872 و1898 و1902 و1935، مع فترات الجفاف القاسية. وقد فرض الاحترار، إلى جانب التغيُّرات في هطول الأمطار والنمو السكاني وتوسع الزراعة، ضغوطاً متزايدة على إمدادات المياه في ولاية هلمند. وتُظهر بيانات الأقمار الاصطناعية أن مستويات المياه الجوفية انخفضت بمعدل 2.6 متر خلال الفترة بين 2003 و2021 ضمن حوض نهر هلمند، الذي يغطي نحو 40 في المائة من مساحة أفغانستان.

كمية مياه نهر هلمند التي تصل إلى إيران انخفضت بأكثر من النصف خلال العقدين الماضيين (تويتر)

ويقدِّر باحثون أن كمية مياه نهر هلمند التي تصل إلى إيران انخفضت بأكثر من النصف خلال العقدين الماضيين، ويرجع ذلك جزئياً إلى بناء سدود جديدة وتوسيع نطاق الري في أفغانستان. كما تناقصت سماكة الثلوج في جبال أفغانستان بشكل ملحوظ، لا سيما في جبال «هندو كوش» الوسطى حيث تنبع جميع الأنهار الرئيسية في البلاد، بما فيها نهر هلمند. وتسببت هذه العوامل في تفاقم التوترات القائمة منذ فترة طويلة بشأن معاهدة 1974 التي تحدد حصص البلدين في مياه نهر هلمند. وادّعت إيران هذه السنة أنها تلقّت كمية لا تتجاوز 4 في المائة من حصتها الموعودة، فيما ألقت حركة «طالبان» باللوم على الجفاف في تناقص تدفُّق النهر. وقد ينعكس هذا النزاع المائي المحلي عالمياً، مع لجوء بعض المزارعين الأفغان إلى زراعة خشخاش الأفيون، الذي يُعد أكثر ربحية وتحملاً للجفاف، رغم الحظر المفروض على هذا المحصول.

تدمير النظم البيئية للأراضي الرطبة

ناقشت «ناشيونال جيوغرافيك National Geographic» مجموعة التهديدات التي تتعرض لها مستنقعات المياه العذبة في محمية النهر الأسود في ولاية نورث كارولاينا الأميركية. وتضم الأراضي الرطبة في هذه المنطقة أقدم الأشجار المعروفة شرق جبال روكي، لا سيما أشجار سرو المستنقعات التي يزيد عمر بعضها على ألفي سنة.

ورغم أن أشجار سرو المستنقعات هي من بين الأشجار الأكثر مرونة على وجه الأرض في تحمُّل أسوأ الظروف الطبيعية، فإن أعدادها تتناقص بشكل كبير على طول الساحل من ديلاوير إلى تكساس، تاركةً وراءها هياكل خشبية بيضاء. وكانت أشجار سرو المستنقعات قد تعرّضت خلال الثلث الأول من القرن العشرين لعمليات تحطيب واسعة قضت على نحو 90 في المائة من أعدادها. ولم يتبقَّ حالياً سوى واحد بالألف منها، بفعل الأنشطة البشرية وتغيُّر المناخ، خصوصاً الأعاصير وارتفاع مستوى سطح البحر الذي دفع المياه المالحة للاختلاط بمياه المستنقعات العذبة.

ويشير باحثون إلى أن ساحل خليج المكسيك والسهل الساحلي الأطلسي فقدا أكثر من 2000 كيلومتر مربع من الأراضي الساحلية الحرجية بين 1996 و2016، وتحوّلت رقعة الغابات المفقودة إلى مستنقعات وبِرَك ملحية. وتُذكّر المجلة بأن مستنقعات نورث كارولاينا حملت لقب «أمازون أميركا الشمالية» قبل 120 عاماً، وذلك لاحتوائها على بِرَك ومستجمعات مياه عذبة ونظم طبيعية متنوّعة زادت مساحتها على 160 ألف كيلومتر مربع، أي ما يقارب كامل مساحة تونس.

الجفاف في الغرب الأميركي

قدّمت «نيو ساينتست New Scientist» عرضاً موجزاً لظاهرة «اللسان البارد»، التي لا تتوافق مع النماذج المناخية الحالية. واللسان البارد هو منطقة من المحيط الهادئ تمتد من ساحل الإكوادور باتجاه الغرب آلاف الكيلومترات، وتنخفض حرارتها منذ ثلاثين عاماً، على عكس مياه جميع المحيطات التي تحترّ نتيجة تغيُّر المناخ.

ويبقى اللسان البارد لغزاً مناخياً لا يعرف العلماء على نحو مؤكد اتجاهه المستقبلي. ويمكن لهذه الظاهرة أن تلعب دوراً مهماً في تعديل حساسية الغلاف الجوي تجاه ارتفاع انبعاثات غازات الدفيئة. وقد تحدد ما إذا كانت كاليفورنيا ستواجه جفافاً دائماً أو ستعاني أستراليا حرائق غابات أكثر فتكاً. وربما تؤثّر على شدة الرياح الموسمية في الهند واحتمالات المجاعة في القرن الأفريقي.

وعلى عكس تنبؤات النماذج المناخية، يعاني الغرب الأميركي منذ عقدين جفافاً شديداً تسبب في انحسار البحيرات وهدد إمدادات المياه. ويربط باحثون هذا الجفاف بظاهرة اللسان البارد، ويحذّرون من أن يصبح الجفاف هو القاعدة في جنوب غربي الولايات المتحدة، في حال استمرار هذه الظاهرة.


مقالات ذات صلة

بعد 37 عاماً... أكبر جبل جليدي في العالم يتحرك نحو جنوب الأطلسي

بيئة الجبل «إيه 23 إيه» سماكته 400 متر (أ.ب)

بعد 37 عاماً... أكبر جبل جليدي في العالم يتحرك نحو جنوب الأطلسي

قال خبراء فضاء يتتبعون أكبر جبل جليدي في العالم، اليوم (الجمعة)، إن الجبل يتحرك حالياً بعيداً عن مياه القطب الجنوبي فيما يبدو أنه يتجه نحو جنوب المحيط الأطلسي.

«الشرق الأوسط» (برلين)
بيئة سجّل عام 2023 سلسلة من المستويات القياسية في الحرارة (أ.ب)

2023 أكثر السنوات حرّاً

توقعت الأمم المتحدة الخميس أن يكون العام 2023 أكثر السنوات حرا مع تسجيله سلسلة من المستويات القياسية تبرز الحاجة الملحة إلى التحرك لمكافحة الاضطرابات المناخية.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق أصبحت مواد البناء المصنوعة من النفايات جذابة بشكل متزايد لانخفاض تأثيرها البيئي (كونفيستو)

مادة بناء عازلة من مخلفات الأرز تقلل الانبعاثات الضارة

طوّر باحثون في بنما، مادة بناء عازلة صديقة للبيئة من مخلفات الأرز وورق الصحف، التي يتم التخلص منها في مدافن النفايات أو حرقها، وبالتالي تقليل الانبعاثات الضارة.

محمد السيد علي (القاهرة)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن ونائبته كامالا هاريس (أ.ف.ب)

البيت الأبيض يعلن مشاركة كامالا هاريس في مؤتمر «كوب 28» بدبي

أعلن البيت الأبيض، الأربعاء، أن نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس ستشارك في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 28) الذي تستضيفه دبي هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق 
حديقة وطنية في إطار مجموعة «تعهدات الطبيعة» (شاترستوك)

إنشاء حديقة وطنية جديدة في بريطانيا للحفاظ على الطبيعة

سوف تحصل إنجلترا على حديقة وطنية جديدة في إطار مجموعة «تعهدات الطبيعة» الحكومية لتيسير فرص أكبر للدخول وتوفير حماية أكبر للريف.

«الشرق الأوسط» (لندن)

بعد 37 عاماً... أكبر جبل جليدي في العالم يتحرك نحو جنوب الأطلسي

الجبل «إيه 23 إيه» سماكته 400 متر (أ.ب)
الجبل «إيه 23 إيه» سماكته 400 متر (أ.ب)
TT

بعد 37 عاماً... أكبر جبل جليدي في العالم يتحرك نحو جنوب الأطلسي

الجبل «إيه 23 إيه» سماكته 400 متر (أ.ب)
الجبل «إيه 23 إيه» سماكته 400 متر (أ.ب)

قال خبراء فضاء يتتبعون أكبر جبل جليدي في العالم، اليوم (الجمعة)، إن الجبل يتحرك حالياً بعيداً عن مياه القطب الجنوبي فيما يبدو أنه يتجّه نحو جنوب المحيط الأطلسي، بحسب وكالة الصحافة الألمانية.

وانحرف الجبل العملاق الذي تبلغ مساحته 4 آلاف كيلومتر مربع، ويحمل اسم «إيه 23 إيه»، عن الجرف الجليدي فليتشر رون في غرب القارة القطبية الجنوبية في عام 1986، لكنه ظل عالقاً منذ فترة طويلة في قاع البحر.

ورغم أن الجبل الجليدي الذي يبلغ سمكه 400 متر قد تحرر بحلول عام 2020، فإنه الآن تحرك الآن فقط من بحر «ويديل» بواسطة الرياح والتيارات، حسبما أفادت وكالة الفضاء الأوروبية.

يشار إلى أنه من غير المعتاد أن تصبح الجبال الجليدية ثابتة في الأرض، ولكن بمرور الوقت تتقلص الجبال بدرجة كافية لتنفصل عن الأرض وتطفو.

ومثل معظم الجبال الجليدية من قطاع «ويديل»، من المرجح أن ينتهي الأمر بالجبل «إيه 23 إيه»، الذي يزيد حجمه على 4 أضعاف حجم مدينة نيويورك، في جنوب المحيط الأطلسي على مسار يسمى «زقاق الجبل الجليدي».


2023 أكثر السنوات حرّاً

سجّل عام 2023 سلسلة من المستويات القياسية في الحرارة (أ.ب)
سجّل عام 2023 سلسلة من المستويات القياسية في الحرارة (أ.ب)
TT

2023 أكثر السنوات حرّاً

سجّل عام 2023 سلسلة من المستويات القياسية في الحرارة (أ.ب)
سجّل عام 2023 سلسلة من المستويات القياسية في الحرارة (أ.ب)

توقعت الأمم المتحدة، الخميس، أن يكون العام 2023 أكثر السنوات حرّاً مع تسجيله سلسلة من المستويات القياسية تبرز الحاجة الملحة إلى التحرك لمكافحة الاضطرابات المناخية.

وفي اليوم نفسه لافتتاح أعمال مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين «كوب 28»، أعادت المنظمة الدولية للأرصاد الجوية تذكير ممثلي الدول غير المدركين بعد لخطورة الوضع.

وبحسب الصحافة الفرنسية، قال المدير العام للمنظمة الدولية للأرصاد الجوية بيتيري تالاس «بلغت الغازات الدفيئة مستويات قياسية، درجات الحرارة تحطم المستويات القياسية، ومستوى مياه البحر عند مستوى قياسي أيضا ولم تكن مساحة الأطواف الجليدية في أنتاركتيكا يوما بهذا الضعف».

واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن المستويات القياسية لدرجات الحرارة ينبغي أن «تبعث القلق في نفوس قادة العالم».

وحذّر العلماء من أن القدرة على حصر الاحترار بمستوى يمكن التحكم فيه تتلاشى.

ويهدف اتفاق باريس للمناخ الذي أبرم في العام 2015 إلى حصر الاحترار بأقل من درجتين مئويتين مقارنة بمستويات الحرارة في فترة ما قبل الثورة الصناعية.

لكن في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2023، كانت درجة الحرارة أصبحت أعلى بنحو 1.4 درجة مئوية من ذلك المرجع.

ليست مجرد إحصائيات

ولن تنشر الوكالة تقريرها النهائي عن الوضع المناخي إلا في غضون بضعة أشهر، لكنها مقتنعة أصلاً بأن عام 2023 سيكون أكثر السنوات حراً ثم يليه في الترتيب عاما 2016 و2020، استناداً إلى درجات الحرارة المُسجّلة بين يناير (كانون الثاني) وأكتوبر (تشرين الأول).

وقال تالاس «من غير المرجح أن يؤثر الشهران الأخيران من السنة على هذا الترتيب».

وكانت السنوات التسع الفائتة منذ العام 2015 الأكثر حرّاً منذ بدء التسجيل الحديث لدرجات الحرارة.

وقال تالاس «إنّها أكثر من مجرد إحصائيات»، مضيفاً «ثمة خطر بخسارة السباق لإنقاذ أنهارنا الجليدية وإبطاء ارتفاع مستويات البحار».

وتابع «لا يمكن العودة إلى المناخ الذي كان سائداً في القرن العشرين، لكن يتعيّن علينا أن نتحرّك فوراً للحد من المخاطر الناجمة عن مناخ يصبح خلال هذا القرن وفي القرون المقبلة غير صالح للعيش».

وحذرت المنظمة الدولية للأرصاد الجوية من أن ظاهرة الـ«نينيو» المناخية التي برزت في منتصف العام «قد ترفع من حدّة الحرّ في العام 2024».

وترتبط هذه الظاهرة عموماً بارتفاع درجات الحرارة العالمية خلال العام الذي تلا ظهورها.

وأشار التقرير الأوّلي أيضاً إلى أنّ تركيزات الغازات الدفيئة الرئيسية الثلاثة، وهي ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز، وصلت إلى مستويات قياسية في العام 2022، إذ لفتت البيانات الأولية إلى أن المستويات استمرت في الارتفاع هذه السنة.

أما مستويات ثاني أكسيد الكربون فهي أعلى بنسبة 50 في المائة مما كانت عليه في مرحلة ما قبل الثورة الصناعية، مما يعني أن «درجات الحرارة ستستمر في الارتفاع خلال سنوات كثيرة مقبلة» حتى لو أنّ الانبعاثات انخفضت بشكل كبير.

فوضى مناخية

وللمعدلات القياسية نتائج اجتماعية واقتصادية وخيمة، بينها تدهور الأمن الغذائي والهجرات الجماعية.

وقال غوتيريش في رسالة عبر الفيديو «لقد شهدنا هذا العام مجتمعات من مختلف أنحاء العالم تواجه حرائق وفيضانات ودرجات حرارة حادة».

ودعا القادة المجتمعين في دبي ضمن مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين إلى الالتزام باتخاذ إجراءات جذرية للحد من التغير المناخي، كالتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري وزيادة قدرة الطاقات المتجددة ثلاث مرات.

وقال «لدينا خريطة طريق لحصر الاحترار العالمي عند 1.5 درجة مئوية وتجنّب فوضى مناخية أسوأ»، مضيفاً «لكننا بحاجة إلى أن يباشر القادة بهذه المهمة في كوب 28».


اتفاق في إسبانيا حول مصير محمية دونيانا الطبيعية المعرّضة للتصحّر

التوصل إلى اتفاق بشأن مستقبل محمية دونيانا الطبيعية (أ.ب)
التوصل إلى اتفاق بشأن مستقبل محمية دونيانا الطبيعية (أ.ب)
TT

اتفاق في إسبانيا حول مصير محمية دونيانا الطبيعية المعرّضة للتصحّر

التوصل إلى اتفاق بشأن مستقبل محمية دونيانا الطبيعية (أ.ب)
التوصل إلى اتفاق بشأن مستقبل محمية دونيانا الطبيعية (أ.ب)

أعلنت الحكومة الإسبانية، الاثنين، التوصل إلى اتفاق في شأن مستقبل محمية دونيانا الطبيعية في إقليم الأندلس، ينص على استثمارات كبيرة مقابل تخلي السلطات الإقليمية عن مشروع مثير للجدل لتشريع الزراعة غير القانونية للفواكه الحمراء.

ويضع هذا الاتفاق الذي يهدف إلى توفير حماية أفضل لمنطقة دونيانا المدرجة ضمن مواقع التراث العالمي لليونيسكو، حداً للمواجهة المستمرة منذ عامين بين الحكومة المركزية لرئيس الوزراء الاشتراكي بيدرو سانشيز، وإقليم الأندلس في الجنوب التي يتولى السلطة فيه حزب الشعب اليميني.

ويقضي الاتفاق باستثمار 1.4 مليار يورو في البلديات الواقعة بالقرب من المتنزه، تتحمل الحكومة المركزية نصفها، وحكومة إقليم الأندلس نصفها الآخر، لدعم المزارعين وإعادة إدراج جزء من الأراضي المستخدمة للإنتاج الزراعي ضمن الطبيعة.

وسيوفر هذا الاتفاق آفاق فرص وعدالة اجتماعية لجميع سكان دونيانا ويضع حداً للضغوط البيئية التي تلقي بظلالها على المحمية الطبيعي، على ما رأت وزيرة التحول البيئي الاشتراكية تيريزا ريبيرا، خلال مؤتمر صحافي.

أما رئيس إقليم الأندلس خوان مانويل مورينو فرأى أن هذا الاتفاق يوفّق بين حماية دونيانا والتنمية الاقتصادية للمنطقة، ويضع حداً لوضع صعب كان يهدد مورد رزق الكثير من العائلات.

وفي مقابل الاتفاق على المساعدات التي تصل قيمتها إلى مائة ألف يورو للهكتار الواحد للمزارعين الذين يختارون التخلي عن محاصيلهم، صرفت الحكومة الأندلسية نهائياً النظر عن مشروعها المثير للجدل لتشريع مزارع غير قانونية الذي أطلقته قبل عامين.

وينص مشروع القانون هذا الذي كان يحمل لواءه حزب «الشعب» ومجموعة «فوكس» اليمينية المتطرفة، على تشريع 1500 هكتار من المحاصيل الواقعة حول المحمية الطبيعية. وقد نددت به الجمعيات البيئية وكذلك اليونيسكو والحكومة المركزية التي هددت بإحالة القضية إلى القضاء.

وتعدّ محمية دونيانا كنزاً عالمياً مهماً في مجال التنوع الحيوي، وهي موطن لنحو أربعة آلاف نوع من الحيوانات، من بينها عدد كبير من الطيور المهاجرة، وتضم أكثر من مائة ألف هكتار من البحيرات والمستنقعات. وهي تشهد ظاهرة تصحر واسعة منذ سنوات.

وتتفاقم هذه الظاهرة المرتبطة بالاحترار المناخي، وفقاً للعلماء، بفعل الاستغلال الزراعي المفرط، خصوصاً بسبب الزراعة المكثفة للفواكه الحمراء.


مساحة الأنهار الجليدية في البيرو انحسرت بنسبة 56 % في نصف قرن

بحيرة راجوباكوينان في محمية واسكاران الطبيعية في أنكاش بالبيرو… تمتلك البيرو أنهاراً جليدية استوائية أكثر من أي دولة أخرى لكن ارتفاع درجات الحرارة المرتبط بظاهرة الاحتباس الحراري يؤدي إلى تقلص الكتل الجليدية (رويترز)
بحيرة راجوباكوينان في محمية واسكاران الطبيعية في أنكاش بالبيرو… تمتلك البيرو أنهاراً جليدية استوائية أكثر من أي دولة أخرى لكن ارتفاع درجات الحرارة المرتبط بظاهرة الاحتباس الحراري يؤدي إلى تقلص الكتل الجليدية (رويترز)
TT

مساحة الأنهار الجليدية في البيرو انحسرت بنسبة 56 % في نصف قرن

بحيرة راجوباكوينان في محمية واسكاران الطبيعية في أنكاش بالبيرو… تمتلك البيرو أنهاراً جليدية استوائية أكثر من أي دولة أخرى لكن ارتفاع درجات الحرارة المرتبط بظاهرة الاحتباس الحراري يؤدي إلى تقلص الكتل الجليدية (رويترز)
بحيرة راجوباكوينان في محمية واسكاران الطبيعية في أنكاش بالبيرو… تمتلك البيرو أنهاراً جليدية استوائية أكثر من أي دولة أخرى لكن ارتفاع درجات الحرارة المرتبط بظاهرة الاحتباس الحراري يؤدي إلى تقلص الكتل الجليدية (رويترز)

تسبّبَ الاحترار المناخي بذوبان 56 في المائة من المساحة الإجمالية للأنهر الجليدية في البيرو على مدى الأعوام الثلاثة والخمسين الماضية؛ مما أدى إلى تكوين بحيرات جديدة، على ما أفادت وزارة البيئة البيروفية (الخميس).

ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، أوضح تقرير أصدره «المعهد الوطني لأبحاث الأنهار الجليدية والنظم البيئية»، التابع لوزارة البيئة في البيرو، أن «جبال الأنديز في البيرو فقدت 1348 كيلومتراً مربعاً من مساحة الجليد، أي انحسرت بنسبة 56 في المائة» منذ عام 1962.

وتراجعت بأكثر من 50 في المائة مساحة نهر باستوروري الجليدي، الذي يبلغ ارتفاعه 5200 متر فوق مستوى سطح البحر في منطقة أنكاش (شمال)، وهو من روائع «متنزه واسكاران» الوطني.

ولاحظ التقرير أن تراجع الأنهار الجليدية «يؤدي إلى تكوّن بحيرات جديدة». وتوجد في البيرو راهناً 8466 بحيرة جليدية تغطي مساحة مقدارها نحو 1081 كيلومتراً مربعاً.

ورأت وزيرة البيئة، ألبينا رويز، أن هذا الواقع مرتبط بتغيّر المناخ.

وتضمّ البيرو أكبر سلسلة جبال استوائية في العالم، و71 في المائة من مجمل الأنهار الجليدية الاستوائية، ولديها 27 من أصل 32 نوعاً مناخياً أُحصيت في مختلف أنحاء العالم، وفقاً للهيئة الوطنية للمياه.


الأعشاب البحرية سريعة النمو تخنق ساحل نيوزيلندا

طحالب "الزّوحيفان" البحرية غريبة الشكل (شاترستوك)
طحالب "الزّوحيفان" البحرية غريبة الشكل (شاترستوك)
TT

الأعشاب البحرية سريعة النمو تخنق ساحل نيوزيلندا

طحالب "الزّوحيفان" البحرية غريبة الشكل (شاترستوك)
طحالب "الزّوحيفان" البحرية غريبة الشكل (شاترستوك)

تنتشر طحالب «الزوحيفان» البحرية غريبة الشكل والخبيثة لتشكل ما يشبه حصائر كثيفة أحادية الشكل في قاع البحر على امتداد أجزاء من ساحل نيوزيلندا، مما يثير مخاوف من أنها قد تصبح أسوأ تهديد على الإطلاق للأنواع الغازية للبيئة البحرية المحلية، حسب ما ذكرته صحيفة «الغارديان» البريطانية.

ويمكن لطحالب «الزوحيفان» (الاسم العلمي Caulerpa) أن تنمو بمقدار 3 سنتيمترات في اليوم الواحد بالمياه الدافئة والصافية والضحلة، مما يخلق بساطاً أخضر يغطي قاع البحر يغلف كل شيء في طريقه، وتتنافس مع الأعشاب البحرية المحلية، وتخنق المحار، ويمكن أن تتسبب في تقلص تنوع الحياة البحرية.

تنمو أسفل الترسبات البحرية(شاترستوك)

يُذكر أن المخيف في الأمر هو سرعة نمو هذه الطحالب؛ إذ إنك لا ترى سوى حصائر تغطي القاع، والصخور، والمحار، والأصداف، بحسب باري سكوت، عالم الوراثة الجزيئية والأستاذ الفخري في جامعة ماسي، ونائب رئيس «صندوق حاجز أوتيا العظيم للبيئة». وأضاف سكوت: «إنها تؤثر أيضاً على جميع الأشياء التي تنمو أسفل الترسبات البحرية، بما في ذلك المخلوقات الصغيرة التي تتغذى عليها الأسماك». وتم اكتشاف الأنواع الغريبة لأول مرة حول ساحل أوتيا - جزيرة غريت باريار في «خليج هوراكي» بأوكلاند في عام 2021.

وقد شوهدت منذ ذلك الحين بالقرب من جزر أخرى في الخليج وفي مناطق في أقصى الشمال. وتعتقد «وزارة الصناعات الأساسية» أن الطحالب موجودة في مياه نيوزيلندا منذ بضع سنوات، وتغطي الآن ما يقرب من 821 هكتاراً عبر 5 مواقع، بكثافة متفاوتة. وقال سكوت إن ما يحدث يؤدي إلى أضرار جانبية للأنواع الأخرى، لكنه أضاف: «ما يغفله الناس هو الضرر الذي سيحدث جراء عدم اتخاذ أي إجراءات». يُذكر أن الولايات المتحدة نجحت في القضاء على ثاني حالة تفشٍّ، وذلك في نيوبورت بالقرب من لوس أنجليس في عام 2021، باستخدام ما يُعرَف بالتجريف بالشفط، وتبع ذلك تتبع دقيق بنظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس) لإزالة الطحالب الجديدة بمجرد نموها.

ويعتقد سكوت أن طحالب «الزوحيفان» الغريبة يمكن أن تصبح أسوأ تهديد لقاع البحر تشهده نيوزيلندا، لكن الجهود المبذولة للسيطرة عليها باتت محفوفة بالمخاطر.


كيف تُساهم التقنيات الخضراء في الحفاظ على الكوكب؟

سفينة تعبر محطة لتوليد الطاقة من حركة الرياح  في شمال بريطانيا (رويترز)
سفينة تعبر محطة لتوليد الطاقة من حركة الرياح في شمال بريطانيا (رويترز)
TT

كيف تُساهم التقنيات الخضراء في الحفاظ على الكوكب؟

سفينة تعبر محطة لتوليد الطاقة من حركة الرياح  في شمال بريطانيا (رويترز)
سفينة تعبر محطة لتوليد الطاقة من حركة الرياح في شمال بريطانيا (رويترز)

في ظل التحديات البيئية التي تواجه كوكبنا، بات من الضروري البحث عن حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة وتحقيق الاستدامة. وتلعب التقنيات الخضراء دوراً مهماً في تقليل الأثر البيئي للأنشطة البشرية، فتساهم في الحدّ من انبعاثات الكربون واستهلاك الموارد الطبيعية، وتعزز فرص البقاء من خلال زيادة إنتاج الغذاء وتوفير المياه، وتحفظ التنوُّع الحيوي والموائل الطبيعية.

مواجهة تغيُّر المناخ وتعزيز كفاءة الطاقة

تعزز التقنيات الخضراء، المدفوعة بالتقدم في العلوم والهندسة، كفاءة استخدام الطاقة والموارد الطبيعية عامةً. ومن أبرز الأمثلة استخدام مصادر الطاقة المتجددة، حيث تمثّل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وطاقة الحرارة الأرضية الجوفية، بديلاً نظيفاً ومستداماً يخفّض انبعاثات غازات الدفيئة. كما تلعب تدابير الكفاءة دوراً حاسماً في تقليل استهلاك الطاقة والآثار البيئية المرتبطة به. فمن خلال عزل المباني، واستخدام الأجهزة الموفّرة، وتحسين العمليات الصناعية، يمكننا تقليل استهلاك الطاقة بشكل كبير. وهذا لا يحافظ على الموارد فحسب، بل يخفض التكاليف أيضاً ويساهم في التخفيف من آثار تغيُّر المناخ.

في مجال النقل، تُنتج السيارات الكهربائية انبعاثات صفرية من العوادم، ما يقلل بشكل كبير مساهمتها في تلوُّث الهواء وانبعاثات غازات الدفيئة. ومع استمرار تحسُّن تكنولوجيا السيارات الكهربائية وانخفاض تكاليفها، سيصبح اعتمادها على نطاق واسع ثورة في مجال النقل تساهم في الوصول إلى هواء أنظف وكوكب أكثر صحة.

وتعمل شبكات الكهرباء الذكية، المدعومة بأجهزة استشعار وتقنيات اتصالات متقدمة، على تحسين توصيل الكهرباء وزيادة فاعلية التوزيع. ومن خلال دمج مصادر الطاقة المتجددة وتمكين إدارة جانب الطلب، يمكن لشبكات الكهرباء الذكية أن تعزز الكفاءة الإجمالية للطاقة، ما يقلل من الأثر البيئي والتكاليف.

وتقدم تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه نهجاً واعداً لمعالجة الانبعاثات الناجمة عن الصناعات، حيث تقوم بالتقاط انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من محطات الطاقة والمصادر الصناعية الأخرى، ما يمنع انطلاقها في الغلاف الجوي. ويتم بعد ذلك تخزين الكربون المحتجز تحت الأرض أو في المحيطات، ما يؤدي إلى إزالته من دورة الكربون العالمية.

ويمكن للممارسات الزراعية المستدامة، مثل الزراعة العضوية وتناوب المحاصيل، أن تقلل بشكل كبير من انبعاثات غازات الدفيئة من القطاع الزراعي. ومن خلال تقليل استخدام الأسمدة الاصطناعية والمبيدات الحشرية، تعمل ممارسات الزراعة العضوية على تعزيز صحة التربة وتقليل الاعتماد على أساليب الإنتاج المستهلِكة للطاقة. كما تلعب جهود الحفاظ على الغابات وإعادة التشجير دوراً حاسماً في التخفيف من تغيُّر المناخ، حيث تعمل الغابات كمصارف طبيعية للكربون، بامتصاصه من الغلاف الجوي، وبالتالي إبطاء وتيرة تغيُّر المناخ.

وتمتد إمكانات التكنولوجيات الخضراء إلى ما هو أبعد من هذه الأمثلة، إذ يُثبِت الذكاء الاصطناعي جدواه في تحسين إنتاج الطاقة المتجددة، وتعزيز كفاءة الطاقة، وتطوير طُرُق جديدة لاحتجاز الكربون وتخزينه. ويمكن أن تضمن الحوسبة السحابية وإدارة البيانات بتقنية «البلوك تشين» الشفافية وإمكانية التتبع في تجارة الكربون والمبادرات البيئية الأخرى.

توفير الماء والغذاء

يتجاوز دور التقنيات الخضراء الناشئة مسألة خفض الانبعاثات المرتبطة بالقطاع الزراعي إلى مواجهة متطلبات الزيادة المطردة في عدد سكان العالم، من خلال توفير المياه الموثوقة وزيادة إنتاج الغذاء. وتتطلب مواجهة ندرة المياه، وهي تهديد يطول كثيراً من المجتمعات حول العالم، أساليب مبتكرة للحفاظ على الموارد وإدارتها بشكل فعال. وتوفّر التقنيات الخضراء عدداً كبيراً من الخيارات لمواجهة هذا التحدي بشكل مباشر، مثل أنظمة الري الدقيقة، كالري بالتنقيط وأنظمة الرش، التي توصل المياه مباشرة إلى جذر النبات، إلى جانب الأجهزة الموفِّرة للمياه وتدوير مياه الصرف وحصاد مياه الأمطار، بينما تؤدي طرق الري التقليدية إلى فقدان مياه كبيرة بسبب التبخُّر والتوزيع غير الفعال.

ويمكن لاستبدال الأجهزة التقليدية بنظيراتها الموفّرة للمياه تقليل استهلاك المياه المنزلية بشكل كبير. وعلى سبيل المثال، تُعدّ تجهيزات المرافق الصحية ذات التدفق المنخفض والغسّالات الموفرة للمياه أدوات بسيطة ولكنها فعّالة في الحفاظ على المياه في الأعمال الروتينية اليومية. وتتيح تقنيات معالجة مياه الصرف الصحي إعادة استخدامها لأغراض الري والعمليات الصناعية، ما يقلل الاعتماد على مصادر المياه العذبة ويعزز اقتصاد المياه الدائري.

وتحمل الممارسات الزراعية المستدامة، التي تدعمها التقنيات الخضراء، المفتاح لتحسين غلّات المحاصيل، والحدّ من فقدان الغذاء، وضمان الأمن الغذائي لعدد متزايد من السكان. فالزراعة الدقيقة مثلاً تستفيد من أجهزة الاستشعار والطائرات المسيّرة وتحليل البيانات لتحسين استخدام الموارد، وتخصيص تطبيقات الأسمدة والري لتناسب احتياجات المحاصيل المحددة. ويعمل هذا النهج المبني على البيانات على تقليل النفايات وتعزيز الإنتاجية وتقليل التأثير البيئي.

وتعمل تقنيات الزراعة العمودية على زيادة كفاءة استخدام الأراضي إلى أقصى حدّ وزيادة الإنتاجية، خاصة في المناطق الحضرية ذات المساحة المحدودة. ويمثّل هذا النهج المبتكر ثورة في إنتاج الغذاء، ما يتيح زراعة مزيد من المحاصيل في مساحة أصغر. ولا يقتصر دور التقنيات الخضراء على إنتاج الغذاء وزيادته، بل يمتد إلى حفظه ونقله أيضاً. فتقنيات حفظ الأغذية المتقدمة، من التغليف إلى إدارة سلسلة التبريد، تساعد في إطالة العمر الافتراضي للمنتجات، ما يقلل من فقد الأغذية وهدرها. وتضمن هذه التكنولوجيا وصول الغذاء إلى المستهلكين طازجة وصالحة للأكل، ما يقلل من ندرة الغذاء.

ويتطوّر عالم التقنيات الخضراء باستمرار، مع ظهور ابتكارات جديدة لمواجهة تحديات المياه والأمن الغذائي بدقّة وكفاءة أكبر. ومن بين هذه الابتكارات أجهزة الاستشعار النانوية، التي تستطيع اكتشاف ملوّثات المياه عند مستويات منخفضة للغاية، ما يتيح الكشف المبكر عن التلوُّث ومعالجته. كما يمكن لتطوير تقنيات جديدة للتناضح العكسي، أكثر كفاءة مع مخلَّفات أقل، توسيع نطاق تحلية مياه البحر إلى مياه صالحة للشرب، مع تخفيض التكاليف.

وتجمع الزراعات المائية النباتية الحيوانية (أكوابونيكس) بين تربية الأحياء المائية والزراعة المائية، وزراعة النباتات في المياه الغنية بالمغذيات من خزانات الأسماك، ما يخلق نظام إنتاج غذائي مستداماً وفعالاً يقلل من استهلاك المياه ويزيد فاعلية استخدام الموارد.

وتعمل تقنيات الإغناء الحيوي (بيوفورتيفيكيشن) على إثراء المحاصيل بالمغذيات الدقيقة الأساسية، مثل الحديد والزنك، ما يحسّن القيمة الغذائية للأغذية ومكافحة سوء التغذية. وتعالج هذه التكنولوجيا الجوع الخفي، ما يضمن أن الغذاء يوفّر العناصر الغذائية الضرورية للصحة والنمو الأمثل.

تلعب التقنيات الخضراء دوراً متزايد الأهمية في الحفاظ على الموائل البرية والتنوُّع البيولوجي.

الحفاظ على الأنواع الحيّة والموائل

تلعب التقنيات الخضراء دوراً متزايد الأهمية في الحفاظ على الموائل البرية والتنوُّع البيولوجي. ومن خلال توفير حلول مبتكرة، يمكن لهذه التقنيات أن تساعد في حماية النظم البيئية الطبيعية واستعادة مكوِّناتها، وتعزيز التنوُّع البيولوجي بشكل عام. وتوفّر التقنيات الخضراء مجموعة من الأدوات لحماية الموائل البرية من التهديدات المختلفة، بما في ذلك إزالة الغابات والتلوُّث وتغيُّر المناخ. وعلى سبيل المثال، تتيح صور الأقمار الاصطناعية والطائرات المسيّرة وشبكات الاستشعار المراقبة المستمرة لمساحات شاسعة من الأرض، ما يوفّر بيانات قيّمة عن حالة الموائل وأنماط إزالة الغابات ومجموعات الحياة البرية.

ويمكن لتقنيات إكثار النباتات المتقدمة، مثل البذر الجوي والزراعة بمساعدة الطائرات المسيّرة، تسريع عملية استعادة الغابات والأراضي العشبية والأراضي الرطبة. وتدعم المعالجة البيولوجية والمعالجة النباتية تنظيف الأراضي والمياه الملوَّثة بشكل فعال، واستعادة جودة الموائل وحماية الحياة البرية من الملوِّثات الضارة.

وتثبت التقنيات الخضراء جدواها في تتبع ورصد وحماية الأنواع المهددة بالانقراض، والمساهمة في الحفاظ عليها وتعافيها. وتساعد أطواق نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) والعلامات الصوتية والعلامات الجينية الباحثين في تتبع تحركات الحيوانات المهددة بالانقراض، ما يوفّر نظرة ثاقبة لسلوكها ومتطلبات موائلها وديناميكيات أفرادها.

ويساعد الاستشعار عن بُعد وكاميرات المراقبة وأنظمة الكشف الصوتي في ردع أنشطة الصيد غير المشروع وحماية الأنواع المهددة بالانقراض من الصيد والتجارة غير الشرعيين. ويمكن لتقنيات التربية في الأسْر، وتقنيات الإنجاب المساعدة، ونمذجة ملاءمة الموائل أن تدعم زيادة أعداد الأنواع المهددة بالانقراض، ما يتيح إعادة إدخالها إلى المجموعات البرية. كما تساهم التقنيات الخضراء في تعزيز التنوُّع البيولوجي، من خلال تعزيز ممارسات الاستخدام المستدام للأراضي، واستعادة الاتصال البيئي، والحفاظ على التنوُّع الجيني.

مع استمرار تطوُّر التقنيات الخضراء وانخفاض تكاليفها، سيصبح اعتمادها على نطاق واسع ممكناً على نحو متزايد، ما يمهد الطريق لمستقبل أكثر استدامة. ومن خلال تبني الابتكارات الناشئة، يمكننا تخفيف آثار تغيُّر المناخ، والتصدي لتحديات ندرة الماء وقلة الغذاء، وضمان محيط حيوي غني ومتنوِّع للأجيال القادمة.


انقراض الأنواع الحيّة ودور التشريعات في حمايتها

انقراض الأنواع الحيّة ودور التشريعات في حمايتها
TT

انقراض الأنواع الحيّة ودور التشريعات في حمايتها

انقراض الأنواع الحيّة ودور التشريعات في حمايتها

إلى جانب الطاقة المتجددة والتقاط الكربون، سلّطت المجلات العِلمية لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الضوء على أزمة انقراض الأنواع الحيّة التي تشهد تسارعاً لافتاً في السنوات الأخيرة. وأبرزت «ساينس نيوز» نتائج تقرير جديد يحذّر من خطر انقراض 41 في المائة من أنواع البرمائيات، في حين عرضت «ديسكفر» و«بي بي سي وايلدلايف» قصص نجاح في الحفاظ على الأنواع المهددة في نيوزيلندا وتشاد. وتناولت مجلات أخرى دور التشريعات المؤثّر في حماية الأنواع.

«ناشيونال جيوغرافيك»

«سباق للحفاظ على الكوكب» كان العنوان الرئيسي على غلاف «ناشيونال جيوغرافيك» (National Geographic)، التي ناقشت فعالية التكنولوجيا في حل أزمة المناخ. وتُشير المجلة إلى أن تحقيق الانبعاثات الكربونية الصفرية وحده لن ينقذ العالم، بل توجد ضرورة أيضاً لتخليص الجو من الكربون الموجود فيه. ومنذ الثورة الصناعية ارتفع تركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بنحو 50 في المائة، ما أدى إلى ارتفاع حرارة الكوكب. ويجري تطوير عشرات التقنيات والأساليب على نحو عاجل للإبقاء على احترار الكوكب في نطاق 1.5 درجة مئوية، من بينها التقاط الكربون من الجو وحقنه في جوف الأرض، أو خزنه في المحيطات، أو استغلاله في الصناعات الاستهلاكية.

«نيو ساينتست»

عرضت «نيو ساينتست» (New Scientist) تجربة ولاية جنوب أستراليا في التحوُّل السريع إلى الطاقة المتجددة. وتولّد الولاية الآن ما يقرب من 73 في المائة من احتياجاتها الكهربائية من طاقة الشمس والرياح، وهي في طريقها لتحقيق الاعتماد الكامل على الطاقة المتجددة بحلول 2030. ولعبت حكومة جنوب أستراليا دوراً رئيسياً في قيادة هذا التحوُّل، من خلال تحديد أهداف طموحة للطاقة المتجددة، وتوفير الحوافز المالية للاستثمار في مصادرها. كما جعل التقدم التكنولوجي الطاقة المتجددة أكثر كفاءة وبأسعار معقولة، في حين كان الدعم المجتمعي ضرورياً للتغلب على عدد من التحديات.

«ساينس»

الجدل الذي أثارته وكالة حماية البيئة الأميركية بتغيير نهجها في تنظيم المبيدات الحشرية كان محط اهتمام مجلة «ساينس» (Science). وتسعى الوكالة لإعطاء وزن أكبر لمخاطر المبيدات الحشرية على الأنواع المهددة بالانقراض، فيما تثير مقترحاتها قلق المنظمات الزراعية خشية فرض قيود على المزارعين لحماية أنواع مثل النحلة الطنانة الصدئة والخنفساء الأميركية المدفونة. وتقوم الوكالة حالياً بوضع اللمسات الأخيرة على استراتيجيتها حول المبيدات العشبية، واستكمال قائمتها لأنشطة تخفيف الضرر الذي قد يلحق بنحو سبعة وعشرين نوعاً حياً معرّضاً للخطر بحلول نهاية هذه السنة.

«أميركان ساينتست»

ناقشت «أميركان ساينتست» (American Scientist) طرائق تقليل الأضرار الناجمة عن موجات الحرّ وفرص الاستفادة من الحرارة الفائضة. وتقترح المجلة، على سبيل المثال، الاحتفاظ بالآلات في أماكن مكيّفة ومعزولة جيداً بعيداً عن أشعة الشمس، واستخدام الأجهزة المستهلِكة للطاقة خارج ساعات الذروة. ومن أمثلة الاستفادة من الحرارة المهدرة استخدامها في تسخين المياه، أو في تشغيل أنظمة تكييف الهواء التي تستخدم الحرارة كطاقة لدعم المبرّدات. وتخلص دراسة صدرت عام 2011 إلى أن الحرارة المهدرة قادرة على توفير نحو 27 في المائة من احتياجات تكييف الهواء السكنية، ما قد يساهم في تحقيق خفض كبير في استهلاك الطاقة الإجمالي وانبعاثات الكربون.

«ساينتفك أميركان»

بمناسبة مرور خمسين عاماً على صدوره، استعرضت «ساينتفك أميركان» (Scientific American) المحطات الهامة في تاريخ تطبيق قانون الأنواع المهددة بالانقراض في الولايات المتحدة. وقد نجح هذا التشريع في دعم إنقاذ الكثير من الأنواع الحيّة، مثل النسر الأصلع والتمساح الأميركي. ومن بين 1600 نوع نباتي وحيواني أُدرج خلال تلك الفترة على أنه عرضة أو مهدد بالانقراض، جرى شطب ما يقرب من 90 نوعاً. ومع ذلك، لم تخلُ الإجراءات المرتبطة بقانون الأنواع المهددة بالانقراض من الانتقادات، بسبب عدم مرونتها وفرضها أعباء كبيرة على ملاك الأراضي والشركات. ويمكن للتدابير الجديدة، مثل قانون استعادة الحياة البرية في أميركا، أن توفّر المزيد من الحماية للنباتات والحيوانات.

«ساينس نيوز»

تناولت «ساينس نيوز» (Science News) نتائج تقييم عالمي جديد للبرمائيات، أشار إلى أن ما يقرب من 41 في المائة من الأنواع البرمائية، بما في ذلك الضفادع والعلاجيم والسلمندر، تواجه خطر الانقراض. ويُعدّ فقدان الموائل وتدهورها التهديد الأكثر شيوعاً، حيث تؤثر الزراعة على 77 في المائة من الأنواع التي تمّت دراستها. وتشمل التهديدات الأخرى تغيُّر المناخ والأمراض، حيث يؤثّر كل منهما على 29 في المائة من الأنواع. ووجد التقرير أيضاً أن حالة نحو 120 نوعاً تحسنت منذ عام 2004، وقد تعافى نحو نصف هذه الأنواع بلا مساعدة، بينما تحسّن حال النصف الآخر بفضل جهود الحماية والحفظ. ومع ذلك، لا تزال معظم البرمائيات تواجه انخفاضاً، وتبقى جهود حمايتها غير كافية.

«ديسكفر»

خصصت «ديسكفر» (Discover) أحد مقالاتها لتقدير الجهود التي يبذلها علماء في نيوزيلندا من أجل إنقاذ حشرة عث رمادية صغيرة من الانقراض. ويُعد عث «إيزاسا ساكرا» من أنواع الفَراش النادر جداً، الذي تم اكتشافه لأول مرة في أواخر القرن التاسع عشر، وهو يتغذى على الأوراق والأخشاب الميتة ويلعب دوراً هاماً في النظام البيئي من خلال إطلاق العناصر الغذائية مرة أخرى في الطبيعة. وكان موطِن هذا العث في مقاطعة ماكنزي النيوزيلندية تعرّض للتدمير بسبب حريق واسع في أغسطس (آب) 2020، وساهم جيب صغير نجا من الحريق في توفير ملاذ آمن لبضعة أفراد من هذا العث.

«بي بي سي وايلدلايف»

اهتمت مجلة «بي بي سي وايلدلايف» (BBC Wildlife) بقصة نجاح حديقة زاكوما الوطنية في التعافي بعد سنوات من الصراع والاستغلال. وتُعدّ الحديقة التشادية محمية للحياة البرّية، تضم مجموعة متنوعة من الحيوانات، بما فيها الفيلة والزرافات والأسود. وتعمل منظمة «أفريكان باركس» على إنقاذ الحديقة ومجموعات الحياة البرّية فيها، لا سيما الزرافات من نوع كردفان التي يتداخل موطنها مع بعض المناطق الأكثر اضطراباً سياسياً واقتصادياً في أفريقيا. وكان الاتحاد الدولي لصون الطبيعة صنّف زرافة كردفان على أنها مهددة بالانقراض، وتسعى منظمة «أفريكان باركس» لحمايتها من خلال وضع أطواق لتتبع حركتها، وتعمل في الوقت ذاته مع المجتمعات المحلية لتطوير سبل مستدامة لكسب لقمة العيش.


السعودية تطلق «البرنامج الوطني للتشجير»

تهدف السعودية لزراعة عشرة مليارات شجرة خلال العقود المقبلة (واس)
تهدف السعودية لزراعة عشرة مليارات شجرة خلال العقود المقبلة (واس)
TT

السعودية تطلق «البرنامج الوطني للتشجير»

تهدف السعودية لزراعة عشرة مليارات شجرة خلال العقود المقبلة (واس)
تهدف السعودية لزراعة عشرة مليارات شجرة خلال العقود المقبلة (واس)

دشَّن وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي، رئيس مجلس إدارة «المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر»، عبد الرحمن الفضلي، الخطة التنفيذية لـ«البرنامج الوطني للتشجير»، الذي يأتي تحقيقاً لمستهدفات «رؤية 2030»، بالمحافظة على سلامة البيئة والموارد الطبيعية، والوصول إلى مستهدف زراعة 10 مليارات شجرة، خلال العقود المقبلة، ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء».

جاء ذلك بعد إنهاء «مركز الغطاء النباتي» دراسة جدوى علمية استراتيجية تفصيلية استمرت عامين، لتمكين السعودية من تحقيق هدف زراعة 10 مليارات شجرة، وأساليب الريّ المستدامة التي يمكن استخدامها في أنشطة التشجير، وضمان توافق أنواع الأشجار المختارة مع الغطاء النباتي، وقدرتها على التكيف مع مناخ السعودية.

في هذا الإطار، أوضح الرئيس التنفيذي لـ«المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر»، الدكتور خالد العبد القادر، أن «البرنامج الوطني للتشجير» يستهدف زيادة المساحات الخضراء ومكافحة التصحر، والمساهمة في تحقيق مستهدفات «مبادرة السعودية الخضراء» بزراعة 10 مليارات شجرة، بما يعادل إعادة تأهيل 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة.

سيسهم المشروع في إعادة تأهيل 40 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة (واس)

وأضاف الدكتور العبد القادر أن البرنامج يُعدّ أحد البرامج الأساسية والمهمة التي تسهم في تحقيق مستهدفات «رؤية السعودية 2030»، من خلال المحافظة على سلامة البيئة والموارد الطبيعية، وتحقيق 4 في المائة من مستهدفات المبادرة العالمية للحد من تدهور الأراضي والموائل الفطرية.

وأشار إلى أن السعودية تزخر بأكثر من 2500 نوع من النباتات البرية، يستخدم البرنامج 350 نوعاً منها في أعمال التشجير التي تمتدّ لتشمل 13 منطقة على مستوى السعودية، بالاعتماد على الري من خلال مياه الأمطار والمياه المعالَجة، بالإضافة إلى الاعتماد على مياه البحر لزراعة غابات المانجروف.

ونوه، في الوقت نفسه، بأن المركز يعمل على تنمية مواقع الغطاء النباتي وحمايتها والرقابة عليها، وتأهيل المتدهور منها، بما في ذلك إدارة أراضي المراعي والغابات والمتنزهات الوطنية واستثمارها، والمحافظة على الموارد الطبيعية والتنوع الإحيائي.

وكانت السعودية قد أعلنت، في وقت سابق، خريطة الطريق الخاصة بزراعة 10 مليارات شجرة، والتي تندرج ضمن التزامات المملكة الوطنية والدولية بالتصدي لكل التحديات البيئية المتعلقة بالمناخ وتحسين جودة حياة المواطنين، من خلال الفوائد الاقتصادية والاجتماعية التي سيجري تحقيقها على المدى الطويل، من خلال جهود التشجير.

وتأتي الخطة السعودية لتشجير البلاد بـ10 مليارات شجرة، ضمن مبادرة «السعودية الخضراء»، وهي خطة مستدامة وطويلة الأجل للعمل المناخي، تسترشد بـ3 أهداف شاملة هي: تقليل الانبعاثات الكربونية، وتشجير السعودية، وحماية المناطق البرية والبحرية.


الذكاء الاصطناعي أداة لحماية البيئة أم لزيادة مشكلاتها؟

اشجار تزرع في اليد اعتماداً على تقنية استخدام الموارد المتجددة (شاترستوك)
اشجار تزرع في اليد اعتماداً على تقنية استخدام الموارد المتجددة (شاترستوك)
TT

الذكاء الاصطناعي أداة لحماية البيئة أم لزيادة مشكلاتها؟

اشجار تزرع في اليد اعتماداً على تقنية استخدام الموارد المتجددة (شاترستوك)
اشجار تزرع في اليد اعتماداً على تقنية استخدام الموارد المتجددة (شاترستوك)

يعمل الذكاء الاصطناعي على تغيير عالمنا بسرعة كبيرة، وإحداث ثورة في كل شيء، بدءاً من تحسين الرعاية الصحية، إلى زيادة كفاءة النقل ومسارات الشحن، وبناء توقعات دقيقة عن أحوال الطقس والفيضانات والحرائق.

ومن المتوقع أن يلعب الذكاء الاصطناعي دوراً رئيسياً في حل بعض الإشكاليات الأكثر إلحاحاً التي يعاني منها الكوكب، مثل خفض الانبعاثات الكربونية، وتوفير الغذاء. وفي المقابل يتطلب تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وتشغيلها كميات ضخمة من الطاقة والمياه العذبة، تستدعي الاهتمام بتأثيراتها السلبية على البيئة أيضاً.

مطوّرو الذكاء الاصطناعي يحجبون أرقامهم

من الصعب قياس البصمة الكربونية الإجمالية لنماذج الذكاء الاصطناعي، ولكنها جميعاً تعتمد على الحواسب المتقدمة التي يتطلب تصنيعها استخراج مواد خام وعمالة كثيفة ومكلفة بيئياً. وبمجرد حصول المطوِّرين على الأجهزة التي يحتاجونها، يمكن لتدريب نموذج الذكاء الاصطناعي أن يستهلك مقداراً كبيراً من الطاقة.

ولا تبدي شركات الذكاء الاصطناعي شفافية كاملة في بيان استهلاكها من الطاقة، ولذلك يعتمد الباحثون على تقدير هذا الاستهلاك وفق ما يتوفّر لديهم من معطيات. وتُقدِّر إحدى الدراسات أن تدريب «جي بي تي 3» الذي يشغّل النموذج اللغوي لـ«تشات جي بي تي»، استلزم استهلاك 700 ألف لتر من المياه العذبة، لخفض درجة حرارة مراكز بيانات «مايكروسوفت» في الولايات المتحدة، من دون أن تكون هناك إمكانية لإعادة تدويرها.

إضافة إلى ذلك، يستهلك «جي بي تي 3» كمية كبيرة من الماء في عملية الاستدلال، وهي تحدث عند استخدام «تشات جي بي تي» لمهام مثل الإجابة عن الأسئلة أو إنشاء نص. ولإجراء محادثة بسيطة تتكوَّن من 20 إلى 50 سؤالاً، فإن المياه المستهلكة تعادل زجاجة بسعة نصف لتر، مما يجعل البصمة المائية الإجمالية للاستدلال كبيرة، نظراً إلى مليارات المستخدمين.

وبالنسبة لانبعاثات الكربون، وجد باحثون في جامعة ماساتشوستس أن عملية تدريب نموذج واحد للذكاء الاصطناعي يمكن أن ينتج عنها أكثر من 280 طناً من ثاني أكسيد الكربون، وهي كمية تعادل انبعاثات غازات الدفيئة لنحو 62 سيارة تعمل بالبنزين لمدة عام.

بعد الاطلاع على هذه التقديرات المستقلة، قمنا بمحاورة أكثر نماذج لغة الذكاء الاصطناعي انتشاراً: «تشات جي بي تي» الذي تساهم في تمويله «مايكروسوفت»، و«بارد» الذي تطوّره «غوغل»، عن البصمة الكربونية الخاصة بهما. وفي الحالتين، لم يكشف النموذجان الأرقام الخاصة بالشركات المطوّرة، واكتفيا بإيراد تقديرات المؤسسات البحثية.

ونوّه «تشات جي بي تي» بأن هذه التقديرات ليست دقيقة، وهي تختلف اعتماداً على عوامل مختلفة، مثل كمية المؤشرات البيانية التي جرى تدريب نماذج لغة الذكاء الاصطناعي عليها، أو كفاءة استهلاك الطاقة في مراكز البيانات التي تستضيف هذه النماذج.

بينما أكّد «بارد» أن «غوغل» تعمل على خفض الأثر البيئي لمراكز بياناتها التي تقوم بتشغيل «بارد» ونماذج الذكاء الاصطناعي الأخرى.

ويشير «بارد» إلى أنه ما زال قيد التطوير، ولكنه ملتزم باستخدام قدراته في المساعدة على إيجاد حلول للمشكلات البيئية. حول البيئة وأهمية الاستدامة.

وتُعد مراكز البيانات التي تدعم أنظمة الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية (كلاود) بمثابة صندوق مغلق، مقارنة بالصناعات الأخرى التي تعلن عن بصمتها الكربونية. وهذا يعني أن النمو السريع لقطاع الذكاء الاصطناعي، إلى جانب الشفافية المحدودة، يجعل استخدام الكهرباء وانبعاثات الكربون المنسوبة إلى الذكاء الاصطناعي خارج نطاق المحاسبة الشعبية، لا سيما أن مقدمي الخدمات السحابية الرئيسيين لا يوفّرون المعلومات الكافية.

وتتمثّل إحدى طرق معالجة الأثر البيئي للذكاء الاصطناعي في الدعوة إلى قدر أكبر من الشفافية في تطوير وتشغيل أنظمة التعلم الآلي.

ولمساعدة الباحثين في قياس استخدامهم للطاقة، قام بعض العلماء بنشر أدوات عامة عبر الإنترنت، تشجّع الفِرق البحثية على إجراء تجارب في مناطق صديقة للبيئة، وتوفّر تحديثات متسقة حول قياسات الطاقة والكربون، وإجراء مفاضلة بين استخدام الطاقة والأداء قبل نشر نماذج ذكاء اصطناعي ذات استهلاك كثيف للطاقة.

ويلعب الأفراد أيضاً دوراً حاسماً في تعزيز قدر أكبر من المساءلة في مجال الذكاء الاصطناعي. وإحدى طرق القيام بذلك هي التعامل مع أنظمة الذكاء الاصطناعي الجديدة، على نحو عقلاني يدرك القيود المفروضة عليها. ومن خلال وضع قدراتها في السياق المناسب والاعتراف بآثارها السلبية المحتملة، يصبح في الإمكان التشجيع على استكشاف سبل جديدة للبحث، لا تعتمد فقط على تطوير نماذج ذكاء اصطناعي أكبر وأكثر تعقيداً.

توظيف الذكاء الاصطناعي في حماية البيئة

يساهم الذكاء الاصطناعي حالياً على نحو مؤثّر في دراسة الظواهر البيئية وتطوير حلول لمشكلاتها المختلفة. وإحدى الطرق الواعدة التي يمكن من خلالها استخدام الذكاء الاصطناعي لحماية البيئة، هي من خلال تحليل البيانات. ويمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لغربلة كميات هائلة من البيانات، مثل صور الأقمار الاصطناعية وأنماط الطقس، لتحديد الاتجاهات والأنماط التي قد يكون من الصعب أو المستحيل اكتشافها بالعين المجردة. ويمكن بعد ذلك استخدام هذه المعلومات لتطوير استراتيجيات أكثر فعالية لإدارة الموارد والحدّ من التأثير البيئي السلبي.

وكانت شركة «غوغل» قد بدأت منذ 5 سنوات في تمويل مشاريع الذكاء الاصطناعي من أجل التأثير الاجتماعي؛ حيث دعمت الجهود التي تتراوح بين أجهزة استشعار جودة الهواء منخفضة الكلفة المثبتة على تاكسي الدراجات النارية في أوغندا، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تساعد المزارعين في تخفيف الآفات وزيادة غلال محاصيلهم في الهند.

كما قامت شركة «غوغل» بتمويل مشاريع عالمية طموحة، مثل الأقمار الاصطناعية المدعمة بأنظمة الذكاء، لمراقبة وتتبع انبعاثات غازات الدفيئة حول العالم. ويعمل فريق الشركة مع قسم الإحصاءات في الأمم المتحدة، على تطوير قاعدة البيانات العامة لتتبع التقدم المنجز في تحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، وتسهيل وضع الاستراتيجيات واتخاذ القرارات المستندة إلى المعطيات.

وتعرض منصة «فلاد هاب» (Flood Hub) توقعات الفيضانات النهرية في 80 بلداً حول العالم، بفضل الذكاء الاصطناعي الذي يمكنه التنبؤ بسلوك الأنهار قبل أسبوع، مما يوفّر الحماية من الفيضانات لنحو 460 مليون شخص، لا سيما في أفريقيا؛ حيث تندر البيانات التاريخية عن فيضانات الأنهار.

وتستخدم شركات عديدة أدوات الذكاء الاصطناعي لتحديد واستعادة المواد القابلة للتدوير بالاعتماد على الروبوتات. ويمكن للروبوتات، في المتوسط، التقاط المواد القابلة لإعادة التدوير، بسرعة تصل إلى ضعف سرعة البشر، وعلى نحو أكثر اتساقاً. وتشير شركة «إيه إم بي روبوتيكس» إلى أن تقنيتها في هذا المجال ساعدت خلال 10 سنوات في تجنُّب انبعاث ما يقرب من 5 ملايين طن من غازات الدفيئة.

ويستفيد العلماء في كاليفورنيا من الذكاء الاصطناعي في مكافحة حرائق الغابات؛ إذ يمكنه حين وصله بالكاميرات اكتشاف الدخان والتعرف على حرائق الغابات قبل انتشارها على نطاق أوسع. ويعدّ عاملون في إطفاء الحرائق أن المعلومات المتعلقة بالتنبؤ بحرائق الغابات تغيّر قواعد اللعبة.

ويستخدم برنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب) الذكاء الاصطناعي للمساعدة في التحليل والتنبؤ بتركيز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، إلى جانب التغيُّرات في كتلة الأنهار الجليدية، وارتفاع مستوى سطح البحر. ويستخدم المرصد الدولي لانبعاثات الميثان التابع لـ«يونيب» الذكاء الاصطناعي في رصد وتخفيف انبعاثات غاز الميثان، وهو أحد غازات الدفيئة القوية التي تزيد في احترار الكوكب.


مخاوف الهيمنة على تقنيات الطاقة النظيفة

مخاوف الهيمنة على تقنيات الطاقة النظيفة
TT

مخاوف الهيمنة على تقنيات الطاقة النظيفة

مخاوف الهيمنة على تقنيات الطاقة النظيفة

تقنيات الطاقة النظيفة كانت موضع اهتمام المجلات العلمية، الصادرة في شهر أكتوبر (تشرين الأول). وتعرِض «ناشيونال جيوغرافيك» أبحاث وكالات فضاء مختلفة حول نقل الطاقة راديوياً من ألواح كهرضوئية في الفضاء إلى الأرض. وتناقش «نيو ساينتست» دور الصين في قيادة التحوُّل الأخضر والمخاوف بشأن هيمنتها على تكنولوجيا الطاقة النظيفة. فيما تؤكد «هاو إت ووركس» على أهمية الدعم الحكومي للتقنيات النظيفة من أجل خفض الانبعاثات الكربونية بشكل مُعتبر.

«ناشيونال جيوغرافيك»

خصصت «ناشيونال جيوغرافيك» (National Geographic) عددها الجديد للمعارف والاتجاهات في علوم وتقنيات الفضاء، إذ يمكن توظيف أبحاث علوم الفضاء في تطوير التقنيات المستخدمة على الأرض. فعلى سبيل المثال، توجد أبحاث لإنتاج الغذاء من الزراعة في ظروف إضاءة منخفضة، كتلك التي توجد على المريخ، وتغذية النباتات بمحاليل غنية بالكربون يمكن لرواد الفضاء إنتاجها.

كما تعمل وكالات فضاء عدة على تطوير نقل الطاقة راديوياً. وعلى عكس ألواح الطاقة الشمسية الأرضية التي تتوقف عن العمل في ظروف الظلام، يمكن للألواح الكهرضوئية في الفضاء أن تجمع طاقة الشمس وتحوّلها إلى إشارات راديوية حاملة للطاقة يجري بثّها والإفادة منها على الأرض ليلاً ونهاراً.

«نيو ساينتست»

ناقشت «نيو ساينتست» (New Scientist) الدور الذي تلعبه الصين في المناخ العالمي والتحوُّل الأخضر. وتُعد الصين أكبر مصدر لانبعاثات الكربون على مستوى العالم، ولكنها أيضاً أكبر منتج عالمي لتكنولوجيا ومعدات الطاقة النظيفة. لذا يتخوَّف البعض من مخاطر هيمنة الصين على أسواق الطاقة المتجددة ومستلزماتها، حيث يحذّر خبراء من استخدام سيطرتها على سلاسل التوريد في كسب نفوذ جيوسياسي. فيما يشير آخرون إلى أن الصين تركّز على صناعات الطاقة المتجددة بهدف زيادة صادراتها، بينما لا تتحرك بالسرعة الكافية لخفض استهلاكها الداخلي من الفحم.

«ساينس»

التجربة الهندية في التعامل مع موجات الحرّ كانت محط اهتمام مجلة «ساينس» (Science). وتواجه الهند تهديداً متزايداً من موجات الحرّ، التي أصبحت أكثر تواتراً وتدوم لفترة أطول بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري، وجُزُر الحرارة في المناطق الحضرية. ويُعدّ ملايين الفقراء في المناطق الحضرية الهندية الأكثر تضرراً، حيث لا يستطيعون تحمُّل تكاليف أجهزة تكييف الهواء، ويُضطرون للعمل في الهواء الطلق. ويعمل باحثون في الهند على فهم المخاطر التي تشكّلها موجات الحرّ بشكل أفضل وتخفيف آثارها من خلال العمل مع السلطات لتحسين خطط الاستجابة لحالات الطوارئ، وتجربة طرق غير مكلفة لتحديث المساكن وجعلها أكثر برودة، ودراسة تأثير استخدام الأراضي والهندسة المعمارية على درجات الحرارة في أحياء مختلفة.

«سميثسونيان»

عرضت «سميثسونيان» (Smithsonian) تجربة جزر البهاما في حماية أسماك قرش الشعاب المرجانية في البحر الكاريبي. وتُعدّ أسماك القرش هدفاً للصيادين حول العالم، حيث انخفضت أعدادها بنحو 52 في المائة منذ الثمانينات. وفي البحر الكاريبي تمثّل هذه الأسماك نقطة جذب للسيّاح وتساعد في ازدهار صناعة السياحة البيئية. ومنذ عام 2011 حظرت جزر البهاما صيد أسماك القرش وخصصت محمية لها، ونتيجة ذلك استقرت أعدادها وأصبحت تدرّ عوائد بنحو 110 ملايين دولار سنوياً، خصوصاً في مجال السياحة البيئية.

«بي بي سي ساينس فوكاس»

اهتمت «بي بي سي ساينس فوكاس» (BBC Science Focus) بالاستخدام المتزايد للحشرات كعلف للحيوانات. ويُعد ذباب الجندي الأسود حشرة شائعة في إنتاج الأعلاف الحيوانية، حيث يسهل تكاثرها ويمكن تغذيتها على مجموعة متنوعة من المخلفات العضوية. وتُستخدم الصراصير علفاً للحيوانات أيضاً، ويمكن معالجتها وتحويلها إلى دقيق غني بالبروتين يُدمج مع الطعام.

وتحتاج الحشرات إلى موارد أقل من الأراضي والمياه مقارنة بمصادر العلف التقليدية، وهي تقلل المخلّفات العضوية التي تتغذى عليها، كما أنها مصدر جيد للبروتين والفيتامينات والمعادن والأحماض الدهنية، وتقلل خطر انتقال الأمراض. وتوجد حاجة لتطوير تقنيات تغذية جديدة قائمة على الحشرات، والتأكد من أن الحيوانات التي تتغذى على الحشرات تنتج أغذية آمنة وعالية الجودة.

«ساينس نيوز»

حذّرت «ساينس نيوز» (Science News) من تزايد شدة وتواتر الأعاصير مع ارتفاع درجات حرارة المحيطات. وكانت دراسة، نُشرت في العام الماضي، وجدت أن العدد السنوي للعواصف الاستوائية حول العالم، والتي تقترب من الشواطئ، زاد بنحو ثلاثة عواصف في كل عقد على مدار الأربعين عاماً الماضية. كما وجدت دراسة أخرى أن الأعاصير المدارية أصبحت تزداد قرباً من السواحل منذ عام 1982، ما يعرّض مزيداً من الناس للخطر.

ويسعى علماء لتطوير أدوات أفضل للتنبؤ بالأعاصير والاستعداد لها، وإن كان تقليل انبعاثات غازات الدفيئة والتخفيف من تغيُّر المناخ هو الحل الأمثل.

«هاو إت ووركس»

مصاعب التحوُّل إلى مصادر الطاقة الأكثر استدامة كان أحد المواضيع اللافتة في «هاو إت ووركس» (How It Works). وتشير المجلة إلى انتشار استخدام المراجل العاملة على الوقود التقليدي بشكل واسع في أوروبا، لأنها أرخص في التركيب من الخيارات المستدامة، مثل المضخات الحرارية التي تشابه في عملها أجهزة التكييف الكهربائية لكن بكفاءة أعلى. وتشير التقديرات إلى أن استبدال مضخات حرارية بجميع مراجل الغاز في المملكة المتحدة يمكنه وقف انبعاث ما يقارب 37 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون إلى الجو سنوياً.

«بي بي سي وايلد لايف»

عرضت مجلة «بي بي سي وايلد لايف» (BBC Wildlife) أزمة الفيلة في الهند، حيث تواجه هذه الكائنات الضخمة تهديدات مختلفة، بما فيها فقدان الموئل والصراع مع البشر والصعق بأسيجة الحماية الكهربائية. وبين عامي 2018 و2020، كانت نتيجة الصراع بين الفيلة والبشر في الهند وفاة 1400 شخص ومقتل 300 فيل. وفيما نجح مشروع حماية النمور في مضاعفة أعدادها في البلاد لأسباب تتعلق بعوائدها السياحية، تتطلب حماية الفيلة نفقات كبيرة لإنشاء أنفاق وجسور من أجل تأمين عبورها بين موائلها المجزّأة، وإن كان ذلك لم يمنع بعض المنظمات من تطوير آلية تحذير للأهالي من قطعان الفيلة يعتمد على نظام تحديد الموقع الشامل.