قمة أميركية - يابانية - فلبينية في البيت الأبيض الخميس

تبحث المخاوف الأمنية ببحر الصين وتمهد لتعاون عسكري أوسع

علما اليابان وأميركا جنباً إلى جنب خارج البيت الأبيض في 5 أبريل الحالي (رويترز)
علما اليابان وأميركا جنباً إلى جنب خارج البيت الأبيض في 5 أبريل الحالي (رويترز)
TT

قمة أميركية - يابانية - فلبينية في البيت الأبيض الخميس

علما اليابان وأميركا جنباً إلى جنب خارج البيت الأبيض في 5 أبريل الحالي (رويترز)
علما اليابان وأميركا جنباً إلى جنب خارج البيت الأبيض في 5 أبريل الحالي (رويترز)

يستضيف الرئيس الأميركي جو بايدن رئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، ورئيس الفلبين، فرديناند ماركوس، بالبيت الأبيض، الخميس، في قمة ثلاثية تستهدف تعزيز العلاقات الاقتصادية والدفاعية في مواجهة طموحات الصين وقوتها المتنامية في أعقاب التدريبات العسكرية الرباعية بين الولايات المتحدة واليابان والفلبين وأستراليا يوم الأحد في بحر الصين الجنوبي، التي أثارت غضب بكين.

وهذه أول قمة ثلاثية بين الولايات المتحدة والحليفتين الآسيويتين، وتأتي في إطار استراتيجية بايدن لدمج التحالفات الثنائية القائمة في تحالفات أوسع لزيادة نفوذ الولايات المتحدة في آسيا، وتستهدف تعزيز التعاون البحري الثلاثي في بحر الصين الجنوبي لمواجهة بكين. وقد استضاف بايدن قمة ثلاثية مشابهة مع اليابان وكوريا الجنوبية العام الماضي لمناقشة التهديدات المقبلة من كوريا الشمالية.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير، في بيان إن القادة «سيناقشون التعاون الثلاثي لتعزيز النمو الاقتصادي الشامل والتكنولوجيات الناشئة، وتعزيز سلاسل إمدادات الطاقة النظيفة والتعاون المناخي، وتعزيز السلام والأمن في المحيط الهادي وفي جميع أنحاء العالم». وأضافت أن الزعماء الثلاثة «سيؤكدون مجدداً أيضاً التحالفات القوية بين الولايات المتحدة والفلبين والولايات المتحدة واليابان».

الرئيس الأميركي جو بايدن في لقاء سابق لرئيس الوزراء الياباني كيشيدا بالبيت الأبيض (أرشيف)

وأوضحت جان بيير أن بايدن سيعقد اجتماعاً فردياً مع الرئيس ماركوس لمناقشة العلاقات الثنائية، والتأكيد على التحالف الصارم بين الولايات المتحدة والفلبين، وتجديد التزام الولايات المتحدة بدعم القانون الدولي، وتعزيز منطقة المحيطين الهندي والهادي الحرة والمفتوحة.

استقبال حافل لكيشيدا

وقبل انعقاد القمة الثلاثية، يستقبل بايدن رئيس الوزراء الياباني، يوم الأربعاء، في أجواء احتفالية واسعة، حيث بدأ البيت الأبيض في تعليق الأعلام اليابانية والأميركية على أعمدة الإنارة على طول طريق بنسلفانيا المؤدية إلى البيت الأبيض، إضافة إلى عقد حفل عشاء رسمي، مساء الأربعاء، على شرف رئيس الوزراء الياباني، دُعي إليه عدد كبير من كبار المسؤولين بالإدارة الأميركية والكونغرس ورجال الأعمال.

ويعقد الزعيمان مؤتمراً صحافياً بحديقة الزهور، كما يلقي كيشيدا خطاباً أمام الكونغرس بمجلسيه صباح الخميس قبل اجتماعه مع الرئيس الفلبيني والرئيس بايدن. وسيكون كيشيدا أول رئيس وزراء ياباني، منذ زيارة شينزو آبي عام 2015، يتم استقباله بكل هذا التكريم في واشنطن.

صورة تم التقاطها في 7 أبريل 2024 من وزارة الدفاع الأسترالية تظهر التدريبات العسكرية المشتركة بين الولايات المتحدة والفلبين واليابان وأستراليا قبالة الساحل داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة للفلبين (أ.ف.ب)

وقال كيشيدا، يوم الجمعة، في تصريحات لوسائل الإعلام إن التعاون الوثيق بين اليابان والولايات المتحدة والفلبين أمر بالغ الأهمية من أجل الحفاظ على نظام حر ومفتوح يقوم على سيادة القانون من أجل تحقيق الرخاء الاقتصادي للمنطقة. وأضاف: «إننا نشهد العدوان الروسي في أوكرانيا والحرب الإسرائيلية في غزة والوضع المتوتر في شرق آسيا، لذا فنحن نواجه نقطة تحول تاريخية تسعى فيها اليابان إلى تعزيز قدرتها الدفاعية، وإجراء تغييرات في سياسة اليابان الأمنية لمواجهة أي تهديدات».

ويسعى كيشيدا إلى استعراض عضلات طوكيو الدبلوماسية وعلاقتها القوية مع واشنطن، وتحسين شعبيته المتراجعة في اليابان، وسط منافسة ساخنة على زعامة الحزب «الليبرالي الديمقراطي» الحاكم في سبتمبر (أيلول) المقبل.

وتركز محادثات بايدن مع كيشيدا في جانبها السياسي على تقوية التحالفات الإقليمية، وفي جانبها الاقتصادي على صفقة الاستحواذ لشركة «نيبون ستيل» اليابانية على شركة «يو إس ستيل» لصناعة الصلب الأميركية بقيمة 15 مليار دولار، وهي الصفقة التي أثارت انتقادات من قبل الرئيس السابق دونالد ترمب ضد إدارة بايدن.

ويخشى كيشيدا من احتمالات فوز الرئيس السابق دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة، ومن احتمال سعيه، إذا عاد إلى البيت الأبيض، للتوصل إلى اتفاق مع الصين يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة، وأن يزيد من التدابير التجارية الحمائية، أو يطالب اليابان بدفع المزيد من الأموال مقابل التعاون مع القوات الأميركية.

وقد غيرت اليابان من عقيدتها العسكرية بصورة متزايدة في عهد كيشيدا، وتعهدت بمضاعفة الإنفاق الدفاعي إلى 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي مما جعلها أكبر الدول إنفاقاً عسكرياً في العالم، ولديها خطط للحصول على مئات من صواريخ كروز التي يمكنها ضرب أهداف على بُعد ألف كيلو متر، وشراء صواريخ توما هوك الأميركية، وإنشاء قيادة عمليات مشتركة.

وترى الولايات المتحدة أن اليابان يمكن أن تصبح قاعدة إنتاج محتملة للذخائر، بما في ذلك أنظمة باتريوت «PAC3» المضادة للصواريخ، والتي يمكن إعادة تصديرها إلى أوكرانيا. ويوجد حوالي 54 ألف جندي أميركي في اليابان تابعين لقيادة المحيطين الهندي والهادي في هاواي.

ومن المتوقع، وفقاً لمسؤولي البيت الأبيض، أن تتناول قمة بايدن - كيشيدا مشاركة اليابان في اتفاقية الدفاع الثلاثية «أكوس» (AUKUS) التي أبرمتها الولايات المتحدة مع أستراليا وبريطانيا، لكنّ المسؤولين يشيرون إلى وجود عقبات تتعلق بحاجة اليابان إلى تطوير دفاعات إلكترونية أفضل، وقواعد أكثر صرامة للأمن السيبراني. وأشار مسؤول بالإدارة إلى أن واشنطن وطوكيو تسعيان إلى عقد صفقات في مجال الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية والطيران، وهو ما سيسهم في خلق المزيد من الوظائف الأميركية.

ومجال الفضاء هو مجال آخر للتعاون، حيث تأمل اليابان في إشراك أول رائد فضاء لها للهبوط على سطح القمر من خلال مشروع أرتميس الأميركي للفضاء.

الفلبين وتوترات بحر الصين

ويعقد بايدن، صباح الخميس، اجتماعاً ثنائياً مع الرئيس الفلبيني قبل أن ينضم إليهما رئيس الوزراء الياباني كيشيدا. وتزدحم أجندة لقاء القمة الثلاثية بمجموعة من القضايا على خلفية التوترات في بحر الصين الجنوبي، حيث تقوم الصين بعمليات توغل متكررة بشكل متزايد في المياه التي تطالب بها الفلبين. وقد أدى ذلك إلى سلسلة من المواجهات الخطيرة بين البلدين في الآونة الأخيرة، حيث اصطدام خفر السواحل الصيني بسفينة تابعة لخفر السواحل الفلبيني، وأصيب أربعة من أفراد البحرية الفلبينية.

وقع الحادث وغيره من الحوادث المشابهة بالقرب من منطقة سكند توماس شول، وهي منطقة تحتلها الفلبين في جزر سبراتلي، والتي أقامت الصين حولها حصاراً غير رسمي، مما أدى إلى مضايقة المحاولات الفلبينية لإعادة إمداد وحدة مشاة البحرية التابعة لها المتمركزة في المياه الضحلة. تحاول واشنطن تهدئة مخاوف الفلبين التي ترتبط مع الولايات المتحدة بمعاهدة الدفاع المشترك الموقعة عام 1951.

وقال الرئيس الفلبيني إن الهدف من الاجتماع مع بايدن وكيشيدا «هو مواصلة خطة تعزيز التعاون بين الدول الثلاث - الولايات المتحدة واليابان والفلبين». حيث تريد مانيلا تنفيذ خطط طموحة للقيام بدوريات بحرية مشتركة بين الدول الثلاث، لكن البيت الأبيض رفض تأكيد هذه الخطط التي قد تؤدي إلى رد فعل قوي من بكين.

علما اليابان وأميركا جنباً إلى جنب في واشنطن 5 أبريل الحالي (رويترز)

وقال منسق الاتصالات بمجلس الأمن القومي جون كيربي للصحافيين خلال مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض يوم الخميس الماضي: «من المؤكد أن التوترات في بحر الصين الجنوبي لن تختفي، وقد أثار الرئيس الصيني شي جينبينغ في مكالمته مع الرئيس بايدن هذه القضايا».

وقد عززت كل من واشنطن وطوكيو تعاونهما الأمني والبحري مع مانيلا على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية، وسلمت اليابان العام الماضي إلى الفلبين مجموعة من الرادارات الجوية. ويتفاوض البلدان حاليا على اتفاقية وصول متبادلة تسهل على القوات اليابانية القيام بعمليات تدريبية متبادلة. ويسعى الرئيس الفلبيني إلى مناقشة ملفات أخرى بجانب الملفات الدفاعية، منها التعاون الاقتصادي ومشاريع للبنية التحتية، وفي مجال الطاقة.

مخاوف مشتركة

وتسعى إدارة بايدن إلى تعزيز هذا التعاون الثلاثي، حيث تنظر إلى كل من الفلبين واليابان بوصفهما من الدول الأكثر موثوقية للولايات المتحدة في غرب المحيط الهادي، إضافة إلى أستراليا. وتشترك هذه الدول في مخاوفها بشأن النفوذ البحري المتنامي للصين، ومبدأ «منطقة المحيط الهادي الهندي الحرة والمفتوحة».

وتخشى إدارة بايدن من تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا الذي قد يشجع بكين على التحرك ضد تايوان، وهي الجزيرة الاستراتيجية التي تتمتع بالحكم الذاتي، وتنتج أشباه الموصلات الأكثر تقدماً في العالم، وتستورد منها الولايات المتحدة معظم احتياجاتها من أشباه الموصلات التي تدخل في صناعات السيارات، وأجهزة الكومبيوتر والكثير من الصناعات.

وقال كيرت كامبل مسؤول ملف الصين والمحيطين الهندي والهادي في مجلس الأمن القومي للصحافيين إن الرئيس بايدن يريد أن تخرج القمة بخطط لتطوير القيادة العسكرية الأميركية في اليابان لجعلها أكثر قدرة على التعامل مع الهجمات الإرهابية، وتعزيز التعاون بين الجانبين الأميركي والياباني لمواجهة الأزمات، إضافة إلى الاتفاق على خطط تسمح بإنتاج ثلاثي مشترك للمعدات العسكرية والدفاعية. وشدد على أن هذه القمة التي تعد الأولى من نوعها ستمهد الطريق لتعميق التعاون الثلاثي في الأشهر والسنوات المقبلة.


مقالات ذات صلة

رئيس مجلس النواب الأميركي يرفض قول إن ترمب خسر انتخابات 2020

الولايات المتحدة​ مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأميركي (رويترز)

رئيس مجلس النواب الأميركي يرفض قول إن ترمب خسر انتخابات 2020

تجاهل الجمهوري مايك جونسون، رئيس مجلس النواب الأميركي، سؤالاً، الأحد، عما إذا كان قد قبل بخسارة دونالد ترمب أمام الرئيس الديمقراطي جو بايدن في انتخابات 2020.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا الرئيس الأميركي جو بايدن (يمين) يصافح رئيس الوزراء البريطاني الأسبق بوريس جونسون (رويترز)

بسبب «الكثير من الخطوات»... جونسون يكشف رفض بايدن زيارة حاملة طائرات بريطانية

رفض الرئيس الأميركي جو بايدن زيارة حاملة الطائرات الرائدة للبحرية البريطانية بسبب عدد الخطوات خلال زيارته إلى المملكة المتحدة عام 2021.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن يرد على أسئلة الصحافيين في البيت الأبيض (أرشيفية- إ.ب.أ)

بايدن يشكِّك في «سلمية» انتخابات الرئاسة الأميركية

قال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه غير واثق من أن الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر المقبل ستكون سلمية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تحليل إخباري ترمب وهاريس في المناظرة الرئاسية ببنسلفانيا في 10 سبتمبر 2024 (أ.ف.ب)

تحليل إخباري هل يؤثر التصعيد في المنطقة على خيار الناخب الأميركي؟

الانتقاد الأبرزالموجّه للمرشحة الديمقراطية هاريس يرتبط بتداعيات خبرتها المحدودة في السياسة الخارجية.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)

بايدن: على إسرائيل البحث عن بدائل لاستهداف منشآت نفطية إيرانية

قال الرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم (الجمعة)، إن إسرائيل لم تحسم أمرها بعد بشأن الرد على الضربة الإيرانية التي استهدفتها، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ترمب يعود إلى مكان محاولة اغتياله: لن أستسلم أبداً

انضمّ ماسك إلى الرئيس السابق خلال فعالية انتخابية في باتلر - بنسلفانيا يوم 5 أكتوبر الحالي (أ.ف.ب)
انضمّ ماسك إلى الرئيس السابق خلال فعالية انتخابية في باتلر - بنسلفانيا يوم 5 أكتوبر الحالي (أ.ف.ب)
TT

ترمب يعود إلى مكان محاولة اغتياله: لن أستسلم أبداً

انضمّ ماسك إلى الرئيس السابق خلال فعالية انتخابية في باتلر - بنسلفانيا يوم 5 أكتوبر الحالي (أ.ف.ب)
انضمّ ماسك إلى الرئيس السابق خلال فعالية انتخابية في باتلر - بنسلفانيا يوم 5 أكتوبر الحالي (أ.ف.ب)

عاد الرئيس الأميركي السابق المرشّح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترمب، إلى باتلر بولاية بنسلفانيا، وهو الموقع نفسه الذي نجا فيه من رصاصة كادت تقتله في يوليو (تموز) الماضي، في لحظة صادمة من السباق إلى البيت الأبيض الذي لا يزال يُخيّم عليه تهديد العنف السياسي.

وظهر ترمب وإلى جانبه الملياردير إيلون ماسك، وجاي دي فانس المرشح لمنصب نائب الرئيس في الانتخابات المقررة يوم 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، إضافة إلى أقارب ضحايا الهجوم الذي تعرّض له في 13 يوليو الماضي، ورجال إنقاذ. وقال ترمب أمام الحشد: «قبل 12 أسبوعاً؛ هنا، حاول قاتل إسكاتي وإسكات حركتنا. كان هذا الوحش الشرير (...) على وشك تحقيق ذلك، لكن يد العناية الإلهية منعته». وأضاف: «لن أستسلم أبداً. لن أنكسر أبداً».

إيلون ماسك يتحدث من خلف زجاج واقٍ من الرصاص خلال فعالية انتخابية لترمب في بنسلفانيا (أ.ف.ب)

«أعداء الداخل»

وقف المرشح الجمهوري دقيقة صمت، في الوقت المحدد الذي دوى فيه إطلاق النار يوم 13 يوليو الماضي، قبل استئناف خطابه. وفيما حثّه بعض كبار الجمهوريين على توجيه رسالة وحدة وطنية، فضّل ترمب استغلال عودته إلى باتلر للتّنديد بمن سماهم «أعداء الداخل»، عادّاً أنهم «أخطر بكثير من أعداء الخارج»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وتابع الرئيس السابق أمام أنصاره: «على مدى السنوات الثماني الماضية، شهّر بي أولئك الذين يريدون إيقافنا، وحاولوا إقصائي من منصبي، ولاحقوني قضائياً، وحاولوا سرقة بطاقات اقتراع مني... ومن يدري؛ ربما حاولوا قتلي. لكنني لم أتوقف مطلقاً عن النضال من أجلكم، ولن أتوقّف أبداً».

استكشاف المريخ

من جهته، وصف الملياردير إيلون ماسك الانتخابات الأميركية بأنها «معركة يجب ألا نخسرها»؛ خشية أنه إذا وقعت خسارتها، فستكون «آخر انتخابات... هذا هو توقعي». وأصرّ ماسك على أن «الرئيس ترمب يجب أن يفوز؛ من أجل الحفاظ على الدستور والديمقراطية».

وأضاف ماسك أمام الجمهور: «الجانب الآخر يريد أن يسلبكم حريتكم في التعبير. يريدون أن يسلبوا حقكم في حمل السلاح، ويريدون أن يسلبوا حقكم في التصويت».

ووعد ترمب أنصاره بتمكين ماسك من «الوصول إلى المريخ»، في حال فاز بالانتخابات الرئاسية الشهر المقبل.

المرشح الجمهوري دونالد ترمب يصعد إلى المنصة لإلقاء خطاب انتخابي في بنسلفانيا (أ.ف.ب)

رصاصة «من أجل الديمقراطية»

وكان ترمب قد صرّح مراراً بأنّه يريد العودة إلى موقع إطلاق النار الذي قُتل فيه رجل وأُصيب اثنان من الحاضرين، قبل أن يقتل عناصر من جهاز «الخدمة السرية» القنّاص.

وقال المرشح الجمهوري، خلال تجمّع حاشد أُقيم في ميلووكي قبل أيام: «أصبحت باتلر مكاناً مشهوراً للغاية... إنّها أشبه بنصب تذكاري الآن».

من جهتها، أكدت حملة ترمب أنّه «تلقّى رصاصة من أجل الديمقراطية» في باتلر، في إشارة إلى تعرضه لإصابة طفيفة في أذنه. وأكدت أنّه سيتحدث هذه المرة من خلف زجاج واقٍ من الرصاص.

في زيارته الأخيرة باتلر، لم تكد تمضي 6 دقائق على بدء الرئيس السابق خطابه، حتى سُمع صوت إطلاق 8 طلقات نارية بينما كان يدير رأسه لينظر إلى مخطّط إحصاء للهجرة.

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب وقد لطخت الدماء أذنه اليمنى بعد إطلاق نار عليه في تجمعه الانتخابي (أ.ف.ب)

يومها؛ تراجع ترمب قليلاً وأمسك بأذنه، ثمّ انحنى مختبئاً خلف منصّته، بينما هرع عناصر «الخدمة السرية» إلى المسرح المقام في الهواء الطلق دون أي عوائق، لحمايته من الرصاص.

وأثناء إخراجه من المكان محوطاً بالحراس الشخصيين، رفع ترمب قبضته وهتف قائلاً للحشد: «قاتلوا... قاتلوا... قاتلوا»، في حين كانت الدماء تسيل على وجهه، ممّا منح حملته صورة رمزية. منذ مدة، أوضح ترمب أن «أول ما قلته كان (كم عدد القتلى؟)؛ لأنه، كما تعرفون، كان هناك حشد ضخم. على مدى الرؤية». لكن في الواقع، كانت كلماته الأولى التي سُمعت عبر ميكروفون المسرح: «دعني آخذ حذائي»، وهو ما أكدته الشاهدة إيرين أوتنريث التي كانت تجلس في الصف الأول خلال التجمع، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

صدمة عالمية

أثارت محاولة الاغتيال صدمة كبيرة على الساحة السياسية. وانضم الرئيس الديمقراطي جو بايدن إلى عدد من قادة دول العالم الذين تواصلوا مع ترمب ليتمنّوا له السلامة.

وساهمت حادثة إطلاق النار في خفض حدّة الحملة الانتخابية فترة وجيزة، قبل أن تعود التوترات إلى حالها. ورغم إصابته الطفيفة في الأذن اليمنى برصاصة أطلقها توماس كروكس من بندقية من نوع «إيه آر15»، فإن ترمب خرج سالماً من هذا الهجوم.

غير أنّ جهاز «الخدمة السرية»؛ المسؤول عن حماية الرؤساء والمرشحين للانتخابات وكبار الشخصيات الأجنبية، تعرّض لانتقادات لاذعة لفشله في تأمين المبنى الذي أُطلقت منه الأعيرة النارية، الواقع على بعد مئات الأقدام من المسرح حيث كان ترمب يلقي خطابه.

وكانت محاولة اغتيال قطب الأعمال هذه الأولى من بين سلسلة من الأحداث التي هزّت البيت الأبيض، وتُوّجت بانسحاب بايدن المفاجئ من السباق الانتخابي عن الحزب الديمقراطي لمصلحة نائبته هاريس. ففي 15 سبتمبر (أيلول) الماضي، قُبض على رجل بعد رؤيته بملعب ترمب للغولف في فلوريدا يحمل بندقية وكاميرا، فيما وصفها «مكتب التحقيقات الفيدرالي» بأنّها محاولة اغتيال ثانية.

«مؤامرة ديمقراطية» و«معجزة النجاة»

تعقيباً على ذلك، بات مؤيدو الرئيس الجمهوري السابق يتحدثون عن مؤامرات، وعدّوا خطاب الديمقراطيين بأنّ ترمب يشكّل تهديداً للديمقراطية الأميركية كان في الواقع تحريضاً عليه، وهي مقاربة لطالما روّج لها ترمب.

في ظل هذه الأجواء، لم يتردّد بائعو التذكارات بالتجمّعات الانتخابية في صنع قمصان ومقتنيات تخلّد نجاته التي أظهروها كأنها معجزة.

المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس خلال زيارة مركز لتجميع التبرعات لضحايا إعصار «هيلين» في كارولاينا الشمالية (أ.ف.ب)

في الوقت نفسه، توجهت المرشحة الديمقراطية، كامالا هاريس، منافسة ترمب، إلى ولاية كارولاينا الشمالية، السبت، للقاء رجال إنقاذ وسكان متضررين جراء الإعصار «هيلين»، الذي تسبب في مقتل أكثر من 200 شخص وموجة دمار بأكثر من 10 ولايات أميركية.

وتحول الإعصار مادة للسجال السياسي؛ إذ انتقد ترمب استجابة المؤسسات الفيدرالية للكارثة، وزعم أن إدارة هاريس وبايدن اختلست أموال الإغاثة وأعطتها للمهاجرين.