استعدادات أميركية لمواجهة محاولات التشكيك في نتائج الانتخابات

ترمب وهاريس متساويان في بنسلفانيا... ويكثفان جهودهما في الأيام الأخيرة للسباق

مؤيدة لترمب تتفقد بضاعة انتخابية قبل تجمّع له في سايلم بولاية فرجينيا 2 نوفمبر (أ.ب)
مؤيدة لترمب تتفقد بضاعة انتخابية قبل تجمّع له في سايلم بولاية فرجينيا 2 نوفمبر (أ.ب)
TT

استعدادات أميركية لمواجهة محاولات التشكيك في نتائج الانتخابات

مؤيدة لترمب تتفقد بضاعة انتخابية قبل تجمّع له في سايلم بولاية فرجينيا 2 نوفمبر (أ.ب)
مؤيدة لترمب تتفقد بضاعة انتخابية قبل تجمّع له في سايلم بولاية فرجينيا 2 نوفمبر (أ.ب)

قبل 3 أيام على موعد التصويت العام في الانتخابات الأميركية، توقفت وسائل الإعلام الأميركية عند استعدادات عدد من الولايات لمواجهة محاولات الطعن في نتائج الاقتراع. يأتي ذلك بعد قيام المرشح الجمهوري دونالد ترمب بوضع الأساس للطعن بنتائج الانتخابات في حال خسر السباق، ما أثار مخاوف أمنية وسياسية ولا سيّما في الولايات المتأرجحة. ويقول مسؤولو الانتخابات إنهم مستعدون هذه المرة لتلك المحاولات، وأشاروا إلى عدد من الإجراءات التي اتخذت منعاً لتكرار الفوضى التي جرت قبل 4 أعوام.

ترمب يضع أسس التشكيك

ترمب مخاطباً أنصاره في ميلووكي بولاية ويسكونسن 1 نوفمبر (إ.ب.أ)

أثارت ادّعاءات ترمب بشأن تزوير الانتخابات في ولاية بنسلفانيا مخاوف من أنه قد يحاول مجدداً قلب نتائج الانتخابات، إذا قدم أداء سيئاً أمام المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس. فقد عمد في كل تجمع انتخابي على حض أنصاره لمنحه نصراً «أكبر من أن يتم التلاعب به»، وبأن الطريقة الوحيدة التي يمكن أن يخسر بها هي إذا قام الديمقراطيون بتزوير الانتخابات. ويرفض ترمب والمرشّح لمنصب نائبه، جي دي فانس، القول ما إذا كان سيقبل النتائج مهما كانت النتيجة، مدعياً أن عملية التزوير تجري بالفعل في بنسلفانيا، متحدثاً عن ادّعاءات ونظريات ليس لها أي أساس في الواقع.

وقال ترمب في فعالية انتخابية في ولاية أريزونا في وقت متأخر من ليل الخميس: «الشيء الوحيد الذي يمكن أن يوقفنا هو الغش». وطلب ترمب من أنصاره أن يتوقعوا فوزاً كبيراً في الانتخابات يوم الثلاثاء، مشيراً إلى أنه لا يستطيع أن يتخيل خسارته إلا «إذا كانت انتخابات فاسدة».

بنسلفانيا تحسم السباق

وأثارت ادّعاءات ترمب مخاوف من أنه يستعد لإلقاء اللوم مرة أخرى على تزوير أصوات الناخبين في حالة الخسارة المحتملة في ولاية بنسلفانيا، وهي أكبر الولايات السبع، وتحظى بـ19 صوتاً انتخابياً، حيث يرجح أن تحسم نتيجة الانتخابات. وقال في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، الخميس: «لقد أمسكنا بهم وهم ينفذون عملية غش كبيرة في ولاية بنسلفانيا».

ويستعد الديمقراطيون بقيادة هاريس لاحتمال أن يحاول ترمب إعلان فوزه في الانتخابات قبل فرز جميع الأصوات، كما فعل في عام 2020. وقالت هاريس في مقابلة مع شبكة «إيه بي سي»، يوم الأربعاء: «للأسف، نحن مستعدون إذا فعل ذلك. وإذا علمنا أنه يتلاعب بالصحافة ويحاول التلاعب بإجماع الشعب الأميركي... فنحن مستعدون للرد».

عوامل ردع

هاريس لدى إلقائها كلمة في ميلووكي بولاية ويسكونسن 2 نوفمبر (أ.ب)

وعلى الرغم من أوجه التشابه الكثيرة في ادّعاءات ترمب، فإن هناك اختلافات مع ما جرى عام 2020. ويقول مسؤولو الانتخابات الذين يعملون على منع تكرار ما حدث في ذلك العام، إن إجراءات عدة قد اتُّخذت. من بينها، إقرار الكونغرس قانوناً جديداً لفرز الأصوات الانتخابية، يجعل من الصعب إيقاف التصديق النهائي على النتائج من قِبَل الكونغرس في 6 يناير (كانون الثاني). كما أن عدم وجود ترمب في السلطة لا يسمح له باستخدام الحكومة الفيدرالية للضغط لتغيير نتائج الانتخابات، مع وجود عدد أقل من الجمهوريين من أنصاره في مناصب السلطة، مقارنة بما كان عليه الحال قبل أربع سنوات.

إلى ذلك، فإن العقوبات المالية التي تعرضت لها الشخصيات والمؤسسات التي تحدثت عن تزوير الانتخابات تجعل ترويجها لهذه الادعاءات أقلّ ترجيحاً. فقد دفعت محطة «فوكس نيوز» العام الماضي لشركة «دومينيون» 787 مليون دولار لتسوية دعوى قضائية بشأن ترويج الشبكة لنظريات كاذبة، مفادها أن آلات التصويت بدّلت الأصوات. كما أن مسؤولي الانتخابات أصبحوا أكثر تحصيناً أمام التدخلات، وقال وزير خارجية ولاية بنسلفانيا، آل شميت، وهو جمهوري: «لقد استفدنا من حدوث (ذلك) مرة واحدة من قبل. نتعلم منه لتوجيهنا للمضي قدما».

وفي عام 2020، أعلن ترمب فوزه من البيت الأبيض بشكل مبكّر. وبدأ محاولات قانونية وسياسية لعكس خسارته أمام المرشح الديمقراطي جو بايدن التي بلغت ذروتها باقتحام أنصاره لمبنى «الكابيتول» في 6 يناير 2021.

هاريس وترمب متعادلان في بنسلفانيا

تظهر استطلاعات الرأي الأخيرة قبل موعد الاقتراع العام احتدام المنافسة بين ترمب وهاريس، حيث يتعادلان تقريباً في بنسلفانيا، مع تحفيز كل من الجمهوريين والديمقراطيين للتصويت، وفقاً لاستطلاع أجرته صحيفة «واشنطن بوست». وحصلت هاريس على 48 في المائة بين الناخبين المسجلين والناخبين المحتملين، بينما حصل ترمب على 47 في المائة.

ورغم المخاوف من ادّعاءات التزوير، فإن سكان بنسلفانيا يُعبّرون عن ثقتهم بأن الأصوات سيتم فرزها بدقة، حيث قال نحو 3 من كل 4 أشخاص إنهم إما واثقون جداً وإما إلى حدّ ما. غير أن الجمهوريين كانوا أكثر تشككاً، حيث قال 4 من كل 10 أشخاص إنهم إما «ليسوا واثقين جداً» وإما «ليسوا واثقين على الإطلاق» في الفرز النهائي، في صدى لتشكيك ترمب بصحة العملية الانتخابية في الولاية.

لا تغيير في الأولويات

ترمب خلال تجمّع انتخابي في ميلووكي بولاية ويسكونسن 1 نوفمبر (رويترز)

ولا يزال الاقتصاد القضية الرئيسية التي يهتم بها الناخبون في بنسلفانيا، مع فارق لمصلحة ترمب بأنه قد يكون الأقدر على معالجته من هاريس، وخصوصاً بين الجمهوريين. ويرى المزيد من الناخبين أن الاقتصاد مهم للغاية من أي قضية أخرى (61 في المائة)، في حين يصف 62 في المائة من الناخبين المسجلين في الولاية الاقتصاد بأنه ليس جيداً أو سيئاً، مقارنة بـ37 في المائة يقولون إنه جيد أو ممتاز.

وحلّت قضيتا الجريمة والأمن في المرتبة الثانية، بنسبة 50 في المائة، بينما حلّت الرعاية الصحية والهجرة والضرائب والإجهاض في مرتبة قريبة أيضاً.

كما تظهر استطلاعات الرأي أن جهود ترمب وهاريس لاستقطاب النقابات العمالية لا تزال غير كافية لمنحهما فوزاً كبيراً في بنسلفانيا. ورغم سجل بايدن الذي يحظى بتأييد أكبر في صفوف النقابات، فإن أعضاء النقابات لا يزالون في كل من بيتسبرغ وفيلادلفيا، أكبر مدينتين في الولاية، يشككون في برامج العمل لدى هاريس وترمب وبايدن والتزامهم بها.

نقابات العمال مهمة

وفشلت هاريس في الحصول على تأييد ثلاث نقابات، أيّدت جميعها بايدن عام 2020. وتُظهر استطلاعات الرأي استمرار اتجاه الناخبين من الطبقة العاملة نحو ترمب. ويشعر بعض مساعدي هاريس بالغضب الشديد من عدم تأييد النقابات، ويقولون بشكل خاص إنهم يشعرون بالخيانة من قادة النقابات الرئيسيين الذين لم يكن لديهم «الشجاعة» للضغط على قواعدهم لدعم المرشح الذي يتمتع بسجل مؤيد للعمال. وما زاد من تشكيك الحركة العمالية بسجل هاريس، تركيز حملتها في الأيام الأخيرة على استمالة الجمهوريين وجمع التبرعات من المانحين الأثرياء.

وفي حين أن أعضاء النقابات يمثلون نحو 20 في المائة من الناخبين في ولايات الجدار الأزرق، لا تزال هاريس تحقق تقدماً كبيراً على ترمب في صفوفهم. وأظهر استطلاع للرأي أن نحو 64 في المائة من الأعضاء الذين تم استطلاع آرائهم يدعمون هاريس مقارنة بـ19 في المائة لترمب.

تقدم ديمقراطي في تسجيل الناخبين

هاريس خلال تجمّع انتخابي في ليتل شوت بولاية ويسكونسن 2 نوفمبر (د.ب.أ)

من جهة أخرى، نقلت مجلة «بوليتيكو» عن حملة هاريس ادعاءها أن الناخبين المتأخرين في اتخاذ قرار التصويت، يحققون نتائج لافتة لمصلحتها، وأن الناخبين المتبقين الذين لم يحسموا قرارهم بعدُ يبدون أكثر ودية تجاهها من ترمب. وقال أحد كبار مسؤولي الحملة، إن مجموعة التركيز الأخيرة مع الناخبين المتردّدين في ولاية بنسلفانيا، أظهرت أن اللغة العنصرية وكراهية النساء وعبارات الابتذال في تجمع ترمب في «ماديسون سكوير غاردن» بنيويورك، الأحد الماضي، لا تؤثر فقط على الناخبين البورتوريكيين واللاتينيين، بل تؤثر أيضاً على الناخبين المتردّدين ككل.

كما يُحقّق الديمقراطيون تفوّقاً في تسجيل الناخبين في الدوائر الانتخابية المتأرجحة، قبل يوم الانتخابات. ومن بين 66 دائرة تعد «بنفسجية»، سجل أكثر من 1.4 مليون شخص للتصويت بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، منهم 376 ألف ديمقراطي، مقابل نحو 305 آلاف جمهوري. كما سجلت 668 ألف امرأة، وخصوصاً النساء الأصغر سناً، في ولايات المعركة خلال الفترة نفسها.

وفي يوليو وحده، شكلت النساء 52.1 في المائة من التسجيلات الجديدة. وقال الديمقراطيون إن عدد النساء المسجلات أكبر مقارنة بالرجال في المناطق التنافسية مثل الدائرتين 10 و7 في بنسلفانيا، والدائرة 22 في نيويورك، والدائرة الأولى في أيوا.


مقالات ذات صلة

روبرت كينيدي جونيور يناشد أنصاره التصويت لترمب بدلاً منه

الولايات المتحدة​ كينيدي يعلن دعمه لحملة ترمب خلال فعالية انتخابية بأريزونا في 23 أغسطس (إ.ب.أ)

روبرت كينيدي جونيور يناشد أنصاره التصويت لترمب بدلاً منه

طالب المرشح الرئاسي الأميركي السابق روبرت كينيدي جونيور، اليوم (الاثنين)، أنصاره عشية الانتخابات بعدم التصويت له.

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس كامالا هاريس في صورة مركبة (أ.ف.ب)

تقرير: آخر استطلاع قبل الانتخابات الأميركية يظهر تقدما طفيفا لهاريس

ذكرت محطة «CNN» الإخبارية الأميركية أن آخر استطلاع للرأي قبل الانتخابات الرئاسية المقررة غداً الثلاثاء أظهر أن نائبة الرئيس كامالا هاريس تتقدم بفارق ضئيل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس كامالا هاريس تتحدث مع الصحافيين في الطائرة الرئاسية الثانية بمطار ديترويت قبل التوجه إلى ولاية بنسلفانيا أمس (أ.ب)

هاريس قبل ساعات من الانتخابات: سأكون رئيسة لكل الأميركيين

تعهدت كامالا هاريس، مرشحة الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة الأميركية، قبل ساعات من الانتخابات المقررة غداً (الثلاثاء)، بأن تكون «رئيسة لكل الأميركيين».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونائبة الرئيس كامالا هاريس في صورة مركبة (أ.ف.ب) play-circle 01:17

أميركا أمام خيارين متناقضين: يميني محافظ أم ليبرالي تقدمي؟

يتجه عشرات الملايين من الأميركيين، الثلاثاء، للإدلاء بأصواتهم لاختيار الرئيس الـ47 للولايات المتحدة.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ شيكولاته مطبوع عليها صور الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس (رويترز)

صراعات دولية مؤجّلة إلى ما بعد الانتخابات الأميركية

مهما كانت هوية الفائز في الانتخابات الرئاسية الأميركية، فإنه سيواجه سلسلة من الأزمات الدولية المؤجّلة إلى ما بعد الخامس من نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (لندن)

واشنطن تعرب عن «قلق بالغ» من «تزايد» عنف المستوطنين في الضفة الغربية

أشخاص يدخلون مبنى وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن، الولايات المتحدة، 26 يناير 2017 (رويترز)
أشخاص يدخلون مبنى وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن، الولايات المتحدة، 26 يناير 2017 (رويترز)
TT

واشنطن تعرب عن «قلق بالغ» من «تزايد» عنف المستوطنين في الضفة الغربية

أشخاص يدخلون مبنى وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن، الولايات المتحدة، 26 يناير 2017 (رويترز)
أشخاص يدخلون مبنى وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن، الولايات المتحدة، 26 يناير 2017 (رويترز)

دعت الولايات المتحدة إسرائيل، اليوم (الاثنين)، إلى اتخاذ إجراءات لمواجهة العنف الذي يرتكبه مستوطنون في الضفة الغربية المحتلة، معربة عن قلقها بعد إحراق نحو 20 سيارة في البيرة قرب رام الله.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر لصحافيين: «تشعر الولايات المتحدة بقلق بالغ إزاء هذه التقارير وغيرها التي تفيد بتزايد عنف المستوطنين المتطرفين في الضفة الغربية»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأضاف أن الولايات المتحدة نقلت هذه المخاوف بوضوح للحكومة الإسرائيلية قائلاً إنه يتعين على السلطات هناك أن تبذل قصارى جهدها لتهدئة الوضع ومحاسبة جميع الجناة.