يشبه الصيف في نصف الكرة الشمالي فيلم نهاية العالم: حرارة وفيضانات ونار، على حد وصف تقرير لشبكة «سي إن إن».
لكن العلماء يحذرون من أن هذا قد يكون مجرد عيّنة للفوضى التي لا يمكن التنبؤ بها إذا استمر العالم في ضخ التلوث الناتج عن ارتفاع درجة حرارة الكوكب.
فشهر يوليو (تموز) حطم أرقاما عدّة من سجلات درجة الحرارة المرتفعة، حيث وصلت درجات الحرارة في فينيكس، أريزونا إلى 110 درجات فهرنهايت (43.3 درجة مئوية) على الأقل لمدة 19 يوماً متتالياً وتسببت بملء أقسام الطوارئ في المستشفيات بأمراض مرتبطة بالحرارة.
كذلك، يشهد جنوب أوروبا واحدة من أكثر موجات الحرارة تطرفاً على الإطلاق، مع اندلاع حرائق الغابات في اليونان وإسبانيا وسويسرا.
وفي آسيا، تجاوزت درجات الحرارة 50 درجة مئوية (122 درجة فهرنهايت) في الصين، بينما تشهد أجزاء من كوريا الجنوبية واليابان وشمال الهند فيضانات قاتلة.
وفي بيان صدر يوم الثلاثاء، وصف بيتيري تالاس الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، هذا التسلسل المستمر للطقس القاسي بـ«الوضع الطبيعي الجديد».
ألا أن العلماء يرفضون هذا التأطير.
ووصف عالم المناخ والأستاذ في جامعة بنسلفانيا مايكل إي مان الطقس الذي نشهده بـ«غير الطبيعي الجديد»، موضحا أن «الوضع الطبيعي الجديد ينقل بشكل خاطئ فكرة أننا وصلنا إلى حالة مناخية جديدة وعلينا ببساطة التكيف معها».
وفي حديث لشبكة «سي إن إن»، شرح مان أن التأثيرات تصبح أسوأ مع استمرار حرق الوقود الأحفوري والاحترار»، مشيرا إلى أنه «خط أساس متحرك من التأثيرات المدمرة أكثر من أي وقت مضى طالما استمرت الأرض في الاحترار».
بالنسبة لعلماء مثل مان، لم يكن الطقس القاسي هذا العام مفاجئاً إلى حد كبير، بل كان من المتوقع أن يكون لتطور ظاهرة النينو، وهي ظاهرة طبيعية لها تأثير على الاحترار العالمي، تأثير كبير.
وعلى الصعيد الإقليمي، قال مان إنه كانت هناك بعض الحالات الشاذة الملحوظة، مشيرا إلى مستويات منخفضة قياسية من الجليد البحري الشتوي في القارة القطبية الجنوبية والحرارة «خارج الرسوم البيانية» في شمال المحيط الأطلسي.
أضاف: «إنها تذكير بأن السجلات ستحطم الرقم القياسي باستمرار إذا واصلنا حرق الوقود الأحفوري».
ومع تسارع أزمة التغير المناخي، فإن الساحات مهيأة لمزيد من المفاجآت. وقال العالم في إسناد المناخ في مكتب الأرصاد الجوية بالمملكة المتحدة بيتر ستوت: «ستستمر الظواهر الجوية المتطرفة في أن تصبح أكثر حدة وقد تتغير أنماط الطقس لدينا بطرق لا يمكننا التنبؤ بها حتى الآن».
كما لفت مان إلى أنه في بعض الحالات، تجاوزت درجات الحرارة والحرائق والفيضانات بالفعل ما توقعته النماذج المناخية، وأرجع الأمر بشكل جزئي إلى التغييرات في التيار النفاث.
ويتم تشغيل التيار النفاث من خلال اختلاف درجة الحرارة بين القطبين وخط الاستواء. ومع ارتفاع درجة حرارة القطب الشمالي بسرعة، يقل هذا الاختلاف في درجة الحرارة ويبطئ التيار النفاث ويضعف. يمكن أن يعني هذا أن أنظمة الطقس يمكن أن تثبت في مكانها لفترات طويلة.
وقال مان: «المنطقة نفسها تُشوى أو تغرق بالأمطار، هذا هو نوع السلوك المناخي الذي نشهده هذا الصيف».
في هذا الصدد، قالت عالمة المناخ في المعهد الملكي الهولندي للأرصاد الجوية فيكي طومسون، لـ«سي إن إن»، إنه سيكون من الصعب على البلدان التكيف مع هذه الظروف المتطرفة الجديدة.
أضافت: «سنرى مجموعة من الأحداث التي يمكن أن تؤدي إلى تأثيرات غير متوقعة. الحرارة الشديدة يمكن أن يتبعها بسرعة هطول أمطار غزيرة تؤثر على المجتمع والزراعة والنظم البيئية بطرق غير عادية».
وفي هذا الإطار، ذكرت الشبكة أن حرارة المحيطات حول فلوريدا الأميركية غير مسبوقة ويحذر العلماء من تأثيرات كبيرة. وإذ أكدت طومسون أن البلدان تستعد للأسوأ، ونبهت إلى أنه مع تحطيم درجات الحرارة الأرقام القياسية «نحن بحاجة إلى أن نكون مستعدين للمواقف التي قد تبدو مستحيلة».
في حين أن العالم محاصر بالفعل في بعض تأثيرات الاحتباس الحراري بسبب الفشل العالمي في خفض التلوث الناتج عن ارتفاع درجة حرارة الكوكب، فإن العلماء واضحون لناحية أنه لا يزال هناك وقت لتجنب أسوأ العواقب.
وقال مان إن أحدث العلوم تظهر أن ارتفاع درجة الحرارة العالمية سيتوقف على الفور تقريباً بعد أن نتوقف عن حرق الوقود الأحفوري.