«لنجعل أميركا عظيمة مجدداً» تحذر: لا تدعوا أميركا تُصبح مثل المملكة المتحدة

تحاول رسم صورة قاتمة عن بريطانيا بوصفها دولة مهدّدة بـ«الهجرة الجماعية من دول إسلامية»

ترمب مع مستشاره السابق ستيف بانون (أ.ف.ب)
ترمب مع مستشاره السابق ستيف بانون (أ.ف.ب)
TT

«لنجعل أميركا عظيمة مجدداً» تحذر: لا تدعوا أميركا تُصبح مثل المملكة المتحدة

ترمب مع مستشاره السابق ستيف بانون (أ.ف.ب)
ترمب مع مستشاره السابق ستيف بانون (أ.ف.ب)

في مؤتمر سياسي عُقد هذا الأسبوع في العاصمة الأميركية واشنطن، حوَّل قادة ومفكرون محسوبون على حركة «لنجعل أميركا عظيمة مجدداً (ماغا)» بريطانيا إلى «قصة تحذيرية» للولايات المتحدة، محذرين من أن السياسات البريطانية تجاه الهجرة، خصوصاً تجاه المسلمين، يجب ألا تُكرر في أميركا. وجاءت هذه الرسائل خلال مؤتمر المحافظين الوطني، الذي شهد مشاركة شخصيات بارزة من اليمين الأميركي، بينهم مسؤولون سابقون في إدارة الرئيس دونالد ترمب، وأعضاء في مجلس الشيوخ، ومفكرون من مراكز بحثية محافظة.

صدام بين الشرطة ومحتجين على إيواء طالبي لجوء في فندق بمنطقة جنوب لندن (أ.ف.ب)

وبحسب وسائل إعلام أميركية، فقد كان العنوان الضمني للمؤتمر واضحاً: «إنجلترا كانت الكناري في منجم الفحم... فاحذروا أن تصبح أميركا التالية».

أبرز ما ميّز المؤتمر هو تصاعد الخطاب المعادي للمسلمين والمهاجرين. وذهب ستيف بانون، كبير مستشاري ترمب السابق، وأحد أبرز الناشطين اليمينيين الذي ينشط على ضفتي الأطلسي، إلى حدّ القول: «إن بريطانيا تتجه نحو حرب أهلية»؛ بسبب ما وصفه بـ«فشلها في التعامل مع الإسلاموية». وأضاف أن ما يحدث في المملكة المتحدة اليوم يمكن أن يحدث في الولايات المتحدة إذا لم يتم اتخاذ إجراءات صارمة ضد الهجرة.

صورة تجمع نايجل فاراج وإيلون ماسك وتبدو خلفهما لوحة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (من حساب فاراج على «إكس»)

وتناوب المشاركون على رسم صورة قاتمة لبريطانيا بوصفها دولةً مهدَّدةً من الداخل؛ بسبب ما وصفها المتحدثون بـ«الهجرة الجماعية من دول إسلامية». وقد وُصفت المملكة المتحدة بأنها أصبحت «واجهة لحرب حضارية»، بينما عبَّر المتحدثون عن إعجابهم بصعود أحزاب أوروبية يمينية متطرفة تتبنى أجندات معادية للهجرة.

قال ناثان بينكوسكي، الباحث في منظمة «تجديد أميركا»، وهي منظمة مسيحية غير ربحية «أُنشئت لمواجهة الوعي» من قِبل راسل فوغت، مدير ميزانية البيت الأبيض ومهندس ما يُعرَف بـ«مشروع 2025» الذي أصدره «معهد هيريتغ» اليميني، إن أوروبا «في حالة طوارئ حضارية». وأكد أن ما يحدث في شوارع بريطانيا، «يُنذر بأن الولايات المتحدة ليست بمنأى». واستدعى بينكوسكي خطاب السياسي البريطاني الراحل إينوك باول، المعروف بخطابه التحذيري ضد الهجرة عام 1968، قائلاً: «إن العقلية النخبوية التي تجاهلت تحذيرات باول لا تزال موجودة، في بريطانيا وأيضاً في أميركا».

المشاركون ربطوا بين ازدياد أعداد اللاجئين القادمين إلى المملكة المتحدة من دول مثل أفغانستان وباكستان وإيران، وبين ما وصفوه بـ«فقدان السيطرة على الهوية الوطنية». يُذكر أن بريطانيا استقبلت أكثر من 29 ألف مهاجر غير نظامي عبر القناة الإنجليزية هذا العام فقط، في وقت بلغت فيه طلبات اللجوء مستوى قياسياً، تُشكِّل الجنسيات المسلمة نسبةً كبيرةً منها.

ستيف بانون المستشار السابق للرئيس الأميركي دونالد ترمب يحضر جلسة استماع للإقرار بالذنب في قضية احتيال (رويترز)

ويُشكِّل المسلمون 6.5 في المائة من سكان المملكة المتحدة، مقابل 46.2 في المائة من المسيحيين و37.2 في المائة من العلمانيين، وفق تعداد سكاني عام 2021.

لكن هذا الخطاب لم يمرّ دون رد. فقد وصفت منظمة «كير» الأميركية، المعنية بالدفاع عن الحقوق المدنية للمسلمين، المؤتمر بأنه «منصة للتعصب الأعمى»، متهمةً بانون وآخرين بترويج «صور زائفة عن المسلمين والمهاجرين في بريطانيا».

وقال إدوارد أحمد ميتشل، نائب مدير المنظمة: «هذا النوع من الخطاب الخطير يُقرب اليمين المتطرف من تكرار أخطاء الماضي، حين صُوّر المهاجرون اليهود في القرن العشرين تهديداً وجودياً». كما حذَّر من أن التصريحات الأخيرة، إلى جانب منشورات تحريضية على وسائل التواصل، قد تدفع البعض إلى «أخذ الأمور بأيديهم»، في ظل تصاعد جرائم الكراهية ضد المسلمين في بريطانيا.

رغم الصورة السلبية، فإن بعض المتحدثين في المؤتمر رأوا أن بريطانيا لا تزال تملك فرصةً «لإنقاذ نفسها»، مشيرين إلى صعود نايجل فاراج، زعيم حزب «الإصلاح» البريطاني، الذي تبنّى خطاباً شبيهاً بأجندة ترمب، خصوصاً في ملف الهجرة.

نايجل فاراج زعيم حزب «الإصلاح» (رويترز)

وكان من المقرر أن يلقي فاراج كلمةً في المؤتمر، لكن حضوره أُلغي؛ بسبب ظروف سفره، رغم أنه استغل وجوده في واشنطن لعقد لقاءات مع مُشرِّعين أميركيين، أبرزها مشاركته في جلسة أمام اللجنة القضائية بمجلس النواب، حيث تحدَّث عن «قيود حرية التعبير» في بريطانيا، مستشهداً بقضية لوسي كونولي، وهي ناشطة بريطانية أُدينت بالتحريض على الكراهية. ووصف فاراج هذه المرأة بأنها «دليل حي على ما قد يحدث من خلل» في ظل قيود حرية التعبير.

وعزا بعض الحاضرين شعبية فاراج إلى حملته الطويلة الأمد من أجل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، في استفتاء قدَّمه على أنه يمنح بريطانيا فرصة استعادة سيادتها، وهو ما نال إعجاب ترمب وكثير من مؤيديه الأوائل.

نايجل فاراج زعيم حزب «الإصلاح» (رويترز)

يرى مراقبون أن ما يجمع اليمين المتشدد في الولايات المتحدة ونظراءه في أوروبا - خصوصاً في بريطانيا - لم يعد مجرد تقاطعات سياسية، بل تطابق آيديولوجي في النظرة للهجرة، والإسلام، والهوية الوطنية. وقالت نعومي غرين، الأمين العام المساعد للمجلس الإسلامي البريطاني: «إن اليمين البديل في أميركا وأوروبا يتعلم من بعضه بعضاً، ويستخدم الإسلاموفوبيا أداةً سياسيةً لعرقلة التماسك المجتمعي». وأكدت أن هذه الاستراتيجية باتت تهدد الأمن المجتمعي بشكل مباشر.


مقالات ذات صلة

ما دوافع مخاوف «حماس» والفصائل من قرار مجلس الأمن الدولي بشأن غزة؟

المشرق العربي لقطة لمبانٍ مدمرة بمدينة غزة يوم الثلاثاء (إ.ب.أ)

ما دوافع مخاوف «حماس» والفصائل من قرار مجلس الأمن الدولي بشأن غزة؟

أصدرت «حماس» وفصائل فلسطينية، الثلاثاء، بيانات مشتركة ومنفصلة تعرب فيها عن رفضها لقرار مجلس الأمن الدولي الذي تقدمت به الولايات المتحدة بشأن مستقبل قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري زيارة ترمب الأخيرة إلى المملكة شهدت توقيع اتفاقيات دفاعية كبيرة (غيتي) play-circle 01:31

تحليل إخباري من «ثاد» إلى «إف 35»... كيف يرسخ التعاون العسكري موقع الرياض وتأثيرها الدولي؟

يعكس عدد التحالفات الدولية التي يتشارك فيها البلدان، أهمية ومستوى هذه العلاقة في إطار إقليمي ودولي، قبل الإطار القائم على الصفقات الدفاعية.

غازي الحارثي (الرياض)
الولايات المتحدة​ رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون يتحدث إلى الإعلام في مبنى الكابيتول الأميركي في العاصمة واشنطن... 18 نوفمبر 2025 (إ.ب.أ)

مجلس النواب الأميركي يصوّت بأغلبية كاسحة لنشر ملفات جيفري إبستين

صوّت مجلس النواب الأميركي، الثلاثاء، بأغلبية كاسحة لصالح الإفراج عن ملفات رجل الأعمال الراحل جيفري إبستين المدان بارتكاب جرائم جنسية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية إيراني يعبر ميدان «انقلاب» وسط طهران بالقرب من لوحة إعلانية كُتب عليها بالفارسية: «ستركعون أمام إيران مرة أخرى» الاثنين (إ.ب.أ)

طهران تدرس وساطة روسية - صينية لاستئناف التعاون مع «الوكالة الذرية»

أعلن كمال خرازي كبير مستشاري المرشد الإيراني في السياسة الخارجية أن طهران مستعدة لبحث وساطة من الصين وروسيا بهدف إحياء التعاون بين إيران و«الوكالة الذرية».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
العالم العربي أعضاء مجلس الأمن يصوتون على مشروع قرار قدمته الولايات المتحدة لتفويض قوة دولية لحفظ الاستقرار في غزة (د.ب.أ)

خطة ترمب لغزة تنال مباركة أممية واسعة تدفع مسار الدولة الفلسطينية

وفّر مجلس الأمن غطاء دولياً واسعاً لخريطة الطريق الأميركية بشأن غزة، فيما يمثل اختراقاً مهماً يعطي بعداً قانونياً يتجاوز مجرد وقف النار وإطلاق الرهائن.

علي بردى (واشنطن)

مجلس النواب الأميركي يصوّت بأغلبية كاسحة لنشر ملفات جيفري إبستين

رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون يتحدث إلى الإعلام في مبنى الكابيتول الأميركي في العاصمة واشنطن... 18 نوفمبر 2025 (إ.ب.أ)
رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون يتحدث إلى الإعلام في مبنى الكابيتول الأميركي في العاصمة واشنطن... 18 نوفمبر 2025 (إ.ب.أ)
TT

مجلس النواب الأميركي يصوّت بأغلبية كاسحة لنشر ملفات جيفري إبستين

رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون يتحدث إلى الإعلام في مبنى الكابيتول الأميركي في العاصمة واشنطن... 18 نوفمبر 2025 (إ.ب.أ)
رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون يتحدث إلى الإعلام في مبنى الكابيتول الأميركي في العاصمة واشنطن... 18 نوفمبر 2025 (إ.ب.أ)

صوّت مجلس النواب الأميركي، الثلاثاء، بأغلبية كاسحة لصالح الإفراج عن ملفات رجل الأعمال الراحل جيفري إبستين المدان بارتكاب جرائم جنسية، وإحالة مشروع القانون إلى مجلس الشيوخ.

ويُلزم قانون الشفافية في ملفات إبستين بنشر وثائق غير سريّة عن تفاصيل التحقيق بشأن أنشطة المليونير المُدان ووفاته في السجن عام 2019.

منصة بلافتة تطالب بالشفافية في ملف إبستين تم وضعها قبل المؤتمر الصحافي الصباحي خارج مبنى الكابيتول الأميركي في العاصمة واشنطن... 18 نوفمبر 2025 (إ.ب.أ)

أُقرّ التصويت بأغلبية 427 صوتاً مقابل صوت واحد، وهو ما يحيل قراراً يلزم بإرسال جميع السجلات غير السرية المتعلقة بإبستين إلى مجلس الشيوخ للنظر فيها. وقبل التصويت، انضمّ نحو 20 ناجية من اعتداءات إبستين المزعومة إلى 3 مشرعين ديمقراطيين وجمهوريين خارج مبنى الكابيتول للمطالبة بالإفراج عن السجلات. وحملت النساء صوراً لأنفسهن في سن أصغر، وهي السن التي قلن إنهن التقين فيها لأول مرة بإبستين، الذي كان رجل أعمال من نيويورك، تربطه علاقات ودية ببعض أقوى الرجال في البلاد.

وبعد إقرار التصويت بمجلس النواب، صرّح الزعيم الجمهوري جون ثون أن مجلس الشيوخ الأميركي سيحاول المصادقة على مشروع القانون الخاص بالإفراج عن ملفات إبستين سريعاً، وإحالته للرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وكان ترمب قد تعهد بعدم استخدام حقّ النقض ضد هذا التشريع إذا وصل إلى مكتبه.

رجل الأعمال الأميركي جيفري إبستين في صورة لقسم خدمات العدالة الجنائية في ولاية نيويورك في 28 مارس 2017 (رويترز)

عند وفاته، التي خلص المحقق الطبي حينها إلى أنها تمّت انتحاراً، كان إبستين يخضع لمحاكمة فيدرالية لاتهامه بالاتجار بالجنس وباستغلال قاصرات، بعدما أدين عام 2008 بالتحريض على الدعارة، بما في ذلك من قاصر.

لكن التوقعات بكشف حقائق جديدة دامغة في ملف إبستين قد تكون سابقة لأوانها، وفق تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

تتمتع وزارة العدل بسلطة واسعة في حجب أي معلومات، إذا كان نشرها «يُعرّض تحقيقاً فيدرالياً جارياً للخطر»، وقد أمر ترمب مسؤولين بالتحقيق في علاقات إبستين مع شخصيات ديمقراطية بارزة، في تدخل لاقى انتقادات واسعة الأسبوع الماضي، في حين يوجه الديمقراطيون الاتهام إلى ترمب، على اعتبار أنه كان على علاقة صداقة مع إبستين.

ونفى ترمب، اليوم (الثلاثاء)، أي علاقة له بجيفري إبستين، وقال للصحافيين في المكتب البيضوي بالبيت الأبيض: «في ما يتعلق بملفات إبستين... لا علاقة لي بجيفري إبستين. طردتُه من ناديَّ قبل سنوات طويلة لأنني كنتُ أرى فيه منحرفاً مريضاً».

وكشفت قضية إبستين عن انقسامات نادرة من نوعها، في دعم الرئيس الجمهوري، الذي تعهّد خلال حملته الانتخابية بنشر الملفات، قبل أن يتراجع بعد توليه السلطة، متّهماً الديمقراطيين باختلاق «خدعة» إبستين.

بعد محاولات متعددة من جانب زعماء الحزب الجمهوري لمنع التصويت، وقّع جميع الديمقراطيين و4 جمهوريين على «عريضة إعفاء»، في إجراء استثنائي يحتّم نقل مشروع القانون إلى مجلس النواب.

وقال ترمب على شبكات التواصل الاجتماعي، ليل الأحد، إن على مجلس النواب التصويت لصالح نشر الملفات، مؤكداً: «ليس لدينا ما نخفيه».


الشراكة الدفاعية السعودية - الأميركية تعيد رسم ملامح الأمن الإقليمي

جانب من مناورات عسكرية استضافتها السعودية في 9 نوفمبر (واس)
جانب من مناورات عسكرية استضافتها السعودية في 9 نوفمبر (واس)
TT

الشراكة الدفاعية السعودية - الأميركية تعيد رسم ملامح الأمن الإقليمي

جانب من مناورات عسكرية استضافتها السعودية في 9 نوفمبر (واس)
جانب من مناورات عسكرية استضافتها السعودية في 9 نوفمبر (واس)

قبل ساعات من وصول الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي إلى البيت الأبيض، كشف الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن موافقته على بيع مقاتلات «إف - 35»، الأكثر تقدّماً في العالم، للرياض.

وتندرج صفقة مقاتلات «إف - 35» ضمن اتفاقية دفاعية أوسع تُمهّد لمرحلة جديدة في العلاقات بين الرياض وواشنطن، ولتعاون استراتيجي يشمل قطاعات الأمن والسياسة والتكنولوجيا والاستثمار.

وينظر مراقبون إلى الزيارة التي تأتي بعد ستة أشهر على توقيع حزمة اتفاقات دفاعية واستثمارية غير مسبوقة في مايو (أيار) الماضي، على أنها اختبار حقيقي لمدى قدرة الطرفين على ترجمة التعهدات الكبرى التي أعلن عنها حينها، والتي شكّلت انعطافة في العلاقات الثنائية عقب سنوات من التباينات في الملفات الإقليمية.

شراكة استراتيجية واسعة

شهدت العلاقات الأميركية السعودية، في مايو الماضي، واحدة من أكبر حزم التعاون الدفاعي والاقتصادي في تاريخ البلدين، شملت عقود تسليح وتعاون عسكري مباشر بلغت قيمتها 142 مليار دولار. لكن جزءاً كبيراً من هذه العقود لا يزال قيد التنفيذ أو المراجعة.

وتُعد زيارة ولي العهد فرصة لمتابعة ما تحقّق فعلياً، وحسم الملفات العالقة، سواء في مجال التسليح أو الاستثمار أو التعاون الأمني.

مقاتلة «إف - 35» الأميركية المتطورة (أرشيفية)

ووفق مصادر أميركية، من المتوقع أن يبحث الأمير محمد بن سلمان والرئيس ترمب إمكانية التوصل إلى اتفاق دفاعي – أمني ثنائي يجري العمل على صياغته منذ أشهر.

وتشير معلومات من واشنطن إلى أن بعض الصفقات الدفاعية خضعت بالفعل لمراجعة «لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة»، وبلغت مرحلة متقدمة تسمح بإنجازها خلال الأسابيع المقبلة.

وشملت العقود المعلنة سابقاً تزويد المملكة بطائرات «إف – 15» و«إف – 16»، وأنظمة دفاع جوي وصاروخي، إضافة إلى تحديث الأسطول الجوي السعودي، بمشاركة كبرى الشركات الأميركية مثل «لوكهيد مارتن»، «بوينغ»، «ريثيون»، «نورثروب غرومان» و«جنرال دايناميكس».

لكن المميز في الحزمة الأخيرة هو انتقال العلاقة من شراء السلاح إلى شراكة تصنيع ونقل تكنولوجيا داخل المملكة، انسجاماً مع «رؤية 2030» التي تستهدف توطين 50 في المائة من الإنفاق العسكري بحلول 2030.

وتشمل هذه الشراكة إنشاء خطوط إنتاج محلية وصيانة للطائرات والأنظمة الدفاعية، وتدريب كوادر سعودية، وتطوير سلاسل إمداد وطنية.

كما توسعت الاتفاقات إلى مجالات الفضاء والطاقة النووية المدنية والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، في تحوّل يعكس اندماج التكنولوجيا المتقدمة في صلب التعاون الأمني.

مقاتلات «إف - 35»

تحتل صفقة بيع مقاتلات «إف - 35» موقعاً مركزياً في أجندة الزيارة، مع تأكيد ترمب على دعمه بيع مقاتلات «إف - 35» للسعودية.

وقال الرئيس الأميركي للصحافيين، الاثنين: «سنقوم بذلك، سنبيع مقاتلات (إف - 35)... لقد كان (السعوديون) حليفاً عظيماً».

وتقول إليزابيث دينت، الزميلة البارزة في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى لشؤون الخليج، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن الموافقة الأميركية على بيع «إف – 35» للمملكة ستكون «أول عملية من نوعها لجيش عربي»، ما يمثل «تحوّلاً كبيراً» في السياسة الأميركية.

ويرى محللون أن حصول الرياض على الطائرة المتقدمة سيمنحها قدرة استراتيجية نوعية، ويعيد رسم ميزان القوة في الخليج، خصوصاً في ضوء التهديدات الصاروخية والطائرات المسيّرة التي برزت خلال السنوات الأخيرة، سواء كان في المنطقة أو في حرب أوكرانيا.

اتفاق أمني جديد

على الصعيد الأمني، تأتي الزيارة في لحظة تشابكت فيها الملفات الإقليمية؛ من حرب غزة، إلى جهود «حصر السلاح» في لبنان، مروراً بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر، والضبابية بشأن البرنامج النووي الإيراني.

وفي هذا المناخ، تعمل إدارة ترمب على تطوير سياساتها في المنطقة عبر تقوية التحالفات الإقليمية وتعزيز الرّدع.

الأمير محمد بن سلمان والرئيس دونالد ترمب لدى زيارة الأخير إلى الرياض 13 مايو 2025 (أ.ب)

وبحسب مصادر أميركية، يجري العمل على صياغة اتفاق أمني ثنائي يتضمن التزامات دفاع متبادل، وتعاوناً استخباراتياً أوسع، وترتيبات تخُصّ أمن الملاحة في البحر الأحمر والخليج. كما يتضمن آليات مشتركة للتعامل مع التهديدات الإيرانية وشبكاتها الإقليمية.

وتصف هذه المصادر الاتفاق المرتقب بأنه بمثابة «إعلان نوايا استراتيجي» يشبه في روحه أطر الدفاع التي تجمع الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية.

وفي هذا السياق، رجّح دانيال بينيم، الزميل في معهد الشرق الأوسط والمسؤول الكبير السابق في وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الخليج، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، «تعزيزاً أمنياً في العلاقات الأميركية – السعودية خلال الزيارة»، يشمل «ضماناً أمنياً غير تقليدي».

إعادة ترتيب معادلات الأمن الإقليمي

شكّلت حرب غزة نقطة تحوّل في الحسابات الإقليمية لكل من واشنطن والرياض. فالتصعيد الذي شمل لبنان واليمن والعراق كشف عن هشاشة منظومة الردع القائمة، ودفع الولايات المتحدة إلى تعزيز منظومات الدفاع الجوي لدى حلفائها.

في المقابل، أعادت الرياض تقييم موقعها ضمن المنظومة الأمنية، مع الحفاظ على التحالف الاستراتيجي مع واشنطن الذي يشكل ركيزة لأمن الطاقة العالمي والممرات البحرية.

ويلفت مراقبون إلى أن المملكة بلورت دوراً إقليمياً يقوم على الشراكات المتوازنة مع الشرق والغرب، وعلى توزيع الأعباء الأمنية في المنطقة بصورة أكثر اتساقاً مع حجم الأدوار الاقتصادية والسياسية الجديدة.

استثمارات في التكنولوجيا والدفاع

تحمل الزيارة أيضاً جدولاً واسعاً من المشاريع الاقتصادية والتقنية. فقد افتتحت «بوينغ» مركزاً متقدماً للتدريب والصيانة في الرياض، فيما وقعت «لوكهيد مارتن» اتفاقاً لإنشاء خطوط إنتاج محلية لمنظومات «ثاد» و«باتريوت».

كما تتوسع الشراكات في مجالات الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والحوسبة السحابية، مع دخول شركات كبرى مثل «مايكروسوفت»، و«أمازون» و«غوغل كلاود»، في مشاريع متصلة بالبنية الرقمية الدفاعية.

ويرى خبراء أن هذه الاستثمارات باتت تُمثّل «الركيزة الثالثة» في التحالف الجديد، إلى جانب التعاون الدفاعي والاقتصادي، بما ينسجم مع أهداف «رؤية 2030» في بناء صناعة تقنية وعسكرية متكاملة داخل المملكة.


بسبب علاقته بإبستين... وزير الخزانة الأميركي الأسبق لاري سامرز يعتذر وينسحب من الحياة العامة

وزير الخزانة الأميركي الأسبق لاري سامرز (أ.ف.ب)
وزير الخزانة الأميركي الأسبق لاري سامرز (أ.ف.ب)
TT

بسبب علاقته بإبستين... وزير الخزانة الأميركي الأسبق لاري سامرز يعتذر وينسحب من الحياة العامة

وزير الخزانة الأميركي الأسبق لاري سامرز (أ.ف.ب)
وزير الخزانة الأميركي الأسبق لاري سامرز (أ.ف.ب)

أعلن وزير الخزانة الأميركي الأسبق لاري سامرز أنه «سينسحب» من الحياة العامة بعدما نشر الكونغرس رسائل إلكترونية تظهر اتصالات وثيقة بينه وبين جيفري إبستين المدان بجرائم جنسية.

وقال سامرز في بيان أرسل لوسائل إعلام أميركية: «أتحمل المسؤولية الكاملة عن قراري الخاطئ بمواصلة التواصل مع إبستين».

وأضاف الرئيس الأسبق لجامعة هارفارد، والذي شغل منصب وزير الخزانة في عهد بيل كلينتون: «بينما أواصل الوفاء بالتزاماتي التعليمية، سأنسحب من الالتزامات العامة كجزء من جهدي الأوسع لإعادة بناء الثقة، وإصلاح العلاقات مع الأشخاص الأقرب إلي».

وجاء إعلان سامرز عقب نشر لجنة الرقابة والإصلاح الحكومي في مجلس النواب الأميركي مراسلات تعود إلى سبع سنوات بينه وبين إبستين.

ووفق ما نشرت صحيفة «فوكس نيوز»، أظهرت الوثائق أن الرجلين واصلا تبادل الرسائل حتى الخامس من يوليو (تموز) 2019، أي قبل يوم واحد فقط من توقيف إبستين بتهم جديدة تتعلق بالاتجار الجنسي.

وتضمّنت مئات الرسائل المعلنة ما يشير إلى أن سامرز وضع ثقته في إبستين، كما باح له بشأن مساعيه لإقامة علاقة عاطفية مع امرأة وصفها بأنها كانت من «المتدرّبات» لديه.

ومن بين الرسائل المنشورة رسالة تعود إلى نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، وصف فيها إبستين نفسه بأنه «الجناح المساند» لسامرز، بينما استمر لعدة أشهر في تزويده بنصائح مرتبطة بتلك العلاقة.

وكتب سامرز في بيانه لصحيفة «هارفارد كريمسون»: «أنا أشعر بخزي عميق من أفعالي، وأدرك الألم الذي تسببتُ فيه».

وأضاف: «أتحمّل المسؤولية الكاملة عن قراري المضلَّل بالاستمرار في التواصل مع السيد إبستين».

ويشغل سامرز عدة مناصب في حياته المهنية، من بينها زميل أقدم في مركز التقدّم الأميركي، وكاتب مدفوع في «بلومبرغ نيوز»، وعضو في مجلس إدارة شركة «أوبن إيه آي».

كما يواصل سامرز عمله أستاذاً جامعياً في هارفارد، ويشغل منصب مدير مركز موسافار-رحماني للأعمال والحكومة في كلية كيندي بجامعة هارفارد، وهو منصب سيستمر في تولّيه، وفق ما نقلت الصحيفة عن المتحدث باسمه.