شتاينر: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يناقش شراكة جديدة مع السعودية

أكد لـ«الشرق الأوسط» أهمية «كوب 16» في رفع قضية التصحر إلى الأجندة الدولية

TT

شتاينر: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يناقش شراكة جديدة مع السعودية

شتاينر: برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يناقش شراكة جديدة مع السعودية

أكد مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أخيم شتاينر، أن هناك سنوات كثيرة من التعاون مع السعودية، كاشفاً أن الطرفين يناقشان حالياً مرحلة جديدة من الشراكة، خصوصاً في ضوء التحولات الاقتصادية والبيئية التي تشهدها المملكة، وما يسعى إليه العالم من مفاوضات دولية تجري حالياً لمواجهة التحديات المرتبطة بتغيُّر المناخ.

وقال شتاينر، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، على هامش مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16)، المنعقد حالياً في الرياض، إن النقاش الحالي، الذي يُمثل مذكرة تعاون بين البرنامج والسعودية، يتناول التحديات الكبرى المرتبطة بتغيُّر المناخ، مثل الجفاف وتدهور الأراضي، إضافة إلى التأثيرات الاقتصادية على المجتمعات الزراعية وإمدادات المياه.

وأضاف أن هذه المحادثات تهدف إلى تركيز التعاون بين الطرفين على تبني استراتيجيات منهجية لتخطيط الاقتصاد السعودي للمستقبل.

الأجندة الدولية

وتطرّق شتاينر إلى قمة «ريو» البرازيلية التي انعقدت عام 1992؛ إذ جرى التفاوض على 3 اتفاقيات رئيسة تحت رعاية الأمم المتحدة حول تغيُّر المناخ، والتنوع البيولوجي، والتصحر. ولفت إلى أن هذا العام -خلال مؤتمر «كوب 16»- يُمثل نقطة تحول؛ إذ تم رفع قضية التصحر وتدهور الأراضي إلى مستوى أعلى في الأجندة الدولية، خصوصاً مع رئاسة السعودية للحدث.

وأكد أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ينظر إلى التنمية بوصفها منهجية شاملة، بحيث لا تقتصر المسائل البيئية على تأثيرات تغير المناخ فقط، بل تشمل أيضاً إدارة الأراضي والموارد الطبيعية.

في هذا السياق، أشار إلى أن حماية الأراضي والتعامل مع الجفاف يجب أن يكونا جزءاً من استراتيجيات التنمية المستدامة، خصوصاً في الدول النامية التي تعتمد على الزراعة.

وقال إن الدول النامية بحاجة إلى الاستثمار في استعادة الأراضي وحمايتها، وهو ما يتطلب دعماً تقنياً ومالياً من المجتمع الدولي.

تعزيز التنمية المستدامة

وأوضح شتاينر أن عدداً من البلدان تواجه تحديات اقتصادية كبيرة نتيجة تدهور البيئة، ما يؤدي إلى زيادة الاضطرابات الاجتماعية والنزاعات، ويهدد الأمن العام.

وأشار شتاينر أيضاً إلى أن جائحة «كوفيد-19» كانت مثالاً قوياً على الترابط المتزايد بين الدول والشعوب؛ إذ أثّر الفيروس على الجميع، ولم يكن بالإمكان السيطرة عليه إلا من خلال التعاون الدولي، موضحاً أن هذا الدرس ينطبق بشكل خاص على التحديات البيئية والاقتصادية، حيث يجب على الدول التعاون لمواجهة التهديدات الجديدة التي تنشأ من التحول الرقمي، والذكاء الاصطناعي، وتهديدات الأمن السيبراني.

وأضاف أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يُركز بشكل كبير على تعزيز التنمية المستدامة باستخدام التكنولوجيا والابتكار، مبيّناً أن التحول الرقمي، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة، يمثل فرصاً كبيرة لدول العالم لمواجهة التحديات البيئية.

وبيّن أن الاستثمار في هذه المجالات يمكن أن يساعد الدول على تحسين استجابتها لأزمات المناخ والتكيف مع التغيرات المستقبلية.

السياسات الاقتصادية

وأوضح شتاينر أن التكيف مع التغيرات المناخية أصبح جزءاً أساسياً من عمل البرنامج؛ لذا أصبح يُمثّل 50 في المائة من محفظة عمل البرنامج في مساعدة الدول على التكيف مع هذه التغيرات المستقبلية، وتحديد المخاطر التي تواجهها، سواء كانت بسبب تغيرات المناخ، مثل الجفاف وارتفاع مستوى سطح البحر، أو بسبب الأمراض المرتبطة بتغيرات بيئية.

وأفاد بضرورة تغيير السياسات الاقتصادية الزراعية في عدد من بلدان العالم؛ إذ إن كثيراً من السياسات الحالية تدعم ممارسات غير مستدامة تؤدي إلى تدهور البيئة.

ولفت إلى أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يعمل على دفع الحكومات إلى تشجيع الممارسات الزراعية المستدامة، مثل استخدام الموارد المائية بشكل أكثر كفاءة، والحفاظ على التنوع البيولوجي عبر السياسات الاقتصادية والمالية.

وقال: «نحن نساعد المؤسسات على تطوير القدرات اللازمة للقرن الواحد والعشرين لكي تجعل تنميتها الاقتصادية أكثر فاعلية».

التقنيات الجديدة

وفيما يتعلق بالتعاون الإقليمي، أكد شتاينر أهمية الشراكة بين الدول لمكافحة التحديات المشتركة، مثل التصحر وعواصف الرمال التي تؤثر بشكل خاص على المنطقة العربية، موضحاً أن هذه الظواهر تؤدي إلى تقلبات في أسعار الغذاء العالمية، ما يؤثر على ملايين الناس في المنطقة.

وأوضح شتاينر أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يسهم في تعزيز التعاون بين الدول، من خلال دعم الاستثمارات في التقنيات الجديدة، مثل الطاقة المتجددة، والمساعدة في تعزيز قدرة الدول على التكيف مع تحديات المناخ.

في إطار سعي الدول لمكافحة تغير المناخ، شدد شتاينر على أهمية التحول إلى اقتصاد أخضر؛ حيث تعمل الدول على تقليل انبعاثات الكربون في قطاعات مثل الطاقة، والتنقل، والزراعة.

وذكر أن التوسع في استخدام الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والرياح، يعد خطوة حاسمة لتحقيق هذا الهدف. كما دعا إلى زيادة الاستثمارات في التكنولوجيا النظيفة، ودعم التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون، وهو ما يعكس رؤية المستقبل للاقتصادات العالمية.

التحديات البيئية والاقتصادية

وقال شتاينر إن الابتكار سيكون مفتاحاً رئيساً لمواجهة التحديات البيئية والاقتصادية في المستقبل. وأضاف أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يستثمر بشكل كبير في التحولات الرقمية والطاقة المتجددة، مع التركيز على كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي لدعم التنمية في الدول النامية.

وأوضح أن البرنامج يعمل مع أكثر من 23 ألف شخص في 170 دولة، لمساعدة الحكومات على تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

وبيّن أن مشاركة البرنامج في مؤتمر «كوب 16» تعكس دعمه القوي وإيمانه بأن هذه الاتفاقية تحديداً، بما تركز عليه من قضايا الجفاف وتدهور الأراضي، تعد أساسية لمساعدة الدول على تقليل المخاطر واستثمارها في المستقبل، موضحاً أن جوهر الأمم المتحدة هو التعاون الدولي والتضامن، وهو ما نحتاج إليه اليوم أكثر من أي وقت مضى.

ختاماً، شدّد شتاينر على أن المستقبل يتطلب تعاوناً دولياً مستمراً وتنسيقاً بين الحكومات والشركات والمجتمع المدني لمواجهة تحديات المناخ والتنمية، مؤكداً أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيواصل دعم الدول في سعيها لتحقيق الاستدامة والتكيّف مع التغيرات البيئية.


مقالات ذات صلة

«كوب 16» في الرياض: 35 قراراً لمكافحة التصحر

الخليج صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

«كوب 16» في الرياض: 35 قراراً لمكافحة التصحر

اختتم مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) اجتماعاته في الرياض، أمس، بالموافقة على 35 قراراً حول مواضيع محورية تسهم في الحد من تدهور

عبير حمدي ( الرياض)
الاقتصاد صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية.

عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

لا تزال المداولات مستمرة في الساعات الأخيرة قبل اختتام مؤتمر «كوب 16» المنعقد بالرياض.

عبير حمدي (الرياض)
يوميات الشرق معرض مستدام وصديق للبيئة من إنشائه إلى تصميمه ومكوّناته (تصوير: تركي العقيلي)

من التصميم إلى الإنشاء… ابتكارات مستدامة تُشكِّل معرضاً دولياً في السعودية

تبرز تقنية «الشجرة التفاعلية» وسط القاعة. فعندما يقترب الزائر تدبُّ الحياة في الشجرة ويُعرَض وجهٌ عليها لتبدأ بسرد قصتها ممثّلةً الأشجار المُعمِّرة في السعودية.

غازي الحارثي (الرياض)
يوميات الشرق تكريم الفائزين الثلاثة ضمن مبادرة «حلول شبابية» بالتزامن مع «كوب 16» (واس)

منصّتان وشركة... «حلول شبابية» سعودية مبتكرة لمختلف التحديات البيئية

لم تكن الحلول التي قُدِّمت في مؤتمر «كوب 16» للقضايا البيئية والمناخيّة الملحّة، وقضايا تدهور الأراضي والجفاف، قصراً على الحكومات والجهات الخاصة ذات الصلة.

غازي الحارثي (الرياض)

استقرار عوائد السندات في منطقة اليورو قبيل بيانات التضخم

علم الاتحاد الأوروبي على أوراق اليورو النقدية (رويترز)
علم الاتحاد الأوروبي على أوراق اليورو النقدية (رويترز)
TT

استقرار عوائد السندات في منطقة اليورو قبيل بيانات التضخم

علم الاتحاد الأوروبي على أوراق اليورو النقدية (رويترز)
علم الاتحاد الأوروبي على أوراق اليورو النقدية (رويترز)

استقرت عوائد السندات في منطقة اليورو بشكل عام يوم الثلاثاء، مع ترقب المستثمرين لبيانات التضخم المرتقبة في وقت لاحق من اليوم.

وسجل العائد على السندات الألمانية لأجل عشر سنوات، الذي يُعتبر المعيار القياسي في منطقة اليورو، زيادة طفيفة بأقل من نقطة أساس واحدة ليصل إلى 2.459 في المائة. ويتحرك العائد على السندات عكسياً مع أسعارها، وفق «رويترز».

وأظهر التضخم في ألمانيا يوم الاثنين ارتفاعاً أسرع من المتوقع، مما أثار اهتمام المستثمرين الذين يتطلعون الآن إلى تقرير مؤشر أسعار المستهلك الموحد لمنطقة اليورو والمقرر صدوره اليوم.

وهذه هي البيانات الأخيرة قبل اجتماع البنك المركزي الأوروبي المرتقب في الثلاثين من يناير (كانون الثاني). وتشير التوقعات الحالية إلى أن البنك المركزي الأوروبي قد يخفض أسعار الفائدة بنحو 100 نقطة أساس هذا العام.

من جهة أخرى، ارتفع العائد على السندات الإيطالية لأجل عشر سنوات بمقدار نقطتين أساس ليصل إلى 3.597 في المائة، بعد أن سجل أعلى مستوى له منذ 18 نوفمبر (تشرين الثاني) عند 3.629 في المائة. كما اتسع الفارق بين العوائد الإيطالية والألمانية بمقدار 1.5 نقطة أساس ليصل إلى 112.7 نقطة أساس.

أما العائد على السندات الألمانية لأجل عامين، الأكثر تأثراً بتوقعات التغيرات في أسعار الفائدة للبنك المركزي الأوروبي، فقد سجل استقراراً عند 2.197 في المائة.