ترمب على عتبة البيت الأبيض مستعداً لترحيل ملايين المهاجرين

استعانة بقوانين قديمة وتوسيع لحظر السفر من دول ذات غالبية مسلمة

أفراد من الحرس الوطني في تكساس يحرسون قرب الجدار الحدودي بين المكسيك والولايات المتحدة (رويترز)
أفراد من الحرس الوطني في تكساس يحرسون قرب الجدار الحدودي بين المكسيك والولايات المتحدة (رويترز)
TT

ترمب على عتبة البيت الأبيض مستعداً لترحيل ملايين المهاجرين

أفراد من الحرس الوطني في تكساس يحرسون قرب الجدار الحدودي بين المكسيك والولايات المتحدة (رويترز)
أفراد من الحرس الوطني في تكساس يحرسون قرب الجدار الحدودي بين المكسيك والولايات المتحدة (رويترز)

مع وصول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى عتبة البيت الأبيض، يترقّب كثيرون الدفعة الأولى من قراراته التنفيذية التي يتوقع أن تفي ببعض وعوده الانتخابية، وأولها تنفيذ «أكبر عملية ترحيل في تاريخ» الولايات المتحدة.

وصارت الهجرة الشغل الشاغل لعدد كبير من الناخبين حتى قبل الانتخابات. ففي أوائل عام 2024، أظهرت الاستطلاعات أن 28 في المائة من الأميركيين - ومعظمهم من الجمهوريين - يعدّون الهجرة المشكلة الرئيسية التي تواجه بلادهم، لتكون هذه هي المرة الأولى التي ترتفع فيها هذه القضية إلى الصدارة منذ موجة الهجرة السابقة في عام 2019.

الرئيس دونالد ترمب متوسطاً الرئيس المكسيكي إنريكي بينيا نييتو ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو أثناء استعدادهم لتوقيع اتفاقية جديدة في بوينس آيرس عام 2018 (أ.ب)

وعلى الرغم من أن الهجرة غير الشرعية في اتجاه الولايات المتحدة شغلت معظم الرؤساء الأميركيين، وكانت محورية خلال الحملات للانتخابات الرئاسية عام 2024، فإن الجمهوريين جعلوها منصة انتخابية رئيسية لحزبهم بقيادة الرئيس ترمب، الذي أمر بعمليات ترحيل لمهاجرين غير شرعيين خلال ولايته الأولى بين عامي 2017 و2020، ولكنه يسعى، خلال عهده الثاني بدءاً من 20 يناير (كانون الثاني) الحالي، إلى وضعها في مصافّ عمليات الترحيل الجماعية التي نفذها الرئيس دوايت آيزنهاور في إطار «عملية ويتباك» لعام 1954. وقال، في مناظرته اليتيمة مع مرشحة الديمقراطيين، نائبة الرئيس كامالا هاريس، إن سياسات الهجرة التي انتهجتها إدارة الرئيس جو بايدن سمحت لـ«الإرهابيين» و«مجرمي الشوارع العاديين» و«تجار المخدرات» بـ«غزو» البلاد.

ويعكس هذا الكلام جزئياً الخلافات العميقة حول ما إذا كان ينبغي إنشاء مسار للحصول على الجنسية لأكثر من 11 مليوناً من المقيمين بطريقة غير موثقة في الولايات المتحدة، كثيرون بينهم من المكسيك ودول أميركا الوسطى. ومع الوقت، صارت الاستجابة للوضع على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة مثيرة للانقسام بشكل متزايد، علماً أنه خلال السنة المالية 2023، واجهت سلطات الحدود الأميركية وصول عدد قياسي من اللاجئين بلغ 2.5 مليون شخص، كثيرون بينهم من الفارين من العنف والفقر والتحديات البيئية في بلدانهم الأصلية، بمن في ذلك القادمون من كوبا وهايتي والمكسيك وفنزويلا ودول المثلث الشمالي: السلفادور وغواتيمالا وهندوراس. وأدى ارتفاع معدلات الهجرة إلى دفع الولايات الحدودية التي يقودها الجمهوريون، مثل فلوريدا وتكساس، إلى أخذ الأمور بأيديهم، بما في ذلك عبر نقل آلاف المهاجرين إلى المدن الشمالية التي يديرها الديمقراطيون.

استعادة قوانين قديمة

مهاجرون ينتظرون خارج مكتب الهجرة الوطني للانتقال من المكسيك إلى مقصدهم بالولايات المتحدة (أ.ف.ب)

ولوقف «الغزو»، يؤكد ترمب أنه سيستعين بـ«قانون الأعداء الأجانب» لعام 1798 - وهو أحد القوانين الأربعة المعروفة مجتمعة باسم «قوانين الأجانب وإثارة الفتنة» - للسماح للسلطات بتجاوز الإجراءات القانونية المرعية لترحيل جميع المعروفين أو المشتبه في أنهم من عصابات المخدرات أو الإجرام. كما يخطط لتفويض الحرس الوطني لتنفيذ عمليات الترحيل، رغم العوائق القانونية التي تحول دون تمكين الجيش الأميركي من الانخراط في عمليات تنفيذ القوانين الداخلية.

بالإضافة إلى ذلك، تعهد ترمب بإعادة فرض القيود على طلب اللجوء، بما فيها عبر إعادة العمل ببرنامجه لعام 2019 «البقاء في المكسيك» الذي يفرض على طالبي اللجوء غير المكسيكيين الانتظار في المكسيك في أثناء الاستماع إلى قضاياهم في محاكم الهجرة الأميركية. كما أعلن أنه سيعيد إحياء استخدام القانون المسمى «العنوان 42» الذي يسمح لمسؤولي الحدود بطرد المهاجرين لأسباب تتعلق بالصحة العامة والذي لم يستخدم سابقاً إلا في أثناء جائحة «كوفيد - 19».

وضمن إجراءات أخرى، سيسعى ترمب إلى إنهاء حق المواطنة بالولادة للأطفال المولودين من مهاجرين غير شرعيين، وهي الفكرة التي أطلقها عام 2018، مضيفاً أنه سيوسع في ولايته الثانية حظر السفر الذي كان اعتمده خلال ولايته الأولى على الأفراد من «الدول والأقاليم والأماكن التي ابتليت بالإرهاب» ليشمل قطاع غزة، علماً أنه كان يشمل عام 2017 خلال ولايته الأولى سبع دول ذات غالبية من المسلمين هي: إيران والعراق وليبيا والصومال والسودان وسوريا واليمن، فضلاً عن منع الذين لديهم وجهات نظر معينة، بما في ذلك الآيديولوجيات المعادية لإسرائيل والماركسية والفاشية.

تهمة «كراهية الأجانب»

وتبنى ترمب في حملته الرئاسية الثالثة ما عدّه خصومه «كراهية الأجانب»، فشوَّه صورة المهاجرين بعدّهم مجرمين متوحشين، مطلقاً العنان لهجوم شامل ومهدداً المرة تلو المرة بعمليات ترحيل عقابية لطرد ملايين المهاجرين، والحد حتى من الهجرة القانونية الجديدة، مستعيداً النزعة القومية التي لم تشهد الولايات المتحدة نظيراً لها منذ الخمسينات من القرن الماضي.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب في مارالاغو بفلوريدا 9 يناير (أ.ب)

على الرغم من خطابه المثير للجدل، حظيت خطط ترمب بموافقة واسعة النطاق، حيث أظهرت استطلاعات الرأي أن أغلبية الناخبين يستشهدون بالهجرة بوصفها قضية رئيسية بالنسبة لهم، ويقولون إن ترمب سيتعامل معها بشكل أفضل من هاريس. لكن القراءة الدقيقة لسجلات المرشحين تظهر أن سياسات ترمب الحدودية بصفته رئيساً كانت أقل فاعلية بكثير مما يعتقده كثير من الأميركيين. إن الاختيار في الانتخابات ليس بين مخططين متنافسين لإدارة الحدود.

بناء الجدار

يقول ترمب أيضاً إنه سيعلّق مرة أخرى برنامج إعادة توطين اللاجئين في الولايات المتحدة، ونقض ما يُعرف بـ«وضع الحماية المؤقت» الممنوح لعدد من البلدان، مع تشديد إجراءات الوصول إلى بعض برامج تأشيرات الدخول. وكل ذلك فعله في ولايته الأولى. وسيواصل الضغط على الكونغرس لتبنّي نظام هجرة «يعتمد على الأهلية»، بهدف حماية العمالة الأميركية، بدلاً من الترتيب الحالي الذي يجعل الأولوية لإعادة توحيد العائلات.

مهاجرون يسعون للحصول على اللجوء من المكسيك والهند والإكوادور يستدفئون خلال انتظار القبض عليهم من دورية الحدود الأميركية (أ.ف.ب)

ويكرر ترمب أنه سيواصل بناء الجدار على طول الحدود الجنوبية للولايات المتحدة لمنع دخول المهاجرين. وكان قد أعلن عام 2019 حالة الطوارئ الوطنية التي سمحت له بتحويل الأموال لبناء الجدار، الذي توسع باستمرار منذ التسعينات من القرن الماضي. وسيحاول مرة أخرى إنهاء «برنامج الإجراءات المؤجلة للقادمين في مرحلة الطفولة» (معروف أيضاً باسم «داكا»)، الذي بدأ في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما لوقف ترحيل مئات الآلاف من المهاجرين الذين وصلوا إلى الولايات المتحدة بشكل غير قانوني وهم أطفال. وكانت المحكمة العليا الأميركية منعت محاولته السابقة لإنهاء هذا البرنامج عام 2020.


مقالات ذات صلة

ترمب عقب إطلاق موسكو سراح أميركي: سيفرج عن معتقل آخر اليوم

الولايات المتحدة​  الأميركي دونالد ترمب لدى استقباله في البيت الأبيض مارك فوغيل الذي كان محتجزا في روسيا (رويترز)

ترمب عقب إطلاق موسكو سراح أميركي: سيفرج عن معتقل آخر اليوم

شدّد الرئيس الجمهوري على أنّ المدرّس الأميركي فوغيل تمكّن من العودة إلى الولايات المتّحدة بفضل عملية تبادل «عادلة للغاية ومعقولة للغاية» أجرتها إدارته مع موسكو.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مصهر للحديد (أرشيفية - رويترز)

مسؤول أميركي: الرسوم الجمركية على الصلب ستضاف للرسوم الأخرى على كندا

قال مسؤول في البيت الأبيض إن الرسوم الجمركية التي يعتزم الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرضها بنسبة 25 بالمئة على جميع واردات الصلب والألمنيوم ستضاف إلى رسوم أخرى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ كيفن بروسو الذي عينته الحكومة الكندية لقيادة جهود البلاد في مكافحة مخدّر الفنتانيل (رويترز)

كندا تعيّن مسؤولا عن مكافحة مخدّر الفنتانيل تنفيذا لوعد قطعته لترمب

بروسو الذي كان ضابطا كبيرا في الشرطة عُيّن مؤخرا مستشارا لترودو لشؤون الأمن القومي والاستخبارات.

«الشرق الأوسط» (مونتريال)
الولايات المتحدة​ خليج المكسيك الذي أمر الرئيس دونالد ترمب بإعادة تسميته ليصبح خليج أميركا (أرشيفية)

البيت الأبيض يمنع مراسل «أسوشيتد برس» من حضور فعالية بسبب «خليج المكسيك»

منع البيت الأبيض مراسل وكالة أسوشيتد برس من حضور فعالية في المكتب البيضاوي، بعد أن طالب الوكالة بتغيير أسلوبها التحريري في ما يتعلق بتسمية خليج المكسيك.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)

ماسك يؤكد أن الولايات المتحدة «ستفلس» من دون اقتطاعات في الموازنة... ووزير الدفاع يتوقع نموا

شدّد الملياردير إيلون ماسك الذي كلّفه الرئيس الأميركي دونالد ترمب قيادة جهود خفض الإنفاق الفيدرالي على أن الولايات المتحدة «ستفلس» من دون اقتطاعات في الموازنة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

نيويورك تؤكد أول إصابة بسلالة «جدري القردة» الجديدة... والحصبة تتفشى في تكساس

صورة تحت المجهر الإلكتروني قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس «جدري القردة» باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)
صورة تحت المجهر الإلكتروني قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس «جدري القردة» باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)
TT

نيويورك تؤكد أول إصابة بسلالة «جدري القردة» الجديدة... والحصبة تتفشى في تكساس

صورة تحت المجهر الإلكتروني قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس «جدري القردة» باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)
صورة تحت المجهر الإلكتروني قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس «جدري القردة» باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

أكدت وزارة الصحة بولاية نيويورك أمس (الثلاثاء) تسجيل أول إصابة بسلالة «جدري القردة» الجديدة، مما يزيد المخاوف العالمية بشأن انتشار المتحور الذي لا يُعرف عنه الكثير.

ووفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة، هناك 3 حالات مؤكدة في البلاد، في كاليفورنيا وجورجيا ونيوهامبشير، تسببت فيهم السلالة الفرعية (آي بي).

وأعلنت منظمة الصحة العالمية في أغسطس (آب) أن جدري القردة يشكل حالة طوارئ صحية عامة عالمية، وذلك للمرة الثانية خلال عامين. وجاء ذلك بعد تفشٍّ للعدوى الفيروسية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وانتشرت إلى بلدان مجاورة.

وأحجمت وزارة الصحة بولاية نيويورك عن الإدلاء بأي معلومات إضافية عن الإصابة.

وفي سياق متصل، قالت سلطات الصحة العامة يوم الثلاثاء، إن تفشي مرض الحصبة في غرب تكساس توسَّع، بينما تم تأكيد حالة إصابة جديدة عبر حدود الولاية في نيومكسيكو. وأعلنت إدارة الخدمات الصحية في تكساس عن تسجيل 24 حالة إصابة بالحصبة، مرتبطة بظهور الأعراض خلال الأسبوعين الماضيين. وتعد مقاطعة جينز -وهي مقاطعة صغيرة في غرب تكساس- من بين المناطق التي تسجل أعلى معدلات الإعفاء من اللقاحات في الولاية.

ينتشر «جدري القردة» عن طريق الاتصال الوثيق ويسبب أعراضاً تشبه تلك الناجمة عن الإنفلونزا (أرشيفية- رويترز)

وفي مقاطعة ليا المجاورة بولاية نيومكسيكو، تم تنبيه السكان يوم الثلاثاء إلى إصابة مراهق غير مطعَّم بالحصبة، إضافة إلى احتمال تعرض مزيد من الأشخاص للعدوى في غرفة الطوارئ بأحد المستشفيات وصالة ألعاب رياضية لطلاب الصف السادس بمدينة لوفينغتون.

وقالت إدارة الصحة في نيومكسيكو في بيان صحافي: «الشاب المصاب في نيومكسيكو لم يسافر مؤخراً، ولم يختلط بحالات معروفة مرتبطة بتفشي المرض في تكساس». وفي تكساس، تم نقل 9 مرضى إلى المستشفى بسبب الإصابة بالحصبة، وجميع الحالات المؤكدة في مقاطعة جينز تعود إلى أشخاص غير مطعَّمين. وشهدت الولايات المتحدة ارتفاعاً في حالات الحصبة خلال عام 2024، بما في ذلك تفشٍّ في شيكاغو أصاب أكثر من 60 شخصاً.