السعودية تدفع ملّاك الأراضي البيضاء إلى إحياء العقارات وزيادة المعروض

مختصون لـ«الشرق الأوسط»: ملامح القرار تظهر في الربع الثالث من العام الحالي

أحد مشاريع الإسكان في السعودية (الشرق الأوسط)
أحد مشاريع الإسكان في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تدفع ملّاك الأراضي البيضاء إلى إحياء العقارات وزيادة المعروض

أحد مشاريع الإسكان في السعودية (الشرق الأوسط)
أحد مشاريع الإسكان في السعودية (الشرق الأوسط)

وصف مختصون عقاريون قرار مجلس الوزراء السعودي، تعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء، بالنقلة النوعية في موازنة العرض والطلب العقاري، ومن شأنه الإسهام في تغيير سلوك المستثمرين والملّاك في السوق ودفعهم لتطوير عقاراتهم وخلق معروض كبير من الوحدات السكنية وانتعاش مشاريع التطوير العقاري، ودعم الجهود الحكومية في تسريع التنمية الحضرية وتوفير حلول سكنية متنوعة. وتوقعوا أن تبدأ تأثيرات التعديل في الظهور بالسوق العقارية مع بداية الربع الثالث من 2025، وأن يصل تأثيرها الأكبر مع دخول عدد أعلى من العقارات في دائرة الرسوم خلال النصف الأول من 2026.

وكان مجلس الوزراء السعودي، وافق يوم الثلاثاء، على تعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء، وسبقه توجيه ولي العهد باتخاذ إجراءات عاجلة في مارس (آذار) الماضي خلال 60 يوماً لمعالجة أزمة الأراضي البيضاء، بهدف زيادة المعروض من الأراضي وكبح جماح الأسعار، وتحقيق التوازن بين العرض والطلب، وتوفير أراض سكنية بأسعار مناسبة.

ويتضمّن تعديل لائحة رسوم الأراضي البيضاء تحديد 3 مراحل تنفيذية، تشمل الأولى الأراضي غير المطورة بمساحة 10 آلاف متر مربع فأكثر، والواقعة ضمن النطاق الذي تحدده الوزارة، والمرحلة الثانية الأراضي المطورة التي تبلغ مساحتها 10 آلاف متر مربع فأكثر، والأراضي المطورة لمالك واحد التي تبلغ مساحاتها 10 آلاف متر مربع فأكثر في مخطط واحد ضمن النطاق الذي تحدده الوزارة، والمرحلة الثالثة الأرض المطورة التي تبلغ مساحتها 5 آلاف متر مربع فأكثر، ومجموع الأراضي المطورة لمالك واحد التي تبلغ مساحاتها 10 آلاف متر مربع فأكثر في مدينة واحدة ضمن النطاق الذي تحدده الوزارة.

وتضمّنت التعديلات إمكانية تطبيق أكثر من مرحلة في مدينة واحدة، بالإضافة إلى قيام الوزارة بإجراء ومراجعة دورية للوضع في أي مدينة لتقرير تطبيق الرسوم على الأراضي فيها، أو تعليق التطبيق أو تطبيق مرحلة أو أكثر لتجاوز مرحلة معينة والانتقال للمرحلة التالية في المدينة ذاتها.

يُذكر أن برنامج «الأراضي البيضاء» يُطبّق في مرحلته الأولى في كل من الرياض وجدة وحاضرة الدمام ومكة المكرمة، ويبلغ إجمالي أوامر السداد في المدن الأربع نحو 5500 أمر سداد لمساحة إجمالية تتجاوز 411 مليون متر مربع، كما أعلن البرنامج مؤخراً توسّعه في عدد من المدن، منها المدينة المنورة وحاضرة عسير وجازان والطائف وتبوك وغيرها.

تطوير الأراضي

وفي تعليق على القرار، قال المستشار والخبير العقاري العبودي بن عبد الله خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن القرار نقلة في موازنة العرض للطلب العقاري، مشيراً إلى أن أبرز ما يميزه هو انتقال النظام من كونه رسوماً ثابتة ومحدودة التأثير وبنسبة 2.5 في المائة إلى أداة تحفيزية وضاغطة أكثر فاعلية مع إمكانية رفع النسبة حتى 10 في المائة، وفقاً لحالة التطوير والاستغلال، وكذلك انضمام العقارات الشاغرة لاستحقاق الرسوم، وتوحيد مراحل الرسوم بما يمنح النظام بعداً أوسع وأشمل في معالجة احتجاز الأصول داخل المدن، بالإضافة إلى ذلك توسيع نطاق الاستخدامات لتشمل جميع الأراضي القابلة للتطوير داخل النطاق العمراني.

ويرى الخبير العقاري أن هذه التعديلات ستسهم في معالجة عدة تحديات، من أبرزها: الاحتكار وتعطيل التنمية الحضرية من خلال احتفاظ البعض بالأراضي والعقارات الشاغرة لعدة سنوات دون تطوير، والارتفاع غير المبرر في أسعار الأراضي نتيجة قلة المعروض المطور، والحد من التشوهات العمرانية الناجمة عن وجود أراضٍ فضاء وسط أحياء مكتملة داخل المدن، وتباطؤ المشاريع السكنية والتجارية بسبب ضعف تحفيز التفعيل العمراني للأراضي.

وأضاف أن التعديلات ستدفع السوق العقارية نحو الزيادة الملحوظة في معروض الأراضي والمشاريع المطورة خلال الفترات المقبلة، وتسهم في الانخفاض التدريجي في أسعار بعض الأراضي البيضاء خاصة داخل المدن الكبرى، وتحفيز المطورين على البناء الفعلي بدلاً من الاحتفاظ السلبي، وكذلك دعم جهود الدولة في تسريع التنمية الحضرية وتوفير حلول سكنية متنوعة، وتعزيز العدالة في استخدام الموارد العقارية بما يخدم الاقتصاد والمجتمع.

ويتوقع الخبير العقاري أن تبدأ الآثار الأولية لتعديلات القرار بالظهور خلال الربع الثالث من عام 2025 خاصة مع انتهاء مهلة التسجيل البالغة 90 يوماً للأراضي البيضاء ومرور عام على العقارات الشاغرة، إلا أن الأثر الأكبر للقرار على الأسعار والمعروض العقاري قد يظهر بشكل أوضح خلال النصف الأول من 2026 تزامناً مع دخول عدد أكبر من العقارات في دائرة التطبيق الفعلي للرسوم.

تغيير سلوك المستثمرين

من جهته، أوضح الرئيس التنفيذي لشركة «منصات» العقارية خالد المبيض، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن الارتفاع الحالي في أسعار العقارات لا يصب في مصلحة أحد سواء للمطورين العقاريين أو المستفيدين النهائيين أو الاقتصاد، بالإضافة إلى ضرره على المستوى الطويل على الاقتصاد والسوق العقارية، لافتاً إلى أن تعديلات نظام رسوم الأراضي البيضاء تعد إيجابية للسوق العقارية، وتأتي في توقيت ممتاز جداً ومناسب لمعالجة التحديات التي تشهدها السوق.

ويرى المبيض أن الهدف الرئيس من تعديلات رسوم الأراضي البيضاء، هو تغيير سلوك المستثمرين في السوق العقارية عبر تحويل أموالهم من تملك أراضي بيضاء لحفظ ثرواتهم إلى دفعهم من خلال تعديلات القرار إلى تطوير هذه الممتلكات وخلق معروض كبير من الوحدات السكنية في السوق العقارية.

وواصل أن القرار سوف ينعش مشاريع التطوير، والتي سوف تشغل معها نحو 150 قطاعاً اقتصادياً، تتحرك بالتوازي مع القطاع العقاري، وهو أمر إيجابي للمنظومة الاقتصادية في المدن المشمولة بنظام رسوم الأراضي البيضاء.

وأكمل المبيض أن التعديلات تضمنت إضافة العقارات الشاغرة، وفرض رسوم جديدة عليها لم تكن موجودة سابقاً في النظام، ويعد ذلك أمراً مهماً جداً، ويخلق حافزاً لملاك الوحدات السكنية التجارية والمطورين العقاريين، بالمحافظة على مستأجر الوحدة السكنية، والحرص على بقائه لعدم شغور العقار، ودخوله ضمن فرض الرسوم، وبالتالي الحد من الممارسات السابقة في ارتفاع أسعار الإيجارات وعدم الاكتراث بالقدرة المادية للمستأجر، كما كان يحدث في السابق.


مقالات ذات صلة

البنك السعودي الأول يحصد الجائزة الذهبية للتميّز في المشتريات من معهد تشارترد

عالم الاعمال البنك السعودي الأول يحصد الجائزة الذهبية للتميّز في المشتريات من معهد تشارترد

البنك السعودي الأول يحصد الجائزة الذهبية للتميّز في المشتريات من معهد تشارترد

توج البنك السعودي الأول، إحدى المؤسسات المالية المتخصصة في المملكة، أول جهة سعودية والحادية عشرة على مستوى العالم التي تحصل على الشهادة الذهبية من معهد تشارترد.

الاقتصاد شعار شركة «إنفيديا» الأميركية (رويترز)

ثروة رئيس «إنفيديا» التنفيذي تقترب من 120 مليار دولار بعد صفقة سعودية

قفزت ثروة جينسن هوانغ الرئيس التنفيذي لشركة «إنفيديا» إلى نحو 120 مليار دولار يوم الثلاثاء، ارتفاعاً من 80 مليار دولار في العام الماضي، بسبب صفقة مع السعودية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
عالم الاعمال «center3» تتجه لتوقيع اتفاق تمويلي مع «صندوق البنية التحتية الوطني»

«center3» تتجه لتوقيع اتفاق تمويلي مع «صندوق البنية التحتية الوطني»

كشفت شركة «center3»، التابعة لمجموعة «إس تي سي stc» عن استعدادها لتوقيع مستند الشروط والأحكام التمويلية المبدئية مع صندوق البنية التحتية الوطني.

الاقتصاد القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في الرياض (الشرق الأوسط)

إنشاء «منطقة ذكاء اصطناعي» بالسعودية بقيمة 5 مليارات دولار

أعلنت «أمازون ويب سيرفيسز»، التابعة لشركة Amazon.com, Inc. و«هيوماين» السعودية الجديدة عن خطط لاستثمار يتجاوز 5 مليارات دولار لتطوير «منطقة ذكاء اصطناعي».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد منتدى الاستثمار السعودي - الأميركي المقام حالياً في الرياض (الشرق الأوسط) play-circle 01:30

شراكة استراتيجية بين «إي إم دي» الأميركية و«هيوماين» السعودية بـ10 مليارات دولار

أعلنت شركة «إي إم دي» الأميركية، الثلاثاء، توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية مع «هيوماين»، المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«غولدمان ساكس»: المستثمرون يعودون إلى مواقف حيادية تجاه الدولار

شعار بنك «غولدمان ساكس» يظهر على أرضية التداول في بورصة نيويورك (رويترز)
شعار بنك «غولدمان ساكس» يظهر على أرضية التداول في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

«غولدمان ساكس»: المستثمرون يعودون إلى مواقف حيادية تجاه الدولار

شعار بنك «غولدمان ساكس» يظهر على أرضية التداول في بورصة نيويورك (رويترز)
شعار بنك «غولدمان ساكس» يظهر على أرضية التداول في بورصة نيويورك (رويترز)

قال جون والدرون، رئيس بنك «غولدمان ساكس»، إن تقليص المستثمرين لحيازاتهم من أصول الدولار الأميركي مؤخراً يعكس تحولهم إلى مواقف أكثر حيادية تجاه العملة، بدلاً من «الاندفاع نحو المضاربة».

وشهدت الأسواق المالية تقلبات كبيرة في الأشهر القليلة الأولى من إدارة الرئيس ترمب، حيث دفع قرار الحكومة في 2 أبريل (نيسان) بزيادة الرسوم الجمركية على شركائها التجاريين بعض المستثمرين إلى الابتعاد عن الأصول الأميركية. ومنذ ذلك الحين، أحرز البيت الأبيض تقدماً في صفقات الرسوم الجمركية.

وأضاف والدرون أن بعض المستثمرين «ممن كانت حيازاتهم من الأصول المقومة بالدولار الأميركي تتجاوز ما هو معتاد بنسبة 10 في المائة أو 20 في المائة أو حتى 30 في المائة»، قد عادوا الآن إلى مواقف استثمارية أكثر توازناً وحيادية.

وأشار والدرون إلى أن التفاؤل بشأن تفوق الولايات المتحدة على باقي دول العالم كان دافعاً للمستثمرين لزيادة حيازاتهم من الدولار الأميركي، قائلاً: «كان الجميع، بشكل عام، يعبرون عن زيادة الوزن الاستثماري للدولار». ومع إعلان الرسوم الجمركية، قال والدرون إن العملاء بدأوا في إعادة توزيع محافظهم الاستثمارية بالعملات.

وأوضح والدرون في مقابلة مع «رويترز»: «إن تخفيف حيازات الدولار الذي شهدناه منذ 2 أبريل (نيسان) يُعَد في الغالب تصحيحاً لفائض الاحتياطيات، وليس هروباً جماعياً».

وتساءل قائلاً: «هل هناك شعور بأن تقلبات السياسات الأميركية أصبحت أعلى وبالتالي يجب تقليص حيازاتنا؟ لم نشهد ذلك بعد».

وانضم والدرون، البالغ من العمر 55 عاماً، إلى مجلس إدارة «غولدمان ساكس» في وقت سابق من هذا العام، بعد أسابيع قليلة من منح مكافأة للاحتفاظ بالموظفين، مما عزز مكانته كخليفة محتمل للرئيس التنفيذي ديفيد سولومون.

وأدت الهدنة الأخيرة في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين إلى ارتفاع طفيف في أسعار الأسهم، ودفعت الدولار للصعود، حيث استعاد مؤشرا «ستاندرد آند بورز 500» و«ناسداك» خسائرهما منذ 2 أبريل - أو «يوم التحرير» - عندما أعلن الرئيس دونالد ترمب عن فرض رسوم جمركية متبادلة شاملة.

وقال والدرون: «أعتبر السوق معتدلة نسبياً في ظل ما كان يحدث».

وأضاف أن هناك طلباً من المستثمرين على الوصول إلى الأسهم الصينية ومنتجات الدخل الثابت، وأشار إلى أن الشركات الأميركية قادرة على العمل في الصين رغم التحديات.

وقال: «لا أبالغ في تقدير التحديات بين الحكومتين في ما يتعلق بقدرتنا على العمل. نحن قادرون على العمل. الشركات الأميركية تعمل».

وأشار إلى أن معظم الشركات تحاول إيجاد حلول للتعامل مع تأثير الرسوم الجمركية المرتفعة نسبياً من حيث التكلفة. وتساءل: «ما مقدار هذه الرسوم الذي سنمرره من خلال السعر؟ وما مقدار ما سندفعه لموردينا؟ من سيتحمل وطأة هذه الرسوم؟» وأضاف: «الجواب هو أنه سيتم تقاسمها».

وأكد أن إجراءات الرسوم الجمركية أثرت أيضاً على عمليات الاندماج والاستحواذ، ما أدى إلى تأجيل إبرام صفقات جديدة.

وأوضح قائلاً: «إذا كنت تعمل على صفقة اندماج واستحواذ، أو كنت في طور البدء بها أو على وشك الدخول فيها، فمن المرجح أن تؤجلها مؤقتاً. أما إذا كنت على وشك الإعلان عنها ولم تتأثر كثيراً بالرسوم الجمركية، فمن المحتمل أن تمضي قدماً. وقد شهدنا كلا الأمرين».

وكانت مصادر قد صرحت لـ«رويترز» في وقت سابق بأن «غولدمان ساكس» يقدم المشورة لشركة «سي كيه هاتشيسون»، وهي تكتل أعمال في هونغ كونغ، والتي تبيع معظم أعمالها في الموانئ، التي تُقدّر قيمتها بـ 22.8 مليار دولار، لشركة «بلاك روك» الأميركية، بما في ذلك الأصول التي تمتلكها على طول قناة بنما.

وتشير بيانات شركة «ديلوجيك» إلى أن عدد عمليات الدمج والاستحواذ المعلنة على مستوى العالم - والتي تعد مقياساً لصحة الاقتصاد العالمي - انخفض إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من عشرين عاماً في أبريل.