هل ألغى وزير الدفاع الأميركي صفقة الإقرار بالذنب في قضية «11 سبتمبر»؟

كيف يمكن أن يتطور أحدث جدالات قضية طويلة الأمد في «غوانتانامو»؟

معسكر «غوانتانامو» حيث يُحتجَز أسرى «القاعدة» و«طالبان» (نيويورك تايمز)
معسكر «غوانتانامو» حيث يُحتجَز أسرى «القاعدة» و«طالبان» (نيويورك تايمز)
TT

هل ألغى وزير الدفاع الأميركي صفقة الإقرار بالذنب في قضية «11 سبتمبر»؟

معسكر «غوانتانامو» حيث يُحتجَز أسرى «القاعدة» و«طالبان» (نيويورك تايمز)
معسكر «غوانتانامو» حيث يُحتجَز أسرى «القاعدة» و«طالبان» (نيويورك تايمز)

في تسلسل سريع، أحدثَ قراران دراماتيكيان صدمة في إطار قضية 11 سبتمبر (أيلول) هذا الصيف: إبرام صفقة الإقرار بالذنب مقابل إسقاط عقوبة الإعدام واستبدال السجن مدى الحياة بها، ثم التراجع عن الصفقة.

الصفقة النهائية بيد القاضي

ما سيحدث بعد ذلك في القضية يتوقف على القاضي، الذي يتعين عليه أن يقرر ما إذا كان وزير الدفاع لويد أوستن، يملك سلطة إلغاء الصفقة بعد أيام من توقيعها، من الجنرال المتقاعد الذي عيَّنه للإشراف على العملية.

من جهته، أعلن أوستن أن دافعه الوحيد كان ضمان إجراء محاكمة، في نهاية المطاف، للمتهم بتدبير الهجمات، خالد شيخ محمد، والمتهمين الآخرين.

إلا أن قراره ترك القاضي العسكري في القضية في مواجهة مجموعة من التساؤلات التي يتعين إيجاد إجابة عنها. هل تسمح القواعد لأوستن بإلغاء اتفاق بعد أن جرى توقيعه وتوثيقه وتسليمه إلى المحكمة، أم أن تصرفه جاء متأخراً للغاية؟ هل الطريقة التي فعل بها ذلك تعد شكلاً من أشكال التأثير غير القانوني؟

جدير بالذكر أن جلسات ما قبل المحاكمة بدأت عام 2012، ودخل أربعة قضاة عسكريين متعاقبين في صراع مع القواعد والأدلة في محاكم خليج غوانتانامو الخاصة، التي أنشأتها إدارة بوش، رداً على الاعتداءات التي أسفرت عن مقتل ما يقرب من 3000 شخص في نيويورك، وفي مقر البنتاغون، وفي بنسلفانيا في 11 سبتمبر 2001.

صورة قدمها فريق الدفاع عن خالد شيخ محمد المتهم بالتخطيط لـ«هجمات سبتمبر 2001» له بخليج غوانتانامو في يونيو (نيويورك تايمز)

ومن المقرر أن تبدأ جلسات ما قبل المحاكمة، الاثنين، لتستمر خمسة أسابيع، مباشرةً بعد الذكرى الثالثة والعشرين للهجمات. إلا أن مسألة الصفقة قد لا تثار حتى أكتوبر (تشرين الأول)، مع تحديد المدّعين أسبوعين للاستماع لشهود الدفاع في القضية من محامي دفاع المتهم الوحيد الذي لم يوقِّع على الصفقة.

وثائق اتفاقيات الإقرار بالذنب

وقدمت سبع مؤسسات إخبارية، بينها صحيفة «نيويورك تايمز»، هذا الأسبوع، طلباً إلى القاضي لفتح الوثائق المتعلقة باتفاقيات الإقرار بالذنب. وحدد القاضي موعداً نهائياً في الأول من أكتوبر للادعاء ومحامي الدفاع، للرد على الطلب.

والآن، إليك كيف يمكن أن تسير الأمور:

يمكن للقاضي أن يأخذ في اعتباره توقيت قرار أوستن، خصوصاً أن محامي الدفاع عن الرجال الثلاثة الذين وقَّعوا الاتفاقية، يدفعون بأن تصرف أوستن جاء متأخراً للغاية، وأن اتفاقيات الإقرار بالذنب لا تزال تعد عقوداً سارية.

ويرغب المحامون من القاضي، الكولونيل ماثيو مكال، أن يحكم بأن أوستن كان مخطئاً، وأن يتخذ القاضي جميع الخطوات الأولى لعقد جلسة استماع، تمهيداً لإصدار حكم، ربما العام المقبل. ولمساعدته في اتخاذ هذا القرار، طلب القاضي من المحامين مجموعة من الأسئلة الفنية حول القواعد التي تسمح لوزير الدفاع بـ«حجب وإلغاء، أو تعديل»، إجراء قانوني من المشرف على المحاكم العسكرية.

في هذه الحالة، المشرف هي سوزان إسكاليير، جنرال متقاعد عيّنها أوستن للإشراف على محكمة الحرب، الصيف الماضي.

ويمكن أن يستمع القاضي إلى الحجج حول هذه المسألة في الجلسات القادمة، ويُصدر حكمه فورياً أو يأخذ وقته قبل اتخاذ القرار. وأياً كان قراره، فإن حكمه قد يؤدي إلى استئناف القضية أمام محاكم أعلى.

من جهتهم، يستعد بعض محامي الدفاع لتقديم حجج منفصلة لرفض القضية أو بخصوص إمكانية تنفيذ عقوبة الإعدام، ويقولون إن انسحاب أوستن من الصفقة بعد احتجاج السياسيين، ترك انطباعاً بأنه خضع لضغوط سياسية.

وأوضح القاضي أنه يرغب في الاستمرار في سماع الأدلة والحجج، لحسم القضايا التي تسببت في إرجاء بدء القضية، التي قد تنتهى بأحكام بالإعدام، طوال عشر سنوات. إحدى هذه القضايا عمّا إذا كانت القيود المفروضة على قدرة محامي الدفاع على التحقيق وجمع الأدلة، تَحول دون حصول المتهمين على محاكمة عادلة.

عام 2018، أسقط القاضي الأول اعترافات السجناء لهذا السبب، ثم عاود القضاة الثلاثة اللاحقون النظر في القضية. ويمكن للكولونيل مكال تعليق القضية حتى تقرر الحكومة أن تبادل المعلومات السرية المعنية بالقضية لم يعد يشكِّل خطراً على الأمن الوطني.

مدخل معسكر «دلتا» في خليج «غوانتانامو» بكوبا عام 2010 (نيويورك تايمز)

إلغاء عقوبة الإعدام

ويمكن للقاضي إسقاط القضية برمتها، مما قد يؤدي إلى إعادتها لاحقاً، أو يمكنه إلغاء خيار عقوبة الإعدام، مما يجعل السجن مدى الحياة العقوبة المحتملة الوحيدة.

يُذكر أنه جرى الحصول على اعترافات المتهمين عبر استجوابات في خليج غوانتانامو عام 2007، بعد أن تعرض المتهمون للتعذيب في أثناء وجودهم رهن احتجاز وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه).

وقضى القاضي سنوات في سماع الأدلة حول ما حدث قبل تلك الاعترافات، ليقرر ما إذا كانت قد شابها التعذيب. وفي القضية الأخرى التي قد تُفضي كذلك إلى عقوبة الإعدام، أسقط القاضي اعترافات المتهم لهذا السبب، مُعلناً أنها نتاج لأعمال تعذيب.

معسكر «جاستس» حيث تُعقد محاكمات سجناء «القاعدة» (نيويورك تايمز)

في قضية هجمات 11 سبتمبر، جادل فريق قانوني بأن القضية يجب أن تُرفض بالكامل، استناداً إلى مبدأ قانوني نادراً ما يصادفه النجاح يتعلق بـ«تصرف الحكومة الفاضح».

وبموجب صفقة الإقرار بالذنب، يمكن للحكومة استخدام جانب من الاعترافات على الأقل في مرحلة الحكم. وقد تنظر المحكمة فيما إذا كانت العوامل الخارجية قد أثرت على أوستن.

وقد تنظر المحكمة في مسألة ما إذا كان أوستن قد تأثر بشكل غير قانوني بعوامل خارجية، عندما ألغى اتفاق الإقرار بالذنب، بعد يومين من توقيع إسكاليير عليه.

إلا أنه من غير المرجح أن هذه المسألة جاهزة للنظر فيها من القاضي، حتى وقت لاحق من هذا العام، مع سعي محامي الدفاع للحصول على معلومات حول توقيت وظروف قرار أوستن.

من جهته، قال أوستن إنه كان يتصرف بناءً على قناعة شخصية بضرورة وجود محاكمة. ومع ذلك، في الأيام التالية، فتحت لجنتان في الكونغرس تحقيقاً في صفقة الإقرار بالذنب وندد بها القادة السياسيون، كما فعل أفراد بعض عائلات ضحايا 11 سبتمبر.

في هذه القضية وفي إطار العدالة العسكرية بشكل عام، يمكن للقاضي إسقاط القضية وإسقاط عقوبة الإعدام كعقوبة محتملة، حتى في حالة وجود مجرد ما يبدو أنه «تأثير غير قانوني» وذلك لاستعادة الثقة في العملية وفي استقلال القضاء. في هذه الحالة، يمكن للقاضي كذلك إعادة تفعيل صفقة الإقرار، عبر إصدار قرار بأن أوستن لم تكن لديه السلطة لإلغائها.

تجدر الإشارة هنا إلى أنه في الشهر الماضي، حث القاضي الحكومة على الامتثال لطلبات فرق الدفاع للحصول على معلومات حول قرار أوستن، لكن الحصول على رسائل البريد الإلكتروني أو سجلات المكالمات أو شهادات المحادثات قد يستغرق وقتاً، وربما يتطلب استدعاءات للمثول أمام المحكمة.

* «نيويورك تايمز »


مقالات ذات صلة

غوانتانامو: اتفاقات الإقرار بالذنب لمتهمين في قضية 11 سبتمبر سارية

الولايات المتحدة​ البوابة الرئيسية لسجن «غوانتانامو» في القاعدة البحرية الأميركية (أرشيفية - أ.ف.ب)

غوانتانامو: اتفاقات الإقرار بالذنب لمتهمين في قضية 11 سبتمبر سارية

أفاد قاضٍ عسكري في غوانتانامو بأنه سيواصل قبول إقرارات الذنب من ثلاثة متهمين مقابل أحكام بالسجن المؤبد.

كارول روزنبرغ (واشنطن)
الولايات المتحدة​ إسكالييه التي كانت آنذاك عميدة في الجيش الأميركي تتحدث خلال تدريب القيادة القانونية الاحتياطية للجيش عام 2019 (نيويورك تايمز)

من هي وكيلة العقارات التي حسمت قضية 11 سبتمبر؟

أثارت موافقة سوزان إسكالييه على صفقة الإقرار بالذنب، وهو واحد من أهم القرارات في تاريخ محكمة الحرب في خليج غوانتانامو.

كارول روزنبرغ
آسيا عبد الرحيم غلام رباني المعتقل السابق في غوانتانامو  (وسائل الإعلام الباكستانية)

بعد 18 عاماً بغوانتانامو... باكستاني يتوفى بكراتشي

بعد سنوات طويلة من المرض ونقص الرعاية الصحية، توفي عبد الرحيم غلام رباني، مواطن باكستاني أمضى 18 عاماً بسجن غوانتانامو في كراتشي، مسقط رأسه.

عمر فاروق (إسلام آباد )
خاص معتقلون في «معسكر إكس» الشديد الحراسة ضمن «معتقل غوانتانامو» (غيتي) play-circle 02:16

خاص ذكرى 11 سبتمبر وإغلاق «معتقل غوانتانامو»... وعود متجددة دونها عراقيل

اليوم وفي الذكرى الـ23 لهجمات 11 سبتمبر لا يزال «معتقل غوانتنامو» مفتوحاً رغم كل الوعود والتعهدات بإغلاقه لطي صفحة لطخت سمعة أميركا في العالم.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مساحة مشتركة للمحتجزين في مركز الاحتجاز رقم 6 في خليج غوانتانامو في عام 2019 (نيويورك تايمز)

غوانتانامو: نقل داخلي للمعتقلين جراء مشاكل في البنية التحتية لأحد سجونه

أجبرت مشاكل، غير مُعلنة، تتعلق بالبنية التحتية، الجيش الأميركي على إخلاء السجن الذي يضم الرجال المتهمين بالتآمر لشن هجمات 11 سبتمبر 2001.

كارول روزنبرغ (واشنطن* )

هل هناك تنسيق تركي أميركي روسي لإبعاد الأسد عن إيران؟

مقاتل من المعارضة يعبر الجدار المطلي بألوان العلم الإيراني في مدينة خان شيخون بريف إدلب حيث موقع عسكري  للقوات الإيرانية بعد سيطرة المعارضة السورية على البلدة (إ.ب.أ)
مقاتل من المعارضة يعبر الجدار المطلي بألوان العلم الإيراني في مدينة خان شيخون بريف إدلب حيث موقع عسكري للقوات الإيرانية بعد سيطرة المعارضة السورية على البلدة (إ.ب.أ)
TT

هل هناك تنسيق تركي أميركي روسي لإبعاد الأسد عن إيران؟

مقاتل من المعارضة يعبر الجدار المطلي بألوان العلم الإيراني في مدينة خان شيخون بريف إدلب حيث موقع عسكري  للقوات الإيرانية بعد سيطرة المعارضة السورية على البلدة (إ.ب.أ)
مقاتل من المعارضة يعبر الجدار المطلي بألوان العلم الإيراني في مدينة خان شيخون بريف إدلب حيث موقع عسكري للقوات الإيرانية بعد سيطرة المعارضة السورية على البلدة (إ.ب.أ)

حتى الآن، لا تزال «التخمينات» تهيمن على قراءة المشهد المتفجر في سوريا لفهم أسبابه ودلالاته، وموقف الولايات المتحدة منه. فالهجوم المفاجئ الذي شنته مجموعات سورية معارضة، بقيادة «هيئة تحرير الشام»، المصنفة إرهابية من واشنطن، وأدى إلى تغيير خريطة الحرب الأهلية في سوريا، كان لافتاً بتوقيته، فقد بدأ بعد يومين من إعلان وقف إطلاق النار في لبنان، بين إسرائيل و«حزب الله».

ورغم ما يراه معلقون أن تركيا قد تكون هي التي تقف وراء اندلاع هجوم المعارضة المسلحة في سوريا، فإنهم يلاحظون وجود «غض نظر» من إدارة بايدن على الحدث، قد يكون من بين أهدافه، ليس فقط الضغط على إيران وروسيا، بل ومحاولة التأثير على إدارة ترمب المقبلة، لضمان عدم سحب القوات الأميركية من شمال شرقي سوريا، والحفاظ على مظلتها لحماية الأكراد من أي هجوم تركي، في حال لم تفلح محاولات التوصل إلى صيغة مقبولة للحل في سوريا.

يلفت برايان كاتوليس، كبير الباحثين في «معهد الشرق الأوسط» في واشنطن، إلى إن الحرب الأهلية في سوريا «لم تنتهِ حقاً، فقد استمرت لسنوات دون أن يلاحظ العالم ذلك، ولكنها كانت تجري بمستوى أقل من الشدة».

ويتابع في حديث مع «الشرق الأوسط» أن نظام الأسد واصل قتل شعبه بدعم من روسيا وإيران وجماعات مثل «حزب الله»، لكن الصراع المتجدد (في المنطقة) أدى إلى تعقيد الأمور بالنسبة لمجموعة أخرى معارضة للأسد: المقاتلون الأكراد الذين كانوا قد سيطروا على أجزاء من محافظة حلب، وقال مسؤولون من المهاجمين، يوم الاثنين، إنهم يخلون المنطقة بالحافلات.

معارك عنيفة بين الجيش السوري والفصال المسلحة في حماة (أ.ب)

ويرى كاتوليس أن المحرك الرئيسي للأحداث الأخيرة «داخلي»؛ لأن الوضع لم يصل قط إلى فترة من الاستقرار المستدام، «فقد استغلت قوات المعارضة نقاط الضعف في بنية النظام، بسبب الفساد والركود والافتقار إلى الشرعية السياسية في أجزاء من سوريا، وتمكنت من إعادة تجميع صفوفها. فملايين السوريين يريدون العيش في حرية، وهذا لم يتغير، ويبقى أن نرى ما إذا كانوا سيحققون هذه الطموحات».

ويقول كاتوليس إن العوامل الخارجية مثل تركيا وروسيا وإيران مهمة، لكن التحدي المركزي يظل الانقسامات الداخلية في سوريا والصراع على السلطة والنفوذ بين مجموعة واسعة من الجماعات المتنافسة.

لا إزاحة للأسد

ورغم الأوضاع التي تحدث عنها الباحث الأميركي فإن الموقف الأميركي لم يتغيّر كثيراً على مدى عقد من الزمن، وأكده مجدداً المتحدث باسم الخارجية الأميركية قبل يومين. إذ وعلى الرغم من خسارة الأسد مصداقيته، فإن الولايات المتحدة لا ترى إزاحته من السلطة أولوية، مثلما أنها لا تدعم الفصائل المعارضة أيضاً.

صحيفة «نيويورك تايمز»، من جهتها، تحدثت عن أن المبادرات التي جرى تقديمها للأسد من الولايات المتحدة وبعض دول الخليج وحتى إسرائيل، للتخلي عن تحالفه الإقليمي الأكثر أهمية مع «حزب الله» وإيران، قد تنحرف عن مسارها بسبب هجوم الفصائل المستمر. لافتة إلى أن الأسد سيكون الآن «أكثر تردداً في التخلي عن إيران وحلفائها، الذين ما زالوا أفضل رهان له للقتال مرة أخرى، من أجل بقاء نظامه».

صورة من لقاء الأسد وعراقجي يوم 1 ديسمبر 2024 (الخارجية الإيرانية)

من جهة أخرى، تحدثت أوساط مطلعة في واشنطن، عن واقع مختلف على الأرض، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس الأسد أكثر استعداداً الآن للتجاوب مع تلك المبادرات لفك الارتباط مع إيران.

وألمحت إلى اتفاق أوّلي لفتح مسار التفاوض بين الأسد مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بضغط من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأشارت المصادر إلى أن «تلقي الجيش النظامي مساعدات روسية في الدفاع عن حماة، هو «للقول إنه لن يتم التخلي عن النظام».

تابعت المصادر أنه، في الوقت نفسه، يجري الحديث عن ضمانات لانسحاب المسلحين من حلب، قد تتم إما قبل تسلم ترمب منصبه، وإما بعده بقليل، على أن يتم التخلص من العناصر غير السورية في الفصائل، وتشكيل فيلق تابع لوزارة الدفاع السورية يضم العناصر السورية المسلحة، بضمانة تركية روسية، وفتح مسار نهائي لإخراج إيران من المعادلة في سوريا.

دخان يتصاعد وسط المعارك بين الجيش السوري والفصائل المسلحة في حلب (د.ب.أ)

ورغم أن هجوم الفصائل الذي يقال إن تركيا تتعاون ضمناً معها عبر حدودها في شمال سوريا، قد تكون من بين أهدافه تحقيق أهداف تكتيكية لأنقرة، حيث تحظى بنفوذ أكبر في الصراع، لكن لا يخفى أيضاً أنه جاء أيضاً في الفترة الانتقالية بين إدارتي الرئيس جو بايدن والرئيس المنتخب دونالد ترمب.

ويرى مراقبون أن تركيا قد تكون تحاول استغلال هذه الفترة، لتوجيه ضربة للنفوذين الروسي والإيراني في سوريا، بعدما أضعفت إسرائيل إيران و«حزب الله» اللبناني، الداعمين للرئيس السوري بشار الأسد، وانشغال روسيا بحربها في أوكرانيا. وهو ما أكد عليه وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، (الأربعاء)، قائلاً إن رفض الرئيس السوري بشار الأسد المشاركة «بأي شكل ملموس» في عملية سياسية، فتح المجال لهجوم تلك الفصائل وتقدمها يظهر أن داعميه، مثل روسيا وإيران، مشتتون.

وقال مراقبون إن المقاتلين الأكراد الذين تعدهم تركيا عدواً تاريخياً وضعيفاً للغاية لمواجهة الفصائل التي تدعمها ويقودون الهجوم، لم يكن لديهم خيار سوى قبول عرض الخروج الآمن إلى شمال شرقي سوريا، حيث أشركتهم الولايات المتحدة في القتال ضد تنظيم «داعش»، خلال العقد الماضي.

ومع مراوحة هجوم الفصائل على أبواب مدينة حماة، في تغيير جذري لاستجابة دمشق للهجوم على حلب، بدا أن شبح تجدد الحرب الأهلية صار حقيقياً، وقلب المعادلة بالنسبة للولايات المتحدة التي حاولت قبل سنوات طي صفحة الحرب من دون أن يثمر ذلك عن أي نتائج إيجابية تذكر.