120 مليون نازح قسراً حول العالم

«الأمم المتحدة»: عدد قياسي وإدانة فظيعة للمجتمع الدولي

نازحة فلسطينية في مخيم جباليا 8 يونيو (رويترز)
نازحة فلسطينية في مخيم جباليا 8 يونيو (رويترز)
TT

120 مليون نازح قسراً حول العالم

نازحة فلسطينية في مخيم جباليا 8 يونيو (رويترز)
نازحة فلسطينية في مخيم جباليا 8 يونيو (رويترز)

أعلنت «الأمم المتحدة»، الخميس، أن إجمالي عدد اللاجئين والنازحين، الذين اضطروا لترك ديارهم بسبب الحروب والعنف والاضطهاد، وصل إلى 120 مليون شخص حول العالم، في عدد قياسي يزداد ويمثل «إدانة فظيعة لحالة العالم».

وقالت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين إن النزوح القسري في سائر أنحاء العالم بلغ مستوى قياسياً جديداً، إذ أجبرت الصراعات والحروب المستعرة في أماكن عدة مثل غزة والسودان وميانمار مزيداً من الناس على هجر ديارهم، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأضافت، في بيان، أن عدد اللاجئين والنازحين حول العالم بات، الآن، يعادل عدد سكان اليابان. وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، للصحافيين، إن «النزاع ما زال محرّكاً كبيراً جداً للنزوح الجماعي». وقالت المفوضية، في تقرير، إنه، في نهاية العام الماضي، بلغ عدد اللاجئين والنازحين قسراً حول العالم نحو 117.3 مليون شخص. وأضافت أنه بحلول أواخر أبريل (نيسان)، ارتفع العدد أكثر ليبلغ 120 مليون نازح حول العالم. وقالت المفوضية إن العدد ارتفع من 110 ملايين لاجئ ونازح قبل عام، ويزداد منذ 12 عاماً متتالياً. وقد تضاعف ثلاث مرّات تقريباً منذ عام 2012، في ظل مجموعة من الأزمات الجديدة والمتغيرة والإخفاق في حل تلك القائمة منذ مدة طويلة. وقال غراندي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنه صُدم من العدد الكبير للنازحين، عندما تولّى منصبه قبل ثماني سنوات. وأضاف أنه منذ ذلك الحين، ازداد العدد «بأكثر من الضِّعف»، واصفاً هذا الواقع بأنه «إدانة فظيعة لحالة العالم».

«دول الجنوب» تتحمل العبء الأكبر

فيليبو غراندي خلال مؤتمر صحافي في جنيف الخميس (أ.ب)

أشار غراندي إلى زيادة ملموسة في الأزمات، ولفت إلى الكيفية التي يؤثر من خلالها تغير المناخ على حركة السكان ويغذي النزاعات. وقال، لصحافيين، إن المفوضية أعلنت، العام الماضي، عن 43 حالة طوارئ في أنحاء 29 بلداً؛ أي أكثر بأربع مرّات من المستوى الطبيعي قبل عدة سنوات. ولفت غراندي خصوصاً إلى «الطريقة التي تُدار بها النزاعات، في تجاهل تام للقانون الدولي، وعادة بغرض محدد قائم على ترهيب الناس»، وهو عامل «يسهم بالتأكيد بقوة في مزيد من النزوح». كما أقرّ غراندي بأن الأمل في تغير هذا الاتجاه ضئيل حالياً. وقال: «ما لم يطرأ أي تحول على الوضع الجيوسياسي الدولي، أرى للأسف أن الرقم سيواصل الارتفاع». ومن إجمالي عدد النازحين، المسجّل أواخر 2023، والبالغ 117.3 مليون، نزح 68.3 مليون شخص داخل بلدانهم، وفق تقرير، الخميس. وجاء فيه أن عدد اللاجئين وغيرهم ممن يحتاجون إلى حماية دولية، ارتفع، في هذه الأثناء، إلى 43.4 مليون. ورفضت المفوضية الفكرة السائدة بأن جميع اللاجئين والمهاجرين يتوجّهون إلى الدول الثرية. وأوضح: «ظل معظم اللاجئين قريبين من الدول التي يتحدرون منها، علماً بأن 69 في المائة كانوا يعيشون في دول مجاورة لبلدانهم في نهاية عام 2023. وما زالت الدول ذات الدخلين المنخفض والمتوسط تستضيف الغالبية العظمى من اللاجئين؛ أي 75 في المائة يعيشون في هذه البلدان».

السودان وغزة

كانت الحرب الأهلية السودانية من العوامل الرئيسية التي أدت إلى ازدياد الأعداد السريع. ومنذ اندلاعها في أبريل (نيسان) 2023، أدّت الحرب إلى نزوح أكثر من تسعة ملايين شخص إضافي، ليصل عدد السودانيين الذين اضطروا لمغادرة ديارهم، بنهاية عام 2023، إلى نحو 11 مليون شخص، وفق المفوضية. وما زالت الأعداد ترتفع. وأشار غراندي إلى أن كثيرين ما زالوا يفرّون إلى تشاد المجاورة، التي استقبلت نحو 600 ألف سوداني، خلال الأشهر الـ14 الأخيرة. وقال، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «المئات والمئات يعبرون يومياً من بلد مدمَّر إلى أحد أفقر بلدان العالم». وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية وميانمار، نزح ملايين الأشخاص الإضافيين داخلياً، العام الماضي؛ هرباً من القتال. وفي قطاع غزة، تفيد تقديرات الأمم المتحدة بأن 1.7 مليون شخص (75 في المائة من السكان) نزحوا جراء الحرب. وأما بالنسبة للحرب الدائرة في أوكرانيا، فقدّرت الأمم المتحدة أن نحو 750 ألف شخص إضافي باتوا نازحين داخل البلاد، العام الماضي، ليصل إجمالي النازحين داخلياً في هذا البلد إلى 3.7 مليون في نهاية عام 2023. وأوضحت أن عدد اللاجئين الأوكرانيين وطالبي اللجوء ازداد بأكثر من 275 ألفاً إلى ستة ملايين شخص. وما زالت سوريا تمثّل أكبر أزمة نزوح في العالم، إذ نزح 13.8 مليون شخص قسراً داخل البلاد وخارجها، وفق المفوضية.


مقالات ذات صلة

اتفاقات دعم سعودي إنساني لمنظمات دولية في 3 دول

الخليج جانب من توقيع اتفاقيتي التعاون المشترك بين مركز الملك سلمان للإغاثة ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (واس)

اتفاقات دعم سعودي إنساني لمنظمات دولية في 3 دول

أبرمت السعودية، ممثلة في مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، اتفاقيات تعاون مشترك مع منظمات دولية لدعم العمل الإنساني في سوريا والسودان وأوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شؤون إقليمية جانب من اجتماع وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (الخارجية التركية)

وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران حذروا من دوامة عنف جديدة في سوريا

ناقش وزراء خارجية تركيا وروسيا وإيران، وهي الدول الثلاث الضامة لمسار أستانا، الأوضاع في سوريا على هامش أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج وزير الخارجية السعودي يتحدث خلال جلسة لمجلس الأمن بشأن غزة في نيويورك (الأمم المتحدة)

السعودية تدعو لشراكة جادة تحقق السلام في المنطقة

أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أن بلاده تؤمن بأن تنفيذ حل الدولتين هو الأساس لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

جبير الأنصاري (الرياض)
العالم العربي ممثل كوريا الجنوبية لدى الأمم المتحدة هوانغ جون-كوك يتحدث خلال جلسة مجلس الأمن (الأمم المتحدة)

كوريا الجنوبية تصف التصعيد في المنطقة بـ«غير المسبوق»

قال ممثل كوريا الجنوبية لدى الأمم المتحدة هوانغ جون-كوك، إن الضربة في الضاحية الجنوبية لبيروت «أدت إلى تعميق مشاغلنا»، واصفا التصعيد في المنطقة بـ«غير المسبوق».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يلقي كلمة أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك (أ.ف.ب)

لافروف: الشرق الأوسط على شفا «حرب شاملة»

حذّر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الجمعة، من أن الشرق الأوسط على شفا «حرب شاملة» مع قيام إسرائيل بشن هجمات على «حزب الله» في لبنان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

نداء مشترك أميركي-أوروبي-عربي «لوقف مؤقت لإطلاق النار» في لبنان

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو خلال كلمته أمام مجلس الأمن الدولي (رويترز)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو خلال كلمته أمام مجلس الأمن الدولي (رويترز)
TT

نداء مشترك أميركي-أوروبي-عربي «لوقف مؤقت لإطلاق النار» في لبنان

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو خلال كلمته أمام مجلس الأمن الدولي (رويترز)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو خلال كلمته أمام مجلس الأمن الدولي (رويترز)

أصدرت الولايات المتّحدة والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الغربية والعربية، الأربعاء، نداء مشتركا لإرساء "وقف مؤقت لإطلاق النار" في لبنان حيث يهدّد النزاع الدائر بين إسرائيل وحزب الله بجرّ المنطقة إلى حرب واسعة النطاق.
وقال الرئيسان الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون في بيان مشترك "لقد عملنا معا في الأيام الأخيرة على دعوة مشتركة لوقف مؤقت لإطلاق النار لمنح الدبلوماسية فرصة للنجاح وتجنّب مزيد من التصعيد عبر الحدود"، مشيرين إلى أنّ "البيان الذي تفاوضنا عليه بات الآن يحظى بتأييد كلّ من الولايات المتّحدة وأستراليا وكندا والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر".

وكان وزير الخارجية الفرنسي جان-نويل بارو كشف خلال جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي، الأربعاء، عن اقتراح مشترك مع الولايات المتحدة لإرساء وقف لإطلاق النار لمدة 21 يوما في لبنان لمنع تطور النزاع الراهن بين إسرائيل وحزب الله إلى حرب شاملة.

وقال بارو خلال الجلسة التي عُقدت بطلب من بلاده إنّه "في الأيام الأخيرة، عملنا مع شركائنا الأميركيين على وقف مؤقت لإطلاق النار لمدة 21 يوما لإفساح المجال أمام المفاوضات". وأضاف أنّ هذا المقترح "سيتم الإعلان عنه سريعا ونحن نعوّل على قبول الطرفين به".

وشدّد الوزير الفرنسي على أنّ اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله "ليس حتميا" بشرط أن تنخرط كل الأطراف "بحزم" في إيجاد حلّ سلمي للنزاع. وحذّر بارو من أنّ "الوضع في لبنان اليوم يهدّد بالوصول إلى نقطة اللاعودة". وأضاف أنّ "التوترات بين حزب الله وإسرائيل اليوم تهدّد بدفع المنطقة إلى صراع شامل لا يمكن التكهن بعواقبه". وإذ ذكّر الوزير الفرنسي بأنّ لبنان يعاني منذ ما قبل التصعيد الراهن من حالة "ضعف كبيرة" بسبب الأزمة السياسية والاقتصادية التي يتخبط فيها، حذّر من أنّه في حال اندلعت فيه "حرب فهو لن يتعافى منها".

ويبدو الوضع الحالي بين حزب الله وإسرائيل وكأنه وصل إلى طريق مسدود، إذ يشترط الحزب المسلح المدعوم من إيران وقف الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة لكي يوقف هجماته على الدولة العبرية التي تشترط من جهتها انسحابه بعيدا عن حدودها لكي توقف هجماتها ضدّه.وفي كلمته أمام مجلس الأمن الدولي، قال الوزير الفرنسي "فلنستفد من وجود العديد من القادة في نيويورك لفرض حلّ دبلوماسي وكسر دائرة العنف". وتأتي هذه المبادرة الفرنسية-الأميركية بعد مباحثات مكثفة جرت على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وبعد لقاء ثنائي بين الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وأعلن البيت الأبيض أنّ بايدن التقى ماكرون في نيويورك "لمناقشة الجهود الرامية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله اللبناني ومنع حرب أوسع نطاقا". وأتى هذا اللقاء بعدما حذّر بايدن من أنّ اندلاع "حرب شاملة" في الشرق الأوسط هي "أمر محتمل"، بينما دعا ماكرون "إسرائيل إلى وقف التصعيد في لبنان وحزب الله إلى وقف إطلاق النار".

وقال الرئيس الفرنسي من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة "نحضّ إسرائيل على وقف هذا التصعيد في لبنان، ونحضّ حزب الله على وقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل. نحضّ كل من يزوّد (حزب الله) الوسائل اللازمة للقيام بذلك على التوقف"، معتبرا في الوقت نفسه أنّه لا يمكن للدولة العبرية "أن توسّع عملياتها في لبنان من دون عواقب". وشدّد ماكرون في كلمته على أنّه "لا يمكن أن تكون هناك حرب في لبنان".

وتزامنت هذه التحذيرات مع إعلان الجيش الإسرائيلي الأربعاء أنّه يستعد لشنّ هجوم برّي محتمل على لبنان لضرب حزب الله الذي يزيد يوما تلو الآخر وتيرة قصفه للأراضي الإسرائيلية. والأربعاء اعترضت الدفاعات الجوية الإسرائيلية صاروخا بالستيا أطلقه حزب الله باتجاه تل أبيب، في سابقة من نوعها منذ بدء النزاع بين الطرفين قبل حوالى عام، إذ لم يسبق للحزب المدعوم من إيران أن قصف الدولة العبرية بصاروخ بالستي كما أنها المرة الأولى التي يوجّه فيها نيرانه إلى تل أبيب.

وفي مستهلّ جلسة مجلس الأمن، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنّ التصعيد الراهن بين إسرائيل وحزب الله "يفتح أبواب الجحيم في لبنان"، مؤكدا أنّ "الجهود الدبلوماسية تكثفت للتوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار".

من ناحيته، حذّر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قبيل بدء الاجتماع من أنّ الشرق الأوسط "على شفير كارثة شاملة"، مؤكدا أنّ بلاده ستدعم لبنان "بكل الوسائل". بالمقابل، قال السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون إنّ الدولة العبرية تفضّل استخدام القنوات الدبلوماسية لتأمين حدودها الشمالية مع لبنان، لكنها ستستخدم "كل الوسائل المتاحة" إذا فشلت الدبلوماسية في التوصل إلى اتفاق مع حزب الله.