السباق الرئاسي في أميركا يدخل المائة يوم الأخيرة

تراشُق بين هاريس وترمب... وارتفاع التأييد لـ«المرشحة» الديمقراطية إلى 43 %

نائبة الرئيس الأميركي المرشحة الرئاسية الديمقراطية كامالا هاريس تتحدث خلال حفل لجمع التبرعات في بيتسفيلد بماساتشوستس السبت (أ.ف.ب)
نائبة الرئيس الأميركي المرشحة الرئاسية الديمقراطية كامالا هاريس تتحدث خلال حفل لجمع التبرعات في بيتسفيلد بماساتشوستس السبت (أ.ف.ب)
TT

السباق الرئاسي في أميركا يدخل المائة يوم الأخيرة

نائبة الرئيس الأميركي المرشحة الرئاسية الديمقراطية كامالا هاريس تتحدث خلال حفل لجمع التبرعات في بيتسفيلد بماساتشوستس السبت (أ.ف.ب)
نائبة الرئيس الأميركي المرشحة الرئاسية الديمقراطية كامالا هاريس تتحدث خلال حفل لجمع التبرعات في بيتسفيلد بماساتشوستس السبت (أ.ف.ب)

يدخل السباق إلى البيت الأبيض مرحلة مفصلية اعتباراً من الأحد، حيث يُتوقع أن تشهد الأيام المائة المتبقية قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية منافسة محمومة، في ختام حملة خلطت أوراقها محاولةُ اغتيال الرئيس السابق دونالد ترمب، وخروج الرئيس جو بايدن من الباب الضيق.

وبعد أسابيع من التجاذبات الداخلية، والتسريبات الصحافية المشكّكة بقدرة بايدن على الفوز بولاية ثانية، أعاد انسحاب بايدن من السباق، ودعمه نائبته كامالا هاريس لخوضه، توحيدَ صفوف الحزب الديمقراطي، وشدّ عصبه في مواجهة المنافس الجمهوري ترمب، الساعي للعودة إلى مقر الرئاسة الأميركية.

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب المرشح الجمهوري للانتخابات المقبلة يتحدث خلال تجمّع في سانت كلاود بمينيسوتا السبت (أ.ف.ب)

تراشق بين هاريس وترمب

ووصفت هاريس نفسها، خلال لقاء لجمع التبرعات في بتسفيلد بولاية ماساتشوستس في شمال شرقي البلاد، السبت، بأنها «ليست المرشحة للفوز» في الانتخابات الرئاسية، ووصفت خصمها الجمهوري ترمب بأنه «غريب تماماً»، في حين وصف ترمب هاريس بأنها «ليبرالية مجنونة».

ويأتي هذا التراشق بعد أسبوع عاصف شهد صعود هاريس إلى قمة بطاقة الترشيح عن الحزب الديمقراطي، بعد أن تخلّى الرئيس جو بايدن (81 عاماً) عن مسعاه للفوز بولاية ثانية، تحت ضغط متزايد من رفاقه الديمقراطيين.

وتشير سلسلة من استطلاعات الرأي إلى أن دخول هاريس السباق محا التقدم الذي كان يتمتّع به ترمب على بايدن في غضون أيام.

وذكرت هاريس في كلمة لها في فعالية خاصة لجمع التبرعات، شارك فيها المغني وكاتب الأغاني جيمس تايلور في بيتسفيلد بولاية ماساتشوستس، أن كثيراً مما يقوله ترمب والسيناتور الأميركي جيه دي فانس المرشح نائباً على بطاقته الانتخابية «غريب تماماً».

ويُعدّ استخدامها كلمة «غريب» لوصف خصومها جزءاً من استراتيجية جديدة من الديمقراطيين، ووصفت حملة هاريس ترمب بأنه «عجوز وغريب للغاية»، بعد ظهوره على قناة «فوكس نيوز» يوم الخميس، وظهر مؤيد واحد على الأقل خلال فعالية السبت حاملاً لافتة مكتوباً عليها «ترمب غير طبيعي».

ومثلما فعلت خلال سلسلة من فعاليات الحملة الانتخابية خلال الأيام القليلة الماضية، قارنت هاريس مرة أخرى بين سجلّها بوصفها مدّعية عامة وسجل ترمب بوصفه مُجرماً مُداناً، وقالت إن مسعاها يتعلق بالمستقبل، بينما يريد ترمب إعادة البلاد إلى «الماضي المظلم».

وبعد ساعات، أطلق ترمب وابلاً من الهجمات في تجمّع حاشد في سانت كلاود بولاية مينيسوتا، حول قضايا تتراوح من السلامة العامة إلى الهجرة. وقال ترمب: «إذا تمكّنَت ليبرالية مجنونة مثل كامالا هاريس من الوصول إلى السلطة، فإن الحلم الأميركي سيموت»، مضيفاً أن هاريس «أسوأ» من بايدن. ووصف قرار بايدن بالتخلّي عن مسعاه الرئاسي بأنه «انقلاب» دبّره الحزب الديمقراطي.

وجاءت الفعالية التي شارك فيها الرئيس السابق في ساحة لهوكي الجليد، تضم ما يقرب من 8 آلاف مقعد، متوافقة مع توصية جهاز الخدمة السرية الأميركي بتجنّب الأحداث الكبيرة في الهواء الطلق، بعد محاولة اغتياله في تجمّع جماهيري في بنسلفانيا قبل أسبوعين.

وبينما تمتد الحملات الرئاسية الأميركية عادةً لسنتين تقريباً، أُعيد إطلاق نسخة العام 2024 من الصفر تقريباً، ما سيجعل منها الحملة الانتخابية الأقصر على الإطلاق.

وبات بحكم المؤكد أن تواجه السيناتورة والمدعية العامة السابقة الديمقراطية هاريس (59 عاماً)، ترمب في الانتخابات، التي يرى محلّلون أن نتيجتها قد تكون مرهونة إلى حد بعيد بنتيجة أصوات نحو 100 ألف ناخب في عدد محدود من الولايات الأساسية.

وقال أحد واضعي الاستراتيجيات في الحزب الجمهوري، مات تيريل، لشبكة «بي بي سي»، إن «الأمر يتعلق بأولئك الناخبين المستقلّين الذين لم يحسموا خيارهم؛ التضخم، والهجرة، والاقتصاد، ومعدلات الجريمة هي ما يشغل بالهم».

وأضاف: «في الوقت الراهن، أعتقد أن الرئيس السابق ترمب يُحسن التعامل مع هذه المسائل، الانتخابات ستكون استفتاءً على المرشحين المتنافسين».

ويترقب المعسكر الديمقراطي المؤتمر الوطني للحزب، الذي يبدأ في 19 أغسطس (آب)، ويُتوقع أن يتوِّج هاريس رسمياً مرشحةً للحزب، بعدما بدأت في الأيام الماضية حملتها بالحصول على دعم مندوبين وشخصيات نافذة في الحزب، إضافةً إلى تبرعات مالية سخية.

بهجة لن تدوم

ونجحت هاريس في إعادة تحفيز القواعد الشعبية للحزب، في تناقُض صريح عما كان عليه الوضع قبل أسابيع فقط.

وكان الرئيس بايدن (81 عاماً) اختار الاستمرار في حلبة المنافسة الانتخابية ضد ترمب (78 عاماً)، على رغم الشكوك المتزايدة لدى الديمقراطيين والناخبين بشأن قدراته الجسدية والذهنية مع تقدّمه في السن.

إلا أن أداءه الكارثي في المناظرة التلفزيونية الأولى بين المرشحين في 27 يونيو (حزيران)، قطعت الشكّ باليقين لناحية ضرورة الذهاب نحو خيار بديل.

وفي مقابل التخبط لدى الديمقراطيين، بدا الجمهوريون في موقع قوة مع مؤتمر وطني عام عكس توحُّد الحزب خلف ترمب، الذي اكتسبت حملته وصورته زخماً إضافياً بعد نجاته من محاولة اغتيال خلال تجمُّع انتخابي في بنسلفانيا.

ورضخ بايدن في نهاية المطاف للضغوط، وأعلن انسحابه في 21 يوليو (تموز)، أثناء عزل نفسه لإصابته بكوفيد.

لم يدُم الفراغ طويلاً؛ إذ أعلن بايدن في اليوم نفسه دعم هاريس، أول امرأة تتولى نيابة الرئيس، وأول سوداء وجنوب آسيوية تشغله، لنيل بطاقة الترشيح الديمقراطية بدلاً منه.

وبعد يومين فقط، عقدت هاريس لقاءً انتخابياً كان الأكبر للديمقراطيين منذ بدء الحملة، وجمعت 120 مليون دولار من التبرعات خلال أيام، بعدما رهن العديد من المانحين الديمقراطيين دعمهم المالي بشرط انسحاب بايدن من السباق.

والأحد، أفادت حملة هاريس بأنها جمعت 200 مليون دولار، وسجّلت 170 ألف متطوع جديد خلال أسبوع منذ أن أعلنت ترشحها. وقال روب فلاهيرتي، نائب مدير حملة هاريس، على موقع «إكس»: «خلال أسبوع من بدء حملتنا جمعت هاريس 200 مليون دولار، 66 في المائة من المبلغ من متبرّعين جُدد، وسجّلنا 170 ألف متطوع جديد».

وبعدما كان التقدم في سنّ بايدن سلاحاً بيد ترمب، انقلب السحر على الساحر، وبات الجمهوري البالغ 78 عاماً، أكبر مرشح رئاسي سناً في تاريخ الانتخابات.

وضخّ ترشح هاريس زخماً جديداً لدى الديمقراطيين في استطلاعات الرأي؛ إذ تمكنت خلال أسبوع فقط من تقليص فارق النقاط الـ3 لصالح ترمب إلى النصف.

لكن الديمقراطيين يدركون أن الطريق للاحتفاظ بالبيت الأبيض ليس سهلاً. قال المتخصص في استطلاعات الرأي ضمن فريق ترمب توني فابريزيو: «بعد فترة وجيزة، سينتهي شهر العسل بالنسبة إلى هاريس، وسيعاود الناخبون التركيز على دورها شريكةً ومساعدةً لبايدن».

الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما رفقة نائبة الرئيس كامالا هاريس خلال حدث بمناسبة إقرار قانون الرعاية الميسّرة لعام 2010 بالبيت الأبيض في 5 أبريل 2022 بواشنطن (أ.ف.ب)

ارتفاع أسهم هاريس

وأظهر استطلاع للرأي أجرته شبكة «إيه بي سي» ومؤسسة «إبسوس» يومَي 26 و27 يوليو (تموز)، أن نسبة التأييد لهاريس شهدت ارتفاعاً بين الأميركيين، منذ قرار بايدن التخلي عن الترشح في الانتخابات الرئاسية.

وكشف استطلاع الرأي، الذي استند إلى عينة وطنية عشوائية شملت 1200 من الأميركيين البالغين، أن نسبة التأييد لهاريس ارتفعت إلى 43 في المائة من 35 في المائة قبل أسبوع، وفقاً لما ذكرته وكالة «بلومبرغ» للأنباء، الأحد .

من جهته، قال جيمس كارفبل، أحد واضعي الاستراتيجيات في الحزب الديمقراطي، لشبكة «إم إس إن بي سي»، إن على الديمقراطيين الكفّ عن الاحتفال بفرح، والتحضير للعاصفة المقبلة. وقال: «إنهم يهاجموننا، وسيواصلون القيام بذلك، هذا النوع من الابتهاج لن يكون ذا فائدة لفترة طويلة».

وحتى الرئيس السابق باراك أوباما قرع جرس الإنذار بالنسبة لمعسكره الديمقراطي، مذكّراً بضرورة استعادة ثقة الناخبين قبل التمكن من الفوز.


مقالات ذات صلة

هل تنجح خطة ترمب لخفض قيمة الدولار؟

الاقتصاد ترمب يُلوِّح بيده بعد أن تحدث خلال تجمع انتخابي في مركز «هيرب بروكس» الوطني للهوكي في سانت كلاود بولاية مينيسوتا (أ.ف.ب)

هل تنجح خطة ترمب لخفض قيمة الدولار؟

يرى المستثمرون أن خطة دونالد ترمب لخفض قيمة الدولار إذا فاز في الانتخابات الأميركية «من غير المرجح للغاية» أن تنجح حيث سيجري تقويضها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس (رويترز)

هل تستطيع كامالا هاريس كسب أصوات الناخبين في 3 أشهر؟

مع بقاء 3 أشهر كاملة فقط قبل يوم الانتخابات، فإن هاريس لديها جدول زمني مضغوط للغاية لبناء منصة سياسية، وصقل رسالتها وتعريف نفسها مرشحة للناخبين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ إيلون ماسك في لوس أنجليس (أرشيفية - أ.ب)

انتقادات لإيلون ماسك بعد نشره فيديو متلاعباً به لهاريس

نشر إيلون ماسك، مالك منصة «إكس»، مقطع فيديو مُحرَّراً لحملة نائبة الرئيس كامالا هاريس متلاعباً به رقمياً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب وكامالا هاريس (شبكة «سي إن إن» الأميركية)

100 يوم تفصل ترمب وهاريس عن الانتخابات الرئاسية الأميركية

يدخل السباق إلى البيت الأبيض مرحلة مفصلية اعتباراً من الأحد؛ حيث يُتوقع أن تشهد الأيام المائة المتبقية قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، منافسة محمومة.

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ب)

ترمب للمسيحيين: لن تحتاجوا إلى التصويت بعد الآن إذا فزت في الانتخابات (فيديو)

أثار دونالد ترمب موجة من الغضب بعد أن قال للمسيحيين: «لن تحتاجوا إلى التصويت بعد الآن»، وذلك إذا تمت إعادة انتخابه رئيساً للولايات المتحدة في نوفمبر المقبل

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

حريق كاليفورنيا قد يصبح الأضخم في تاريخ الولاية

الحريق التهم ما يقرب من 142 ألف هكتار بحلول وقت متأخر من صباح السبت (أ.ف.ب)
الحريق التهم ما يقرب من 142 ألف هكتار بحلول وقت متأخر من صباح السبت (أ.ف.ب)
TT

حريق كاليفورنيا قد يصبح الأضخم في تاريخ الولاية

الحريق التهم ما يقرب من 142 ألف هكتار بحلول وقت متأخر من صباح السبت (أ.ف.ب)
الحريق التهم ما يقرب من 142 ألف هكتار بحلول وقت متأخر من صباح السبت (أ.ف.ب)

أعلنت السلطات الأميركية أنّ الحريق المستعر شمال كاليفورنيا منذ 3 أيام أصبح أحد أكبر الحرائق المسجّلة على الإطلاق في تاريخ هذه الولاية الواقعة غرب الولايات المتحدة.

يعد هذا الحريق سابع أكبر حريق في تاريخ هذه الولاية (رويترز)

وقالت وكالة «كال فاير» التابعة للولاية إنّ حريق «بارك فاير» - أشد حرائق الغابات التي تضرب كاليفورنيا هذا الصيف - التهم ما يقرب من 142 ألف هكتار بحلول وقت متأخر من صباح السبت، ليصبح بذلك سابع أكبر حريق في تاريخ هذه الولاية.

والحريق الذي أجبر أكثر من 4000 شخص على إخلاء منازلهم اندلع في منطقة ريفية وجبلية بالقرب من بلدة تشيكو الصغيرة، على بُعد نحو 145 كيلومتراً شمال سكرامنتو، عاصمة الولاية.

في عام 2018 دُمر أكثر من 18 ألف مبنى وقتل 85 شخصاً في بلدة بارادايس القريبة عندما حاصر حريق كامب الآلاف من الناس وأصبح أعنف وأكثر الحرائق تدميراً في تاريخ كاليفورنيا (رويترز)

وأضافت الوكالة أنّ «الظروف القاسية لهذا الحريق لا تزال تمثّل تحدّياً لعناصر الإطفاء. في الوقت الحالي، لم تتمّ السيطرة عليه سوى بنسبة 0 في المائة فقط»، على الرغم من جهود نحو 2500 شخص وأكثر من 10 مروحيات وعدد من الطائرات، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويتمدّد الحريق بسرعة رجل يمشي، في منطقة ريفية تقع على بعد 3 ساعات بالسيارة شمال شرقي سان فرنسيسكو.

أدت الرياح القوية والنباتات الجافة إلى تأجيج الحريق الذي انفجر على مساحة 70 ألف فدان في أول 24 ساعة بعد أن دفع رجل سيارة مشتعلة في وادٍ لإشعال الحريق عمداً (أ.ف.ب)

وأعلن حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم مساء الجمعة، حالة الطوارئ في مقاطعتين مهددتين بالحرائق، بهدف تسريع إجراءات السلطات.

وتقع بلدة تشيكو على بعد نحو 20 كلم إلى الغرب من بلدة بارادايس التي دمّرها في عام 2018 حريق غابات قضى فيه 85 شخصاً، وكان الحريق الأكثر حصداً للأرواح في تاريخ كاليفورنيا. والمنطقة حالياً في حالة تأهب ويستعد سكانها لأي احتمال.