​بايدن يواجه اختباراً صعباً في المؤتمر الصحافي بقمة «الناتو»

3 عوامل قد تدفع بايدن للانسحاب من السباق

الرئيس الأميركي جو بايدن خلال أحد الاجتماعات في المكتب البيضاوي بواشنطن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال أحد الاجتماعات في المكتب البيضاوي بواشنطن (رويترز)
TT

​بايدن يواجه اختباراً صعباً في المؤتمر الصحافي بقمة «الناتو»

الرئيس الأميركي جو بايدن خلال أحد الاجتماعات في المكتب البيضاوي بواشنطن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال أحد الاجتماعات في المكتب البيضاوي بواشنطن (رويترز)

يواجه الرئيس الأميركي، جو بايدن، تحدياً حقيقياً واختباراً لقدراته خلال المؤتمر الصحافي الذي يعقده مساء الخميس في اختتام قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو)، ويتصدى خلاله للدعوات التي تطالبه بالتنحي عن منصبه بوصفه مرشحاً افتراضياً للحزب، بعد أدائه المرتبك في المناظرة الرئاسية نهاية الشهر الماضي.

ويُعد هذا المؤتمر هو أول مؤتمر صحافي لبايدن في مواجهة وسائل الإعلام الأميركية والدولية منذ مناظرته مع الرئيس السابق، دونالد ترمب، في 27 يونيو (حزيران) الماضي. ووصفت كارين جان بيير المتحدثة باسم البيت الأبيض هذا المؤتمر الصحافي بأنه «الابن الأكبر» للرئيس بايدن.

رؤساء دول حلف شمال الأطلسي مع الرئيس الأميركي جو بايدن في صورة تذكارية بالحديقة الجنوبية للبيت الأبيض قبل مأدبة عشاء رسمية (أ.ف.ب)

ويختتم بايدن (81 عاماً) أعمال قمة حلف شمال الأطلسي في واشنطن بهذا المؤتمر الصحافي المنفرد والنادر. وتتوجه أنظار المراقبين السياسيين إلى المؤتمر لقياس مدى نجاح بايدن في الرد على أسئلة الصحافيين، في وقت تتزايد فيه المطالب بالانسحاب من معركة إعادة انتخابه من داخل حزبه الديمقراطي ومن كبار المانحين لحملته.

وقد عقد بايدن 36 مؤتمراً صحافياً منذ توليه السلطة حتى الآن، ببينها 14 مؤتمراً منفرداً و22 مؤتمراً مشتركاً إلى جانب قادة أجانب. ويُعد بايدن من الرؤساء الذين عقدوا عدداً قليلاً من المؤتمرات الصحافية مقارنة بترمب (88 مؤتمراً)، والرئيس الأسبق باراك أوباما (163 مؤتمراً)، والرئيس الأسبق جورج بوش (210 مؤتمرات).

ضغوط زائدة

وعلى مدى أسبوعين جادل بايدن ومسؤولو حملته الانتخابية ومسؤولو البيت الأبيض بأن المناظرة كانت مجرد ليلة سيئة، ويجب طي هذه الصفحة، وقدموا كثيراً من التبريرات لأداء بايدن المرتبك.

ودعا عدد كثير من المشرعين الديمقراطيين بايدن إلى الانسحاب من السابق، ومنهم رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، والنائبان آدم شيف وجيمي راسكين، كما أصبح السيناتور عن ولاية فيرمونت بيتر ويلش، أول سيناتور ديمقراطي يدعو بايدن علناً للانسحاب، إضافة إلى الممثل جورج كلوني الذي كان لوقع دعوته لبايدن بالانسحاب الأثر الأكبر والأكثر إيلاماً، فعلاقات كلوني بالمسؤولين في الحزب «الديمقراطي» وكبار المانحين عميقة، ولذا تحمل وجهات نظره وزناً أكبر من آراء أي شخص آخر مشهور.

الرئيس الأميركي جو بايدن والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ خلال قمة بواشنطن (د.ب.أ)

وتحدى بايدن الدعوات كافة لانسحابه من السباق، مصراً على أنه الأقدر على إلحاق الهزيمة بترمب والفوز بالانتخابات الرئاسية، التي ستُجرى في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ويخشى الديمقراطيون من أن تصميم بايدن على الاستمرار في الترشح، على الرغم من تراجع قدراته البدنية والذهنية، قد يعرض الديمقراطية، التي يقول إنه يحاول إنقاذها، للخطر.

وهناك كثير من الجدل حول إمكانية أن يقدم بايدن أداءً قوياً، وديناميكية في التعبير خلال المؤتمر الصحافي، ويقوم مساعدوه بإعداده بمجموعة من الإجابات عن الأسئلة المحتملة التي يمكن أن يطرحها الصحافيون، سواء فيما يتعلق بمدى أهليته للمنصب، أو للقضايا التي تم مناقشتها خلال القمة. لكن هل سيتمكن بايدن من تقديم أداء قوي يؤدي إلى إقناع أعضاء حزبه بأنه لا يزال يتمتع بالقدرة على الفوز في نوفمبر المقبل، والحصول على فترة ولاية ثانية؟ فالمخاطر عالية إذا تعثر في إجابته عن الأسئلة أو ارتبك، أو قدّم إجابات غير متماسكة ما سيدفع الدعوات المطالبة بانسحابه للارتفاع.

تهدئة المخاوف

وترتبط القدرة على الخطابة والأداء اللغوي والانفعالي بمتطلبات الرئاسة، وتمثل قدرة الرئيس الأميركي على الإلهام وآثاره حماس الجماهير، عنصراً رئيسياً في حشد الدعم والتأييد وتحقيق وحدة الصف. وقد حقق بايدن ذلك في خطاب حالة الاتحاد في مارس (آذار) الماضي، وتمكن من تهدئة المتشككين حول قدرته في البقاء بوصفه مرشحاً للحزب «الديمقراطي»، لكن الخبراء يقولون إن تلك اللحظات من الأداء الجيد، حتى لو تم تضخيمها، كما يأمل فريق بايدن، فمن المؤكد أنها لن تغير كثيراً من مخاوف عشرات الملايين الذين شاهدوا مناظرة بايدن مع ترمب. فحتى إذا تمكن بايدن من اجتياز هذا الاختبار، وقدم إجابات جيدة وأداءً قوياً خلال المؤتمر الصحافي، فإن ذلك لن يلغي من الذاكرة الأداء الكارثي خلال المناظرة، ولن يهدئ من المخاوف.

تعرض بايدن لضربة صادمة عندما حثه مؤيده جورج كلوني على التخلي عن محاولته إعادة انتخابه (أ.ف.ب)

ويقول الخبراء إن الأميركيين ينظرون إلى الرئيس كأنه انعكاس لآمالهم ومخاوفهم، وحينما يرون رئيساً يبدو عاجزاً ومرتبكاً، ويواجه صعوبة في القيام ببعض المهام الأساسية للرئاسية، فإن ذلك يثير لديهم المخاوف والذعر.

ولم تحقق المقابلة التلفزيونية التي أجراها بايدن مع شبكة «إيه بي سي» الأسبوع الماضي تهدئة المخاوف المتصاعدة داخل الحزب «الديمقراطي» من خسارة البيت الأبيض، وربما مقاعد مهمة في الكونغرس مع تقدم ترمب في السباق، واحتمالات عودته إلى البيت الأبيض.

وقدم بايدن خطاباً أمام القمة الأطلسية، مساء الثلاثاء، وامتلأ جدوله بالاجتماعات مع زعماء الدول المشاركة في القمة، وأقام مأدبة عشاء في البيت الأبيض للضيوف الأجانب، كما عقد اجتماعاً ثنائياً مع رئيس وزراء بريطانيا الجديد، كير ستارمر، واجتمع مع أكبر اتحاد لنقابات العمال، لكن كل ذلك لم يسهم في تهدئة المخاوف حول حالة الرئيس العقلية وعمره المتقدم.

ويقول المحللون إن هناك ثلاثة عوامل قد تدفع بايدن إلى تغيير موقفه وإعلان انسحابه من السابق، وهي: ازدياد التصدع في دعمه داخل الحزب «الديمقراطي»، وتراجع المانحين عن التبرع لحملته، ونتائج استطلاعات الرأي التي تؤكد تراجع حظوظه. وهذه الثلاثية المصيرية ستكون حاسمة خلال الأيام والأسابيع المقبلة.

اجتماعات مع مقربين لترمب

وبالتزامن مع اللقاءات والنقاشات التي عقدها بايدن مع قادة وزعماء الدول المشاركة في القمة، فقد سعى عدد كبير من قادة الدول الأعضاء في الحلف إلى عقد اجتماعات مع مشرعين جمهوريين، ينظر إليهم باعتبارهم من الدائرة المقربة لترمب، ومنهم السيناتور ليندسي غراهام، وماركو روبيو، ومايك لي والسفير الأميركي السابق لدى ألمانيا ريتشارد غرينيل، ومدير الاستخبارات الوطنية السابق جون راتكليف، ومستشار الأمن القومي السابق روبرت أوبراين، ووزير الخارجية السابق مايك بومبيو. وقال عدد من قادة الدول الأوروبية إنهم سيرسلون سفراء إلى مؤتمر الحزب «الجمهوري» الأسبوع المقبل لمزيد من التواصل.


مقالات ذات صلة

بايدن: اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» سيدخل حيز التنفيذ صباح الغد

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

بايدن: اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» سيدخل حيز التنفيذ صباح الغد

أكّد الرئيس الأميركي جو بايدن اليوم (الثلاثاء) على أن التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» في لبنان «نبأ سار وبداية جديدة للبنان».

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي يتحدث خلال مؤتمر صحافي بالقصر الحكومي في بيروت 28 ديسمبر 2021 (رويترز)

ميقاتي: وقف إطلاق النار خطوة أساسية نحو الاستقرار بلبنان

تلقى رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي اتصالاً من الرئيس الأميركي جو بايدن، تشاورا خلاله في الوضع الراهن وقرار وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)

خاص اتفاق وقف النار على 3 مراحل تبدأ بانسحابات متزامنة

أفادت مصادر بأن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب موافق على الخطوات التي تتخذها إدارة الرئيس جو بايدن لإقرار هدنة من 60 يوماً بين لبنان وإسرائيل.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن يستقبل الرئيس المنتخب دونالد ترمب في البيت الأبيض في 13 نوفمبر 2024 (أ.ب)

لن يرد بالمثل... بايدن يحضر حفل تنصيب ترمب

أعلن البيت الأبيض، الاثنين، أنّ الرئيس جو بايدن سيحضر حفل تنصيب دونالد ترمب في يناير، على الرغم من أنّ الأخير تغيّب قبل 4 سنوات عن مراسم أداء القسم الرئاسي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، أن فريق ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس بايدن للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

خبراء لـ«الشرق الأوسط»: اتفاق وقف إطلاق النار لا يمنع عودة «حزب الله» إلى ما كان عليه

سيارة إسعاف بموقع استهدفته غارة إسرائيلية في بيروت (رويترز)
سيارة إسعاف بموقع استهدفته غارة إسرائيلية في بيروت (رويترز)
TT

خبراء لـ«الشرق الأوسط»: اتفاق وقف إطلاق النار لا يمنع عودة «حزب الله» إلى ما كان عليه

سيارة إسعاف بموقع استهدفته غارة إسرائيلية في بيروت (رويترز)
سيارة إسعاف بموقع استهدفته غارة إسرائيلية في بيروت (رويترز)

حتى الآن لا تزال مضامين اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» غير واضحة، وهل الاتفاق، الذي يبدو أنه جُزّئ بين «حزب الله» و«إسرائيل»، يعني أن يدَ «الحزب» العسكرية ستبقى طليقة في لبنان، رغم الحديث عن تحويله إلى حزب سياسي؟

«حزب الله» سيواصل سياساته

أسئلة طرحتها «الشرق الأوسط» على باحثَين أميركيين بشأن الاتفاق المتوقع توقيعه، حيث أعرب مايكل روبين، كبير الباحثين في «معهد أميركان إنتربرايز» بواشنطن، عن تخوفه من أن «يواصل (حزب الله) الاحتفاظ بقدراته لمواصلة سياساته»، فيما يقول ديفيد داود، كبير الباحثين في «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات» بواشنطن، إنه «على الرغم من أن لغة الاتفاق تبدو أقوى من لغة القرار (1701)»، فإنه لا يبدو كافياً لوقف أنشطة «حزب الله» في المستقبل.

وتتضمن مسودة اتفاق وقف إطلاق النار فترة انتقالية مدتها 60 يوماً ينسحب خلالها الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان، وينتشر الجيش اللبناني في المناطق القريبة من الحدود، وينقل «حزب الله» أسلحته الثقيلة إلى الشمال من نهر الليطاني. وتتضمن الصفقة لجنة إشرافية بقيادة الولايات المتحدة لمراقبة التنفيذ ومعالجة الانتهاكات.

«المحكمة الجنائية» وأموال «حزب الله»

يقول مايكل روبين لـ«الشرق الأوسط»: «صحيح أن هناك تقدماً كبيراً، لكن من المؤسف أن اتهامات المحكمة الجنائية الدولية ضد نتنياهو قد حولت هذه الأمور إلى مسار آخر، مما أجبر بعض الوسطاء في المنطقة على وقف الزيارات المباشرة إلى القدس ومنع نتنياهو من السفر إلى دول ثالثة». وأضاف روبين: «أعظم مخاوفي بشأن (حزب الله) هو أن شبكته المالية والإجرامية في أفريقيا وأميركا الجنوبية لا تزال على حالها. وإذا وجّه (حزب الله) بنادقه نحو بقية اللبنانيين، فسوف تكون لديه الوسائل المالية اللازمة لإعالة نفسه».

وفق الاتفاق، فقد وافقت الولايات المتحدة على إعطاء إسرائيل خطاب ضمانات يتضمن دعماً للعمل العسكري الإسرائيلي ضد التهديدات الوشيكة من الأراضي اللبنانية، واتخاذ إجراءات لتعطيل عمليات مثل إعادة تأسيس الوجود العسكري لـ«حزب الله» بالقرب من الحدود، أو تهريب الأسلحة الثقيلة. وبموجب الاتفاق، ستتخذ إسرائيل مثل هذا الإجراء بعد التشاور مع الولايات المتحدة، إذا لم يتعامل الجيش اللبناني مع التهديد.

موافقة إسرائيل غير مفهومة

يقول ديفيد داود لـ«الشرق الأوسط»: «على الرغم من أن لغة الاتفاق تبدو أقوى من لغة القرار الدولي (1701)، فإنه لا يمكن تفسير موافقة حكومة نتنياهو على هذا النوع من الاتفاقات، ما دام القانون الدولي يعطي الحق لأي دولة تتعرض لهجوم، أو ترى أن هناك هجوماً وشيكاً عليها، في أن ترد عليه». وأشار إلى أن «خرق (حزب الله) الاتفاق من دون أن يتسبب في حرب جديدة وشيكة، هو أمر ممكن، إذ يمكنه، على سبيل المثال، أن يبني مصنعاً للأسلحة لا يشكل، تبعاً لمنطوق الاتفاق، تهديداً مباشراً لإسرائيل».

وقال إن «الاتفاق يضمن لـ(حزب الله) مواصلة هيمنته وسيطرته على لبنان في ظل عدم قدرة اللبنانيين على مواجهته، وعدم قدرة الجيش اللبناني على الدخول في حرب معه، والتسبب في حرب أهلية جديدة». ويعتقد داود أن «المشهد الناجم عن قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنياهو قد يعقد الأمور، كما قد يضعه الوضع الداخلي الإسرائيلي في مأزق؛ مما قد يعرض الاتفاق إلى الانهيار... ورغم ذلك، فإننا امام اتفاق لمدة 60 يوماً، مما قد يعطي إدارة ترمب الجديدة (صدقية) بأنها دخلت في عهد خالٍ من الحروب بالشرق الأوسط، لكن لا شيء يضمن عدم انفجارها مجدداً في سنوات مقبلة إذا لم (تتم) إزالة أسبابها».