أوباما وزوجته يدفعان «الأمل» في تكرار تجربة 2008 وانتخاب هاريس

اليوم الثاني من مؤتمر الحزب الديمقراطي يؤكد ترشيحها وسط سخرية من «صغائر» ترمب

الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما يتحدث في المؤتمر الوطني الديمقراطي في شيكاغو (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما يتحدث في المؤتمر الوطني الديمقراطي في شيكاغو (أ.ف.ب)
TT

أوباما وزوجته يدفعان «الأمل» في تكرار تجربة 2008 وانتخاب هاريس

الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما يتحدث في المؤتمر الوطني الديمقراطي في شيكاغو (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما يتحدث في المؤتمر الوطني الديمقراطي في شيكاغو (أ.ف.ب)

ألهب الرئيس الأسبق باراك أوباما وزوجته ميشال أوباما حماسة المشاركين في اليوم الثاني من المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي في شيكاغو، الثلاثاء، بدعواتهما إلى تكرار تجربة عام 2008 وتشكيل ائتلاف عريض يدفع «الأمل» بانتخاب نائبة الرئيس كامالا هاريس، لتكون المرأة الأولى التي تصعد إلى المرتبة الأعلى في البيت الأبيض.

مناصرون لهاريس خلال المؤتمر الوطني الديمقراطي في شيكاغو (أ.ف.ب)

واستعاد الرئيس أوباما بعضاً من صعوده كنجم سياسي في مؤتمر عام 2004 للديمقراطيين، فقال: «أشعر بالأمل لأن هذا المؤتمر كان دائماً جيداً للغاية للأطفال ذوي الأسماء المضحكة الذين يؤمنون ببلد فيه كل شيء ممكن»، مضيفاً أنه «لدينا الآن الفرصة لانتخاب شخص أمضى حياته كلها في محاولة منح الناس الفرص نفسها التي منحتها لها أميركا». إنها كامالا هاريس.

ورأى أوباما أن الأميركيين «ليسوا بحاجة إلى أربع سنوات أخرى من التهويل والفوضى. شاهدنا هذا الفيلم - ونحن جميعاً نعلم أن التكملة عادة ما تكون أسوأ (...) أميركا مستعدة لفصل جديد. أميركا مستعدة لقصة أفضل. نحن مستعدون لرئيسة مثل كامالا هاريس».

وفي تصميم متقن، لعب أوباما دور الشخصية الكاريزمية لإلهام الذين حضروا المؤتمر وغيرهم خارجه من أجل تمكين هاريس من الفوز في الشهرين المتبقيين قبل يوم الانتخابات في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

عودة الأمل

وفي تصريحاتها، وجهت ميشال أوباما رسالة مماثلة، فقالت: «أميركا، الأمل يعود»، لأن هاريس «واحدة من أكثر الأشخاص المؤهلين على الإطلاق الذين سعوا إلى منصب الرئاسة». وشنت ميشال أوباما، واحدة من أشد الهجمات على الرئيس السابق دونالد ترمب، ساخرة من أكثر خطوط حملته إثارة للجدل ضده، بالتساؤل: «من سيخبره أن الوظيفة التي يبحث عنها حالياً يمكن أن تكون مجرد واحدة من تلك الوظائف السوداء؟». ثم أثارت حماسة الحاضرين في شيكاغو بتقديم الدعم والثناء الاستثنائيين لهاريس، لكنها ركزت جزءاً كبيراً من خطابها الذي استمر نحو 20 دقيقة على ترمب، مكررة السخرية من تعليقاته وخلفيته وسلوكه، في حين تجنبت ذكر اسمه.

وأعطت ملاحظاتها نبرة شخصية عندما تحدثت عن الرئيس السابق، الذي قاد حملة استمرت لسنوات عديدة للتشكيك في مكان ميلاد زوجها بارك أوباما، فقالت: «بذل دونالد ترمب لسنوات كل ما في وسعه في محاولة لجعل الناس يخافون منّا»، مضيفة أن «نظرته المحدودة والضيقة للعالم جعلته يشعر بالتهديد من وجود شخصين ناجحين ومتعلمين تعليماً عالياً ومجتهدين، وهما من السود». وركزت على شكواه حول المهاجرين الذين يأخذون «وظائف السود» من خلال الإشارة إلى أن رئاسة الولايات المتحدة كانت كذلك، وقد تكون كذلك قريباً. ورأت أن الأميركيين الذين مثل هاريس يدركون أن «معظمنا لن يُمنح أبداً نعمة الفشل إلى الأمام»، في إشارة إلى مشاكل ترمب التجارية.

وأشارت إلى أن معظم الأميركيين لا يكبرون مع «العمل الإيجابي للثروة المتوارثة» علي غرار ترمب المولود من عائلة ثرية في نيويورك. وقالت: «إذا رأينا جبلاً أمامنا، فلا نتوقع أن يكون هناك سلم متحرك ينتظرنا ليأخذنا إلى القمة. درجة تلو الدرجة»، وسط تصفيق مدوٍ من الجمهور.

الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما وزوجته ميشال على منصة المؤتمر الوطني الديمقراطي في شيكاغو (إ.ب.أ)

تأكيد ترشيح هاريس

وقبل أن يتحدث أوباما وزوجته، أجرى المندوبون تصويتاً بالنداء على هاريس، في طقس احتفالي أكد ترشيحها رسمياً. ثم تم نقل هاريس لتحية مندوبي شيكاغو في تجمع جماهيري كانت تقيمه بميلووكي، حيث خاطبت حشوداً مبتهجة في كلتا المدينتين في وقت واحد. وقالت هاريس: «أشكر الجميع هناك وهنا (...) هذه حملة مدعومة بالناس، وسنرسم معاً طريقاً جديداً للمضي قدماً».

وفي تصريحاته، أشاد أوباما أيضاً بفترة ولاية بايدن وإنجازاته. وقال: «سيتذكر التاريخ جو بايدن بصفته رئيساً دافع عن الديمقراطية في لحظة من الخطر الكبير»، مضيفاً: «أنا فخور بأن أُسمّيه رئيسي، ولكنني أكثر فخراً بأن أُسمّيه صديقي».

الرئيس جو بايدن ونائبته المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس يداً بيد في «المؤتمر الوطني الديمقراطي» بشيكاغو (أ.ب)

ولم يكن أوباما الوحيد من نادي الرؤساء المدافعين عن سجل هاريس الرئاسي، إذ شارك في المؤتمر أحفاد الرئيس جيمي كارتر، وجون كينيدي، لدعمها بصفتها الوريثة الطبيعية لزعماء ديمقراطيين سابقين. وقال جايسون كارتر، حفيد الرئيس التاسع والثلاثين: «تحمل كامالا هاريس إرث جدي. إنها تعرف ما هو الصواب وتقاتل من أجله». واقترح جاك شلوسبيرغ أن هاريس ستواصل أجندة كينيدي، فقال إنها «تؤمن بأميركا كما كان جدي يؤمن بها. أننا نفعل الأشياء ليس لأنها سهلة، ولكن لأنها صعبة».

جمهوريون ضد ترمب

وصعد بعض الجمهوريين إلى منصة الحزب الديمقراطي لتوجيه رسالة إلى زملائهم، مفادها أنه لا بأس من ترك ترمب. وقالت ستيفاني غريشام التي عملت في أدوار مختلفة في البيت الأبيض في عهد ترمب الذي «ليس لديه تعاطف ولا أخلاق ولا إخلاص للحقيقة». وقالت: «لم يعد بإمكاني أن أكون جزءاً من الجنون بعد الآن. عندما كنت ناطقة صحافية، تعرضت للسخرية لأنني لم أعقد إحاطة في البيت الأبيض أبداً. هذا لأنه على عكس رئيسي. لم أرغب قط في الوقوف على تلك المنصة والكذب».

وقال كايل سويتسر، وهو ناخب لترمب من ألاباما، إن التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس السابق جعلت الحياة أكثر صعوبة بالنسبة لعمال البناء مثله. ويتحدث رئيس بلدية ميسا في أريزونا الجمهوري، جون غيلز، عن سبب دعمه لهاريس، معدّاً أن سياسات ترمب تضر بالمدن مثل مدينته.

وتحدث الرجل الثاني دوغ إيمهوف، وزعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ السيناتور تشاك شومر، والسناتور المستقل بيرني ساندرز، المحبوب من التقدميين.

هويتان متشابهتان

وكان ناشطو الحزب الديمقراطي استعادوا في اليوم الثاني من مؤتمرهم، بداية العلاقة بين أوباما وهاريس عام 2004، عندما ساعدت هاريس في استضافة حملة لجمع التبرعات لترشيحه لمجلس الشيوخ في قاعة فندق في سان فرانسيسكو. وسرعان ما نشأت بينهما علاقة متينة بسبب خلفياتهما الثقافية، ووجدا قواسم مشتركة مريحة مع بعضهما في عالم سياسي يُهيمن عليه السياسيون البيض.

وبين عامي 2007 و2008، لم تُصر هاريس، وهي ابنة عالم هندي وأستاذ اقتصاد جامايكي، مجرد بديل قوي لسياسات أوباما فحسب، بل صارت أيضاً سفيرة لخلفيته الثقافية، إذ أوضحت تعقيدات هويته للناخبين الذين لم يفكروا قط في مرشح رئاسي مثله من قبل. وقالت هاريس عام 2007: «يميل الكثيرون منا إلى تبسيط التصنيفات السياسية بشكل مفرط. إنه أكثر إثارة للاهتمام وتعقيداً من تلك الفئات العادية».

المرشح الجمهوري للانتخابات الأميركية دونالد ترمب ومرشحة الديمقراطيين كامالا هاريس (أ.ف.ب)

وتوطدت هذه العلاقة بعد فوز أوباما بترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة في يونيو (حزيران) 2008، والرئاسة في نوفمبر (تشرين الثاني) من ذلك العام، فاحتلت هاريس العناوين الرئيسية في المقارنات الإيجابية مع أوباما.

وتوجد أوجه تشابه عديدة بين أوباما وهاريس، اللذين أمضى كل منهما حياته المهنية في الدفاع عن قضية بلد يغلب عليه البيض مفادها أن «الطفل النحيف ذو الاسم المضحك»، كما أطلق أوباما على نفسه مرشحاً لمجلس الشيوخ في مؤتمر الحزب الديمقراطي عام 2004، وهاريس، «ابنة أوكلاند» التي نشأت في بيركلي لأم عزباء، يمكن أن يساعدا الأميركيين على بناء جسور ثقافية فيما بينهم وتجاوز الخلافات السياسية.

في بداية علاقتهما السياسية، زعمت هاريس أن خلفية أوباما ــ كانت والدته بيضاء من كانساس وكان والده من كينيا ــ كانت ميزة، وهو النوع من الهوية التي قد يعدها عدد متزايد من الأميركيين ليس تهديداً للوضع الراهن بل سمة مرحب بها للعيش في ديمقراطية متنوعة.

وربط بعضهم حضور أوباما بأنه لم ينسَ قط ما فعلته هاريس، وجاء إلى المؤتمر الوطني الديمقراطي ليرد لها الجميل، بخطاب عمل عليه لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، وفقاً لشخص مطلع على استعداداته، موضحاً أن الرئيس الأسبق أعاد صياغة الخطاب أخيراً ليتناسب مع انسحاب بايدن من السباق لمصلحة هاريس.


مقالات ذات صلة

دعماً لهاريس... أوباما يخاطب مؤتمر الحزب الديمقراطي في شيكاغو

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما (أ.ب)

دعماً لهاريس... أوباما يخاطب مؤتمر الحزب الديمقراطي في شيكاغو

يُتوقع أن يشدد الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، في اليوم الثاني من المؤتمر الوطني العام للحزب الديمقراطي، على أن كامالا هاريس تشكل ضمانة لمستقبل الحزب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس جو بايدن يقف بجانب ابنته آشلي في «المؤتمر الوطني الديمقراطي» في شيكاغو (رويترز) play-circle 00:27

بايدن يودّع بالدموع موقعه في الرئاسة ونصف قرن من السياسة... ويدعم هاريس

سلم الرئيس الأميركي جو بايدن الشعلة لنائبته كامالا هاريس في المؤتمر العام للديمقراطيين بشيكاغو، مودعاً الرئاسة التي استمرت 4 أعوام، ونصف قرن من حياته بالسياسة.

علي بردى (شيكاغو)
الولايات المتحدة​ الرئيس جو بايدن يقف بجانب ابنته آشلي في المؤتمر الوطني الديمقراطي في شيكاغو (رويترز) play-circle 00:27

بايدن يدعم هاريس مودعاً الرئاسة ونصف قرن من السياسة

سلم الرئيس الأميركي جو بايدن الشعلة لنائبته كامالا هاريس في المؤتمر العام للديمقراطيين بشيكاغو، مودعاً الرئاسة التي استمرت 4 أعوام وحياته لنصف قرن في السياسة.

علي بردى (شيكاغو)
الولايات المتحدة​ مؤيدون لفلسطين يتظاهرون قبل المؤتمر الوطني الديمقراطي في 18 أغسطس 2024 في شيكاغو، إلينوي، الولايات المتحدة (أ.ف.ب)

احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين قبل بدء مؤتمر الحزب الديمقراطي الأميركي

يحتشد محتجون مؤيدون للفلسطينيين، من المرجح أن يصل عددهم إلى عشرات الألوف، أمام مقر انعقاد المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي الذي يبدأ اليوم (الاثنين).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الاستعدادات للمؤتمر الوطني الديمقراطي في شيكاغو (أ.ف.ب)

هاريس تستعيد الوعد الأوبامي… وتضيف «الفرح» إذا فازت

مع انعقاد مؤتمر الحزب الديمقراطي في شيكاغو، الاثنين، تستعيد مرشحتهم نائبة الرئيس كامالا هاريس الوعد الأوبامي بـ«الأمل» و«التغيير»، واعدة بإضافة الفرح إذا فازت.

علي بردى (شيكاغو)

بعد التنحي: هل يتخطى عمالقة الديمقراطيين خلافاتهم؟

بايدن وحوله أوباما وبيلوسي وهاريس بالبيت الأبيض في 5 أبريل 2022 (رويترز)
بايدن وحوله أوباما وبيلوسي وهاريس بالبيت الأبيض في 5 أبريل 2022 (رويترز)
TT

بعد التنحي: هل يتخطى عمالقة الديمقراطيين خلافاتهم؟

بايدن وحوله أوباما وبيلوسي وهاريس بالبيت الأبيض في 5 أبريل 2022 (رويترز)
بايدن وحوله أوباما وبيلوسي وهاريس بالبيت الأبيض في 5 أبريل 2022 (رويترز)

في حين اعتلى كل من الرئيس السابق باراك أوباما وزوجته ميشيل منصة المؤتمر الوطني الديمقراطي في شيكاغو للإعراب عن دعمهما غير المشروط لمرشحة الحزب كامالا هاريس، غاب وجه هاريس من الحضور، فوقفت هي ونائبها تيم والز على منصة تبعد أكثر من 100 كلم عنهما للحديث مع الناخبين في ولاية ويسكنسن.

الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما وزوجته ميشيل على منصة المؤتمر الوطني الديمقراطي في شيكاغو (إ.ب.أ)

موقف غريب ولافت رآه البعض دليلاً على استمرار الخلافات الداخلية في صفوف الحزب الديمقراطي التي دفعت قياداته الرئيس الحالي جو بايدن إلى التنحي والتخلي عن طموحاته في ولاية ثانية. فهاريس لا تزال نائبة الرئيس الأميركي، وأي ظهور لها برفقة أوباما وغياب بايدن من شأنه أن يعقّد المشهد الداخلي ويعمّق الشرخ الذي خلقه دفع الرئيس السابق وزوجته لبايدن إلى التنحي.

ويحمّل بايدن، الذي كان هو نفسه نائباً لأوباما، الرئيس السابق مسؤولية الجهود لدفعه خارج حلبه الصراع، ويراه كالرأس المدبر الذي جمع ما يكفي من الدعم من قيادات الحزب للضغط عليه للاستسلام وتسليم الشعلة لهاريس.

رأي وضع هاريس في موقف حرج، فهي اليوم ترتدي قبعتين: قبعة المرشحة الديمقراطية للرئاسة التي يقضي دورها برصّ الصف الديمقراطي، وقبعة نائبة الرئيس التي تتمثل مهامها بدعمه وتأييد أجندته، ومن هنا تسعى جاهدة لتوفير التوازن بين حملتها الرئاسية من جهة ومهامها الحالية في البيت الأبيض من جهة أخرى رغم تداخل الملفين وتقاطعهما، فالسباق إلى البيت الأبيض في حاجة إلى وحدة صف لا لبس فيها في صفوف الحزب، ومهمة هاريس ستقضي بلعب دور وسيط بين أقطاب الحزب وعمالقته لردم الانقسامات في البيت الديمقراطي.

بيلوسي وبايدن: هل تنجو العلاقة؟

بيلوسي تحمل لافتة كُتب عليه «نحب جو» في المؤتمر الوطني في 19 أغسطس 2024 بشيكاغو (أ.ب)

ولا يقتصر الخلاف على بايدن وأوباما فحسب، بل يتخطاهما ليشمل قطباً من أقطاب الحزب: رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي التي تحدثت علناً عن ضرورة تنحي بايدن، فيما وصفه الكثيرون في واشنطن بـ«الطعنة من الأمام». وتسعى بيلوسي جاهدة اليوم إلى لملمة الجراح ورأب الصدع في العلاقة المتينة والطويلة التي جمعتها بالرئيس الأميركي منذ عام 1970، فهما أمضيا عقوداً يعملان معاً في الكونغرس، هي في مجلس النواب، وهو في مجلس الشيوخ. وتعاونا على إقرار مشاريع وملفات أساسية للحزب الديمقراطي. لكن العلاقة تأزمت إلى حد القطيعة بعد موقف بيلوسي التي تحدثت عن حظوظ العلاقة بالنجاة لصحيفة «ذي نيويوركر» مطلع الشهر الحالي قائلة: «آمل أن يحصل ذلك، أُصلّي كي يحصل ذلك، وأبكي. لا يمكنني النوم...»، لتعود وتشرح موقفها لشبكة (سي إن إن) خلال المؤتمر الحزبي وتقول: «فعلت ما كان عليّ فعله. هو (بايدن) اتخذ القرار لمصلحة البلاد. قلقي لم يكن بسبب الرئيس بل بسبب حملته...».

أوباما وبايدن: التاريخ يعيد نفسه؟

أوباما ونائبه في المؤتمر الوطني الديمقراطي في 8 أغسطس 2008 بدنفر (أ.ب)

من ناحيته، يعلم أوباما، الذي أمضى 8 أعوام جنباً إلى جنب مع بايدن في البيت الأبيض، خيبة أمل الرئيس الحالي، وهو سعى بشكل واضح في خطابه إلى مد غصن الزيتون له فخصص جزءاً بارزاً فيه لبايدن قائلاً: «التاريخ سوف يتذكر جو بايدن رئيساً استثنائياً دافع عن الديمقراطية في وقت الخطر. وأنا فخور بأنه رئيسي، لكني فخور أكثر بأن يكون صديقي...».

كلمات واضحة تهدف إلى طمر الخلافات السياسية والتركيز على العلاقات الشخصية، وهذا ما يأمل أوباما تحقيقه، لكن جعبة الرئيس الحالي ممتلئة بذكريات الماضي، خصوصاً ذكريات عام 2016، حين سعى بايدن حينها للترشح لمنصب الرئاسة خلفاً لأوباما، في تقليد متعارف عليه في الإدارات المتعاقبة في حال وجود طموحات رئاسية لنائب الرئيس، وخير مثال على ذلك آل غور بعد انتهاء ولاية بيل كلينتون. لكن أوباما وبدلاً من تأييد نائبه ودفعه نحو الترشح، اختار حينها وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون ظناً منه أن حظوظها بالفوز ضد ترمب أكبر من حظوظ نائبه. وهذا ما تحدث عنه بايدن بشكل صريح في مقابلة مع المحقق الخاص روبرت هير عندما قال له: «لقد ظنّ (أوباما) أن حظوظها (كلينتون) بالفوز بالرئاسة أكبر من حظوظي...».

المرشح الجمهوري للانتخابات الأميركية دونالد ترمب ومرشحة الديمقراطيين كامالا هاريس (أ.ف.ب)

وأثبت هذا الظنّ خطأ فادحاً في التقييم، أدى إلى هزيمة كلينتون ووصول ترمب إلى البيت الأبيض، ليتساءل البعض ما إذا كان وجود بايدن على البطاقة بدلاً من السيدة الأولى السابقة ليغير المعادلة وينقذ الديمقراطيين من براثن خصمهم اللدود. وهو أمر على الأرجح ألا يتخطاه بايدن في حال أعاد التاريخ نفسه في هذه الجولة الانتخابية المصيرية، على حد وصف الديمقراطيين.