أبلغت واشنطن رومانيا وحلفاءها أنها ستخفض عدد القوات الأميركية المنتشرة في البلدان الشرقية لـ«حلف شمال الأطلسي (ناتو)»، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع في رومانيا، الأربعاء، في خطوة سارع «الناتو» رسمياً إلى التقليل من أهميتها.
وأوضحت الوزارة في بيان أن القرار كان متوقعاً نظراً للتغيرات في أولويات واشنطن، وأن نحو ألف جندي أميركي سيظلون متمركزين في رومانيا. وأضافت في البيان أن ما بين ألف وألف ومائتي جندي أميركي جرى سحبهم قبل شهر في مناوبة لن يتم إرسال آخرين ليحلوا محلهم.

تطمين أميركي
وأكد الجيش الأميركي، المنتشر في أوروبا، الأربعاء، أن سحب فرقة أميركية من رومانيا لا يعني «انسحاباً» من القارة الأوروبية. وقال الجيش في بيان: «ليس الأمر انسحاباً أميركياً من أوروبا، ولا مؤشراً إلى التزامٍ أدنى حيال (حلف شمال الأطلسي - ناتو) و(البند الخامس)» من معاهدته التي تنص على وجوب أن يساعد كل من الأعضاء اﻟ32 في الحلف أي دولة عضو في حال تعرّضت لهجوم.
وانتقد الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، «الناتو» مراراً، وشدد على وجوب تحمّل الحلفاء الأوروبيين مسؤولية أكبر في الدفاع عن بلدان الحلف، عبر زيادة الإنفاق العسكري، في وقت تواجه فيه أوكرانيا الغزو الروسي.
وجاء هذا الإعلان الأخير بخفض عدد القوات الأميركية بعدما أفادت تقارير في وقت سابق من هذا العام بأن واشنطن قد تسحب 10 آلاف جندي من شرق أوروبا، وهو أمر رأى محللون أن من شأنه تشجيع موسكو على إجراء تحرّكات عدائية، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».
لكن وزير دفاع رومانيا، يونوت موستيانو، أكد بدوره أن القرار الأميركي ليس «انسحاباً».

وأورد، خلال مؤتمر صحافي عقده بعد صدور بيان الوزارة: «لا نتحدث عن انسحاب للقوات الأميركية، بل عن وقف مناوبات فرقة كانت تنشر عناصر لها في كثير من دول (حلف شمال الأطلسي)، بما فيها بلغاريا ورومانيا وسلوفاكيا والمجر».
وجاء في بيان وزارة الدفاع أن قرار «تغيير عدد القوات الأميركية» هو «ثمرة أولويات جديدة للإدارة الرئاسية الأميركية، أُعلنت في فبراير (شباط)» الماضي.
وأضاف أن ألف جندي أميركي سيبقون في رومانيا للمساعدة في «ردع أي تهديد وليشكّلوا ضماناً لالتزام الولايات المتحدة حيال الأمن الإقليمي».
وتفيد آخر أرقام حكومية بأن نحو 1700 جندي أميركي ينتشرون في رومانيا.

«يضعف الأمن»
وأكد مسؤول في «الناتو» لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، أبلغت «الحلف» مسبقاً بالخطوة، وقلل من أهميتها.
وقال: «حتى مع هذا التعديل، فإن وجود القوات الأميركية في أوروبا يبقى أكبر مما كان عليه لسنوات كثيرة، مع وجود عدد أكبر بكثير من القوات الأميركية في القارة، مقارنة مع ما كانت عليه الحال قبل عام 2022»، مضيفاً أن التزام واشنطن حيال الحلف ما زال «واضحاً».
وشدد وزير دفاع رومانيا، يونوت موستيانو، على أن «القدرات الاستراتيجية لم تتبدل»، لافتاً إلى أن «منظومة الدفاع المضادة للصواريخ في (ديفيسيلو) لا تزال تعمل بشكل كامل».
وأضاف: «تبقى القاعدة الجوية في كامبيا تورزي موقعاً أساسياً بالنسبة إلى العمليات الجوية والتعاون بين الحلفاء، في موازاة استمرار تطوير (قاعدة ميخائيل كوغالنيسيانو). والعلم الأميركي سيظل مرفوعاً في المواقع الثلاثة».
وأشار موستيانو إلى أن «مجموعة قتالية جوية ستبقى في (قاعدة كوغالنيسيانو)، كما كان الأمر قبل اندلاع النزاع في أوكرانيا».

ما زال وجود الناتو «هائلاً»
وأوضح وزير الدفاع الروماني أن علاقات بوخارست مع واشنطن لا تزال قوية وأن الوجود الدائم للحلف لا يزال «هائلاً»، إذ يبلغ نحو 3500 جندي من حلف شمال الأطلسي، بمن فيهم جنود أميركيون.
وأضاف أن رومانيا حصلت على نظام دفاع جوي متطور من واشنطن، من شأنه أن يعزز قدرة البلاد على حماية نفسها من الطائرات المسيّرة التي تخترق مجالها الجوي.
لكن المحلل لدى جامعة سانت آندروز في أسكوتلندا، فيليبس أوبراين، حذّر من أن القرار الأميركي «سيضعف أمن» رومانيا التي تُعدّ دولة «على الخطوط الأمامية».
وأضاف عبر منصة «إكس»: «أرجوكِ استيقظي أوروبا. الولايات المتحدة لن تدافع عنك في وجه روسيا».
وعلى الرغم من المخاوف في الجناح الشرقي للحلف بشأن احتمال تقليص الوجود الأميركي في المنطقة في وقت تواصل فيه روسيا حربها في أوكرانيا، قال ترمب في سبتمبر (أيلول) إن واشنطن يمكن أن تزيد من عدد قواتها في بولندا.
وقال وزير الدفاع البولندي فلاديسلاف كوسينياك كاميش والمستشار الرئاسي الليتواني ديفيداس ماتوليونيس إنهما لم يتلقيا أي معلومات بشأن احتمال تقليص القوات الأميركية في أراضيهما.

