ترمب وهاريس يسابقان الزمن لكسب الأصوات

الاستطلاعات أكّدت «تعادلهما» في الولايات الحاسمة قبل 48 ساعة من الاقتراع

ترمب مخاطباً أنصاره خلال تجمّع انتخابي في غاستونيا بنورث كارولاينا السبت (أ.ف.ب)
ترمب مخاطباً أنصاره خلال تجمّع انتخابي في غاستونيا بنورث كارولاينا السبت (أ.ف.ب)
TT

ترمب وهاريس يسابقان الزمن لكسب الأصوات

ترمب مخاطباً أنصاره خلال تجمّع انتخابي في غاستونيا بنورث كارولاينا السبت (أ.ف.ب)
ترمب مخاطباً أنصاره خلال تجمّع انتخابي في غاستونيا بنورث كارولاينا السبت (أ.ف.ب)

ركّزت نائبة الرئيس كامالا هاريس جهودها، الأحد، على منطقة «حزام الصدأ»، بينما توجّه دونالد ترمب إلى ثلاث من كبرى الولايات الحاسمة؛ في مسعى أخير لكسب الأصوات، قبل أقلّ من 48 ساعة على موعد الانتخابات التي تشهد تقارباً تاريخياً في التأييد. وصوّت 75 مليون شخص مُبكّراً قبل ذروة الثلاثاء، في وقتٍ تُظهر فيه الاستطلاعات تعادل نتائج المرشحين في هذه المرحلة إلى حد غير مسبوق.

تقارب كبير

هاريس مخاطبة أنصارها في تجمّع انتخابي بشارلوت بنورث كارولاينا السبت (أ.ف.ب)

وأشار استطلاع أخير، أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» بالتعاون مع سيينا، الأحد، إلى بعض التغييرات التدريجية في الولايات الرئيسية المتأرجحة، لكن النتائج من جميع الولايات السبع ظلت ضمن هامش الخطأ.

وتقضي هاريس، الساعية لكسب التأييد في ولايات البحيرات الكبرى، التي تُعدّ أساسية للديمقراطيين، الأحد في ميشيغان، بدءاً من ديترويت، قبل التوقف في بونتياك، وإقامة تجمّع انتخابي، مساءً، في جامعة ولاية ميشيغان. أما جدول أعمال ترمب ليوم الأحد فيتركز على بنسلفانيا ونورث كارولاينا وجورجيا، التي يُعدّ الفوز فيها مكسباً شديد الأهمية في إطار نظام «المجمع الانتخابي»، الذي يعطي النفوذ للولايات وفق عدد سكانها. ويسعى الرئيس السابق، البالغ 78 عاماً، لصرف الأنظار عمّا جرى خلال تجمّع انتخابي أقامه في ماديسون سكوير غاردن بنيويورك، حيث قلل متحدثون من شأن اللاتينيين والنساء، عبر تصريحات عنصرية ومنحازة جنسياً.

جانب من تجمّع انتخابي لترمب في غاستونيا بنورث كارولاينا السبت (أ.ف.ب)

وفي اليوم نفسه، ألقت هاريس خطاباً أمام حشد كبير في «ذي إيلبس» بواشنطن، أمام البيت الأبيض. ورغم أن أياً من الفعاليات المُدرجة على جدول أعمال ترمب لن يقام في مناطق تضم عدداً كبيراً من السكان اللاتينيين، لكن بنسلفانيا هي الولاية الحاسمة التي تضم أكبر عدد من البورتوريكيين، وهي فئة أثارت التصريحاتُ الصادرة خلال تجمّع نيويورك حفيظتها بشكل خاص. وقالت حملة ترمب: «لا يمكن للخيار أن يكون أوضح بالنسبة لأهالي بنسلفانيا. يمثّل الرئيس دونالد جاي. ترمب سياسات أميركا أولاً، بينما تُمثّل كامالا هاريس غياب الكفاءة والسياسات الليبرالية إلى حد خطير يدمّر عائلات بنسلفانيا».

هل خسرت هاريس العرب الأميركيين؟

تُعدّ ميشيغان واحدة من الولايات السبع الحاسمة، التي تجري متابعة التطورات فيها من كثب. ونجح ترمب في كسب تأييد الولاية التي كانت معقلاً للديمقراطيين سابقاً، عندما هزم هيلاري كلينتون عام 2016. وأعادها الرئيس جو بايدن إلى صف الديمقراطيين في 2020، بدعم من العمال النقابيين وجالية كبيرة من الأميركيين المنحدرين من أصول أفريقية. لكن هاريس تواجه، هذه المرة، خطر خسارة تأييد جالية أميركية عربية تعدّ 200 ألف نسمة، ندّدت بطريقة تعاطي بايدن مع الحرب في غزة. وأشارت مراكز الاستطلاع إلى تراجع تأييد الناخبين السود للمرشحة الديمقراطية، في حين يُقرّ مساعدو هاريس بأنه ما زال عليهم بذل كثير من الجهود لدفع ما يكفي من الرجال الأميركيين من أصل أفريقي لدعم هاريس، كما كانت الحال مع بايدن في 2020.

تكثيف الإعلانات

المرشحة الديمقراطية للرئاسة كامالا هاريس (يمين) مع مايا رودولف في برنامج «ساترداي نايت لايف» الكوميدي (أ.ب)

وفي مسعى لتجاوز قاعدة مؤيديها التقليدية، اختتمت هاريس يوم حملتها، السبت، بظهور مفاجئ على برنامج «ساترداي نايت لايف»، حيث سَخِرت من منافسها ترمب.

وحجزت حملة هاريس، التي تسعى إلى تكثيف ظهورها على التلفزيون، مساحة لمدة دقيقتين من البث، الأحد، أثناء مباريات كرة القدم، بما في ذلك خلال مباراة بين فريقين في الدوري الوطني لكرة القدم الأميركية من ولايتين حاسمتين: غرين باي باكرز (ويسكنسون)، وديترويت لاينز (ميشيغان).

وتتعهّد هاريس، في الإعلان، بأن تكون «رئيسة لجميع الأميركيين»، وتَعِد «ببناء مستقبل أكبر لأمّتنا». وأفادت حملتها بأن «أبحاث الحملة تُظهر أن الأسبوع الماضي أثبت أنه حاسم في ترسيخ الخيار بهذه الانتخابات لدى الناخبين، الذين لم يحسموا قرارهم بعد، وأولئك الأقل استعداداً» للتصويت. وأضافت أن «مشهد المرافعة الختامية في ماديسون سكوير غاردن، مقابل ذي إيلبس، وضّح الخيار بالنسبة لهذه الشريحة من الناخبين».
وتلقت هاريس (60 عاماً) دفعة إلى الأمام، السبت، عندما أظهر استطلاعٌ لصحيفة «دي موين ريجستر»، قبل يوم الانتخابات، والذي يُعدّ مقياساً يمكن الوثوق به للجو العام، تقدّم هاريس في ولاية آيوا التي فاز فيها ترمب بسهولة في عاميْ 2016 و2020.
وتقدّمت بثلاث نقاط في الاستطلاع، بعدما كانت متخلّفة عن ترمب بأربع نقاط في سبتمبر (أيلول) الماضي.


مقالات ذات صلة

ميشيل أوباما: الولايات المتحدة «غير مستعدة» لانتخاب رئيسة

الولايات المتحدة​ السيدة الأولى السابقة ميشيل أوباما تتحدث عن كتابها «النظرة» في واشنطن (أ.ب)

ميشيل أوباما: الولايات المتحدة «غير مستعدة» لانتخاب رئيسة

صرحت السيدة الأولى السابقة ميشيل أوباما بأن الأميركيين ليسوا مستعدين لانتخاب رئيسة، مشيرةً إلى هزيمة نائبة الرئيس السابقة كامالا هاريس أمام الرئيس دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الممثل جورج كلوني وكامالا هاريس (أ.ف.ب)

جورج كلوني: اختيار كامالا هاريس بديلاً لبايدن «كان خطأ»

قال الممثل الأميركي الشهير جورج كلوني إنه يشعر بأن اختيار كامالا هاريس بديلاً لجو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024 كان «خطأً».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ نائبة الرئيس الأميركي السابقة كامالا هاريس (رويترز) play-circle

«الأكثر تأهيلاً على الإطلاق»... كامالا هاريس تلمّح لإمكانية ترشحها للرئاسة عام 2028

لمّحت نائبة الرئيس الأميركي السابقة، كامالا هاريس، إلى احتمال ترشحها للرئاسة عام 2028، وأكدت أن البعض وصفها بأنها «المرشحة الأكثر تأهيلاً على الإطلاق».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تحليل إخباري الرئيس الأميركي دونالد ترمب وعقيلته في أثناء مشاركتهما باحتفال في ذكرى 11 سبتمبر (أ.ب)

تحليل إخباري فوز كاسح لمرشح ديمقراطي في فرجينيا يلوّح بتحول سياسي أوسع

فوز كاسح لمرشح ديمقراطي في فرجينيا يلوّح بتحول سياسي أوسع ويسلط الأضواء على انتخابات 2026 النصفية.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس دونالد ترمب وإيلون ماسك ونائب الرئيس جي دي فانس يحضران مباراة كرة القدم الجامعية بين الجيش والبحرية في لاندوفر بولاية ماريلاند 14 ديسمبر 2024 (أرشيفية-أ.ف.ب) play-circle

ماسك يتخلى عن خطط إطلاق حزب سياسي... ويدعم فانس لرئاسة أميركا في 2028

قالت صحيفة أميركية إن الملياردير إيلون ماسك يتخلى في هدوء عن خططه لإطلاق حزب سياسي جديد، وأبلغ حلفاءه بأنه يريد التركيز على شركاته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

لماذا يُثير حصول ترمب على «جائزة فيفا للسلام» جدلاً؟

ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)
ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)
TT

لماذا يُثير حصول ترمب على «جائزة فيفا للسلام» جدلاً؟

ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)
ترمب وإنفانتينو في حديث سابق حول المونديال (أ.ف.ب)

يُتوقع أن يُسلّم رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) جياني إنفانتينو، للرئيس الأميركي دونالد ترمب، «جائزة الفيفا للسلام» عند إجراء قرعة كأس العالم، يوم الجمعة.

ومع رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هذا الأسبوع، لمقترح ترمب للسلام في أوكرانيا، ذكر أوكرانيون بارزون ونشطاء في مجال حقوق الإنسان لصحيفة «تلغراف» البريطانية أن تقديم الجائزة قد يكون قراراً غير حكيم، في حين يواجه إنفانتينو مزاعم بـ«التودُّد» لترمب، فهذا ما يحدث.

ما جائزة «فيفا للسلام»؟

بعد أسابيع من رفض لجنة نوبل منح ترمب جائزة السلام الشهيرة، أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) عن إطلاقه جائزة «الفيفا للسلام - كرة القدم توحِّد العالم».

في بيان نشره إنفانتينو بحسابه على «إنستغرام»، قال: «في عالم يزداد اضطراباً وانقساماً، من الضروري الاعتراف بالمساهمة المتميزة لأولئك الذين يعملون بجد لإنهاء النزاعات، وجمع الناس في روح السلام».

وأعلن «الفيفا» أن الجائزة ستُمنح سنوياً، وسيتم تقديم الجائزة الافتتاحية في قرعة كأس العالم بواشنطن، وستُمنح للأفراد الذين «ساهموا في توحيد شعوب العالم في سلام، وبالتالي يستحقون تقديراً خاصاً وفريداً».

رئيس «فيفا» جياني إنفانتينو والرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض (رويترز)

لماذا سيحصل ترمب على الجائزة؟

سيكون هذا بمثابة إهانة كبيرة، إذا لم يكن «ضيف شرف (الفيفا)» يوم الجمعة، هو الفائز.

وشارك ترمب في مقترحات سلام لروسيا وأوكرانيا، لكن يبدو أن الجائزة تُشير، على الأرجح، إلى نجاحه في المساعدة على التوصل لوقف إطلاق النار في غزة، إلى جانب إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

وأُطلقت الجائزة بعد ثلاثة أسابيع فقط من استنكار البيت الأبيض لتجاهل ترمب لـ«جائزة نوبل»، متهماً اللجنة النرويجية بـ«تفضيل السياسة المكانية على السلام».

وأُشيد بترمب لدفعه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى الموافقة على شروط كان قد رفضها سابقاً.

وتتطلب المرحلة التالية من خطة ترمب للسلام المكونة من 20 نقطة سد الثغرات، في إطار العمل الذي ينص على أن قطاع غزة سيكون منزوع السلاح، ومؤمّناً، وتديره لجنة تضم فلسطينيين.

رئيس «فيفا» جياني إنفانتينو والرئيس الأميركي دونالد ترمب (رويترز)

لماذا تُثير الجائزة جدلاً؟

أعرب منتقدو ترمب وجماعات حقوق الإنسان عن غضبهم، وأُثيرت مخاوف بشأن توقيتها نظراً لعدم تبلور خطة السلام بين أوكرانيا وروسيا بعد.

وقال إيفان ويتفيلد، لاعب الدوري الأميركي السابق رئيس تحالف حقوق الإنسان لكرة القدم ومقره الولايات المتحدة: «كثيرٌ منا، نحن الأميركيين، لا نرى رئيسنا جديراً بجائزة السلام. لا ينبغي لـ(فيفا) أو أي منظمة أخرى أن تُكافئ الرئيس ترمب بأي نوع من جوائز السلام. (فيفا) تُمثل كرة القدم العالمية، وعليها أن تؤدي هذا الدور بصدقٍ وصدقٍ من أجلنا جميعاً، وليس فقط من هم في مناصب نافذة».

وقال ألكسندر رودنيانسكي، المخرج الأوكراني المرشح لجائزة الأوسكار المعارض البارز للكرملين: «سيكون من الرائع لو مُنحت جوائز للإنجازات التي تحققت بالفعل».

وأضاف: «إذا فاز ترمب بهذه الجائزة بالفعل، فسيُنظر إليها على أنها إهانة لمئات الأوكرانيين الذين ما زالوا يموتون يومياً - سواء على خطوط المواجهة أو تحت قصف الصواريخ الروسية في منازلهم. بينما لا تزال الحرب مستعرة، يناقش مبعوث ترمب صفقات مربحة محتملة مع موسكو. من ناحية أخرى، ترمب اليوم هو الشخص الوحيد في العالم الذي يحاول بأي طريقة جادة وقف الحرب في أوكرانيا. لقد حصل أوباما على جائزة نوبل للسلام مُسبقاً، ونحن نعيش عواقب رئاسته، ومنها هذه الحرب... يستحق ترمب الثناء على غزة، لكن الأمور مع أوكرانيا لم تنتهِ بعد».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب مع رئيس «فيفا» جاني إنفانتينو في شرم الشيخ (أ.ف.ب)

وأضاف ابنه ألكسندر، أستاذ الاقتصاد المشارك في كمبردج المستشار الرئاسي لأوكرانيا حتى 2024: «ليس من شأني الحكم على ما إذا كان الوقت قد حان لفوز ترمب بجائزة السلام أم لا. ربما يكون ذلك أكثر ملاءمة، بعد أن نتوصل فعلياً إلى اتفاق في أوكرانيا يُعتبر ناجحاً وترتيباً قابلاً للاستقرار».

كما لاقت الجائزة ردود فعل متباينة داخل «فيفا» نفسها، وهناك اقتراحات تشير إلى عدم استشارة بعض أعضاء اللجنة بشأن خطط إطلاق الجائزة قبل صدور البيان، في 5 نوفمبر (تشرين الثاني).

ومع ذلك، ردّت شخصيات بارزة على المنتقدين، حيث قالت برايان سوانسون، مدير العلاقات الإعلامية في «فيفا»: «لا يمكن انتقاد (فيفا) إلا لتقديرها لمن يريدون السلام العالمي. ومن الواضح أن أعضاء (فيفا) راضون عن أداء إنفانتينو لوظيفته؛ فقد أُعيد انتخابه دون معارضة في عام 2023».

ما العلاقة بين إنفانتينو وترمب؟

يصف إنفانتينو صداقته مع ترمب بأنها «وثيقة». وقال في أكتوبر (تشرين الأول): «أنا محظوظ حقاً»، بعد استضافته في البيت الأبيض في مناسبات قليلة هذا العام وحده.

في منتدى الأعمال الأميركي في ميامي مؤخراً، أشاد إنفانتينو بمزايا سياسات ترمب. وقال: «عندما تكون في ديمقراطية عظيمة كالولايات المتحدة الأميركية، يجب عليك أولاً احترام نتائج الانتخابات، أليس كذلك؟ لقد انتُخب بناءً على برنامج... وهو ينفّذ فقط ما وعد به. أعتقد أنه يجب علينا جميعاً دعم ما يفعله لأنني أعتقد أنه يُبلي بلاءً حسناً».

وكان ترمب، خلال ولايته الأولى في الرئاسة، استضاف إنفانتينو في البيت الأبيض في 2018، لكن المراقبين يقولون إن علاقتهما توطدت في 2020 في حفل عشاء أُقيم ضمن فعاليات القمة الاقتصادية العالمية بدافوس، بالقرب من مقر «فيفا» في زيوريخ، وصف إنفانتينو ترمب في البداية بأنه «صديقي العزيز».


استراتيجية ترمب الجديدة تنص على تعديل الحضور الأميركي في العالم

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حفل في «معهد الولايات المتحدة للسلام» في العاصمة الأميركية واشنطن في 4 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حفل في «معهد الولايات المتحدة للسلام» في العاصمة الأميركية واشنطن في 4 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

استراتيجية ترمب الجديدة تنص على تعديل الحضور الأميركي في العالم

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حفل في «معهد الولايات المتحدة للسلام» في العاصمة الأميركية واشنطن في 4 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حفل في «معهد الولايات المتحدة للسلام» في العاصمة الأميركية واشنطن في 4 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، استراتيجية جديدة منتظرة منذ مدة طويلة، تقوم على تحوّل جذري في سياسة الولايات المتحدة الخارجية تنقل تركيز القوة العظمى من الساحة العالمية إلى الجوار الإقليمي، وتنذر بزوال الحضارة الأوروبية، وتضع الحد من الهجرة الجماعية على رأس أولوياتها.

وتعهّدت الاستراتيجية الجديدة التي نُشرت، صباح الجمعة، «تعديل حضورنا العسكري العالمي للتعامل مع التهديدات العاجلة لجزئنا من الكرة الأرضية، والابتعاد عن الميادين التي تراجعت أهميتها النسبية للأمن القومي الأميركي خلال السنوات أو العقود الأخيرة».

اتجاه نحو أميركا اللاتينية

وبناءً على الوثيقة - المؤلَّفة من 33 صفحة اطلعت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية» - تم تحديد رؤية خارجة عن المألوف للعالم، تتصدّر أميركا اللاتينية أجندة الولايات المتحدة في تحوّل جذري عن دعوتها تاريخياً للتركيز على آسيا في مواجهة صعود الصين، مع تسجيل تراجع كبير في اهتمام الإدارة الحالية بالشرق الأوسط.

وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب في تمهيد للوثيقة: «في كل ما نفعله، نضع أميركا أولاً».

وفي قطيعة مع عقود من المساعي الرامية إلى الانفراد بموقع القوة العظمى، تؤكد الاستراتيجية أن «الولايات المتحدة ترفض أن تنتهج بنفسها المبدأ المشؤوم للهيمنة على العالم».

وإن كانت تشير إلى أن الولايات المتحدة ستمنع قوى أخرى، لا سيما الصين، من الهيمنة أيضاً، فالاستراتيجية الجديدة تؤكد أن «ذلك لا يعني هدر الدماء والأموال للحد من نفوذ جميع قوى العالم العظمى والمتوسطة».

محاربة الهجرة الجماعية

تسعى الولايات المتحدة برئاسة دونالد ترمب لوضع حد للهجرة الجماعية حول العالم، وجعل السيطرة على الحدود «العنصر الأساسي للأمن الأميركي»، حسبما جاء في الوثيقة. وجاء في الوثيقة التي حملت اسم «استراتيجية الأمن القومي»: «يجب أن ينتهي عصر الهجرة الجماعية. أمن الحدود هو أهم عنصر من عناصر الأمن القومي». وأضافت: «يجب أن نحمي بلادنا من الغزو، ليس من الهجرة غير المنضبطة فحسب، بل كذلك من التهديدات العابرة للحدود مثل الإرهاب والمخدرات والتجسس والاتجار بالبشر».

تحذير من المحو الحضاري لأوروبا

وفي لغة غير مألوفة عند مخاطبة حلفاء مقرّبين، تشير الاستراتيجية إلى أن الإدارة الأميركية ستعمل على «تنمية المقاومة لمسار أوروبا الراهن داخل البلدان الأوروبية نفسها». وجاء الرد الألماني سريعاً؛ إذ شددت برلين على أنها ليست بحاجة إلى من يعطيها «نصائح من الخارج». وتشير الاستراتيجية إلى تراجع حصة أوروبا في الاقتصاد العالمي، وهو أمر ناجم إلى حد كبير عن صعود الصين وغيرها من القوى، وتقول إن «التراجع الاقتصادي يطغى عليه احتمال حقيقي وأكثر وضوحاً يتمثل بالمحو الحضاري... إذا استمرت الاتجاهات الحالية، فلن يعود من الممكن التعرّف على القارة في غضون 20 عاماً أو أقل». وفي وقت يسعى ترمب لوضع حد للحرب في أوكرانيا بموجب خطة تمنح روسيا مزيداً من الأراضي، تتّهم الاستراتيجية الأوروبيين بالضعف وتؤكد أن على الولايات المتحدة أن تركّز على «محو الانطباع بأن (الناتو) حلف يتمدّد بلا انقطاع، والحيلولة دون تجسّد ذلك على أرض الواقع».

«مبدأ مونرو»

منذ عودته إلى السلطة في يناير (كانون الثاني)، أمر ترمب بالحد بشكل كبير من الهجرة بعد مسيرة سياسية تضمنت إثارة المخاوف من تراجع نفوذ ومكانة الأغلبية البيضاء. وتتحدّث الاستراتيجية صراحة عن تعزيز هيمنة الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية؛ حيث تستهدف إدارة ترمب مهرّبي مخدرات مفترضين في البحر، وتتدخل ضد قادة يساريين، وتسعى علناً للسيطرة على موارد رئيسية مثل قناة بنما. وتظهر الاستراتيجية ترمب على أنه يعمل على تحديث «مبدأ مونرو» القائم منذ قرنين والذي أعلنت في إطاره الولايات المتحدة التي كانت حديثة العهد حينذاك أن أميركا اللاتينية منطقة محظورة على القوى المنافسة؛ فهي تقول «سنُعلن ونطبِّق مُلحق ترمب على مبدأ مونرو».

المدمرة التابعة للبحرية الأميركية «يو إس إس غرايفلي» تقترب من «بورت أوف سبين» لإجراء تدريب مشترك مع قوة دفاع ترينيداد وتوباغو لتعزيز الأمن الإقليمي والتعاون العسكري... ترينيداد وتوباغو 26 أكتوبر 2025 (رويترز)

تراجع الاهتمام بالشرق الأوسط

في المقابل، تولي الاستراتيجية اهتماماً أقل بالشرق الأوسط، المنطقة التي كثيراً ما شغلت واشنطن. وتنص الاستراتيجية على أن «هدف أميركا التاريخي للتركيز على الشرق الأوسط سيتراجع». ومع التذكير بأن أمن إسرائيل أولوية بالنسبة لواشنطن، تتجنَّب الوثيقة استخدام اللغة نفسها حيال إسرائيل والتي كانت تُستخدم حتى في إدارة ترمب الأولى. وأما بالنسبة للصين، فتكرر الاستراتيجية الدعوة لتكون منطقة آسيا والمحيط الهادئ «حرة ومفتوحة» مع التركيز على بكين منافساً اقتصادياً في المقام الأول.

حض الحلفاء على إنفاق أكبر لمواجهة الصين

وبعد تكهّنات عديدة بشأن ما سيكون عليه موقف ترمب من تايوان التي تطالب بها بكين، توضح الاستراتيجية أن الولايات المتحدة تؤيد الوضع القائم منذ عقود، لكنها تدعو حليفتيها اليابان وكوريا الجنوبية للمساهمة أكثر لضمان قدرة تايوان على الدفاع عن نفسها أمام الصين.

وجاء في الوثيقة: «علينا حضّ هذين البلدين على زيادة الإنفاق الدفاعي مع التركيز على الإمكانات... اللازمة لردع الأعداء، وحماية سلسلة الجزر الأولى»، في إشارة إلى حاجز طبيعي من الجزر يشمل تايوان شرق الصين. وكما هو متوقع، تركّز الاستراتيجية بدرجة أقل على أفريقيا، قائلة إن على الولايات المتحدة الابتعاد عن «الفكر الليبرالي» و«العلاقة القائمة على المساعدات»، والتأكيد على أهداف على غرار تأمين المعادن الحيوية. يصدر الرؤساء الأميركيون عادة «استراتيجية للأمن القومي» في كل ولاية لهم في البيت الأبيض. ومنحت الأخيرة التي نشرها جو بايدن في 2022 أولوية للتفوّق في المنافسة مع الصين مع كبح جماح روسيا التي وُصفت بأنها «خطيرة».


اعتقال أستاذ جامعي في أميركا استخدم بندقية خرطوش قرب كنيس يهودي

صورة من جامعة هارفارد الأميركية... الأستاذ الجامعي الذي أُلقي القبض عليه يدرّس في هارفارد (رويترز - أرشيفية)
صورة من جامعة هارفارد الأميركية... الأستاذ الجامعي الذي أُلقي القبض عليه يدرّس في هارفارد (رويترز - أرشيفية)
TT

اعتقال أستاذ جامعي في أميركا استخدم بندقية خرطوش قرب كنيس يهودي

صورة من جامعة هارفارد الأميركية... الأستاذ الجامعي الذي أُلقي القبض عليه يدرّس في هارفارد (رويترز - أرشيفية)
صورة من جامعة هارفارد الأميركية... الأستاذ الجامعي الذي أُلقي القبض عليه يدرّس في هارفارد (رويترز - أرشيفية)

قالت وزارة الأمن الداخلي الأميركية إن سلطات الهجرة ألقت القبض على أستاذ زائر في كلية الحقوق بجامعة هارفارد هذا الأسبوع، بعد أن اعترف باستخدامه بندقية خرطوش خارج كنيس يهودي في ماساتشوستس قبل يوم من عيد الغفران اليهودي.

وألقت إدارة الهجرة والجمارك الأميركية القبض على كارلوس برتغال جوفيا، وهو برازيلي، يوم الأربعاء، بعد أن ألغت وزارة الخارجية الأميركية تأشيرته المؤقتة المخصصة لغير المهاجرين بعد ما وصفته إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأنه «واقعة إطلاق نار بدافع معاداة السامية» - وهو ما يتعارض مع وصف السلطات المحلية للقضية، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقالت وزارة الأمن الداخلي إن جوفيا، وهو أستاذ مشارك في كلية الحقوق بجامعة ساو باولو والذي كان يدرس في جامعة هارفارد خلال فصل الخريف، وافق على مغادرة البلاد. ولم يتسنَّ الوصول إليه بعد للتعليق، ورفضت جامعة هارفارد ومقرها كامبريدج بولاية ماساتشوستس التعليق.

وجاء اعتقال جوفيا في الوقت الذي ضغطت فيه إدارة ترمب على هارفارد للتوصل إلى اتفاق لحل سلسلة من المشكلات، من بينها اتهام هارفارد بأنها لم تفعل ما يكفي لمكافحة معاداة السامية ولحماية الطلاب اليهود في الحرم الجامعي.

وألقت الشرطة في بروكلين بولاية ماساتشوستس القبض على جوفيا في الأول من أكتوبر (تشرين الأول)، بعد أن تلقت بلاغاً عن شخص يحمل بندقية بالقرب من الكنيس في الليلة السابقة لعيد الغفران، وذكر تقرير الشرطة أن جوفيا قال إنه كان يستخدم بندقية خرطوش لاصطياد الفئران في مكان قريب.

ووافق الشهر الماضي على الاعتراف بتهمة استخدام بندقية الخرطوش بشكل غير قانوني وقضاء ستة أشهر تحت المراقبة لحين المحاكمة. وتم إسقاط التهم الأخرى التي واجهها، مثل تعكير الصفو العام والسلوك المخل بالنظام وتخريب الممتلكات كجزء من صفقة الإقرار بالذنب.

وقال الكنيس في وقت سابق، إن الشرطة أبلغته بأن جوفيا «لم يكن على علم بأنه يعيش بجوار معبد يهودي وبأنه يطلق بندقية الخرطوش بجواره أو أن هناك عطلة دينية».