لماذا بدّل إيلون ماسك بوصلته السياسية وقرر دعم ترمب؟

قطب التكنولوجيا يقود بشراسة «لعبة المال والنفوذ» في الانتخابات الأميركية

TT

لماذا بدّل إيلون ماسك بوصلته السياسية وقرر دعم ترمب؟

إيلون ماسك يقفز على المسرح بينما يتحدث المرشح الرئاسي دونالد ترمب خلال تجمع في بتلر (بنسلفانيا) يوم 5 أكتوبر (أ.ب)
إيلون ماسك يقفز على المسرح بينما يتحدث المرشح الرئاسي دونالد ترمب خلال تجمع في بتلر (بنسلفانيا) يوم 5 أكتوبر (أ.ب)

أصبحت صورة إيلون ماسك، وهو يقفز في الهواء من الفرح خلف دونالد ترمب خلال تجمع جماهيري في مدينة بتلر بولاية بنسلفانيا واحدة من الصور المثيرة للانتباه خلال حملة الانتخابات الرئاسية لعام 2024.

فقد ظهر قطب التكنولوجيا مرتدياً قبعة MAGA (اجعلوا أميركا عظيمة مرة أخرى) داعياً الأميركيين إلى انتخاب ترمب. ماسك لم يعد يدعم ترمب عبر حضور الفعاليات الانتخابية فحسب، وإنما يقوم بدور فعال في لعبة المال والنفوذ، خصوصاً عبر منصة «إكس» التي يتابعه فيها الملايين.

وبثروته التي تقدر بنحو 250 مليار دولار ومنصته الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي «إكس»، فإن التأييد السياسي الذي يقدمه ماسك يشكل أهمية كبيرة لأي حزب أو مرشح يختار دعمه. وانتقال ماسك من أحد أقطاب التكنولوجيا إلى ناشط سياسي جعله شخصية مثيرة للانقسام، وأثار التساؤلات حول قوته وتأثيره مع دخول الانتخابات الرئاسية فترتها الأكثر أهمية.

التحوّل واضح في توجهات ماسك السياسية، فقد كان معروفاً في السابق بتأييده للحزب الديمقراطي، وكان مقرباً من الرئيس الأسبق باراك أوباما والتقى به مرات عدة. ثم بدل بوصلته السياسية وأعلن تأييده لدونالد ترمب في يوليو (تموز) الماضي، واقترب منه وأصبح مستشاراً مؤثراً يتحدث إليه مرات عدة في الأسبوع، كما أطلق حملة لحث الناخبين الجمهوريين على التصويت لصالح ترمب. وقدم مساهمات مالية للجنة العمل السياسي الجمهوري التي تساند ترمب بلغت 80 مليون دولار لدعم حملته الانتخابية، وأعلن خططه لزيادة الدعم إلى 180 مليون دولار.

 

إيلون ماسك يبدي تأييده للمرشح الجمهوري دونالد ترمب خلال تجمع انتخابي في موقع محاولة اغتياله الأولى في بتلر (بنسلفانيا) (أ.ف.ب)

وكشف ماسك سر تحوّله وتأييده لترمب قائلاً إنه يخشى ما يراه من تهديد لحرية التعبير والديمقراطية الأميركية في ظل القيادة الديمقراطية. وأصدر ماسك تحذيرات مكثفة على منصة «إكس» انتقد فيها السياسات التقدمية للحزب الديمقراطي، وحذر عبرها من أن هذه الانتخابات ستكون الأخيرة في الولايات المتحدة إذا لم يفز ترمب.

ويقول محللون إن الدعم الذي يمارسه ماسك في حملة المرشح الجمهوري مرتبط بدوره المستقبلي المحتمل في إدارة ترمب في حال الفوز، ذلك أن المرشح الجمهوري كان قد عبر عن عزمه تعيين ماسك لقيادة «لجنة كفاءة الحكومة»، إذا فاز في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني). وحاول محللون تفسير سبب الانحياز السياسي الذي أبداه ماسك إلى الدور الذي يطمح أن يلعبه في الإدارة المقبلة، بعد ضغوط تنظيمية واجهتها أعماله ومشروعاته في ظل إدارة الرئيس الحالي جو بايدن.

 

الرئيس جو بايدن وخلافات بين إدارته وقطب التكنولوجيا إيلون ماسك (أ.ب)

 

وتفاقمت الخلافات بين إدارة الرئيس بايدن وقطب التكنولوجيا بسبب التحقيقات المتعددة التي قامت بها وكالات فيدرالية ومكتب المدعي العام الأميركي في نيويورك، وشملت اتهامات بالتمييز في التوظيف إلى عدم امتثال بالقوانين البيئية.

وقد رفع البيت الأبيض دعاوى قضائية عدة ضد شركة «تسلا» كما أطلق تحقيقات حول حوادث القيادة الذاتية ومدى تطبيقها لمعايير السلامة الفيدرالية. وفتحت هيئة الأوراق المالية والبورصة أيضاً تحقيقات حول تسويات وخلافات بشأن تغريدات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وفرضت اللجنة عقوبات على ماسك بعد فشله في المثول بأمر من المحكمة في التحقيق حول استحواذه على «توتير» مقابل 44 مليار دولار. ووُجّهت لماسك تهم بارتكاب انتهاكات محتملة لقانون الأوراق المالية، والافتقار إلى الشفافية في الملفات المالية، إضافة إلى اتهامات بانتهاك قوانين البيئة بسبب مواقع إطلاق الصواريخ لشركة «سبيس إكس» في ولاية تكساس والتسبب في حرائق.

وبدأ ماسك يميل نحو وجهات نظر الجمهوريين اليمينيين بسبب اختلافه مع إدارة بايدن وعدم اهتمام الإدارة الحالية بمشروعاته، خاصة مشروع «سبيس إكس»، واتجاه الديمقراطيين لفرض مزيد من الضرائب على الأغنياء. وتفيد التقارير بأن من الطبيعي أن يسعى ماسك إلى تجنب هذه التوجهات الديمقراطية.

 

الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترمب (أ.ب)

ويصف محللون ماسك بأنه براغماتي يبحث عما يحقق أهدافه، وأن تأييده لترمب دليل على رغبته في إعادة تشكيل المشهد التنظيمي في حالة فوز المرشح الجمهوري؛ ذلك أن المرشح الجمهوري تعهد بتقليص الرقابة التنظيمية للحكومة الفيدرالية، وربما القضاء عليها تماماً.

 

«غرفة حرب» في بنسلفانيا

وتقول التقارير إن ماسك أنشأ «غرفة حرب» في ولاية بنسلفانيا، التي تعد أبرز وأهم ولاية متأرجحة تملك 19 صوتاً في المجمع الانتخابي، واستعان بفريق من المحامين وخبراء العلاقات العامة، لدفع حظوظ ترمب في الانتخابات.

وفي مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز»، قال إيلون ماسك للمذيع تاكر كارلسون في حديث عن تأييده القوي لترمب «إذا خسر فإننا في ورطة». وشدد على أن هذه الانتخابات ستكون الأخيرة في الولايات المتحدة إذا لم يفز ترمب في نوفمبر المقبل.

وأشارت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أن ماسك استخدم نفوذه في منصة «إكس» (تويتر سابقاً) لحظر التغريدات والروابط المضرة بحملة ترمب، ونشر القضايا المثيرة للجدل مثل الهجرة غير الشرعية والأطفال المتحولين جنسياً والهجوم على وجهات نظر الديمقراطيين في هذه الموضوعات، وهو ما يفسر إنفاق ماسك لعشرات المليارات من الدولار لشراء منصة «إكس» بأكثر من قيمتها السوقية، حتى يتسنى له التحكم في الأخبار والأفكار والتوجهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهو يدرك قوة المعلومات والضرر الذي يمكن أن يتحقق من نشر معلومات مضللة غير موثقة ونشر خطاب كراهية ودعوات إلى العنف على منصته وهو ما يجب أن يثير القلق.

وقالت الصحيفة إن ماسك يشارك في الانتخابات الأميركية بطريقة لا مثيل لها في التاريخ من خلال نشره لمعلومات مضللة حول الانتخابات لملايين المستخدمين لمنصة «إكس»، والسماح بتعليقات متطرفة وخطاب كراهية من شخصيات يمينية تحت شعار حرية الرأي، وبث نظريات المؤامرة، وكراهية الأجانب بشكل متزايد، والتأثير على الأحداث من وراء الكواليس.

وأشارت الصحيفة إلى أن ذلك لم يسبب الانزعاج من أغنى رجل في العالم يستخدم ملكيته لواحدة من كبرى منصات التواصل الاجتماعي لتشكيل التوجهات السياسية الجمعية لمستخدمي المنصة ودفعهم لانتخاب ترمب. وتساءلت عن محاولات مالك شركتي «تسلا» و«سبيس إكس» لشراء أصوات الناخبين ودفع أموال لمؤيدي ترمب في الولايات المتأرجحة.

وتدور تسريبات وتكهنات في «وادي السيليكون» بين الأشخاص الذين يعرفون إيلون ماسك عن قرب، أنه كان يرغب في الترشح لرئاسة الولايات المتحدة لولا ولادته في جنوب أفريقيا (تشترط القوانين أن يكون المترشح من مواليد الولايات المتحدة)، ويعتقد ماسك أنه يستطيع ممارسة نفوذه على ترمب وأنه سيكون القوة الحقيقية وراء المكتب البيضاوي في البيت الأبيض.

وإذا فاز ترمب في الانتخابات ونفذ تعهداته بتعيين ماسك لقيادة «لجنة كفاءة الحكومة» وتقليص الرقابة الفيدرالية فهذا يعني أنه لن يكون أغنى رجل في العالم فقط، بل أقوى رجل في العالم أيضاً.


مقالات ذات صلة

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية ترمب ونتنياهو يتصافحان في «متحف إسرائيل» بالقدس يوم 23 مايو 2017 (أ.ب)

فريق ترمب للشرق الأوسط... «أصدقاء لإسرائيل» لا يخفون انحيازهم

اختصر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب سياسته المحتملة في الشرق الأوسط باختياره المبكر شخصيات لا تخفي توجهها اليميني وانحيازها لإسرائيل.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ د. جانيت نشيوات (أ.ف.ب)

ترمب يستكمل تعيينات حكومته الجديدة

أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب عن أسماء جديدة لشغل مناصب رفيعة ضمن حكومته المقبلة. واختار ترمب سكوت بيسنت، مؤسس شركة الاستثمار «كي سكوير غروب»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الملياردير إيلون ماسك يظهر أمام الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

إيلون ماسك أكثر ثراءً من أي وقت مضى... كم تبلغ ثروته؟

أتت نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024 بفوائد على الملياردير إيلون ماسك بحسب تقديرات جديدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
حصاد الأسبوع روبيو play-circle 01:45

ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

بينما يراقب العالم السياسات الخارجية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي ستتحدّد على أساس شعاره «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى» (ماغا)، بادر ترمب إلى تشكيل.

إيلي يوسف (واشنطن)

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

TT

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)
تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)

ترمب «رمز للسلام وقاهر الحروب»، هكذا صوّر الرئيس المنتخب نفسه في حملته الانتخابية التي مهّدت لولايته الثانية في البيت الأبيض. فالرئيس الـ47 انتزع الفوز من منافسته الديمقراطية، بانياً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية وهي على مشارف عامها الثالث.

يستعرض برنامج تقرير واشنطن، وهو ثمرة تعاون بين صحيفة «الشرق الأوسط» وقناة «الشرق»، خطط ترمب لإنهاء النزاعات، ودلالات اختياره وجوهاً معيّنة في إدارته لديها مواقف متناقضة بعض الأحيان في ملفات السياسة الخارجية.

التصعيد في المنطقة

دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز)

تعهّد الرئيس الأميركي المنتخب بإنهاء الحروب ووقف التصعيد المستمر في المنطقة. ومع استمرار الحرب في غزة ولبنان، تعتبر دانا ستراول، نائبة وزير الدفاع سابقاً لشؤون الشرق الأوسط ومديرة الأبحاث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أنه لا يزال من المبكّر قراءة المشهد في إدارة ترمب المستقبلية، مشيرة إلى أن الرئيس المنتخب «وعد بإحلال سلام في منطقة لم تنعم بالسلام أبداً». وتقول ستراول: «دونالد ترمب يعد بإحلال السلام في المنطقة من جهة، لكنه يعد من جهة أخرى بالدعم القاطع لإسرائيل. وهذا يُعدّ مشكلةً حقيقية؛ لأن من الأمور التي يجب أن تحصل لتحقيق السلام إعطاء الأولوية للمدنيين الفلسطينيين في غزة، والمدنيين اللبنانيين في لبنان، والحرص على وصول المساعدات الإنسانية لهؤلاء وتوفير الأمن لهم وما يحتاجون إليه من قادتهم. لكن ذلك سيتطلّب قرارات صعبة في إسرائيل. والسؤال الأكبر برأيي هو ما إذا كان دونالد ترمب يستطيع دفع هؤلاء القادة على الاتفاق هذه المرة، وهم لم يتفقوا أبداً في السابق».

ويتحدث كيفن بارون، الصحافي المختص بالشؤون العسكرية والمدير التحريري السابق في «Politico Live»، عن تحديات كثيرة يواجهها فريق ترمب الذي اختاره لقيادة السياسة الخارجية، مشيراً إلى أنه مؤلّف من «مزيج من التقليديين الذين يرغبون في علاقات قديمة الطراز مع الشرق الأوسط والقادة هناك، وبين من هم أكثر تقدماً ويبحثون عن مهاجمة إيران، والرد بالمثل وتغيير الديناميكية التي برأيهم كانت لينة جداً خلال السنوات الأربع الماضية تحت جو بايدن».

ويتساءل بارون: «هل ستتمكن هاتان المجموعتان من الالتقاء في الوسط؟» ويعطي بارون مثالاً «معرقلاً للسلام» في فريق ترمب، وهو السفير الأميركي المعيّن في إسرائيل، مايك هاكابي، الداعم بشدة لتل أبيب والرافض للاعتراف بالضفة الغربية وحقوق الفلسطينيين. ويقول بارون: «إن تعيين مايك هاكابي مثال جيد هنا، فهو داعم قوي لدولة إسرائيل مهما كلّف الأمر. لكنه يدعمها من وجهة نظر معينة؛ فهو مسيحي قومي وهو جزء من حركة متنامية ومجموعة من الأميركيين المسيحيين الذين يشعرون بأن وجود علاقة قوية مع دولة إسرائيل اليهودية أفضل من عدم وجودها لأسباب دينية».

ترمب والسفير المعين في إسرائيل مايك هاكابي خلال حدث انتخابي في بنسلفانيا 12 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وهنا يسلّط ريتشارد لوبارون، السفير الأميركي السابق إلى الكويت ونائب مدير البعثة الأميركية إلى تل أبيب سابقاً وكبير الباحثين في معهد «ذي أتلانتيك»، الضوء على سياسة الرؤساء الأميركيين بشكل عام في منطقة الشرق الأوسط، مذكراً بأنهم لا يريدون تورطاً عميقاً في المنطقة. ويتحدث عن ترمب بشكل خاص فيقول: «ترمب لم يُنتخب من قبل أشخاص يهتمون بالشرق الأوسط، بل انتخبه الأشخاص الذين يرغبون بجعل أميركا عظيمة مجدداً، وهذه وجهة نظر انعزالية. لذا أعتقد أنه سيضغط للتوصل إلى حلول تخرج الولايات المتحدة من مستوى تورطها الحالي في الشرق الأوسط، لا أعتقد أنه سيكون متعاطفاً مع التورط في صراعات كبرى، وسيرغب بالحفاظ على أسعار منخفضة للنفط بسبب تأثير ذلك على الداخل. لكنه سيفاجأ على غرار معظم الرؤساء الأميركيين بقدرة الشرق الأوسط على جذبهم إلى داخله رغم جهود البقاء بعيداً».

ترمب يعتمر قبعة تحمل شعار «اجعل أميركا عظيمة مجدداً» (أ.ف.ب)

وتوافق ستراول مع مقاربة الانعزالية في فريق ترمب، مشيرة إلى وجود وجوه كثيرة ضمن فريقه من الداعمين للانعزالية الذين يسعون للتركيز على الوضع الداخلي و«جعل أميركا عظيمة مجدداً»، وأن هؤلاء سيعملون على تقليص الدور العسكري للولايات المتحدة حول العالم، ومنح دولارات دافعي الضرائب الأميركيين لأي بلد.

لكن ستراول تُذكّر في الوقت نفسه بأن العامل المشترك في فريق ترمب الذي اختاره، هو أنه «يريد من الفريق المحيط به أن يفكّر فيه هو وفي ما يريده». وتفسر قائلة: «ما نعلمه من رئاسته الأولى هو أن ما يريده أو ما يفكّر به قد يتغير من يوم إلى آخر، ومن ساعة إلى أخرى. هذا النوع من الغموض عادة ما لا يكون جيداً بالنسبة إلى الولايات المتحدة، وبالنسبة إلى الحلفاء والشركاء في أماكن مثل الشرق الأوسط، وهي أماكن نريد التعاون معها. فهم يطلبون قيادة أميركية يمكن الاتكال عليها ومستقرة. وبرأيي، استناداً إلى الفريق الذي يتم تشكيله حتى الآن، حيث يقوم أناس مختلفون بقول أشياء مختلفة وعقد اجتماعات مختلفة، فإنه من غير الواضح إن كانوا سيتمكنون في الواقع من العمل بعضهم مع بعض».

تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

وضمن الحديث عن حلول واستراتيجيات في المنطقة، يعرب لوبارون عن تشاؤمه من فرص التوصل إلى حلّ الدولتين، مُرجّحاً أن تقوم إسرائيل «بضم الأراضي المحتلة والضفة الغربية بموافقة أميركية، أو حتى من دونها». ويضيف السفير السابق: «هناك أيضاً احتمال استمرار وجود انقسام في إسرائيل حول هذه القضايا، وسنضطر إلى التدخل بسبب علاقتنا. أعتقد أن هناك مسائل وجودية بحتة ينبغي أن تواجهها إسرائيل حول ماذا تريد أن تصبح بعد 5 إلى 10 سنوات، أو حتى بعد 20 أو 50 سنة. هل تريد أن تصبح دولة ديمقراطية؟ أو أن تكون متورطة في صراع إلى الأبد في الشرق الأوسط؟ أو هل تريد التوصل إلى سلام حقيقي يحترم الآمال الفلسطينية؟».

ويُفسر لوبارون أسباب استمرار الحرب في لبنان وغزة فيقول: «من الأسباب المحزنة لاستمرار الحرب في لبنان وفي غزة أن نتنياهو لا يمكنه الاستغناء عن الحرب، وهذه إحدى مشاكل علاقته مع ترمب. فترمب لا يريد الحرب، لكن نتنياهو يحتاج إليها وسيكون من المثير للاهتمام مشاهدة كيف سيقوم الاثنان على الاتفاق خلال الـ6 أشهر أو السنة المقبلة. لكن لحظة الحساب قادمة في إسرائيل، وهي تأجلت بسبب النزاع. سيكون لها نتائج كبيرة، وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى إن كان ترمب سيقرر اللعب في السياسة الإسرائيلية المحلية كما فعل نتنياهو في السياسة المحلية الأميركية».

إيران وسياسة الضغط القصوى

تعهد ترمب باستعادة سياسة الضغط القصوى مع إيران (أ.ف.ب)

تلعب إيران دوراً بارزاً في التصعيد في المنطقة، ومع استعداد ترمب لتسلُّم الرئاسة في العشرين من يناير (كانون الثاني)، تزداد التساؤلات حول ما إذا كان سيعود إلى سياسة الضغط القصوى التي اعتمد عليها في إدارته الأولى. وهنا يتساءل بارون: «ترمب يعد بالانسحاب من الحروب الخارجية بينما يخوض حروباً خارجية فيما يتعلق بإيران». ويضيف: «إذن، ماذا يعني الضغط الأقصى على الإيرانيين؟ أتوقع أموراً مثل دعم نتنياهو وإسرائيل بالكامل حين يقومون بهجمات في لبنان وغيره من دون أي انتقاد، ومن دون أي قيود. قد يعني أيضاً القتال في أماكن مثل سوريا والعراق ومناطق أخرى لم نسمع عنها كثيراً علناً».

وهنا تشدد ستراول على أن سياسة الضغط القصوى هي «نشاط»، وليس هدفاً، وتفسر قائلة: «ما لم نره بعد من فريق ترمب هو تحديد أو عرض الهدف المثالي: هل الهدف احتواء البرنامج النووي الذي تم الاستثمار فيه بشكل كبير؟ هل الهدف التراجع عن هذا البرنامج أو تفكيكه أو القضاء عليه؟ هل الهدف صد دعم إيراني للإرهاب؟ لتحقيق ذلك، سيحتاج إلى أكثر من سياسة ضغط قصوى، وسيحتاج للتعاون مع حلفاء وشركاء أي أنه سينبغي أن يبذل جهوداً دبلوماسية، لأن الأمر لا يتعلّق فقط بما يمكن أن نقوم به عسكرياً، فسيتوجب عليه أن يرغب بإقامة حوار مع النظام في طهران على بعض النقاط».

الحرب الروسية - الأوكرانية

ترمب يصافح بوتين في مؤتمر صحافي في هلسنكي 16 يوليو 2018 (أ.ف.ب)

من الوعود التي أطلقها ترمب إنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية في 24 ساعة. ويصف لوبارون الوضع الحالي بمثابة «رقصة بين بوتين وترمب للوصول إلى طريقة لإنهاء هذا النزاع». وأوضح: «لقد انضم زيلينسكي إلى تلك الرقصة مؤخراً. يجب أن نتذكر أن هذين الخصمين قد أرهقتهما الحرب، لا يمكنهما العثور على المزيد من العناصر من شعبهم للقتال، كما يريان أن تسلُّم ترمب الرئاسة سيضع حدوداً على الفترة التي يستطيعان فيها الاستمرار بهذه الحرب». ويرجّح السفير السابق أن تنتهي الحرب «بحل دبلوماسي غير مناسب وغير مرض لن يسعد أياً من الأطراف، على غرار كل الحلول الدبلوماسية. وهذا سيشكل نقطة يعلن فيها ترمب عن نجاحه ليقول: لقد أنهيت الحرب في أوكرانيا».

ويشير بارون إلى رفع إدارة بايدن الحظر عن أوكرانيا لاستعمال الأسلحة الأميركية في روسيا، فيقول إن «ما تغيّر هو أن ترمب فاز بالانتخابات، وهناك فترة شهرين سيسعى بايدن خلالهما لتقديم كل ما بوسعه إلى أوكرانيا؛ لأن الأمور ستتغير في 20 يناير عندما يتولى ترمب منصبه». ويضيف: «إذن، الفكرة هي التوفير لأوكرانيا أكبر قدر من الدفاعات الآن لكي ينتقلوا إلى طاولة المفاوضات».

وتوافق ستراول مع هذا التقييم قائلة: «إن هذا التصعيد الذي يجري حالياً هو فرصة لكل من الطرفين لكي يعززا موقفهما قبل تنصيب دونالد ترمب، الذي بدوره صرّح بأنه سيطالب أن ينضم الجميع إلى طاولة المفاوضات. وسيعمل على تقليل سلطة التفاوض الأوكرانية عبر التهديد بإيقاف المساعدات العسكرية».