لم تمض دقائق على نشر مقطع الفيديو الذي وصف فيه الرئيس الأميركي، جو بايدن، مؤيدي الرئيس السابق، دونالد ترمب، بأنهم «قمامة»، حتى شَنّ الجمهوريون، خصوصاً المحافظين منهم، هجوماً على المرشّحة الديمقراطية، كامالا هاريس، وحزبها. واستغلّت حملة المرشّح الجمهوري ترمب التصريحات للتذكير بتصريحات هيلاري كلينتون عام 2016، عندما وصفت مؤيديه بأنهم «بائسون».
وأدلى بايدن بتصريحاته المسيئة لأنصار ترمب، في مقابلة عبر دائرة «زووم»، مع مجموعة من الناخبين اللاتينيين. وقال: «قبل أيام قليلة، وصف أحد المتحدثين بتجمع (ترمب) في بورتوريكو بأنها جزيرة عائمة من القمامة»، مضيفاً: «القمامة الوحيدة التي أراها تطفو هي مؤيدوه، شيطنته للاتينيين أمر غير مقبول، وغير أميركي».
Earlier today I referred to the hateful rhetoric about Puerto Rico spewed by Trump's supporter at his Madison Square Garden rally as garbage—which is the only word I can think of to describe it. His demonization of Latinos is unconscionable. That's all I meant to say. The...
— Joe Biden (@JoeBiden) October 30, 2024
وسارع البيت الأبيض، ليلة الثلاثاء، إلى «تصحيح» تصريح بايدن، قبل أن يعود بايدن نفسه لينشر توضيحاً على وسائل التواصل الاجتماعي قال فيه: «في وقت سابق من اليوم، أشرت إلى الخطاب البغيض حول بورتوريكو الذي ألقاه مؤيد ترمب في تجمع ماديسون سكوير غاردن باعتباره قمامة - وهي الكلمة الوحيدة التي يمكنني التفكير فيها لوصف (هذا الخطاب)». وأضاف بايدن: «شيطنته للاتينيين أمر غير مقبول. هذا كل ما قصدت قوله إن التعليقات في ذلك التجمع لا تعكس مَن نحن كأمة».
زلّة بايدن
استنكر المحافظون تصريحات بايدن على الفور، واعتبروها «توصيفاً حقيراً» لمؤيدي ترمب. وقال السيناتور جيه دي فانس، مرشح ترمب لمنصب نائب الرئيس، والسيناتور ماركو روبيو من فلوريدا، إن استخدام بايدن كلمة «مؤيدين»، يعد إدانة لشريحة واسعة من الناخبين.
Biden just called anyone who supports Trump “garbage”pic.twitter.com/mBMFylBz3w
— Marco Rubio (@marcorubio) October 30, 2024
أما ترمب، فلم يتردّد في ربط تصريحات بايدن بحملة هاريس. وقال، خلال تجمع انتخابي في مدينة ألينتاون ببنسلفانيا التي تضم واحدة من أكبر التجمعات السكانية البورتوريكية في الولاية: «هذا أمر فظيع. تذكروا هيلاري و(تصريحها) عن البائسين». وأضاف عن بايدن: «أنا مقتنع أنه يحبني أكثر مما يحب كامالا».
وحاولت حملة ترمب استخدام تعليقات بايدن لجذب هذه الشريحة السكانية. وأرسل ترمب رسالة بريد إلكتروني لجمع التبرعات بعنوان: «أنت لستَ قمامة! أنا أحبك! أنت أفضل ما يمكن أن تقدمه أمتنا». وفي منشور على منصة «إكس»، في وقت مبكر من يوم الأربعاء، واصل ترمب الهجوم على تعليق بايدن، قائلاً: «لا يمكنك قيادة أميركا إذا كنتَ لا تحب الشعب الأميركي».
"KAMALA BACKED BIDEN ON EVERYTHING!" pic.twitter.com/o0fa5ouAYy
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) October 30, 2024
وغالباً ما يقوم ترمب بشيطنة الديمقراطيين، مستخدماً مصطلحات «العدو الداخلي» و«الشيوعيين» و«الماركسيين» و«الحشرات». كما هاجم منتقديه وهدد بعضهم بالملاحقة القضائية إذا أصبح رئيساً مرة أخرى.
قلق ديمقراطي
بدا الديمقراطيون غير مرتاحين لتصريح بايدن؛ حيث تحدّث حاكم ولاية بنسلفانيا، جوش شابيرو، في مقابلة مع شبكة «سي إن إن»، عن رفضه إهانة «أهل بنسلفانيا الطيبين أو أي أميركيين، حتى لو اختاروا دعم مرشح لم أدعمه».
في المقابل، استمرّت حملة هاريس ومؤيدوها في استخدام تصريحات أنصار ترمب المسيئة تجاه بورتوريكو، لمحاولة تنفير الصوت اللاتيني من المرشّح الجمهوري.
وأثارت إهانة بورتوريكو ردود فعل عنيفة في بعض الولايات الحاسمة، التي يقطنها ما يقارب مليون بورتوريكي، مما يجعلهم فئة سكانية رئيسية لكسبها في الانتخابات. وأيدت صحيفة «إل نويفو ديا»، أكبر صحيفة في بورتوريكو، كامالا هاريس، الثلاثاء. وكتبت محررة الصحيفة ماريا لويزا فيري رانجيل: «قلوبنا جميعاً (...) ترتجف من الغضب والألم. البورتوريكيون شعب نبيل ومسالم، يحبون جزيرتهم بشدة».
فجوة من 10 نقاط
ومع اقتراب موعد الاقتراع المباشر، أظهرت مؤشرات التصويت المُبكّر أن النساء يصوتن بأعداد كبيرة تجاوزت أصوات الرجال بكثير، وهو ما عدّه الديمقراطيون مفتاح الفوز لهاريس. وبحسب تحليل لبيانات التصويت المبكر، أجرته مجلة «بوليتيكو»، وبيانات من مشروع الانتخابات الأميركية بجامعة فلوريدا، في ولايات ميشيغان وبنسلفانيا ونورث كارولينا وجورجيا المتأرجحة، هناك فجوة بين الجنسين بمقدار 10 نقاط. وتشكّل النساء نحو 55 في المائة من التصويت المبكّر في هذه الولايات، فيما يمثّل الرجال نحو 45 في المائة. في حين لا تتوفر بيانات مماثلة عن مشاركة الجنسين في أريزونا وويسكونسن ونيفادا.
ورغم ذلك، بدا أن الآثار المُترتّبة على ذلك غير واضحة؛ حيث إنه من بين الجمهوريين المسجلين، تصوت النساء في وقت مبكر أكثر من الرجال أيضاً. لكن الإقبال العالي من الإناث يُعدّ مشجعاً للديمقراطيين الذين توقعوا أن تؤدي الزيادة في الإقبال الجمهوري إلى مزيد من التكافؤ بين الجنسين، بين الناخبين الأوائل.
ومع أنه يكاد يكون مستحيلاً معرفة لمن تصوت النساء، بما في ذلك ما إذا كان الديمقراطيون يكسبون أصوات النساء الجمهوريات غير المنتميات أو المعتدلات المحبطات من ترمب، فإن الفجوة بين الجنسين كانت واحدة من السمات المميزة لحملة 2024. وترى حملة هاريس أن عدم وجود زيادة في عدد الناخبين الذكور يعد علامة مشجعة.
رهان هاريس على الضواحي
يأتي تفاؤل الديمقراطيين بشأن المشاركة النسائية، في الوقت الذي تركز فيه هاريس على النساء المعتدلات في الضواحي، خصوصاً البيض دون تعليم عالٍ. وتسعى الحملة إلى إقناع الناخبات بالتوجّه إلى صناديق الاقتراع، بالحماس ذاته الذي أظهرته في انتخابات التجديد النصفي عام 2022، حين ألغت المحكمة العليا الحق الفيدرالي في الإجهاض.
وما زاد من تفاؤل الديمقراطيين أن حملة هاريس حافظت على ثبات تأييد الناخبين في الضواحي، الذين صوّتوا ضد ترمب، منذ عام 2016. وقد يكون هذا هو الجزء الأكثر أهمية في حساباتها الانتخابية. ومقابل تحقيق ترمب تقدّماً بين الرجال السود واللاتينيين، تظهر استطلاعات الرأي في الأسبوع الأخير من حملة الانتخابات أن الضواحي لا تزال قادرة على منح هاريس الفوز. ووجد أحدث استطلاع للرأي أجرته صحيفة «وول ستريت جورنال»، المحسوبة على الجمهوريين، أن هاريس تتقدم بين الناخبين في الضواحي بـ7 نقاط مئوية. وأظهر استطلاع آخر لـ«رويترز - إيبسوس»، تقدمها بـ6 نقاط.
تعويض خسارة الرجال السود واللاتينيين
وإذا صمدت أيّ من هذه الأرقام؛ فمن المحتمل أن تكون كافية لتعويض تآكل الدعم لهاريس بين الرجال السود واللاتينيين والشباب. وقالت عضوة مجلس الشيوخ في ولاية نورث كارولينا، الديمقراطية ليزا غرافشتاين، التي شاركت بنفسها في حملة هاريس في الضواحي الشرقية: «الضواحي - هذه هي الصفقة بأكملها. هناك توجد أصوات لهاريس».
وتعتقد حملة هاريس أن الضواحي، خصوصاً تلك المحيطة بفيلادلفيا وديترويت وأتلانتا؛ حيث تنمو وتتنوع تيارات متقاطعة لإعادة إنتاج تنظيم سياسي واضح ضد ترمب، يتحرك فيها الناخبون المتعلمون في الكليات من كلا الجنسين بقوة نحو الديمقراطيين. بينما يكتسب الجمهوريون أرضية مع الناخبين ذوي «الياقات الزرقاء» العاملين في المدن الصغيرة.
وعزّز الديمقراطيون قوتهم في مجتمعات الضواحي منذ الانتصارات التي حققوها عامي 2018 و2020، وفي هذا العام، مدفوعين بالناخبين المتعلمين في الكليات والنساء اللواتي رفضن أعمال الشغب التي جرت في 6 يناير (كانون الثاني) 2021، بعد اقتحام مبنى «الكابيتول»، والغضب من إلغاء حق الإجهاض. وهو ما بدا واضحاً من تركيز الديمقراطيين في الأسابيع الأخيرة من الحملة على النشاطات الانتخابية التي أجرتها هاريس في سلسلة من قاعات البلديات في بنسلفانيا وميشيغان وويسكونسن، مع الجمهوريين المعارضين لترمب، مثل النائبة السابقة ليز تشيني، والتجمعات التي تركز على حقوق الإجهاض.