الولايات المتحدة تنهي الوضع القانوني لـ500 ألف مهاجر

قَدِمُوا قانونياً من أميركا اللاتينية... وأمهلتهم أسابيع لمغادرة البلاد

فنزويليون عادوا إلى بلادهم من المكسيك حيث كانوا يحاولون دخول الولايات المتحدة (أ.ف.ب)
فنزويليون عادوا إلى بلادهم من المكسيك حيث كانوا يحاولون دخول الولايات المتحدة (أ.ف.ب)
TT
20

الولايات المتحدة تنهي الوضع القانوني لـ500 ألف مهاجر

فنزويليون عادوا إلى بلادهم من المكسيك حيث كانوا يحاولون دخول الولايات المتحدة (أ.ف.ب)
فنزويليون عادوا إلى بلادهم من المكسيك حيث كانوا يحاولون دخول الولايات المتحدة (أ.ف.ب)

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، مساء الجمعة، أنّها بصدد إنهاء الوضع القانوني لأكثر من 500 ألف مهاجر من أميركا اللاتينية بموجب قرار، مؤكّدة منحهم مهلة أسابيع لمغادرة البلاد. ويطول القرار نحو 532 ألف كوبي وهايتي ونيكاراغوي وفنزويلي قدموا إلى الولايات المتحدة بموجب برنامج أطلقه سلف ترمب، جو بايدن، في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، ووُسّع نطاقه في يناير (كانون الثاني) من العام التالي. وقالت وزارة الأمن الداخلي، الجمعة، إن المهاجرين المشمولين بالبرنامج «يجب أن يغادروا الولايات المتحدة» بحلول 24 أبريل (نيسان) ما لم يحصلوا على وضع هجرة آخر يسمح لهم بالبقاء في البلاد. وسيفقد هؤلاء الحماية القانونية بعد 30 يوماً من نشر أمر وزارة الأمن الداخلي في السجل الفيدرالي المقرر الثلاثاء.

إلغاء «برنامج بايدن»

جاء في قرار إدارة ترمب أن «السماح المؤقت بالبقاء مؤقت بطبيعته، وهو وحده ليس أساسياً للحصول على أي وضع هجرة، ولا يُشكل إذناً بدخول الولايات المتحدة».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يهمّ بدخول الطائرة الرئاسية «إير فورس وان» في قاعدة «أندروز» الجوية، في 21 مارس (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يهمّ بدخول الطائرة الرئاسية «إير فورس وان» في قاعدة «أندروز» الجوية، في 21 مارس (رويترز)

وفور صدور القرار، أعرب المدافعون عن حقوق المهاجرين عن استيائهم ومخاوفهم. وحثّت منظمة «ويلكام يو إس»، التي تدعم طالبي اللجوء في الولايات المتحدة، المتضرّرين من هذا القرار، على طلب المشورة من محامٍ متخصص في شؤون الهجرة «على الفور»، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. وقدّرت المحامية نيكوليت غليزر، المتخصصة في قضايا الهجرة في كاليفورنيا، أن القرار سيطول «الغالبية العظمى» من نصف مليون مهاجر دخلوا الولايات المتحدة بموجب برنامج بايدن. وأوضحت على «إكس» أنه «تم قبول 75 ألف طلب لجوء فقط، وبالتالي فإن الغالبية العظمى من الأشخاص الذين حصلوا على إذن مشروط بموجب (هذا البرنامج)، سيصبحون بلا وضع قانوني وبدون تصاريح عمل ومعرضين للترحيل»، محذرةً من «الفوضى» التي، بحسب قولها، قد يثيرها هذا القرار.

أكبر حملة ترحيل

تعهّد الرئيس الأميركي تنفيذ أكبر حملة ترحيل في تاريخ الولايات المتحدة، والحدّ من الهجرة، خصوصاً من دول أميركا اللاتينية. وأتاح البرنامج الموجّه للكوبيين والهايتيين والنيكاراغويين والفنزويليين، الذي أطلقه بايدن، دخول ما يصل إلى 30 ألف مهاجر شهرياً من الدول الأربع ذات السجلات القاتمة في مجال حقوق الإنسان، إلى الولايات المتحدة لمدة عامين. وعدَّ بايدن حينها الخطة وسيلة «آمنة وإنسانية» لتخفيف الضغط عن الحدود الأميركية - المكسيكية المزدحمة.

عنصر من الحرس الوطني المكسيكي خلال دورية على الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة في 18 مارس (رويترز)
عنصر من الحرس الوطني المكسيكي خلال دورية على الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة في 18 مارس (رويترز)

ولكن منذ عودته إلى السلطة، يشنّ ترمب هجوماً واسع النطاق على الهجرة، كما وعد خلال حملته الانتخابية. ولجأت إدارته إلى قانون استثنائي لترحيل أكثر من 200 شخص يشتبه في انتمائهم لعصابة فنزويلية إلى السلفادور. ويُخوّل «قانون الأجانب والفتنة» الرئيس الأميركي توقيف مواطنين من دولة عدوّة أو طردهم. واعتُمد القانون سنة 1798، واستُخدم خلال الحرب الإنجليزية - الأميركية سنة 1812 والحرب العالمية الأولى، خصوصاً إبّان الحرب العالمية الثانية عندما أوقف 120 ألف ياباني أو أميركي من أصول يابانية في الولايات المتحدة.


مقالات ذات صلة

تأجيل المحادثات الإيرانية - الأميركية لدواعٍ «لوجيستية»

شؤون إقليمية عناصر شرطة وصحافيون أمام مدخل سفارة سلطنة عمان في روما حيث جرت جولة التفاوض الثانية بين الولايات المتحدة وإيران (أ.ب)

تأجيل المحادثات الإيرانية - الأميركية لدواعٍ «لوجيستية»

تبادل الطرفان الأميركي والإيراني التحذيرات قبيل الجولة الرابعة من المحادثات غير المباشرة حول برنامج طهران النووي بوساطة عمانية.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
الاقتصاد هاتف ذكي يحمل شعار «بينانس» ونماذج لعملات مشفرة (رويترز)

عملة مستقرة مرتبطة بترمب تُستخدم لاستثمار ملياري دولار في «بينانس»

أعلن أحد مؤسسي شركة «وورلد ليبرتي» أن شركة استثمارية مقرها أبوظبي تستخدم عملة مستقرة أطلقتها شركة مرتبطة بدونالد ترمب، لتنفيذ استثمار بقيمة ملياري دولار.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الولايات المتحدة​ طفل فلسطيني يبتسم وهو يطل من داخل ملجأ في مدينة غزة (أ.ف.ب)

ملايين الأطفال ضحايا الاقتطاعات في المساعدات الأميركية

يعاني ملايين الأطفال عبر جميع القارات بسبب تراجع التمويل الأميركي منذ عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط» (عمان)
تحليل إخباري ستيف ويتكوف وماركو روبيو في باريس في 17 أبريل 2025 (أ.ب)

تحليل إخباري ستيف ويتكوف رجل المهمات الصعبة في عهد ترمب الثاني

يصف البعض مبعوث ترمب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف بـ«وزير خارجية الظل»، فالدور الذي لعبه حتى الساعة في إدارة ترمب يحاكي تقليدياً دور وزير الخارجية.

رنا أبتر (واشنطن)
تحليل إخباري ماسك لدى مشاركته في اجتماع للإدارة الأميركية لتقييم أول مائة يوم من ولاية ترمب 30 أبريل (أ.ب)

تحليل إخباري كيف أعادت «إدارة كفاءة الحكومة» تشكيل الفيدرالية الأميركية؟

على مدار الـ100 يوم الأولى من ولايته، جعل الرئيس الأميركي دونالد ترمب من «ترشيق» الحكومة و«زيادة كفاءتها»، مهمة رئيسية لخفض الإنفاق ومكافحة البيروقراطية.

إيلي يوسف (واشنطن)

«إدارة كفاءة الحكومة» تعيد تشكيل الفيدرالية الأميركية

ماسك لدى مشاركته في اجتماع للإدارة الأميركية لتقييم أول مائة يوم من ولاية ترمب 30 أبريل (أ.ب)
ماسك لدى مشاركته في اجتماع للإدارة الأميركية لتقييم أول مائة يوم من ولاية ترمب 30 أبريل (أ.ب)
TT
20

«إدارة كفاءة الحكومة» تعيد تشكيل الفيدرالية الأميركية

ماسك لدى مشاركته في اجتماع للإدارة الأميركية لتقييم أول مائة يوم من ولاية ترمب 30 أبريل (أ.ب)
ماسك لدى مشاركته في اجتماع للإدارة الأميركية لتقييم أول مائة يوم من ولاية ترمب 30 أبريل (أ.ب)

على مدار الـ100 يوم الأولى من ولايته الثانية، جعل الرئيس الأميركي دونالد ترمب من «ترشيق» الحكومة و«زيادة كفاءتها»، مهمة رئيسية لخفض الإنفاق ومكافحة البيروقراطية. وهذه قضية لطالما تحدّث عنها في حملته الانتخابية، وعكست جزئياً مطلباً مزمناً لمؤيدي الحد من سلطة الحكومة الفيدرالية وتقليصها، ومن جناح تقليدي محافظ من الجمهوريين.

وفي الأيام الأولى من عهده، اتخذ ترمب قراراً بإنشاء ما سمي إدارة كفاءة الحكومة (دوج)، بقيادة الملياردير إيلون ماسك، ورجل الأعمال فيفيك راماسوامي، الذي سرعان ما استقال منها، لتباشر عملها بسرعة قياسية؛ ما عرَّض هذه الهيئة الناشئة للانتقاد. فقد سادت ردود فعل الكونغرس والرأي العام الأميركي انقساماً حاداً تجاه «دوج» ورئيسها ماسك، الذي استشعر أخيراً الخطر على شركة «تسلا» التي يملكها بعد هبوط أسهمها وأرباحها بشكل كبير. وتساءل المعترضون وبعض الموالين عمّا إذا كان ما تقوم به «دوج» هو تبسيط أم زعزعة للاستقرار، متهمين ماسك وإدارته بالافتقار إلى المعلومات الكافية للحكم على من سيتم الاستغناء عنهم، أو عن المؤسسات التي سيتم إغلاقها.

إعادة هيكلة الحكومة

اتخذت «دوج» قرارات بالغة الأهمية من شأنها إعادة تشكيل هيكل الحكومة الفيدرالية وفلسفتها التشغيلية. وفي حين يجادل المؤيدون بأن ما تقوم به يقلل التضخم البيروقراطي، ويجعل الحكومة أكثر مرونة، يحذّر المنتقدون من أنه يقوض الذاكرة المؤسسية ويعطل الخدمات العامة الأساسية.

متظاهر يرفع لافتة ضد اقتطاع أموال صندوق التأمينات الاجتماعية في نيويورك (أرشيفية-رويترز)
متظاهر يرفع لافتة ضد اقتطاع أموال صندوق التأمينات الاجتماعية في نيويورك (أرشيفية-رويترز)

ومن بين أهم القرارات التي اتخذتها والتي يحتمل أن تؤثر على الحوكمة، كانت عمليات التسريح الجماعي وإعادة هيكلة الوكالات الحكومية، وإلغاء عقود إيجار ما يقارب 7500 مكتب فيدرالي؛ بهدف خفض التكاليف العامة. ونفذت إدارة كفاءة الحكومة تخفيضات واسعة النطاق في عدد الموظفين في الكثير من الوكالات الفيدرالية، مستهدفةً بشكل خاص الموظفين المرتبطين ببرامج التنوع والمساواة والشمول، وبرامج المساعدات الخارجية والداخلية، والموظفين في الكثير من الوزارات وإعادة هيكلتها، كما جرى أخيراً في وزارة الخارجية، وإلغاء بعض الوزارات كوزارة التعليم. وعدّ خفض البرامج والموظفين، وسيلةً تعمل «دوج» من خلالها على تعزيز سلطة اتخاذ القرار؛ ما يحدّ استقلالية الوكالات.

كذلك، قلّصت «دوج» عدد موظفي إدارة الضمان الاجتماعي بشكل كبير، بما في ذلك خفض عدد موظفي تكنولوجيا المعلومات بنسبة 50 في المائة، في ظل مخاوف إضافية بشأن خطط إصلاح البنية التحتية للتكنولوجيا في الضمان الاجتماعي دون إعداد كافٍ، ما يُنذر بآثار سلبية كبيرة على المستفيدين. كما ألغت مكتب حماية المستهلك المالي؛ الأمر الذي قد يؤدي إلى تقليل الرقابة في القطاع المالي، ويرفع الأخطار على المستهلكين. وأقرَّت الوصول إلى بيانات الوكالات الحساسة، حيث حصلت على بيانات من وكالات مثل وزارة التعليم، وإدارة الطيران الفيدرالية، والضمان الاجتماعي وملفات المهاجرين في وزارة العدل، وكذلك الموظفون المدنيون في وزارة الدفاع، التي قامت هي الأخرى بتسريح نحو 60 ألفاً منهم.

الوصول إلى البيانات الفيدرالية

وقدّمت «دوج» مقترحات لإلغاء أو إعادة هيكلة وكالات مثل هيئة الأوراق المالية والبورصات، ومؤسسة تأمين الودائع، ووكالة تمويل الإسكان. وقد تؤدي هذه التغييرات إلى بيئة مالية أكثر تحرراً من القيود التنظيمية. بيد أن وصولها الواسع إلى البيانات الفيدرالية وتأثيرها على مختلف الوكالات، يشير إلى ترسيخ السلطة التنفيذية؛ ما قد يُقوّض الضوابط والتوازنات. وهو ما يمهد لتحولات في السياسات يُعطي التركيز على الكفاءة وخفض التكاليف الأولوية للتوفير قصير الأجل، على التخطيط الاستراتيجي طويل الأجل والمصلحة العامة.

ماسك وابنه إكس في المكتب البيضاوي برفقة الرئيس ترمب خلال مؤتمر صحافي 11 فبراير (أ.ب)
ماسك وابنه إكس في المكتب البيضاوي برفقة الرئيس ترمب خلال مؤتمر صحافي 11 فبراير (أ.ب)

كما عزَّزت مراقبة الموظفين الفيدراليين ورصدهم عبر أدوات تعتمد على الذكاء الاصطناعي لمراقبة اتصالات الموظفين الفيدراليين وسلوكهم في العمل. ورفعت شعار الكفاءة مقابل الخصوصية؛ الأمر الذي يمكن أن يعزز الإنتاجية والمساءلة، إلا أنه يثير مخاوف دستورية بشأن الخصوصية وحقوق العمال. كما أن ممارسة الموظفين الرقابة الذاتية أو تقليلهم من المخاطرة في صنع السياسات، قد يخنق الابتكار والمعارضة داخل الوكالات.

تفكيك برامج التنوع والشمول

واتخذت «دوج» قراراً بتفكيك برامج التنوع والإنصاف والشمول، حيث تم إلغاء تمويل مكاتبها بشكل منهجي أو حلها في جميع الإدارات الفيدرالية، وأوصت بممارسة رقابة وتدخل في برامج الجامعات والمعاهد التعليمية. وهو ما عُدّ «تحولاً ثقافياً» كبيراً في النهج الفيدرالي تجاه تنوع القوى العاملة والمساواة، ويهدد برد فعل عكسي قد يؤدي إلى زيادة التحديات القانونية والقضائية، أو استياء الموظفين، أو تحقيقات في مجال الحقوق المدنية؛ ما يُشير إلى تضارب قانوني ودستوري محتمل.

جانب من مظاهرة مناهِضة لماسك وسياساته خارج معرض لسيارات تسلا في برلين يوم 30 أبريل (رويترز)
جانب من مظاهرة مناهِضة لماسك وسياساته خارج معرض لسيارات تسلا في برلين يوم 30 أبريل (رويترز)

وهو ما يجري الآن بين جامعة هارفارد وإدارة ترمب، والكثير من الوكالات التي تم إغلاقها، فضلاً عن الاحتجاجات التي تصاعدت في الآونة الأخيرة في مدن كبرى نهاية كل أسبوع، من العاصمة واشنطن إلى نيويورك وشيكاغو وبوسطن وغيرها.

كما أطلقت «دوج» برامج تجريبية لاستخدام الذكاء الاصطناعي لضمان سلامة البيانات، ودمجه في اتخاذ القرارات الإدارية. وهو ما قد يؤثر على الحوكمة، حيث يمكن لهذه التقنيات أتمتة العمليات الحكومية وتأمينها، ولكنها قد تخاطر أيضاً بترسيخ التحيز أو إنشاء أنظمة قرار غامضة.

ومع احتمال مشاركة الشركات التي يملكها ماسك في تنفيذ عمليات الخصخصة، أثيرت مخاوف من حصول تباين وتضارب بين المصالح الخاصة والحوكمة العامة.

تحرير أنظمة بيئية

بينما تم خفض ميزانية وكالة حماية البيئة وقدراتها التنفيذية بشكل كبير، ووضعها تحت إشراف وزارة الطاقة والبيئة، فقد يُضعف هذا من إنفاذ القوانين والحماية البيئية. وهو قرار اتخذته «دوج» بالتزامن مع تحرير بعض الأنشطة الصناعية التي كانت تلتزم بشروط بيئية تعهدت بها الولايات المتحدة في اتفاقية المناخ للحد من التلوث التي انسحبت منها إدارة ترمب. واتهمت بأنها قد تضعف جهود الصحة العامة والتخفيف من آثار تغير المناخ على المدى الطويل على رغم أنها تتماشى مع المصالح الداعمة للأعمال.

شعارات معارِضة لـ«دوج» كتبها أعضاء في منظمات تدافع عن البيئة على واجهات محال بنيويورك (أ.ف.ب)
شعارات معارِضة لـ«دوج» كتبها أعضاء في منظمات تدافع عن البيئة على واجهات محال بنيويورك (أ.ف.ب)

معارضة وموالاة

أدت القرارات التي اتخذتها «دوج» إلى انقسام الكونغرس بين معارضين غالبيتهم من الديمقراطيين، وموالين جمهوريين. فقد أعرب الكثير من الديمقراطيين عن مخاوفهم الشديدة بشأن عملياتها، متهمين إياها بإحداث «فوضى» في الإدارات الحكومية من خلال تطبيق تغييرات «متهورة» تُعرّض خصوصية الأميركيين وأمنهم السيبراني وإمكانية حصولهم على استحقاقاتهم للخطر، وخصوصاً في الضمان الاجتماعي، الذي يُعدّ برنامجاً بالغ الأهمية وحساساً سياسياً، وخاصةً لكبار السن. وسلطوا الضوء على محاولات دمج بيانات وكالات فيدرالية متعددة بشكل غير قانوني في قاعدة بيانات واحدة، والتحايل على بروتوكولات الأمان، وتكليف موظفين يتمتعون بإمكانية وصول واسعة للبيانات؛ ما قد يُشكل انتهاكاً لقوانين الخصوصية.

وبينما أيَّد الجمهوريون مهمة إدارة كفاءة الحكومة لخفض الهدر والإنفاق الحكومي، لا سيما في مجالات مثل المساعدات الخارجية، أعرب آخرون عن إحباطهم من نقص الشفافية والتواصل، مشيرين إلى صعوبات يواجهها موظفوهم في الحصول على معلومات حول إجراءات بعض الوزارات؛ ما يشير إلى نقص في الاستجابة.

ماسك و«تسلا» في مرمى النقد

وتباينت ردود فعل الرأي العام، بين انعدام الثقة والمخاوف، وخصوصاً بشأن الخصوصية والرقابة. وأظهر استطلاع رأي أجرته جامعة «ماساتشوستس أمهيرست» أن غالبية الأميركيين لا يثقون بقدرة ماسك على تحديد البرامج الفيدرالية التي يجب خفضها، أو حماية خصوصية المواطنين، أو تجنب تضارب المصالح. بالإضافة إلى ذلك، يعتقد 56 في المائة أن ماسك يتمتع بنفوذ كبير على الحكومة الفيدرالية.

نقطة تسليم لسيارات تسلا بأحد المعارض قرب باريس (رويترز)
نقطة تسليم لسيارات تسلا بأحد المعارض قرب باريس (رويترز)

وفي الآونة الأخيرة اندلعت احتجاجات وانتقادات ضد إدارة كفاءة الحكومة وماسك نفسه، لاتهامه بدعم قضايا اليمين المتطرف، شارك فيها موظفون فيدراليون ومتقاعدون وسياسيون وآخرون أعربوا عن قلقهم. وتعرضت شركة «تسلا» التي يملكها ماسك لانتكاسات مالية، بعد أعمال شغب تعرضت لها صالات عرضها، وموجة تخل عنها. وأظهرت بيانات أخيرة عن انخفاض حاد في أرباحها بنسبة 71 في المائة، في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، بعدما فقدت أسهمها نحو نصف قيمتها منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول)، حيث أصبح المستثمرون أكثر تشاؤماً وقلقاً بشأن آفاق الشركة ودور ماسك في إدارة ترمب. وهو ما دفع بماسك قبل أيام، إلى القول إنه سيقضي وقتاً أقل للعمل «يوماً أو يومين أسبوعياً» في شؤون واشنطن، و«ربما طوال فترة رئاسة ترمب».

باختصار، وفي حين تهدف مبادرات وزارة كفاءة الحكومة إلى تعزيز الكفاءة، فقد عدت بانها تقوم بإعادة صياغة الحوكمة الفيدرالية من منظور تقني، مع التركيز على الكفاءة والرقابة المركزية والإدارة المؤسسية. لكن آثارها المحتملة تشمل على المدى الطويل، بناء بيروقراطية فيدرالية أكثر مركزية، تعتمد على البيانات، مع ضوابط وتوازنات أقل، وتآكل محتمل للحريات المدنية وحماية القوى العاملة، وازدياد التوتر بين الحكومات الفيدرالية وحكومات الولايات، ولا سيما عند تباين القيم الاجتماعية أو البيئية، كما أنها تشكل أيضاً تحديات كبيرة لهياكل الحوكمة القائمة؛ ما قد يؤثر على توازن القوى، والرقابة التنظيمية، وحماية المصالح العامة.