نظام ترمب العالمي الجديد... الأقوياء يضعون القواعد

صورة مركبة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مع الرئيسين الروسي والصيني فلاديمير بوتين وشي جينبينغ (إ.ب.أ)
صورة مركبة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مع الرئيسين الروسي والصيني فلاديمير بوتين وشي جينبينغ (إ.ب.أ)
TT

نظام ترمب العالمي الجديد... الأقوياء يضعون القواعد

صورة مركبة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مع الرئيسين الروسي والصيني فلاديمير بوتين وشي جينبينغ (إ.ب.أ)
صورة مركبة للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مع الرئيسين الروسي والصيني فلاديمير بوتين وشي جينبينغ (إ.ب.أ)

يتعرَّض النظام الدولي الذي تَشكَّل بعد الحرب العالمية الثانية للضغط الشديد من جميع الجهات بسبب عودة الزعماء الأقوياء والقومية ودوائر النفوذ، ويقود الرئيس الأميركي دونالد ترمب هذه العملية.

ويُهاجم ترمب علناً، وفقاً لموقع «أكسيوس»، المؤسسات الدولية والتحالفات التقليدية، ويعدُّ أن هناك فرصاً كبيرة بدلاً منها في عالم تُهيمن عليه القوى العظمى؛ حيث يتم تحديد الأمور من خلال عقد الصفقات.

ووفقاً لمسؤولين أميركيين، فإن رؤية ترمب تستند إلى «الواقعية» والاعتقاد بأن «القيم المشتركة» والمعايير الدولية وغيرها من المفاهيم «المطاطة» لا يمكن أن تحل محل «القوة الصلبة».

الزعيم الصيني شي جينبينغ والرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب يحضران حفل الترحيب بـ«قاعة الشعب الكبرى» في بكين يوم 9 نوفمبر 2017 (أ.ف.ب)

وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، خلال جلسة في الكونغرس للموافقة على تعيينه الشهر الماضي، إن «النظام العالمي لما بعد الحرب العالمية الثانية لم يَعد مجرد نظام عفا عليه الزمن، بل يستخدم الآن سلاحاً ضدنا».

وما ساعدت الولايات المتحدة في السابق في فرضه ضمن المعايير العالمية يقوضه ترمب. فولاية ترمب الأولى شكَّلت، وفقاً لـ«أكسيوس»، تهديدات لتحالفات ومنظمات أُنشئت في القرن العشرين، مثل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ومنظمة التجارة العالمية، وحتى الأمم المتحدة. وقد تصبح متقادمة خلال الولاية الثانية لترمب.

وصوتت أميركا في الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الاثنين، ضد قرار يُدين روسيا لغزوها أوكرانيا في الذكرى الثالثة للحرب.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني شي جينبينغ (رويترز)

وكانت هذه هي المرة الأولى منذ عام 1945 التي تقف فيها الولايات المتحدة إلى جانب روسيا وضد أوروبا، في قرار يتعلَّق بالأمن الأوروبي، وفقاً لما ذكره جيمس لانسديل مراسل «بي بي سي».

وفي حين يرى جميع القادة الغربيين الآخرين تقريباً أن روسيا دولة «مارقة ومعتدية»، أما ترمب فيرى فيها شريكاً محتملاً.

بالنسبة لأوروبا، التي اعتمدت على الولايات المتحدة لضمان أمنها على مدى العقود الثمانية الماضية، فإن ما يحدث ليس مجرد دعوة للاستيقاظ بل تحدٍّ وجودي يضع التحالف عبر الأطلسي بأكمله موضع تساؤل.

وقال الزعيم المحافظ الألماني، فريدريش ميرتس، بعد فوزه في الانتخابات، الأحد، إن «أولويته المطلقة» هي تقوية أوروبا بسرعة حتى تتمكن من «تحقيق الاستقلال عن الولايات المتحدة».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماعهما في هلسنكي عام 2018 (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأضاف ميرتس: «لم أكن لأصدق مطلقاً أنني سأضطر إلى قول شيء مثل هذا على شاشات التلفزيون». وتابع: «ولكن بعد تصريحات دونالد ترمب الأسبوع الماضي، من الواضح أن الأميركيين لا يهتمون إلى حد كبير بمصير أوروبا».

وقال ترمب، خلال أول اجتماع للحكومة هذا الأسبوع: «لقد تم تشكيل الاتحاد الأوروبي من أجل العبث بالولايات المتحدة. هذا هو الغرض منه، وقد قاموا بعمل جيد في ذلك»، وطرح خلال الاجتماع نفسه فرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على سلع الاتحاد الأوروبي.

وفي عالم اليوم متعدد الأقطاب، تتسابق كل من الولايات المتحدة وروسيا والصين لتأمين مصالحها الاستراتيجية، وترسيخ أو توسيع مناطق نفوذها.

ويحلم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفقاً لموقع «أكسيوس»، بإعادة تشكيل الكتلة السوفياتية، وقد حاول القيام بذلك بالقوة عبر غزو أوكرانيا، والتدخل في الانتخابات في جميع أنحاء العالم الغربي.

الرئيسان الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين خلال حفل افتتاح منتدى «مبادرة الحزام والطريق» في بكين (أ.ف.ب)

وتراقب الصين، وهي قوة اقتصادية وعسكرية عظمى تحت قيادة شي جينبينغ، أوكرانيا بعناية، في حين تُفكر فيما إذا كانت ستغزو تايوان، وتُعزز إرث شي من خلال «إعادة التوحيد».

وفي الوقت نفسه، خالف ترمب أسلافه بحدة من خلال دعوته إلى توسيع الأراضي الأميركية ربما لتشمل كندا وغرينلاند وقناة بنما وحتى قطاع غزة.

وطرح ترمب صفقات كبرى مع كل من بكين وموسكو بشأن كل شيء من التجارة إلى الأسلحة النووية، وهذا هو تنافس القوى العظمى في أبهى صوره، وهو الاتجاه الذي يبدو أن ترمب عازم عليه ما يُثير الذعر الشديد للدول الصغيرة والمتوسطة.

قبل 80 عاماً، اجتمعت 3 قوى عظمى (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد السوفياتي) فيما يُعرف الآن بشبه جزيرة القرم التي تحتلها روسيا لتقرير مصير القارة الأوروبية التي دمرتها الحرب.

ووضع فرانكلين روزفلت ووينستون تشرشل وجوزيف ستالين، في يالطا، شروطاً أدَّت في نهاية المطاف إلى قيام الستار الحديدي، وتأجيج الحرب الباردة التي استمرت عقوداً.


مقالات ذات صلة

«قطار الأطفال»... رحلة إنسانية إلى الزمن السينمائي الجميل

يوميات الشرق يتَّخذ الفيلم الإيطالي من الحرب العالمية الثانية خلفية تاريخية له (نتفليكس)

«قطار الأطفال»... رحلة إنسانية إلى الزمن السينمائي الجميل

ليس فيلم «قطار الأطفال» من الصنف الذي يضيِّع وقت المشاهد. فيه من الثراء الإنساني والتاريخي والسينمائي ما يكفي لإشباع العين والفكر معاً.

كريستين حبيب (بيروت)
تحليل إخباري ترمب يعدّ دافعي الضرائب الأميركيّين هم من يدفعون ثمن هذه العولمة (أ.ف.ب)

تحليل إخباري هل يربح الشرق من حرب ترمب على العولمة؟

سلوك ترمب هو بين الواقعية الهجوميّة، وخلق الفوضى، وضرب أسس النظام العالمي القديم. فإذا نجح، وأثرى الأميركيّين، فإن التاريخ سيعدّه «سوبرمان» القرن الـ21.

المحلل العسكري
أوروبا طائرات «ميغ - 29» و«سو - 30 إس إم» المقاتلة تحلّق في استعراض جوي خلال «يوم النصر» في موسكو (رويترز) play-circle

الكرملين: الرئيس الصربي سيحضر عرض يوم النصر في موسكو

أعلنت روسيا، اليوم الجمعة، أن الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش قبل دعوة لحضور الاحتفالات في موسكو بمناسبة الذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
آسيا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني شي جينبينغ خلال حضورهما حفلاً موسيقياً في مايو الماضي بمناسبة الذكرى الـ75 لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين (أ.ب) play-circle

الرئيس الصيني يقبل دعوة لحضور احتفالات روسيا بيوم النصر

ذكرت وكالة «تاس» الروسية للأنباء، الاثنين، أن الرئيس الصيني شي جينبينغ قبل دعوة من روسيا لحضور الاحتفالات بذكرى انتصار الاتحاد السوفياتي السابق على ألمانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
تحليل إخباري شريحة معالج مركزي من أشباه الموصلات بين علمَي الصين والولايات المتحدة (رويترز)

تحليل إخباري «الداتا»... الصراع الجيوسياسي العالمي الجديد

ما يبشّر به خطاب ترمب أن الصراع الجيوسياسي الجديد سيدور حالياً وحتى إشعار آخر، على الشريحة، وفي الوقت نفسه تشريح الجغرافيا لتغيير الحدود.

المحلل العسكري

ترمب يمزح مبدياً رغبته في أن يكون البابا القادم للفاتيكان

رؤساء بينهم الأميركي دونالد ترمب والفرنسي إيمانويل ماكرون خلال جنازة البابا فرنسيس في باحة الفاتيكان (د.ب.أ)
رؤساء بينهم الأميركي دونالد ترمب والفرنسي إيمانويل ماكرون خلال جنازة البابا فرنسيس في باحة الفاتيكان (د.ب.أ)
TT

ترمب يمزح مبدياً رغبته في أن يكون البابا القادم للفاتيكان

رؤساء بينهم الأميركي دونالد ترمب والفرنسي إيمانويل ماكرون خلال جنازة البابا فرنسيس في باحة الفاتيكان (د.ب.أ)
رؤساء بينهم الأميركي دونالد ترمب والفرنسي إيمانويل ماكرون خلال جنازة البابا فرنسيس في باحة الفاتيكان (د.ب.أ)

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب مازحاً، إنه يرغب في أن يصبح البابا القادم للفاتيكان، خلفاً للبابا فرنسيس الذي توفي الأسبوع الماضي عن عمر ناهز 88 عاماً.

وقال ترمب للصحافيين، عندما سُئل عمَّن يود أن يصبح بابا الكنيسة الكاثوليكية المقبل: «أود أن أصبح البابا. سيكون هذا خياري الأول».

وأشار ترمب إلى أنه ليس لديه تفضيل معين، مضيفاً: «يجب أن أقول إن لدينا كاردينالاً من مكان يسمى نيويورك، وهو جيد جداً، لذلك سنرى ما سيحدث»، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والسيدة الأولى ميلانيا في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان (رويترز)

ولا يعد الكاردينال تيموثي دولان، رئيس أساقفة نيويورك، من بين المرشحين المحتملين لتولي المنصب، إلا أن القائمة تضم أميركياً آخر هو الكاردينال جوزيف توبين، رئيس أساقفة نيوارك في ولاية نيوجيرسي. ولم يسبق أن تولى أميركي منصب البابا.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والسيدة الأولى ميلانيا في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان (رويترز)

وسافر ترمب وزوجته ميلانيا إلى روما في مطلع الأسبوع، لحضور جنازة أول بابا للفاتيكان من أميركا اللاتينية.

وتبادل ترمب والبابا فرنسيس الانتقادات على مدى عقد من الزمان، وكانت أغلبها تتمحور حول مناشدة البابا للتعاطف مع المهاجرين، وهي الفئة التي سعى ترمب مراراً إلى ترحيلها.

وسيدخل نحو 135 من الكرادلة الكاثوليك قريباً مجمعاً سرياً لاختيار البابا القادم، دون وجود أي مرشح واضح في الأفق.