الهجرة غير الشرعية تتراجع مع ارتفاع حدة الخطاب الانتخابي الأميركي

ترمب اتهمهم بـ«تسميم دماء بلادنا»... وهاريس تعهدت باتخاذ «موقف صارم»

مهاجرون يستمعون إلى التوجيهات قبل عبور الحدود من المكسيك إلى إل باسو بولاية تكساس الأميركية (أ.ف.ب)
مهاجرون يستمعون إلى التوجيهات قبل عبور الحدود من المكسيك إلى إل باسو بولاية تكساس الأميركية (أ.ف.ب)
TT

الهجرة غير الشرعية تتراجع مع ارتفاع حدة الخطاب الانتخابي الأميركي

مهاجرون يستمعون إلى التوجيهات قبل عبور الحدود من المكسيك إلى إل باسو بولاية تكساس الأميركية (أ.ف.ب)
مهاجرون يستمعون إلى التوجيهات قبل عبور الحدود من المكسيك إلى إل باسو بولاية تكساس الأميركية (أ.ف.ب)

تبدو ضفاف نهر ريو غراندي الذي يفصل بين المكسيك والولايات المتحدة شبه مهجورة، وغدت ملاجئ مخصصة للمهاجرين شبه خاوية، بعد أن كانت مكتظة سابقاً، نتيجة سياسات أميركية للهجرة باتت أكثر صرامة في عام الانتخابات.

ولا يعكس هذا التغيير نجاح الإجراء الأميركي الرادع فحسب، بل أيضاً سخونة الخطاب الانتخابي قبيل انتخابات رئاسية ستشهد منافسة شديدة، الأسبوع المقبل، وتشكل الهجرة فيها قضية مثيرة للانقسام إلى حد كبير.

ويفضل العديد من المهاجرين انتظار موعد مقابلة لطلب اللجوء قبل الوصول إلى الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، خوفاً من مواجهة عقوبات أشد للدخول غير الشرعي وخطر الموت على أيدي مهربي البشر.

وانخفض عدد المواجهات التي خاضتها دوريات الحدود الأميركية مع مهاجرين حاولوا عبور الحدود من المكسيك بشكل غير قانوني إلى نحو 54 ألف شخص في سبتمبر (أيلول) الماضي، مقارنة مع ذروة بلغت نحو 250 ألف شخص في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وفقاً للحكومة الأميركية.

وأصدر الرئيس جو بايدن في يونيو (حزيران) أمراً بإغلاق الحدود أمام طالبي اللجوء بعد وضع سقف لأعداد يومية.

وكان غورالويس أوكاندو (28 عاماً) أحد أولئك الذين خططوا في البداية للتسلل عبر الحدود بعد رحلة خطيرة من فنزويلا.

وقال الشاب، وهو واحد من نحو ثمانية ملايين فنزويلي غادروا بلادهم التي تعاني أزمة متفاقمة، «عندما وصلت، كان كل شيء معقداً». وأضاف بعد وصوله إلى إل باسو بولاية تكساس عبر الحدود من سيوداد خواريز المكسيكية: «من الأفضل الدخول بشكل قانوني».

«لقد فعلتها»

كان أوكاندو حصل على موعد لطلب اللجوء باستخدام تطبيق على الهاتف المحمول «سي بي بي ون»، ليصبح واحداً من نحو 1500 مهاجر تعتني بهم السلطات الأميركية يومياً في ثماني نقاط حدودية مع المكسيك.

وعبّر عن مخاوفه من أن «هناك الكثير من الحديث على وسائل التواصل الاجتماعي عن أنه إذا جاءت حكومة جديدة، فسوف تلغي التطبيق»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وهدد المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية دونالد ترمب بأكبر عملية ترحيل جماعي للمهاجرين غير الشرعيين في تاريخ الولايات المتحدة إذا تمكن من هزيمة منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، الثلاثاء.

ويعدّ أوكاندو نفسه محظوظاً لأنه نجا من تهديدات مختلفة خلال رحلته في الطريق، وتمكن من دخول الولايات المتحدة عند معبر حدودي رسمي قبل أيام قليلة من الانتخابات. وقال: «لقد فعلتها، والحمد لله».

وقال مهاجرون آخرون إن الخوف من الموت خلال محاولة عبور الحدود دفعهم إلى طلب موعد عبر التطبيق أيضاً.

وقالت دينيا رأميريز (37 عاماً) من هندوراس، والتي سارت عبر جسر حدودي مع أختها وأطفالها الستة: «نحن نفضل عدم المخاطرة بالدخول بشكل غير قانوني، خصوصاً من أجل حياة أطفالنا».

قبل أشهر، كان هناك تدفق مستمر للمهاجرين غير الشرعيين الذين يعبرون بشكل يومي نهر ريو غراندي من سيوداد خواريز. أما الآن، فقد أصبح هذا المشهد أقل شيوعاً.

وقال أحد حراس الحدود المكسيكيين، وهو من بين أولئك الذين تمكنوا من الحصول على موعد عبر التطبيق: «لم أر سوى شخصين تم رفضهما».

«موقف متشدد»

اتهم ترمب، الذي تعهد عام 2016 ببناء جدار على طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، المهاجرين بـ«تسميم دماء بلادنا». من جانبها، تعهدت هاريس باتخاذ موقف صارم، وحذرت الأشخاص الذين يدخلون البلاد بشكل غير قانوني من مواجهة «عواقب».

وقال كريستوفر ساباتيني، الخبير في معهد «تشاتام هاوس» البحثي في لندن، إن «هاريس مستمرة في موقف بايدن المتشدد، بما في ذلك الخطوة المثيرة للجدل لمنع أولئك الذين يعبرون الحدود بشكل غير قانوني من التقدم بطلب للحصول على اللجوء».

ويمثل الانخفاض في أعداد المهاجرين الوافدين مصدر ارتياح للسلطات في سيوداد خواريز، التي كانت تكافح للتعامل مع ملاجئ مكتظة في المدينة التي تعرضت لمأساة العام الماضي.

وكان حريق شب في مركز لاحتجاز المهاجرين أدى إلى مقتل 40 شخصاً، معظمهم من أميركا الوسطى وفنزويليون.

والملاجئ اليوم تشغل سعتها بنسبة تقارب 40 في المائة فقط، وفقاً لإنريكي فالينزويلا، منسق الهجرة في ولاية تشيهواهوا، حيث تقع سيوداد خواريز.

جزء من السياج الحدودي بين الولايات المتحدة والمكسيك (أ.ف.ب)

«معظمهم لن ينجحوا»

الوضع مشابه عبر الحدود في إل باسو. وقال القس رافائيل غارسيا إن ملجأ كازا ديل ساجرادو كورازون أُغلق في 7 أكتوبر (تشرين الأول)؛ لأنه لم يكن به سوى عدد قليل من الضيوف. وعبّر عن قلقه مما يخبئه المستقبل، حتى بالنسبة للمهاجرين الذين يُسمح لهم بدخول البلاد عبر المعابر الرسمية. وقال: «هناك موعد مع قاضي الهجرة لعرض قضية. معظمهم لن ينجحوا».

ويشعر روبن غارسيا، الذي يدير «دار البشارة»، وهي منظمة تطوعية في إل باسو تستضيف المهاجرين منذ خمسة عقود، بالقلق من أنه حتى لو فازت هاريس، فلن يسمح لعدد كاف من طالبي اللجوء بدخول البلاد.

ورأى أنه «ستكون هناك حاجة لعشرة آلاف موعد يومياً حتى لا يضطر المهاجرون وعائلاتهم إلى عبور الصحراء».

وكان أوكاندو قد انتظر لأربعة أشهر حتى حان موعده، لكنه قال إن الأمر يستحق ذلك، رغم أن جلسة اللجوء الخاصة به لا تزال على بعد أشهر.

وقال: «إنه شيء لا أستطيع تفسيره. لقد كان شيئاً عاطفياً لا أستطيع التعبير عنه بالكلمات».


مقالات ذات صلة

اعتقال سوري في ألمانيا بعد حرائق وصدم محلين تجاريين

أوروبا آثار الحريق على أحد المبنيين (أ.ف.ب)

اعتقال سوري في ألمانيا بعد حرائق وصدم محلين تجاريين

أعلنت الشرطة الألمانية اليوم (الأحد)، أنها اعتقلت رجلاً سورياً بعد اندلاع حرائق في مبنيين سكنيَّين، وصدم شاحنة صغيرة محلين تجاريَّين في مدينة إيسن بغرب ألمانيا.

«الشرق الأوسط» (برلين)
أوروبا مهاجرون ينتظرون النزول من قارب مزدحم بعد رحلة استمرت ثلاثة عشر يوماً من ساحل السنغال في ميناء لا إستاكا بإسبانيا (أ.ب)

إنقاذ 7 سوريين وفقد نحو ‭20‬ شخصاً بعد غرق قارب في البحر المتوسط

فُقد 20 مهاجراً بعد غرق قاربهم في البحر الأبيض المتوسط، قرب جزيرة لامبيدوسا الإيطالية، وفق ما أعلن، اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (روما)
أوروبا مهاجرون خارج عربة إسعاف بعد عملية إنقاذ نفّذها خفر السواحل اليوناني (أرشيفية - أ.ب)

المعارضة اليونانية تطالب بالتحقيق في مزاعم إلقاء مهاجرين في البحر

طالب حزب المعارضة اليوناني بفتح تحقيق بعد تقرير «بي بي سي»، يزعم أن خفر السواحل اليوناني كان مسؤولاً عن وفاة عشرات المهاجرين خلال السنوات الثلاث الماضية.

«الشرق الأوسط» (أثينا)
شمال افريقيا دورية لخفر السواحل الجزائري في البحر المتوسط (وزارة الدفاع الجزائرية)

قلق في الجزائر بسبب تفاقم الهجرة السرية مع بداية الصيف

وصول 160 مهاجراً جزائرياً إلى سواحل إسبانيا خلال الأسبوع الحالي، تزامناً مع قلق السلطات الجزائرية من تفاقم الهجرة السرية مع بداية الصيف.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الاقتصاد رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية ألفرو لاريو (الشرق الأوسط)

«الصندوق الدولي للتنمية الزراعية» يحذر من تحديات كبيرة تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

حذّر الصندوق الدولي للتنمية الزراعية من تحديات كبيرة تواجه منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا تتمثل في الهشاشة والهجرة والتغير المناخي والأمن الغذائي

فتح الرحمن يوسف (الرياض)

الولايات المتحدة تؤكد أنها «لا تسعى إلى حرب» مع روسيا

لقطة من فيديو تظهر القصف الذي طال مدينة دنيبرو الأوكرانية بصاروخ بالستي جديد متوسط المدى روسي (أ.ب)
لقطة من فيديو تظهر القصف الذي طال مدينة دنيبرو الأوكرانية بصاروخ بالستي جديد متوسط المدى روسي (أ.ب)
TT

الولايات المتحدة تؤكد أنها «لا تسعى إلى حرب» مع روسيا

لقطة من فيديو تظهر القصف الذي طال مدينة دنيبرو الأوكرانية بصاروخ بالستي جديد متوسط المدى روسي (أ.ب)
لقطة من فيديو تظهر القصف الذي طال مدينة دنيبرو الأوكرانية بصاروخ بالستي جديد متوسط المدى روسي (أ.ب)

أعلنت الولايات المتحدة الخميس أنها "لا تسعى إلى حرب مع روسيا"، متهمة موسكو بـ"إثارة التصعيد" في أوكرانيا بعد أن قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن الصراع في هذا البلد اكتسب "عناصر ذات طابع عالمي".

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان-بيار إن "روسيا هي من يتسبب بالتصعيد" في أوكرانيا، بينما تتهم موسكو واشنطن بتصعيد النزاع عبر السماح للجيش الأوكراني بقصف عمق الأراضي الروسية. وأضافت جان-بيار "التصعيد الأساسي يتمثل في أن روسيا تستعين ببلد آخر"، في إشارة إلى مشاركة جنود كوريين شماليين في قتال كييف.

من جهتها، أكدت نائبة المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية سابرينا سينغ أن الولايات المتحدة "لا تسعى إلى صراع إقليمي أوسع" في أوروبا. وقالت "نحن لا نسعى إلى الحرب مع روسيا" ، لكنها شددت في الوقت نفسه على أن إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن ستواصل "تسليح أوكرانيا ودعمها".

وغداة تنفيذ أوكرانيا أولى ضرباتها على الأراضي الروسية مستخدمة صواريخ أميركية وبريطانية، قال بوتين الخميس إنّ "النزاع في أوكرانيا اكتسب عناصر ذات طابع عالمي". وحذّر من أن موسكو لا تستبعد ضرب الدول التي تستخدم أوكرانيا أسلحتها ضد الأراضي الروسية. وأعلن بوتين أنّ قواته قصفت أوكرانيا بصاروخ بالستي جديد متوسط المدى فرط صوتي، في إشارة منه إلى القصف الذي طال مدينة دنيبرو، ردا على إطلاقها صواريخ غربية على روسيا.

وكانت روسيا قد حذّرت الولايات المتحدة قبل 30 دقيقة من إطلاق الصاروخ، وفق ما نقلت وكالات أنباء روسية عن المتحدث باسم الكرملين. وأكدت سينغ أن واشنطن "أُبلِغت قبل فترة وجيزة من إطلاق" روسيا للصاروخ، وذلك عبر "قنوات الحد من المخاطر النووية". وعندما سئلت عن تصريحات بوتين، أجابت سينغ "سنكون دائما قلقين حيال الخطاب الخطير" لموسكو وإزاء "إجراءات التصعيد".