البنتاغون ينقل معتقلاً تونسياً من غوانتانامو إلى بلاده

رضا بن صالح اليزيدي محتجز منذ اليوم الأول لافتتاح المعسكر

صورة التقطتها القوات العسكرية الأميركية في 11 يناير 2002 تظهر السجناء الأوائل في خليج غوانتانامو بكوبا بعد وقت قصير من وصولهم (نيويورك تايمز)
صورة التقطتها القوات العسكرية الأميركية في 11 يناير 2002 تظهر السجناء الأوائل في خليج غوانتانامو بكوبا بعد وقت قصير من وصولهم (نيويورك تايمز)
TT

البنتاغون ينقل معتقلاً تونسياً من غوانتانامو إلى بلاده

صورة التقطتها القوات العسكرية الأميركية في 11 يناير 2002 تظهر السجناء الأوائل في خليج غوانتانامو بكوبا بعد وقت قصير من وصولهم (نيويورك تايمز)
صورة التقطتها القوات العسكرية الأميركية في 11 يناير 2002 تظهر السجناء الأوائل في خليج غوانتانامو بكوبا بعد وقت قصير من وصولهم (نيويورك تايمز)

أعادت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، الاثنين، معتقلاً تونسياً إلى وطنه، بعد أن جرى نقله إلى السجن العسكري الأميركي بخليج غوانتانامو في كوبا في اليوم الأول لافتتاح السجن. ولم توجه إليه أي اتهامات داخل محكمة الحرب التي مثل أمامها، وصدرت الموافقة على نقله لتونس قبل أكثر من عقد.

مدخل معسكر «دلتا» في غوانتانامو (متداولة - أرشيفية)

كان رضا بن صالح اليزيدي، 59 عاماً، قد أمضى سنوات داخل سجن غوانتانامو، بسبب عدم إمكانية إبرام صفقة لإعادته إلى وطنه أو إعادة توطينه ببلد آخر.

وأعلن البنتاغون أنه جرى نقله جواً من القاعدة في عملية سرية، جرى إنجازها بعد 11 شهراً من إخطار البنتاغون للكونغرس بأنها توصلت إلى اتفاق لإعادة اليزيدي إلى الحجز التونسي. ولم تكشف الوزارة أية تفاصيل عن الترتيبات الأمنية المحيطة بعودته.

ويعتبر نقل اليزيدي الرابع من نوعه في غضون أسبوعين، في إطار جهود إدارة بايدن المتأخرة لتقليل عدد المعتقلين في السجن، الذي كان يضم 40 سجيناً عندما تولى الرئيس بايدن منصبه. وبرحيل اليزيدي يتبقى 26 محتجزاً، صدرت الموافقة على نقل 14 منهم إلى دول أخرى، بناءً على ترتيبات دبلوماسية وأمنية.

إجراءات ما قبل المحاكمة

وهناك تسعة آخرون يمرون بإجراءات ما قبل المحاكمة، أو أدينوا بالفعل بارتكاب جرائم حرب، ما يعني أن البيت الأبيض سيفشل مرة أخرى في تحقيق طموح الرئيس باراك أوباما بإغلاق السجن. ومع دخول السجن عامه الـ24 في يناير (كانون الثاني)، تركزت مهمته على المحاكمات العسكرية المنفصلة، أكثر من إجراءات احتجاز أسرى الحرب واستجوابهم، التي ركز عليها في السنوات الأولى من زمن الحرب.

لا يزال هناك 26 معتقلاً في خليج غوانتانامو... 14 منهم مؤهلون للنقل (متداولة)

جدير بالذكر أن خالد شيخ محمد، المتهم بالتخطيط لهجمات 11 سبتمبر (أيلول)، وأربعة متهمين آخرين، يواجهون اتهامات أمام محكمة عسكرية أميركية في غوانتانامو، بالمساعدة في عمليات اختطاف الطائرات التي أسفرت عن مقتل نحو 3000 شخص. وتصل عقوبة هذه الاتهامات إلى الإعدام.

وجرى توجيه اتهامات إلى المتهمين عام 2012، لكن القضية لا تزال عالقة في إجراءات ما قبل المحاكمة، والتي ركزت في معظمها على تعذيب وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) للمتهمين.

عام 2021، رفض قاضٍ عسكري في قضية أخرى، يحمل حكم الإدانة فيها عقوبة الإعدام، في غوانتانامو أدلة رئيسة، بسبب تعرض السجين للتعذيب. ويطعن محامو الدفاع في قضية هجمات 11 سبتمبر في نفس النوع من الأدلة، ويسعون إلى إقناع المحكمة برفض القضية أو عقوبة الإعدام بسبب التعذيب.

من جهتها، وافقت سوزان إسكالييه، جنرال متقاعدة ومحامية سابقة في الجيش، على صفقة إقرار بالذنب في يوليو (تموز) تهدف إلى تسوية القضية، مع إقرار عقوبة السجن المؤبد لمحمد واثنين آخرين من المتهمين، إلا أن وزير الدفاع لويد أوستن ألغى الصفقة فجأة، ما أعاد احتمال خضوع هؤلاء المتهمين في يوم من الأيام لمحاكمة بناءً على اتهامات عقوبتها الإعدام.

وبعد أن طعن محامو الدفاع في قرار إلغاء الصفقة الصادر عن أوستن، حكم قاضٍ مختلف، العقيد ماثيو مكال، بأن الصفقة الأصلية يمكن أن تمضي قدماً. وفي نهاية نوفمبر، أصدر أوستن قراراً بتجريد إسكالييه من سلطتها المتعلقة بالتوصل إلى تسويات في أي قضايا في سجن غوانتانامو، ومنح نفسه سلطة الموافقة على صفقات الإقرار بالذنب في قضايا الإرهاب هناك حصراً، وذلك في الأشهر الأخيرة من إدارة بايدن.

محتجز داخل معسكر غوانتانامو (متداولة)

إلى جانب محمد، يواجه وليد بن عطاش تهمة تدريب اثنين من الخاطفين، والبحث عبر الرحلات الجوية والجداول الزمنية واختبار قدرة الراكب على إخفاء سكين حلاقة على متن الرحلات الجوية. كما يواجه مصطفى الهوساوي اتهامات بمساعدة بعض الخاطفين في الأمور المالية وترتيبات السفر.

ويواجه عمار البلوشي اتهاماً بتحويل أموال من الإمارات العربية المتحدة إلى بعض الخاطفين في الولايات المتحدة. وقد اختار عدم الانضمام إلى اتفاقية الإقرار بالذنب، وربما يواجه المحاكمة بمفرده. كما جرى توجيه اتهام إلى رمزي بن الشيبة بالمساعدة في تنظيم خلية من الخاطفين في ألمانيا. وعام 2023، تم إقرار أنه غير مؤهل طبياً للخضوع للمحاكمة، وجرى إبعاده من القضية. وقد يواجه المحاكمة ذات يوم إذا استعاد عافيته العقلية.

آخر تونسي محتجز

فيما يخص اليزيدي، فيعتبر آخر نحو 12 تونسياً كانوا محتجزين في غوانتانامو، وقد جرى القبض على معظمهم في أفغانستان أو باكستان بعد هجمات 11 سبتمبر. بعد ذلك، جرى نقلهم إلى خليج غوانتانامو باعتبار أنهم إرهابيون مشتبه بهم.

وجرى إرسال اليزيدي إلى سجن غوانتانامو في اليوم الأول له، والذي شهد افتتاحه في 11 يناير 2002. وجرى تصويره راكعاً بمجمع مفتوح في الهواء الطلق داخل معسكر إكس راي في غوانتانامو، في واحدة من أكثر صور السجن شهرة.

البهلول: السجن مدى الحياة

وبعد نقله إلى الخارج، يبقى شخص واحد فقط من بين المعتقلين الـ20 الأصليين محتجزاً في السجن: علي حمزة البهلول، الذي يقضي عقوبة بالسجن مدى الحياة، بتهمة التآمر لارتكاب جرائم حرب باعتبار أنه كان المستشار الإعلامي لأسامة بن لادن.

وبحسب تقرير مسرب حول تقييم السجن صدر عام 2007، ألقت القوات الباكستانية القبض على اليزيدي بالقرب من الحدود مع أفغانستان في ديسمبر (كانون الأول) 2001، بين مجموعة تضم نحو 30 رجلاً يعتقد أنهم فروا من معركة تورا بورا. وكان بعضهم يشتبه في أنهم من حراس بن لادن الشخصيين، وبالتالي كانوا محل اهتمام خاص في الجهود المبكرة لتحديد مكان زعيم تنظيم «القاعدة».

ووصفه التقرير بأنه معتقل خطير معادٍ تجاه قوة حراسة غوانتانامو، وسبق له تشويه كتاب داخل مكتبة، وإلقاء كوب من الشاي على جندي أميركي.

إلا أنه بحلول عام 2010، أدرجته فرقة عمل تابعة لإدارة أوباما ضمن عشرات السجناء الذين لا يمكن محاكمتهم بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وكانوا مؤهلين للإفراج عنهم، ووضعهم في عهدة دولة أخرى، بناءً على ضمانات أمنية.

شديد الخطورة

وشكلت قضية اليزيدي تحدياً أمام جهود الدبلوماسيين الأميركيين لنقله لسنوات. وعن ذلك، قال إيان موس، الذي قضى عقداً في وزارة الخارجية الأميركية، وشارك في ترتيب عمليات نقل السجناء والمحتجزين، إن اليزيدي لم يغادر في وقت سابق، لأن تونس اعتبرته شديد الخطورة أو لم تبدِ اهتماماً بتسلمه. في الوقت ذاته، لم يكن اليزيدي راغباً في مقابلة ممثلين من دول أخرى كان من الممكن أن تعيد توطينه لديها.

وقال موس، الاثنين: «كان من الممكن أن يرحل منذ فترة، لولا المماطلة التونسية».

يذكر أنه لا تتوافر الكثير من المعلومات عن اليزيدي، بخلاف المعلومات الواردة في وثائق استخباراتية أميركية مسربة، والتي تقول إنه قضى بعض الوقت في إيطاليا في الثمانينات والتسعينات، وجرى اعتقاله وسجنه بتهمة التورط في تجارة المخدرات غير المشروعة. ومن إيطاليا، شق طريقه إلى أفغانستان عام 1999، حيث حضر معسكر تدريب للجهاديين، بحسب معلومات استخباراتية.

كما أنه من غير المعروف ما الأسرة التي تنتظره في تونس، ويبدو أنه لم يلتق محامياً منذ قرابة 20 عاماً.


مقالات ذات صلة

بايدن يدفع جهود إغلاق غوانتانامو بنقل 11 سجيناً لعُمان

الولايات المتحدة​ علم أميركي يرفرف في مهب الريح خلف سياج من الأسلاك الشائكة في معسكر السجن الأميركي في خليج غوانتانامو (د.ب.أ)

بايدن يدفع جهود إغلاق غوانتانامو بنقل 11 سجيناً لعُمان

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنها نقلت 11 رجلاً يمنياً إلى سلطنة عُمان، هذا الأسبوع، بعد احتجازهم أكثر من عقدين من دون تهم في قاعدة غوانتانامو.

علي بردى (واشنطن )
الولايات المتحدة​ سجين في مركز الاحتجاز رقم 6 بخليج غوانتانامو في عام 2019 - يوجد الآن 15 رجلاً متبقين في السجن (نيويورك تايمز)

واشنطن ترسل 11 من سجناء غوانتانامو لعمان

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، الاثنين، أن الجيش أرسل 11 سجيناً يمنياً من سجن غوانتانامو إلى عمان، كي يبدأوا حياة جديدة، ليتبقى بذلك 15 رجلاً بالسجن.

كارول روزنبرغ
الولايات المتحدة​ جندي أميركي خارج أسوار معسكر غوانتانامو (متداولة)

أميركا تقلص عدد معتقلي غوانتانامو إلى 15 بعد إرسال 11 يمنياً إلى عُمان

خفضت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عدد السجناء في مركز احتجاز خليج غوانتانامو في كوبا بنحو النصف، بعد أن أرسلت 11 معتقلاً إلى عُمان.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الولايات المتحدة​ سياج من الأسلاك الشائكة في معسكر السجن الأميركي في خليج غوانتانامو (د.ب.أ)

نقل 11 معتقلاً يمنياً من غوانتانامو إلى سلطنة عمان

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أمس الاثنين أنّها سلّمت إلى سلطنة عُمان 11 يمنياً كانوا معتقلين في غوانتانامو.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ عبد الهادي العراقي في السجن العسكري الأميركي في خليج غوانتانامو - كوبا في صورة قدمها محاموه (نيويورك تايمز)

مدان بغوانتانامو يرفع دعوى قضائية لوقف خطة أميركية لإرساله إلى السجن في العراق

جاء في ملف المحكمة أن السجين معرَّض لخطر الإساءة وقد لا يتمكن من الحصول على الرعاية الصحية الكافية في حال نقله إلى العراق.

كارول روزنبرغ (واشنطن *)

وزير الدفاع الأميركي: نحتاج لإبقاء قواتنا في سوريا لمواجهة تنظيم داعش

 وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في قاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا (أ.ف.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في قاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا (أ.ف.ب)
TT

وزير الدفاع الأميركي: نحتاج لإبقاء قواتنا في سوريا لمواجهة تنظيم داعش

 وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في قاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا (أ.ف.ب)
وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في قاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا (أ.ف.ب)

قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن لوكالة أسوشيتد برس إن الولايات المتحدة بحاجة إلى إبقاء قواتها في سوريا لمنع تنظيم داعش من إعادة تشكيل تهديد كبير بعد الإطاحة بحكومة بشار الأسد.

وأضاف أوستن، الأربعاء، في إحدى مقابلاته الأخيرة قبل مغادرته منصبه إنه لا تزال ثمة حاجة لوجود قوات أميركية هناك، خاصة لضمان أمن معسكرات الاعتقال التي تضم عشرات الآلاف من مقاتلي التنظيم السابقين وأفراد أسرهم. ووفقا لتقديرات، هناك ما بين 8 إلى 10 آلاف مقاتل من تنظيم داعش في المعسكرات، ويعتبر ألفان منهم على الأقل شديدي الخطورة.

وقال أوستن في قاعدة رامشتاين الجوية في ألمانيا، حيث سافر لمناقشة المساعدات العسكرية لأوكرانيا مع حوالي 50 دولة شريكة «أعتقد أن مقاتلي داعش سيعودون إلى التيار الرئيسي إذا تركت سوريا من دون حماية». وكان الرئيس المنتخب دونالد ترمب قد حاول سحب جميع القوات من سوريا في عام 2018 خلال فترة ولايته الأولى، الأمر الذي دفع وزير الدفاع السابق جيم ماتيس إلى الاستقالة. ومع تقدم «هيئة تحرير الشام»، ضد الأسد الشهر الماضي، نشر ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي أن الجيش الأميركي بحاجة إلى البقاء خارج الصراع.

وتنشر الولايات المتحدة حوالي 2000 جندي في سوريا لمواجهة داعش، بزيادة كبيرة عن الـ900 جندي الذين قال مسؤولون لسنوات إنه عددهم الإجمالي هناك. وتم إرسال تلك القوات في عام 2015 بعد أن احتل التنظيم المتشدد مساحة كبيرة من سوريا. وقد أصبح استمرار وجود القوات الأميركية موضع تساؤل بعد أن أطاح تمرد خاطف بالأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، منهيا بذلك حكم عائلته الذي استمر لعقود.