وزير الخارجية الأميركي يحث إسرائيل و«حزب الله» على تجنب تصعيد الصراع

البيت الأبيض يعرب عن قلقه من الصراعات المستمرة في الشرق الأوسط

وزير الخارجية الأميركي يحث إسرائيل و«حزب الله» على تجنب تصعيد الصراع
TT

وزير الخارجية الأميركي يحث إسرائيل و«حزب الله» على تجنب تصعيد الصراع

وزير الخارجية الأميركي يحث إسرائيل و«حزب الله» على تجنب تصعيد الصراع

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

تجنبت الإدارة الأميركية التعليق على التفجير لأجهزة البيجر لدى عناصر «حزب الله» في لبنان يوم الثلاثاء، مكتفية بتكرار تصريحات أن الولايات المتحدة لم تكن متورطة، ولم يكن لديها علم مسبق بالعملية التي نسبت إلى إسرائيل. وكرّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، خلال مؤتمره الصحافي مع نظيره المصري في القاهرة، صباح الأربعاء، ما خرج من تصريحات من البيت الأبيض والخارجية الأميركية والبنتاغون بأن الولايات المتحدة لم تكن على علم، ولم تكن متورطة، وأنها تعمل على جمع المعلومات والحقائق، وحثّ بلينكن الأطراف على تجنب أي خطوات تؤدي إلى تصعيد الصراع وانتشاره إلى جبهات أخرى. وأكد وزير الخارجية الأميركي أنه ليس من مصلحة أي طرف تصعيد الصراع، ومن الضروري أن تمتنع جميع الأطراف عن تصعيد الصراع.

ولم تمر سوى ساعات قليلة من تصريحات وزير الخارجية الأميركي حتى وردت أنباء عن موجة أخرى من الانفجارات استهدفت أجهزة اتصالات لاسلكية (ووكي توكي) لأعضاء «حزب الله» في عدة مواقع في لبنان، يوم الأربعاء. وتجنبت إسرائيل التعليق علناً، وأمر حزب الليكود، بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، المشرعين بعدم الإدلاء بأي تصريحات يشير إلى مسؤولية إسرائيل عن الانفجارات.

بصمات الموساد الإسرائيلي

سيارات الإسعاف عند مدخل المركز الطبي للجامعة الأميركية في بيروت، بعد وقوع انفجارات في مواقع في العديد من معاقل «حزب الله» حول لبنان وسط التوترات المستمرة عبر الحدود بين إسرائيل ومقاتلي «حزب الله».( ا.ف.ب)

أشار مسؤول أميركي كبير لشبكة «فوكس نيوز» إلى أن إسرائيل وراء تلك التفجيرات التي جاءت متزامنة وأدت إلى مقتل 12 شخصاً وإصابة الآلاف. ولم تعلق إسرائيل على العمليات، لكنّ نشر مشاهد فيديو لمقاتلي «حزب الله» وهم يسقطون على الأرض بعد انفجار الأجهزة اللاسلكية التي يحملونها، كانت كافية لتأكيد ضلوع إسرائيل في العملية. وتعتقد عدة مصادر أمنية أن التفجيرات تحمل بصمات جهاز الموساد الإسرائيلي، الذي عمل منذ عدة أشهر على اعتراض أجهزة اللاسلكي المحمولة التي استوردها «حزب الله» وتم تفخيخها.

وأزعجت هذه التفجيرات المتكررة الإدارة الأميركية، ورفعت مستويات المخاوف من اشتعال صراع بين إسرائيل و«حزب الله» عند الحدود الشمالية، خاصة مع الاعتقاد أن إسرائيل قامت بتلك التفجيرات دون إبلاغ مسبق للإدارة الأميركية.

وفي إجابتها على أسئلة الصحافيين حول مدى قلق البيت الأبيض إزاء هذا التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله»، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيار: «لن أدخل في تكهنات أو افتراضات، وعندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط نحن دائماً قلقون بشأن ذلك». وأضافت: «عندما نفكر في الصراع على طول الخط الأزرق بين إسرائيل و(حزب الله)، فقد طال أمده بما فيه الكفاية، ومن مصلحة الجميع أن يُحل بسرعة ودبلوماسية، ونواصل الاعتقاد أن هناك حلاً دبلوماسياً له». وأوضحت أن إدارة بايدن تعمل على مدار الساعة لإنجاز صفقة لوقف إطلاق النار تساعد من الحدّ من التوترات على طول الخط الأزرق.

من جانبه، أكد باتريك رايدر، المتحدث باسم البنتاغون، «أن وزير الدفاع الأميركي يولي اهتماماً كبيراً لضمان عدم تصعيد التوترات في المنطقة إلى صراع إقليمي أوسع نطاقاً، ولا يزال ذلك في صدارة اهتمامنا، ولدينا اعتقاد راسخ أن أفضل طريقة للحد من التوترات على الحدود الإسرائيلية اللبنانية هي من خلال الدبلوماسية». ورفض المتحدث باسم البنتاغون تقديم تفاصيل عن المكالمة التليفونية بين وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، مع وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، أو موعدها، سواء قبل الهجمات أم بعدها. وأوضح أنه لا تغيير في وضع القوات الأميركية في المنطقة.

وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت اتصل بنظيره الأميركي لويد أوستن قبل دقائق من التفجيرات في لبنان (رويترز)

وأشار موقع «أكسيوس» الأميركي أن غالانت اتصل بوزير الدفاع الأميركي لويد أوستن قبل دقائق من الهجوم يوم الثلاثاء ليقول له إن إسرائيل على وشك تنفيذ عملية في لبنان، لكنه لم يذكر تفاصيل. ونقل عن مسؤول أميركي قوله إن مكالمة غالانت الهاتفية كانت محاولة لتجنب ترك الولايات المتحدة في الظلام التام. ولم يصدر أي من المكتبين بياناً بشأن المكالمة. ونقلت شبكة «سي إن إن» عن 3 مسؤولين أن إسرائيل أخطرت الولايات المتحدة بأنها ستنفذ عملية في لبنان، دون أن تعطي تفاصيل عن المخططات.

وجاءت التفجيرات يومي الثلاثاء والأربعاء، في أعقاب زيارة المبعوث الخاص لإدارة بايدن، آموس هوكشتاين، إلى إسرائيل ومحادثاته مع نتنياهو وغالانت، محذراً إياهما من شنّ هجوم كبير ضد «حزب الله». وقال مسؤول أميركي إن هوكشتاين زعم ​​أن هجوماً كبيراً من قبل جيش الدفاع الإسرائيلي يهدد بحرب إقليمية، ولن يعيد الشعور بالأمن الذي سيسمح لنحو 60 ألف مدني إسرائيلي تم إجلاؤهم بالعودة إلى منازلهم بالقرب من الحدود الشمالية. وردّ غالانت بإخبار هوكشتاين أن العمل العسكري فقط هو الذي سيسمح للإسرائيليين في الشمال بالعودة إلى منازلهم، وفقاً لبيان صادر عن مكتبه. وقال نتنياهو للمبعوث الأميركي إن إسرائيل تقدر الدعم الأميركي، لكنها ستفعل ما هو ضروري لاستعادة الأمن لمواطنيها. وبعد ساعات من تلك الاجتماعات، أضاف مجلس الوزراء الأمني ​​الإسرائيلي هدفاً جديداً لأهدافه للحرب في غزة، وهو «العودة الآمنة لسكان الشمال إلى منازلهم».

ضربة تخريبية للمفاوضات

روّجت الولايات المتحدة مراراً أن إنهاء الحرب في غزة سيكون الطريق الفضلى لاستعادة الهدوء بين إسرائيل و«حزب الله»، لكن التفاؤل للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار تضاءل بشكل كبير بعد فشل الجهود الأميركية المتكررة للتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل و«حركة حماس». ومع ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر، يوم الثلاثاء، إنه لا يوجد سبب للافتراض بأن الانفجارات في لبنان ستؤثر على محادثات وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن. وعلى خلاف تصريح المتحدث باسم الخارجية، أشار عدد كبير من المحللين إلى أن هذه العمليات ضد «حزب الله» في لبنان ستقضي على محادثات وقف إطلاق النار في غزة، وتشعل فتيل حرب إقليمية شاملة، يحاول المسؤولون الأميركيون منعها وتجنبها منذ هجمات «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول).

وبالنسبة لإدارة بايدن، ونائبة الرئيس كامالا هاريس، فإن توقيت هذه العمليات التي يمكن أن تؤدي إلى اندلاع حرب أوسع نطاقاً تجعل المخاوف عالية من تأثيرها وتداعياتها، خاصة أنها تأتي قبل أقل من شهرين على موعد الانتخابات الأميركية.

وأشارت مصادر إلى أن الولايات المتحدة لديها قناة خلفية غير مباشرة مع إيران، وسارعت إلى إبلاغ إيران أن الإدارة الأميركية لم يكن لها دور في الهجوم. وقال مسؤول للصحافيين، مساء الثلاثاء، إن التفجيرات أدت إلى هزة كبيرة في القيادة والسيطرة لـ«حزب الله»، وسيستغرق «حزب الله» وقتاً طويلاً حتى يعيد تنظيم صفوفه، وإنه لن يقوم بردّ عسكري سريع، وإذا قام بأي ردّ عسكري فإن التقييم الأميركي أن إسرائيل قادرة على احتواء أي أضرار، وتملك القدرات للتصدي لأي هجمات. وقال المسؤول إن الولايات المتحدة ملتزمة بمساعدة إسرائيل في الدفاع عن نفسها.


مقالات ذات صلة

«أخطر بكثير»... ماذا تغير في مواجهة السنوار ونصر الله مع إسرائيل؟

تحليل إخباري صورة لنتنياهو خلال مظاهرة ضد التصعيد الأخير في نيويورك (أ.ف.ب)

«أخطر بكثير»... ماذا تغير في مواجهة السنوار ونصر الله مع إسرائيل؟

ما الذي يجعل المواجهة الحالية بين إسرائيل و«حزب الله» أكثر خطورة من سابقاتها؟ سياسي فلسطيني بارز يشرح لـ«الشرق الأوسط».

«الشرق الأوسط» (رام الله)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من مرتفعات الجولان قرب بحيرة طبريا جراء صواريخ أطلقها «حزب الله» (رويترز)

«حزب الله»: قصفنا مدينة طبريا... والجيش الإسرائيلي: اعترضنا صواريخ

قال «حزب الله»، الجمعة، إنه قصف مدينة طبريا الواقعة على بعد أكثر من ثلاثين كيلومتراً عن الحدود مع لبنان، بصلية صاروخية، رداً على غارات كثيفة تستهدف بلدات

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري صورة للأمين العام لـ«حزب الله» في موقع غارة إسرائيلية على سكسكية قرب صيدا (أ.ف.ب)

تحليل إخباري تحييد «حزب الله» لا تدميره... كيف ترى واشنطن الحرب في لبنان؟

بعد 10 أيام من التصعيد الإسرائيلي الأخير ضد «حزب الله»، يرى مسؤولون أميركيون سابقون وخبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، أن هدف تل أبيب «تحييد» الحزب وليس تدميره.

إيلي يوسف (واشنطن)
أميركا اللاتينية رئيس فنزويلا نيكولاس مادورو (أ.ب)

رئيس فنزويلا يدعو الجيش لاستخلاص العبر من تفجير أجهزة اتصالات «حزب الله»

دعا الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الخميس الجيش وقوات الأمن لاستخلاص العبر من التفجيرات التي استهدفت أجهزة اتصالات حزب الله.

«الشرق الأوسط» (كراكاس)
المشرق العربي مواطنون يزيلون الركام الناتج عن الغارات الإسرائيلية في بلدة المعيصرة شمالي بيروت (رويترز)

48 قتيلا و44 جريحا بالغارات الإسرائيلية على شرق لبنان في 24 ساعة

أعلنت وزارة الصحة اللبنانية الخميس مقتل 48 شخصا وإصابة 44 آخرين جراء غارات إسرائيلية على شرق لبنان خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مكافأة أميركية بقيمة 20 مليون دولار للقبض على ضابط إيراني

مبنى وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن (أرشيفية - رويترز)
مبنى وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن (أرشيفية - رويترز)
TT

مكافأة أميركية بقيمة 20 مليون دولار للقبض على ضابط إيراني

مبنى وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن (أرشيفية - رويترز)
مبنى وزارة الخارجية الأميركية في واشنطن (أرشيفية - رويترز)

أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، الخميس، عن مكافأة تصل إلى 20 مليون دولار في مقابل معلومات تؤدي إلى إلقاء القبض على ضابط من «الحرس الثوري» الإيراني، وجهت إليه تهم في الولايات المتحدة في إطار مخطط اغتيال.

يتزامن هذا الإعلان مع التأكيدات الصادرة عن الرئيس السابق والمرشح دونالد ترمب بوجود «تهديدات كبيرة» على حياته من قبل إيران، بعدما أعلن فريق حملته الانتخابية أنّ أجهزة الاستخبارات الأميركية حذّرته من تهديدات «حقيقية ومحدّدة» من قبل طهران.

في أغسطس (آب)، أعلنت الولايات المتحدة إحباط مخطط اغتيال مسؤول أميركي بتدبير من باكستاني مرتبط، بحسب قولها، بطهران ثأراً لمقتل اللواء قاسم سليماني في الثالث من يناير (كانون الثاني) 2020، في ضربة بطائرة مسيرة في العراق أمر بها دونالد ترمب.

وقالت وزارة الخارجية، في بيان الخميس، إنها «تعرض مكافأة تصل إلى 20 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى إلقاء القبض أو إدانة شهرام بورصافي»، المعروف أيضاً باسم مهدي رضائي.

وكانت الولايات المتحدة أدرجت في 2019 «الحرس الثوري» الإيراني على اللائحة السوداء «للمنظمات الإرهابية الأجنبية» كما ذكرت.

ونشرت السلطات الأميركية في أغسطس 2022 لائحة اتهام شهرام بورصافي بشبهة تدبير مخطط اغتيال ضد مستشار الأمن القومي السابق في البيت الأبيض جون بولتون، الذي يعدّ من الصقور في الملف الإيراني.

وقال الادعاء إن مخطط الاغتيال الذي تم بين أكتوبر (تشرين الأول) 2021 وأبريل (نيسان) 2022، والذي اتهم الضابط الإيراني بتقديم 300 ألف دولار له، كان يهدف إلى الانتقام لمقتل اللواء سليماني.

وكانت إيران رفضت في أغسطس 2022 الاتهامات «السخيفة»، مؤكدة أن مسيرة بولتون السياسية «انتهت».