موجات القيظ في أوروبا والولايات المتحدة كانت «مستحيلة تقريباً» لولا التغيّر المناخي

رجل يحمل مظلة أثناء دخوله هو وسائحون آخرون إلى تل الأكروبوليس القديم خلال موجة حر في أثينا (أ.ب)
رجل يحمل مظلة أثناء دخوله هو وسائحون آخرون إلى تل الأكروبوليس القديم خلال موجة حر في أثينا (أ.ب)
TT

موجات القيظ في أوروبا والولايات المتحدة كانت «مستحيلة تقريباً» لولا التغيّر المناخي

رجل يحمل مظلة أثناء دخوله هو وسائحون آخرون إلى تل الأكروبوليس القديم خلال موجة حر في أثينا (أ.ب)
رجل يحمل مظلة أثناء دخوله هو وسائحون آخرون إلى تل الأكروبوليس القديم خلال موجة حر في أثينا (أ.ب)

أثبتت شبكة «وورلد ويذر أتريبيوشن» الثلاثاء، أن موجات الحرّ الشديد التي تشهدها أوروبا والولايات المتحدة كان من «المستحيل تقريباً» حدوثها، لولا التغيّر المناخي، وفق وكالة «الصحافة الفرنسية».

ولاحظت هذه الشبكة العلمية التي تتولى درس الصلة بين ظواهر الطقس القصوى والتغير المناخي، أن هذا الأخير جعل موجة الحر في الصين «أكثر احتمالاً بخمسين مرة على الأقل».

وأوضحت الشبكة أن التغيّر المناخي الناجم عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي يسببها الإنسان «جعل موجات الحرّ أكثر حرّاً وأطول وأكثر تواتراً».

وخلص الباحثون إلى أن «موجات الحرّ الأخيرة لم تعد أحداثاً استثنائية»، وتلك التي ستحدث «ستكون أكثر كثافة وأكثر شيوعاً إذا لم يتم الحدّ من الانبعاثات بسرعة».

فإذا كانت الظواهر الطبيعية كالأعاصير المضادة أو «إل نينو» يمكن أن تسهم بالتسبب في موجات الحرارة هذه، فإن «ارتفاع درجة حرارة الكوكب عن طريق حرق الوقود الأحفوري هو السبب الرئيسي لخطورتها».

أكثر حراً بدرجتين ونصف درجة

وللتوصل إلى هذه الاستنتاجات، اعتمد معدّو الدراسة -وهم 7 علماء بينهم هولنديون وبريطانيون وأميركيون- على بيانات الطقس التاريخية ونماذج المناخ، لمقارنة مناخ اليوم والاحترار العالمي بمقدار 1.2 درجة مع ما كان عليه الأمر في الماضي.

ونشر الباحثون هذه النتائج على نحو طارئ، من دون المرور بعملية مراجعتها الطويلة من نظرائهم أعضاء اللجان المختصة في المنشورات العلمية؛ لكن دراستهم أجريت بواسطة أساليب معتمدة من قبل هذه اللجان.

شخصان يتوقفان لشرب الماء في طريقهما نحو السوق وسط أسوأ موجة حرارة في المدينة على الإطلاق تم تسجيلها في 24 يوليو 2023 في فينيكس بولاية أريزونا الأميركية (أ.ف.ب)

واهتم العلماء خصوصاً بدرس المراحل التي كانت فيها الحرارة «الأكثر خطورة»، أي من 12 إلى 18 يوليو (تموز) في جنوب أوروبا، ومن الأول إلى الثامن عشر من يوليو في غرب الولايات المتحدة وتكساس وشمال المكسيك، ومن 5 إلى 18 يوليو في وسط الصين وشرقها.

وأشاروا إلى أن الاحترار العالمي يفاقم من شدة درجات الحرارة؛ إذ يجعل موجات الحرّ في أوروبا أكثر حراً بنحو درجتين ونصف درجة مئوية، وفي أميركا الشمالية بنحو درجتين مئويين، وفي الصين بدرجة مئوية واحدة، وفق «وورلد ويذر أتريبيوشن».

وتوقعت وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» والمرصد الأوروبي «كوبرنيكوس» أن يصبح شهر يوليو عام 2023 على الأرجح الأكثر سخونة في العالم «منذ مئات، إن لم يكن آلاف السنين».

ورأت العالمة في «إمبريال كوليدج لندن» مريم زكريا، التي ساهمت في الدراسة، أن «مثل هذه الموجات كانت لتُعتبر شاذة في الماضي. ولكن في مناخ اليوم، بات يمكن أن تتكرر كل 15 عاماً تقريباً في أميركا الشمالية، وكل 10 سنوات في جنوب أوروبا، وكل 5 سنوات في الصين».

«مملّة»

وأضافت أن موجات الحر هذه «ستصبح أكثر تواتراً، وستحدث كل سنتين إلى 5 سنوات، إذا وصل الاحترار العالمي إلى درجتين، وهو ما يمكن أن يحدث في نحو 30 عاماً، ما لم تنفذ كل الدول الموقعة على اتفاق باريس بالكامل التزاماتها الحالية لخفض انبعاثاتها بسرعة».

وتوقعت عالمة المناخ البريطانية فريدريكيه أوتو أن يصبح ما حصل بداية الصيف الجاري «هو القاعدة». وأضافت: «يمكن اعتبار هذا الطقس منعشاً إذا لم نحقق الحياد الكربوني».

واعتبرت أن «نتائج هذه الدراسة ليست مفاجأة... بل يمكن وصفها من وجهة نظر علمية بأنها مملة؛ لأنها لا تفعل سوى تأكيد ما كان متوقعاً. لكن ما لم يكن متوقعاً هو مدى ضعفنا أمام تأثيرات الاحتباس الحراري، إذ إن هذا الأمر يقتل الناس».

لكنّ العالمة طمأنت بأن «موجات الحرّ هذه ليست مؤشراً على احترار جامح ولا على انهيار مناخي». وقالت: «لا يزال لدينا الوقت» لتغيير الأمور.


مقالات ذات صلة

قمة «كوب29» تتوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لتمويل المناخ

العالم كان من المقرر اختتام قمة «كوب29» أمس الجمعة لكنها امتدت لوقت إضافي (رويترز)

قمة «كوب29» تتوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لتمويل المناخ

اتفقت دول العالم بعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، على هدف تمويل سنوي بقيمة 300 مليار دولار لمساعدة الدول الأكثر فقراً على مواجهة آثار تغير المناخ.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)

أميركا وأوروبا ودول أخرى ترفع التمويل المناخي للدول النامية إلى 300 مليار دولار

وافق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى خلال قمة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ (كوب29) على زيادة عرضها لهدف التمويل العالمي إلى 300 مليار دولار

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد سيارات تُحضر بعض الوفود إلى مقر انعقاد مؤتمر «كوب 29» في العاصمة الأذرية باكو (رويترز)

«كوب 29» يشتعل في اللحظات الحاسمة مع اعتراضات من كل الأطراف

سيطر الخلاف على اليوم الختامي لـ«كوب 29» حيث عبرت جميع الأطراف عن اعتراضها على «الحل الوسطي» الوارد في «مسودة اتفاق التمويل».

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد مفوض الاتحاد الأوروبي للعمل المناخي فوبكي هوكسترا في مؤتمر صحافي على هامش «كوب 29» (رويترز)

«كوب 29» في ساعاته الأخيرة... مقترح يظهر استمرار الفجوة الواسعة بشأن تمويل المناخ

تتواصل المفاوضات بشكل مكثّف في الكواليس للتوصل إلى تسوية نهائية بين الدول الغنية والنامية رغم تباعد المواقف في مؤتمر المناخ الخميس.

«الشرق الأوسط» (باكو)
بيئة أظهرت الدراسة التي أجراها معهد «كلايمت سنترال» الأميركي للأبحاث أنّ الأعاصير الـ11 التي حدثت هذا العام اشتدت بمعدل 14 إلى 45 كيلومتراً في الساعة (رويترز)

الاحترار القياسي للمحيطات زاد حدة الأعاصير الأطلسية في 2024

أكدت دراسة جديدة، نُشرت الأربعاء، أن ظاهرة الاحترار المناخي تفاقم القوة التدميرية للعواصف، مسببة زيادة السرعة القصوى لرياح مختلف الأعاصير الأطلسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ارتفاع مستويات الميثان من الأراضي الرطبة الاستوائية يُهدد خطط المناخ

ارتفاع مستويات الميثان من الأراضي الرطبة الاستوائية (أرشيفية - رويترز)
ارتفاع مستويات الميثان من الأراضي الرطبة الاستوائية (أرشيفية - رويترز)
TT

ارتفاع مستويات الميثان من الأراضي الرطبة الاستوائية يُهدد خطط المناخ

ارتفاع مستويات الميثان من الأراضي الرطبة الاستوائية (أرشيفية - رويترز)
ارتفاع مستويات الميثان من الأراضي الرطبة الاستوائية (أرشيفية - رويترز)

أظهرت أوراق بحثية أن الأراضي الرطبة الاستوائية حول العالم بات ينبعث منها كميات من غاز الميثان أكثر من أي وقت مضى، وهو ما يُثير القلق من أن أهداف المناخ العالمية أصبحت بعيدة المنال، وفق «رويترز».

وتحتوي الأراضي الرطبة على كميات هائلة من الكربون في صورة مواد نباتية ميتة، تتحلل ببطء من خلال الميكروبات الموجودة في التربة.

ويؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى تسريع هذه العملية، ما يزيد من التفاعلات الحيوية التي ينتج عنها غاز الميثان. كما تؤدي الأمطار الغزيرة إلى حدوث فيضانات، ما يتسبب في زيادة رقعة الأراضي الرطبة.

وكان العلماء يتوقعون منذ فترة طويلة زيادة انبعاثات غاز الميثان من الأراضي الرطبة، مع ارتفاع درجات الحرارة، ولكن من عام 2020 إلى 2022 أظهرت عينات مأخوذة من الهواء وجود تركيزات أعلى من غاز الميثان في الغلاف الجوي.

وتشير 4 دراسات نُشرت في الأشهر القليلة الماضية إلى أن الأراضي الرطبة الاستوائية هي السبب الأكثر ترجيحاً في ارتفاع مستويات الميثان، إذ أسهمت المناطق الاستوائية في ارتفاع مستويات ذلك الغاز بأكثر من 7 ملايين طن خلال السنوات القليلة الماضية.

وقال روب جاكسون، أستاذ البيئة بجامعة ستانفورد، الذي يرأس المجموعة التي تنشر الميزانية العالمية للميثان: «تركيزات الميثان لا ترتفع فحسب، بل ارتفعت في السنوات الخمس الماضية أسرع من أي وقت مضى».

وأعلنت بعض الدول عن خطط طموح لخفض غاز الميثان. وقالت الصين العام الماضي إنها ستسعى جاهدة للحد من حرق الانبعاثات من آبار النفط والغاز.

ووضعت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن اللمسات الأخيرة على لائحة جديدة الأسبوع الماضي، سيلتزم بموجبها منتجو النفط والغاز في الولايات المتحدة بدفع رسوم على بعض انبعاثات الميثان، لكن من المرجح إلغاء هذه اللائحة في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وقالت وزيرة البيئة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، إيف بازيبا لـ«رويترز»، على هامش قمة الأمم المتحدة المعنية بالمناخ (كوب 29)، إن بلادها تعمل على تقييم انبعاثات غاز الميثان من غابات المستنقعات والأراضي الرطبة في حوض الكونغو.

وجاء في تقرير ميزانية الميثان لعام 2024 أن الكونغو هي أكبر مصدر لانبعاثات الميثان في المناطق الاستوائية.