ميشيغان... ولاية البحيرات العظمى قد تحسم السباق إلى البيت الأبيض

تاريخ متقلب من التصويت دفعها إلى واجهة الولايات المتأرجحة

فاز ترمب بأصوات ميشيغان في انتخابات عام 2016 واستعادها بايدن في عام 2020 (أ.ف.ب)
فاز ترمب بأصوات ميشيغان في انتخابات عام 2016 واستعادها بايدن في عام 2020 (أ.ف.ب)
TT

ميشيغان... ولاية البحيرات العظمى قد تحسم السباق إلى البيت الأبيض

فاز ترمب بأصوات ميشيغان في انتخابات عام 2016 واستعادها بايدن في عام 2020 (أ.ف.ب)
فاز ترمب بأصوات ميشيغان في انتخابات عام 2016 واستعادها بايدن في عام 2020 (أ.ف.ب)

في السابع والعشرين من فبراير (شباط) الماضي، عندما توجّه الناخبون الديمقراطيون للإدلاء بأصواتهم في انتخابات ولاية ميشيغان التمهيدية، لم يكن جو بايدن مرشّح الحزب الديمقراطي حينها يتوقع النتيجة؛ فرغم أنه فاز بدعم نحو 81 في المائة من الأصوات، فإن نسبة عدم الملتزمين الذين رفضوا التصويت له وصلت إلى 13 في المائة. والسبب سياساته في حرب غزة.

اليوم، ومع تولِّي كامالا هاريس مهمة استكمال مشوار السباق الرئاسي بدل الرئيس الأميركي، لا تزال هذه الفئة الانتخابية مترددة في الإعراب عن تأييدها للمرشحة الديمقراطية، في ولاية كانت تعد «زرقاء» بامتياز، إلى حين فوز الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترمب بها في عام 2016. أسباب جعلت من هذه الولاية، وأصواتها الـ15 في المجمع الانتخابي، ولاية متأرجحة يتنازع عليها المرشحان بشراسة، لكسب أصوات الناخبين فيها.

وأصبحت ولاية ميشيغان من أهم ولايات «الجدار الأزرق» الديمقراطي، إلى جانب ويسكونسن، في العقود الماضية، بعدما كانت تُحسب على الجمهوريين في السبعينات والثمانينات؛ لكن انتخابات عام 2016 وضعتها في خانة الولايات المتأرجحة، بعد أن فاز فيها ترمب بأقل من 11 ألف صوت، مُنتزعاً الفوز من منافسته حينها، وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون.

تكثّف حملة هاريس الجهود لحشد الدعم بين الناخبين في ميشيغان (أ.ف.ب)

ضمن هذا الفوز لترمب طريقه إلى البيت الأبيض، وثبَّت المعادلة القائلة بأن الطريق إلى المكتب البيضاوي تمر عبر ميشيغان التي انتزعها الفائز في السباق الرئاسي في 9 من 12 جولة انتخابية سابقة.

وبينما تمكَّن الديمقراطيون من الفوز في الولاية في كل انتخابات منذ عام 1992، باستثناء انتخابات عام 2016، فإن النتائج المتقاربة نسبياً في انتخابات عام 2020 التي فاز بها بايدن، أثبتت مجدداً أنها ستكون «كعب أخيل» الديمقراطيين في انتخابات هذا العام. لهذا السبب، يُكثِّف ترمب ونائبه جاي دي فانس نشاطهما الانتخابي في الولاية، مركِّزين بشكل أساسي على ملفين أساسيين يشغلان بال ناخبيها: الاقتصاد، والحرب في الشرق الأوسط. أما حملة هاريس فتكثّف جهود إصلاح علاقة حزبها بالناخبين العرب الأميركيين، المستائين من سياسات إدارة بايدن الداعمة لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

أزمة الشرق الأوسط

ترمب خاطب أنصاره خلال فعالية انتخابية في ساغيناو بميشيغان يوم 3 أكتوبر (رويترز)

ورغم أهمية ملف غزة للناخب من أصول عربية ومسلمة، فإن هؤلاء لا يعدُّون الأغلبية في الولاية. ويتركز وجود الجالية العربية في مدينة ديترويت؛ حيث تسعى الحملتان الانتخابيتان لحشد دعم أكبر عدد من الناخبين، ووظّفت هاريس المحامية من أصول مصرية بريندا عبد العال لمساعدتها على التقرب من الجالية العربية، والمحامية الأفغانية الأصل نسرينا بارغزي، لاستقطاب دعم المسلمين الأميركيين؛ لكن غياب أي تمثيل لهؤلاء في فعاليات المؤتمر الحزبي الديمقراطي، أثار موجة غضب وانتقادات واسعة، من شأنها أن تؤثر على تصويت هؤلاء في الانتخابات الرئاسية.

من ناحيتها، تعمد حملة ترمب التي جندت صهر الرئيس السابق مسعد بولس -من أصول لبنانية- لحشد دعم الجالية العربية، إلى ترويج إعلانات انتخابية تُصوِّر هاريس بمظهر الداعم الشرس لإسرائيل، في استراتيجية انتخابية تهدف إلى تعزيز موقف المنتقدين لسياسة هاريس تجاه تل أبيب.

الاقتصاد

هاريس تلقي خطاباً انتخابياً في فلينت بميشيغان يوم 4 أكتوبر (أ.ف.ب)

حسب أحدث الاستطلاعات، يتصدَّر الاقتصاد لائحة اهتمامات الناخبين في الولاية. وقال أكثر من 30 في المائة من الناخبين، في استطلاع أجرته جامعة إيمرسون، بالتعاون مع صحيفة «ذي هيل»، إن الاقتصاد هو على رأس أولوياتهم عندما يتوجهون إلى صناديق الاقتراع، تأتي من بعده الهجرة، ثم تهديد الديمقراطية، تتبعها تكاليف السكن والتعليم والجريمة والإجهاض.

أرقام ليست مستغربة في الولاية التي تعتمد بشكل أساسي على صناعة السيارات، وتُعدّ معقل شركتي «فورد» و«جنرال موتورز»، والتي يشكل الناخبون البيض فيها نسبة 74 في المائة من السكان، من بعدهم الأميركيون السود بنسبة 14.1 في المائة، ثم الناخبون من أصول لاتينية بنسبة 5.7 في المائة. وتراجع عدد السكان في الولاية بشكل كبير في الأعوام الماضية، ما أدّى إلى خسارتها لأصوات في المجمع الانتخابي، دفعت بها للتراجع من 21 صوتاً في السبعينات لـ15 في هذا الموسم الانتخابي.

يأمل ترمب في انتزاع ولاية ميشيغان من «الجدار الأزرق» الديمقراطي (رويترز)

تتقارب نتائج الاستطلاعات بشكل كبير بين ترمب وهاريس؛ لكن الرئيس السابق يتفوّق على منافسته في الملفات الأبرز التي تُهمّ الناخبين هناك كالاقتصاد والهجرة، إذ يرى 58 في المائة من الناخبين أن ترمب سيساعد في تحسين الاقتصاد، مقابل 42 في المائة لهاريس. كما تدل الأرقام على أن 83 في المائة من الناخبين يعتقدون أن ترمب سيخدم مصالح الأميركيين البيض في الولاية، بينما يرى 72 في المائة أن هاريس ستخدم مصالح الأميركيين السود، و68 في المائة يرون أنها أفضل لمصالح الأميركيين من أصول لاتينية.


مقالات ذات صلة

هاريس تسعى لاستمالة الناخبين العرب في ميشيغان

الولايات المتحدة​ متطوّع ينهي الاستعدادات لفعالية ترمب في بتلر ببنسلفانيا مرتدياً زيّ «العم سام» يوم 5 أكتوبر (أ.ف.ب)

هاريس تسعى لاستمالة الناخبين العرب في ميشيغان

يعرب بعض الديمقراطيين عن قلقهم حيال جدول حملة هاريس «الخفيف» نسبياً، وعقدها فعاليات انتخابية أقل من ترمب.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب في حدث انتخابي لحشد الناخبين (أ.ب)

هاريس تستعين بأوباما لحشد الناخبين في الولايات المتأرجحة

أسهم أوباما في جمع تبرّعات تجاوزت 76 مليون دولار لصالح حملة المرشّحة الديمقراطية كامالا هاريس.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ النائبة الأميركية آنذاك ليز تشيني (جمهورية من وايومنغ) خلال جلسة استماع عامة للجنة مجلس النواب للتحقيق في هجوم 6 يناير على مبنى «الكابيتول» في واشنطن بالولايات المتحدة 21 يوليو 2022 (رويترز)

ليز تشيني تنضمّ لهاريس في ويسكونسن لاستقطاب الجمهوريين

من المقرر أن تُشارك النائبة الجمهورية السابقة، ليز تشيني، ابنة نائب الرئيس الأميركي الأسبق، ديك تشيني، في مهرجان انتخابي بويسكونسن مع هاريس.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ ترمب خلال مشاركته في تجمّع انتخابي بمينت هيل في نورث كارولاينا 25 سبتمبر (أ.ف.ب)

نورث كارولاينا... ولاية حمراء يسعى الديمقراطيون لانتزاعها

صوتت ولاية نورث كارولاينا لمرشح رئاسي ديمقراطي واحد فقط منذ عام 1980، هو باراك أوباما في 2008.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ جانب من تجمّع انتخابي في ويسكونسن للمرشحة الديمقراطية يوم 20 سبتمبر (أ.ف.ب)

ويسكونسن... «ولاية الألبان» تتحوّل «ساحة معركة» رئيسية

منحت ويسكونسن أصواتها للمرشّح الفائز على مستوى البلاد في 34 انتخابات.

إيلي يوسف (واشنطن)

ترمب يعود إلى بنسلفانيا... وهاريس تغازل الناخبين العرب

متطوّع ينهي الاستعدادات لفعالية ترمب في بتلر ببنسلفانيا مرتدياً زيّ «العم سام» يوم 5 أكتوبر (أ.ف.ب)
متطوّع ينهي الاستعدادات لفعالية ترمب في بتلر ببنسلفانيا مرتدياً زيّ «العم سام» يوم 5 أكتوبر (أ.ف.ب)
TT

ترمب يعود إلى بنسلفانيا... وهاريس تغازل الناخبين العرب

متطوّع ينهي الاستعدادات لفعالية ترمب في بتلر ببنسلفانيا مرتدياً زيّ «العم سام» يوم 5 أكتوبر (أ.ف.ب)
متطوّع ينهي الاستعدادات لفعالية ترمب في بتلر ببنسلفانيا مرتدياً زيّ «العم سام» يوم 5 أكتوبر (أ.ف.ب)

سعت نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية في انتخابات الرئاسة، في الآونة الأخيرة، إلى تكثيف اتصالاتها بالجالية العربية والمسلمة، المعترضة على مواقف إدارة الرئيس جو بايدن من الحرب في غزة والتصعيد في لبنان.

وبعدما اجتمع مستشار أمنها القومي، فيل غوردون، (الأربعاء) افتراضياً، بقيادات من المسلمين والعرب والفلسطينيين في الولايات المتحدة، التقت هاريس، (الجمعة)، عدداً من هذه القيادات في مدينة فلينت بولاية ميشيغان، التي تعدّ من بين أبرز الولايات المتأرجحة، وتسكنها واحدة من أكبر الجاليات العربية في البلاد.

ونقل عدد من وسائل الإعلام الأميركية، أن هاريس استمعت خلال الاجتماع، الذي دام نصف ساعة، إلى وجهات نظر هؤلاء بشأن الانتخابات الرئاسية المقبلة، وكذلك الحرب في كل من غزة ولبنان.

في المقابل، أعربت هاريس عن «قلقها إزاء حجم المعاناة في غزة، وقلقها العميق بسبب الخسائر المدنية والنزوح في لبنان». وناقشت نائبة الرئيس جهودها لإنهاء حرب غزة، بحيث تكون «إسرائيل آمنة، ويتم إطلاق سراح الرهائن (لدى حماس)، وتنتهي المعاناة في غزة، ويدرك الشعب الفلسطيني حقه في الكرامة والحرية وتقرير المصير».

تصحيح سياسات بايدن

عبّر ديمقراطيون عن قلقهم من جدول هاريس الانتخابي «الخفيف» في الولايات المتأرجحة (أ.ب)

ونقلت وكالة «رويترز» عن وائل الزيات، المدير التنفيذي لمنظمة «إنغيدج أكشن»، التي أبدت في الآونة الأخيرة تأييدها لهاريس، أن المشاركين في الاجتماع عبّروا عن خيبة أملهم الشديدة إزاء طريقة تعامل الولايات المتحدة مع هذه الأزمة. ودعوا نائبة الرئيس إلى بذل كل ما في وسعها لإنهاء الحرب وإعادة ضبط السياسة الأميركية في المنطقة. وأضاف الزيات: «طلبنا من نائبة الرئيس هاريس إقناع الرئيس بايدن بالحاجة الملحة إلى وضع حد فوري للعنف» في غزة ولبنان، مشيراً إلى أن هاريس «تتفق (معنا) على أن هاتين الحربين يجب أن تنتهيا». وقال إد غابرييل، رئيس «مجموعة العمل الأميركية من أجل لبنان»، إنّ تبادلاً قيّماً للآراء جرى خلال الاجتماع حول قضايا، أبرزها «الحاجة إلى وقف إطلاق النار، والدعم المطلوب من الولايات المتحدة وحلفائها لمعالجة الأزمة الإنسانية، وفراغ القيادة الرئاسية في لبنان، والدور المهم للقوات المسلحة اللبنانية». وأضاف: «أبدت هاريس كثيراً من التعاطف، وسنرى ما سيحدث... كان حواراً قيّماً».

احتمال خسارة ميشيغان

هاريس خلال تجمّع انتخابي في فلينت بميشيغان يوم 4 أكتوبر (رويترز)

قال علي داغر، وهو محامٍ أميركي من أصل لبناني وأحد القياديين الأميركيين من أصل عربي: «ستخسر هاريس ولاية ميشيغان... لن أصوّت لكاملا هاريس، ولن يصوّت لها أحد أعرفه. لا أجد أحداً في (مجتمعي) يدعمها».

وتواجه هاريس الرئيسَ الجمهوري السابق دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية يوم الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، في سباق تشير استطلاعات الرأي إلى أنه متقارب للغاية. ويعتقد بعض الأميركيين من أصول عربية بأن هاريس ستخسر أصواتاً كثيرة في الانتخابات الرئاسية؛ بسبب رفضها النأي بنفسها عن سياسات الرئيس بايدن في الشرق الأوسط، وسط تصعيد إسرائيل هجماتها. وذكرت مجلة «بوليتيكو» أن حملة هاريس «تحاول من جديد جذب الناخبين المسلمين»، من أجل التصدي لخسائر كبيرة بين الناخبين ذوي التوجهات اليسارية في الولايات المتأرجحة، الذين يشعرون بالغضب من موقفها بشأن إسرائيل، وسط تصاعد النزاع العسكري في الشرق الأوسط.

ووفقاً لمركز «بيو» للأبحاث، فإن عدد المسلمين الأميركيين في الولايات المتحدة يبلغ نحو 3.45 مليون شخص، ومن الصعب تقييم موقف هذه الجالية بدقة، لكن عادةً ما يتمتع الديمقراطيون بميزة كبيرة بين الناخبين الأميركيين من أصول عربية.

انتقاد لدور نتنياهو

بايدن خلال مؤتمر صحافي مع المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان - بيير في البيت الأبيض (رويترز)

مع ذلك، لا يزال بايدن متمسّكاً بمواقفه، على الرغم من «الانتقادات» التي وجّهها أخيراً لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو. وقال بايدن، خلال ظهور مفاجئ له في مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض، الجمعة، إنه «غير متأكد مما إذا كان نتنياهو يؤجل الموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة من أجل التأثير في الانتخابات الأميركية». وقال ردّاً على سؤال: «لا أعرف ما إذا كان يحاول التأثير في الانتخابات، لكنني لا أعوّل على ذلك». ثم وجّه كلمة مقتضبة إلى حليفه القديم، وقال: «لم تساعد أي إدارة إسرائيل أكثر مني... لا أحد، لا أحد. وأعتقد بأنه (نتنياهو) يجب أن يتذكر ذلك».

شبح كلينتون يهيمن

يعرب بعض الديمقراطيين عن قلقهم حيال جدول حملة هاريس «الخفيف» نسبياً، وعقدها فعاليات انتخابية أقل من ترمب، وتجنبها التعاطي المباشر مع الناخبين والصحافة.

ومع بدء التصويت المبكر عبر البريد أو شخصياً في أكثر من نصف ولايات البلاد، قضت هاريس 3 أيام فقط في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر (أيلول) في الولايات التي تشهد منافسة حادّة. وفي حين ألقى ترمب في يوم واحد، خطاباً في ويسكونسن قبل أن يسافر إلى ولاية ألاباما لحضور مباراة كرة قدم بين جورجيا وألاباما، كانت هاريس تحضر حملة لجمع التبرعات في مدينة سان فرنسيسكو بولاية كاليفورنيا المضمونة سلفاً للديمقراطيين.

أنصار الحملة الديمقراطية لدى حضورهم فعالية انتخابية ينظّمها دوغ إيمهوف زوج هاريس في بيتسبيرغ ببنسلفانيا يوم 4 أكتوبر (إ.ب.أ)

وقال ديفيد أكسلرود، المستشار السابق لباراك أوباما، الذي ساعد في قيادة حملاته الرئاسية: «هناك وقت يتعين فيه على المرشّح اقتحام ساحات القتال». وأضاف: «هذه السباقات عبارة عن سباقات مباشرة، وهناك كثير من الأحداث، وعليك أن تشارك فيها جميعاً؛ لأن الناس يريدون اختبارك».

وتعكس هذه النقاشات داخل الحزب الديمقراطي، القلق المتزايد بشأن السباق، في ظل استطلاعات الرأي المتقاربة، خصوصاً في الولايات المتأرجحة التي ستقرر مصير الانتخابات. وهو ما أعاد شبح تكرار انتخابات 2016، حين بدا الديمقراطيون مطمئنين إلى فوز هيلاري كلينتون التي امتنعت، على سبيل المثال، عن زيارة ولاية ويسكونسن، وخسرتها في نهاية المطاف أمام ترمب، الذي يركز عليها بشكل كبير هذا العام أيضاً.

بنسلفانيا «درة تاج» حملة ترمب

ترمب متحدّثا في فعالية انتخابية بمدينة فاييتفيل في نورث كارولاينا يوم 4 أكتوبر (رويترز)

إلى جانب ويسكونسن، يسعى ترمب إلى تكثيف حملته في ولاية بنسلفانيا التي تُعدّ «درة تاج» الولايات المتأرجحة. وتحظى بنسلفانيا بـ19 صوتاً في المجمع الانتخابي، ما يجعلها من أعلى الأصوات بين جميع الولايات. ويعود ترمب، اليوم، مرة ثانية إلى مدينة باتلر، التي تعرّض فيها لأول محاولة لاغتياله، حيث أُصيب برصاصة في أذنه كادت تودي بحياته خلال خطاب ألقاه فيها في يوليو (تموز) الماضي. وينضم إليه الملياردير إيلون ماسك، مالك منصّة «إكس» وشركة «تسلا»، وذلك للمرة الأولى منذ أن أعلن دعمه له وزاد من تبرعاته المالية لحملته.

وتتعاون لجنة العمل السياسي الأميركية، التي تدعم ترمب ويُموّلها ماسك شهرياً بقيمة 45 مليون دولار، مع مجموعات من المحافظين في كثير من الولايات، من بينها ويسكونسن وبنسلفانيا لحشد الناخبين.

وأصبح ماسك من أكثر المنتقدين للديمقراطيين، بمَن فيهم هاريس، بعد دعمهم لسنوات. وقال عنها، إنه كان «سجّل تصويتها عندما كانت في مجلس الشيوخ على يسار بيرني ساندرز... وتم تصنيفها على أنها الأكثر يساراً من بين جميع أعضاء مجلس الشيوخ المائة. هي ليست معتدلة على الإطلاق».

وبينما أعلن ترمب أنه عاد إلى بتلر من أجل تكريم كوري كومبيراتوري، رجل الإطفاء الذي قُتل في الحشد على يد مطلق النار الذي حاول اغتيال الرئيس السابق، كان واضحاً سعيه لإعادة استخدام محاولة اغتياله لحشد الناخبين المترددين. كما ينضمّ إلى ترمب في تجمعه، نائبه السيناتور جيه دي فانس، و7 من أعضاء مجلس النواب الجمهوريين، والسيناتور عن ولاية ميسوري إريك شميت.

النساء يثقن بهاريس أكثر

على صعيد آخر، أظهر استطلاع جديد أجرته الجامعة الأميركية، أن هاريس تتفوق على ترمب بين النساء، بنسبة 15 نقطة مئوية، بما في ذلك في واحدة من أقوى قضاياه: الاقتصاد. ووجد الاستطلاع الذي نشرته مجلة «بوليتيكو»، أن غالبية النساء يثقن بهاريس أكثر من ترمب لمعالجة التضخم وخفض تكاليف المعيشة. ويفضل 46 في المائة هاريس، مقابل تفضيل 38 في المائة ترمب في التعامل مع الاقتصاد. وقال نحو ثلثي النساء اللاتي شملهن الاستطلاع إن التضخم والاقتصاد كانا القضية الأكثر أهمية بالنسبة لهن عندما قرّرن التصويت.

أنصار ترمب خلال فعالية انتخابية بمدينة فاييتفيل في نورث كارولاينا يوم 4 أكتوبر (أ.ب)

وقالت ليندسي فيرميين، التي أجرت الاستطلاع، إن هاريس «قضت على ميزة ترمب فيما يتعلق بالتضخم، وقلصتها في الاقتصاد بشكل عام، ووسعت تلك الفجوة مع النساء». وقالت إنه «مؤشر حقيقي على حقيقة أن الاتصالات بدأت تؤتي ثمارها، وأن مناشداتها للناخبين، أو الناخبين المعتدلين، بدأت في الظهور أيضاً».

ويعكس الاستطلاع الفجوة المتزايدة بين الجنسين في الحملة الانتخابية، حيث كان أداء ترمب أفضل بكثير بين الرجال. لكنها كانت بمثابة أخبار جيدة بشكل عام للديمقراطيين، الذين يسعون إلى تعزيز تفوقهم مع النساء. وحسّنت هاريس تصنيفها بين النساء منذ ترشيحها، حيث إن 55 في المائة ممن شملهن الاستطلاع ينظرن إليها بشكل إيجابي، بينما ينظر إليها 41 في المائة سلباً. وفي الوقت نفسه، فإن 57 في المائة من النساء ينظرن إلى ترمب بشكل سلبي.

ولا يزال الاقتصاد نقطة ضعف رئيسية بالنسبة للديمقراطيين، قبل شهر من الانتخابات، لكنهم يحتفظون بتفوقهم في قضية الإجهاض التي تمثل قضية رئيسية بالنسبة للنساء.