قالت أذربيجان، اليوم (الأربعاء)، إنها تريد «إعادة دمج سلمية» لجيب ناغورنو كاراباخ داخل أراضيها و«تطبيع» العلاقات مع أرمينيا، متعهدة بضمان ممر «آمن» للانفصاليين الأرمن الذين استسلموا إثر هجوم شنّته باكو واستمر 24 ساعة، وفق ما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».
وقال حكمت حاجييف، مستشار الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، في مؤتمر صحافي: «تهدف أذربيجان إلى إعادة الإدماج السلمي للأرمن في كاراباخ وتدعم أيضاً عملية التطبيع بين أرمينيا وأذربيجان». وتعهد المسؤول الأذربيجاني أن توفر بلاده ممراً «آمناً» للمقاتلين الانفصاليين الأرمن.
وأكد أن الاتفاق الذي تمّ بموجبه وقف العملية العسكرية التي بدأتها أذربيجان، أمس، يشمل قيام الانفصاليين بـ«تسليم السلاح» وإخلاء مواقعهم في ناغورنو كاراباخ.
وقال: «سيتم توفير ممر آمن من قبل الجانب الأذربيجاني»، مشدداً على أن «كل الخطوات في الميدان تتمّ بالتنسيق مع قوات حفظ السلام الروسية» المنتشرة في المنطقة المتنازع عليها.
وتنتشر هذه القوات منذ أواخر عام 2020 في أعقاب الحرب الأخيرة التي خاضتها باكو ويريفان بشأن كاراباخ.
وأثارت العملية العسكرية الأذربيجانية قلقاً دولياً واسعاً، وتتالت الدعوات إلى الوقف الفوري لإطلاق النار. كما دعت فرنسا، أمس، إلى جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي للبحث في العملية العسكرية الأذربيجانية التي اعتبرتها «غير شرعية وغير مقبولة».
واعتبر حاجييف أن لا جدوى من ذلك، موضحاً: «نعتقد أن جلسة كهذه في حال انعقادها، ستكون غير ذي جدوى وضارة». وأشار إلى أن باكو جاهزة للتعبير «عن آرائها ومخاوفها المشروعة» أمام مجلس الأمن في حال انعقاده لبحث هذا الملف.
وأفادت مصادر دبلوماسية فرنسية لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» بأن الجلسة قد تعقد «خلال الأيام المقبلة» والأرجح غداً.
وأعلنت باكو والسلطات الانفصالية الأرمينية في ناغورنو كاراباخ، اليوم، وقفاً لإطلاق النار بعدما وافق الانفصاليون على إلقاء أسلحتهم وبدء محادثات الخميس حول إعادة دمج المنطقة المتنازع عليها.
ووضع الاتفاق حداً للعملية العسكرية التي بدأتها القوات الأذربيجانية، أمس، وخلّفت 32 قتيلاً على الأقلّ.
ويُشكّل هذا الإعلان انتصاراً كبيراً للرئيس علييف في رغبته في السيطرة على هذه المنطقة المتنازع عليها منذ عقود بين أذربيجان وأرمينيا.
«حاجة فورية للمساعدة»
وحضّ رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، علييف، اليوم، على حماية حقوق الأرمن في منطقة ناغورنو كاراباخ.
وكتب ميشال عبر منصات التواصل الاجتماعي: «أجريت اتصالاً هاتفياً بالرئيس علييف صباح اليوم لضمان وقف إطلاق نار شامل وآمن، ومعاملة أرمن كاراباخ بكرامة من قبل أذربيجان. يجب ضمان حقوقهم الإنسانية وسلامتهم»، مؤكداً الحاجة «الفورية» لتلقيهم مساعدات إنسانية.
وتصاعدت التوترات بين أرمينيا وأذربيجان مطلع يوليو (تموز) بعدما أغلقت باكو بذرائع مختلفة ممرّ «لاتشين»، وهو الوحيد الذي يربط أرمينيا بناغورنو كاراباخ، ما تسبب بنقص كبير في الإمدادات. وأثار ذلك مخاوف من تجدّد المعارك بين البلدين بشأن الإقليم، خصوصاً في ظلّ تعزيز أذربيجان انتشارها العسكري عند الحدود.
فرار آلاف الأرمن
هذا، واحتشد آلاف الأرمن في مطار بإقليم ناغورنو كاراباخ، حيث يوجد مقر بعض قوات حفظ السلام الروسية بعد موافقة قوات الانفصاليين على الاستسلام.
وحث الانفصاليون الذين يديرون ما أطلقوا عليها من جانب واحد (جمهورية أرتساخ) السكان في المنطقة وعددهم 120 ألفاً على عدم التعجل بالتوجه لمطار ستيباناكيرت وهو اسم عاصمتهم للإقليم.
وقال الانفصاليون: «نحث سكان ستيباناكيرت مرة أخرى على عدم الاستسلام للذعر وعدم التوجه للمطار بمبادرة منهم للإخلاء».
وأظهرت صور من كاراباخ الآلاف في المطار بعضهم برفقة أطفال.
واتهم قادة الانفصاليين مراراً أذربيجان بأنها تريد تنفيذ تطهير عرقي في قرة باغ. وترفض باكو هذه الاتهامات وتقول إنها ستحمي حقوق المدنيين المنتمين لعرق الأرمن في المنطقة بموجب دستورها.
وينص اتفاق وقف إطلاق النار على لقاء ممثلين عن الأرمن في كاراباخ مع السلطات في أذربيجان غداً الخميس.