صراع بين الجمهوريين والبيت الأبيض حول إرسال الأسلحة إلى إسرائيل

الرئاسة الأميركية تعارض مشرع قانون يُجبر بايدن على إلغاء تعليق شحنة من القنابل

المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير خلال مؤتمر صحافي في واشنطن يوم الاثنين (رويترز)
المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير خلال مؤتمر صحافي في واشنطن يوم الاثنين (رويترز)
TT

صراع بين الجمهوريين والبيت الأبيض حول إرسال الأسلحة إلى إسرائيل

المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير خلال مؤتمر صحافي في واشنطن يوم الاثنين (رويترز)
المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير خلال مؤتمر صحافي في واشنطن يوم الاثنين (رويترز)

اعترض البيت الأبيض بشدة على مشروع قانون يقوده الجمهوريون يسعى إلى إجبار الرئيس جو بايدن على إلغاء تعليق شحنة من القنابل عالية القدرة إلى إسرائيل. وكانت الشحنة التي تم حجبها في وقت سابق من هذا الشهر نقطة خلاف ساخن وسط مخاوف من احتمال استخدام إسرائيل ذخائر أميركية في هجومها على رفح.

وأعربت إدارة بايدن عن مخاوفها من سقوط مدنيين في حال قيام إسرائيل باجتياح بري واسع في المدينة التي نزح إليها أكثر من مليون ونصف مليون فلسطيني.

والشحنة التي تم تعليقها تتعلق بأكثر من 2500 قنبلة زنة ألفي رطل و500 رطل، التي استخدمتها إسرائيل مراراً في مناطق سكنية في قطاع غزة.

وفي مقابلة مع شبكة «سي إن إن»، الأربعاء الماضي، أوضح الرئيس بايدن أنه لن يزود إسرائيل بأسلحة هجومية يمكن استخدامها في رفح. ولوّح الرئيس الأميركي أيضاً بمزيد من تجميد وتعليق شحنات الأسلحة إذا استمرت إسرائيل في خططها لاجتياح رفح. وفي الوقت نفسه، قال بايدن إن الولايات المتحدة ستظل ملتزمةً بالدفاع عن إسرائيل وتزويدها بأنظمة دفاعية والدفاعات الخاصة بأنظمة القبة الحديدية لاعتراض الصواريخ.

وأدى هذا القرار إلى انقسام واسع داخل الكونغرس. فقد أيدته تيارات يسارية وتقدمية داخل الحزب الديمقراطي، بينما عارضه مؤيدون لإسرائيل ومشرعون جمهوريون اتهموا البيت الأبيض بتقويض جهود إسرائيل ضد «حماس» والتخلي عن إسرائيل فيما تخوض حرباً ضد «إرهابيين».

معلومات عن القنابل التي علّقت أميركا تسليمها لإسرائيل (الشرق الأوسط)

وقالت كارين جان بيير، المتحدثة باسم البيت الأبيض، خلال مؤتمر صحافي مساء الاثنين: «نحن نعارض بشدة محاولات تقييد قدرة الرئيس على نشر المساعدات الأمنية الأميركية بما يتوافق مع السياسة الخارجية الأميركية وأهداف الأمن القومي». ودافعت عن قرار الإدارة، وحاولت تسليط الضوء على الإمكانات التدميرية للقنابل التي تم تعليقها في المناطق الحضرية ذات الكثافة السكانية العالية مثل رفح. وشددت على أن «الرئيس كان واضحاً للغاية في التزامه بأمن إسرائيل».

أما جون كيربي، منسق الاتصالات الاستراتيجية بمجلس الأمن القومي، فقال للصحافيين «إن الحجة القائلة إننا نبتعد بطريقة ما عن إسرائيل، وإننا لسنا على استعداد لمساعدتهم على هزيمة (حماس) لا تتفق مع الحقائق». وشدد أيضاً على أن بايدن أوضح أنه لا يدعم عملية برية كبيرة في رفح.

من جانبه، أعلن زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب ستيف سكاليز أن مجلس النواب سيجري التصويت على مشروع قانون لوقف تعليق البيت الأبيض للمساعدات لإسرائيل يوم الأربعاء. وهدد الجمهوريون بتجميد ميزانيات وزير الخارجية، ووزير الدفاع ومجلس الأمن القومي، حتى يتم التسليم الفوري لشحنات الأسلحة المعلقة لإسرائيل خلال 15 يوماً، وإذا لم تمتثل الإدارة الأميركية فإن التشريع سيقيّد أموال وزارتي الدفاع والخارجية، بما في ذلك رواتب الموظفين في الوزارتين.

موقف الديمقراطيين

متطوعون في موقع تعرض لغارة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة اليوم الثلاثاء (أ.ف.ب)

ويشكل التصويت على مشروع القانون هذا معضلةً سياسيةً صعبةً بالنسبة لبعض الديمقراطيين، الذين يتعين عليهم أن يوازنوا بين دعمهم للإجراءات التي تتخذها إسرائيل ضد «حماس» وبين النهج الحذر الذي يتبعه البيت الأبيض لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين في غزة. وبدا واضحاً هذا الانقسام في إشادة بعض الديمقراطيين بقرار إدارة بايدن تعليق شحنة القنابل بهدف حماية المدنيين، وفي المقابل أبدى 26 عضواً ديمقراطياً في مجلس النواب قلقهم من الرسالة التي ترسلها الإدارة إلى حركة «حماس» من خلال حجب تلك الأسلحة لإسرائيل بما يؤدي إلى تعقيد المفاوضات وتقوية موقف الحركة الفلسطينية.


مقالات ذات صلة

بايدن: أميركا تبذل جهداً آخر للتوصل لوقف إطلاق النار في غزة

الولايات المتحدة​ فلسطينيون يبكون أمام جثث أقاربهم الذين قُتلوا في الغارات الإسرائيلية بمستشفى الأهلي العربي (المعمداني) بغزة قبل تشييع جنازتهم (د.ب.أ)

بايدن: أميركا تبذل جهداً آخر للتوصل لوقف إطلاق النار في غزة

قال الرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم الأربعاء، إن بلاده ستبذل جهداً آخر مع تركيا ومصر وقطر وإسرائيل وآخرين للتوصل لوقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

بايدن: اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» سيدخل حيز التنفيذ صباح الغد

أكّد الرئيس الأميركي جو بايدن اليوم (الثلاثاء) على أن التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» في لبنان «نبأ سار وبداية جديدة للبنان».

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي يتحدث خلال مؤتمر صحافي بالقصر الحكومي في بيروت 28 ديسمبر 2021 (رويترز)

ميقاتي: وقف إطلاق النار خطوة أساسية نحو الاستقرار بلبنان

تلقى رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي اتصالاً من الرئيس الأميركي جو بايدن، تشاورا خلاله في الوضع الراهن وقرار وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص دمار في ضاحية بيروت الجنوبية حيث اغتيل الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله (أ.ف.ب)

خاص اتفاق وقف النار على 3 مراحل تبدأ بانسحابات متزامنة

أفادت مصادر بأن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب موافق على الخطوات التي تتخذها إدارة الرئيس جو بايدن لإقرار هدنة من 60 يوماً بين لبنان وإسرائيل.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن يستقبل الرئيس المنتخب دونالد ترمب في البيت الأبيض في 13 نوفمبر 2024 (أ.ب)

لن يرد بالمثل... بايدن يحضر حفل تنصيب ترمب

أعلن البيت الأبيض، الاثنين، أنّ الرئيس جو بايدن سيحضر حفل تنصيب دونالد ترمب في يناير، على الرغم من أنّ الأخير تغيّب قبل 4 سنوات عن مراسم أداء القسم الرئاسي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

وزارة العدل الأميركية تُسقط كل الدعاوى الفيدرالية ضد ترمب

الرئيس دونالد ترمب خلال جلسة محاكمة ضده في نيويورك (أ.ف.ب)
الرئيس دونالد ترمب خلال جلسة محاكمة ضده في نيويورك (أ.ف.ب)
TT

وزارة العدل الأميركية تُسقط كل الدعاوى الفيدرالية ضد ترمب

الرئيس دونالد ترمب خلال جلسة محاكمة ضده في نيويورك (أ.ف.ب)
الرئيس دونالد ترمب خلال جلسة محاكمة ضده في نيويورك (أ.ف.ب)

تحرّك المستشار القانوني الخاص المُعين من وزارة العدل الأم، جاك سميث، لإسقاط القضيتين الجنائيتين ضد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، منهياً تحقيقات تاريخية نشأت بسبب محاولة ترمب إلغاء هزيمته أمام الرئيس جو بايدن في انتخابات 2020، وكذلك الاحتفاظ بوثائق سريّة بعد خروجه من البيت الأبيض.

وحصل سميث على موافقة من القاضية الفيدرالية في واشنطن، تانيا تشوتكان، الاثنين، لإسقاط التهم الموجهة إلى ترمب بأنه حاول منع فوز بايدن، بعدما استشهد بإرشادات وزارة العدل بأنه لا يمكن المضي في القضية، لأن ترمب رئيس حالي. ووافقت تانيا تشوتكان بسرعة على التخلّي عن القضية من دون تحيز. وهذا ما يترك الباب مفتوحاً أمام احتمال توجيه اتهامات مرة أخرى بمجرد مغادرة ترمب منصبه. ومن خلال موافقتها على رفض القضية، أوضحت تانيا تشوتكان أنها ستترك فرصة لمحكمة مستقبلية لإحيائها. وكتبت أن «الفصل دون تحيز يتوافق أيضاً مع فهم الحكومة أن الحصانة الممنوحة للرئيس الحالي مؤقتة، وتنتهي عندما يغادر منصبه».

وبعد فترة وجيزة، قدّم سميث طلباً للتخلّي عن استئناف قدّمه هذا الصيف بشأن رفض القاضية، آيلين كانون، في فلوريدا، القرار الاتهامي الخاص بالوثائق السرية التي اتُهم فيها ترمب بالاحتفاظ بمواد سريّة بشكل غير قانوني، وعرقلة جهود الحكومة لاستعادتها.

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب لدى مغادرته المحكمة في نيويورك (أرشيفية - أ.ب)

«ثابرت... وانتصرت»

ويُمثل ذلك خاتمة بالغة الأهمية لفصل غير مسبوق في التاريخ السياسي وتاريخ تنفيذ القانون في الولايات المتحدة؛ حيث حاول المسؤولون الفيدراليون محاسبة الرئيس السابق، بينما كان مرشحاً في الوقت نفسه لولاية أخرى. وخرج ترمب منتصراً، بعدما نجح في تأخير التحقيقات عبر مناورات قانونية، ثم فاز بإعادة انتخابه، رغم القرارات الاتهامية التي وصفت أفعاله بأنها تهديد للأسس الدستورية للبلاد.

وكتب ترمب في منشور على موقعه «تروث سوشيال» ومنصة «إكس» للتواصل الاجتماعي: «ثابرت رغم كل الصعاب، وانتصرت». وقال إن «هذه القضايا، مثل كل القضايا الأخرى التي اضطررت إلى المرور بها، فارغة وخارجة عن القانون، وما كان ينبغي رفعها مطلقاً».

صورة مركبة تجمع بين الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب والمستشار القانوني الخاص لوزارة العدل جاك سميث (رويترز)

وخلال إعداد هاتين الدعويين بدا أن ترمب يدرك أن أفضل أمل له لتجنُّب المحاكمات هو الفوز بالرئاسة مرة أخرى، وهي حقيقة أكدها نائب الرئيس المنتخب، جاي دي فانس، الذي كتب على منصة «إكس» أنه «لو خسر دونالد ترمب الانتخابات، لربما أمضى بقية حياته في السجن». وأضاف: «كانت هذه الملاحقات القضائية دائماً سياسية. والآن حان الوقت لضمان عدم تكرار ما حدث للرئيس ترمب في هذا البلد مرة أخرى».

دور المستشار القانوني

وكان وزير العدل الأميركي، ميريك غارلاند، قد عيّن سميث، وهو مدعٍ عام سابق للفساد حقق في جرائم حرب في لاهاي، لتولي تحقيقات ترمب في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، بعد أيام من إعلان كل من ترمب وبايدن أنهما سيترشحان للرئاسة مرة أخرى. وعدّ غارلاند أن هناك حاجة إلى مستشار قانوني خاص يتمتع باستقلالية أكبر من المدعي العام التقليدي لوزارة العدل لضمان ثقة الجمهور في التحقيقات.

وفي الدعوى المرفوعة في واشنطن العاصمة، واجه ترمب 4 تهم تتعلّق بالتآمر لعرقلة نتائج انتخابات 2020. واتُهم باستخدام مزاعم كاذبة عن تزوير الناخبين للضغط على المسؤولين الفيدراليين في الولايات لتغيير نتائج الانتخابات، وحرمان الشعب الأميركي من حقه في احترام أصواته.

وبدأ التحقيق في الوثائق السرية خلال ربيع 2022، بعد أشهر من الخلاف بين ترمب وإدارة المحفوظات والسجلات الوطنية حول صناديق الوثائق التي تبعت ترمب من البيت الأبيض إلى مارالاغو؛ منزله في فلوريدا وناديه الخاص.

وتقول أوراق المحكمة إن أكثر من 300 وثيقة مصنفة بأنها سرية عثر عليها في منزل ترمب، بما في ذلك بعض الوثائق ردّاً على أمر استدعاء، وأكثر من 100 وثيقة أثناء تفتيش مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» للممتلكات بتفويض من المحكمة. وجرى تخزين الوثائق بشكل عشوائي.

رسم توضيحي للمدعية سوزان هوفينغر ستورمي دانيلز أمام القاضي خوان ميرشان خلال محاكمة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في محكمة ولاية مانهاتن 7 مايو 2024 (رويترز)

«دوافع سياسية»

وحاول فريق الدفاع عن ترمب مراراً تأطير القضايا المرفوعة ضده على أنها محاولات ذات دوافع سياسية لإضعاف فرصه في الانتخابات، علماً بأنه لا دليل على تورط بايدن في التحقيقات. ومنذ انتخابه، اختار ترمب عدداً من محامي الدفاع الجنائيين الشخصيين في هذه القضايا للعمل في مناصب عليا في وزارة العدل في إدارته. ونشرت صحيفة «واشنطن بوست»، الجمعة، أن ترمب يخطط لطرد سميث وكل الفريق الذي يعمل معه، بمن في ذلك المحامون المهنيون الذين يتمتعون عادة بالحماية من الانتقام السياسي.

وأصدرت القرارات الاتهامية الفيدرالية بحق ترمب في غضون أشهر من توجيه الاتهام إليه في نيويورك بتهم تزوير سجلات أعمال للتغطية على دفع أموال مقابل الصمت عام 2016، وفي جورجيا بتهم محاولة عرقلة نتائج الانتخابات في تلك الولاية.

وأجريت المحاكمة فقط في قضية نيويورك؛ حيث أدين ترمب بـ34 تهمة جنائية، لكن النطق بالحكم عليه تأجَّل مرتين منذ هذا الصيف. ويتوقع أن يقرر قاضي المحاكمة الشهر المقبل ما إذا كان سيُؤجل الأمر إلى ما بعد الولاية الثانية لترمب.

نسخ من صحيفة «نيويورك تايمز» بعد إعلان إدانة الرئيس السابق دونالد ترمب في قضية «أموال الصمت» (أرشيفية - رويترز)

ونفى ترمب ارتكاب أي مخالفات في كل هذه القضايا، واستأنف الحكم الصادر في نيويورك. وأصبحت الملاحقات القضائية محوراً رئيساً لحملته الرئاسية؛ حيث حشد ترمب وحلفاؤه المؤيدين الذين اعتقدوا أنه مستهدف بشكل غير عادل.

وبمجرد فوز ترمب في الانتخابات، لم يكن أمام سميث سوى خيارات قليلة لإبقاء القضيتين الفيدراليتين. وقال أشخاص مطلعون على خططه إنه يعتزم الاستقالة قبل أن يصير ترمب رئيساً، ما يمنع ترمب من الوفاء بوعده بإقالته.

وقبل ذلك، يمكن أن يسلم سميث إلى غارلاند تقريراً يوضح نتائج التحقيقات. وسيكون الأمر متروكاً لغارلاند، الذي قال بشكل عام إن مثل هذه التقارير يجب نشرها علناً، ليُقرر مقدار المواد التي سينشرها سميث.