مبعوث بايدن السابق للشرق الأوسط: أمامنا حتى نهاية العام لإنهاء حرب غزة

استبعد توسع الحرب بين «حزب الله» وإسرائيل رغم أن «سوء التقدير وارد»

ديفيد ساترفيلد المبعوث الأميركي للشؤون الإنسانية للشرق الأوسط (أرشيفية - أ.ف.ب)
ديفيد ساترفيلد المبعوث الأميركي للشؤون الإنسانية للشرق الأوسط (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

مبعوث بايدن السابق للشرق الأوسط: أمامنا حتى نهاية العام لإنهاء حرب غزة

ديفيد ساترفيلد المبعوث الأميركي للشؤون الإنسانية للشرق الأوسط (أرشيفية - أ.ف.ب)
ديفيد ساترفيلد المبعوث الأميركي للشؤون الإنسانية للشرق الأوسط (أرشيفية - أ.ف.ب)

وضع ديفيد ساترفيلد المبعوث الأميركي السابق للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط، إطاراً زمنياً بحلول نهاية العام الحالي، لتحقيق تقدم في الحرب بقطاع غزة، وفي القضايا الإقليمية المرتبطة بمنطقة الشرق الأوسط، محذراً في حديثه بمعهد كارنيغي مع الباحث المخضرم ارون ديفيد ميللر، صباح الاثنين، من توسع الصراع إلى كامل المنطقة العربية، مع تهديدات «حزب الله» في لبنان، مما سيكون له تأثير استراتيجي سلبي على المنطقة باستخدامه من قبل إيران وآخرين وسيشكل تهديداً استراتيجياً للولايات المتحدة.

لكنه أبدى تفاؤلاً في إمكانية وقف التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل في الجبهة الشمالية، وربط بين إبرام صفقة لوقف إطلاق النار في غزة وإنهاء المناوشات العسكرية لـ«حزب الله» في لبنان ضد شمال إسرائيل.

وأبدى ساترفيلد - الذي عينه الرئيس جو بايدن في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 في أعقاب هجمات «حماس»، واستمر في منصبه حتى أبريل (نيسان) من العام الحالي، تفاؤلاً باحتواء الأوضاع في لبنان، مشيراً إلى خطأ «حماس» في حساباتها التي قدرت أن إيران و«حزب الله» سيهاجمان إسرائيل بعد هجمات 7 أكتوبر، وبالتالي تفتح صراعاً شاملاً مع إسرائيل، وهذا لم يحدث. وقال: «لم تنخرط إيران و(حزب الله) الذي كان لديه اعتقاد بطريقة أو بأخرى، أن هذا يمكن أن يكون فخاً».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مستقبلاً المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين الذي وصل إلى إسرائيل الاثنين (د.ب.أ)

وأضاف ساترفيلد: «الخطر في الشمال لا يكمن في كونه مغامرة سيئة، بل خاطئة، وتحمل مخاطر سوء التقدير من هجمات صاروخية بطائرات من دون طيار على إسرائيل كل يوم، بل كل بضع ساعات. يمكننا في الوقت الحالي احتواؤها، لكن كلما طال أمدها زاد خطر حدوث خطأ، وهذا هو السبب وراء وجود عاموس هوكشتاين في إسرائيل، اليوم، ومحادثات بلينكن وأوستن وجيك سوليفان مع شركائنا اللبنانيين ومع إسرائيل، لوضع نهاية ووقف هجمات (حزب الله) على شمال إسرائيل».

حريق بشمال إسرائيل في أعقاب إطلاق صواريخ من الحدود اللبنانية 12 يونيو الحالي (رويترز)

وشدد ساترفيلد على أن وقف إطلاق النار في غزة، يمكن أن يضع نهاية للمناوشات العسكرية في الشمال مع «حزب الله»، وقال: «أشار (حزب الله) في الماضي إلى أنه لن يواصل الهجمات إذا كان هناك وقف لإطلاق النار في غزة، ولذا لا أرى أي حتمية لحرب يمكن أن تنشأ مع إيران أو (حزب الله)، لكني أرى خطراً يزداد مع كل ضربة لـ(حزب الله) واحتمالات سوء تقدير رغم عدم نية الطرفين في التصعيد».

اليوم التالي في غزة

في الندوة التي حملت عنوان «هل تنتهي الحرب بين إسرائيل و(حماس)»؟ أشار ساترفيلد إلى عدة قضايا تمثل تحدياً صعباً، منها كيفية تحقيق الاستقرار في اليوم التالي لإنهاء الحرب، وإنشاء قوة مراقبة في غزة تتشكل من الدول العربية، ثم إعادة إعمار غزة بتمويل من المجتمع الدولي والدول العربية.

وتابع: «هل هذا يعني وضعاً جنونياً على الأرض، أو وضع جنود عرب؟ هل ستقدم أي حكومة عربية قواتها لتقوم بالمراقبة؟». واستبعد الاحتمالات قائلاً: «لا أعتقد أن الدول العربية ستضع أموالها في إعادة إعمار يمكن أن يفيد (حماس)، ويكون هدفاً محتملاً لقصف إسرائيلي رداً على أي تهديد من الحركة، ما يجعل الوضع معقداً للغاية، وقد يؤدي إلى فوضى وعنف ومعاناة إنسانية غير عادية، أو قبول الأمر الواقع بأن (حماس) لا تزال موجودة».

رجال إطفاء إسرائيليون بالقرب من الحدود الإسرائيلية - اللبنانية في أعقاب هجمات صاروخية من «حزب الله» 13 يونيو (رويترز)

ولفت ساترفيلد إلى أن منطقة الشرق الأوسط لم تشهد انفجاراً واشتباكاً أكثر خطورة مما تشهده في الوقت الحالي، ما يشكل تحدياً كبيراً للولايات المتحدة في أماكن كثيرة بالمنطقة مع ديناميكيات متغيرة تجعل المخاطر أوسع من نطاق الحرب في غزة. ووصف الحرب الإسرائيلية بأنها حملة فريدة من نوعها، حيث تقاتل إسرائيل فوق الأرض وتحت الأرض، مما يجعل الأمر صعباً لأي جيش، بوجود رهائن محتجزين في مواقع مختلفة من بينها المستشفيات.

وعدّ ساترفيلد الحرب الدائرة مسألة وجودية سواء بالنسبة لإسرائيل، حيث يخيم الخوف على الإسرائيليين، «أو لحركة (حماس) التي تريد تحقيق هدفها النهائي الذي لا علاقة به بغزة، أي رام الله والضفة الغربية ومنظمة التحرير الفلسطينية وإزاحة حركة (فتح) إلى الأبد من رئاسة الحركة الفلسطينية»، بحسب تعبيره، «وإلى كل شارع عربي، حيث ترغب (حماس) في أن ينظر لها على أنها حاملة الحركة الفلسطينية، وهذا ما يجعل الصراع وجودياً».

فلسطينيون يغادرون جباليا بعد دعوة الجيش الإسرائيلي السكان إلى إخلاء المخيم شمال قطاع غزة منتصف مايو (رويترز)

وفي إجابته عن سؤال آرون ديفيد ميللر، حول عدم استخدام إدارة بايدن نفوذها بشكل أكبر على إسرائيل والدفع برؤيتها واستراتيجيتها نحو إدارة الحرب بعد مرور 9 أشهر، قال ساترفيلد: «هذا صراع يجب فيه دعم إسرائيل، لأن ما حدث كان مروعاً للغاية، حيث قتل اليهود الإسرائيليون على يد جماعة إرهابية إسلامية متطرفة، وكان ينبغي منع تكرار ذلك، وهذا هو الشيء الصحيح الذي فعله الرئيس بايدن».

وأضاف: «هناك تحديات استراتيجية بالمنطقة في الوقت الراهن مع التهديد الإيراني ومخاطر تهديد المصالح الأميركية من جانب الصين، لذا تحتاج غزة إلى شكل من أشكال الحل لحماية المصالح الاستراتيجية الأميركية التي تجب حمايتها الآن، ومع أي إدارة أخرى مقبلة، لذا ما تقوم به مهم للغاية سواء على الجبهة الإقليمية الأوسع، أو على جبهة غزة»، عادّاً أنه بحلول نهاية العام «سنكون قادرين على شق طريقنا لتحقيق التقدم في جبهة غزة وفي القضايا الإقليمية الأوسع».

فلسطينيون يحملون أكياس طحين حصلوا عليها من شاحنة مساعدات بالقرب من نقطة تفتيش إسرائيلية (رويترز)

وأوضح مبعوث إدارة بايدن للشؤون الإنسانية: «إنهاء هذه الحرب سيكون من خلال الصفقة المطروحة التي تطلق بموجبها (حماس) سراح الرهائن مقابل السجناء الفلسطينيين، ويسمح بتدفق المساعدات إلى غزة وفرض 6 أسابيع وقف إطلاق النار، يمكن تمديده»، عادّاً تحقيق هذا الأمر مرتبطاً باستعادة الرهائن الذين بينهم 5 أميركيين، وهذا سيسهل القدرة على إيصال المساعدات الإنسانية، وما قدمه الرئيس اقتراح مرن ومباشر، وإذا استمرت «حماس» في المراوغة وطرح شروط جديدة، فيجب على الجهات الفاعلة التوصل إلى قرار ما إذا كانت «حماس» معنية بالتوصل إلى اتفاق فعلاً، أم لا، لأن السنوار يعتقد أنه سيفوز من خلال عمليات استنزاف، معتمداً على تراجع الدعم الدولي لإسرائيل والتعقيدات السياسية الداخلية فيها.

وشدد المبعوث الأميركي للشؤون الإنسانية على أن الإدارة الأميركية عملت ليل نهار لتنسيق القضايا الإنسانية وتوفير المساعدات والشاحنات التي تتحرك يومياً من الشمال إلى الوسط إلى جنوب القطاع، وقال: «هناك 90 بالمائة من 2.2 مليون شخص في غزة نزحوا مرة واحدة على الأقل، ومعظمهم 3 أو 4 مرات. وسكان غزة ليس لديهم مكان يذهبون إليه، عليهم البقاء هناك لأنه لا أحد يريد أن يرى الفلسطينيين مهجرين خارج غزة، لكن ليست لديهم القدرة على العودة، وهو ما يزيد العبء الإنساني لتوفير المأوى والرعاية الطبية والتغذية».


مقالات ذات صلة

السعودية تدعو لشراكة جادة تحقق السلام في المنطقة

الخليج وزير الخارجية السعودي يتحدث خلال جلسة لمجلس الأمن بشأن غزة في نيويورك (الأمم المتحدة)

السعودية تدعو لشراكة جادة تحقق السلام في المنطقة

أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أن بلاده تؤمن بأن تنفيذ حل الدولتين هو الأساس لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

جبير الأنصاري (الرياض)
الخليج وزير الخارجية السعودي يتحدث خلال جلسة مفتوحة لمجلس الأمن حول القيادة في السلام بنيويورك (واس)

وزير الخارجية السعودي: الدولة الفلسطينية حق أصيل لا نتيجة نهائية

أكد الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، أن «الدولة الفلسطينية حق أصيل وليست نتيجة نهائية»، مشدداً على صعوبة تقييم الوضع في الشرق الأوسط الآن.

جبير الأنصاري (الرياض)
المشرق العربي مدرسة مدمَّرة في خان يونس بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

مقتل موظفة بمنظمة خيرية في غزة

قتل مسلَّحون فلسطينيون في قطاع غزة عاملة إغاثة من منظمة خيرية مقرها الولايات المتحدة، بعدما أطلقوا النار على سيارتها «خطأ»، وفق ما قالت حركة «حماس».

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال العملية البرية داخل قطاع غزة (رويترز)

الجيش الإسرائيلي: «حماس» هُزمت عسكرياً في كل قطاع غزة

قدّر الجيش الإسرائيلي أن حركة «حماس» الفلسطينية هُزمت عسكرياً في قطاع غزة بأكمله، وأنها الآن تُعد «جماعة إرهابية سيستغرق تفكيكها بعض الوقت».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطينيون نازحون داخلياً يسيرون في أحد شوارع خان يونس جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

«حماس» تنفي الاتفاق مع «فتح» على قيام السلطة الفلسطينية بإدارة غزة «مدنياً»

نفى قيادي في حركة «حماس» الفلسطينية، اليوم (الخميس)، الأنباء التي ترددت عن توافق حركتي «حماس» و«فتح» على قيام السلطة الفلسطينية بإدارة قطاع غزة «مدنياً».

«الشرق الأوسط» (غزة)

بايدن يعدّ مقتل نصر الله «عدالة لضحاياه»

الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مغادرته الطائرة الرئاسية التي أقلّته إلى ولاية ديلاوير أمس الجمعة (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مغادرته الطائرة الرئاسية التي أقلّته إلى ولاية ديلاوير أمس الجمعة (أ.ف.ب)
TT

بايدن يعدّ مقتل نصر الله «عدالة لضحاياه»

الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مغادرته الطائرة الرئاسية التي أقلّته إلى ولاية ديلاوير أمس الجمعة (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مغادرته الطائرة الرئاسية التي أقلّته إلى ولاية ديلاوير أمس الجمعة (أ.ف.ب)

قال الرئيس جو بايدن أمس إن مقتل زعيم «حزب الله» حسن نصر الله في ضربة جوية إسرائيلية هو «قسط من العدالة لكثير من ضحاياه» ومنهم آلاف المدنيين الأميركيين والإسرائيليين واللبنانيين، بحسب ما قال.

وشدد بايدن على أن أميركا تدعم تماماً حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها في وجه «حزب الله» و«حماس» والحوثيين وأي «جماعات إرهابية أخرى» مدعومة من إيران. وقال إنه وجّه وزير الدفاع لويد أوستن بتعزيز وضع القوات الأميركية في الشرق الأوسط لردع أي عدوان وتقليل مخاطر التحول إلى حرب شاملة بالمنطقة، مشدداً على «أن هدفنا هو خفض التصعيد في الصراعات الحالية سواء في غزة أو لبنان من خلال الوسائل الدبلوماسية». وقبل ذلك،

وقبل ذلك، عبّر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، (السبت)، عن دعمه الكامل لحق إسرائيل في الدفاع عن النفس في مواجهة «الجماعات الإرهابية» المدعومة من إيران.

وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن أوستن تحدّث مرتين، الجمعة، مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت بشأن الأحداث في لبنان، موضحة أن الوزير الأميركي قال إن واشنطن مستعدة لحماية قواتها ومنشآتها في المنطقة وملتزمة بالدفاع عن إسرائيل.

وصدر الموقف الأميركي بعد ساعات من تأكيد «حزب الله» مقتل أمينه العام حسن نصر الله، في الضربة الجوية التي نفّذتها إسرائيل، يوم الجمعة، على مقر القيادة المركزية للحزب في ضاحية بيروت الجنوبية.

مخاوف من توسّع الصراع

ونقلت محطة «سي إن إن» عن مسؤولين أميركيين سابقين وحاليين قولهم إن مقتل نصر الله أدى إلى تأجيج المخاوف بشكل كبير من نشوب حرب واسعة النطاق في الشرق الأوسط، وهو الاحتمال الذي سعت إدارة الرئيس جو بايدن بشدة منذ أشهر لمنعه.

لكن مسؤولاً غربياً كبيراً، لم تفصح عن هويته، قال للمحطة: «لا أرى كيف لا يتسع نطاق هذا الأمر قريباً».

وحسب المسؤول الكبير السابق في الشرق الأوسط في وزارة الدفاع، ميك مولروي، كانت الضربة أيضاً إشارة واضحة إلى استعداد إسرائيل للمخاطرة بصراع أوسع نطاقاً، وأنها لم تكن قريبة من قبول اقتراح وقف إطلاق النار المدعوم من الولايات المتحدة، ومن غير المرجح الآن أن يكون «حزب الله» مهتماً بالمفاوضات.

زعيم «حزب الله» حسن نصر الله قُتل بضربة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية الجمعة (أ.ف.ب)

إيران تشعر بالقلق

وقال مسؤول عسكري أميركي: «هناك بعض الدلائل على أن إيران قد شعرت بالقلق بالفعل بشأن درجة الضرر الذي ألحقته إسرائيل بـ(حزب الله)، أقوى الميليشيات التابعة لها وأكثرها قدرة في المنطقة». وأضاف أن الولايات المتحدة تعتقد أن إيران ستتدخل في الصراع إذا رأت أنها على وشك «خسارة (حزب الله)»، بعدما أدت التأثيرات المجمعة للعمليات الإسرائيلية ضده إلى إخراج مئات المقاتلين من ساحة المعركة. وأضافت «سي إن إن» أن المسؤولين الأميركيين قدّروا منذ فترة طويلة أن القيادة العليا لـ«حزب الله» أرادت تجنّب حرب شاملة مع إسرائيل، حتى مع اشتداد القتال في الأشهر الأخيرة، لكن مقتل نصر الله مختلف تماماً.

«حزب الله» سيرد

ووفقاً للمسؤول الاستخباراتي الكبير السابق، جوناثان بانيكوف، فإنه من المؤكد تقريباً أن «حزب الله» سيرد، ومن المرجح أن تلعب إيران دوراً. وقال بانيكوف: «من المرجح أن يكون الرد كبيراً بما يكفي لارتفاع احتمالات أن يؤدي إلى حرب واسعة النطاق». وأضاف أن قيادة «حزب الله» دأبت منذ مدة طويلة على التحريض على لعب دور أكبر في القتال ضد إسرائيل منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول)، وهي الآن تخاطر بفقدان شرعيتها في أعين مقاتليها ومؤيديها إذا لم تقدم رداً قاسياً على مقتل زعيمها.

شنكر: لحظة أمل نادرة

وتعليقاً على مقتل زعيم «حزب الله»، قال ديفيد شنكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون الشرق الأدنى، إن «نصر الله ورعاته الإيرانيين هم من طلبوا هذه الحرب ضد إسرائيل». وأضاف في تصريح لـ «الشرق الأوسط» أن نصرالله «كان بإمكانه أن ينهيها في أي وقت، لكنه اختار ألا يفعل ذلك. ومع موته فقد جر لبنان مرة أخرى إلى مواجهة مدمرة أخرى مع إسرائيل».

وحول لبنان، قال شنكر «إنها لحظة أمل نادرة، الأمل في أن تتمكن النخبة السياسية من اغتنام الفرصة لإعادة تنشيط الدولة وإعادة التوازن إلى السياسة بعيداً عن هيمنة حزب الله المستمرة منذ عقود. لكن بالنسبة لإيران، فهذه ضربة هائلة. خلال العام الماضي، شهدت وكيلها الفلسطيني، «حماس» في غزة، يشن حرباً ويخسرها أمام إسرائيل، مما تسبب في معاناة إنسانية هائلة للفلسطينيين. والآن، شهدت الجمهورية الإسلامية تدهور جوهرة التاج لوكلائها. لقد فقدت إيران مستشارها الجهادي الرئيسي. وكان نصر الله، فعلياً، بديلاً لقاسم سليماني».

المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي (د.ب.أ)

آرون ديفيد ميللر

إلى ذلك، قال آرون ديفيد ميللر، الباحث البارز ونائب رئيس معهد كارنيغي، لـ«الشرق الأوسط»، إن الضربة الإسرائيلية التي استهدفت زعيم «حزب الله» حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية «توضح لي من حيث المبدأ أن جيش الدفاع الإسرائيلي ورئيس الوزراء نتنياهو استنتجا أن التهديد الاستراتيجي الحقيقي لا يتمثل في حماس في الجنوب، لكنه يكمن في الشمال (مع لبنان). وأعتقد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي توصل إلى هذا الاستنتاج واستغل أن الكنيست في عطلة، وأن الانتخابات الأميركية أمامها أسابيع، ولذلك فإن قدرة الولايات المتحدة على فرض عقوبات أو تقييد قدرات إسرائيل أو وضع شروط على المساعدات العسكرية الأميركية قد تثير انزعاجاً كبيراً، وهذا ما يعطي نتنياهو فرصة للمناورة من الآن وحتى الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)»، موعد الانتخابات الأميركية.

ويضيف الباحث البارز الذي عمل مفاوضاً في إدارات أميركية عدة، أن الانتخابات الأميركية تحتل مكانة بارزة في حسابات نتنياهو وهي أيضاً تحتل مساحة بارزة ومفهومة في حسابات إدارة بايدن، و«أسوأ شيء بالنسبة لهذه الإدارة وللمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس هو اندلاع حرب شاملة الآن وحصول تصعيد إسرائيلي ضد (حزب الله). من السهل تخيّل أن الولايات المتحدة يمكن أن تنجر إلى هذه الحرب، ولذا فإن الأمر محفوف بالمخاطر بالنسبة إلى الإدارة الأميركية». ويرى ميللر أن اغتيال حسن نصر الله لن يكون نهاية فصل أو بداية قصة جديدة، لأن إسرائيل تواجه حالياً ثلاث جبهات وحرب استنزاف، واحدة مع حماس وهي الأقل في الأهمية الاستراتيجية، والثانية مع «حزب الله» التي ستستمر بشكل ما، أما الثالثة فهي مع إيران و«من ثمّ لن تنتهي هذه الحروب في وقت قريب ولا توجد نهايات دبلوماسية لها». ويقول: «لقد أصدر حزب الله تهديدات كثيرة باستهداف إسرائيل. والسؤال الآن هل سيتراجعون عن القيام برد فعل انتقامي هائل؟ ويجب أيضاً أخذ الرأي العام اللبناني في الاعتبار لأنه المتأثر بالضربات الإسرائيلية، وفي اعتقادي أن حزب الله سيلجأ بمرور الوقت إلى استخدام القوة الناعمة».

وحول رد الفعل الإيراني، يضيف ميللر: «الإيرانيون في مأزق، فهم لا يريدون أن يروا وكيلهم الرئيسي في الصراع العربي الإسرائيلي يُغتال بهذه الطريقة، وفي الوقت نفسه لا يريدون أن ينجروا إلى مواجهة مستمرة مع إسرائيل - وهذا يتضمن أيضاً الولايات المتحدة - بما يؤدي إلى ضربات على الجيش الإيراني وربما على منشآتهم النووية».