إحياء مساعي إصلاح الهجرة في الكونغرس

تجاذبات حزبية شرسة تطغى على الأزمة الحدودية في موسم انتخابي

مشاهد لمهاجرين على الحدود بمواجهة قوى أمن في ولاية تكساس (أ.ف.ب)
مشاهد لمهاجرين على الحدود بمواجهة قوى أمن في ولاية تكساس (أ.ف.ب)
TT

إحياء مساعي إصلاح الهجرة في الكونغرس

مشاهد لمهاجرين على الحدود بمواجهة قوى أمن في ولاية تكساس (أ.ف.ب)
مشاهد لمهاجرين على الحدود بمواجهة قوى أمن في ولاية تكساس (أ.ف.ب)

جدد الديمقراطيون جهود إصلاح ملف الهجرة في الكونغرس، وأعلن زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر نيته طرح مشروع قانون لإصلاح الأزمة هذا الأسبوع رغم حظوظه الباهتة بالإقرار.

فبينما يتصدر ملف الهجرة وأمن الحدود لائحة اهتمامات الناخب الأميركي في موسم انتخابي محتدم، يسعى فيه الحزبان لتعزيز أغلبيتهما في مجلسي الشيوخ والنواب، يحاول الديمقراطيون جاهدين توظيف هذا الملف لصالحهم في مساعي لإنقاذ بعض أعضاء الحزب من براثن الخسارة خاصة في الولايات الحدودية والحمراء.

شومر يتحدث في مؤتمر صحافي في الكونغرس في 15 مايو 2024 (أ.ف.ب)

ومن هذا المنطلق، قرر شومر طرح الملف على النقاش والتصويت مجدداً رغم اعترافه الضمني بأن جهوده ستبوء مرة أخرى بالفشل، على غرار ما حصل خلال المفاوضات الشاقة بين الحزبين للتوصل إلى تسوية في فبراير (شباط) والتي اصطدمت بحائط مسدود بعد معارضة الرئيس السابق دونالد ترمب لها.

فحينها قرر ترمب إحباط المساعي كي لا يسلّم الديمقراطيين، وخصمه الرئيس الحالي جو بايدن، فوزاً تشريعياً يمكنهم من التفوق على حزبه في الانتخابات الرئاسية والتشريعية، ولن تختلف المعادلة اليوم، على العكس فسوف يخسر زعيم الأغلبية الديمقراطية بعض الأصوات الديمقراطية كذلك، من المشرعين من أصول لاتينية الذين يرفضون مساعيه بحجة أنها منحازة ضد المهاجرين. لكن هذا لم يمنع شومر من المضي قدماً بمحاولاته فقال في رسالة لأعضاء حزبه مساء الأحد: «سأكون صريحاً، لا أتوقع أن يدعم كل الديمقراطيين هذا المشروع، فالكثيرون منهم يعارضون بعض البنود فيه، كما لا أتوقع من كل الجمهوريين الموافقة على كل البنود»، وتابع شومر: «في نهاية الأمر، يستحق الشعب الأميركي زعماء سياسيين يعملون نحو حلول يدعمها الحزبان وهذا ما سنفعله في مجلس الشيوخ هذا الأسبوع».

ترمب دعا الجمهوريين إلى عدم دعم التسوية الحدودية في الكونغرس (أ.ب)

ورقة انتخابية حاسمة

وسرعان ما هب البيت الأبيض لدعم جهود شومر، رغم حظوظها الضئيلة بالنجاح، فمستقبل بايدن السياسي قد يعتمد على سياساته المتعلقة بالهجرة، خاصة في ظل التقارب الكبير في استطلاعات الرأي بين المرشحين الديمقراطي والجمهوري. وقالت المتحدثة باسم بايدن كارين جان بيار في بيان: «منذ يومه الأول في المكتب البيضوي دعا الرئيس بايدن الكونغرس إلى إصلاح نظام الهجرة المكسور، لهذا فقد طرح خطة إصلاح شاملة منذ اليوم الأول... نحن ندعم بقوة مشروع القانون المطروح في مجلس الشيوخ وندعو كل سيناتور لوضع الخلافات الحزبية جانباً والتصويت لدعم الحدود».

لكن هذه الدعوة لن تبصر النور، فمن الواضح أن الجمهوريين لن يرموا بسترة نجاة للديمقراطيين في هذا الموسم الانتخابي الذي يراهنون فيه على انتزاع الأغلبية في مجلس الشيوخ، خاصة مع وجود مقاعد ديمقراطية حساسة في ولايات حمراء كمونتانا وأوهايو، حيث يحظى ملف الهجرة باهتمام الناخبين.

وفي ظل هذه المعارضة الجمهورية، يسعى الديمقراطيون للتذكير بعرقلة الجمهوريين لتسوية الأزمة الحدودية، التي توصل إليها الحزبان خلال المفاوضات لإقرار المساعدات الخارجية الطارئة، بعد رفض ترمب لها، فقال السيناتور الديمقراطي براين شاتز: «سوف نستمر بالحديث عن الملف. فقد تعبنا من أن نكون في موقع دفاعي، وبصراحة فإن حجتنا أفضل من حجتهم، فقد أحبطوا إقرار تسوية حدودية لأن زعيمهم طلب منهم ذلك».


مقالات ذات صلة

خلاف بين محامي ترمب والمحقق الخاص بشأن الجدول الزمني لقضيته

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ب)

خلاف بين محامي ترمب والمحقق الخاص بشأن الجدول الزمني لقضيته

ظهرت خلاف بين المدعي الخاص الذي يلاحق ترمب بتهمة محاولة إلغاء نتائج انتخابات 2020 وفريق الدفاع عن الرئيس السابق بشأن الجدول الزمني لإجراءات النظر في القضية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب وابنته إيفانكا (إ.ب.أ)

ترمب: إيفانكا رفضت أن تصبح سفيرة لدى الأمم المتحدة وفضّلت توفير فرص عمل للملايين

قال الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، إن ابنته إيفانكا كان ينبغي أن تكون سفيرة للأمم المتحدة، و«القادة الأكثر روعة» يأتون من أسكوتلندا مثل والدته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ تختلف سياسات ترمب وهاريس تجاه إيران (أ.ف.ب)

ترمب وهاريس يتبادلان الانتقادات في قضية الإجهاض

يعد تغيير مواقف المرشحين في انتخابات الرئاسة الأميركية أمراً شائعاً، خصوصاً في السباقات المتقاربة قبيل اقتراب موعد التصويت.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المخرج علي عباسي (الثالث يميناً) مع مجموعة من المشاركين في فيلم «ذي أبرنتيس» عند وصولهم إلى العرض الأول للفيلم في مهرجان «كان» السينمائي الدولي السابع والسبعين بجنوب فرنسا في 20 مايو 2024 (أ.ب)

فيلم مثير للجدل عن سيرة ترمب يُعرض في صالات السينما قبل الانتخابات

من المقرر طرح فيلم «ذي أبرنتيس» (The Apprentice) المثير للجدل والمستوحى من سيرة الرئيس الأميركي السابق والمرشح الرئاسي دونالد ترمب، في صالات السينما الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ كامالا هاريس (د.ب.أ)

استطلاع رأي يظهر تقدم هاريس على ترمب في الولايات السبع الرئيسية

كشف أحدث استطلاع أجرته «بلومبرغ» عبر الولايات الرئيسية بعد مؤتمر الحزب الديمقراطي في الأسبوع الماضي أن نائبة الرئيس ضيقت الفارق أو أطاحت بتفوق ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ترمب وهاريس يتبادلان الانتقادات في قضية الإجهاض

ناشطة تحمل لافتة خارج المحكمة العليا الأميركية خلال الذكرى السنوية الثانية لإلغاء المحكمة «رو ضد ويد» (رويترز)
ناشطة تحمل لافتة خارج المحكمة العليا الأميركية خلال الذكرى السنوية الثانية لإلغاء المحكمة «رو ضد ويد» (رويترز)
TT

ترمب وهاريس يتبادلان الانتقادات في قضية الإجهاض

ناشطة تحمل لافتة خارج المحكمة العليا الأميركية خلال الذكرى السنوية الثانية لإلغاء المحكمة «رو ضد ويد» (رويترز)
ناشطة تحمل لافتة خارج المحكمة العليا الأميركية خلال الذكرى السنوية الثانية لإلغاء المحكمة «رو ضد ويد» (رويترز)

يعد تغيير مواقف المرشحين في انتخابات الرئاسة الأميركية أمراً شائعاً، خصوصاً في السباقات المتقاربة قبيل اقتراب موعد التصويت. وبعد تعرُّض كامالا هاريس نائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، للانتقاد بسبب تغيير موقفها من التكسير الهيدروليكي لإنتاج النفط والغاز، ومن تشديد قوانين الهجرة، تعرّض منافسها دونالد ترمب الرئيس السابق ومرشح الحزب الجمهوري، لانتقادات حادة؛ بسبب محاولته إضفاء الغموض على موقفه من الإجهاض. فقد أعلن في مقابلة مع محطة «فوكس نيوز» أنه سيصوّت ضد مشروع قانون في ولاية فلوريدا لإلغاء حظر الإجهاض بعد 6 أسابيع، بعد يوم واحد من إشارته الضمنية إلى أنه سيصوّت لمصلحة القانون المقترح، الذي كان حاكم الولاية، الجمهوري رون ديسانتيس قد وقّعه، وأُحيل إلى الاستفتاء في انتخابات الولاية في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

أنصار «الحق في الإجهاض» يتظاهرون بولاية أوهايو في أكتوبر 2023 (أ.ب)

ترمب يبحث عن رسالة ناجحة

ومع جهود ترمب الحثيثة لتقديم رسالة ناجحة علّها تمنحه الفوز، وسط صعود «مقلق» لهاريس في استطلاعات التأييد في الولايات السبع المتأرجحة، التي تعد ساحات القتال الرئيسية الحاسمة، أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة، أن الإجهاض عاد ليكون أحد أبرز أولويات التصويت لدى النساء.

وكما تعرّضت هاريس لهجماته؛ بسبب تغيير مواقفها، وجّهت بدورها انتقادات حادة لترمب، الجمعة؛ بسبب تصريحاته عن الإجهاض. وأعرب ترمب عن اعتقاده بأن حظر الإجهاض في فلوريدا يعد خطأ، قائلاً: «أرى أن فترة الستة أسابيع قصيرة، وينبغي منح وقت أطول». غير أنه استدرك قائلاً: «لكن في المقابل، نجد أن الديمقراطيين يتبنون مواقف متطرفة».

ورغم ذلك، فإن ترمب كرر مزاعمه التي سبق أن أدلى بها مراراً بشأن عمليات الإجهاض في المراحل المتأخرة من الحمل، مؤكداً معارضته الشديدة للسماح بإجراء عمليات الإجهاض حتى الشهر التاسع من الحمل.

كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الأميركية (أ.ب)

وقالت هاريس في بيان، «لقد كشف ترمب بوضوح عن موقفه من الإجهاض: إنه يؤيد حظراً صارماً للغاية، لدرجة أنه قد يُطبق قبل أن تدرك كثير من النساء أنهن حوامل». وأضافت قائلة: «يتباهى ترمب علناً بدوره في إلغاء حكم «رو ضد ويد» (الذي صدر عن المحكمة الأميركية العليا)، ويدعو لمعاقبة النساء اللواتي يخضعن للإجهاض»، مضيفة: «لذا، لا غرابة في ألا يتعاطف مع ما تواجهه النساء في فلوريدا وعبر الولايات المتحدة من رفض استقبالهن في غرف الطوارئ، وتعرضهن لأخطار تهدد حياتهن، واضطرارهن للسفر مئات الأميال بحثاً عن الرعاية الطبية اللازمة».

ومن شأن التصويت بـ«لا» على هذا التعديل الإبقاء على قانون حظر الإجهاض بعد الأسبوع السادس من الحمل في فلوريدا. أما التعديل المقترح، فيهدف إلى حماية حق الإجهاض حتى مرحلة قابلية الجنين للحياة خارج الرحم، التي يقدرها معظم الخبراء بنحو 23 أو 24 أسبوعاً من الحمل.

قضاة المحكمة العليا في ولاية أريزونا يستمعون إلى المرافعات الشفهية في 20 أبريل 2021 في فينيكس بولاية أريزونا الأميركية (أ.ب)

المحافظون ينتقدون ترمب

وتعرّض ترمب لانتقادات من معارضي الإجهاض الذين يدعمونه، عندما بدا أنه أشار في مقابلة سابقة، الخميس، إلى أنه سيصوّت لصالح مقترح الاقتراع وإلغاء حظر 6 أسابيع، عندما قال: «سأصوّت على أننا نحتاج إلى أكثر من 6 أسابيع».

ومع تصاعد ردود الفعل السلبية، خصوصاً من قاعدته المتشددة، أصدرت حملته بسرعة بياناً، قالت فيه إن ترمب لم يقل فعلياً كيف سيصوّت، ولكنه «ببساطة كرر أنه يعتقد بأن فترة 6 أسابيع قصيرة جداً». وعكس البيان أسلوب ترمب واستعداداته لإجراء عديد من التحولات الخطابية والسياسية التي يراها ضرورية للفوز في نوفمبر، مما يثير حفيظة بعض المحافظين الاجتماعيين. وشهدت مواقفه تجاه قضية الإجهاض تقلبات عدة. ففي حين كان قد فكر لفترة قصيرة في تأييد فرض حظر وطني على الإجهاض بعد الأسبوع الخامس عشر من الحمل، لدرجة أنه سيدعم فرض عقوبات على النساء اللاتي يقمن بالإجهاض، عاد ليعلن في أبريل (نيسان) الماضي، أنه يرى ضرورة ترك مسألة تنظيم الإجهاض لكل ولاية على حدة.

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس وحاكم ولاية مينيسوتا تيم والز في مدينة سانت بول بالولاية (رويترز)

وفي عام 2022، حين كانت المحكمة العليا تستعد لإلغاء القانون الفيدرالي «رو ضد وايد»، أبلغ ترمب حلفاءه، أن خطوة إلغاء الحق بالإجهاض ستضر حزبه. وبعدما كان أداء الجمهوريين أقل من التوقعات في الانتخابات النصفية في ذلك العام، أكد ترمب سراً لمستشاريه أن قضية الإجهاض وحدها، في رأيه، يمكن أن تقضي على فرصهم في الفوز في نوفمبر، وأنه على استعداد للقيام بعديد من التغييرات الخطابية والسياسية التي يراها ضرورية لتحقيق الفوز.

الإجهاض قضية أساسية

في المقابل، تصدّرت هاريس، في ظل إدارة بايدن، الجهود المتعلقة بقضية الحقوق الإنجابية. وفي أبريل من العام الماضي، زارت فلوريدا بعد ساعات قليلة من تطبيق قانون الحظر المثير للجدل، محذّرة من أن فترة رئاسية جديدة لترمب ستعني «مزيداً من القيود، ومزيداً من المعاناة، وتراجعاً في الحريات». وأكدت في بيانها يوم الجمعة، على هذا الموقف، متعهدة باستعادة الحقوق الإنجابية في حال انتخابها رئيسة للولايات المتحدة.

كامالا هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية الأميركية متحدثة خلال تجمع في سافانا الخميس (أ.ب)

وعلى الرغم من أن الاقتصاد لا يزال القضية الأولى بالنسبة للناخبين، فإن نسبة متزايدة من الناخبين في الولايات المتأرجحة، خصوصاً النساء منهن، يقولون الآن إن الإجهاض أمر أساسي في قرارهم هذا الخريف، وفقاً لاستطلاعات الرأي التي أجرتها صحيفة «نيويورك تايمز» وكلية سيينا في وقت سابق من شهر أغسطس (آب). ويمثل هذا زيادة منذ شهر مايو (أيار)، عندما كان الرئيس جو بايدن لا يزال مرشح الحزب الديمقراطي. وبفارق كبير، يقول عدد أكبر إنهم يثقون في هاريس أكثر من ترمب في التعامل مع الإجهاض.