واشنطن: سنواصل مساعينا للتوصل إلى هدنة بغزة رغم تغيير «حماس» لبعض شروطها

الرئيس الأميركي جو بايدن كان يأمل في إبرام اتفاق يحقق له نصراً سياسياً قبل خروجه من السلطة ويدفع بحظوظ نائبة الرئيس كامالا هاريس ضد منافسها الجمهوري دونالد ترمب (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن كان يأمل في إبرام اتفاق يحقق له نصراً سياسياً قبل خروجه من السلطة ويدفع بحظوظ نائبة الرئيس كامالا هاريس ضد منافسها الجمهوري دونالد ترمب (أ.ف.ب)
TT

واشنطن: سنواصل مساعينا للتوصل إلى هدنة بغزة رغم تغيير «حماس» لبعض شروطها

الرئيس الأميركي جو بايدن كان يأمل في إبرام اتفاق يحقق له نصراً سياسياً قبل خروجه من السلطة ويدفع بحظوظ نائبة الرئيس كامالا هاريس ضد منافسها الجمهوري دونالد ترمب (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن كان يأمل في إبرام اتفاق يحقق له نصراً سياسياً قبل خروجه من السلطة ويدفع بحظوظ نائبة الرئيس كامالا هاريس ضد منافسها الجمهوري دونالد ترمب (أ.ف.ب)

ألقى جون كيربي، منسق الاتصالات الاستراتيجية بالبيت الأبيض، باللوم على حركة «حماس» في عرقلة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق يُفضِي إلى هدنة لوقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن.

وقال كيربي، خلال المؤتمر الصحافي للبيت الأبيض: «إن إدارة الرئيس بايدن تعمل ليل نهار لمعرفة ما إذا كان بالإمكان التوصل إلى اتفاق، و(حماس) هي العقبة الرئيسية أمام هذا الآن».

وأضاف كيربي «غيرت (حماس) بعض شروط صفقة التبادل، وهو ما جعل من الصعب علينا الوصول إلى اتفاق. لا نزال نعتقد أنه حتى مع التعديلات الجديدة التي طرحتها (حماس)، فإن الأمر يستحق المحاولة».

وفي إجابته عن سؤال حول ما إذا كان البيت الأبيض مستعد للضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والقيام بوقف إمداد إسرائيل بالأسلحة كما فعلت المملكة المتحدة، قال كيربي: «لا أستطيع التفكير في أي شيء لم نمارس فيها الضغط أكثر من محاولة الحصول على هذه الصفقة»، وأوضح أن زيارة رئيس الوزراء البريطاني للبيت الأبيض، يوم الجمعة، ستتطرق إلى مناقشة مجموعة من قضايا السياسة الخارجية، مؤكداً أن «وقف إمدادات الأسلحة البريطانية إلى إسرائيل هو شأن يتعلّق بهم».

وأشار كيربي إلى توقف المفاوضات حول وقف إطلاق النار، موضحاً أن اجتماع الرئيس بايدن مع مسؤولي مجلس الأمن القومي يأتي في إطار الإحاطة اليومية التي يحصل عليها الرئيس.

تضاءلت الفرص

وقد تضاءلت فرص خروج إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بمقترح جديد للتوصل إلى هدنة لوقف إطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى «حماس»، حيث يسود نوع من الجدل والانقسام بين مساعدي الرئيس بايدن؛ بين تيار يريد المُضي قُدماً في تقديم أفكار جديدة لعرضها على كلٍّ من إسرائيل و«حماس»، وتيار آخر يرى أنه لا جدوى من تقديم اقتراح جديد في ظل المواقف المتصلّبة من الطرفين، وأجّلت الإدارة تقديم اقتراح جديد إلى أجَل غير مسمى.

وكانت إدارة بايدن التي لم يتبقّ لها سوى 4 أشهر في السلطة، تعمل بجهد مكثّف للتوصل إلى اتفاق يحقّق لبايدن نصراً سياسياً قبل خروجه من البيت الأبيض، ويحقّق لنائبته كامالا هاريس دَفعة قوية في السباق الانتخابي ضد منافسها الجمهوري دونالد ترمب.

وقد ظلت الإدارة الأميركية على مدى شهرين، تبشّر بقرب التوصل إلى اتفاق، وأن المفاوضين الأميركيين، بقيادة مدير الاستخبارات الأميركية وليام بيرنز، تمكّنوا من إنجاز 90 في المائة من القضايا العالقة، ويتبقى فقط 10 في المائة.

وخلال الأيام الماضية صرّح كل من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ومدير الاستخبارات الأميركية وليام بيرنز، بأن الولايات المتحدة ستقدّم اقتراحاً جديداً ومحدَّثاً خلال أيام، وروَّجت لفكرة مقترح «خذها أو اتركها»، وأنه سيكون مقترح الفرصة الأخيرة، وأن الإدارة تعمل بقوة على سد الفجوات، لكن التطورات الأخيرة، المتمثّلة في مقتل 6 رهائن على يد «حماس»، من بينهم الأميركي هيرش جولبرغ، إضافةً إلى مَطالب نتنياهو بالحفاظ على السيطرة العسكرية الإسرائيلية الكاملة على ممر فيلادلفيا على الحدود بين مصر وقطاع غزة، ورفض مصر القاطع، أدّى إلى إحباط متزايد في البيت الأبيض.

محاولات غير مُجدِية

وأوضح المسؤولون أن عديداً من العراقيل تواجه التوصل إلى اتفاق، ومعظمها يتعلق بشروط لم يتمكّن أي من الجانبين من الموافقة عليها. وأشار مسؤول بالبيت الأبيض إلى أن الحزن والانزعاج خيّم على المسؤولين بعد مقتل الرهائن الـ6 على يد «حماس»، وعلى الرغم من ذلك استمر المسؤولون ومستشارو الرئيس بايدن في البحث عن فرص للتوصل إلى اتفاق، والتواصل مع الوسطاء المصريين والقطريين، ومراجعة المواقف من الأطراف والقضايا التي أوقفت المفاوضات، وإعادة تقييم الموقف الأميركي.

وتزايدت الشكوك بشكل كبير في فرص التوصل إلى اتفاق، وسط رغبة الرئيس بايدن في المُضي في الصفقة، واعتقاد مستشاريه أن التقدم بأي مقترحات جديدة لن يكون مُجدِياً.

وأقرّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بأنه إذا لم يتم الحصول على موافقة نهائية من الجانبين، فإن البنود التي تم التفاوض عليها بالتفصيل على مدى 11 شهراً قد تنهار في أي وقت.

قوات إسرائيلية مستمرة في عمليات عسكرية بقطاع غزة وسط تضاؤل الفرص للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار (أ.ف.ب)

وألقى البيت الأبيض باللائمة على حركة «حماس»، مشيراً إلى أن الحركة قدّمت مطالب جديدة بالإفراج عن عدد متزايد من السجناء الفلسطينيين الذين يقضون أحكاماً بالسجن مدى الحياة، أكبر من العدد الذي تم الاتفاق عليه، وهو ما رفضه الطرف الإسرائيلي، وطالبت إدارة بايدن الوسطاء القطريين والمصريين بالضغط على «حماس»؛ لتخفيف مطالبها، وقال المسؤولون إنهم يشعرون أن زعيم حركة «حماس» يحيى السنوار لا يرغب في التوصل إلى اتفاق، ولديهم قلق من أن «حماس» قد يكون من المستحيل التفاوض معها، ولن توافق أبداً على اتفاق لوقف إطلاق النار.

خيارات إبداعية

وأشار وليام بيرنز، مدير الاستخبارات الأميركية، في مؤتمر لجريدة «فايننشال تايمز» في لندن، إلى أن الأمر متروك للسنوار ونتنياهو لاتخاذ القرار الصعب، وقال: «الوسطاء عملوا على صياغة خيارات إبداعية، وتقديم خيارات، لكن في نهاية المطاف إنها مسألة إرادة سياسية، وما إذا كانت القيادة من الجانبين على استعداد للاعتراف بأن ما حدث يكفي، وأنه حان الوقت لاتخاذ قرارات صعبة وتقديم تنازلات»، وأوضح بيرنز أنه «تم الاتفاق على 90 في المائة من المقترحات، لكن الـ10 في المائة الأخيرة هي الجزء الأصعب في التنفيذ».

مدير الاستخبارات الأميركية وليام بيرنز (أ.ب)

وقال بيرنز إنه يأمل في أن يدرك نتنياهو والسنوار أن هناك الكثير على المحكّ، ويتفقا على المُضي قُدماً نحو التوصل إلى اتفاق، وقال: «سنواصل العمل بأقصى ما في وسعنا مع الوسطاء؛ لأنه لا يوجد بديل للتوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن ووقف إطلاق النار، ما هو على المحك هنا هو الرهائن الذين ما زالوا على قيد الحياة في الأنفاق بغزة، وأرواح المدنيين الأبرياء في غزة»، وشدّد مدير الاستخبارات الأميركية مع نظيره البريطاني ريتشارد مور على أن الوكالتين قامتا باستغلال كل القنوات الاستخباراتية للضغط بقوة، من أجل ضبط النفس وخفض التصعيد.

وأشارت مصادر إلى أن الرئيس بايدن لا يريد أن يُنظَر إليه على أنه يكافئ «حماس»، وأنه يقدّم مزيداً من التنازلات بعد أن قتلت رهائن، وتقدمت بمطالب أكثر تطرفاً.

استبعاد صفقة أحادية

مظاهرة في تل أبيب ضد حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للدعوة إلى إطلاق سراح الرهائن في غزة وسط الصراع بين إسرائيل و«حماس» (رويترز)

وكانت عائلات الرهائن الأميركيين الـ5 المتبقين لدى حركة «حماس»، طالبت الإدارة الأميركية بالتوصل إلى صفقة منفصلة مع «حماس»، وقدّم مسؤولون قائمة بـ5 أشخاص فلسطينيين محتجَزين في سجون الولايات المتحدة لتبادلهم مع الرهائن الأميركيين الـ5 لدى «حماس»، وأجرت الإدارة الأميركية اتصالات مع المسؤولين القطريين لاستكشاف فرص التوصل إلى اتفاق، إلا أن هذه المحاولات لم تجد صدى، ولم تكتسب أي زخم.

وقد أثار هذا المسار الكثير من الجدل حول صفقة التبادل المقترحة، واحتمالات رفض «حماس» لها، والمطالبة بمطالب أخرى (مثل رفع الحركة من قوائم الإرهاب، أو المطالبة بضمانات أميركية بعدم ملاحقة قادة «حماس»، وتمكين الحركة من التحول إلى حركة سياسية داخل غزة)، ومقابل الإفراج عن الرهائن الأميركيين فقط، وما سيثار من انتقادات لإدارة بايدن من التعامل مع حركة تَعُدُّها إرهابية، إضافةً إلى الانتقادات بالتخلّي عن الرهائن الإسرائيليين الآخرين.

وقد أثار هذا الأمر معارضة شديدة داخل الإدارة الأميركية، وأشار مسؤولون لشبكة «إن بي سي نيوز» إلى أن إبرام صفقة أحادية الجانب مع «حماس» سيفتح باباً من الجدل والانتقادات لا تحتاج إليه إدارة بايدن، وأكّد جيك سوليفان لعائلات الرهائن أن الإدارة تبحث كل الخيارات، لكنها في نهاية الأمر تفضِّل صفقة مع إسرائيل.

وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن بعض مستشاري الرئيس بايدن يرون أن السبيل الوحيد للتوصل إلى اتفاق هو أن يمارس الرئيس بايدن مزيداً من الضغوط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهو ما ظهر في تعليقات الرئيس بايدن الأسبوع الماضي أن نتنياهو لا يقوم بالجهد الكافي للتوصل إلى اتفاق، فيما تشكَّك مسؤولون آخرون أن تؤدّي تلك التعليقات المنتقِدة لنتنياهو إلى تغييرات في موقفه، خصوصاً أن الرئيس بايدن لا يريد استخدام نفوذه القوي، واستخدام ورقة وقف مليارات الدولارات من الأسلحة الأميركية لإسرائيل.


مقالات ذات صلة

إدارة بايدن تدرس إنشاء صندوق ثروة سيادي أميركي

الاقتصاد بايدن يتحدث إلى أعضاء النقابات العمالية حول أجندته الاستثمارية في أميركا خلال زيارة إلى مركز التدريب المحلي التابع لاتحاد العمال في آن أربور بولاية ميشيغن (أ.ب)

إدارة بايدن تدرس إنشاء صندوق ثروة سيادي أميركي

يعمل البيت الأبيض على تطوير خطط لإنشاء صندوق ثروة سيادي أميركي قادر على القيام باستثمارات كبيرة في القطاعات الاستراتيجية، في خروج عن العقيدة الاقتصادية لواشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
لمسات الموضة رئيسة تحرير مجلة «فوغ» آنّا وينتور والمصممون توم براون ومايكل كورس وتوري بورتش خلال فعالية «الموضة من أجل مستقبلنا» في نيويورك (أ.ف.ب)

أسبوع نيويورك للموضة انطلق بدعوة للاقتراع في الانتخابات الرئاسية

حضرت السياسة كما لم تحضر من قبل في افتتاح أسبوع الموضة في نيويورك، وخيّمت عليه المخاوف من عودة الرئيس السابق دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تحليل إخباري الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال لقاء سابق (رويترز)

تحليل إخباري رغم الفشل المتكرر... لماذا تستمر المساعي الأميركية للتوصل إلى اتفاق في غزة؟

طوال أشهر، طاردت الولايات المتحدة سراباً: «صفقة لتحرير الرهائن في قطاع غزة، وإنهاء معاناة المدنيين الفلسطينيين هناك، وإيقاف القتال بين إسرائيل وحركة (حماس)».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ تقارب أرقام الاستطلاعات بين ترمب وهاريس (رويترز)

ترمب وهاريس والصراع على الولايات المتأرجحة

يستعرض «تقرير واشنطن»، ثمرة التعاون بين «الشرق الأوسط» و«الشرق»، الولايات الأميركية المتأرجحة واهتمامات الناخب في كل منها والتحديات التي تواجه ترمب وهاريس فيها.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ هانتر بايدن يغادر المحكمة الفيدرالية في لوس أنجليس (رويترز)

هانتر بايدن نجل الرئيس الأميركي يقرّ بذنبه بتهمة التهرب الضريبي

أقرّ هانتر، نجل الرئيس الأميركي جو بايدن، بذنبه بكل التّهم التسع الملاحق بها في قضية الاحتيال الضريبي، من دون أن يبرم اتفاقاً مع النيابة العامة لخفض العقوبة.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس )

هاريس وترمب يستعدان للمناظرة باستراتيجيتين مختلفتين تماماً

صورة مدمجة تظهر المرشحين للرئاسة الأميركية دونالد ترمب وكامالا هاريس (أ.ب)
صورة مدمجة تظهر المرشحين للرئاسة الأميركية دونالد ترمب وكامالا هاريس (أ.ب)
TT

هاريس وترمب يستعدان للمناظرة باستراتيجيتين مختلفتين تماماً

صورة مدمجة تظهر المرشحين للرئاسة الأميركية دونالد ترمب وكامالا هاريس (أ.ب)
صورة مدمجة تظهر المرشحين للرئاسة الأميركية دونالد ترمب وكامالا هاريس (أ.ب)

تختلف بشكل واضح استراتيجية المرشحين للانتخابات الرئاسية الأميركية دونالد ترمب وكامالا هاريس في كيفية استعدادهما للمناظرة الرئاسية الثلاثاء، في مواجهة لا تعكس فقط رؤيتين مختلفتين لأميركا، ولكن ستظهر كيفية تعامل هذين السياسيين مع اللحظات الكبرى بشكل مختلف تماماً.

التحضير ورفض الاستعداد

قضت هاريس عطلة نهاية الأسبوع منعزلة في فندق تاريخي في وسط مدينة بيتسبرغ الأميركية، حيث ركزت على إجابات واضحة لمدة دقيقتين، وفقاً لقواعد المناظرة. وفي الوقت نفسه، رفض ترمب علناً التحضير للمناظرة. واختار الرئيس السابق بدلاً من ذلك ملء أيامه بأحداث مرتبطة بالحملة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

تبدأ المناظرة الرئاسية في الساعة 9 مساءً بتوقيت شرق الولايات المتحدة الثلاثاء على قناة «إيه بي سي». إذا سألت معارضي ترمب في المناظرة السابقة عما يراقبونه ليلة الثلاثاء، فسوف يقول كثير منهم الشيء نفسه: احذر من الشيء الذي يقوله أو يفعله، والذي لا يمكن لهاريس الاستعداد له. ترمب هو البطاقة التي حققت نجاحاً سياسياً هائلاً من خلال تجاهل القواعد التقليدية للسياسة.

سيقول ترمب أو يفعل ما يعتقد أنه الأفضل في تلك اللحظة (خلال المناظرة)، وفق التقرير، ولا تستطيع هاريس، التي كرست عدة أيام للتحضير للمناظرة، وضع خطة لكل شيء.

في هذه المرحلة من الصعب أن نتخيل ترمب يفاجئ أي شخص بمادة جديدة، فقد أشاد بالديكتاتوريين، واقترح تعليق دستور الولايات المتحدة، وقال إن هاريس «تحولت إلى سوداء» مؤخراً فقط.

لا يعرف فريق ترمب نفسه ماذا سيفعل ترمب أو يقول في أي يوم معين. وهذا محفوف بالمخاطر بشكل لا يصدق بالنسبة لترمب، لكنه يضع أيضاً ضغوطاً هائلة على هاريس.

المرشحة الرئاسية الديمقراطية هيلاري كلينتون تستمع إلى المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب خلال المناظرة الرئاسية الثالثة، 19 أكتوبر 2016 (أ.ب)

الإجهاض مقابل الهجرة

يأمل الجمهوريون أن يجعل ترمب الهجرة قضية حاسمة في المناظرة. لقد أدان الحزب «الجمهوري» بشكل فعّال تعامل إدارة بايدن مع الهجرة غير الشرعية على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك لمعظم السنوات الأربع الماضية. ستكون هاريس حريصة على تذكير الناخبين بأن ترمب ساعد في قتل مشروع قانون الهجرة الحزبي الذي كان ليفعل الكثير لإصلاح المشكلة. ولكن بشكل عام، من المرجح أن تكون هاريس في موقف دفاعي عندما تُثار القضية.

في غضون ذلك، يريد الديمقراطيون التركيز على الإجهاض، فقد سبق أن عيّن ترمب ثلاثة قضاة في المحكمة العليا ألغوا في وقت لاحق قرار «روي ضد وايد» التاريخي الذي أعطى المرأة الحق في اختيار الإجهاض. وقال ترمب مراراً وتكراراً إنه فخور بهزيمة هذا القانون. ولكن إدراكاً منه أن مثل هذه النظرة المناهضة للإجهاض ليست شائعة بين كثير من النساء الأميركيات، فقد حاول تعديل موقفه بشأن القضية المثيرة للانقسام. من جهتها، لن تجعل هاريس موقف ترمب من الإجهاض يمر بسهولة دون التركيز عليه. وبصفتها امرأة، فهي في وضع يسمح لها بأن تكون أكثر فاعلية في هذه القضية مقارنة بالرئيس الأميركي الحالي جو بايدن. ولا يستطيع ترمب في المقابل أن يتحمل خسارة مزيد من الناخبات.

السيناتور كامالا هاريس تتحدث إلى نائب الرئيس الأميركي آنذاك جو بايدن خلال مناظرات الانتخابات التمهيدية الرئاسية للحزب الديمقراطي، 31 يوليو 2019، في ديترويت، الولايات المتحدة (أ.ب)

لغة الجسد

لغة الجسد في المناظرة مهمة، ستكون هناك بالطبع ديناميكية واضحة على المسرح ليلة الثلاثاء. ومن المتوقع أن يظل المرشحان - اللذان لم يلتقيا شخصياً من قبل - خلف المنصة المخصصة لكل واحد منهما ليلة الثلاثاء. لكنّ الجمهوريين يأملون في أن يتجنب ترمب أي استفزازات أخرى، مثل الإشارة باليد أو الصراخ أو التعامل مع هاريس بطريقة قد تكون مزعجة للنساء أو الناخبين المتأرجحين الآخرين.

وستواجه هاريس أيضاً تحديات تتعلق بعرقها وجنسها، بينما يفكر الناخبون فيما إذا كانوا سيجعلونها أول رئيسة للبلاد، وفق «أسوشييتد برس». ولا يزال بعض الناخبين يقولون إنهم غير مرتاحين لهذه الفكرة. وإذا بدت هاريس غاضبة، فإنها تخاطر باللعب على التنميط العنصري حول النساء السود، وفق التقرير.

بحسب تقرير لمجلة «تايم ماغازين» الأميركية، بالنسبة لهاريس، فإن المناظرة التي تستمر 90 دقيقة ستكون الفرصة الأولى لكثير من الناخبين لسماع أفكارها السياسية بالتفصيل، ورؤية أدائها تحت الضغط، وبالنسبة لترمب، ستختبر هذه اللحظة (المناظرة)، قدرته على احتواء توجهه للتقليل من شأن خصومه السياسيين، وهي السمة التي تثير حماس كثير من أنصاره، ولكنها قد تؤدي إلى إبعاد الناخبين المترددين الذين يحتاجهم ترمب للفوز بالانتخابات.

صورة مدمجة تظهر المرشحين للرئاسة الأميركية كامالا هاريس ودونالد ترمب (رويترز)

محاكاة المناظرة

تأتي هذه المناظرة بعد أقل من ثلاثة أشهر من المناظرة الرئاسية السابقة، والتي أدى فيها الأداء المتعثر للرئيس جو بايدن في النهاية إلى إنهاء محاولة بايدن للفوز بولاية ثانية.

وقد ارتفعت شعبية هاريس منذ ذلك الحين، مما سمح لها بجمع الدعم الذي تحتاجه بسرعة لحسم ترشيح حزبها للرئاسة. وللاستعداد، عقدت هاريس جلسات مناظرة وهمية في واشنطن وبيتسبرغ. وتولى فيليب رينز، الناشط الديمقراطي المخضرم، الذي لعب دور ترمب خلال جلسات التحضير لمناظرة هيلاري كلينتون في عام 2016 الدور نفسه مرة أخرى لهاريس، محاكياً حضور الرئيس السابق ترمب المهيمن على المسرح، وحتى أنه ارتدى ملابس مثله، وفقاً لشخص مطلع على العملية، وفق ما نقلته مجلة «تايم ماغازين».

ويعتقد بعض الجمهوريين أن ترمب، الذي لديه تاريخ في القيام بقليل من التحضير الرسمي للمناظرة، في وضع جيد للخروج منتصراً بعد ليلة الثلاثاء.

ويقول ويت آيرز، وهو خبير استطلاعات رأي ومستشار سياسي جمهوري: «حملة ترمب تحقق تقدماً حقيقياً عندما تستمر في تصوير كامالا هاريس على أنها ليبرالية من سان فرنسيسكو، ووجهات نظرها بعيدة كل البعد عن التيار الرئيسي لمعظم الأميركيين. وتخسر ​​حملة ترمب عندما تتحدث عن عرق هاريس أو جنسها، لأن مهاجمة شخص ما على أساس هويته يثير استياء كل من يشترك في هذه الهوية».

طريقة المناظرة

ستُعقد المناظرة في مركز الدستور الوطني في فيلادلفيا، وتديرها لينسي ديفيس، مذيعة برنامج «إيه بي سي نيوز لايف برايم»، وديفيد موير، مقدم برنامج «وورلد نيوز تونايت» على قناة «إيه بي سي». ولن يكون هناك جمهور مباشر، وسيتناظر المرشحان واقفين. وسيحصل كل منهما على دقيقتين للإجابة عن الأسئلة، ودقيقتين للرد، ودقيقة إضافية للمتابعة.