خبراء يحذرون من تهديد الاستقرار العالمي بسبب تفوق السلاح الأميركي على روسيا والصين

منظر جوي لطائرة «بوينغ سي-17 غلوبماستر 3» تابعة للقوات الجوية الأميركية (رويترز)
منظر جوي لطائرة «بوينغ سي-17 غلوبماستر 3» تابعة للقوات الجوية الأميركية (رويترز)
TT

خبراء يحذرون من تهديد الاستقرار العالمي بسبب تفوق السلاح الأميركي على روسيا والصين

منظر جوي لطائرة «بوينغ سي-17 غلوبماستر 3» تابعة للقوات الجوية الأميركية (رويترز)
منظر جوي لطائرة «بوينغ سي-17 غلوبماستر 3» تابعة للقوات الجوية الأميركية (رويترز)

«الولايات المتحدة وحلفاؤها قادرون على تهديد وتدمير جميع مواقع الإطلاق النووية في روسيا والصين بالأسلحة التقليدية، مما يخلق وضعاً جيوسياسياً غير مستقر محتملاً»، على حد قول خبيرين.

ووصف البروفسوران دان بليش، ومانويل غاليليو، من جامعة لندن في تقرير لصحيفة «الغارديان» البريطانية، «ثورة هادئة في الشؤون العسكرية» تعكس زيادة القوة العسكرية الأميركية مقارنة بموسكو وبكين، خصوصاً في تكنولوجيا الصواريخ.

وقالا إن هذا من شأنه أن يخلق الظروف لسباق تسلح جديد، مع محاولة الصين وروسيا الرد... وحتى خلق خطر سوء التقدير في أزمة كبرى، حيث قد تلجأ أي من الدولتين إلى إطلاق الأسلحة النووية للتقدم على الولايات المتحدة.

وفي ورقة بحثية نُشرت يوم الخميس، كتب بليش وغاليليو أن الولايات المتحدة لديها «قدرة معقولة في الوقت الحاضر مع القوات غير النووية لاستباق القوات النووية الروسية والصينية»، مما يمنحها ميزة عسكرية على البلدَين.

وتشير تقديرات المؤلفَين إلى وجود 150 موقعاً لإطلاق الصواريخ النووية الروسية البعيدة و70 موقعاً في الصين، على بُعد نحو 2500 كيلومتر (1550 ميلاً) من أقرب حدود، ويمكن الوصول إلى كل هذه المواقع بواسطة صواريخ «كروز» جو-أرض، من طرازَي «جاسم» و«توماهوك»، التي تطلقها الولايات المتحدة من الجو في غضون ساعتين أو أكثر في هجوم أولي مصمم لمنع إطلاق الأسلحة النووية.

وأوضح المؤلفان أن «الولايات المتحدة وحلفاءها قادرون على تهديد حتى أكثر القوات الاستراتيجية تحصيناً وحركة في روسيا والصين»، حيث يقدر عدد الصواريخ جو-أرض المشتركة المتاحة للولايات المتحدة وحلفائها بنحو 3500 صاروخ جو-أرض، و4000 صاروخ «توماهوك».

وتعني التطورات الجديدة أيضاً أن الصواريخ جو-أرض المشتركة يمكن إطلاقها على منصات، باستخدام نظام «رابيد دراغون»، من طائرات نقل عسكرية قياسية غير معدلة، مثل «سي-17 غلوبماستر» أو «سي-130 هيركوليس».

وأضافا: «تحليلنا يتوقع أن الأنظمة الاستراتيجية الروسية المتحركة والصينية المدفونة عميقاً فقط هي التي يمكن اعتبارها قابلة للبقاء في مواجهة الهجمات الصاروخية التقليدية، وهي أكثر عرضة للخطر مما يُعتقد عادة».

ووفق بليش وغاليليو، هناك مناقشة عامة غير كافية حول القدرات الاستراتيجية للولايات المتحدة في حالة وقوع مواجهة كبرى، ويجادلان بأن المناقشات حول الصراع الذي يشمل روسيا والصين تميل إلى التركيز على الديناميكيات الإقليمية، مثل الحرب في أوكرانيا أو الغزو المحتمل لتايوان.

وأكدا أن «القوة النارية التقليدية العالمية للولايات المتحدة أقل من قيمتها الحقيقية، وهو ما يهدد كلاً من الحقائق والتصورات المتعلقة بالاستقرار الاستراتيجي». وأشارا إلى أن أي استخدام هجين للأسلحة النووية إلى جانب الصواريخ التقليدية من شأنه أن يعقّد الصورة المشحونة بالفعل.

ورغم أن قِلة من الناس يعتقدون بأن المواجهة الكبرى بين الولايات المتحدة وروسيا أو الصين ممكنة، فإن غزو أوكرانيا زاد بشكل كبير من عدم اليقين العالمي.

وحذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مارس (آذار) من أن موسكو ستكون على استعداد لاستخدام الأسلحة النووية إذا تعرضت سيادتها أو استقلالها للتهديد.

ويزعم المؤلفان أن القلق الاستراتيجي يكمن فيما إذا كانت روسيا أو الصين تخشى القدرات العسكرية الأميركية إلى الحد الذي يبرر سباق تسلح جديداً.

وقالا: «إن تقييم التهديدات الأميركية لعام 2024 سلط الضوء على خوف الصين من الضربة الأولى الأميركية، بوصفه دافعاً لتراكم الأسلحة النووية الصينية».

ولفت المؤلفان إلى أن قوة القدرات الصاروخية التقليدية الأميركية هي من النوع الذي «يضغط على روسيا والصين لوضع صواريخهما على الزناد»، وجاهزة للإطلاق على الفور.

وتابعا: «ستكون الولايات المتحدة على الجانب المتلقي لأي إطلاق خاطئ تقوم به إحداهما».

والعام الماضي، بدأت الصين في نشر عدد صغير من الأسلحة النووية - ما مجموعه 24 - مع قاذفاتها، وفقاً لبحث من «معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام»، وحذّرت الولايات المتحدة من أنها قد تضطر إلى زيادة حجم رؤوسها الحربية المنشورة رداً على ذلك.

وحذّر بليش وغاليليو من أن التغييرات في القوة العسكرية تأتي في وقت يتراجع فيه ضبط الأسلحة.

وفي عام 2019، سُمح بإنهاء معاهدة «الحد من الأسلحة النووية متوسطة المدى»، التي كانت تحظر على الولايات المتحدة وروسيا امتلاك صواريخ أرضية يتراوح مداها بين 500 و5500 كيلومتر، الأمر الذي ترك للجانبين مهمة إعادة نشرها.


مقالات ذات صلة

القضاء الأميركي يتهم 5 عسكريين روس بشن هجمات سيبرانية ضد أوكرانيا

الولايات المتحدة​ لوحة مفاتيح كمبيوتر مضاءة بواسطة رمز إلكتروني معروض في هذه الصورة التوضيحية الملتقطة في الأول من مارس 2017 (رويترز)

القضاء الأميركي يتهم 5 عسكريين روس بشن هجمات سيبرانية ضد أوكرانيا

وجّه القضاء الأميركي، اليوم (الخميس)، اتهامات لخمسة عسكريين روس بشنّ هجمات إلكترونية على بنى تحتية مدنية في أوكرانيا قبل الغزو الروسي لهذا البلد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ هانتر بايدن يصل إلى المحكمة الفيدرالية الخميس 5 سبتمبر 2024 في لوس أنجليس بالولايات المتحدة (أ.ب)

هانتر بايدن يعتزم الإقرار بالذنب في قضية الاحتيال الضريبي

يعتزم هانتر بايدن الإقرار بالذنب بشأن قضية الاحتيال الضريبي، في خطوةٍ أقدم عليها نجل الرئيس الأميركي جو بايدن خلال اللحظة الأخيرة بهدف تجنّب محاكمته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (رويترز)

بلينكن يصل إلى هايتي في زيارة خاطفة

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اليوم الخميس إلى بورت أو برنس في زيارة خاطفة لعاصمة هايتي تهدف لتقييم جهود إرساء الاستقرار في البلد الغارق في الأزمات.

«الشرق الأوسط» (بورت أو برنس)
الولايات المتحدة​ سجين سياسي نيكاراغوي يلوّح بيده على متن حافلة لدى وصوله إلى القاعدة الجوية في مدينة غواتيمالا في 5 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

وساطة أميركية تطلق سراح 135 سجيناً سياسياً في نيكاراغوا

أفرجت حكومة نيكاراغوا عن 135 سجيناً سياسياً، من بينهم مبشرون، وأفراد كاثوليك عاديون، وطلاب وعمال منظمات خيرية، بعد وساطة من الولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق جدران منزل السفير مزيّنة بلوحات مذهلة لفنانين أميركيين وسعوديين (تصوير: بشير صالح) play-circle 02:27

السفير الأميركي: أحب الجريش... وأخطط لرؤية كل ركن في السعودية

بعيداً عن دوره الرسمي سفيراً للولايات المتحدة الأميركية لدى السعودية، يسعى مايكل راتني إلى استكشاف المملكة بشكل أعمق، والتّعرف على شعبها وثقافته.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

واشنطن تتهم موسكو بتجنيد مؤثرين للتدخل في الانتخابات الأميركية

شعار تطبيق «روسيا اليوم» يظهر على هاتف ذكي (رويترز)
شعار تطبيق «روسيا اليوم» يظهر على هاتف ذكي (رويترز)
TT

واشنطن تتهم موسكو بتجنيد مؤثرين للتدخل في الانتخابات الأميركية

شعار تطبيق «روسيا اليوم» يظهر على هاتف ذكي (رويترز)
شعار تطبيق «روسيا اليوم» يظهر على هاتف ذكي (رويترز)

بعد يوم واحد من إعلان إدارة الرئيس جو بايدن إجراءات واسعة النطاق لفضح تدخل موسكو، وتوجيه اتهامات جنائية ضد اثنين من موظفي شركة «آر تي» الروسية المملوكة للدولة، بدعوى نشر معلومات مضللة في شأن الانتخابات الأميركية المقبلة، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، أنه «يدعم» المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس ضد خصمها الجمهوري دونالد ترمب.

وكان بوتين يتحدث خلال منتدى اقتصادي في فلاديفوستوك؛ إذ قال إن الرئيس بايدن «أوصى ناخبيه بدعم كامالا هاريس؛ لذا سندعمها أيضاً». وفيما لم يتضح ما إذا كان بوتين يقول ذلك في معرض السخرية، أضاف: «ثانياً، لديها ضحكة معبّرة ومعدية تظهر أنها في وضع جيد». وفيما أشار أيضاً إلى أن ترمب فرض عدداً من «القيود والعقوبات» على روسيا، قال: «ربما تمتنع كامالا هاريس عن القيام بأشياء مماثلة».

وقبل انسحاب بايدن من السباق الانتخابي لصالح كامالا هاريس، قال بوتين إنه يفضل الرئيس الحالي على ترمب، الذي يواجه انتقادات من معارضيه الديمقراطيين بأنه معجب ببوتين.

تدخل روسي

إلى ذلك، تمثل الإجراءات الأميركية الجديدة جهداً من إدارة بايدن لتعطيل التهديد الروسي المستمر، الذي حذّر المسؤولون الأميركيون منذ فترة طويلة من أنه قد يزرع الفتنة، ويخلق ارتباكاً بين المقترعين قبل انتخابات 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، مؤكدين أن موسكو تظل التهديد الأساسي للانتخابات، حتى مع تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» في اختراق إيران لحملة ترمب، ومحاولة خرق حملة بايدن - هاريس.

فلاديمير بوتين ودونالد ترامب (رويترز)

وتتهم إحدى القضايا الجنائية اثنين من موظفي محطة «آر تي» الإعلامية الممولة من الدولة الروسية، التي أجبرتها وزارة العدل الأميركية سابقاً على التسجيل بوصفها وكيلاً أجنبياً، بتمويل شركة مقرها تينيسي سراً لإنشاء محتوى لنشر نحو 2000 مقطع فيديو يحتوي على دعاية روسية. واستخدم المتهمان، اللذان لا يزالان طليقين، هويتين مزيفتين، ولم تكن الشركة على علم بأنها تستخدمها روسيا.

وفي الإجراء الآخر، أعلن المسؤولون عن مصادرة 32 نطاقاً على الإنترنت استخدمها الكرملين لنشر الدعاية الروسية، وإضعاف الدعم العالمي لأوكرانيا.

إجراءات أميركية

وأفاد وزير العدل الأميركي، ميريك غارلاند، بأن الإجراءات تتعلق باستخدام روسيا وسائل الإعلام الحكومية لتجنيد مؤثرين أميركيين غير متعمدين لنشر الدعاية والمعلومات المضللة.

وكانت وكالات الاستخبارات الأميركية قد اتهمت روسيا سابقاً باستخدام المعلومات المضللة لمحاولة التدخل في الانتخابات. وتُظهر الخطوات الجديدة عمق المخاوف الأميركية، وتشير إلى إجراءات قانونية ضد المشتبه في تورطهم.

وقالت وزارة الخارجية في بيان إن الإعلان «يُسلط الضوء على المدى الذي تذهب إليه بعض الحكومات الأجنبية لتقويض المؤسسات الديمقراطية الأميركية»، مضيفة: «لكن يجب أن تعلم هذه الحكومات الأجنبية أيضاً أننا لن نتسامح مع الجهات الأجنبية الخبيثة التي تتدخل عمداً وتقوّض الانتخابات الحرة والنزيهة».

في خطاب ألقته الشهر الماضي، قالت نائبة وزير العدل، ليزا موناكو، إن روسيا تظل أكبر تهديد لنزاهة الانتخابات، متهمة الرئيس بوتين و«عملائه باستخدام تقنيات متطورة بشكل متزايد في عمليات التدخل الخاصة بهم. إنهم يستهدفون فئات سكانية محددة من الناخبين في الولايات المتأرجحة في محاولة للتلاعب بنتائج الانتخابات الرئاسية والكونغرسية. إنهم عازمون على استقطاب الأميركيين غير المدركين على وسائل التواصل الاجتماعي لدفع الروايات التي تُعزز المصالح الروسية».

ويتركز كثير من المخاوف في شأن روسيا حول الهجمات الإلكترونية وحملات التضليل المصممة للتأثير على التصويت في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وتشمل هذه التكتيكات استخدام وسائل الإعلام الحكومية، مثل «آر تي» للترويج لرسائل ومحتوى مناهض للولايات المتحدة، فضلاً عن شبكات من المواقع الإلكترونية المزيفة وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي التي تعمل على تضخيم الادعاءات، وحقنها في المحادثات عبر الإنترنت بين الأميركيين. وعادة ما تستغل هذه الشبكات موضوعات سياسية مثيرة للاستقطاب، مثل الهجرة أو الجريمة أو الحرب في غزة.

وفي كثير من الحالات، قد لا يكون لدى الأميركيين أي فكرة عن أن المحتوى الذي يرونه على الإنترنت نشأ أو جرى تضخيمه من الكرملين.

وقال مسؤول من مكتب مديرة الاستخبارات الوطنية، أفريل هاينز، هذا الصيف: «إن روسيا تتبنى نهجاً حكومياً كاملاً للتأثير على الانتخابات، بما في ذلك السباق الرئاسي». وأوضح أن المجموعات المرتبطة بالكرملين تستأجر بشكل متزايد شركات التسويق والاتصالات داخل روسيا لتعهيد بعض أعمال إنشاء الدعاية الرقمية مع تغطية آثارها أيضاً.

وكانت شركتان من هذا النوع موضوع عقوبات أميركية جديدة أُعلن عنها في مارس (آذار) الماضي. وتفيد السلطات الأميركية أن الشركتين الروسيتين أنشأتا مواقع وهمية وملفات تعريف على وسائل التواصل الاجتماعي لنشر معلومات مضللة عن الكرملين.

ومع ذلك، فإن الهدف النهائي هو دفع الأميركيين إلى نشر معلومات مضللة روسية من دون التشكيك في مصدرها. وقال المسؤولون إن الناس أكثر عرضة للثقة وإعادة نشر المعلومات التي يعتقدون أنها تأتي من مصدر محلي والمواقع الإلكترونية المزيفة المصممة لتقليد منافذ الأخبار الأميركية وملفات التعريف على وسائل التواصل الاجتماعي التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي.

وتعليقاً على الإعلان الأميركي، قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا لوكالة «ريا نوفوستي» الرسمية: «إنها عملية واضحة، حملة إعلامية (...) جرى التحضير لها منذ فترة طويلة، وهي ضرورية قبل المرحلة الأخيرة من الدورة الانتخابية». وأضافت أنه «بالتأكيد، (الرد الروسي) قيد الإعداد»، محذّرة من أنه سيكون قاسياً.