استمرّت التجاذبات بين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، والأجهزة القضائية، بشأن قضايا الهجرة، في وقت حصل فيه ممثلو «دائرة الكفاءة الحكومية» بإشراف الملياردير إيلون ماسك على نظام حساس تابع لوزارة العدل يضم معلومات عن المهاجرين الشرعيين وغير الشرعيين في الولايات المتحدة، بالتزامن مع وصول وفد من النواب الديمقراطيين إلى السلفادور؛ للمطالبة بإطلاق شخص رحَّلته السلطات الأميركية بطريق الخطأ إلى هناك.
وأوردت صحيفة «واشنطن بوست» أن ممثلي الدائرة، المعروفة اختصاراً باسم «دوج»، حصلوا على إذنٍ من وزارة العدل للوصول إلى «نظام المحاكم والاستئناف» لدى المكتب التنفيذي لمراجعة الهجرة، الذي يحتوي على معلومات بالغة الحساسية تشمل عناوين وسجلات قضايا ملايين المهاجرين الشرعيين وغير الشرعيين. ويُستخدَم هذا النظام لتخزين سجلات المهاجرين الذين تعاملوا مع نظام الهجرة في الولايات المتحدة، مع تفصيل أسمائهم وعناوينهم وشهاداتهم السابقة في محاكم الهجرة، وأي سجل لتعاملهم مع جهات إنفاذ القانون، من بين أمور أخرى. ويفيد موقع وزارة العدل بأن النظام «يدعم دورة حياة قضية الهجرة الكاملة» من خلال حفظ «كل السجلات والوثائق المتعلقة بالقضية إلكترونياً».
ووُجِّهت تعليمات لموظفي وزارة العدل بالبدء في إعداد حسابات البرنامج لستة من فريق «دوج»، بينهم آدم هوفمان، بالإضافة إلى بايتون ريلينغ وجون كوفال، اللذين يعملان في شركة أسهم خاصة مرتبطة بماسك. ويضم الفريق أيضاً ماركو أليز، الذي استقال في فبراير (شباط) الماضي بعد تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال» عن وضع منشورات عنصرية على وسائل التواصل الاجتماعي. وأُعيد تعيينه بعدما تجاهل ماسك هذه المنشورات.
جمع المعلومات
والوصول إلى نظام وزارة العدل أحدث محاولة من إدارة ترمب للتنقيب بشكل أعمق في كميات هائلة من البيانات الفيدرالية؛ لتعزيز جهود الرئيس ترمب في ترحيل المهاجرين. وكان الأسبوع الماضي قد شهد طلباً من مسؤولي إدارة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك، بالتعاون مع «دوج»؛ لاستخدام قاعدة بيانات حساسة تابعة لبرنامج الرعاية الطبية، تتضمَّن معلومات صحية شخصية وعناوين، في مسعى لتحديد أماكن الأشخاص الذين تعتقد إدارة ترمب أنهم غير قانونيين. وكذلك أدرجت إدارة الضمان الاجتماعي أكثر من 6 آلاف مهاجر من الأحياء في قائمة المتوفين، في محاولة لإجبارهم على ترحيل أنفسهم، متجاوزةً بذلك اعتراضات الموظفين المهنيين. وفي مصلحة الضرائب، وافق المسؤولون على مشارَكة البيانات مع وزارة الأمن الداخلي، مشيرين إلى أن الإدارة ترغب في استخدام المعلومات الضريبية للعثور على ما يصل إلى 7 ملايين شخص يُشتبه في وجودهم في البلاد بشكل غير قانوني. وفي وزارة الإسكان والتنمية الحضرية، يسعى موظفو «دوج» إلى طرد الأسر ذات الوضع المختلط، متعهدين بضمان عدم استفادة المهاجرين غير المسجَّلين من برامج الإسكان العام، حتى لو كانوا يعيشون مع المواطنين.
وصرَّحت كبيرة المحامين في «المركز الوطني لقانون الهجرة»، لين داميانو بيرسون، بأن سعي «دوج» للحصول على معلومات سرية يُهدِّد حماية خصوصية المواطنين وغير المواطنين على حد سواء. وقالت لـ«واشنطن بوست»: «هذا يُشبه ما نراه مع الضمان الاجتماعي، ومع مصلحة الضرائب الأميركية، مع بيانات تمَّت مشاركتها مع توقُّع الحفاظ على الخصوصية».
وقال مسؤول حكومي مطلع على النظام: «يُحتَفظ بسجلات لملايين المهاجرين الذين يعود تاريخهم إلى تسعينات القرن الماضي على الأقل». وأوضح المسؤول أن «النظام واسع وشامل، ويحتوي على مجموعة من المعلومات، بما في ذلك أسماء المهاجرين وأسماء محاميهم وأفراد عائلاتهم وعناوينهم».
وبالنسبة للمهاجرين طالبي اللجوء، يُفصِّل النظام المقابلات السرية أو الشهادات التي أدلى بها الأفراد، التي قد تُعرِّض حياتهم للخطر في بعض الحالات. أما بالنسبة للمهاجرين غير المسجلين، فيحفظ النظام أرقام تسجيلهم بوصفهم أجانب.
نواب ديمقراطيون
في غضون ذلك، وصل إلى السلفادور وفد من ديمقراطيي مجلس النواب الأميركي، يضم النواب روبرت غارسيا، وماكسويل فروست، وماكسين ديكستر، وياسمين أنصاري؛ للمطالبة بإطلاق المهاجر كيلمار أبريغو غارسيا، الذي اجتمع قبل أيام مع السيناتور الديمقراطي كريس فان هولين.
وكان السلطات الأميركية رحَّلت أبريغو غارسيا وهو مهاجر سلفادوري عمره 29 عاماً ومتزوج من أميركية في منتصف مارس (آذار) الماضي مع 238 فنزويلياً و22 سلفادورياً آخرين إلى السلفادور.
واعترفت إدارة ترمب بارتكاب «خطأ إداري» بترحيله، لكنّها واصلت الدفاع عن قرار ترحيله بشدّة، مؤكدة أنه ينتمي إلى عصابة، وعلى وشك أن يدان بارتكاب عنف أُسري.
وصارت قضية أبريغو غارسيا أحد محاور هجوم المعارضة الديمقراطية على نهج ترمب المناهض للمهاجرين. وقالت النائبة ياسمين أنصاري، عبر وسائل التواصل الاجتماعي: «أنا في السلفادور لتسليط الضوء على قصة كيلمار، ومواصلة الضغط على دونالد ترمب لضمان عودته سالماً إلى وطنه». وأضافت: «نريد التأكد من أن كيلمار لا يزال على قيد الحياة. نريد التأكد من حصوله على حق الوصول إلى محامٍ».
وكتب فروست عبر «إكس» أن «ترمب يعتقل ويسجن ويرحّل الناس بشكل غير قانوني دون اتّباع الإجراءات القانونية الواجبة».
وفي كاراكاس، وصف الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو نظيره السلفادوري نجيب بوكيلي بأنه «منتهك متسلسل لحقوق الإنسان» بعدما اقترح تبادل 252 فنزويلياً رحَّلتهم الولايات المتّحدة بعدد مماثل من «السجناء السياسيين» الفنزويليين المحتجزين في بلدهم. وأضاف أنه «في مواجهة الانتهاك المطلق لحقوق الإنسان، أقول له: أيها السيد بوكيلي، امتثل للقانون (...) وقدَّم دليلاً على حياة جميع الشباب المختطفين». وإذ حذّر من أن احتجاز مواطنيه في السلفادور يمثل «جريمة خطرة ضد الإنسانية»، طالب بـ«إطلاق غير مشروط للشبان المختطفين في السلفادور».