فانس يَعِد بمساعدة ترمب على استعادة «الحلم الأميركي»

من منتقد لاذع للرئيس السابق إلى معتقد بمبادئ «أميركا أولاً»

TT

فانس يَعِد بمساعدة ترمب على استعادة «الحلم الأميركي»

المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس السيناتور جاي دي فانس يتحدث في المؤتمر الوطني الجمهوري في ميلووكي (أ.ب)
المرشح الجمهوري لمنصب نائب الرئيس السيناتور جاي دي فانس يتحدث في المؤتمر الوطني الجمهوري في ميلووكي (أ.ب)

عشية الخطاب المرتقب على نطاق واسع من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، ليل الخميس، ختاماً للمؤتمر الوطني العام للحزب الجمهوري في ميلووكي، قَبِل السيناتور جاي دي فانس ليل الأربعاء رسمياً ترشيحه لمنصب نائب الرئيس على بطاقة ترمب للانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، فقدّم نفسه ساعياً إلى استعادة «الحلم الأميركي» الذي بدّده الديمقراطيون وآخرهم الرئيس جو بايدن.

وقدم السيناتور عن أوهايو، الوافد حديثاً إلى الحلبة السياسية في واشنطن، الكثير من التفاصيل عن سيرته الذاتية منذ كان طفلاً ترعرع في كنف جدّته في مدينة ميدلتاون بين مجتمعات الطبقة العاملة لتلك الولاية؛ لأن والدته كانت فقيرة ومدمنة على المخدرات، وتحصيله التعليمي الصعب، وصولاً إلى انتسابه وتخرّجه في جامعتي أوهايو ويال، قبل أن يلتحق لاحقاً في الجيش الأميركي وخدمته في العراق، لينتقل من هناك إلى أعلى مستويات السياسة الأميركية، في تجسيد لـ«الحلم الأميركي» الذي لم يعد متوفراً، بحسب قوله.

المرشح الرئاسي الجمهوري والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يقف مع أفراد عائلته (رويترز)

وركّز في خطابه على فشل الطبقة السياسية الحاكمة في واشنطن مراراً في التعامل مع أزمات المجتمعات الأميركية المختلفة، مثل الأحياء الفقيرة التي جاء منها، مكرراً أن الخلاص سيأتي على يد ترمب الذي رفع راية «أميركا أولاً» عالياً، وقدّم مصالح الشعب الأميركي على ما عداه محلياً وخارجياً. وقال إن «هذه اللحظة لا تتعلق بي، إنها تتعلق بنا جميعاً»، مضيفاً أن «الأمر يتعلق بمن نقاتل من أجلهم. يتعلق الأمر بعامل السيارات في ميشيغان الذي يتساءل: لماذا يدمر السياسيون المنعزلون وظائفهم؟ (...) يتعلق الأمر بعامل الطاقة في بنسلفانيا، في أوهايو».

«المجتمعات المنسية»

وخلال ليلة حزبية صاخبة شارك فيها الرئيس ترمب مع العديد من قادة الجمهوريين، وجّه فانس نداءً مباشراً إلى ناخبي «حزام الصدأ» الذين ساعدوا في تحقيق فوز ترمب المفاجئ عام 2016، معبرين بذلك عن غضبهم وإحباطهم من الطبقة السياسية. وقال إنه «في المدن الصغيرة مثل مدينتي في أوهايو، أو في ولاية بنسلفانيا المجاورة، أو في ميشيغان، وفي ولايات في جميع أنحاء بلادنا، تم إرسال الوظائف إلى الخارج، وتم إرسال الأطفال إلى الحرب». وخاطب «مواطني ميدلتاون، بولاية أوهايو، وجميع المجتمعات المنسية في ميشيغان وويسكونسن وبنسلفانيا وأوهايو، وفي كل ركن من أركان أمتنا، أعدكم بهذا: سأكون نائباً للرئيس الذي لا ينسى أبداً من أين جاء».

 

ولاحظ فانس أنه كان في الصفّ الرابع عندما «دعم سياسياً محترفاً يُدعى جو بايدن اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا)، وهي صفقة تجارية سيئة أرسلت عدداً لا يحصى من وظائف التصنيع الأميركية الجيدة إلى المكسيك». وأضاف أن «على مدى نصف قرن، كان (بايدن) بطلاً لكل مبادرة سياسية تهدف إلى جعل أميركا أضعف وأكثر فقراً».

نجاح ترمب

الرئيس السابق والمرشح الرئاسي الجمهوري لعام 2024 دونالد ترمب مع أحفاده في اليوم الثالث من المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في ميلووكي - ويسكونسن (أ.ف.ب)

وقال فانس إنه «في أربع سنوات قصيرة، نجح دونالد ترمب في عكس عقود من الخيانات التي ارتكبها جو بايدن وبقية الفاسدين المطلعين على بواطن الأمور في واشنطن». واختتم كلامه: «كل يوم، على مدى السنوات الأربع المقبلة، عندما أدخل إلى البيت الأبيض لمساعدة الرئيس ترمب، سأفعل ذلك من أجلكم ومن أجل عائلاتكم ومن أجل مستقبلكم ومن أجل هذا البلد العظيم»، واعداً ببناء أميركا جديدة لمئات السنين المقبلة.

 

وتحول فانس بسرعة في السنوات الأخيرة من منتقد لاذع لترمب إلى معتقد بما يرفعه من شعارات من أجل «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى»، وسط آمال في أن يكون باكورة الأجيال الجديدة التي يمكن أن تدخل إلى الحزب الجمهوري وتغنيه في بلاد يتساءل كثيرون فيها عن عمر الرجلين في القمة؛ ترمب البالغ من العمر 78 عاماً والرئيس جو بايدن البالغ من العمر 81 عاماً.

وكان تقديم فانس من زوجته أوشا تشيلوكوري فانس، التي تحدثت عن الفرق الصارخ بين الطريقة التي نشأت بها هي وزوجها، فهي مهاجرة من الطبقة المتوسطة من سان دييغو، وهو من منطقة أبالاتشي ذات الدخل المنخفض. وأطلقت عليه لقب «رجل اللحوم والبطاطس» الذي يحترم نظامها الغذائي النباتي، وتعلّم طهي الطعام الهندي لوالدتها.

حملة بايدن

وردّت حملة بايدن ببيان لاذع وصفت فيه فانس بأنه «غير مستعد وغير مؤهل». وأنّه «مستعد لفعل أي شيء يطلبه دونالد ترمب». وقالت: «الليلة، احتل جاي دي فانس، الملصق الرئيسي لمشروع 2025، مركز الصدارة (...) لكن العائلات العاملة والطبقة الوسطى هي التي ستعاني إذا سُمح له بالبقاء هناك».

وبالإضافة إلى ترمب، شوهد رئيس حملة ترمب لعام 2016 بول مانافورت وروجر ستون، اللذين أُدينا - كجزء من التحقيق - في التدخل الروسي في تلك الانتخابات، في المؤتمر. وكان ترمب قد أصدر عفواً عن مانافورت وستون.

وفي لحظة مؤثرة بشكل خاص، اعتلى أقارب أفراد الخدمة الذين قتلوا خلال انسحاب بايدن الكارثي من أفغانستان، المنصة، حاملين صور أحبائهم.


مقالات ذات صلة

الولايات المتحدة​ جانب من المناظرة الأخيرة بين المرشح الجمهوري الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والمرشحة الديمقراطية نائبة الرئيس كامالا هاريس في بنسلفانيا (إ.ب.أ)

من التصويت إلى التنصيب... تعرف على أهم تواريخ انتخابات الرئاسة الأميركية

يتواجه الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترمب، ونائبة الرئيس الحالية الديمقراطية كامالا هاريس، في انتخابات الرئاسة الأميركية في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني).

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الولايات المتحدة​ هاريس وترمب خلال المناظرة في 10 سبتمبر 2024 (أ.ب)

هل نجحت المناظرة الرئاسية في إقناع الناخبين المترددين؟

مواجهة نارية جمعت بين مرشحة الديمقراطيين كامالا هاريس ومنافسها الجمهوري دونالد ترمب؛ سعيا من خلالها لاستقطاب أصوات الناخبين المترددين... فهل نجحا في ذلك؟

رنا أبتر (واشنطن)
حصاد الأسبوع لقطة من مناظرة الثلاثاء الرئاسية (رويترز)

هل اقتربت أميركا من تغيير هوية «الجيل» الذي يحكم واشنطن؟

يُجمِع خبراء المناظرات الرئاسية الأميركية على أن الانتصارات فيها لا تُترجم بالضرورة فوزاً في الانتخابات، والمرشحون الذين يتألقون في المناظرات لا يفوزون دائماً

إيلي يوسف (واشنطن)
العالم البابا فرنسيس بابا الفاتيكان (أ.ف.ب)

البابا ينتقد هاريس وترمب... ويحث الأميركيين على اختيار «أخف الضررين»

انتقد بابا الفاتيكان، الجمعة، الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بسبب خطته لترحيل ملايين المهاجرين وأيضاً نائبة الرئيس كامالا هاريس بسبب دعمها لحقوق الإجهاض.

«الشرق الأوسط» (الفاتيكان)

بايدن وستارمر يتعهّدان بدعم أوكرانيا... وتأجيل قرار منح كييف صواريخ بعيدة المدى

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يتحدث إلى وسائل الإعلام بعد اجتماع مع الرئيس جو بايدن (أ.ب)
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يتحدث إلى وسائل الإعلام بعد اجتماع مع الرئيس جو بايدن (أ.ب)
TT

بايدن وستارمر يتعهّدان بدعم أوكرانيا... وتأجيل قرار منح كييف صواريخ بعيدة المدى

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يتحدث إلى وسائل الإعلام بعد اجتماع مع الرئيس جو بايدن (أ.ب)
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يتحدث إلى وسائل الإعلام بعد اجتماع مع الرئيس جو بايدن (أ.ب)

أكّد الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، دعمهما الثابت لأوكرانيا، لكنهما لم يكشفا عن أي خطط لتوفير الصواريخ الأميركية طويلة المدى لكييف، واكتفيا بالقول: «سنناقش ذلك».

الرئيس الأميركي ووزير خارجيته خلال الاجتماعات مع رئيس الوزراء البريطاني والوفد المرافق له (أ.ب)

وكان بايدن قد استقبل رئيس الوزراء البريطاني والوفد المرافق له في الغرفة الزرقاء بالبيت الأبيض، مساء الجمعة، وكان من المقرَّر أن يستغرق الاجتماع ساعتين، لكن تم تقليص المدة إلى ساعة ونصف ساعة، حيث تجنَّب الزعيمان اتخاذ قرارات بشأن صواريخ «ستورم شادو» البريطانية.

وفي بداية اللقاء أكّد بايدن تضامن الولايات المتحدة مع المملكة المتحدة في دعم أوكرانيا ضد روسيا، وأكّد أن بوتين لن ينتصر في الحرب ضد أوكرانيا، وأن شعب أوكرانيا سوف ينتصر، فيما أشار ستارمر إلى أن الأسابيع والشهور القادمة قد تكون حاسمة ومهمة للاستمرار بدعم أوكرانيا في حرب الحرية.

وحينما سأل الصحافيون عن التهديدات النووية التي يطلقها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتصريحاته حول الحرب مع دول حلف الناتو، قال الرئيس الأميركي: «لا أفكر كثيراً في فلاديمير بوتين»، وفي إجابته عن سؤال حول رغبة أوكرانيا في الحصول على صواريخ بعيدة المدى لضرب عمق الأراضي الروسية، اكتفى بايدن بقوله: «سنناقش ذلك».

مناقشة بنّاءة

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر وخلفه وزير الخارجية ديفيد لامي خارج البيت الأبيض بعد اجتماع مع الرئيس جو بايدن (أ.ب.أ)

من جانبه، لم يُعطِ رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أي إشارة حول ما إذا كانت المملكة المتحدة والولايات المتحدة ستسمحان لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيد المدى لضرب أهداف روسية، وقال للصحافيين بعد الاجتماع مع الرئيس بايدن وكبار المسؤولين الأميركيين، إنه أجرى مناقشات مطوَّلة وبنّاءة مع الرئيس بايدن بشأن أوكرانيا، وأوضح أن الأمر متروك للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء الحرب في أوكرانيا، مؤكداً حق أوكرانيا في الدفاع عن نفسها، وأنه أجرى مناقشة واسعة النطاق عن الاستراتيجية المتَّبَعة في أوكرانيا.

وأوضح رئيس الوزراء البريطاني أن النقاشات تطرقت إلى موضوعات جيوسياسية عدة، منها الحرب الإسرائيلية في غزة، والحاجة لتأمين صفقة للإفراج عن الرهائن المحتجَزين لدى «حماس»، والوصول إلى وقف فوري لإطلاق النار، وزيادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة، ومستقبل منطقة المحيطَين الهندي والهادئ، وقال: «لا توجد قضية ذات أبعاد عالمية لا تستطيع الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى العمل معاً بشأنها».

وقال البيت الأبيض إن النقاشات تطرّقت إلى القلق المتزايد من تزويد روسيا بأسلحة من إيران وكوريا الشمالية، ودعم الصين للقاعدة الصناعية الدفاعية الروسية.

تردّد أميركي واستعداد بريطاني

ولا زالت إدارة الرئيس بايدن متردّدة بشأن السماح لأوكرانيا باستخدام أنظمة الأسلحة الغربية المتطورة لضرب أهداف في عمق روسيا، وبعد نقاشات موسَّعة، خفّفت إدارة بايدن بعض القيود المفروضة على استخدام الأسلحة الأميركية، ما سمح لأوكرانيا بشنّ ضربات دفاعية محدودة ضد القوات الروسية عبر حدودها.

على الجانب الآخر أبدت المملكة المتحدة استعدادها لتوصيل الأصول العسكرية والصواريخ لأوكرانيا؛ حيث زوّدت أوكرانيا بالفعل بصواريخ ستورم شادو، التي يبلغ مداها 155 ميلاً (3 أضعاف مدى الصواريخ التي تستخدمها أوكرانيا حالياً)، لكنها اشترطت عدم استخدامها لاستهداف أهداف داخل روسيا قبل التنسيق مع الولايات المتحدة، والحصول على الدعم اللوجيستي الأميركي، والضوء الأخضر من الإدارة الأميركية.

وأبدي كبار مساعدي بايدن شكوكاً حول فاعلية استهداف عمق الأراضي الروسية، وهدّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن «إقدام الدول الغربية على إمداد أوكرانيا بالصواريخ بعيدة المدى من شأنه أن يغيّر جوهر الصراع، ما يضع دول الناتو في حالة حرب مع روسيا»، وقام بوتين بطرد 6 دبلوماسيين بريطانيين من موسكو، واتهمهم بالتجسّس.

ويواصل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الضغط من أجل الحصول على الصواريخ الهجومية بعيدة المدى، حيث أرسل كبار مساعديه إلى واشنطن الشهر الماضي بقائمة من الأهداف المحتملة داخل روسيا، التي قال الأوكرانيون إنه يمكن تدميرها. وأثار زيلينسكي حاجته إلى هذه الأسلحة والصواريخ مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ووزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي، خلال زيارتهما لكييف قبل يومين، ووعد وزير الخارجية الأميركي بنقل رسالة أوكرانيا إلى الرئيس بايدن، ما أثار التكهنات بتحوّل في سياسة الإدارة الأميركية.

ومن المقرّر أن يلتقي زيلينسكي مع الرئيس بايدن على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأعلن أن لديه خطة للنصر ينوي مناقشتها مع الرئيس الأميركي التي وصفها بأنها يمكن أن تمهّد الطريق لإنهاء الحرب، وإذا دعمتها الولايات المتحدة والحلفاء الغربيون فسوف يكون من السهل على أوكرانيا إجبار روسيا على إنهاء الحرب.