مخاوف أميركية متزايدة من تدخل إيراني في الانتخابات… ضد ترمب

«الحرس الثوري» يسبق الروس والصينيين في القرصنة الإلكترونية

طالب هندسة خلال تدريب على مكافحة القرصنة في باريس (أ.ف.ب)
طالب هندسة خلال تدريب على مكافحة القرصنة في باريس (أ.ف.ب)
TT

مخاوف أميركية متزايدة من تدخل إيراني في الانتخابات… ضد ترمب

طالب هندسة خلال تدريب على مكافحة القرصنة في باريس (أ.ف.ب)
طالب هندسة خلال تدريب على مكافحة القرصنة في باريس (أ.ف.ب)

غداة إعلان حملة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، أن أنظمة البريد الإلكتروني الخاصة اختُرِقت من قراصنة يعملون لمصلحة إيران، حذر خبراء ومسؤولون من أن هذه العملية قد تكون علامة مقلقة على مزيد من الهجمات السيبرانية المقبلة من الآن وحتى موعد الانتخابات في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وفي ضوء للمخاوف المتزايدة من عمليات القرصنة، دعا نائبان ديمقراطيان يخدمان في لجنتي الاستخبارات والأمن إلى جلسات استماع ورفع السريّة عن المعلومات المتعلقة بالتدخل الأجنبي المحتمل في الانتخابات.

وكشفت عملية القرصنة على أثر تلقي العديد من وسائل الإعلام الأميركية، بما في ذلك صحيفتا «النيويورك تايمز» و«الواشنطن بوست» وموقع «بوليتيكو»، وثائق طبعت عليها كلمة «مميزة» أو «سريّة» من مستخدم يدعى «روبرت»، وبينها وثيقة فحص داخلية حول المرشح لمنصب نائب الرئيس على بطاقة الحزب الجمهوري السيناتور جاي دي فانس.

«الحرس الثوري»

وفيما أكد موقع «بوليتيكو» أنه بدأ يتلقى الوثائق من «روبرت» في 22 يوليو (تموز) الماضي، أشارت حملة ترمب إلى تقرير أصدرته شركة «مايكروسوفت» يوم الجمعة الماضي عن مجموعة قرصنة تديرها وحدة مخابرات في «الحرس الثوري» الإيراني نجحت في اختراق حساب «مستشار كبير سابق» لحملة رئاسية، موضحة أن هذه المجموعة أرسلت من هذا الحساب رسائل بريد إلكتروني مزيفة، تُعرف باسم «التصيد الاحتيالي»، إلى «مسؤول رفيع المستوى في حملة رئاسية» في محاولة لاختراق حسابات وقواعد بيانات الحملة.

علامة وزارة العدل الأميركية في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)

وأعلن ترمب أن «مايكروسوفت» أبلغت حملته «باختراق أحد مواقعنا العديدة على الويب من قبل الحكومة الإيرانية - وهو أمر ليس لطيفاً على الإطلاق!»، لكن المتسللين حصلوا فقط على «معلومات متاحة للجمهور». وحمّل مسؤولية كل ذلك إلى ما سماه، بأحرف كبيرة مميزة، إدارة الرئيس جو بايدن «الضعيفة وغير الفعّالة».

ومن غير الواضح ما إذا كانت المجموعة الإيرانية، التي أطلقت عليها «مايكروسوفت» اسم «مينت ساندستورم»، قادرة على تحقيق أي شيء. ومع أن حملة ترمب ألقت تبعات التسريب على «مصادر أجنبية معادية للولايات المتحدة»، لم يتضح ما إذا كانت الوثائق التي تلقتها «بوليتيكو» نشأت بالفعل من الجهود الإيرانية أو كانت جزءاً من تسريب غير ذي صلة من داخل الحملة.

وأكدت «النيويورك تايمز» أنها تلقت «ما يبدو أنه كنز مماثل» ولكنه «غير متطابق» للذي وصل الى «الواشنطن بوست» و«بوليتيكو» من مخبر مجهول يدعى أيضاً «روبرت». وأوردت أنه في كل الحالات، تنذر أحداث الأيام القليلة الماضية «بفترة أكثر كثافة من التدخل الأجنبي في سباق كان من الممكن أن تؤدي تحولاته المفاجئة، وتغييرات المرشحين، إلى إبعاد القراصنة عن خططهم».

وفي مقابلة صحافية، قال رئيس فريق أمن العملاء والثقة في «مايكروسوفت» توم بيرت إنه في يونيو (حزيران) الماضي، نجح «الفريق الإيراني المرتبط بعمليات المخابرات الإيرانية» في اختراق حساب البريد الإلكتروني لمستشار سابق في حملة انتخابية، مضيفاً أنه من خلال هذه الرواية، أرسل الإيرانيون رسالة بريد إلكتروني احتيالية إلى مسؤول في حملة رئاسية. وبينما بدا للمتلقي أن الرسالة جاءت من المستشار السابق، رفض بيرت أن يحدد ما إذا كانت الحملة المستهدفة تابعة أيضاً لترمب.

روسيا والصين

وانتقد الناطق باسم حملة ترمب، ستيفن تشيونغ المنافذ الإخبارية التي أبلغت عن أي معلومات جرى الحصول عليها بشكل غير صحيح. وكتب في بيان أن «أي وسيلة إعلامية أو منفذ إخباري يعيد طباعة وثائق أو اتصالات داخلية، يفعل ما يريده أعداء أميركا بالضبط».

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ب)

ويقول المحققون وخبراء الأمن السيبراني إن روسيا لعبت حتى الآن دوراً ثانوياً نسبياً، مركزة على السعي إلى تقويض الألعاب الأولمبية، التي حرمت من المشاركة فيها، وجهود دعم أوكرانيا. وبينما يقول مسؤولون استخباريون أميركيون إنهم لا يشكون في أن موسكو تريد رؤية ترمب في البيت الأبيض، يرون أن القراصنة الصينيين غير متأكدين من كيفية اللعب في الانتخابات، إذ إن لديهم سبباً لعدم إعجابهم بترمب أو بمرشحة الديمقراطيين نائبة الرئيس كامالا هاريس.

ولا يشكك المحققون في أن الإيرانيين يتمنون هزيمة ترمب، الذي عندما كان رئيساً انسحب من الاتفاق النووي لعام 2015، وأعاد فرض العقوبات الاقتصادية على إيران، ثم أمر في يناير (كانون الثاني) 2020 بقتل قائد «فيلق القدس» لدى «الحرس الثوري» الجنرال قاسم سليماني. وأكدوا أن «الحرس الثوري لا يزال عازماً على الانتقام لمقتل سليماني»، علماً بأن وزارة العدل الأميركية أعلنت الأسبوع الماضي توجيه اتهام إلى رجل باكستاني زار إيران أخيراً، لمحاولته توظيف قاتل مأجور لاغتيال شخصيات سياسية في الولايات المتحدة، يرجح أن يكون ترمب بينهم.

استماع في الكونغرس

وكتب عضو اللجنة الفرعية للأمن السيبراني الخاصة بلجنة الأمن الداخلي لدى مجلس النواب أريك سوالويل على منصة «إكس» أنه يسعى للحصول على إحاطة من وزارة الأمن الداخلي. وقال: «نعم، ترمب هو الشخص الأكثر حقارة على الإطلاق الذي سعى إلى تولي منصب. كما سعى إلى القرصنة الأجنبية في انتخابات سابقة. لكن هذا لا يعني أن أميركا تتسامح مع التدخل الأجنبي على الإطلاق».

وكذلك حض الرئيس السابق للجنة الاستخبارات في مجلس النواب الديمقراطي آدم شيف، في تغريدة على «إكس»، المسؤولين على رفع السرية بسرعة عن أي معلومات حول الطبيعة الأجنبية المحتملة للقرصنة التي أبلغت عنها الحملة. وقال إنه «في عام 2016، تحرك مجتمع الاستخبارات ببطء شديد لتحديد هوية مخطط القرصنة والإغراق الذي نفذته روسيا لتقسيم الأميركيين والاستفادة من حملة ترمب»، موضحاً أن «مجتمع الاستخبارات أدخل منذ ذلك الحين تحسينات، ولكنه يجب أن يتصرف بسرعة هنا». وإذ دعا الحزبين الديمقراطي والجمهوري إلى إدانة القرصنة المبلغ عنها، ذكّر أنه «في عام 2016، رحبت حملة ترمب بالتدخل الروسي، واستغلته، ثم سعت إلى إنكاره، مما أضر كثيراً بالبلاد».


مقالات ذات صلة

روسيا تحجب خدمة الدردشة المشفرة «سيغنال»

أوروبا شعار خدمة الدردشة المشفرة «سيغنال» (رويترز)

روسيا تحجب خدمة الدردشة المشفرة «سيغنال»

في إطار حملتها ضد خدمات الإنترنت الأجنبية، قامت روسيا بحجب خدمة الدردشة المشفرة «سيغنال» بسبب مزاعم انتهاكات قانونية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
تكنولوجيا الملياردير الأميركي إيلون ماسك (رويترز)

ماسك يعيد رفع دعوى ضد مؤسسي «أوبن إيه آي»... ما السبب؟

أعاد الملياردير إيلون ماسك أمس (الاثنين) رفع الدعوى التي سبق وتقدّم بها قبل أن يسحبها، ضد المشاركين في تأسيس «أوبن إيه آي».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا شعار شركة «كراود سترايك» (أ.ف.ب)

بعد تسببها بعطل معلوماتي عالمي... ماذا نعرف عن «كراود سترايك»؟

استيقظ الملايين من الأشخاص حول العالم، في وقت مبكر من صباح أمس (الجمعة)، ليجدوا القنوات الإخبارية التلفزيونية صامتة، وبعض القطارات والمواقع الإلكترونية معطلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا ركاب يتحققون من شاشات المغادرة والوصول مع تأخر الرحلات الجوية بسبب انقطاع التكنولوجيا العالمية في مطار أميركي (أ.ب)

انحسار العطل الرقمي العالمي... والتركيز ينصب على المخاطر

تعود الخدمات المقدمة في مختلف المجالات، من شركات طيران إلى قطاعات الرعاية الصحية والشحن والشؤون المالية، إلى العمل منذ أمس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا ركاب يتجمعون في صالة مغادرة الرحلات الدولية بمطار في روما وسط انقطاع الإنترنت (أ.ب)

لماذا انقطع الإنترنت حول العالم؟ كل ما تحتاج إلى معرفته

أدى انقطاع كبير في الإنترنت، اليوم (الجمعة)، إلى تعطيل أجهزة الكومبيوتر التي تعمل بنظام التشغيل «ويندوز» في جميع أنحاء العالم.


​ماسك وترمب في «مقابلة العصر»

إيلون ماسك يتعهد بـ«ترفيه مضمون» في مقابلة ترمب (رويترز)
إيلون ماسك يتعهد بـ«ترفيه مضمون» في مقابلة ترمب (رويترز)
TT

​ماسك وترمب في «مقابلة العصر»

إيلون ماسك يتعهد بـ«ترفيه مضمون» في مقابلة ترمب (رويترز)
إيلون ماسك يتعهد بـ«ترفيه مضمون» في مقابلة ترمب (رويترز)

منذ إعلانه عن تأييده الرسمي للمرشح الجمهوري دونالد ترمب بعد محاولة اغتياله في يوليو (تموز) الماضي يستمر الملياردير إيلون ماسك في إثارة الجدل من خلال مساعيه تحريك دفة الانتخابات الأميركية.

فماسك، الذي جمعته علاقة متقلبة بترمب، أعلن عن مقابلة مع الرئيس السابق على منصته «إكس» (تويتر سابقاً) فيما وصفتها الحملة الانتخابية الجمهورية بـ«مقابلة القرن»، وروجت لها على «إكس»، المنصة التي حظرت ترمب بعد أحداث اقتحام الكابيتول في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021 لتكون بذلك المرة الأولى التي يستعمل فيها ترمب المنصة بشكل رسمي منذ أغسطس (آب) 2023 عندما نشر صورته الجنائية ساعياً لجمع التبرعات. وكان ماسك رفع الحظر عن ترمب في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022.

ودعا فريق ترمب عبر منشور على المنصة مناصريه لمتابعة المقابلة التي تبث على «إكس» مكرراً شعاره الشهير «اجعل أميركا عظيمة مجدداً».

وتعهد ماسك بـ«ترفيه مضمون»، قائلاً عن المقابلة: «إنها مرتجلة من دون قيود على المواضيع، إذن ستكون مسليّة جداً»، ودعا مستخدمي المنصة إلى طرح أسئلتهم على ترمب عبر الرد على تغريدته.

ولعلّ التحدي الأبرز أمام ماسك هو الحرص على عدم تكرار سيناريو مايو (أيار) من العام الماضي، عندما استضاف حاكم ولاية فلوريدا وغريم ترمب حينها، رون ديسانتيس، الذي أعلن عن بدء حملته الانتخابية على «إكس». وقد طغت على المقابلة أخطاء تقنية ومشاكل فنية هيمنت على مضمونها، وأثارت سخرية الكثيرين بمن فيهم ترمب نفسه.

لكن ماسك وعد هذه المرة بإجراء اختبارات فنية متعددة قبل المقابلة لتفادي حصول الأخطاء نفسها، وبالفعل فقد أجرى اختبارين الأول لمدة 19 دقيقة حصد أكثر من مليوني مشاهدة، والثاني استمر قرابة الـ46 دقيقة وشاهده أكثر من مليون شخص. ويأمل ترمب من خلال المقابلة أن يسرق الأضواء من منافسته كامالا هاريس التي تستقطب اهتمام الناخبين والإعلام منذ إعلان بايدن عن تسليمها شعلة السباق.

ترمب بحدث انتخابي في مونتانا 9 أغسطس 2024 (رويترز)

من ديمقراطي إلى «ترمبي»

وبهذا يعزز ماسك سعيه لإقحام نفسه في السياسة الأميركية، فرجل الأعمال الذي ولد في جنوب أفريقيا وحصل على الجنسية الأميركية في عام 2002 قال إنه صوّت لصالح الديمقراطيين لعقود، لكنه غير مساره في نوفمبر 2023 عندما أعلن أنه لن يصوت لصالح بايدن من دون التعهد بدعم ترمب، لتأتي محاولة الاغتيال وتغيّر المعادلة جذرياً إذ أعلن على منصته بأنه يؤيد ترمب بالكامل. ورغم أن الملياردير المثير للجدل نفى أنه يقدم أي تبرعات مباشرة للحملات الانتخابية، فإنه عمد إلى تأسيس لجنة سياسية داعمة لترمب تحت اسم «أميركا باك»، وهي تخضع حالياً للتحقيق في ميشيغان بسبب اتهامات بانتهاكها لقوانين الولاية عبر جمع بيانات الناخبين.

ترمب وماسك في مركز كينيدي للفضاء بفلوريدا 30 مايو 2020 (رويترز)

ولا تقتصر التحركات والمواقف المثيرة للجدل لماسك عند هذا الحد، فقد أثار موجة من الانتقادات في تغريدات مختلفة روّجت لمعلومات كاذبة، مثل فيديو يظهر المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس تنتقد بايدن، ليتبين لاحقاً أنه تم التلاعب بالصوت عبر الذكاء الاصطناعي، وحصد الفيديو 190 مليون مشاهدة، كما اتهم الحزب «الديمقراطي» بفتح الحدود أمام المهاجرين غير الشرعيين لـ«زيادة عدد الناخبين الديمقراطيين».

وكان تقرير لمركز مكافحة الكراهية الرقمية أظهر أن منشورات ماسك المضللة أو الخاطئة بشأن الانتخابات الأميركية حصلت على أكثر من مليار مشاهدة لهذا العام.