هل أوقف هجوم «حماس» خطط إعادة توطين سجناء غوانتانامو؟

إيقاف نقل مجموعة من السجناء اليمنيين جواً إلى سلطنة عمان

سجين في مركز احتجاز المعسكر السادس في خليج غوانتانامو في عام 2019... لم يتم اتهام أي من السجناء الذين كان من المقرر نقلهم في أكتوبر بارتكاب جرائم (نيويورك تايمز)
سجين في مركز احتجاز المعسكر السادس في خليج غوانتانامو في عام 2019... لم يتم اتهام أي من السجناء الذين كان من المقرر نقلهم في أكتوبر بارتكاب جرائم (نيويورك تايمز)
TT

هل أوقف هجوم «حماس» خطط إعادة توطين سجناء غوانتانامو؟

سجين في مركز احتجاز المعسكر السادس في خليج غوانتانامو في عام 2019... لم يتم اتهام أي من السجناء الذين كان من المقرر نقلهم في أكتوبر بارتكاب جرائم (نيويورك تايمز)
سجين في مركز احتجاز المعسكر السادس في خليج غوانتانامو في عام 2019... لم يتم اتهام أي من السجناء الذين كان من المقرر نقلهم في أكتوبر بارتكاب جرائم (نيويورك تايمز)

كان البيت الأبيض قد علّق مهمةً سريةً لنقل المعتقلين إلى سلطنة عمان في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بعد أن أعرب أعضاء في الكونغرس عن قلقهم إزاء عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.

السياج الخارجي لمعسكر «دلتا» في غوانتانامو (نيويورك تايمز)

وكان من المقرر أن ترسل إدارة بايدن نحو 12 معتقلاً في خليج غوانتانامو إلى سلطنة عمان؛ لإعادة توطينهم في العام الماضي، ولكنها أوقفت على نحو مفاجئ العملية السرية وسط تساؤلات من الكونغرس حول الأمن في الشرق الأوسط بعد هجوم «حماس» على إسرائيل، بحسب مسؤولين في الإدارة. ولم يتم أبداً توجيه تهم جنائية لأي من السجناء، وتمت الموافقة لهم جميعاً بنقلهم من قبل فرق مراجعة الأمن القومي. وكانت طائرة شحن عسكرية على مهبط الطائرات في خليج غوانتانامو لنقل مجموعة من السجناء اليمنيين جواً إلى سلطنة عمان عندما تم وقف الرحلة، وفقاً لما قاله أشخاص على دراية بالعملية العسكرية.

وقد جُمعت المتعلقات التي يمكن أن يأخذوها معهم، مما يشير إلى أن السجناء سوف يغادرون قريباً. ثم حلقت الطائرة بعيداً خالية، وأُعيدت إليهم متعلقاتهم. تُصنَّف تفاصيلُ هذه العمليات بالسرية من أجل أمن أطقم الطائرات العسكرية الأميركية التي تنقل الرجال.

إلا أن مسؤولين أميركيين، رفضوا الكشف عن هوياتهم؛ لأن تحركات المعتقلين تعدّ سريةً إلى أن تُستكمل، اعترفوا بفشل المهمة بعد أن نشرت شبكة «إن بي سي» تقريراً عنها يوم الاثنين، يوضح النقل المتأخر وسط جهود إدارة بايدن المستمرة للعثور على دول مستعدة لإعادة توطين 16 محتجزاً تم إخلاء سبيلهم، وهم من بين 30 رجلاً محتجزين في غوانتانامو. وتتطلب مثل هذه الصفقات الدبلوماسية ومشاركة مجتمع الاستخبارات وتوجيه إشعار مسبق إلى الكونغرس. تعدّ الولايات المتحدة سلطنة عمان منذ فترة طويلة حليفاً قوياً ووفياً، ودولة مسالمة تبعد 1500 ميل، وبلداً بعيداً عن غزة.

معسكر غوانتانامو حيث يُحتجَز سجناء «القاعدة» و«طالبان» (نيويورك تايمز)

وسيط محايد

وتفخر سلطنة عمان بأنها وسيط محايد بين القوى الإقليمية المتصارعة. في ليلة الاثنين، وصفت أدريان واتسون، المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، سلطنة عمان بأنها «شريك موثوق به... يتعاون بشكل وثيق مع الولايات المتحدة بشأن مجموعة من الأولويات، بما في ذلك إعادة تأهيل المعتقلين في غوانتانامو». توصّل المسؤولون الدبلوماسيون ومسؤولو الأمن القومي الأميركي إلى اتفاق مع سلطنة عمان لإرسال السجناء إلى هناك العام الماضي. لكن الخطة واجهت معارضة خلال جلسة مغلقة في الكونغرس في أكتوبر (تشرين الأول)، عشية عملية النقل.

إعادة التوطين

وقال مسؤولون في الإدارة الأميركية، طلبوا عدم الكشف عن أسمائهم، إن الديمقراطيين أثاروا مخاوف مع مسؤولي وزارة الخارجية والاستخبارات من احتمال زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط في أعقاب هجوم «حماس» على إسرائيل. وافقت الإدارة على تأجيل النقل ومراجعة الترتيبات، وهي عملية قال مسؤولان حكوميان، يوم الاثنين، إنها مستمرة. ولا تسمح سياسة وزارة الدفاع بالكشف عن تاريخ نقل جديد إلا بعد مغادرة السجناء. إن سجناء غوانتانامو الذين ينتظرون نقلهم هم من بلدان تعدّ غير مستقرة أو خطرة للغاية للحد الذي يحُول دون إعادتهم إلى أوطانهم، لا سيما اليمن، الأمر الذي يتطلب من الولايات المتحدة طلب المساعدة من الحلفاء والشركاء لاستقبالهم لإعادة التأهيل أو إعادة التوطين. على مدى عقدين من تاريخ مركز الاعتقال في كوبا، نُقل نحو 750 محتجزاً عن طريق العودة إلى الوطن أو إعادة التوطين، ومعظمها في عمليات عسكرية سرية.

الصعوبات الدبلوماسية

وقد تم تهميش عدد قليل منهم أو تأخيره؛ بسبب الصعوبات الدبلوماسية، أو تغيير القيادة في الدولة المستقبلة، أو المخاوف العملياتية العسكرية الأميركية. في أواخر عام 2014، على سبيل المثال، عادت طائرة شحن عسكرية تحمل 5 محتجزين إلى آسيا الوسطى، كانت قد غادرت غوانتانامو في عملية نقل مخططة منذ فترة طويلة، وذلك بسبب مشكلة ميكانيكية في الجو. وقد أرجأ البنتاغون الإفصاح العلني عمّا عدّها «عملية أمنية حساسة للأمن القومي» حتى تم إرسال طائرة شحن جديدة من طراز «سي-17» وطاقمها إلى القاعدة لنقل السجناء وقوة حراسة خاصة ونقلهم إلى كازاخستان.

المعسكر السادس حيث يُحتجز سجناء «القاعدة» و«طالبان» (نيويورك تايمز)

برنامج إعادة التأهيل

واستقبل برنامج إعادة التأهيل في سلطنة عمان 30 محتجزاً في الفترة من 2015 إلى 2017. وكان معظمهم من اليمن الذي يشترك بحدود مع سلطنة عمان. وقد تزوج كثير منهم وأنجبوا الآن أطفالاً هناك، على الرغم من أنه من غير المعروف ما إذا كانوا قد اندمجوا بنجاح في المجتمع من عدمه. كان اثنان من الرجال الذين أُرسلوا إلى سلطنة عمان من مواطني أفغانستان الذين أُعيدوا في وقت سابق من هذا العام، وفقاً لما ذكرته حركة «طالبان»، بعد 7 سنوات من الإقامة الجبرية. وقال ماثيو ميلر، المتحدث باسم وزارة الخارجية في ذلك الوقت، إن الرجلين أُعيدا إلى وطنهما لأن الظروف الأمنية التي تم التفاوض عليها بين الولايات المتحدة وسلطنة عمان في وقت نقلهما، في عام 2017، قد انتهت.

وقالت واتسون إن سلطنة عمان، من خلال برنامجها لإعادة التأهيل، «تواصل الوفاء بالمعاملة الإنسانية والضمانات الأمنية للمحتجزين الذين تم إرسالهم إلى هناك في السنوات الأخيرة، وفي بعض الحالات أطول بكثير مما كان متوقعاً». وأضافت: «نظراً لقوة برنامج سلطنة عمان، سوف نواصل التعاون الوثيق مع المسؤولين العمانيين بشأن المضي قدماً في هذه القضايا». رفض محامو السجناء المفرج عنهم التعليق على عملية النقل التي أجهضت، أو مناقشة الحالة المزاجية في «المعسكر 6»، الذي يخضع للحد الأدنى من الحراسة الأمنية في غوانتانامو، حيث يتم فصل الرجال الذين تمت الموافقة على الإفراج عنهم عمّا يُسمون «المعتقلين ذوي القيمة العالية».

* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

غوانتانامو: اتفاقات الإقرار بالذنب لمتهمين في قضية 11 سبتمبر سارية

الولايات المتحدة​ البوابة الرئيسية لسجن «غوانتانامو» في القاعدة البحرية الأميركية (أرشيفية - أ.ف.ب)

غوانتانامو: اتفاقات الإقرار بالذنب لمتهمين في قضية 11 سبتمبر سارية

أفاد قاضٍ عسكري في غوانتانامو بأنه سيواصل قبول إقرارات الذنب من ثلاثة متهمين مقابل أحكام بالسجن المؤبد.

كارول روزنبرغ (واشنطن)
الولايات المتحدة​ إسكالييه التي كانت آنذاك عميدة في الجيش الأميركي تتحدث خلال تدريب القيادة القانونية الاحتياطية للجيش عام 2019 (نيويورك تايمز)

من هي وكيلة العقارات التي حسمت قضية 11 سبتمبر؟

أثارت موافقة سوزان إسكالييه على صفقة الإقرار بالذنب، وهو واحد من أهم القرارات في تاريخ محكمة الحرب في خليج غوانتانامو.

كارول روزنبرغ
آسيا عبد الرحيم غلام رباني المعتقل السابق في غوانتانامو  (وسائل الإعلام الباكستانية)

بعد 18 عاماً بغوانتانامو... باكستاني يتوفى بكراتشي

بعد سنوات طويلة من المرض ونقص الرعاية الصحية، توفي عبد الرحيم غلام رباني، مواطن باكستاني أمضى 18 عاماً بسجن غوانتانامو في كراتشي، مسقط رأسه.

عمر فاروق (إسلام آباد )
خاص معتقلون في «معسكر إكس» الشديد الحراسة ضمن «معتقل غوانتانامو» (غيتي) play-circle 02:16

خاص ذكرى 11 سبتمبر وإغلاق «معتقل غوانتانامو»... وعود متجددة دونها عراقيل

اليوم وفي الذكرى الـ23 لهجمات 11 سبتمبر لا يزال «معتقل غوانتنامو» مفتوحاً رغم كل الوعود والتعهدات بإغلاقه لطي صفحة لطخت سمعة أميركا في العالم.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ معسكر «غوانتانامو» حيث يُحتجَز أسرى «القاعدة» و«طالبان» (نيويورك تايمز)

هل ألغى وزير الدفاع الأميركي صفقة الإقرار بالذنب في قضية «11 سبتمبر»؟

أحدث قراران دراماتيكيان صدمة في إطار قضية 11 سبتمبر (أيلول): إبرام صفقة الإقرار بالذنب مقابل إسقاط عقوبة الإعدام واستبدال السجن مدى الحياة بها، ثم التراجع عنها.

كارول روزنبرغ (واشنطن*)

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

TT

ترمب ووعد إنهاء الحروب: ورقة انتخابية أم خطط واقعية؟

تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)
تعهد ترمب بإنهاء الحروب التي جرت في عهد بايدن (أ.ف.ب)

ترمب «رمز للسلام وقاهر الحروب»، هكذا صوّر الرئيس المنتخب نفسه في حملته الانتخابية التي مهّدت لولايته الثانية في البيت الأبيض. فالرئيس الـ47 انتزع الفوز من منافسته الديمقراطية، بانياً وعوداً انتخابية طموحة بوقف التصعيد في غزة ولبنان، واحتواء خطر إيران، ووضع حد للحرب الروسية - الأوكرانية وهي على مشارف عامها الثالث.

يستعرض برنامج تقرير واشنطن، وهو ثمرة تعاون بين صحيفة «الشرق الأوسط» وقناة «الشرق»، خطط ترمب لإنهاء النزاعات، ودلالات اختياره وجوهاً معيّنة في إدارته لديها مواقف متناقضة بعض الأحيان في ملفات السياسة الخارجية.

التصعيد في المنطقة

دمار جراء غارة إسرائيلية في غزة في 22 نوفمبر 2024 (رويترز)

تعهّد الرئيس الأميركي المنتخب بإنهاء الحروب ووقف التصعيد المستمر في المنطقة. ومع استمرار الحرب في غزة ولبنان، تعتبر دانا ستراول، نائبة وزير الدفاع سابقاً لشؤون الشرق الأوسط ومديرة الأبحاث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، أنه لا يزال من المبكّر قراءة المشهد في إدارة ترمب المستقبلية، مشيرة إلى أن الرئيس المنتخب «وعد بإحلال سلام في منطقة لم تنعم بالسلام أبداً». وتقول ستراول: «دونالد ترمب يعد بإحلال السلام في المنطقة من جهة، لكنه يعد من جهة أخرى بالدعم القاطع لإسرائيل. وهذا يُعدّ مشكلةً حقيقية؛ لأن من الأمور التي يجب أن تحصل لتحقيق السلام إعطاء الأولوية للمدنيين الفلسطينيين في غزة، والمدنيين اللبنانيين في لبنان، والحرص على وصول المساعدات الإنسانية لهؤلاء وتوفير الأمن لهم وما يحتاجون إليه من قادتهم. لكن ذلك سيتطلّب قرارات صعبة في إسرائيل. والسؤال الأكبر برأيي هو ما إذا كان دونالد ترمب يستطيع دفع هؤلاء القادة على الاتفاق هذه المرة، وهم لم يتفقوا أبداً في السابق».

ويتحدث كيفن بارون، الصحافي المختص بالشؤون العسكرية والمدير التحريري السابق في «Politico Live»، عن تحديات كثيرة يواجهها فريق ترمب الذي اختاره لقيادة السياسة الخارجية، مشيراً إلى أنه مؤلّف من «مزيج من التقليديين الذين يرغبون في علاقات قديمة الطراز مع الشرق الأوسط والقادة هناك، وبين من هم أكثر تقدماً ويبحثون عن مهاجمة إيران، والرد بالمثل وتغيير الديناميكية التي برأيهم كانت لينة جداً خلال السنوات الأربع الماضية تحت جو بايدن».

ويتساءل بارون: «هل ستتمكن هاتان المجموعتان من الالتقاء في الوسط؟» ويعطي بارون مثالاً «معرقلاً للسلام» في فريق ترمب، وهو السفير الأميركي المعيّن في إسرائيل، مايك هاكابي، الداعم بشدة لتل أبيب والرافض للاعتراف بالضفة الغربية وحقوق الفلسطينيين. ويقول بارون: «إن تعيين مايك هاكابي مثال جيد هنا، فهو داعم قوي لدولة إسرائيل مهما كلّف الأمر. لكنه يدعمها من وجهة نظر معينة؛ فهو مسيحي قومي وهو جزء من حركة متنامية ومجموعة من الأميركيين المسيحيين الذين يشعرون بأن وجود علاقة قوية مع دولة إسرائيل اليهودية أفضل من عدم وجودها لأسباب دينية».

ترمب والسفير المعين في إسرائيل مايك هاكابي خلال حدث انتخابي في بنسلفانيا 12 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

وهنا يسلّط ريتشارد لوبارون، السفير الأميركي السابق إلى الكويت ونائب مدير البعثة الأميركية إلى تل أبيب سابقاً وكبير الباحثين في معهد «ذي أتلانتيك»، الضوء على سياسة الرؤساء الأميركيين بشكل عام في منطقة الشرق الأوسط، مذكراً بأنهم لا يريدون تورطاً عميقاً في المنطقة. ويتحدث عن ترمب بشكل خاص فيقول: «ترمب لم يُنتخب من قبل أشخاص يهتمون بالشرق الأوسط، بل انتخبه الأشخاص الذين يرغبون بجعل أميركا عظيمة مجدداً، وهذه وجهة نظر انعزالية. لذا أعتقد أنه سيضغط للتوصل إلى حلول تخرج الولايات المتحدة من مستوى تورطها الحالي في الشرق الأوسط، لا أعتقد أنه سيكون متعاطفاً مع التورط في صراعات كبرى، وسيرغب بالحفاظ على أسعار منخفضة للنفط بسبب تأثير ذلك على الداخل. لكنه سيفاجأ على غرار معظم الرؤساء الأميركيين بقدرة الشرق الأوسط على جذبهم إلى داخله رغم جهود البقاء بعيداً».

ترمب يعتمر قبعة تحمل شعار «اجعل أميركا عظيمة مجدداً» (أ.ف.ب)

وتوافق ستراول مع مقاربة الانعزالية في فريق ترمب، مشيرة إلى وجود وجوه كثيرة ضمن فريقه من الداعمين للانعزالية الذين يسعون للتركيز على الوضع الداخلي و«جعل أميركا عظيمة مجدداً»، وأن هؤلاء سيعملون على تقليص الدور العسكري للولايات المتحدة حول العالم، ومنح دولارات دافعي الضرائب الأميركيين لأي بلد.

لكن ستراول تُذكّر في الوقت نفسه بأن العامل المشترك في فريق ترمب الذي اختاره، هو أنه «يريد من الفريق المحيط به أن يفكّر فيه هو وفي ما يريده». وتفسر قائلة: «ما نعلمه من رئاسته الأولى هو أن ما يريده أو ما يفكّر به قد يتغير من يوم إلى آخر، ومن ساعة إلى أخرى. هذا النوع من الغموض عادة ما لا يكون جيداً بالنسبة إلى الولايات المتحدة، وبالنسبة إلى الحلفاء والشركاء في أماكن مثل الشرق الأوسط، وهي أماكن نريد التعاون معها. فهم يطلبون قيادة أميركية يمكن الاتكال عليها ومستقرة. وبرأيي، استناداً إلى الفريق الذي يتم تشكيله حتى الآن، حيث يقوم أناس مختلفون بقول أشياء مختلفة وعقد اجتماعات مختلفة، فإنه من غير الواضح إن كانوا سيتمكنون في الواقع من العمل بعضهم مع بعض».

تساؤلات حول نوع الضغوطات التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

وضمن الحديث عن حلول واستراتيجيات في المنطقة، يعرب لوبارون عن تشاؤمه من فرص التوصل إلى حلّ الدولتين، مُرجّحاً أن تقوم إسرائيل «بضم الأراضي المحتلة والضفة الغربية بموافقة أميركية، أو حتى من دونها». ويضيف السفير السابق: «هناك أيضاً احتمال استمرار وجود انقسام في إسرائيل حول هذه القضايا، وسنضطر إلى التدخل بسبب علاقتنا. أعتقد أن هناك مسائل وجودية بحتة ينبغي أن تواجهها إسرائيل حول ماذا تريد أن تصبح بعد 5 إلى 10 سنوات، أو حتى بعد 20 أو 50 سنة. هل تريد أن تصبح دولة ديمقراطية؟ أو أن تكون متورطة في صراع إلى الأبد في الشرق الأوسط؟ أو هل تريد التوصل إلى سلام حقيقي يحترم الآمال الفلسطينية؟».

ويُفسر لوبارون أسباب استمرار الحرب في لبنان وغزة فيقول: «من الأسباب المحزنة لاستمرار الحرب في لبنان وفي غزة أن نتنياهو لا يمكنه الاستغناء عن الحرب، وهذه إحدى مشاكل علاقته مع ترمب. فترمب لا يريد الحرب، لكن نتنياهو يحتاج إليها وسيكون من المثير للاهتمام مشاهدة كيف سيقوم الاثنان على الاتفاق خلال الـ6 أشهر أو السنة المقبلة. لكن لحظة الحساب قادمة في إسرائيل، وهي تأجلت بسبب النزاع. سيكون لها نتائج كبيرة، وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى إن كان ترمب سيقرر اللعب في السياسة الإسرائيلية المحلية كما فعل نتنياهو في السياسة المحلية الأميركية».

إيران وسياسة الضغط القصوى

تعهد ترمب باستعادة سياسة الضغط القصوى مع إيران (أ.ف.ب)

تلعب إيران دوراً بارزاً في التصعيد في المنطقة، ومع استعداد ترمب لتسلُّم الرئاسة في العشرين من يناير (كانون الثاني)، تزداد التساؤلات حول ما إذا كان سيعود إلى سياسة الضغط القصوى التي اعتمد عليها في إدارته الأولى. وهنا يتساءل بارون: «ترمب يعد بالانسحاب من الحروب الخارجية بينما يخوض حروباً خارجية فيما يتعلق بإيران». ويضيف: «إذن، ماذا يعني الضغط الأقصى على الإيرانيين؟ أتوقع أموراً مثل دعم نتنياهو وإسرائيل بالكامل حين يقومون بهجمات في لبنان وغيره من دون أي انتقاد، ومن دون أي قيود. قد يعني أيضاً القتال في أماكن مثل سوريا والعراق ومناطق أخرى لم نسمع عنها كثيراً علناً».

وهنا تشدد ستراول على أن سياسة الضغط القصوى هي «نشاط»، وليس هدفاً، وتفسر قائلة: «ما لم نره بعد من فريق ترمب هو تحديد أو عرض الهدف المثالي: هل الهدف احتواء البرنامج النووي الذي تم الاستثمار فيه بشكل كبير؟ هل الهدف التراجع عن هذا البرنامج أو تفكيكه أو القضاء عليه؟ هل الهدف صد دعم إيراني للإرهاب؟ لتحقيق ذلك، سيحتاج إلى أكثر من سياسة ضغط قصوى، وسيحتاج للتعاون مع حلفاء وشركاء أي أنه سينبغي أن يبذل جهوداً دبلوماسية، لأن الأمر لا يتعلّق فقط بما يمكن أن نقوم به عسكرياً، فسيتوجب عليه أن يرغب بإقامة حوار مع النظام في طهران على بعض النقاط».

الحرب الروسية - الأوكرانية

ترمب يصافح بوتين في مؤتمر صحافي في هلسنكي 16 يوليو 2018 (أ.ف.ب)

من الوعود التي أطلقها ترمب إنهاء الحرب الروسية - الأوكرانية في 24 ساعة. ويصف لوبارون الوضع الحالي بمثابة «رقصة بين بوتين وترمب للوصول إلى طريقة لإنهاء هذا النزاع». وأوضح: «لقد انضم زيلينسكي إلى تلك الرقصة مؤخراً. يجب أن نتذكر أن هذين الخصمين قد أرهقتهما الحرب، لا يمكنهما العثور على المزيد من العناصر من شعبهم للقتال، كما يريان أن تسلُّم ترمب الرئاسة سيضع حدوداً على الفترة التي يستطيعان فيها الاستمرار بهذه الحرب». ويرجّح السفير السابق أن تنتهي الحرب «بحل دبلوماسي غير مناسب وغير مرض لن يسعد أياً من الأطراف، على غرار كل الحلول الدبلوماسية. وهذا سيشكل نقطة يعلن فيها ترمب عن نجاحه ليقول: لقد أنهيت الحرب في أوكرانيا».

ويشير بارون إلى رفع إدارة بايدن الحظر عن أوكرانيا لاستعمال الأسلحة الأميركية في روسيا، فيقول إن «ما تغيّر هو أن ترمب فاز بالانتخابات، وهناك فترة شهرين سيسعى بايدن خلالهما لتقديم كل ما بوسعه إلى أوكرانيا؛ لأن الأمور ستتغير في 20 يناير عندما يتولى ترمب منصبه». ويضيف: «إذن، الفكرة هي التوفير لأوكرانيا أكبر قدر من الدفاعات الآن لكي ينتقلوا إلى طاولة المفاوضات».

وتوافق ستراول مع هذا التقييم قائلة: «إن هذا التصعيد الذي يجري حالياً هو فرصة لكل من الطرفين لكي يعززا موقفهما قبل تنصيب دونالد ترمب، الذي بدوره صرّح بأنه سيطالب أن ينضم الجميع إلى طاولة المفاوضات. وسيعمل على تقليل سلطة التفاوض الأوكرانية عبر التهديد بإيقاف المساعدات العسكرية».