بعد التنحي: هل يتخطى عمالقة الديمقراطيين خلافاتهم؟

بايدن «يقاطع» بيلوسي و«مستاء» من أوباما

بايدن وحوله أوباما وبيلوسي وهاريس بالبيت الأبيض في 5 أبريل 2022 (رويترز)
بايدن وحوله أوباما وبيلوسي وهاريس بالبيت الأبيض في 5 أبريل 2022 (رويترز)
TT

بعد التنحي: هل يتخطى عمالقة الديمقراطيين خلافاتهم؟

بايدن وحوله أوباما وبيلوسي وهاريس بالبيت الأبيض في 5 أبريل 2022 (رويترز)
بايدن وحوله أوباما وبيلوسي وهاريس بالبيت الأبيض في 5 أبريل 2022 (رويترز)

في حين اعتلى كل من الرئيس السابق باراك أوباما وزوجته ميشيل منصة المؤتمر الوطني الديمقراطي في شيكاغو للإعراب عن دعمهما غير المشروط لمرشحة الحزب كامالا هاريس، غاب وجه هاريس من الحضور، فوقفت هي ونائبها تيم والز على منصة تبعد أكثر من 100 كلم عنهما للحديث مع الناخبين في ولاية ويسكنسن.

الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما وزوجته ميشيل على منصة المؤتمر الوطني الديمقراطي في شيكاغو (إ.ب.أ)

موقف غريب ولافت رآه البعض دليلاً على استمرار الخلافات الداخلية في صفوف الحزب الديمقراطي التي دفعت قياداته الرئيس الحالي جو بايدن إلى التنحي والتخلي عن طموحاته في ولاية ثانية. فهاريس لا تزال نائبة الرئيس الأميركي، وأي ظهور لها برفقة أوباما وغياب بايدن من شأنه أن يعقّد المشهد الداخلي ويعمّق الشرخ الذي خلقه دفع الرئيس السابق وزوجته لبايدن إلى التنحي.

ويحمّل بايدن، الذي كان هو نفسه نائباً لأوباما، الرئيس السابق مسؤولية الجهود لدفعه خارج حلبه الصراع، ويراه كالرأس المدبر الذي جمع ما يكفي من الدعم من قيادات الحزب للضغط عليه للاستسلام وتسليم الشعلة لهاريس.

رأي وضع هاريس في موقف حرج، فهي اليوم ترتدي قبعتين: قبعة المرشحة الديمقراطية للرئاسة التي يقضي دورها برصّ الصف الديمقراطي، وقبعة نائبة الرئيس التي تتمثل مهامها بدعمه وتأييد أجندته، ومن هنا تسعى جاهدة لتوفير التوازن بين حملتها الرئاسية من جهة ومهامها الحالية في البيت الأبيض من جهة أخرى رغم تداخل الملفين وتقاطعهما، فالسباق إلى البيت الأبيض في حاجة إلى وحدة صف لا لبس فيها في صفوف الحزب، ومهمة هاريس ستقضي بلعب دور وسيط بين أقطاب الحزب وعمالقته لردم الانقسامات في البيت الديمقراطي.

بيلوسي وبايدن: هل تنجو العلاقة؟

بيلوسي تحمل لافتة كُتب عليه «نحب جو» في المؤتمر الوطني في 19 أغسطس 2024 بشيكاغو (أ.ب)

ولا يقتصر الخلاف على بايدن وأوباما فحسب، بل يتخطاهما ليشمل قطباً من أقطاب الحزب: رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي التي تحدثت علناً عن ضرورة تنحي بايدن، فيما وصفه الكثيرون في واشنطن بـ«الطعنة من الأمام». وتسعى بيلوسي جاهدة اليوم إلى لملمة الجراح ورأب الصدع في العلاقة المتينة والطويلة التي جمعتها بالرئيس الأميركي منذ عام 1970، فهما أمضيا عقوداً يعملان معاً في الكونغرس، هي في مجلس النواب، وهو في مجلس الشيوخ. وتعاونا على إقرار مشاريع وملفات أساسية للحزب الديمقراطي. لكن العلاقة تأزمت إلى حد القطيعة بعد موقف بيلوسي التي تحدثت عن حظوظ العلاقة بالنجاة لصحيفة «ذي نيويوركر» مطلع الشهر الحالي قائلة: «آمل أن يحصل ذلك، أُصلّي كي يحصل ذلك، وأبكي. لا يمكنني النوم...»، لتعود وتشرح موقفها لشبكة (سي إن إن) خلال المؤتمر الحزبي وتقول: «فعلت ما كان عليّ فعله. هو (بايدن) اتخذ القرار لمصلحة البلاد. قلقي لم يكن بسبب الرئيس بل بسبب حملته...».

أوباما وبايدن: التاريخ يعيد نفسه؟

أوباما ونائبه في المؤتمر الوطني الديمقراطي في 8 أغسطس 2008 بدنفر (أ.ب)

من ناحيته، يعلم أوباما، الذي أمضى 8 أعوام جنباً إلى جنب مع بايدن في البيت الأبيض، خيبة أمل الرئيس الحالي، وهو سعى بشكل واضح في خطابه إلى مد غصن الزيتون له فخصص جزءاً بارزاً فيه لبايدن قائلاً: «التاريخ سوف يتذكر جو بايدن رئيساً استثنائياً دافع عن الديمقراطية في وقت الخطر. وأنا فخور بأنه رئيسي، لكني فخور أكثر بأن يكون صديقي...».

كلمات واضحة تهدف إلى طمر الخلافات السياسية والتركيز على العلاقات الشخصية، وهذا ما يأمل أوباما تحقيقه، لكن جعبة الرئيس الحالي ممتلئة بذكريات الماضي، خصوصاً ذكريات عام 2016، حين سعى بايدن حينها للترشح لمنصب الرئاسة خلفاً لأوباما، في تقليد متعارف عليه في الإدارات المتعاقبة في حال وجود طموحات رئاسية لنائب الرئيس، وخير مثال على ذلك آل غور بعد انتهاء ولاية بيل كلينتون. لكن أوباما وبدلاً من تأييد نائبه ودفعه نحو الترشح، اختار حينها وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون ظناً منه أن حظوظها بالفوز ضد ترمب أكبر من حظوظ نائبه. وهذا ما تحدث عنه بايدن بشكل صريح في مقابلة مع المحقق الخاص روبرت هير عندما قال له: «لقد ظنّ (أوباما) أن حظوظها (كلينتون) بالفوز بالرئاسة أكبر من حظوظي...».

المرشح الجمهوري للانتخابات الأميركية دونالد ترمب ومرشحة الديمقراطيين كامالا هاريس (أ.ف.ب)

وأثبت هذا الظنّ خطأ فادحاً في التقييم، أدى إلى هزيمة كلينتون ووصول ترمب إلى البيت الأبيض، ليتساءل البعض ما إذا كان وجود بايدن على البطاقة بدلاً من السيدة الأولى السابقة ليغير المعادلة وينقذ الديمقراطيين من براثن خصمهم اللدود. وهو أمر على الأرجح ألا يتخطاه بايدن في حال أعاد التاريخ نفسه في هذه الجولة الانتخابية المصيرية، على حد وصف الديمقراطيين.


مقالات ذات صلة

نتنياهو راوغ بلينكن تحسباً لليمين في إسرائيل وأميركا

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وهو يصافح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال اجتماع في القدس 19 أغسطس 2024 (إ.ب.أ)

نتنياهو راوغ بلينكن تحسباً لليمين في إسرائيل وأميركا

كشفت مصادر سياسية بتل أبيب عن أن أسباباً متنوعة إسرائيلية وأميركية دفعت نتنياهو إلى المراوغة والتعبير عن التراجع عما أعلنه بلينكن من قبوله اتفاق تهدئة في غزة.

نظير مجلي (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ف.ب)

بايدن يقر استراتيجية نووية سرية تعيد التركيز على الخطر الصيني

ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، اليوم (الثلاثاء)، أن الرئيس الأميركي جو بايدن وافق في مارس (آذار) على خطة استراتيجية نووية شديدة السرية تجاه الصين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما (أ.ب)

دعماً لهاريس... أوباما يخاطب مؤتمر الحزب الديمقراطي في شيكاغو

يُتوقع أن يشدد الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، في اليوم الثاني من المؤتمر الوطني العام للحزب الديمقراطي، على أن كامالا هاريس تشكل ضمانة لمستقبل الحزب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس جو بايدن يقف بجانب ابنته آشلي في «المؤتمر الوطني الديمقراطي» في شيكاغو (رويترز) play-circle 00:27

بايدن يودّع بالدموع موقعه في الرئاسة ونصف قرن من السياسة... ويدعم هاريس

سلم الرئيس الأميركي جو بايدن الشعلة لنائبته كامالا هاريس في المؤتمر العام للديمقراطيين بشيكاغو، مودعاً الرئاسة التي استمرت 4 أعوام، ونصف قرن من حياته بالسياسة.

علي بردى (شيكاغو)
الولايات المتحدة​ ترمب في حدث انتخابي بولاية بنسلفانيا يوم 19 أغسطس 2024 (أ.ب)

الاستخبارات الأميركية تحذِّر من تدخل إيراني «عنيف» في الانتخابات

اتهمت وكالات الاستخبارات الأميركية إيران بعملية قرصنة، استهدفت حملة الرئيس السابق دونالد ترمب، وشملت الحملة الديمقراطية من دون التمكن من اختراقها.

رنا أبتر (واشنطن)

ماسك وأوربان وفاراج في الصدارة... هل يشكل ترمب فريقه الخيالي المثالي؟

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ب)
TT

ماسك وأوربان وفاراج في الصدارة... هل يشكل ترمب فريقه الخيالي المثالي؟

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ب)

يبدو أن دونالد ترمب، الرئيس الأميركي السابق، والمرشح المحتمل في الانتخابات القادمة، بدأ في بناء فريق الأحلام الذي يسعى من خلاله إلى استعادة البيت الأبيض.

ومن بين أبرز الأسماء التي يتردد أنها ستنضم إلى هذا الفريق، يظهر إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة «X» والمعروف بمواقفه المثيرة للجدل، على رأس القائمة.

ووفقاً لتقرير نشره موقع «بوليتيكو»، يستلهم ترمب تشكيل هذا الفريق من «مجتمع الأشرار السري»، وهو مجموعة خيالية من الشخصيات المتفردة في عالم القصص المصورة.

هذا التشبيه، وإن كان ساخراً، يعكس الطريقة التي يرى بها ترمب فريقه المستقبلي: مجموعة من الشخصيات المؤثرة التي ستعمل معاً بطرق غير تقليدية لتحقيق أهدافه السياسية.

يسعى ماسك إلى حشد دعم متابعيه لترمب (أ.ف.ب)

ماسك، الذي يُعرف بقدرته الفائقة على إثارة الجدل سواء من خلال تصريحاته الجريئة أو تصرفاته غير المتوقعة على وسائل التواصل الاجتماعي، يبدو الشريك المثالي لترمب في هذا السيناريو.

وصف ترمب ماسك قائلاً: «ماسك عبقري، بالتأكيد سأعرض عليه دوراً كبيراً في إدارتي».

الفريق المحتمل: من هم أعضاء «مجتمع ترمب الخيالي السري»؟

إلى جانب ماسك، تشير التكهنات إلى عدد من الشخصيات التي قد تنضم إلى فريق ترمب المستقبلي. من بين هؤلاء:

جاي دي فانس، السيناتور عن ولاية أوهايو ومؤلف كتاب «مرثاة هيلبيلي»، قد يكون نائب الرئيس المحتمل، نظراً لخلفيته السياسية القوية.

السيناتور جاي دي فانس خلال مهرجان انتخابي في ولاية ويسكونسن (أ.ف.ب)

فيكتور أوربان، رئيس وزراء المجر، يُرشح لتولي حقيبة وزارة الخارجية، مستفيداً من علاقاته الوثيقة مع قادة العالم مثل بوتين وشي جين بينغ، على الرغم من التوترات مع الاتحاد الأوروبي.

أوربان يتحدث إلى زيلينسكي خلال قمة زعماء الاتحاد الأوروبي في بروكسل يوم 27 يونيو 2024 (رويترز)

روبرت كينيدي جونيور، عضو عائلة كينيدي الشهيرة، مرشح لتولي وزارة الصحة، رغم آرائه المثيرة للجدل حول اللقاحات.

روبرت إف كينيدي جونيور (رويترز)

تاكر كارلسون، الصحافي المعروف بشخصيته المثيرة للجدل، قد يصبح سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، حيث يمكنه استخدام مهاراته في جذب الانتباه على الساحة الدولية.

تاكر كارلسون (أ.ب)

رودي جولياني، عمدة نيويورك السابق، على الرغم من التحديات القانونية التي يواجهها، قد يعود إلى الساحة وزيرا للعدل.

رودي جولياني العمدة السابق لمدينة نيويورك (أ.ف.ب)

نايغل فاراج، السياسي البريطاني المعروف بعلاقته الوثيقة مع ترمب، قد يتولى مهمة بستاني حديقة الورود، وهو دور رمزي يعكس مدى تقربه من ترمب.

زعيم حزب الإصلاح البريطاني نايغل فاراج (رويترز)

خاتمة: هل سيتحول الحلم إلى حقيقة؟

بينما تزداد التكهنات حول إمكانية فوز ترمب بولاية جديدة، يبقى السؤال الأكبر: هل سيتمكن من تشكيل فريق قوي قادر على تنفيذ رؤيته؟ أم أن هذه الأسماء ستظل مجرد أفكار غير قابلة للتحقيق؟ المؤكد أن الأشهر القادمة ستحمل مزيدا من الإثارة على الساحة السياسية الأميركية.