كيف تحول مصدر قوة ترمب في ولايته الأولى إلى نقطة ضعفه في الولاية الثانية؟

الأميركيون ينقلبون على إدارة الرئيس الجمهوري لملف الاقتصاد

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)
TT

كيف تحول مصدر قوة ترمب في ولايته الأولى إلى نقطة ضعفه في الولاية الثانية؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ف.ب)

خلال الفترة الأولى للرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض، كانت ثقة الجمهور في إدارته للاقتصاد من أبرز نقاط قوته. لكن في الأيام الأولى من ولايته الثانية، سرعان ما أصبحت آراء الجمهور حول أدائه الاقتصادي أبرز نقاط ضعفه المحتملة.

حتى قبل أن يُحدث ترمب هزة في سوق الأسهم هذا الأسبوع باعترافه بأن أجندته التجارية قد تُسبب ركوداً اقتصادياً، أظهرت العديد من استطلاعات الرأي العامة أن نسبة الرضا عن إدارته للاقتصاد أقل من تقييم أدائه الوظيفي الإجمالي بصفته رئيساً.

يُمثل هذا تحولاً جذرياً عن الفترة الأولى لترمب، حيث تجاوزت نسبة رضا الجمهور عن إدارته للاقتصاد نسبة الرضا الإجمالية عن أدائه رئيساً في كل استطلاعات الرأي خلال السنوات الأربع، وفق ما ذكرته شبكة «سي إن إن» الأميركية.

وعلى النقيض من ذلك، في استطلاع رأي أُجري في أوائل فبراير (شباط) من هذا العام، وجدت مؤسسة «غالوب»، ولأول مرة، أن عدد الأشخاص الذين أعطوا ترمب تقييمات إيجابية بخصوص إدارته لملف الاقتصاد أقل من عدد الأشخاص الذين أعطوا تقييماً إيجابياً لأدائه العام، وأن تقييماته الاقتصادية كانت أقل من أي وقت مضى خلال سنواته الأربع الأولى.

وبالمثل، أظهر استطلاع رأي أجرته «CNN/SRSS»، نُشر يوم الأربعاء، أن نسبة التأييد لترمب اقتصادياً (44 في المائة) انخفضت قليلاً عن نسبة تأييده الإجمالية (45 في المائة) لأول مرة في أي من ولايتيه الرئاسيتين، لتسجل أدنى نسبة تأييد اقتصادي سجلها ترمب على الإطلاق.

إشارة تحذير مبكرة

وفي هذه المرحلة المبكرة من ولايته، لا تزال الآراء حول إدارة ترمب للاقتصاد غير ثابتة. ويتفق خبراء استطلاعات الرأي على أن معظم الأميركيين على استعداد لمنحه مزيداً من الوقت لإحراز تقدم في مسألة التضخم، وهي القضية التي تهمّ عدداً أكبر من ناخبيه أكثر من أي قضية أخرى وفق استطلاعات يوم الانتخابات. وارتفع التضخم بنسبة أقل بقليل من المتوقع في أحدث تقرير حكومي صدر، يوم الأربعاء.

وتمثل النتائج إشارة تحذير مبكرة لترمب. فهي تشير إلى أنه إذا لم يتمكن من إحراز تقدم في مواجهة ارتفاع الأسعار، فإن الإحباط من التضخم الذي أضعف الدعم للرئيس السابق جو بايدن قد يُضعف ترمب في النهاية أيضاً، لا سيما أن استطلاعات الرأي تُظهر أيضاً أن معظم الناخبين لا يرون أن الرئيس الجمهوري يُعطي الأولوية المطلوبة لقضية التضخم.

وقال نيك غورفيتش، الخبير الديمقراطي في استطلاعات الرأي، إن تراجع الدعم الشعبي لتعامل ترمب مع الاقتصاد في بداية ولايته الثانية «يُعدّ مؤشراً خطيراً». وأضاف: «في الانتخابات، طُرحت العديد من المواضيع المختلفة، لكن الموضوع الأبرز في كل استطلاع، ومع كل فئة رئيسية تحولت (نحو ترمب)، كان الاقتصاد والتضخم. إذا كان الناخبون يُريدون تغيير شيء ما، فهو هذا التغيير. لذا، إذا لم يتغير ذلك، فهذه مشكلة بالنسبة له».

وفي ولاية ترمب الأولى، كانت الثقة بالاقتصاد عامل استقرار له، حيث عززت مكانته لدى الجمهور حتى عندما كان يُواجه صعوبات على جبهات أخرى. وفي بداية ولايته الثانية، تُشير النتائج الأولية إلى أن القلق بشأن الاقتصاد أصبح مصدراً لعدم الاستقرار السياسي بالنسبة لترمب.

مخاطر الانتخابات القادمة

وعلى الرغم أن ترمب يعيش آخر ولاية له وفق الدستور الأميركي، لكن مع تزايد الاستقطاب السياسي في الولايات المتحدة، أصبحت نسبة تأييد الرئيس عاملاً حاسماً في الانتخابات «غير الرئاسية» كانتخابات الكونغرس، وكلما زادت قوة ترمب، زادت فرص الجمهوريين في كل انتخابات حتى عام 2028، والعكس صحيح بالنسبة للديمقراطيين.

وكما هو الحال بالنسبة لكل رئيس، ستكون آراء الناخبين حول الاقتصاد عاملاً حاسماً في تحديد هذه القوة. وعلى الرغم من أن ترمب صور فترة ولايته الثانية على أنها فجر «العصر الذهبي» الجديد للبلاد، فإن استطلاعات الرأي تُظهر باستمرار أن عودته إلى البيت الأبيض لم تفعل الكثير لتبديد كآبة الأميركيين بشأن الملف الاقتصادي.

وأظهر مؤشر ثقة المستهلك التابع لجامعة ميشيغان ارتفاعاً في التفاؤل الاقتصادي بعد فوز ترمب مباشرة. لكن في فبراير (شباط)، وهو الشهر الأول الكامل من ولاية ترمب الثانية، انخفض المؤشر بشكل ملحوظ، حتى إنه انخفض إلى ما دون مستواه خلال الأشهر الأخيرة من ولاية بايدن. ووجدت جامعة ميشيغان أن المشاركين أكثر تشاؤماً بشأن آفاقهم المالية الشخصية خلال العام المقبل مقارنة بأي وقت في عام 2024. وفي استطلاع «سي إن إن» الجديد، ارتفعت أيضاً نسبة الناخبين الذين يتوقعون أن يكون الاقتصاد في حالة سيئة بعد نحو عام من الآن بين يناير (كانون الثاني) وفبراير.

وليس من الصعب تحديد مصدر هذا القلق المستمر. فقد وجد أحدث استطلاع أجرته جامعة ميشيغان أن التوقعات بشأن التضخم المستقبلي قد ارتفعت في كل من يناير وفبراير. وأظهر استطلاع «CNN/SRSS» أن 56 في المائة من الأميركيين لم يوافقوا على الأداء الاقتصادي لترمب وهي النتيجة الأسوأ له، فلم يسبق أن رفضت غالبية الأميركيين إدارته للملف الاقتصادي.

قلق سابق لأوانه

ويرى ميكا روبرتس، خبير استطلاعات الرأي الجمهوري والشريك في استطلاع «CNBC» الاقتصادي، أن هذه التقييمات المتراجعة لأداء ترمب الاقتصادي لا ينبغي أن تُقلقه حتى الآن. وقال: «أعتقد أنه من السابق لأوانه إطلاق أي نوع من التحذيرات بشأن ما يعنيه هذا لرئاسته».

وأشار روبرتس إلى أنه حتى خلال فترة ترمب الأولى، بدت معدلات التأييد الاقتصادي متواضعة نسبياً، ثم تحسنت بشكل كبير خلال السنوات الثلاث التالية، حتى اندلاع جائحة كورونا في أوائل عام 2020.

وأوضح روبرتس أن قوة ترمب لدى الجمهور فيما يتعلق بالاقتصاد «لم تختفِ»، و«لا يزال الناس يعتقدون أن لديه أفكاراً قوية بشأن الاقتصاد. أعتقد أن الأمر سيستغرق بعض الوقت حتى تبدأ سياساته في إحداث فرق».

ومما يفيد الرئيس أيضاً أن تقييم الناخبين السلبي لأداء بايدن الاقتصادي قد أضعف بشكل واضح مصداقية الديمقراطيين بوصفهم بديلاً. وتُظهر استطلاعات الرأي أن عدد الناخبين الذين يثقون في قدرة الجمهوريين على التعامل مع التضخم والاقتصاد أكبر من عدد الناخبين الذين يثقون في قدرة الديمقراطيين على التعامل مع القضايا نفسها.

ومع ذلك، يؤكد روبرتس أن صبر الناخبين لن يطول، وأن الأميركيين سيراقبون من كثب قدرة ترمب على تحسين الظروف الاقتصادية للجميع، وأن الرئيس «سيُحاسب على ذلك».


مقالات ذات صلة

استطلاع: سكان الدول المتقدمة ليسوا الأفضل على صعيد «الازدهار البشري»

الولايات المتحدة​ شابان يلعبان كرة السلة في ملعب بغرب ألمانيا (أ.ف.ب)

استطلاع: سكان الدول المتقدمة ليسوا الأفضل على صعيد «الازدهار البشري»

بيّن استطلاع نُشر اليوم الأربعاء أن سكان الدول المتقدمة ليسوا الأفضل على صعيد «الازدهار» الشخصي، فيما أبدى معدّوه قلقهم إزاء النتائج السيئة المسجلة لدى الشباب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم صورة ملتقَطة في 28 فبراير 2025 بواشنطن تُظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل لقائهما بالبيت الأبيض (د.ب.أ)

أوكرانيا تتوقع توقيع اتفاق المعادن مع أميركا الأربعاء

تتوقع أوكرانيا توقيع اتفاق المعادن مع الولايات المتحدة، الأربعاء، وفق ما أفاد مصدر كبير بالرئاسة الأوكرانية «وكالة الصحافة الفرنسية».

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ الملياردير الأميركي إيلون ماسك (يسار) يتحدث مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال مشاهدة إطلاق الرحلة التجريبية السادسة لمركبة «سبيس إكس ستارشيب» بولاية تكساس (رويترز) play-circle

«نتحدث معه عبر الهاتف»... ماسك يُقلّص حضوره الشخصي في البيت الأبيض

يظهر أن الملياردير الأميركي إيلون ماسك لم يعد يعمل بانتظام من البيت الأبيض، وفق ما كشفته صحيفة «نيويورك بوست».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب جونيور يقف إلى جانب شقيقته إيفانكا خلال حفل تنصيب والدهما بواشنطن (أ.ف.ب)

برسوم انتساب قدرها 500 ألف دولار... نجل ترمب يُطلق نادياً جديداً في واشنطن

أطلق دونالد ترمب جونيور، الابن الأكبر للرئيس الأميركي، نادياً حصرياً للغاية في واشنطن العاصمة، برسوم انتساب سنوية قدرها نصف مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث بينما يستمع وزير الخزانة سكوت بيسنت (يسار الصورة) ومرشح وزير التجارة حينها هوارد لوتنيك بينما يستعد ترمب لتوقيع أمر تنفيذي في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض 3 فبراير 2025 (أ.ب)

قائمة البيت الأبيض لـ«أفظع الأكاذيب» التي تعرض لها ترمب

أصدر البيت الأبيض، الثلاثاء، قائمةً بما وصفها بـ«أفظع الأكاذيب» التي روّجت لها وسائل الإعلام خلال أول 100 يوم من الولاية الثانية للرئيس الأميركي دونالد ترمب.


استطلاع: سكان الدول المتقدمة ليسوا الأفضل على صعيد «الازدهار البشري»

شابان يلعبان كرة السلة في ملعب بغرب ألمانيا (أ.ف.ب)
شابان يلعبان كرة السلة في ملعب بغرب ألمانيا (أ.ف.ب)
TT

استطلاع: سكان الدول المتقدمة ليسوا الأفضل على صعيد «الازدهار البشري»

شابان يلعبان كرة السلة في ملعب بغرب ألمانيا (أ.ف.ب)
شابان يلعبان كرة السلة في ملعب بغرب ألمانيا (أ.ف.ب)

بيّن استطلاع نُشر، اليوم الأربعاء، أن سكان الدول المتقدمة ليسوا الأفضل على صعيد «الازدهار» الشخصي، فيما أبدى معدّوه قلقهم إزاء النتائج السيئة المسجلة لدى الشباب، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأطلق باحثون أميركيون استطلاعاً واسع النطاق بشأن «الازدهار البشري»، إذ أجروا مقابلات مع أكثر من 200 ألف شخص في 22 دولة بينها تنزانيا والفلبين والبرازيل وألمانيا والولايات المتحدة.

كل عام على مدى خمس سنوات، دُعي المشاركون في الاستطلاع للإجابة عن نحو مائة سؤال لتقييم مستوى الازدهار الشخصي في مجالات الصحة والأمن المالي والعلاقات الاجتماعية. كما جرى استطلاعهم بشأن جوانب ذاتية أكثر مثل شخصيتهم، وسلوكهم في المجتمع أو شعورهم بأن حياتهم لها معنى وقيمة.

وأدت نتائج المرحلة الأولى من الاستطلاع التي أجريت في عامي 2022 و2023، إلى نشر 20 دراسة في عدد من المجلات التابعة لمجموعة «سبرينغر» (نيتشر، بي إم سي).

وقال تايلر فانديرويل، عالم الأوبئة والإحصاء الحيوي في جامعة هارفارد (الولايات المتحدة)، وأحد مؤسسي البرنامج، إنّ النتائج تحمل أيضاً بعض «المفاجآت الكبيرة».

ومن بين 22 دولة شملتها الدراسة، حصلت إندونيسيا على أفضل نتائج، تلتها إسرائيل والفلبين والمكسيك. وأتت اليابان في المرتبة الأخيرة، بينما حلّت السويد التي عادة ما تحتل مرتبة جيدة في دراسات مماثلة، في منتصف التصنيف.

وأفاد فانديرويل بأنّ «الدول الأكثر ثراء وتطوراً تحقق نتائج أفضل في أمور مثل الأمن المالي والرضا عن الحياة»، وهو ما يركز عليه تقرير الأمم المتحدة.

وأضاف أن هذه النتائج «أقل إيجابية» في الجوانب المتعلقة بالمعنى المعطى للوجود، والعلاقات الاجتماعية، مشيراً إلى «علاقة سلبية بين الناتج المحلي الإجمالي والمعنى الممنوح للوجود».