أدت الضغوط المتواصلة التي تمارسها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإصلاح الوكالات الفيدرالية إلى مزيد من الاستقالات في صفوف كبار الموظفين الحكوميين، وآخرهم المفوضة بالوكالة لدائرة الضمان الاجتماعي ميشيل كينغ التي تصادمت مع أفراد من «دائرة الكفاءة الحكومية» (دوج اختصاراً) التي يقودها الملياردير إيلون ماسك، لدى محاولتهم الوصول إلى بيانات شخصية حساسة خاصة بملايين الأميركيين.
وكان العاملون في «دوج» تمكنوا قبل ذلك، من الوصول إلى الأنظمة الداخلية والمعلومات المالية المفصلة حول جميع دافعي الضرائب الأميركيين في مصلحة الضرائب الداخلية.
ومثلت مغادرة كينغ، التي أمضت عقوداً في الوكالة قبل تعيينها مفوضة بالوكالة الشهر الماضي، فصلاً مفاجئاً من استقالات مسؤولين فيدراليين كبار رفضوا منح مساعدي ماسك إمكانية الوصول إلى البيانات المحفوظة بأمان. وتبلغ مدفوعات الضمان الاجتماعي نحو 1.5 تريليون دولار، أو خمس الإنفاق الفيدرالي السنوي في الولايات المتحدة. وتعهد الرئيس ترمب بعدم خفض مزايا التقاعد، لكنه أشار إلى أنه على استعداد للبحث عن طرق لمنع الهدر، وخفض الإنفاق من برنامج التقاعد الذي يستفيد منه ملايين الأميركيين.
ويستفيد أكثر من 70 مليون أميركي من برامج دائرة الضمان الاجتماعي. وخلال العام الماضي، أظهرت مراجعة أجراها المفتش العام لدائرة الضمان الاجتماعي، أنها دفعت بين عامي 2015 و2022 نحو 8.6 تريليون دولار في شكل إعانات، وحققت في نحو 71.8 مليار دولار، أو أقل من 1 في المائة، في مدفوعات غير لائقة، تنطوي عادة على حصول المستفيدين على أموال أكثر من اللازم.
ووفقاً لأشخاص مطلعين، سعى فريق ماسك في دائرة الضمان الاجتماعي إلى الوصول لمستودع بيانات داخلي، يحتوي على معلومات شخصية واسعة النطاق عن الأميركيين، بما في ذلك البيانات المالية، ومعلومات التوظيف، وعناوين لأي شخص لديه رقم ضمان اجتماعي.
وعلى أثر استقالة كينغ الأحد، عيّن الرئيس ترمب المدير المسؤول عن مكتب مكافحة الاحتيال في الضمان الاجتماعي، ليلاند دوديك مفوضاً بالإنابة، ريثما يصادق مجلس الشيوخ على تعيين مرشح البيت الأبيض فرنك بيسينيانو في المنصب.
وقال الناطق باسم البيت الأبيض هاريسون فيلدز في بيان، إن الرئيس ترمب رشح فرنك بيسينيانو «المؤهل والموهوب للغاية، لقيادة دائرة الضمان الاجتماعي، ونتوقع المصادقة عليه بسرعة في الأسابيع المقبلة»، مضيفاً أنه «في غضون ذلك، سيقود الوكالة خبير محترف في مكافحة الاحتيال في الضمان الاجتماعي بصفته مفوضاً بالإنابة». وشدد. على أن «الرئيس ترمب ملتزم بتعيين أفضل الأفراد وأكثرهم تأهيلاً، الذين يكرسون أنفسهم للعمل نيابة عن الشعب الأميركي، وليس لإرضاء البيروقراطية التي خذلتهم لفترة طويلة جداً».
وباختياره دوديك، تجاوز ترمب العشرات من كبار المسؤولين التنفيذيين الآخرين الأعلى في التسلسل القيادي لهذه الدائرة، ما أثار القلق في الوكالة وحولها. وقال المفوض السابق للضمان الاجتماعي مارتن أومالي، الذي كان أيضاً حاكماً سابقاً لماريلاند: «بهذا المعدل، سيكسرونها»، مضيفاً: «سيكون هناك انقطاع في الفوائد». ورأى أنه «لأمر مخز أن يتم تجاهل 120 شخصاً من كبار المسؤولين التنفيذيين. إن اختيار مفوض بالإنابة ليس في الخدمة التنفيذية العليا، ويوجه رسالة مفادها أن الأشخاص المحترفين يجب أن يتركوا هذه الوكالة العامة المحاصرة».
وأفاد مسؤولون في البيت الأبيض، بأن شركاء ماسك يخضعون للتدقيق بشكل صحيح قبل تعيينهم في أدوار رسمية في الوكالات التي يدققون فيها. وقالت الناطقة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت إنها تكافح «مراسلي الأخبار الزائفة» الذين كانوا يحاولون «إثارة الخوف» في شأن مدفوعات الضمان الاجتماعي. وأكدت أن ترمب وجه ماسك فقط لتحديد «الاحتيال» في البرنامج، وأن مزايا التقاعد لكبار السن ستكون محمية.
مديرة شركة «سوشيال سيكيوريتي ووركس» نانسي ألتمان، إن دائرة الضمان «تحتوي على سجلات طبية شاملة للأشخاص الذين تقدموا بطلبات للحصول على إعانات الإعاقة. كما تحتوي على معلوماتنا المصرفية، وسجلات أرباحنا، وأسماء وأعمار أطفالنا، وأكثر من ذلك بكثير».
خطورة الاختراق
وفي تحذيرها من مخاطر حصول فريق ماسك على البيانات، أضافت ألتمان: «لا توجد طريقة للمبالغة في مدى خطورة هذا الاختراق».
وفقاً لموظف سابق، فإن الوصول إلى هذه المعلومات، يتم الاحتفاظ به بشكل وثيق داخل الوكالة، بسبب مخاوف الخصوصية. ليس من الواضح عدد أعضاء فريق ماسك الذين سعوا إلى الوصول إليها، وما إذا كانوا نجحوا في النهاية، أو ما إذا كانوا مُنحوا وضع التوظيف الكامل في دائرة الضمان الاجتماعي. وكان فريق ماسك سعى إلى الوصول إلى البيانات الحساسة في وزارة الخزانة ودائرة الضرائب الداخلية.
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، طردت وزارة الخزانة المسؤول الكبير ديفيد ليبريك، بعدما قاوم منح فريق ماسك حق الوصول إلى نظام الدفع الحكومي الواسع النطاق في مكتب الخدمة المالية.
في حديثه بالبيت الأبيض الأسبوع الماضي، أكد ماسك دون تقديم أدلة، أن فحصاً سريعاً للضمان الاجتماعي وجد أن «أشخاصاً من المسجلين في أنظمتها، على أنهم يبلغون من العمر 150 عاماً، يتلقون إعانات».