ترمب يأمر بوقف إنفاق تريليونات الدولارات داخلياً وخارجياً

طرد المحققين في قضاياه الجنائية ومنح إجازات لموظفي المساعدات

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث إلى الصحافيين على متن الطائرة الرئاسية في طريقه من ميامي إلى «قاعدة آندروز المشتركة» بماريلاند بحضور الناطقة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث إلى الصحافيين على متن الطائرة الرئاسية في طريقه من ميامي إلى «قاعدة آندروز المشتركة» بماريلاند بحضور الناطقة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت (أ.ب)
TT
20

ترمب يأمر بوقف إنفاق تريليونات الدولارات داخلياً وخارجياً

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث إلى الصحافيين على متن الطائرة الرئاسية في طريقه من ميامي إلى «قاعدة آندروز المشتركة» بماريلاند بحضور الناطقة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت (أ.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث إلى الصحافيين على متن الطائرة الرئاسية في طريقه من ميامي إلى «قاعدة آندروز المشتركة» بماريلاند بحضور الناطقة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت (أ.ب)

واصلت إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، اتخاذ إجراءات مشدّدة بشأن تريليونات الدولارات، وشملت أمراً من البيت الأبيض بتجميد كل المنح والقروض التي تنفقها الحكومة الفيدرالية داخل البلاد، بالإضافة إلى وقف المساعدات الخارجية، بالتزامن مع إعطاء إجازات لعشرات المسؤولين الكبار في «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية»؛ مما أدى إلى خضة كبيرة في واشنطن.

وترافقت هذه الإجراءات أيضاً مع قرار وزارة العدل طرد نحو 10 من موظفيها الكبار الذين تشاركوا مع المستشار القانوني الخاص السابق جاك سميث؛ الذي قاد التحقيقات في الدعاوى الجنائية ضد ترمب خلال عهد الرئيس السابق جو بايدن.

وأصدر القائم بأعمال مدير مكتب الإدارة والميزانية في البيت الأبيض، ماثيو فايث، مذكرة تتضمن تعليمات لـ«الوكالات الفيدرالية» بـ«الوقف المؤقت لكل النشاطات المتعلقة بالالتزامات أو صرف كل المساعدات المالية الفيدرالية»، داعياً إلى إجراء «تحليل شامل» لضمان اتساق برامج المنح والقروض مع القرارات التنفيذية للرئيس ترمب، التي تهدف إلى حظر مبادرات التنوع والإنصاف والدمج الفيدرالية، والحد من الإنفاق على الطاقة النظيفة، فضلاً عن تدابير أخرى. والبرامج المتأثرة «تشمل، على سبيل المثال لا الحصر، المساعدات المالية الخارجية، والمنظمات غير الحكومية، والتنوع والإنصاف، وآيديولوجية النوع الاجتماعي، و(الصفقة الخضراء) الجديدة».

«مساواة ماركسية»

وكتب فايث أن «استخدام الموارد الفيدرالية لتعزيز المساواة الماركسية والتحول الجنسي وسياسات (الهندسة الاجتماعية الجديدة الخضراء) هو إهدار لأموال دافعي الضرائب، ولا يحسّن الحياة اليومية لأولئك الذين نخدمهم». وأضاف أن «كل وكالة يجب أن تستكمل تحليلاً شاملاً لكل برامج المساعدة المالية الفيدرالية الخاصة بها لتحديد البرامج والمشروعات والنشاطات التي قد تتأثر بأي من القرارات التنفيذية للرئيس» ترمب. ولن تتأثر مزايا الرعاية الطبية والضمان الاجتماعي بهذه الإجراءات.

وتنص المذكرة أيضاً على أنه من 10 تريليونات دولار أنفقتها الحكومة الفيدرالية في السنة المالية 2024، التي انتهت في 30 سبتمبر (أيلول) 2024، «كان أكثر من 3 تريليونات دولار مساعدات مالية فيدرالية، مثل المنح والقروض»، من دون أن توضح مصدر هذه الأرقام، علماً بأن مكتب الميزانية في الكونغرس أفاد بأن الحكومة أنفقت 6.7 تريليون دولار خلال السنة المالية 2024.

وتعليقاً على هذه المذكرة التي تتجاوز الكونغرس، كتبت السيناتورة الديمقراطية باتي موراي، والنائبة الديمقراطية روز دي لاورو، وهما عضوان في لجنتَي المخصصات بمجلسَي الشيوخ والنواب، رسالة إلى فايث للتعبير عن «الانزعاج الشديد»، قالتا فيها: «ستكون لأفعال هذه الإدارة عواقب بعيدة المدى على كل البرامج والنشاطات الفيدرالية تقريباً؛ مما يعرض الأمن المالي لأسرنا وأمننا القومي ونجاح بلدنا للخطر». وقال كثير من مساعدي الكونغرس الديمقراطيين إنهم في حيرة من أمر المذكرة، وإنهم يحاولون فهم آثارها على الحكومة الفيدرالية.

وقال زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، في بيان: «يقولون إن هذا مؤقت فقط، لكن ينبغي ألا يصدق أحد ذلك. يجب على دونالد ترمب أن يوجه إدارته لعكس المسار على الفور، ويجب توزيع أموال دافعي الضرائب على الناس. وافق الكونغرس على هذه الاستثمارات، وهي ليست اختيارية؛ إنها القانون».

«تثير الذعر»

ورغم ذلك، فإن مذكرة فايث دخلت حيز التنفيذ الثلاثاء. وبذلك يتعين على الوكالات تقديم قوائم مفصلة بالمشروعات المعلقة بموجب الأمر الجديد، بحلول 10 فبراير (شباط) المقبل. ويجب على «الوكالات الفيدرالية» أن تسند «المسؤولية والإشراف» لتتبع الإنفاق الفيدرالي إلى سياسي كبير، وليس مسؤولاً مهنياً، كما تنص المذكرة.

وتدعم المنح الفيدرالية مجموعة واسعة من المستفيدين والقضايا؛ فهي تذهب إلى الجامعات من أجل برامج التعليم والبحث، وإلى المنظمات غير الربحية من أجل الرعاية الصحية والدراسات، ضمن آلاف المجالات الأخرى.

وقال خبير الميزانية الفيدرالية في «مركز التقدم الأميركي»، بوبي كوغان: «إنهم يتبنون وجهة نظر واسعة النطاق لما يقصدونه بهذا الأمر، وأعتقد أن هذا يعني أنه يغطي كل شيء آخر بخلاف الأشياء التي تذهب إلى الأفراد».

وعلق العميد السابق لكلية السياسة العامة بجامعة ماريلاند، دونالد كيتل، بأن «اللغة المستخدمة في المذكرة مربكة؛ مما يجعل تأثيراتها غير واضحة»، مضيفاً أنه «سيكون هناك ذعر واسع النطاق، حيث تسارع حكومات الولايات والحكومات المحلية، وكذلك الأشخاص الأكثر اعتماداً على المنح الممولة من الحكومة الفيدرالية، إلى معرفة ما إذا كانت نقودهم ستتوقف». وقال: «في صفحتين؛ لدينا ما يعادل 60 عاماً من التقاليد والسياسات التي صارت هباء (...) بالنسبة إلى أولئك الذين يعانون أكثر، فسيكون عدم اليقين هائلاً».

إجازات وإقالات

مساعدات من «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» في كييف (رويترز)
مساعدات من «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» في كييف (رويترز)

في غضون ذلك، وضعت إدارة ترمب ما لا يقل عن 56 مسؤولاً كبيراً في «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» في إجازة، وسط تحقيق في محاولة مزعومة لإحباط قرارات ترمب. وشاعت أنباء عن تسريح مئات المقاولين المقيمين في واشنطن وأماكن أخرى.

ونتيجة للتجميد، توقفت آلاف البرامج الإنسانية والتنموية والأمنية الممولة من الولايات المتحدة في كل أنحاء العالم عن العمل أو تستعد لذلك. ومن دون الأموال لدفع رواتب الموظفين، ستضطر منظمات الإغاثة إلى الاستغناء عن مئات الموظفين.

وقال إشعار داخلي من «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية»، أرسل ليل الاثنين، إن القائم بأعمال المدير الجديد، جيسون غراي، حدد «إجراءات عدة داخل (الوكالة الأميركية للتنمية الدولية) يبدو أنها مصممة للالتفاف على القرارات التنفيذية للرئيس والتفويض الممنوح من الشعب الأميركي. ونتيجة لذلك، تقرر منح عدد من موظفي الوكالة إجازة إدارية بأجر كامل ومزايا حتى إشعار آخر، بينما نستكمل تحليلنا هذه الإجراءات»، كما كتب غراي.

إلى ذلك، شهدت وزارة العدل إقالات لمسؤولين شاركوا المستشار الخاص، جاك سميث، في الإجراءات الجنائية الفيدرالية التي طالت ترمب. وقال مسؤول إن «وزير العدل بالوكالة، جيمس ماكهنري، اتّخذ هذا القرار بسبب أنه لا يمكن الوثوق بهم لتطبيق برنامج الرئيس بوفاء؛ من أجل دورهم الكبير في الملاحقات ضدّ الرئيس». ولم يكشف عن عدد الأشخاص المستهدفين أو هويّاتهم، لكن وسائل إعلام أميركية أفادت بأنهم نحو 10؛ بينهم عدد من المدّعين الفيدراليين.


مقالات ذات صلة

ملايين الأطفال ضحايا الاقتطاعات في المساعدات الأميركية

الولايات المتحدة​ طفل فلسطيني يبتسم وهو يطل من داخل ملجأ في مدينة غزة (أ.ف.ب)

ملايين الأطفال ضحايا الاقتطاعات في المساعدات الأميركية

يعاني ملايين الأطفال عبر جميع القارات بسبب تراجع التمويل الأميركي منذ عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط» (عمان)
تحليل إخباري ستيف ويتكوف وماركو روبيو في باريس في 17 أبريل 2025 (أ.ب)

تحليل إخباري ستيف ويتكوف رجل المهمات الصعبة في عهد ترمب الثاني

يصف البعض مبعوث ترمب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف بـ«وزير خارجية الظل»، فالدور الذي لعبه حتى الساعة في إدارة ترمب يحاكي تقليدياً دور وزير الخارجية.

رنا أبتر (واشنطن)
تحليل إخباري ماسك لدى مشاركته في اجتماع للإدارة الأميركية لتقييم أول مائة يوم من ولاية ترمب 30 أبريل (أ.ب)

تحليل إخباري كيف أعادت «إدارة كفاءة الحكومة» تشكيل الفيدرالية الأميركية؟

على مدار الـ100 يوم الأولى من ولايته، جعل الرئيس الأميركي دونالد ترمب من «ترشيق» الحكومة و«زيادة كفاءتها»، مهمة رئيسية لخفض الإنفاق ومكافحة البيروقراطية.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيسان الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والأميركي دونالد ترمب يتحدثان بـ«كاتدرائية القديس بطرس» في الفاتيكان (إ.ب.أ) play-circle

كيف غيّر زيلينسكي موقف ترمب من بوتين؟

شكَّل لقاء زيلينسكي والرئيس الأميركي منعطفاً في لهجة ترمب تجاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص رئيس الحكومة محمد شياع السوداني (إكس)

خاص إيران خارج مطبخ الانتخابات العراقية... «لكنها في المنزل»

لا تتدخل إيران في تفاصيل الانتخابات العراقية لتفادي استفزاز الرئيس الأميركي دونالد ترمب، لكنها تحتفظ بخطة بديلة لنفوذها في بغداد.

علي السراي (لندن)

طفل في السابعة يقود سيارة لمسافة 16 كيلومتراً برفقة شقيقته الصغيرة لشراء «ماكدونالدز»

أشخاص يمرون أمام مطعم «ماكدونالدز» في بكين (أ.ف.ب)
أشخاص يمرون أمام مطعم «ماكدونالدز» في بكين (أ.ف.ب)
TT
20

طفل في السابعة يقود سيارة لمسافة 16 كيلومتراً برفقة شقيقته الصغيرة لشراء «ماكدونالدز»

أشخاص يمرون أمام مطعم «ماكدونالدز» في بكين (أ.ف.ب)
أشخاص يمرون أمام مطعم «ماكدونالدز» في بكين (أ.ف.ب)

في حادث أثار الدهشة والقلق في آنٍ واحد، أقدم طفل في السابعة من عمره على قيادة سيارة والدته لمسافة 10 أميال (16 كيلومتراً) برفقة شقيقته الصغرى البالغة من العمر 5 سنوات، في مغامرة غير متوقعة هدفها تناول وجبة من «ماكدونالدز». وفقاً لموقع «فوكس 5».

وقع الحادث في ولاية يوتا الأميركية، حيث أفادت قناة «كاي تي في إكس» التابعة لشبكة «نيكستار»، بأن الأم، ويتني بوش، استيقظت في ساعة مبكرة لتطمئنّ على أطفالها الأربعة، ثم عادت للنوم مطمئنة. ولكنها فُزعت لاحقاً بطرقات رجال الشرطة الذين أبلغوها باختفاء سيارتها واثنين من أطفالها.

الشرطة في مدينة أوغدن كانت قد تلقت بلاغاً صباح الأحد 27 أبريل (نيسان) عن سائق متهور. وعند تعقب السيارة، فوجئ الضباط بأن السائق طفل صغير، فقرروا عدم متابعته مباشرةً حفاظاً على سلامة العامة. وانتهت الرحلة بمواجهة طفيفة مع الرصيف في أحد مواقف السيارات، دون أن يُصاب الطفلان بأذى.

وتبيّن أن الطفل قاد السيارة من مدينة كليرفيلد حتى أوغدن، مجتازاً عدة مطاعم للوجبات السريعة، وكان يحمل المال ويرتدي حزام الأمان، حسبما أخبر والدته لاحقاً.

وقالت الأم، التي بدت متأثرة ومتفاجئة مما حدث: «شعرت كأن قلبي هبط في معدتي... لم أتخيل يوماً أن يستيقظ ابني ليعيش تجربة (غراند ثفت أوتو) الحقيقية».

وأضافت أن ابنها يعاني من مشكلات سلوكية، لكنها لم تجد دعماً كافياً من الجهات المعنية رغم محاولاتها السابقة.

وأكدت بوش أنها لا تبرر ما فعله ابنها، وتابعت ضاحكة: «عائلته كلها تعمل في قيادة الشاحنات، وهو يحلم بأن يصبح سائق شاحنة... لكنه يحتاج إلى الانتظار قليلاً».

الحادث انتشر على وسائل التواصل، وشارك كثيرون الأم مشاعرها بين القلق والتعاطف، بينما أكدت أن ابنها لن يواجه أي تهم قانونية لصغر سنه، لكنها قررت معاقبته عبر إشراكه في خدمات مجتمعية لجيرانه، قائلةً: «هو في ورطة كبيرة... وعلى الأرجح سيظل معاقباً لبقية حياته».