لماذا يطالب ترمب بجزيرة غرينلاند وقناة بنما؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال فعالية في فينيكس بولاية أريزونا الأميركية... 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال فعالية في فينيكس بولاية أريزونا الأميركية... 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

لماذا يطالب ترمب بجزيرة غرينلاند وقناة بنما؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال فعالية في فينيكس بولاية أريزونا الأميركية... 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث خلال فعالية في فينيكس بولاية أريزونا الأميركية... 22 ديسمبر 2024 (رويترز)

قبل بضعة أسابيع من توليه منصبه فعلياً، ركّز الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بشكل غير متوقع على تطلّعه للتوسع الإقليمي للولايات المتحدة. فمنذ منتصف ديسمبر (كانون الأول)، كثف ترمب العبارات والرسائل القصيرة على شبكات التواصل الاجتماعي للتأكيد على المصالح الاقتصادية والأمنية الهائلة التي قد تكسبها أميركا من السيطرة على جزيرة غرينلاند وقناة بنما، حسبما أوردت صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

يبحث قائد أميركا المستقبلي، المخلص لعقليته كمطور عقاري، عن مشاريع جديدة للتوسع، وقد أظهر بالفعل إمبرياليته، وفق الصحيفة.

في الخريف، اقترح أن تصبح كندا «الولاية رقم 51» ووصف رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (ممازحاً) بأنه «حاكم» (بمعنى حاكم ولاية). وإذا كان الطموح الكندي بدا مجرد مزحة سيئة قالها ترمب، فإن الأهداف المتعلقة ببنما وغرينلاند تبدو أكثر خطورة إلى حد ما.

منظر عام لميناء نوك في غرينلاند... 8 مارس 2013 (رويترز)

الرغبة في غرينلاند

في ولايته الأولى، وتحديداً في عام 2019، أعرب ترمب عن رغبته في وضع يديه على الجزيرة القطبية الشمالية الضخمة (غرينلاند)، واقترح شراءها من الدنمارك. وكتب على شبكات التواصل: «لأسباب تتعلق بالأمن القومي والحرية العالمية، تشعر الولايات المتحدة الأميركية أن السيطرة على غرينلاند وملكيتها ضرورة مطلقة».

يحرّك الهدف الاقتصادي رغبة ترمب بجزيرة غرينلاند. فالاحتباس الحراري العالمي، الذي لا يؤمن ترمب بصحته، يذيب الغطاء الجليدي عن الجزيرة، ويفتح طرقاً بحرية تجارية وعسكرية جديدة، ما يمنح غرينلاند موقعاً استراتيجياً رئيسياً. ويحتوي باطن أرض الجزيرة أيضاً على 43 من أصل 50 نوعاً من التربة النادرة اللازمة للتكنولوجيات الخضراء الجديدة القيمة، مثل توربينات الرياح أو السيارات الكهربائية.

وسرعان ما بددت حكومة غرينلاند، التي تستفيد من حكم ذاتي واسع النطاق، آمال ترمب. رد رئيس وزراء غرينلاند موتي إيجيدي: «غرينلاند ملك لنا. نحن لسنا للبيع ولن نكون للبيع أبدا». وكانت السلطات الدنماركية أكثر اعتدالاً، واكتفت بالقول إنها «مستعدة للعمل» مع الإدارة الأميركية الجديدة.

«أسعار باهظة»

وإذا كانت كوبنهاغن حذرة، فربما يكون ذلك بسبب المخاطر التي يفرضها اقتراح دونالد ترمب بشأن السيادة الدنماركية على الجزيرة. من المؤكد أن وجهات النظر الأميركية بشأن هذه المنطقة ليست حديثة؛ ففي خضم الحرب الباردة، جعل الرئيس الأميركي ترومان من السيطرة على إقليم غرينلاند مفتاحاً لسياسته الرامية إلى احتواء الاتحاد السوفياتي. وفي عام 2009، حصل سكان الإقليم البالغ عددهم 56 ألف نسمة على حق المطالبة بالاستقلال عن الدنمارك. وإذ امتنعوا عن التصويت في الوقت الحالي على استفتاء الاستقلال، فإن مقترحات دونالد ترمب قد تدفعهم إلى إعادة النظر في الأمور، ليس للانضمام إلى الولايات المتحدة، بل للاستفادة من وعود الاستثمار، حسب «لوفيغارو». ومع ذلك، لا يزال خيار الاستثمار في الجزيرة غير مؤكد للغاية، حيث لا يزال السكان يعارضون بأغلبية ساحقة التعدين في الجزيرة.

وفي بنما، أثارت «بدعة» ترمب الإقليمية الجديدة عداءً صريحاً، وفق الصحيفة. فقد كان الرئيس المنتخب أقل دبلوماسية، إذ اتهم السلطات البنمية بأنها تجعل السفن الأميركية تدفع «أسعاراً باهظة» للمرور عبر القناة. وتابع أنه إذا لم يتم تخفيض التعرفة الجمركية، فيجب على الولايات المتحدة استعادة السيطرة على قناة بنما «بشكل كامل وتام ودون أدنى شك». وبشكل أكثر تحديداً، يقترح الرئيس إنهاء الاتفاقية التي وقعها الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر والتي سمحت لبنما بالتمتع الكامل بملكية القناة منذ عام 1999.

عارض الجمهوريون في أميركا منذ فترة طويلة هذه المعاهدة، ولا سيما الرئيس الأميركي رونالد ريغان، الذي كانت القناة بالنسبة له أميركية. قال ريغان: «لقد اشتريناها؛ لقد دفعنا ثمنها؛ بنيناها»، في إشارة إلى القناة.

سفينة تعبر قناة بنما (رويترز)

وإذا كانت عملية عسكرية على بنما مثل الهجوم الفرنسي البريطاني على قناة السويس في عام 1956، تبدو غير واردة حتى اليوم، فقد ردت حكومة هذا البلد الواقع في أميركا الوسطى (دولة بنما) بقوة. وأصر الرئيس خوسيه راوول مولينو، في مقطع فيديو، على أن «كل متر مربع من قناة بنما هو جزء من بنما وسيظل كذلك دائما». وأضاف: «سيادتنا غير قابلة للتفاوض».

وبالنسبة للكثير من المراقبين، تهدف عدوانية ترمب تجاه بنما، إلى الحصول على تخفيض جمركي للسفن الأميركية.

كبح التوسّع الصيني

إن الهدف الحقيقي لهذه الحملة التي يشنها ترمب وتعتبر مفاجئة بالنسبة لرئيس ذي ميول انعزالية معلنة، أن تظهر أن ترمب بلا أدنى شك ملتزم بما يقع في قلب سياسته: كبح جماح توسع الصين، وفق «لوفيغارو».

في غرينلاند، كما هو الحال في بنما، تخشى إدارة ترمب تصرفات بكين. وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، في 26 ديسمبر، سخر الرئيس المنتخب من «الجنود الصينيين الرائعين» الذين، حسب قوله، يديرون القناة. وهو اتهام نفته بنما، بحسب مراقبين. لكن صحيح أن الصين، ثاني مستخدم للقناة بعد الولايات المتحدة، تسيطر على ميناءين على البرزخ تابعين لشركة مقرها هونغ كونغ. ومنذ ذلك الحين، استحوذت بكين بشكل كامل على النفوذ البريطاني السابق، ما يسمح لها بالحصول على معلومات قيمة عن مستخدمي القناة، أو حتى في حالة الصراع، التحكم في الوصول.

وفي الأراضي المتجمدة في غرينلاند، يدور الصراع أيضاً حول حرية الملاحة. وجعلت الصين الممرات البحرية الشمالية، التي فتحها ذوبان الجليد، أحد محاور طرق الحرير الجديدة العزيزة على الرئيس الصيني شي جينبينغ. وهذا، مرة أخرى، مصدر قوة لبكين في سياق حرب. وتشكل العناصر الأرضية النادرة أيضاً في غرينلاند مركزاً للاستراتيجية الصينية.


مقالات ذات صلة

بدء مراسم وداع الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر (صور)

الولايات المتحدة​ حرس الشرف يحيط بنعش الرئيس الأسبق جيمي كارتر المغطَّى بالعلم أثناء دفنه في مكتبة ومتحف جيمي كارتر الرئاسيين في أتلانتا (أ.ب) play-circle 00:39

بدء مراسم وداع الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر (صور)

بدأ الأميركيون أمس (السبت) وداع الرئيس الأسبق جيمي كارتر الذي رحل هذا الأسبوع عن مائة عام، في مراسم رسمية وطنية تستمر 6 أيام، انطلقت من مسقطه بلاينز.

«الشرق الأوسط» (أتلانتا (الولايات المتحدة))
الولايات المتحدة​ ترمب لدى لقائه ميلوني في مارالاغو بولاية فلوريدا (حساب أميركا على «إكس»)

ترمب يلتقي ميلوني في منتجعه بولاية فلوريدا

ظهر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يوم السبت برفقة رئيسة وزراء إيطاليا، جورجيا ميلوني، التي كانت تزور منتجعه في مارالاغو بولاية فلوريدا الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ حاكم ولاية لويزيانا جيف لاندري (الثاني من اليمين) يتفقد شارع بوربون في الحي الفرنسي بنيو أورليانز بعد هجوم إرهابي في 1 يناير (أ.ف.ب)

منفذ هجوم الدهس في نيو أورليانز امتلك مواد تستخدم لصنع قنابل

أفاد مسؤولون في أجهزة الأمن بأن الرجل الذي صدم حشدا من المحتفلين برأس السنة في نيو أورليانز كان يمتلك في منزله مواد يشتبه في استخدامها لصنع قنابل.

«الشرق الأوسط» (نيو أورليانز)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن (أرشيفية - رويترز)

إدارة بايدن توافق على بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 8 مليارات دولار

أعلنت وزارة الخارجية الأميركية السبت أن إدارة الرئيس جو بايدن وافقت على بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 8 مليارات دولار، تشمل قذائف مدفعية عيار 155 ملم وصواريخ هيلفاي

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الموظفون والمديرون يستفيدون من بناء الثقة في مكان العمل (أ.ف.ب)

لا ترتبط بالذكاء... صفة أساسية و«مرغوبة» يبحث عنها المديرون في الموظفين

يقول رانجاي غولاتي، أستاذ بكلية هارفارد للأعمال، إن هناك صفة مختلفة تساعد أصحاب الأداء العالي على التميز: أن يكونوا جديرين بالثقة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«إف بي آي»: لا صلة لـ«الإرهاب» بانفجار شاحنة «تسلا» في لاس فيغاس

يتحدث دوري كورين مساعد قائد شرطة لاس فيغاس متروبوليتان خلال مؤتمر صحافي بشأن تطورات انفجار شاحنة ليلة رأس السنة الجديدة يوم الجمعة 3 يناير 2025 في المدينة (أ.ب)
يتحدث دوري كورين مساعد قائد شرطة لاس فيغاس متروبوليتان خلال مؤتمر صحافي بشأن تطورات انفجار شاحنة ليلة رأس السنة الجديدة يوم الجمعة 3 يناير 2025 في المدينة (أ.ب)
TT

«إف بي آي»: لا صلة لـ«الإرهاب» بانفجار شاحنة «تسلا» في لاس فيغاس

يتحدث دوري كورين مساعد قائد شرطة لاس فيغاس متروبوليتان خلال مؤتمر صحافي بشأن تطورات انفجار شاحنة ليلة رأس السنة الجديدة يوم الجمعة 3 يناير 2025 في المدينة (أ.ب)
يتحدث دوري كورين مساعد قائد شرطة لاس فيغاس متروبوليتان خلال مؤتمر صحافي بشأن تطورات انفجار شاحنة ليلة رأس السنة الجديدة يوم الجمعة 3 يناير 2025 في المدينة (أ.ب)

أكد المحققون الفيدراليون أن العسكري الذي قضى انتحاراً في شاحنة صغيرة من طراز «سايبرتراك» خارج فندق ترمب في مدينة لاس فيغاس الأميركية، كان يعاني اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، مشددين على عدم وجود أي صلة بين الحادثة و«الإرهاب».

يتحدث دوري كورين مساعد قائد شرطة لاس فيغاس متروبوليتان خلال مؤتمر صحافي بشأن تطورات انفجار شاحنة ليلة رأس السنة الجديدة يوم الجمعة 3 يناير 2025 في المدينة (أ.ب)

وأطلق ماثيو ليفلسبيرغر (37 عاماً)، العنصر في القوات الخاصة الأميركية، النار على نفسه يوم رأس السنة، وهو في شاحنة مستأجرة من طراز «سايبرتراك» التي تنتجها شركة «تسلا»، تحمل حاويات وقود صغيرة ومفرقعات، ما لبثت أن انفجرت وأتت نيرانها على المركبة. وأسفر الانفجار عن جرح 7 أشخاص.

وقال سبنسبر إيفانز من مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) في مؤتمر صحافي الجمعة: «على الرغم من أن هذه الحادثة علنية ومثيرة أكثر من المعتاد، فإنها في نهاية المطاف حالة انتحار مأساوية لمحارب قديم... كان يعاني اضطراب ما بعد الصدمة ومسائل أخرى».

يقف ضباط إنفاذ القانون خلف شريط أصفر بالقرب من مدخل برج ترمب بعد أن اشتعلت النيران في شاحنة «تسلا سايبرتراك» وانفجرت خارج بهو فندق الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (د.ب.أ)

وشدد على أن المحققين لم «يحددوا أي رابط بين هذا الشخص وأي تنظيم إرهابي»، مشيراً إلى أن بعض القضايا الشخصية أو العائلية قد تكون أسهمت في إقدامه على الانتحار.

وأشار المحققون إلى أنهم ما زالوا في طور الكشف على الأجهزة العائدة ليفلسبيرغر، لكنهم عثروا في هاتفه على رسالتين يتحدث فيهما عن «عبء» قتل أشخاص آخرين وأمور أخرى.

وشدد إيفانز على أن سائق الشاحنة لم يكن لديه أي «عداء» تجاه الرئيس المنتخب دونالد ترمب، رغم أن الحادثة وقعت قرب فندق يحمل اسمه.

وفي حين أتى الحريق في السيارة على جثمان ليفلسبيرغر بالكامل تقريباً، أكد شريف شرطة لاس فيغاس كيفن ماكماهيل، أنه أمكن التعرف إلى جثته من خلال سجلات الأسنان والحمض النووي.

وأشار إلى أن المحققين يواصلون العمل على تحديد مسار الأحداث، لكن إلى الآن يبدو أن إطلاق ليفلسبيرغر النار على نفسه والانفجار الذي أدى لاشتعال النيران في الشاحنة كانا «متزامنين».

وجدد إيفانز بدوره تأكيد عدم وجود أي صلة بين حادثة لاس فيغاس وعملية الدهس التي وقعت في مدينة نيو أورلينز في 1 يناير (كانون الثاني) كذلك، حين قام جندي سابق في الجيش الأميركي مناصر لتنظيم «داعش»، بدهس حشد من الناس يحيون بداية السنة الجديدة، ما أسفر عن مقتل 14 شخصاً على الأقل، قبل أن ترديه الشرطة قتيلاً.